عنوان الموضوع : من أيات الله الباهرة...من جنودالله فى الأرض.... -قرآن كريم
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

من أيات الله الباهرة...من جنودالله فى الأرض....



وترى آنذاك رياحا سطحية على مستوى السنبال ، لطيفة ومحسوبة قوتها بدقة ، بحيث تجعل سنابل القمح يموج بعضها في بعض . ولو نظرنا إليها من علٍ رأيناها كالبحر الذهبي الجميل في حركته وتلاطم أمواجه .
وتكون هذه الرياح سبباً في انتقال حبوب الطلع من نبته إلى أخرى ، لتتم عملية التلقيح حتى إذا تمت عملية التلقيح سكنت الرياح ، وانقشعت الغيوم البيضاء الخفيفة ، واشرقت الشمس من جديد تمد النباتات بمزيد من أسباب الحياة والنماء والإكتمال .
فاي يد هذه التي غطت السماء بالغيوم البيضاء المرشحة لأشعة الشمس ، لئلا تتلف حبوب اللقاح الرقيقة ؟ وأي يد هذه التي أرسلت في التوقيت نفسه لتحرك السنابل المزهرة فتنطلق حبوب اللقاح ، ويتم التلقيح ؟! وأي يد هذه التي أسكنت الرياح ، وكشفت غيوم السماء ليتم نماء نبات القمح ، وتنعقد سنابله حبوباً محملة بالغذاء المتوافق معك ، واللازم لحياتك أيها الإنسان ؟
لم لم تكن الرياح هوجاء تكسر نباتات القمح وتحطمها ؟!! ولماذا لم يكن الجو أنذاك ساكنا والرياح هادئة والشمس شديدة الإشعاع فتتلف حبوب اللقاح ، فلا يتم تلقيح ، ولا تنعقد السنابل ؟!!
ومن جعل أحداث السماء بغيومها ورياحها وسائر تغيراتها تتوافق مع حياة النبات ، ليزهر ، ويثمر ، ويكون لك غذاء متوافقاً مع احتياجات جسمك كل التوافق ، ويفي بها أتم الوفاء ( فحبة القمح تحوي نشويات تمدك بالطاقة ، وبروتينات لتكاثر خلاياك وحيويات جسمك كلها ، ودهون لا غنى لك عنها ، وفتيامينات كل واحد منها له دور حيوي في حياتك ، وأنزيمات لها أدوار عظيمة في صحتك وسلامتك ، وهرمونات يقدر عددها بـ 24 هرموناً كلها ذات نفع عظيم لصحتك ، وعدم حيويات جسمك ، حتى قشرتها ( المؤلفة من السيللوز ) هي أساسية لصحة جهاز الهظمي ووقايتك من الأمراض الوبيلة ، كسرطان القولون ، وليس هذا ميدان التفصيل في هذه النواحي العلمية القيمة ، وقد كتبت عنها كتب ، ونشرت أبحاث شتى مستفيظة لشرحها وبيانها ) .
إن المنطق العلمي السديد يملي علينا أن النظام يدل على المنظم والإبداع يدل على المبدع ، والإحكام والقصد البديع يدلان على ذات حكيمة مبدعة وبإختصار فإن الأثر ( السبب ) يدل على المؤثر ( المسبب ) ولو رأيت جهاز متقنا بالغ الدقة والأحكام لنظرت في جنباته تبحث عمن صنعه ، وأين تم صنعه ظ فهل أشرقت على عقولنا وأفئدتنا رحمة الذات العلية بنا بقدرتها الباهرة ، وحكمتها ولطفها وكرمها الغامر ، وهيمنتها على شؤون الكون وأحداثه ، نسيرها بما فيه خير الإنسان ومصلحته والعناية به ؟ ( إنما يتذكر أولوا البب ) ( الزمر : 9) .
( وسخر لكم ما في السموت وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لأيت لقوم يتفكرون ) ( الجاثية : 13) .
ـ إن الرياح التي أشرنا إليها أنفاً ، والتي كانت سبباً في تلقيح أزهار القمح بمواصفاتها الخاصة المذكورة أنفا ، سماها القرآن الكريم : الرياح اللواقح في قوله عز شأنه ( وأرسلنا الرياح لواقح ) ( الحجر 22) وهي التي تلقح الأزهار كما مر أنفاً .
وللرياح اللواقح مهمة أخرى ، هي : تلقيح السحب بشحنات كهربائية تستقطب ذرات الماء فتكبر وتهطل أمطاراً مغيثة للأحياء جميعاً قال سبحانه ( وأرسلنا الريح لواقح فانزلنا من السماء ماء فأسقينكموه وما أنتم له بخازنين ) ( الحجر : 22) .
والرياح اللواقح تكون عالية على مستوى الغيوم ، وهي أيضا تسوق الغيوم من مواضع انعقادها في أعالي الجبال إلى السهول الواسعة ؛ لترويها بوابل من الغيث ، فتحيي الأرض بعد موتها وتمد الأحياء بأسباب الحياة ، قال سبحانه ( وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاماً وأناسي كثيرا ، ولقد صرفنه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) ( الفرقان : 48-50) .
كما أن هذه الرياح تحمل شحنات كهربائية ستاتيكية تكسبها الغيوم ، وهي شديدة الجريان بحيث تكفي لدفع الغيوم وتسييرها ، كما أنها عالية على مستوى الغيوم ، فهي بذلك تختلف كل الأختلاف عن الرياح اللواقح للنبات .
إن العلم العظيم في هذه الآيات الكريمة لم يتبين ، ولم تتضح معالمه إلا بدراسات حديثة في علوم الزراعة وعلوم الأنواء الجوية ، يقول الدكتور موريس بوكاي ( وهو طبيب فرنسي وعضو في الجمعية العلمية الفنرسية ) : إن في القرآن الكريم علوماً كونية عظيمة ، مصوغة صياغة علمية دقيقة ، وهي سابقة لهذا العصر ، عصر العلم والتكنولوجيا بقرون كثيرة ، مما يشهد لكل ذي فكر سليم يتحرى الحق والحقيقة أن هذا القرآن منزل من عند الله عز وجل على رسوله الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، كما يشهد بأن هذا القرآن محفوظ من التغيير والتبديل ، وهو الآن كما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلم مصداقاً لقول الحق عز وجل ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحفظون ) ( الحجر : 9) .
والدليل على ذلك هو أنه لو كان ثمة تغيير أو تبديل لتعارضت بياناته مع حقائق العلم التي انكشفت لنا في هذا الزمان ، كما حصل لغيره من الكتب السابقة التي امتلأت بما يناقض العلم والحقائق اليقينية العلمية ( وارجع إلى كتاب : التوراة والإنجيل والقرآن في ضوء العلم ـ للدكتور موريس بوكاي ـ المترجم إلى العربية ) .
وقد كانت هذه الحقائق المذكورة أنفاً وأمثالها كافية لدخول الدكتور موريس بوكاي في الإسلام من باب العلم الذي هو أوسع الأبواب وأقواها دليلاً .
قال عز من قائل ( لكن الله يشهدبما أنزل إليك أنزله بعلمه والملئكة يشهدون وكفى بالله شهيدا ) ( النساء : 166) .
فالعلم المودع في القرآن الكريم شهادة ساطعة بأنه من عند الله ، وأن محمد رسوله الصادق الأمين ، عليه صلوات الله وسلامة وما أصدق من قال :
يا أيها الأمي حسبك رفعة في العلم أن دانت لك العلماء
ـ وسوف نتابع المسيرة العقلية الماتعة مع سنابل القمح في حقولها ، فإذا نضجت السنابل وامتلأت بحبات القمح الذهبية الثمينة انتظر الحصاد رياحاً غربية رطبة تأتي محملة ببخار الماء ، ويتكون منها الندى على النسابل والأوراق صباحاً ، وعندئذ يحين موعد الحصاد ، ولو تم الحصاد قبل هبوب هذه الرياح لأنفرطت حبات القمح من السنابل ونزلت على الأرض واختلطت بالتراب فصار جميعا متعذرا شاقاً .
فما هذا التوقيت الدقيق لمجئ هذه الرياح الغريبة الرطبة والمحملة ببخار الماء والندى وفي موعد الحصاد خصوصا وبقوة مناسبة وبإتجاه قريب من الأرض ؟!
ليس في الأمر عشوائية إن النظام والقصد البديع يشيران إلى ذات علية ، أبدعت ، وأحكمت ، ونظمت ، وسيرت الأمور بحكمة بديعة ، ومراد سام رفيع ، فهل يرى الحصاد ما بيناه أنفا أم أن عقولهم مغلقة ، وعلى عيونهم غشاوة ؟ قال تعالى ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الأخرة أعمى وأضل سبيلا ) ( الإسرة : 72) .
ولسان الحق عز وجل ينادي كل إنسان ( ألم تر أن الله خلق السموت والأرض بالحق إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد ) ( إبراهيم : 19) .
وما إن يكتمل الحصاد حتى تتوقف تلك الرياح ن وتشرق الشمس بشدة فتجعل القمح جافاً مهياً للدراسات ، فإذا تمت دراسته جاءت رياح التذرية ، فما رياح التذرية هذه يا ترى ؟ إنها ريا تأتي عادة ي عصر كل يوم لمدة أسبوع تقريباً وفي الموعد المناسب ، بعد أن يكون محصول القمح قد تم حصاده ودراسته ، فتأتي سطحية قريبة من الأرض وبشة محسوبة فلا هي عاصفة ، ولا هي ضعيفة كالنسمات ، بل بما يتناسب تماما مع عملية التذرية ، إذ يحمل عامل التذرية بمذراته مقدارا من القمح المختلط البتن ويرميه في الهواء ، فتحمل الرياح ذات القوة المناسبة القمح إلى مكان قريب وتحمل التبن إلى مكان أبعد منه ، وهكذا ينفصل القمح عن التبن ، فإذا تم للمزارع تذرية قمحه سكنت الرياح، وهدأ الجو ، وعليه الآن أن ينقل محصوله من القمح إلى مخازنه ؛ ليستفيد منه كما يشاء وكذلك التبن ، فهو مادة ثمينة إذ هو أعلاف لماشيته .
ـ وما ذكرناه أنفاً عن التذرية يجعلنا نطلق على هذه الرياح اسم الرياح الذاريات ـ وهي كما رأينا ـ رياح سطحية بتوقيت دقيق في موسم التذرية بع الحصاد والدراسة ، وبقوة محسوبة بدقة رياضية تشير إلى جلال اليد التي أرسلتها ، وعلمها ولطفها وهيمنتها وقدرتها الباهرة ، ولم لا تكون الرياح في هذا الوقت عاصفة شديدة تبعثر القمح والتبن في الأفاق ( مثل الذين كفروا بربهم أعملهم كرماد أشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد ) ( إبراهيم : 18) أو تكون ساكنة فلا تتم تذرية ويبوء الإنسان بالخسران ؟! ألا يسأل أحدنا ما هذا التنظيم البديع ، وما هذا الإحكام المقصود ؟!
وثمة نوع آخر من الرياح الذاريات تمر على المسطحات المائية الواسعة في البحار والأنهار والبحيرات فتذروها ، أي : تستخرج منها ذرات الماء بخاراً ، وتحملها بعصفها الشديد إلى سطوح الجبال حيث تنعقد على ذراها سحباً ثقالاً ( قد تحمل ملايين الأطنان من الماء ) ومع ذلك فهي تسير في السماء بنعومة ولطف فلا تحدث ضجيجاً ولا أصواتاً مقلقة . ولكي تعرف لطف صنع الله ، الذي أتقن كل شيء قارن هذه السحب الثقال مع طائرة لا يزيد وزنها على بضعة أطنان تملأ الجو ضجيجاً وأزيزاً حتى إنها قد تكسر بموجاتها الصوتية الشديدة زجاج نوافذنا .
ولا شك أن هذه الرياح نوع أخر في شدتها وارتفاع مجالها ، فهي تهب أو على المسطحات المائية كما أسفنا ، ثم ترتفع إلى مستوى السحب فتدفعها برفق إلى حيث يشاء مولاها عز وجل أن تنزل حمولتها من الغيث ، قال مولانا عز شأنه وهو يحدثنا عن عنايته بنا .
لعلنا نتجه بعقولنا وأفئدتنا إلى جلاله وقدسه شاكرين حامدين معظمين فضله ورحمته وعنايته السابغة ، وعندئذ يحبنا ونحبه ، وينور قلوبنا بأنوار معرفته فالله تعالى يحب الشاكرين ، قال ربنا جلت قدرته ( والذريت ذروا ، فالحملت وقرا ، فالجريت يسرا ، فالمقسمت أمراً ، إنما توعدون لصادق ) ( الذاريات 1 ـ 5) .
والوقر : هو الحمل الثقيل ، والجاريات : هي السحب الثقيلة تجري بلطف والأيات الكريمة لها معان رقيقة ودودة لطيفة ، تنبئك أن من يعني بك هذه العناية لا بد أنه قد خلقك لغاية سامية ، إن عرفته من آثار رحمتك وفضله وغحسانه كنت من الشاكرين الحامدين المجلين لجلاله والمتبعين لهداه الذي وضعه لك يوم خلقك ليصل بك إلى وعده الصادق بسعادة الدنيا وسعادة الخلود في الآخرة قال تعالى : ( إن الذين أمنوا وعملوا الصلحت سيجعل لهم الرحمن ودا ) ( مريم : 96) وقال أيضا ( من عمل صلحا من ذكر أوأنثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) النحل 97 .
وقد فصلت هذه الآيات الكريمة الوعد الصادق الذي ذكر أنفاً .
ـ إن هذه الاحداث التي مررنا على ذكرها أنفا تجري في منطقة معينة كالشرق الأوسط مثلا ، فإذا ذهبنا إلى منطقة أخرى أعلى في سمتها وأبرد جواً حيث يتأخر نمو نبات القمح ونضج سنابله ، وجدنا الاحداث نفسها تتكرر : أمطار خفيفه ، ثم بذر للنبات ، ثم أمطار هاطلة ، ثم برد شديد ، ثم رياح تلقيح خفيفة لطيفة سطحية تأتي في موسم التلقيح ، ثم اكتمال نمو النبات ورياح للحصاد . ثم رياح للتذرية ، وبالمواصفات المذكورة نفسها أنفا ، وهكذا ترى أن يدا عظمى واحدة هي المهيمنة على أحداث الكون بعلم وحكمة وعناية ورحمة ولطف وإكرام للإنسان ، فلا إله إلا هو ذو الجلال والإكرام .
وإن استقراء هذه الأحداث التي تجري أمام أعيننا ، وتتكرر تجعلنا نرى بعقولنا جلال ربنا الرفيع وهيمنته ، فلا يقع واقع إلا بعلمه وهو الذي يصرف الرياح ، وينزل الأمطار ، ويتصرف في سائر شؤون الكون بقدرته الباهرة ، وحكمته الشاملة ، وإذا علمنا من دراسات في علم الأنواء الجوية أن نزول المطر يستلزم توافر ما لا يقل عن 150 شرطا ، وكذلك الحال مع الرياح رأينا أن ضبط هذه الأحداث ليس بالأمر الهين ، وسبحان من بيده ملكوت السموات والأرض لا إله إلا هو وغليه يرجع الأمر كله .

الزوابع والأعاصير :
Storms , Crclones , Hurricanes , and Typhoons
ولعل سائلا يسأل ، ما شأن الأعاصير المدمرة التي تذهب بالأرواح والممتلكات وتدمر المباني فلا يبقى منها إلا علامات تصاميمها الأرضية كما حصل في كولورادو عام 1991م وفي عام 2017م وكانت الخسائر في الأرواح جسيمة وفي الممتلكات ببلايين الدولارات ؟
وكما حصل في إعصار كاترينا Katrina Hurricane الذي كانت سرعة الرياح فيه 280 كم في الساعة ، وأصابت منطقة نيو أورلينز بفياضانات سببت 3000 قتيل ، عدا عن المشردين والمفقودين الذين صاروا بلا مأوى وقدرت الخسائر المالية بـ 100 بليون دولار ، وأمثال هذه الأعاصير كثيرة ومتكررة بين حين وآخر وفي مواضع شتى من العالم .
وتسمى هذه الاعاصير التيفونات Typhones وهو إعصار استوائي ينطلق من منطقة بحر الصين والفلبين ، ويسير مدمراً ما في طريقه ، كما قرر له ، ولا يمكن التنبؤ في كثير من الأحيان بالطريق الذي سيسلكه مع رصده بمختلف وسائل الرصد ، حتى بالأقمار الصناعية .
وثمة أعاصير شديدة مصحوبة بأمطار شديدة ورعد وبرق وصواعق تسمى هريكان Hurricanes وسرعة هذه الرياح العاصفة المدمرة من 120 كم في الساعة إلى 300 كم في الساعة ، فلا عجب إذا أن تكون ساحقة ماحقة ، لا تبقي ولا تذر ، ويوصف كثير من الاعاصير بالزوابع الدوارة ( Cyclones ) وهي الرياح التي تدور بقوة ، فتحدث فراغاً في وسطها يسحب كل ما في طريقه حتى مياه البحر يحملها إلى الأعلى ، ثم ينزلها حيث يشاء ربنا عز وجل فيضانات مدمرة .
ولقد تبين لنا يقينا من بحثنا فيما سبق أن الرياح تصرفها قدرة الله تعالى المهيمنة بحكمة بالغة ، وتوقيت مناسب ، ومقادير مناسبة ، وإن في تصريفها تدبيرات حكيمة لمصلحة النبات ، ومن ثم الإنسان وسائر المخلوقات ، ويشير ذلك بجلاء إلى أن ربنا عز وجل هو المهيمن على شؤون الكون وهو مالك الملك لا إله إلا هو يصرف الاحداث كلها بما فيها الرياح بحكمة وعلم .
أما السؤال الذي مر أنفا فجوابه كالأتي :ـ
لنفرض أن امراً شهما كريما ذا مكانة عالية كان له ابن سيء الخلق ، متمرد عن طاقة أبيه ، وهو فاسد مفسد يؤذي من حوله ، ولم يستجب للنصح والإرشاد ، وقد أنحدر إلى طريق الإجرام ، أفندعه وشأنه يزداد إجراماً وسوءاً يوماً بعد يوم ؟ أم نأخذ على يده ، كفاً له عن الظلم والفساد والإفساد ؟!
ولله المثل الاعلى فغنه يكرم عباده ، ويحسن إليهم يشتى صنوف الإحسان ، ويهديهم بأن يرسل إليهم رسله الكرام يرشدونهم إلى ما فيه سلامتهم ، وسعادتهم فإذا لجو في تمردهم وطغيانهم صارت الشدائد بحقهم خيرا لردعهم ، وليكونوا عبرة لغيرهم ، أما إذا لجوا في الإجرام ، وانحدروا إلى أسفل سافلين صار زوالهم من على وجه الأرض خيرا من بقائهم ، إنهم نغمة نشاز في هذا الكون المتقن البديع ، وكما قال احد الرسل الكرام لقومه محذرا ( ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلحها ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين ) ( الأعراف 85) .
والله لا يحب الفساد ، وما خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان إلا لغاية عليا : ليسير في طريق الفضيلة والكمال ، ويكون منتهاه السعادة الأبدية ، قال سبحانه وتعالى ( إن المتقين في جنت ونهر ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) ( القمر : 54-55)
وأظلم الظالمين من حرم نفسه من هذه السعادة ، التي يعد بها الله تعالى عبادة المتقين ، قال سبحانه وتعالى يصف أمثال هؤلاء : ( واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون ، كم تركوا من جنت وعيون وزروع ومقام كريم ، ونعمة كانوا فيها فكهين ، كذلك وأورثنها قوما ءاخرين ، فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين ) ( الدخان : 24-29) .
وتشير هذه الآيات الكريمة إلى إكرام الله لهؤلاء المجرمين بكل صنوف الإكرام ، ولكن لما لجوا في إجرامهم صار زوالهم كمثل بتر عضو مسرطن ، أو مصاب بالغرغرينا ، ففي بتره سلامة بقية الجسد ، إذ لا خير في بقائه يعيث في الأرض فسادا ، وهكذا جرت سنة الله في خلقه أن يهلك المجرمين ، ويحفظ الصالحين ، ويكرمهم ، ونجد في القرآن الكريم هذه الحقائق واضحة جلية .
وسأصغي أنا وإياكم إلى ما يرويه رب العزة عن أمثال هؤلاء الاقوام ، قال سبحانه وتعالى(وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ )) [الأحقاف:21]^
(( قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّدِقِينَ قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ )) [الأحقاف:25]^
فلله الكبرياء في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم .
ونعود بعزته سبحانه أن نضل ونشقى ، ونسأله أن يهدينا إلى سبل السلام .
المراجع :
1- Whipyle . A.C.al.Storms .1982 – Time life bodes >
2- Halinter . G.J.and Aaltin . F.L .Dynamical and Physical Meteorology .Mcgraw Hill co New york .
3- Palmen . E . and Newton GW.Atomopheric Circulation Systems – Academic Pioneers .
4 ـ د . أحمد عبد الله مكي ـ أوجه إعجاز القرآن الكريم في وصف تحركات الرياح ـ مجلة الإعجاز ـ عدد رمضان سنة 1420هـ .
5 ـ د . جيمس أي ديوك ـ الصيدلية الخظراء..... خالص تحياتي وتقديري لكم....والله من وراءالقصد منقول


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


تأمل في نبات الأرض وانظر إلى آثار ما صنع المليك
عيون من لجين شاخصات بأحداق هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بأن الله ليس له شريك

موفقة دائما حبيبتي


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________