عنوان الموضوع : محبطات الاعماااااااال سنة النبي
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
محبطات الاعماااااااال
:
عبدالله بن محمد العسكر
إن مصيبة المصائب وطامة الطوام ، والتي تهون عندها كل
مصيبة ، وتخف عندها كل بلية أن يكدح المرء في الدنيا بأنواع
من القرب والطاعات ، وأصناف من الأعمال والعبادات ، يفني
حياته وهو يظن أنه يحسن عملا ، ويحسب أنه سيجد العاقبة
حميدة ، والمآل ساراً ؛ فإذا بطاعاته التي أفنى فيها عمره قد ذهبت
أدراج الرياح ، وحبط ما صنع وقدّم ، وإذا بالآمال قد خابت ،
وأضحت ( كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده
شيئا ووجد الله عنده فوافه حسابه والله سريع الحساب ) إنها
أعمال الذين ( ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم
يحسنون صنعا ) إنه الهباء المنثور الذي عناه الله بقوله ( وقدمنا
إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا )
تلك بحق والله قاصمة الظهر ، بل هي قاصمة القواصم ،وبلية
البلايا ، كل بلية ومصيبة عندها فهي جلل يسيرة ، فيا حسرة من خاب سعيه ، وضاع في الآخرة جهده
وعمله .
ولكن السؤال المتبادر إلى الذهن : كيف يحبط عملُ المطيعِ العابد لله ، هل تضيع صلاته وصدقاته وصيامه
هكذا سدى وبلا سبب ؟ إنه هذا لهو محض الظلم والله تبارك وتعالى منـزه عن الظلم جل وعلا ، فهو العدل
الذي لا يظلم عنده أحد .وهو القائل ( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره )
إذاً فلا بد أن هناك أسبابا هي التي أحبطت ذلك العمل وأضاعت أجره ، وهي مدار حديثنا هنا .
وما أجدرنا إخوتي في الله أن نكثر من طرح هذا الموضوع وترداده في مجالسنا وفي نفوسنا أيضا ؛ فالأمر
جد خطير ، إذ عليه مدار فلاح الإنسان أو شقوتِه . يوم يقوم الناس لرب العلمين .
ومحبطات العمل كثيرة لا يسمح المقام بذكرها ولعلنا أن نقتصر على ما يسمح به وقت هذه المحاضرة ، والله
المستعان وعليه التكلان .
أولا:الرياء
• والرياء : هو إرادة غير وجه الله في طاعة من الطاعات أو تشريك النية بين الله جل وعلا وغيره ،
وكلاهما مما يمقته الله ويعاقب عليه فضلا عن حبوط عمل صاحبه ، وضياع جهده وبذله .
• روى الشيخانٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ رَاءَى
رَاءَى اللَّهُ بِهِ * وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- مرفوعاً : » ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي
من المسيح الدجال ؟ قالوا : بلى ! قال : الشرك الخفي ، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر
الرجل « رواه أحمد.
• روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى
الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَه ) ويقول عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- : » من خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس ، ومن تزين بما ليس فيه
شانه الله )
• ولنتأمل هذا الحديث الذي ترتعد له فرائص أهل الإيمان ، وترتجف له قلوبهم ، ففيه عبرة وعظة لمن كان
له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
• روى الترمذي في سننه ُ أَنَّ شُفَيًّا الْأَصْبَحِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ الْمَدِينَةَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ
فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقَالُوا أَبُو هُرَيْرَةَ فَدَنَوْتُ مِنْهُ حَتَّى قَعَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يُحَدِّثُ النَّاسَ فَلَمَّا سَكَتَ وَخَلَا قُلْتُ لَهُ
أَنْشُدُكَ بِحَقٍّ وَبِحَقٍّ لَمَا حَدَّثْتَنِي حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلْتَهُ وَعَلِمْتَهُ ) فَقَالَ أَبُو
هُرَيْرَةَ (أَفْعَلُ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقَلْتُهُ وَعَلِمْتُهُ ) ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً
فَمَكَثَ قَلِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ فَقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ
غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ثُمَّ أَفَاقَ فَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ مَا مَعَنَا أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً أُخْرَى ثُمَّ
أَفَاقَ وَمَسَحَ وَجْهَهُ فَقَالَ أَفْعَلُ لَأُحَدِّثَنَّكَ حَدِيثًا حَدَّثَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مَعَهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ
مَا مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرِي وَغَيْرُهُ ثُمَّ نَشَغَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَشْغَةً شَدِيدَةً ثُمَّ مَالَ خَارًّا عَلَى وَجْهِهِ فَأَسْنَدْتُهُ عَلَيَّ طَوِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ
فَقَالَ حَدَّثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ
لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ يَقْتَتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ
الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ
كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ
يُقَالَ إِنَّ فُلَانًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى
أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ
الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ
وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ثم
إن شُفَيًّا دخل بهذا الحديث على معاوية رضي الله فحدثه بهذا الحديث . فَقَالَ مُعَاوِيَةُ قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا
فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ
وَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) .
• إن الرياء داء عضال ، وآفة عظيمة تحتاج إلى علاج شديد وتمرين للنفس على الإخلاص ومجاهدتها في
مدافعة خواطر الرياء والاستعانة بالله على دفعها .
يقول الإمام الطيّبي عن الرياء : » هو من أضر غوائل
النفس ، وبواطن مكائدها ، يبتلى به العلماء والعباد ، والمشمرون عن ساق الجد لسلوك طريق الآخرة ،
فإنهم مهما قهروا نفوسهم وفطموها عن الشهوات ، وصانوها عن الشبهات عجزت نفوسهم عن الطمع في
المعاصي الظاهرة ، الواقعة على الجوارح ، فطلبت الاستراحة إلى التظاهر بالخير وإظهار العلم والعمل ،
فوجدت مخلصاً من مشقة المجاهدة إلى لذة القبول عند الخلق ، ولم تقنع باطلاع الخالق تبارك وتعالى ،
وفرحت بحمد الناس ، ولم تقنع بحمده الله وحده ، فأحبت مدحهم ، وتبركهم بمشاهدته وخدمته وإكرامه
وتقديمه في المحافل ، فأصابت النفس في ذلك أعظم اللذات ، وأعظم الشهوات ، وهو يظن أن حياته بالله
تعالى وبعبادته ، وإنما حياته هذه الشهوةُ الخفية التي تعمى عن دَرَكها العقولُ النافذة ، قد أثبت اسمه عند
الله من المنافقين ، وهو يظن أنه عند الله من عباده المقربين ، وهذه مكيدة للنفس لا يسلم منها إلا
الصديقون ، ولذلك قيل : » آخر ما يخرج من رؤوس الصديقين حب الرياسة « .
• إنه لا يشفع للمرء كون عمله عظيما إذا كانت النية باطلة ، حتى ولو كان العمل هو الجهاد في أرض
المعركة ومقارعة السيوف وإراقة الدماء ، فإن النية الفاسدة تحبط ذلك العمل كله
وقد روى البخاري ومسلم
وأحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ شَهِدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِمَّنْ يَدَّعِي
الْإِسْلَامَ هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ قِتَالًا شَدِيدًا فَأَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي
قُلْتَ لَهُ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَاتَلَ الْيَوْمَ قِتَالًا شَدِيدًا وَقَدْ مَاتَ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى
النَّارِ ! قَالَ فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَرْتَابَ فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ إِذْ قِيلَ إِنَّهُ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّ بِهِ جِرَاحًا شَدِيدًا فَلَمَّا كَانَ
مِنَ اللَّيْلِ لَمْ يَصْبِرْ عَلَى الْجِرَاحِ فَقَتَلَ نَفْسَهُ ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ أَشْهَدُ
أَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ أَمَرَ بِلَالًا فَنَادَى بِالنَّاسِ : إِنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ وَإِنَّ اللَّهَ لَيُؤَيِّدُ هَذَا
الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ * نعم إن الجنة طيبة لا يدخلها إلا الأطهار الطيبون الذين صفت أعمالهم لربهم وأنابوا
إليه وصدقوا في عهدهم معه .
• ولقد كان خوف السلف من الرياء عظيما أقض مضاجعهم وأطار النوم من أجفانهم لأنهم يعلمون عاقبته ،
ويدركون مآل صاحبه :
** قال سفيان الثوري : " كم أجتهد في تخليص الرياء من قلبي كلما عالجته من جانب ظهر من جانب "
ثانيا: العجب
العُجب هو : الإحساس بالتميّز ، والافتخار بالنفس ، والفرح بأحوالها ، وبما يصدر عنها من أقوال وأفعال ،
محمودة أو مذمومة .
وعرفه ابن المبارك بعبارة موجزة فقال : (أن ترى أن عندك شيئاً ليس عند غيرك )
إن المرء قد يعمل طاعة ، فيستعظمها في نفسه ، ويرى أنه قدّم شيئا كبيرا يستحق أن يشكر ويثنى به عليه ،
وربما يتطور الأمر فيزداد به الزهو والغرور حتى يدلّ على الله بعمله . فكأنه هو صاحب الفضل ، وربما أنه
ازدرى عباد الله وخاصة من يبدو منهم التقصير فيرى نفسه خيرا منهم . وهذا أس البلاء ومكمن الداء .
خطره على العمل :
ولهذا حذر الشرع من مغبته على الفرد والأمة :
• فهاهم المسلمون يوم غزوة حنين لما رأوا كثرتهم قال بعضهم لما رأى كثرة عدد المسلمين ( لن نهزم اليوم
من قلة ) فماذا كانت النتيجة ؟ دارت عليه الدائرة وهزموا ، وفروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا
نفر قليل منمن تربوا على عينه ، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار ، أهلُ الشجرة أهلُ
السمرة ، حتى نصرهم الله بعد هزيمة محققة قال الله تعالى عنهم : (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن
عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين )
• أما أثر العجب على الفرد فإنه من الخطورة بمكان فقد روى البيهقي وحسنه الألباني عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم أنه قال :" ثلاث منجيات وثلاث مهلكات ، فأما المنجيات :فخشية الله في السر والعلانية ،
والقصد في الفقر والغنى ، والعدل في الغضب والرضا ، وأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ،
وإعجاب المرء بنفسه ، وهي أشدهن "
• وجاء في البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ
نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ *
إن الواجب معاشر الإخوة والأخوات ألا يغتر الإنسان منا بعمله مهما عظم ، وألا يحتقر ويزدري غيره بحجة
أنه صالح وذاك مذنب مقصر ، فلربما غفر الله لذلك المذنب بانكساره بين يدي ربه وخوفه من ذنبه ، وعُذب
هذا المفتخر المغتر بعبادته وصلاحه ،
قال ابن القيم في ( مدارج السالكين ) : (ويحتمل أن يكون تعييرك
لأخيك بذنبه أعظمَ إثما من ذنبه وأشد من معصيته ؛ لما فيه من صولة الطاعة وتزكيةِ النفس وشكرِها
والمناداة عليها بالبراءة من الذنب وأن أخاك باء به ، ولعل كسرته بذنبه وما أحدث له من الذلة والخضوع
والإزراء على نفسه والتخلص من مرض الدعوى والكبر والعجب الذي هو فيك وأنت لا تدري ووقوفَه بين
يدي الله ناكس الرأس خاشع الطرف منكسر القلب أنفعُ له وخيرٌ من صولة طاعتك وتكثرِك بها والإعتدادِ بها
والمنةِ على الله وخلقه بها ، فما أقرب هذا العاصي من رحمة الله وما أقرب هذا المدل من مقت الله ، فذنب
تَذِل به لديه أحب إليه من طاعة تُدل بها عليه وإنك أن تبيت نائما وتصبح نادما خيرٌ من أن تبيت قائما
وتصبح معجبا فإن المعجب لا يصعد له عمل ، وإنك أن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مدل ،
وأنين المذنبين أحب إلى الله من زجل المسبحين المدلين ، ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داء
قاتلا هو فيك ولا تشعر ، فلله في أهل طاعته ومعصيته أسرار لا يعلمها إلا هو )
ولنتذكر كيف كان حال السلف ، وكيف كانوا يزدرون أنفسهم ويحقرون من أعمالهم ولم يكونوا يغترون بأعمالهم مع عظمها وجلالتها .
• دخل ابن عباس على عائشة كما عند البخاري وأحمد يَسْتَأْذِنُ
عَلَى عَائِشَةَ في مرض موتها وَعِنْدَ رَأْسِهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بِنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ
يَسْتَأْذِنُ فَقَالَتْ : دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ: يَا أُمَّتَاهُ إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ لِيُسَلِّمْ عَلَيْكِ وَيُوَدِّعْكِ ،
فَقَالَتِ : ائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ ، فلما دخل ابن عباس قال : أَبْشِرِي مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَالْأَحِبَّةَ إِلَّا أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الْجَسَدِ كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ إِلَّا طَيِّبًا، وَسَقَطَتْ قِلَادَتُكِ لَيْلَةَ
الْأَبْوَاءِ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُصْبِحَ فِي الْمَنْزِلِ وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَبَبِكِ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ،
وَأَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِلَّهِ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يُذْكَرُ
اللَّهُ فِيهِ إِلَّا يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، ( فماذا قالت رضي الله عنها وهي تسمع هذا السجل الحافل
بالأمجاد العظام والتاريخ المشرق ) َقَالَتْ : دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا
مَنْسِيًّا *
[[ قلت ( الناقل ) : ذكر الشيخ عبد المحسن الأحمد فائدة عظيمة أن أحد أسباب خوف الصالحين هذا الحديث
أنقله من صحيح ابن حبان مع تعليقات الأرنؤوط
ذكر البيان بأن حسن الظن الذي وصفناه يجب أن يكون مقرونا بالخوف منه جل وعلا
640 - أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا
محمد بن عمرو عن أبي سلمة
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه جل وعلا قال: "وعزتي لا أجمع على عبدي
خوفين وأمنين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة" 2. [1: 2]
__________
2 إسناده حسن، محمد بن عمرو: هو ابن علقمة بن وقاص الليثي حسن الحديث، وباقي رجاله ثقات، وله
شاهد مرسل بسند صحيح عند ابن المبارك في "الزهد" برقم "157" من طريق عوف عن الحسن... ورواه
موصولاً يحيى بن صاعد في زوائد الزهد "158" من طريق محمد بن يحيى بن ميمون، أخبرنا عبد الوهاب
بن عطاء بإسناد ابن حبان، ومحمد بن يحيى بن ميمون مجهول، لكنه متابع عند ابن حبان، ولم تقع للشيخ
الألباني هذه المتابعة، فضعف المسند في "صحيحته" "742" لجهالة محمد بن يحيى، وقواه بمرسل الحسن
البصري. وأورده الهيثمي في "المجمع" 10/308 مرسلاً عن الحسن، ومسنداً عن أبي هريرة، وقال:
رواهما البزار "3232" و"3233" عن شيخه محمد بن يحيى بن ميمون، ولم أعرفه، وبقية رجال المرسل
رجال الصحيح، وكذلك رجال المسند غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث. ]]
احبكم في الله
فاطمة محمد العريبي
اخصائية تجميل وتدليك وعلاج طبيعي
rose:
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________