بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ..
أما بعد .. أحبتي في الله ..
والذي نفسي بيده إني أحبكم في الله ، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا الحب موجبًا لمحبته لنا ، وشافعًا يوم نلقاه ، اللهم برحمتك عمَّنا ، وقنا شر ما أهمنا ، واجمعنا على طاعتك ورضاك يا أكرم من سئل وأجود من أعطى .
أحبتي ..
هل استشعرتم بالأمس نسائم المغفرة ؟ وهل تبدل الحال شيئا ما ؟ هل وجدتم ما وعد ربكم حقًا ؟ هل زال عن الصدر انقباضه ؟ وهل طهرت القلوب ولو قليلا ؟ هل تلذذتم بأثر المغفرة ؟
" فقلت استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا "
أنا على ثقة بالله أنه لن يضيعنا ، لا لأننا نستحق ولكن لأنه
" أهل التقوى وأهل المغفرة "
أنا على يقين بأنَّ الأمور ستتغير ، وأننا لابد راجعون - لو أخلصنا وصدقنا في طلب القرب -
هذا رأس مال المؤمن
( ثقته بربه وسوء ظنه بنفسه )
قيل لسلمة بن دينار : يا أبا حازم ما مالك ؟ قال :
ثقتي بالله تعالى ، وإياسي مما في أيدي الناس . [ الحلية : (3/232) ]
الله وعدنا أن ينصرنا إذا نصرناه ، وأن يحيينا الحياة الطيبة إذا آمنا به وعملنا صالحًا ، وهو لا يخلف الميعاد ، فظني بك يا رب أن تقيل عثرتنا ، وتقبل توبتنا .
لكن كيف نذوق لذات جنات الثقة به ؟
أولاً: أن نتعرف عليه ، ونبني صلتنا به على اليقين ، فنكون بما في يديه أوثق مما بأيدينا .
قال شقيق بن إبراهيم :
من أراد أن يعرف معرفته بالله ، فلينظر إلى ما وعده الله ووعده الناس ، بأيهما قلبه أوثق . [ الحلية (8/64) ]
فاصنعوا صنيع الزبير في سائر الأمر تربحوا :
في الحلية (1/90-91) عن عبدالله بن الزبير قال لما كان يوم الجمل جعل الزبير يوصي بدينه ويقول :
يا بني إن عجزت عن شيء فاستعن عليه بمولاي . قال : فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت :
يا أبت من مولاك ؟ قال : الله . قال : فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت : يا مولى الزبير اقض دينه فيقضيه فقتل الزبير ولم يدع دينارا ولا درهما إلا أرضين منها بالغابة ودورا وإنما كان دينه الذي عليه أنَّ الرجل كان يأتيه بالمال فيستودعه إياه فيقول الزبير : لا ولكنه سلف فإني أخشى عليه الضيعة فحسبت ما عليه فوجدته ألفي ألف فقضيته .
وكان ينادي عبدالله بن الزبير بالموسم أربع سنين من كان له على الزبير دين فليأتنا فلنقضه فلما مضى أربع سنين قسمت بين الورثة الباقي وكان له أربع نسوة فأصاب كل امرأة ألف ألف ومائتا ألف .
فانظروا كيف تعامل مع الله ؟ يكون عليه دين (2 مليون ) وبعد أربع سنين ترث كل امرأة من نسائه ( مليون و200 ألف ) هذا نصيب الواثق بالله .
فماذا أنتم صانعون ؟
من منكم اليوم يتصدق بصدقة عظيمة ثقة بأن الله سيخلفه ؟
هل من الممكن أن نسمع اليوم عن أخت تصدقت بحليها لله رب العالمين لنشر الدعوة في الآفاق ثقة بأنَّ الله قال في الحديث القدسي :
" أنفق أنفق عليك "
هل سنرى من تلتزم بلباس أمهات المؤمنين رغم كيد الكائدين ثقة بأن الله أمرها بهذا فلن يضيعها ؟
هل من الممكن أن نرى من يزيد في ورد القيام ولا يخاف التعب توكلا وثقة بالله أن الله لن يصيعه وسيرزقه الراحة بيسير النوم ؟
هل ستتغير الأحوال من الآن ؟
علامة ذلك أربعة أمور :
قال أبو سليمان الداراني : من وثق بالله في رزقه :
زاد في حسن خلقه ، وأعقبه الحلم ، وسخت نفسه في نفقته ، وقلت وساوسه في صلاته . من يدخل جنة الثقة ؟؟ من يباري في حسن الخلق ؟ من يتعلم ( الحلم وكظم الغيظ ) من ستجود نفسه قبيل العيد للفقراء والمساكين ؟ من سيرزق الخشوع ؟؟
وتحقيقا لهذا فسنة اليوم :
التفل على اليسار ثلاثا عند الوسوسة في الصلاة :
عَنْ أَبِى الْعَلاَءِ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِى الْعَاصِ أَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِى وَبَيْنَ صَلاَتِى وَقِرَاءَتِى يَلْبِسُهَا عَلَىَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خِنْزِبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثًا ». قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّى.
ونوصي بهذا الدعاء استشفاءً:
اللهم انقلني من ذل معصيتك إلى عز طاعتك ، اللهم لين قلبي بالتوبة ، ولا تجعل قلبي قاسيًا كالحجر .
وكتبه
هاني حلمي