عنوان الموضوع : "امهات المؤمنين" زوجات الرسول صلي الله عليه و سلم من السنة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

"امهات المؤمنين" زوجات الرسول صلي الله عليه و سلم






أمهات المؤمنين


أمهات المؤمنين في الإسلام هنّ زوجات النبي محمد بن عبد الله صلى الله و عليه و سلم، لهن فضل و مزية عن بقية نساء المسلمين بنص القرآن الكريم لقوله تعالى فى سورة الأحزاب:


" النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والْمُهَاجِرِينَ إلاَّ أَن تَفْعَلُوا إلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الكِتَابِ مَسْطُوراً (6) " .

كما أن زوجات الرسول محرم زواجهن لأى من المؤمنين بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم بنص القرءان لقوله تعالى فى سورة الأحزاب:

"....... ومَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ ولا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً (53)".


و أيضا لزوجات الرسول صلى الله عليه و سلم أوامر خاصة تزيد عن الأوامر التى نزلت للمؤمنات مثل قوله تعالى فى سورة الأحزاب:


" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العَذَابُ ضِعْفَيْنِ وكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30) ومَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاءِ إنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وقُلْنَ قَوْلاً مَّعْروفاً (32) وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وأَقِمْنَ الصَّلاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وأَطِعْنَ اللَّهَ ورَسُولَهُ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (33) واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ إنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً (34)"،


و نستشف من هذه الأوامر الخاصة لزوجات الرسول صلى الله عليه و سلم ما يلى:


1- جزاء السيئة منهن بالضعف، و أيضا جزاء الحسنة منهن بالضعف.

2- أنهن لسن كأى واحدة من النساء.

3- يجب عليهن نقل ما يتلى من القرءان و أحاديث الرسول صلى الله عليه و سلم إلى المسلمين.

و هن على الترتيب التالى :


يتبع


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


أم المؤمنين الكبرى "خديجة بنت خويلد" رضى الله عنها (أ)



قال صلى الله عليه وسلم : ( لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم على نساء العالمين ).


- كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها بأحسن الثناء قالت فغرت يوما فقلت ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيرا منها قال : ( ما أبدلني الله خيرا منها وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبنني وآستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء أيضا ) .

- هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة.

* بداية التعارف :

- كانت السيدة خديجة امرأة تاجرة ذات شرف و مال ، فلمّا بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق حديثه وعظيم أمانته وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضـت عليه أن يخرج في مالٍ لها إلى الشام تاجراً ، وتعطيـه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجـار ، مع غلام لها يقال له مَيْسَـرة ، فقبل الرسول صلى الله عليه وسلم وخرج في مالها حتى قَدِم الشام..
- وفي الطريق نزل الرسول صلى الله عليه وسلم في ظل شجرة قريباً من صومعة راهب من الرهبان فسأل الراهب ميسرة : ( من هذا الرجل ؟). فأجابه : (رجل من قريش من أهل الحرم). فقال الراهب : ( ما نزل تحت هذه الشجرة قطٌ إلا نبي )..

- ثم وصلا الشام وباع الرسول صلى الله عليه وسلم سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد ، ثم أقبل قافلاً إلى مكة ومعه ميسرة ، فكان ميسرة إذا كانت الهاجرة واشتدَّ الحرّ يرى مَلَكين يُظلاَّنه صلى الله عليه وسلم من الشمس وهو يسير على بعيره...ولمّا قدم صلى الله عليه وسلم مكة على خديجة بمالها باعت ما جاء به فربحت ما يقارب الضعف.
* الخطبة و الزواج :
- وأخبر ميسرة السيدة خديجة بما كان من أمر محمد صلى الله عليه وسلم فبعثت إلى رسول الله وقالت له : ( يا ابن عمّ ! إني قد رَغبْتُ فيك لقرابتك ، وشرفك في قومك وأمانتك ، وحُسْنِ خُلقِك ، وصِدْقِ حديثك ). ثم عرضت عليه نفسها ، فذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك لعمّه الحبيب الذي سُرَّ وقال له : ( إن هذا رزقٌ ساقهُ الله تعالى إليك ). و وصل الخبر إلى عم السيدة خديجة ، فأرسل إلى رؤساء مُضَر ، وكبراءِ مكة وأشرافها لحضور عقد الزواج المبارك ، فكان وكيل السيدة خديجة عمّها عمرو بن أسد ، وشركه ابن عمها ورقة بن نوفل ، ووكيل الرسول صلى الله عليه وسلم عمّه أبو طالب..

- وكان أول المتكلمين أبو طالب فقال : ( الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل وضئضئ معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسُوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكام على الناس ، ثم إن ابن أخي هذا ، محمد بن عبد الله لا يوزن برجلٍ إلا رجح به ، وإن كان في المال قِلاّ ، فإن المال ظِلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد مَنْ قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وقد بذل لها من الصداق ما آجله وعاجله اثنتا عشرة أوقية ذهباً ونشاً -أي نصف أوقية- وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل )..

- ثم وقف ورقة بن نوفل فخطب قائلا : ( الحمد لله الذي جعلنا كما ذكرت ، وفضلنا على ما عددت ، فنحن سادة العرب وقادتها ، وأنتم أهل ذلك كله لا تنكر العشيرة فضلكم ، ولا يردُّ أحدٌ من الناس فخركم ولا شرفكم ، وقد رغبنا في الإتصال بحبلكم وشرفكم ، فاشهدوا يا معشر قريش بأني قد زوجت خديجة بنت خويلد من محمد بن عبد الله )..

- كما تكلم عمُّهـا عمرو بن أسـد فقال : ( اشهدوا عليّ يا معاشـر قريـش أنّي قد أنكحـت محمد بن عبد الله خديجة بنت خويلد ) .. وشهـد على ذلك صناديـد قريـش.



الذرية الصالحة :

- قال ابن هشام: فأصدقها عشرين بكرة، وكانت أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت.

- وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم خمس وعشرون سنة.

- تزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة قبل البعثة بخمس عشرة سنة ، وولدت السيدة خديجة للرسول صلى الله عليه وسلم ولده كلهم إلا إبراهيم ، القاسم - وبه كان يكنى - ، والطاهر والطيب - لقبان لعبد الله - ، وزينب ، ورقيـة ، وأم كلثـوم ، وفاطمـة عليهم السلام...فأما القاسـم وعبد اللـه فهلكوا في الجاهلية ، وأما بناتـه فكلهـن أدركـن الإسلام فأسلمن وهاجرن معه صلى الله عليه وسلم .

* إسلام خديجة :


- وبعد الزواج الميمون بخمسة عشر عاماً نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فآمنت به خديجة ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه ، فخفف الله بذلك عن نبيه صلى الله عليه وسلم لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، الا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه ، وتهون عليه أمر الناس ، قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أمرت أن أبشر خديجة ببيت من قَصَب -اللؤلؤ المنحوت- ، لا صخب فيه ولا نصب ).

* فضل خديجة :


- جاء جبريل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال : ( إن الله يقرأ على خديجة السلام ) فقالت : ( إن الله هو السلام ، وعلى جبريل السلام ، وعليك السلام ورحمة الله ). الصحيح المسند .
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خير نسائها مريم ابنة عمران ، وخير نسائها خديجة ). صحيح البخاري .


* عام المقاطعة :

- ولمّا قُضيَ على بني هاشم وبني عبد المطلب عام المقاطعة أن يخرجوا من مكة إلى شعابها ، لم تتردد السيدة خديجة في الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشاركه أعباء ما يحمل من أمر الرسالة الإلهية التي يحملها. وعلى الرغم من تقدمها بالسن ، فقد نأت بأثقال الشيخوخة بهمة عالية وكأنها عاد إليها صباها ، وأقامت قي الشعاب ثلاث سنين ، وهي صابرة محتسبة للأجر عند الله تعالى.

* عام الحزن :


- وفي العام العاشر من البعثة النبوية وقبل الهجرة بثلاث سنين توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها ، التي كانت للرسول صلى الله عليه وسلم وزير صدق على الإسلام ، يشكـو إليها ، وفي نفس العام توفـي عـم الرسول صلى الله عليه وسلم أبو طالب ، لهذا كان الرسـول صلى اللـه عليه وسلم يسمي هذا العام بعام الحزن.

* الوفاء :

- قد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة ما لم يثن على غيرها ، فتقول السيدة عائشة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها ، فذكرها يوماً من الأيام فأخذتني الغيرة ، فقلت : ( هل كانت إلا عجوزاً قد أبدلك الله خيراً منها ). فغضب ثم قال : ( لا والله ما أبدلني الله خيراً منها ، آمنتْ بي إذْ كفرَ الناس ، وصدَّقتني إذ كذّبَني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني منها الله الولد دون غيرها من النساء ). قالت عائشة : ( فقلتْ في نفسي : لا أذكرها بعدها بسبّةٍ أبداً ).



يتبع


__________________________________________________ __________

أم المؤمنين "سودة بنت زمعة" رضى الله عنها



لما توفيت السيدة خديجة رضى الله عنها تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد موتها سودة بنت زمعة القرشية وهي التي وهبت يومها لعائشة .


سودة بنت زمعـة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل ابن عامر بن لؤي القرشيـة ، أم المؤمنيـن ، تزوّجها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد خديجة وقبل عائشة. أسلمت بمكة وهاجرت هي وزوجها الى الحبشة في الهجرة الثانية ومات زوجها هناك .



قصة الزواج


بعد وفاة السيـدة خديجـة بثـلاث سنيـن قالت خولة بنت حكيم للرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة : ( ألا تتزوج ؟) فقال : ( ومن؟) فقالت : ( إن شئـت بكراً وإن شئـت ثيباً !؟) قال : (من البكر؟) قالت : ( ابنة أحـبِّ خلق الله إليك ، عائشة بنت أبي بكر ؟) قال : ( ومن الثيب؟) قالت : ( سودة بنت زمعة بن قيس ، قد آمنت بك واتبعتك على ما أنت عليه ) قال : ( فاذهبي فاذكريهما عليّ ).
فجاءت فدخلت بيت أبي بكر ، ثم خرجت فدخلت على سودة فقالت : ( أي سودة ! ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة؟!) قالت : (وما ذاك؟) قالت : (أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطبك عليه؟!) فقالت : (وددتُ، ادخلي على أبي فاذكري له ذلك)، وكان والدها شيخ كبير ، فدخلت عليه فحيته بتحية أهـل الجاهلية ثم قالت : (إن محمـد بن عبد الله بن عبـد المطلـب أرسلني أخطـب عليه سودة ؟) قال : (كفء كريم، فماذا تقول صاحبته؟) قالت : (تحب ذلك) قال : (ادعيها إليّ) فدُعيَت له فقال : (أيْ سودة، زعمت هذه أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أرسل يخطبك، وهو كفء كريم ، أفتحبين أن أزوِّجْكِهِ؟) قالت : (نعم) فقال : (فادعيه لي) فدعته وجاء فزوّجه .

سودة والنبي


كانت السيدة سودة مصبِـية ، فقد كان لها خمس صبية أو ست من بعلها مات (السكران بن عمرو) فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (ما يمنعُك مني؟) قالت : (والله يا نبي الله ما يمنعني منك أن لا تكون أحبَّ البرية إلي ، لكني أكرمك ، أن يمنعوا هؤلاء الصبية عند رأسك بُكرة وعشية ) فقال - صلى الله عليه وسلم - : (فهل منعك مني غير ذلك؟) قالت : (لا والله) قال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (يرحمك الله، إن خيرَ نساءٍ ركبنَ أعجاز الإبل، صالحُ نساءِ قريشِ أحناه على ولده في صغره، وأرعاه على بعل بذات يده).

سودة الزوجة


أرضى الزواج السيدة سودة - رضي الله عنها- ، وأخذت مكانها الرفيع في بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحرصت على خدمة بناته الكريمات، سعيدة يملأ نفسها الرضا والسرور وكان يسعدها أن ترى الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبتسم من مشيتها المتمايلة من ثِقَل جسمها ، الى جانب ملاحة نفسها وخفّة ظلها.

الضرائر

بعد الهجرة الى المدينة جاءت عائشة بنت أبي بكر زوجة للرسول - صلى الله عليه وسلم- ، فأفسحت السيدة سودة المجال للعروس الشابة وحرصت على إرضائها والسهر على راحتها، ثم خصّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكل زوجة بيت خاصٍ بها ، وأتت زوجات جديدات الى بيت الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكن لم تتردد السيدة سودة في إيثار السيدة عائشة بإخلاصها ومودتها .



التسريح


عندما بدأت السيدة سودة تشعر بالشيخوخة تدب في جسدها الكليل ، وأنها تأخذ ما لا حق لها فيه في ليلة تنتزعها من بين زوجات الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأنها غير قادرة على القيام بواجب الزوجية، سرّحها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكنها لم تقبل بأن تعيش بعيدا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجمعت ثيابها وجلست في طريقه الذي يخرج منه للصلاة ، فلما دنا بكت وقالت : ( يا رسول الله، هل غمصتَ عليَّ في الإسلام؟) فقال : (اللهم لا) قالت : ( فإني أسألك لما راجعتني ) فراجعها ، وعندما حققت مطلبها قالت : ( يا رسول الله ، يومي لعائشة في رضاك ، لأنظر الى وجهك ، فوالله ما بي ما تريد النساء ، ولكني أحب أن يبعثني الله في نسائك يوم القيامة) وهكذا حافظت على صحبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الدنيا والآخرة.



وفاتها



توفيـت - رضي الله عنها- في آخر زمان عمـر بن الخطـاب، وبقيت السيدة عائشـة تذكرها وتؤثرها بجميل الوفاء والثناء الحسن في حياتها وبعد مماتها - رضي الله عنهما-.



يتبع


__________________________________________________ __________

- أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر – رضى الله عنها -




هي عائشـة بنت أبي بكر الصديق، عبد الله بن أبي قحافـة عثمان بن عامر من ولد تيـم بن مرة ، ولدت السيـدة عائشـة بعد البعثة بأربع سنين، وعقد عليها رسـول اللـه قبل الهجرة بسنة، ودخـل عليها بعد الهجرة بسنة أو سنتيـن. وقُبِضَ عنها الرسول الكريم وهي بنـت ثمان عشرة سنة، وعاشت ست وستين سنة، وحفظت القرآن الكريم في حياة الرسول وروت عن النبي ألفي حديث ومائى وعشرة أحاديث .



قال عنها عروة بن الزبير (( ما رأيت أحداً أعلم بالقرآن ولا بفرائضه ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث عرب ولا بنسب من عائشة)).


تقول ((فضلت على نساء الرسول بعشر ولا فخر: (1) كنت أحب نسائه إليه، (2) وكان أبي أحب رجاله إليه، (3) وتزوجني لسبع (4) وبنى بي لتسع (أي دخل بي)، (5) ونزل عذري من السماء (المقصود حادثة الإفك)، (6) واستأذن النبي صلى الله عليه و سلم نساءه في مرضه قائلاً: إني لا أقوى على التردد عليكن، فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد، تريد عائشة، قد أذنا لك، (7) وكان آخر زاده في الدنيا ريقي، (8) فقد استاك بسواكي، (9) وقبض بين حجري و نحري، (10) ودفن في بيتي)).



الرؤيا المباركة



قال الرسـول أُريتُـكِ -وهو يخاطب عائشـة- في المنام ثلاث ليالٍ ، جاءني بك الملك في سَرَقةٍ من حرير، وهو الحرير الأبيض، فيقول : ( هذه إمرأتك ). فاكشف عن وجهك فإذا أنت هي ؟ . فأقول : ( إن يكُ هذا من عند الله يُمضِهِ.).



الخِطبة



عندما ذكرت خولة بنت حكيـم لرسـول الله اسم عائشة لتخطبها له، تهلل وجهه الشريف لتحقق الرؤيا المباركة، ولرباط المصاهـرة الذي سيقرب بينه وبين أحـب الناس إليه. دخلت خولة إلى بيت أبي بكر، فوجدت أم عائشة فقالت لها : ( ماذا أدخل الله عليكم من الخير و البركة ؟). قالت أم عائشة : ( وما ذاك ؟) . أجابت : ) أرسلني رسول الله أخطبُ له عائشة ). فقالت : ( ودِدْتُ، انتظري أبا بكر فإنه آتٍ ). وجاء أبو بكر فقالت له : ( يا أبا بكر ، ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة ؟! أرسلني رسول الله أخطبُ عائشـة ) . فذكر أبو بكر موضعـه من الرسـول وقال : ( وهل تصلح له؟. إنما هـي ابنة أخيه ؟) . فرجعت خولة إلى الرسول فقالت له ذلك ، فقال : ( ارجعي إليه فقولي : أنت أخي في الإسلام ، وأنا أخوك ، وبنتك تصلحُ لي). فذكرت ذلك لأبي بكر فقال : ( انتظريني حتى أرجع ) . فذهب ليتحلل من عِدَةٍ للمطعم بن عدي، كان ذكرها على ابنه، فلما عاد أبو بكر قال : ( قد أذهبَ الله العِدَة التي كانت في نفسـه من عدِتِه التي وعدها إيّـاه ، ادْعي لي رسـول الله. فدعتْه وجاء ، فأنكحه ، فحصلت قرابة النسب بعد قرابة الدين .



العروس المباركة



وبعد أن هاجر الرسول والمؤمنين إلى المدينة، وحين أتى الميعاد أسرع الأصحاب من الأنصار وزوجاتهم إلى منزل الصديق حيث كانت تقوم فيه العروس المباركة، فاجتمعت النسوة إلى آل الصديق يهيئن العروس لتزفّ إلى زوجها ( سيد الخلق )، وبعد أن هيَّئْنَها وزفَفْنها، دخلت ( أم الرومان ) أم عائشة بصحبة ابنتها العروس إلى منزل الرسول من دار أبي بكر، و قالت : ( هؤلاء أهلك ، فبارك الله لك فيهنّ ، وبارك لهن فيك ) . وتنقضي ليلة الزفاف في دار أبي بكر ( في بني الحارث بن الخزرج ) . ثم يتحوّل رسول الله بأهله إلى البيت الجديد . وهو حجرة من الحجرات التي شُيّدت حول المسجد .




حديث الإفك



حديث الإفك خطير أفظع الخطر في مضمونه ومحتواه.
فمضمونه: العداء للإسلام والمسلمين،
ومحتواه: قذف عرض النبي وإشاعة مقالة السوء في أهله الأطهار،
و أغراضه : إكراه الرسول والمهاجرين على الخروج من المدينة،
وأهدافه : إزالة آثار الإسلام والإيمان من قلوب الأنصار.



الحادثة



في غزوة المصطلق سنة ست للهجرة، تقول السيدة عائشة : ( فلما فرغ الرسول من سفره ذلك وجّه قافلا حتى إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذّن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجاتي وفي عنقي عقد لي، فلما فرغت أنسل من عنقي ولا أدري، فلما رجعت إلى الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلى مكاني الذي ذهبت إليه، فالتمسته حتى وجدته، وجاء القوم خلافي، الذين كانوا يُرَحِّلون لي البعير، وقد فرغوا من رحلته، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع، فاحتملوه فشدوه على البعير، ولم يشكوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت لى العسكر وما فيه من داع ولا مجيب ، قد انطلق الناس.



فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني، وعرفت أن لو قد افتقدت لرُجع إلي، فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطّل السُّلَمي، وقد كان تخلف عن العسكر لبعض حاجته، فلم يبت مع الناس، فرأى سوادي فأقبل حتى وقف علي، وقد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآني قال : ( إنا لله وإنا إليه راجعون ، ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ). وأنا متلففة في ثيابي، قال : ( ما خلّفك يرحمك الله ؟) . فما كلمته، ثم قرب البعير فقال : ( اركبي ). واستأخر عني، فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعاً يطلب الناس، فوالله ما أدركنا الناس وما افتُقدت حتى أصبحت، ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي، فقال أهل الإفك ما قالوا، فارتعج العسكر، ووالله ما أعلم بشيء من ذلك ).



مرض عائشة



وفي المدينة مرضت السيـدة عائشـة رضى الله عنها مرضاً شديداً، ولم تعلم بالحديـث الذي وصل للرسـول وأبويها، إلا أنها قد أنكرت من الرسول بعض لطفه بها، وحين رأت جفائه لها استأذنت بالإنتقال إلى أمها لتمرضها فأذن لها. وبعد مرور بضع وعشرين ليلة خرجت مع أم مِسْطح بنت أبي رُهْم بن المطلب بن عبد مناف، فعلمت بحديث الإفك، وعادت إلى البيت تبكي وقالت لأمها : ( يغفر الله لك، تحدّث الناس بما تحدّثوا به وبلغك ما بلغك، ولا تذكرين لي من ذلك شيئاً). قالت : ( أي بُنَيَّة خفِّضي الشأن، فوالله قلّما كانت امرأة حسناء عند رجل يُحبها لها ضرائر إلا كثّرن وكثّر الناس عليها ).



الأوس والخزرج



وقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم في الناس يخطبهم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : ( أيها الناس، ما بال رجال يؤذونني في أهلي، ويقولون عليهم غير الحق؟ ... والله ما علمت منهم إلا خيراً، ويقولون ذلك لرجلِ والله ما علمت منه إلا خيراً، وما دخل بيتاً من بيوتي إلا وهو معي ). فلمّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك المقالة، قال أسيْد بن حُضَيْر : ( يا رسول الله، إن يكونوا من الأوس نكفكهم، وإن يكونوا من إخواننا من الخزرج فمُرْنا بأمرك، فوالله إنهم لأهل أن تضرب أعناقهم ).




فقام سعد بن عُبادة فقال : ( كذبت لعمر الله لا تُضرَب أعناقهم، أما والله ما قلت هذه المقالة إلا أنك قد عرفت أنهم من الخزرج، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا ). قال أسيد : ( كذبت لعمر الله، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين ).

وتساور الناس حتى كاد أن يكون بين هذين الحيّين من الأوس والخزرج شرّ، ونزل الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل على عائشة.




الإستشارة



ودعا الرسول علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، فاستشارهما، فأما أسامة فأثنى خيراً وقال : ( يا رسول الله، أهلك، ولا نعلم عليهن إلا خيراً، وهذا الكذب و الباطل ). وأما علي فإنه قال : ( يا رسول الله، إنّ النساء لكثير، وإنك لقادر على أن تستخلف، وسلِ الجارية تصدُقك ). فدعا الرسول ( بريرة ) ليسألها، فقام إليها علي فضربها ضربا شديداً وهو يقول : ( اصدقي رسول الله ). فقالت : ( والله ما أعلم إلا خيراً، وما كنت أعيب على عائشة إلا أني كنت أعجن عجيني، فآمرها أن تحفظه فتنام عنه، فيأتي الداجن فيأكله ).



الرسول صلى الله عليه وسلم و عائشة رضى الله عنها




تقول السيدة عائشة : ( ثم دخل علي رسول الله وعندي أبواي، وعندي امرأة من الأنصار، وأنا أبكي وهي تبكي معي، فجلس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( يا عائشة، إنه قد كان ما قد بلغك من قول الناس، فاتّقي الله وإن كنت قارفت سوءاً مما يقول الناس فتوبي إلى الله، فإن الله يقبل التوبة من عباده ).


قالت : ( فوالله ما هو إلا أن قال ذلك، فقلص دمعي، حتى ما أحس منه شيئاً، وانتظرت أبَوَيّ أن يجيبا عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يتكلم .

فقلت لهما : ( ألا تجيبان رسول الله ؟).

فقالا لي : ( والله ما ندري بماذا نجيبه ).


قالت : (فلما أن استعجما عليّ استعبرت فبكيت ثم قلت : ( والله لا أتوب إلى الله مما ذكرت أبداً، والله إني لأعلم لئن أقررت بما يقول الناس، والله يعلم أنّي منه بريئة، لأقولن ما لم يكن، ولئن أنا أنكرت ما تقولون لا تُصدِّقونني، ولكني أقول كما قال أبو يوسف : ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ).



البراءة



قالت السيدة عائشة رضى الله عنها : ( فوالله ما بَرِحَ رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه حتى تغشاه من الله ما كان يتغشاه، فسُجِّي بثوبه، ووضِعت له وسادة من أدم تحت رأسه، فأما أنا حين رأيت من ذلك ما رأيت، فوالله ما فزعت كثيرا ولا باليت، قد عرفت أني بريئة، وإن الله غير ظالمي، وأما أبواي فوالذي نفس عائشة بيده ما سُرّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فَرَقاً أن يأتي من الله تحقيق ما قال الناس.


ثم سُرِّيَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وإنه ليتحدّر منه مثل الجُمان في يومٍ شاتٍ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : ( أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتـك ). فقالت : ( بحمـد الله وذمّكم ). ثم خرج إلى الناس فخطبهم، وتلا عليهم ما أنزل اللـه عز وجل من القرآن من


سورة النور:



قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ، لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ، لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ، إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ، وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ، وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ، وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ) [النور:11-20]
إقامة الحد

ثم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمسطح بن أثاثة، وحسان بن ثابت، وحمنة بنت جحش وكانوا ممن أفصح بالفاحشة فضربوا حدَّهم .




حبيبة الحبيب



قالت السيدة عائشة لرسول الله : ( يا رسول الله ، كيف حبّك لي ؟). قال صلى الله عليه وسلم : ( كعقد الحبل ). فكانت تقول له : ( كيف العُقدةُ يا رسول الله ؟). فيقول : ( هي على حالها ). كما أن فاطمة رضى الله عنها ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تذكر عائشة عنده فقال : ( يا بُنية : حبيبة أبيك ).


قال ابن عباس رضى الله عنه لأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها : ( كنتِ أحبَّ نساء النبي إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّ إلا طيّباً ). وقال : ( هلكت قلادتُك بالأبواء، فأصبح رسول الله يلتقطها فلم يجدوا ماءً ، فأنزل الله عزّ وجل:
قال تعإلى: ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) [النساء:34]
فكان ذلك بسببكِ وبركتك ما أنزل الله تعإلى لهذه الأمة من الرخصة).
وقال : ( وأنزل الله براءتك من فوق سبع سماواته، فليس مسجد يُذكر الله فيه إلاّ وشأنك يُتلى فيه آناء الليل وأطراف النهار ( . فقالت : ( يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك، فوالله لوددت أني كنت نسياً مِنسياً ( 0
ومن خصائصها: رضي الله عنها أنها كان لها في القسم يومان يومها ويوم سودة حين وهبتها ذلك تقرباً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .


عن عائشة قالت: فضِّلتُ على نساء النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- بعشر، قيل: ما هنّ يا أم المؤمنين؟ قالت: لم ينكح بكراً قطّ غيري، ولم ينكح امرأة أبواها مهاجران غيري، وأنزل الله - عزّ وجلّ - براءتي من السّماء، وجاءه جبريل بصورتي من السّماء في حريرة وقال: تزوّجها فإنها امرأتك، فكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، ولم يكن يصنع ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان يصلّي وأنا معترضة بين يديه، ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه غيري، وكان ينزل عليه الوحي وهو معي، ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري، وقبض الله نفسه وهو بين سَحْري ونحْري، ومات في الليلة التي كان يدور عليّ فيها، ودُفن في بيتي.

عن عائشة – رضى الله عنها - قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو ذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس أبا بكر رضي الله عنه فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر رضي الله عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا لى ماء وليس معهم ماء قالت عائشة فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده خاصرتي فما منعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح على غير ماء فأنزل الله عز وجل آية التيمم فقال أسيد بن حضيز ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته.

وأراد النبي ( أن يصالحها فقال لها ذات يوم : "إنى لأعلم إذا كنت عنى راضية، وإذا كنتِ على غَضْـبَـي". فقالت رضى اللَّه عنها: من أين تعرف ذلك؟ فقال : " أما إذا كنت عنى راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد، وإذا كنتِ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم". فأجابت: أجل، واللَّه يا رسول اللَّه، ما أهجر إلا اسمك . [ البخاري ]. تلك هي المؤمنة ،لا يخرجها غضبها عن وقارها وأدبها، فلا تخرج منها كلمة نابية، أو لفظة سيئة .

رؤية جبريل

قالت السيـدة عائشـة رضى الله عنها : ( رأيتك يا رسـول الله واضعاً يدك على معرفة فرسٍ، وأنت قائم تكلِّم دِحيـة الكلبي ). قال صلى الله عليه وسلم : ( أوَقدْ رأيته ؟). قالت : ( نعم !. قال : ( فإنه جبريل، وهو يقرئك السلام ). قالت : ( وعليه السلام ورحمة الله وجزاه الله خيراً من زائر، فنعم الصاحب ونعم الداخل ) .

زهدها

قال عروة : ( أن معاوية بعث إلى عائشة بمائة ألف، فوالله ما غابت الشمس عن ذلك اليوم حتى فرّقتها. قالت لها مولاتها : ( لو اشتريت لنا من هذه الدراهم بدرهمٍ لحماً !). فقالت : ( لو قلت قبل أن أفرقها لفعلت) .
واشتهرت - رضى اللَّه عنها - بحيائها وورعها، فقد قالت: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول اللَّه ( وأبى - رضى اللَّه عنه - واضعة ثوبى وأقول إنما هو زوجى وهو أبي، فلما دُفِن عمر - رضى اللَّه عنه - (معهما) واللَّه ما دخلته إلا مشدودة على ثيابى حياءً من عمر - رضى اللَّه عنه -. وكانت من فرط حيائها تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي ( حل لهما .
ومن أقوالها - رضى الله عنها - :
* لا تطلبوا ما عند اللَّه من عند غير اللَّه بما يسخط اللَّه .
* كل شرف دونه لؤم، فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه شرف فالشرف أولى به .
* إن للَّه خلقًا قلوبهم كقلوب الطير، كلما خفقت الريح؛ خفقت معها، فَأفٍّ للجبناء، فأفٍّ للجبناء .
* أفضل النســـاء التي لا تعرف عـيب المقـــال، ولا تهتـدى لمكر الرجــــال، فارغـة القـلب إلا من الـزينة لبعلها، والإبقاء في الصيانة على أهلها .
* التمسوا الرزق في خبايا الأرض .
* رأت رجـًلا متمـاوتًا فقـالـت: ماهـذا؟ فقـيـل لهـا: زاهــد . قالت: كان عمــر بن الخطــــاب زاهدًا ولكنه كان إذا قال أسمع،وإذا مشى أسرع،وإذا ضرب في ذات اللَّه أوجع .
* علِّموا أولادكم الشعر تعذُب ألسنتهم

. فضلها العلمي

كانت السيدة عائشة صغيرة السن حين صحبت الرسول ، وهذا السن يكون الإنسان فيه أفرغ بالا، وأشد استعداداً لتلقي العلم، وقد كانت السيدة عائشة رضى الله عنها متوقدة الذهن، نيّرة الفكر، شديدة الملاحظة، فهي وإن كانت صغيرة السن كانت كبيرة العقل. قال الإمام الزهري: ( لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أمهات المؤمنين، وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل ). وقال أبو موسى الأشعري : ( ما أشكل علينا أمرٌ فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها فيه علماً ).

وكان عروة يقول للسيدة عائشة : ( يا أمتاه لا أعجب من فقهك ؟ أقول زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة أبي بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام العرب، أقول بنية أبي بكر -وكان أعلم الناس- ولكن أعجب من علمك بالطب فكيف هو؟ ومن أين هو؟ وما هو؟). قال: فضربت على منكبي ثم قالت : ( أيْ عُريّة -تصغير عروة وكانت خالته- إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم في آخر عمره ، فكانت تقدم عليه الوفود من كل وجه فتنعت له فكنت أعالجه ، فمن ثَمَّ).

اعتزال النبي لنسائه

اعتزل النبي نساءه شهراً، وشاع الخبر أن النبي قد طلّق نساءه، ولم يكن أحد من الصحابة يجرؤ على الكلام معه في ذلك، واستأذن عمر رضى الله عنه عدّة مرات للدخول على الرسول فلم يؤذن له. ثم ذهب ثالثة يستأذن في الدخول على الرسول صلى الله عليه وسلم فأذِنَ له ، فدخل عمر والنبي متكىء على حصير قد أثر في جنبه، فقال عمر : ( أطلقت يا رسول الله نساءك ؟).

فرفع صلى الله عليه وسلم رأسه وقال : ( لا). فقال عمر : ( الله أكبر ). ثم أخذ عمر وهو مسرور يهوّن على النبـي ما لاقى من نسائـه، فقال عمر : ( الله أكبر ! لو رأيتنا يا رسـول اللـه وكنّا معشر قريش قوماً نغلِبُ النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قوماً تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلّمن من نسائهم، فغضبتُ على امرأتي يوماً، فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت : ( ما تُنْكِر أن راجعتك؟ فوالله إن أزواج النبي ليراجعْنَهُ، وتهجره إحداهنّ اليوم إلى الليل ). فقلت : ( قد خاب من فعل ذلك منكنّ وخسِرَتْ ، أفتأمَنُ إحداكنّ أن يغضب الله عليها لغضب رسول الله فإذاً هي قد هلكت ؟). فتبسّم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال عمر : ( يا رسول الله ، قد دخلت على حفصة فقلت : ( لا يغرنّك أن كانت جاريتك -يعني عائشة- هي أوْسَم وأحبُّ إلى رسول الله منك ). فتبسّم الرسول ثانية، فاستأذن عمر بالجلوس فأذن له.

وكان صلى الله عليه وسلم أقسم أن لا يدخل على نسائه شهراً من شدّة مَوْجدَتِهِ عليهنّ، حتى عاتبه الله تعإلى ونزلت هذه الآية في عائشة وحفصة لأنهما البادئتان في مظاهرة النبي صلى الله عليه وسلم. والآية التي تليها في أمهات المؤمنين.

قال تعإلى: ( إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ، عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا ) [التحريم:4-5]

فما كان منهن وآيات الله تتلى على مسامعهن إلا أن قلنَ.
قال تعإلى: (سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [البقرة:285]

السيدة عائشة والإمام علي

لم يكن يوم الجمل لعلي بن أبي طالب رضى الله عنه ، والسيدة عائشة رضى الله عنها ، وطلحة والزبير قصد في القتال، ولكن وقع الإقتتال بغير اختيارهم، وكان علي يوقر أم المؤمنين عائشة ويُجلّها فهو يقول : ( إنها لزوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة ). وكذا السيدة عائشة كانت تُجِلّ علياً و توقره، فإنها رضى الله عنها حين خرجت، لم تخرج لقتال، وإنما خرجت بقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنّت أن في خروجها مصلحة للمسلمين ثم تبيـن لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى، فكانـت إذا ذكرت خروجها تبكي حتى تبلّ خمارها . فعندما أقبلت السيدة عائشة وبلغت مياه بني عامر ليلاً، نبحت الكلاب، فقالت : ( أيُّ ماءٍ هذا؟). قالوا : ( ماء الحوْأب ). قالت : ( ما أظنني إلا راجعة ). قال بعض من كان معها : ( بل تقدمين فيراك المسلمون، فيُصلحُ الله ذات بينهم ). قالت : ( إن رسول الله قال ذات يوم : ( كيف بإحداكُنّ تنبُحُ عليها كلاب الحَوْأب )). وبعـد أن انتهى القتال وقـف علي على خِباء عائشـة يلومها على مسيرها فقالت : ( يا ابن أبي طالب ، ملكْتَ فأسْجِحْ -أي أحسن العفو). فجهَّزها إلى المدينة وأعطاها اثني عشر ألفاً أجمعين .

معاوية والسيدة عائشة

لمّا قدِم معاوية رضى الله عنه المدينة يريد الحج دخل على أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ومولاها ذكوان أبو عامر عندها فقالت له عائشة : ( أمِنتَ أن أخبِّىء لك رجلاً يقتلك بقتلك أخي محمداً ؟). قال معاوية : ( صدقتِ ). فكلّمها معاوية فلمّا قضى كلامه، تشهدت عائشة ثم ذكرت ما بعث الله به نبيه من الهدى ودين الحق، والذي سنّ الخلفاء بعده، وحضّتْ معاوية على اتباع أمرهم، فقالت في ذلك، فلم تترِك . فلمّا قضت مقالتها قال لها معاوية : ( أنتِ والله العالمة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المناصحة المشفقة، البليغة الموعظة، حَضَضْتِ على الخير وأمرت به، ولم تأمرينا إلا بالذي هو لنا، وأنتِ أهلٌ أن تطاعي). فتكلّمت هي ومعاوية كلاماً كثيراً، فلمّا قدم معاوية اتكأ على ذكوان، قال : ( والله ما سمعت خطيباً ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ من عائشة).

وفاتها
وقد كانت وفاتها في هذا العام سنة ثمان وخمسين من الهجرة ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان. وأوصت أن تدفن بالبقيع ليلاً، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، وكان عمرها يومئذ سبعاً وستين سنة.




يتبع


__________________________________________________ __________

أم المؤمنين: زينب بنت خزيمة "رضى الله عنها"


اسمها ولقبها:





هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو بن عبد مناف بن هلال الهلالية

أم المؤمنين زوج النبي الأمين صلى الله عليه وسلم أمها هند بنت عوف بن زهير أكرم عجوز في الأرض أصهاراً، وأصهارها: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وحمزة والعباس ابنا عبد المطلب وجعفر و علي بن أبي طالب .


أختها لأمها ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين، وكانت السيدة زينب تدعى أم المساكين – فى الجاهلية - لكثرة إطعامها المساكين ورحمتها بهم، قيل: إنها كانت زوج عبد الله بن جحش فاستشهد في غزوة أحد ، وقيل: غير ذلك.


زواجها من الرسول صلى الله عليه و سلم


زينب بنت خزيمة هي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه و سلم والتي لم يمض على دخول حفصة البيت المحمدي وقت قصير حين دخلته أرملة شهيد قرشي من المهاجرين الأولين فكانت بذلك رابعة أمهات المؤمنين. ويبدو أن قصر مقامها ببيت الرسول صلى الله عليه و سلم قد صرف عنها كتاب السيرة ومؤرخي عصر المبعث فلم يصل من أخبارها سوى بضع روايات لا تسلم من تناقض واختلاف .
كان دخوله صلى الله عليه وسلم بها بعد دخوله على


حفصة بنت عمر ، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة، و قيل ثمانية أشهر.

وقال ابن الكلبي: كانت عند الطفيل بن الحارث، فطلقها، فخلف عليها أخوه عبيدة، فقتل عنها ببدر، فخطبها رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى نفسها، فجعلت أمرها إليه، فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر. ويقال إنه كان زواجا شكليا، حيث إن الرسول -صلى الله عليه وسلم تزوجها - مواساة لها فيما أصابها من فقدها لأزواجها ، ومكافأة لها على صلاحها وتقواها .


واختلف فيمن تولى زواجها من النبي صلى الله عليه وسلم ففي الإصابة عن ابن الكلبي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبها إلى نفسها فجعلت أمرها إليه فتزوجها ، وقال ابن هشام في السيرة : زوَّجه إياها عمها قبيصة بن عمرو الهلالي، وأصدقها الرسول صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم .
واختلفوا أيضا في المدة التي أقامتها ببيت النبي صلى الله عليه وسلم ، ففي الإصابة رواية تقول: كان دخوله صلى الله عليه وسلم بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر،رضي الله عنها، ثم لم تلبث عنده شهرين أو ثلاثة وماتت ".
ورواية أخرى عن ابن كلبي تقول: ( فتزوجها في شهر رمضان سنة ثلاث، فأقامت عنده ثمانية أشهر وماتت في ربيع الآخر سنة أربع) .


وفي شذرات الذهب: (وفيها- يعني السنة الثالثة- دخل بزينب بنت خزيمة العامرية، أم المساكين، وعاشت عنده ثلاثة أشهر ثم توفيت). و ما روت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا.


أم المساكين رضي الله عنها


و قد اجمع المؤرخون على كرمها و عطفها الشديد على الفقراء و لا يكاد اسمها رضي الله عنها يذكر في أي كتاب إلا مقرونا بلقبها الكريم : أم المساكين ففي الاستيعاب و الاصابة : و كان يقال لها أم المساكين لانها كانت تطعمهم و تتصدق عليهم و مثله في تاريخ الطبري و في السيرة الهشامية : و كانت تسمى أم المساكين لرحمتها اياهم و رقتها عليهم و عن الزهري قال : تزوج النبي صلى الله عليه و سلم زينب بنت خزيمة و هي أم المساكين سميت بذلك لكثرة اطعامها المساكين و هي من بني عامر بن صعصعة


وفاتـــها:


الراجح أنها ماتت في الثلاثين من عمرها كما ذكر "الواقدي" ونقل "ابن حجر" في الإصابة.ورقدت في سلام كما عاشت في سلام. وصلى عليها النبي عليه الصلاة والسلام، ودفنها بالبقيع في شهر ربيع الآخر – و قيل فى رمضان - سنة أربع ، فكانت أول من دفن فيه من أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن. وقد ماتت بعد زواجها بثمانية أشهر - رضي الله عنها - ولم يمت منهن- أمهات المؤمنين - في حياته إلا غير السيدة خديجة أم المؤمنين الأولى- ومدفنها بالحجون في مكة- والسيدة زينب بنت خزيمة الهلالية، أم المؤمنين وأم المساكين.


كرامة خاصة


رغم قصر المدة التي قضتها السيدة زينب بنت خزيمة رضي الله عنها في بيت الرسول صلى الله عليه و سلم الا انها قد اكرمها الله بكرامة خاصة لم تشاركها فيها اية زوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه و سلم فقد صلى عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم بنفسه -فقد كانت صلاة الجنازة لم تشرع بعد عندما ماتت ام المؤمنين خديجة رضي الله عنها- و هما المرأتان اللتان ماتتا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم و دفنت رضي الله عنها بالبقيع و كان لها من العمر ثلاثون عاما فجزاها الله كل الخير و رضي عنها






يتبع


__________________________________________________ __________

أم المؤمنين: " أم سلمه " رضى الله عنها


نسبها :

هي هند بنت سهيل المعروف بأبي أمية بن المغيرة، أم سلمة ( ويقال أن اسم جدها المغيرة هو حذيفة، ويعرف بزاد الركب) . وهي قرشية مخزومية ، وكان جدها المغيرة يقال له : زاد الركب ، وذلك لجوده ، حيث كان لا يدع أحدا يسافر معه حامل زاده، بل كان هو الذي يكفيهم. وقد تزوجها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي.


فضلها :


تُعدَّ أم سلمة من أكمل النساء عقلا وخلقا، فهي وزوجها أبو سلمة من السابقين إلى الإسلام، هاجرت مع أبي سلمة إلى أرض الحبشة ، وولدت له ((سلمة)) ورجعا إلى مكة، ثم هاجرا معه إلى المدينة. فولدت له ابنتين وابنا أيضا ، وكانت أول امرأة مهاجرة تدخل المدينة. ومات أبو سلمة في المدينة من أثر جرح في غزوة أحد، بعد أن قاتل قتال المخلصين المتعشقين للموت والشهادة . وكان من دعاء أبي سلمة: (اللهم اخلفني في أهلي بخير)، فأخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجته أم سلمة، فصارت أمًا للمؤمنين، وعلى بنيه: سلمة، وعمر، وزينب، فصاروا ربائب في حجره المبارك صلى الله عليه وسلم، وذلك سنة أربع للهجرة (4هـ).

كما كانت تعد من فقهــاء الصحــابة ممن كان يفــتي، إذ عــدها ابن حزم ضمن الدرجة الثانية، أي متوسطي الفتوى بين الصحابة رضوان الله عليهم، حيث قال: (المتوسطون فيما روي عنهم مــن الفتـــوى: عثمــــان، أبوهــــريرة، عبــد الــله بــن عــــمرو، أنـــس، أم سلمة .... إلخ) إلى أن عدهم ثلاثة عشر، ثم قال: (ويمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير).

زواج أم سلمة من النبي صلى الله عليه و سلم:


عندما انقضت عدتها بعث إليها أبو بكر يخطبها فلم تتزوجه ، وخطبها النبي صلى الله عليه و سلم إشفاقا عليها ورحمة بأيتامها أبناء وبنات أخيه من الرضاعة . فقالت له: مثلي لا يصلح للزواج ، فإني تجاوزت السن ، فلا يولد لي، وأنا امرأة غيور، وعندي أطفال ، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه و سلم خطابا يقول فيه : أما السن فأنا أكبر منكِ ، وأما الغيرة فيذهبها الله ، وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهدِ ولا غائب إلا أرضاني. فأرسلت أم سلمة ابنها عمر بن أبي سلمة ليزوجها بالرسول صلى الله عليه و سلم .

ولما تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم أم سلمة حزنت عائشة رضي الله عنها حزنا شديدا لما ذكروا لها من جمال أم سلمة وقالت لما رأتها : والله أضعاف ما وصفت لي في الحسن والجمال .وكان رسول الله إذا صلى العصر دخل على نسائه فبدأ بأم سلمة وكان يختمها بعائشة رضي الله عنهن .

وسافر رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض الأسفار وأخذ معه صفية بنت حيي وأم سلمة فأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى هودج صفية ، وهو يظن أنه هودج أم سلمة، وكان ذلك اليوم يوم أم سلمة فجعل النبي عليه الصلاة والسلام يتحدث مع صفية . فغارت أم سلمة وعلم الرسول صلى الله عليه و سلم فقالت له: تتحدث مع ابنة اليهودي في يومي وأنت رسول الله استغفر لي فإنما حملني على هذه الغيرة .

صفاتها وأخلاقها :


كان لأم سلمه رأي صائب أشارت على النبي صلى الله عليه و سلم يوم الحديبية ، وذلك أن النبي - عليه الصلاة والسلام- لما صالح أهل مكة وكتب كتاب الصلح بينه و بينهم وفرغ من قضية الكتاب قال لأصحابه: قوموا فانحروا ثم حلقوا . فلم يقم منهم رجل بعد أن قال ذلك ثلاث مرات . فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. فقالت له أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك . فقام - عليه الصلاة و السلام - فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة فنحر بدنته ودعا حالقه فحلقه ، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا .[ كناية عن سرعة المبادرة في الفعل ].

وتعد أم سلمة خير مثال يجب على أمهات وزوجات اليوم الاحتذاء به من خلال تربيتها لأولادها التربية الأخلاقية الكريمة. وكانت خير زوجة وأم صالحة، تملك العقل الراجح ، والشخصية القوية، وكانت قادرة على اتخاذ قراراتها بنفسها، وتتسم شخصيتها بحسن الأخلاق والأدب ، وهذا ما يندر في كثير من الأمهات والزوجات في وقتنا الحالي. كالعناية بالزوج، والنظر في أمور الأطفال ، ومساعدة الزوج في أصعب الأوقات، وتقدير حال زوجها . كل هذا نفتقده في أمهات وزوجات اليوم، وذلك لاستهتارهن بأمور تربية الأطفال ، وإهمال الزوج وعدم رعايته، ومبالغتهن واهتمامهن بأمور الدنيا والتي غالبا ما تكون زائفة لا معنى لها .



دور أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في رواية الحديث:


مروياتها رضي الله عنها وتلاميذها:

روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها الكثير الطيب، إذ تعد ثاني راوية للحديث بعد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إذ لها جملة أحاديث قدرت حسب كتاب بقي بن مخلد ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثًا (378). اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثًا، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر. ومجموع مروياتها حسب ما ورد في تحفة الأشراف مائة وثمانية وخمسون حديثًا (158).


محتوى مروياتها رضي الله عنها:

كان وجود أم المؤمنين أم سلمة، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما خاصة بين الصحابة، وتأخر وفاتهما بعد النبي صلى الله عليه وسلم من العوامل المهمة التي جعلت الناس يقصدونهما خاصة للسؤال والفتيا، وبعد وفاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها سنة (58هـ)، تربعت أم سلمة رضي الله عنها على سدة الرواية والفتيا لكونها آخر من تبقى من أمهات المؤمنين، الأمر الذي جعل مروياتها كثيرة، إذ جمعت بين الأحكام والتفسير والآداب والأدعية، والفتن.... إلخ.

إن مرويـــات أم ســلــمة معظــمها في الأحكــام وما اختص بالعبادات أساسًا كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم والحج. وفي أحكام الجنائز ، وفي الأدب، وفي ستر العورة، وفي رفع الرأس إلى السماء عند الخروج من البيت، والمرأة ترخي من إزارها ذراعًا، وروت في الأشربة، والنهي عن عجم النوى طبخًا وخلط النبيذ بالتمر. وفي النكاح، روت زواجها، وفي الإحداد والرضاع. كما روت في المغازي، والمظالم والفتن، في الجيش الذي يخسف به، وفي المهدي، وروت في المناقب في ذكر علي وذكر عمار.وهذا يدل على قوة حافظة أم سلمة واهتمامها بالحديث -رضي الله عنها .



تلاميـــذها :

نقل عنها مروياتها جيل من التلاميذ رجالاً ونساء، من مختلف الأقطار، حيث روى عنها - رضي الله عنها - خلق كثير.
- فمن الصحابة: أم المؤمنين عائــشة، وأبو سعيــد الخــدري، وعــمر بن أبي سلمة، وأنس بن مالك، وبريدة بن الحصين الأسلمي، وسليمـــــان بن بريــــدة، وأبو رافــــع، وابن عبـــــاس – رضي الله عنهم .
- ومن التابعين، أشهرهم: سعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وشقيق بن سلمة، وعبد الله بن أبي مليكة، وعامر الشعبي، والأســـود بن يــزيــد، ومجـاهد، وعـــطـاء بن أبـــي ربــــاح، شـــهر بن حوشب، نافع بن جبير بن مطعم... وآخرون.
- ومن النساء : ابنتها زينب، هند بنت الحارث، وصفية بنت شيبة، وصفية بنت أبي عبيد، وأم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عــوف، وعمـــرة بنــت عبـــد الرحــمن، وحكيــمة، رميثـــة، وأم محمد ابن قيس.
- ومن نساء أهل الكوفة : عمرة بنت أفعى، جسرة بنت دجاجة، أم مساور الحميري، أم موسى (سرية علي)، جدة ابن جدعان، أم مبشر.


وفاة أم سلمة – رضي الله عنها.

كانت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين، لم تلبث بعده إلا يسيرًا، وانتقلت إلى الله تعالى سنة (62هـ)، وكانت قد عاشت نحوًا من تسعين سنة .




يتبع