عنوان الموضوع : فضل وتفسير صورة الاخلاص للشيخ (عائض القرني) القرآن الكريم
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

فضل وتفسير صورة الاخلاص للشيخ (عائض القرني)



فضل القرآن

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حمداً لمن بلغنا المراما وزادنا من فضله إكراما

ثم صلاة الله تترى ما سرى برق على طيبة أو أم القرى

مع السلام يغشيان أحمدا وآله المستكملين الرشدا

شعب إذا لم يعبد الله الصمدْ ولم يردد قل هو الله أحد

لن يعرف النصر ولا لن يعرفه في ذلة وقلة ومتلفة

الله يستثير الهمم إلى كتابه، ويمدح كلامه، ويوجه الأمه إلى هذا الدستور الخالد، ويتحدى أعداءه، ويُبَكِّت خصومه، فيقول مثنياً على كتابه: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].

ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى متحدياً العروبة والعرب، وهم أهل اللسان: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً [الرعد:31] والجواب مسكوت، ومعنى الجواب عند أهل العلم: لكان هذا القرآن.

ويقول الله عز وجل أمام الشعراء والأدباء والخطباء: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً [الإسراء:88].

ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى مقسماً أنه حق: فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ [الذاريات:23].

ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى منادياً للتبرك به في العمل والتلاوة والمنهجية والمدارسة والتحكيم: كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ [الأعراف:2].

وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29].

وبَكَّتَ سُبحَانَهُ وَتَعَالى أعداءه، ووصفهم بإقفال القلوب، وأنهم لا يفهمون ولا يفقهون ولا يعون: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

ثم قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى مخبراً أن غير كتابه من تأليف البشر ومن تصنيف الناس، عُرضة للنقص إلا هذا الكتاب، فقال: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].

ثم ذكر سُبحَانَهُ وَتَعَالى أن كتابه لا يأتيه الباطل، ولا تلعب به الأهواء، وأنه ليس من صنع البشر، وليس من ولادة الطين، فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ [ص:29].

وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَـدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَـكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت:42].

والآيات في هذا المعنى كثيرة، ولكن الدرس هذا هو في سورة حبيبة إلى قلوبنا، لها أثر خاص، وطعم خاص، وذكريات خاصة، كان يحبها عليه الصلاة والسلام ويعيش معها، وهي تعريف بالله سُبحَانَهُ وَتَعَالى الله الناصر، القدير الواحد، المحاسب، الشهيد، يعرف نفسه للبشر، ولم يكن البشر يعرفونه، وما كانت العقول تعرف من هو الله، وما كانت العرب والعجم تتطلع إلى درجة أن تتعلق بالله، حتى علقها به رسـول الهدى عليه الصلاة والسلام.



تفسير( سورة الاخلاص ) للشيخ (عائض القرني ):



أسباب نزول سورة (الإخلاص)


وفي السورة مسائل:

المسالةالأولى: أسباب نزول هذا السورة:

من أسباب النزول: سببٌ طريفٌ لطيف:

ففي مسند أحمد ، وعند ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري ، وعند البغوي في (معجمه ): أن المشركين اجتعموا فقالوا: يا محمد! انسب لنا ربك، نريد نسبته، أباه وجده، من أي عشيرة؟ من أي قبيلة؟ فتوقف - عليه الصلاة والسلام -

حياءً من إلهي أن يراني وقد ودعتُ صحبك واصطفاكا

ويقبح من سواك الفعل عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا

ماذا يقول عليه الصلاة والسلام؟ وكيف يجيب عن هذا السؤال المبهم المدهش المحيِّر؟! سؤال من أناس سفهاء وجهلة وأغبياء وبلداء، فتوقف عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله عز وجل كلاماً عن النسبة والنسب، وكلاماً عن التعريف: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].

من يستطيع أن يَنْظُم مثل هذا الكلام؟! من يستطع أن يرد ويجمع هذه المقالات البدعية الضالة المنحرفة في سطرين، ثم يصبح السطران ثلث القران، في الفضل والأجر والمثوبة.

القرآن ثلاثة أثلاث، ثُلُثُه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]: أجرها تعادل ثلث القرآن، فهي تحمل المعطيات للأمة، والصدارة، والشجاعة، والهوية الروحية لشباب الإسلام، ولأتباع محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم الدين.

وسوف أتعرض بإذن الله في آخر الدرس إلى شرك الخوف، التي عالجته هذه السورة، وطردته، وبَكَّتَت أهله، واستهزأت بأصحابه، شرك الخوف، الذي وقعت فيه الأمة، إلا من رحم ربك، وأصبح الناس أو أكثرهم واقعين فيه.

ومن أسباب النزول:

{أن عامر بن الطفيل ملاعب الأسنة، كان من أشجع العرب، كان فاجراً -يقول: يا محمد! اقسم بيني وبينك الأرض، لك نصف الأرض، ولي نصف الأرض، وأسلِّم لك بالرسالة- وهل الدنيا مناصفة؟! وهل أتى صلى الله عليه وسلم لابتزاز الأراضي؟! وهل كان صلى الله عليه وسلم تاجر قصور؟! وهل كان صلى الله عليه وسلم يريد باستين وحدائق؟! إنه يريد مبادئ يركبها على دماء البشر لترتفع (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)- فرفض عليه الصلاة والسلام، فقال عامر بن الطفيل : (يا محمد! إِلامَ تدعو؟) قال: إلى الله عز وجل، قال: صفه لنا، أمِنْ ذَهَبٍ هو؟ أو مِنْ فضة؟ أو مِنْ حديد؟ -أي: تركيبه الجسماني، أمن ذهب؟ أو من فضة؟ أو من حديد؟- فأنزل الله: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4] } رواه البغوي والخازن ، عن ابن عباس ، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير وكثير من أهل العلم.

العرب العرباء بغير قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] لا تساوي شيئاً.

والعروبة التي يدندنون بها بغير إسلام عروبة البعث، أو عروبة الماركسين، أو عروبة العَلْمَنَة الَخوَنَة، أو عروبة المرتزقة، لا تساوي شيئاً بغير a=6006221>قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1].

هم قَتَلَةٌ بغير قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] نَهَبَةٌ، سَرَقَةٌ، خَوَنَةٌ، ويوم يرتفع عليهم تاج قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] يرفعهم الله من الحضيض.

ومن أسباب النزول:

كان العربي قبل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] يأتي إلى الصنم، ويجد الثعلب يبول على الصنم، فيسجد هو للصنم، وقد ذُكِر: أن أعرابياً أتى إلى صنم ليعبده، فوجد الثعلب يبول على رأسه، قال:

أَرَبٌّ يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالبُ

يقول: أهذا الله الذي يرزقنا؟! أهذا الله الذي يوحد مسيرتنا؟! أهذا الله الذي يوجهنا؟! أهذا الله الذي ينـزل علينا الدستور؟! أهذا الإله تبول عليه الثعالب؟! لو كان إلهاً صِدْقاًَ ما بالت عليه الثعالب.

وأتى أعرابي آخر إلى صنم آخر، فوجد ثعلباً خرج من وراء الصنم، فخافت راحلتُه ونفرت فسقط الأعرابي على وجهه، وقال:

أتينا إلى سعد ليجمع شملنا ففرقنا سعدٌ فما نحن من سعدِ

وسبب البيت: أن هذا الأعرابي طلق زوجته في الجاهلية، فاستفتى أعيان القبيلة: مَن يرد علي زوجتي؟ قالوا: إلهك سعد، في مناة -في أرض ثقيف- قالوا: اذهب إلى سعد بالناقة، وقدم له لبناً، لعَلَّه أن يرد زوجتك، فذهب بالناقة، فلما اقترب واللبن معه على الجمل، خرج الثعلب من وراء الصنم، فنفرت الناقة، فسقط على رأسه، أراد أن يرد الزوجة، ففرت الناقة، قال:

أتينا إلى سعد ليجمع شملنا ففرقنا سعدٌ فما نحن من سعدِ

فأنزل الله عز وجل قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ [الإخلاص:1-4].



النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته إلى توحيد الله




وعند أبي داود وغيره بأسانيد صحيحة، أن حصين بن عبيد الخزاعي ، والد عمران ، وفَدَ على الرسول عليه الصلاة والسلام والرسول ذاك الإمام المعصوم، والقائد النِّحرير، والشيخ الجليل يضحك من عقول العرب، والله إنها تستدعي أن يضحك الإنسان طويلاً.

فإذا أراد الأعرابي أن يسافر استشار الصنم: هل يسافر أم لا؟

وإذا أرادت زوجته أن تلد أتى إلى الصنم وقدم له لبناً أو دهناً أو سمناًَ.

فأتى هذا الأعرابي، فقال صلى الله عليه وسلم: {كم تعبد؟ قال: سبعة } هذه السبعة ليست من الجن الذين يقولون: سبعة، فسبعة هنا بمعنى: 6+1=7، فهؤلاء يتخيلون في هذه الوثنية الحادثة، أن اسم (7) سوف يضره. ولا يضر إلا الله، ولا ينفع إلا الله.


لَعَمْرُك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانعُ

دعها سماوية، تجري على قدر لا تفسدنها برأي منك منكوسِ

سماوية: أي: أن الأمر من السماء.

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] هذه تجري في دماء المؤمنين، تجعلهم شجعاناً، لا يخافون إلا الله، وسوف يأتي حديث عن ذلك.

فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: {كم تعبد؟ قال: سبعة، قال: أين هم؟ قال: ستة في الأرض وواحد في السماء -فأوقفه عليه الصلاة والسلام أمام عقله وإرادته، وضميره، وأمام مستواه، وفكره وقال-: مَنْ لِرَغَبِكَ وَلِرَهَبِكَ؟ } أي: مَنْ لك إذا اشتدت عليك الضوائق، وضاقت عليك الحيل؟

ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرجُ

ضاقت فلما استحكمتْ حلقاتُها فُرِجَتْ، وكنتُ أظنها لا تفرجُ


ويقول أبو العلاء الأعمى، ولكنه -أحياناً- يأتي بأبيات جيدة، يقول حين دخل على ملك المعرة صالح بن عبد الله : أطلق لي أسارى المعرة . قال: لا. لا أطلقهم لك. قال: أطلقهم. قال: لا. وفي الأخير قدر الله أن يغلبه ملك آخر يطلقهم، فأطلقهم، فدخل عليه في اليوم الثاني، فقال:




تقضون والفلك المسير ضاحكٌ وتقدرون فتضحك الأقدارُ


يقول: أنت يتيم، ليس عندك شيءٌ، فالذي يقضي وينفع ويحيي ويميت هو الله.

الشاهد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: { مَنْ لِرَغَبِكَ وَلِرَهَبِكَ؟ }.

يعيشُها الطالبُ في قاعة الامتحان، يوم تُقَدَّم له ورقةُ الأسئلة، وتقدم أمامه ورقةَ الإجابة، فلا أبوه يعطيه الإجابة، ولا أمه قريبة منه تُغَشِّشه، ولا الأستاذ يستطيع أن يلقنه، ولا اللجنة تسمح له، فهنا يتصل بالواحد الأحد، وحينها يأتيه المدد إن كان تقياً.

ويعيشها الفلاح في مزرعته، حين تموت أشجاره، وتذوب أزهاره، وتجف أمطاره، فيتلفت، فلا الزراعة تعطيه، ولا الناس يمنحونه، ولا القريب يثيبه غيثاً أو يعطيه مطراً، فهنا يلتفت إلى الله.

ولذلك أوقف صلى الله عليه وسلم العرب أمام هذه القضية.

فعند أحمد في المسند من حديث أبي تميمة الهجيني ، قال: وفدتُ على الرسول عليه الصلاة والسلام، وكان صلى الله عليه وسلم يعطي كل إنسان بمدده، أو ببيئته التي يعيش فيها، أو بقدرته على التلقي، البدوي يخطابه بواقعه من البادية، والملك يخاطبه بملكه وديوانه، والوزير بوزارته، والمتعلم بعلمه، وأهل الكتاب يخاطبهم بعلم الكتاب، والمنافقون بما عندهم من وساوس وخطرات نفاقية، والمشركون بمعالم الوثنية، كلٌّ يعطيه بحسب بيئته وطبيعته.

يقول أبو تميمة : فلما وفدتُ قلت: يا رسول الله، إلام تدعو؟ قال: إلى الله؟ ثم قال صلى الله عليه وسلم: {إلى الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك، وإذا أصابتك سنة مُمْحِلَة فدعوتَه أمطر عليك أرضك، وإذا ضلت ناقتك في الصحراء فدعوتَه رد عليك ناقتك } لا إله إلا الله! لا يعرف البدوي إلا الناقة، وإلا الأرض إذا أجدبت، وإلا المطر إذا جف، فهذه القضايا التي يعيشها ردها عليه الصلاة والسلام على من يكفله في ذلك. ولا بد من مخاطبة الناس ببيئاتهم. ذكر ابن قتيبة في عيون الأخبار قصة، وذكرها أيضاً ابن عبد ربه ، وغيره من الأدباء، والقصة معروفة: وفد أعرابي من الصحراء على المتوكل الخليفة العباسي المناصر للسنة -المتوكل هو الذي نصر الإمام أحمد ، ووقف معه، وأكرمه، وأعلى قدره- فدخل الشعراء يوم عيد الفطر على المتوكل يمدحونه، فقام الأعرابي الذي أتى من الصحراء، لا يعرف إلا الكلب والتيس، وقال للخليفة:

أنتَ من ماجد وصولٍ كريم من كثير العطايا قليل الذنوبِ

أنتَ كالكلب في حفاظك للود وكالتيس في قراع الخطوبِ


يمدح الخليفة بصورتين اثنتين، فهو يقول له: ما أنتَ بحفظك للود ووفائك للعهد إلا كالكلب الذي معنا في الصحراء، وأحفظ الحيوانات للود الكلب، ومن حفظ الكلب أنه لا ينبح صاحبه، وأنتَ في شجاعتك وفي منازلتك الأبطال وفي قتالك المعارك مثل التيس.

فقام الوزراء والجنود يريدون أن يبطحوه أرضاًَ، ويضربونه ضرباً حتى لا يدري أين القبلة، فقال الخليفة : دعوه، من أين أتيتَ يا أخا العرب؟ قال: من الصحراء، قال: دعوه، هذا لا يعرف إلا الكلب والتيس؛ لكن أنزلوه في الكرخ ، فإني أراه عنده موهبة شعرية ثم ليأتني بعد سنة، فأنزلوه في خيمة في طرف بغداد عند الرصافة ، بين الجسر والكرخ ، فرأى الحدائق، ورأى الحضارة، الدنيا، والأسواق، وبعد سنة أتى ودخل على الخليفة وقال:

عيون المها بين الرصافة والجسر جَلَبْنَ الهوى من حيث أدري ولا أدري


ثم مدح الخليفة ، فعذره وأجازه.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {كم تعبد؟ قال: سبعة، قال: مَنْ لِرَغَبِكَ وَلِرَهَبِكَ؟ قال: الذي في السماء، قال: فاترك التي في الأرض، واعبد الذي في السماء }.

هذه قضيته عليه الصلاة والسلام أن يبين للناس أنه لا ينفع إلا الذي في السماء، وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ [الرعد:30].

والله عز وجل يقول: أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16] والعرب تدري من هو الذي في السماء.

الأعرابي وهو مشرك يعبد الصنم، إذا تَرَجْرَجَتْ به سفينتُه في البحر، التَفَتَ إلى السماء، ودعا: يا ألله! يا ألله! يا ألله! فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65] مثل الطلبة الآن، لما طلعت النتائج؛ قليل مِنْهم مَنْ يحضر ليصلي في الجماعة، وقليل مِنْهم مِنْ يقرأ القرآن، ومَنْ يسبح، هل يضحكون على الله؟! الضحك على الله عيب، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [النساء:142] ويقول: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ [الأنفال:30].

فالذي يضحك على إرادة الواحد الأحد إنما يضحك على نفسه، فالله عز وجل يعلم ما تكنه الصدور، وما تخفيه الضمائر.

فالمقصود: أن الناس يعرفون من هو الله، ويعرفون أنه في السماء.

رأيتُ في ترجمة عيسى عليه السلام أنه مرَّ، وكان يشفي -بإذن الله- من الأمراض، وكان يعالج، وكان -بإذن الله- يحيي الموتى، فمر ببقرة، وقد اعترض ولدها في بطنها، وأصبحت في مشقة، وفي كرب لا يعلمه إلا الله، فالتفتت البقرة إلى السماء وقالت: يا عيسى، يا روح الله، ادع الله أن يفرج عني، فدمعت عينا عيسى، ودعا اللهَ ففرج عنها.

فالكائنات كلها تصمد إلى الله، ولذلك يقول الشاعر:
يا رب حمداً ليس غيرك يُحْمَدُ يا من له كل الخلائق تصمدُ

أبواب كل ملوكنا قد أوصدت ورأيت بابك واسعاً لا يوصدُ

الصالحون بنور وجهك آمنوا عافوا بحبك نومهم فتهجدوا


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمديحيي ويميت وهو على كل شيئ قدير


__________________________________________________ __________



__________________________________________________ __________

الله يجزاك خير


__________________________________________________ __________

بارك الله فيكـ

وجعله بميزان حسناتك


__________________________________________________ __________

سبحاااااان الله
جزاك الله خير