عنوان الموضوع : البدائل عن التلفاز -اسلاميات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

البدائل عن التلفاز



البدائل عن التلفاز 1270 محمد عبد الله الهبدان الرياض 26/4/1418
جامع العز بن عبد السلام

معاشر المسلمين: تكلمنا في الجمعة الماضية عن ذلك الجهاز الذي يسمى بالتلفاز هذه آلة كما يقولون سلاح ذو حدين، إن غلب خيره على شره فهو مباح، وإن غلب شره على خيره فهو محرم، ومن عنده أدنى نظر أيها المسلمون فإنه سيعلم أن شره غلب على خيره، و من قواعد الشرع المطهر أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح.
أيها الأحبة الكرام: الحديث عن التلفاز وأخطاره لا تنتهي، وإنك لتعجب كل العجب من حال الناس بأنفسهم، فبالرغم من قناعتهم بأخطاره وأضراره لا يمكن أن يتصوروا كيف يعيشون بدونه،مع أن فـئاما من الناس قد تخصلوا من تلك الأوهام والحيل الشيطانية وجعلوها وراء ظهورهم وعاشوا بدون تلفاز عيشة هنيئة سعيدة، بل والله وجدوا راحة القلب واطمئنان النفس وسكونها لما جربوا هذا الأمر، وأصبح أولادهم من الأوائل والمتفوقين هذا من الناحية الاجتماعية، أما من الناحية الشرعية، فيكفي هذا الحديث الذي تفزع لهوله القلوب، وتشيب منه الرؤوس وترتعد منه الفرائص يقول عليه الصلاة والسلام: ((ما من عبد يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا لم يجد رائحة الجنة)).
فأسألك بالله أيها الأب هل إدخالك مثل هذه الوسائل للبيت وعكوف الصغار والكبار ليلا ونهارا عليها، هل إدخالك مثل هذه الأمور للبيت هو نصح للرعية أو غش لها؟
هل هو نصح لأولادك أو غش لهم؟ اسأل نفسك قبل أن يسألك الله جل جلاله عن هذا الأمر! فأعد للسؤال جوابا، وللجواب صوابا.
أيها المسلمون: لعل الكثيرين منكم خرج في الجمعة الماضية وهو يضرب كفا على كف ويقول بلسان حاله أو بلسان مقاله: شخص لنا الداء ولم يشخص لنا الدواء، منعنا من التلفاز ولم يذكر لنا بديلا منه، وهاهنا أنبه أيها المسلمون إلى أمر عظيم غفل عنه الكثيرون وغاب عن بال آخرين، ألا وهو ذلك الخطأ الفادح والأمر المشين وهو مطالبة المسلم دائما بالبدائل في كل شيء منع منه وحرم عليه، مع إن الواجب على المسلم أن يقول سمعنا وأطعنا إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [النور:51].
هذا هو الأصل بالمؤمن فيما جاءه عن الله ورسوله من الأوامر والنواهي، المبادرة والسمع والطاعة، ولذلك يخاطب الله تعالى عبادة المؤمنين بأجل الأسماء وأحبها إليهم لاستجاشة قلوبهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال:24].
فالله تعالى يناديهم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مذكرا لهم ما اتصفوا به من إيمان، وما تحلوا به من فضائل، من لازمها وطابع المتحلي بها أن يستجيب لأمر الله طائعا رَغَبا ورَهَبا، وهذه الاستجابة الحية للحق سيحيا بها حياة طيبة، حياة عزّ وعمل، نعم، سيحيا يتلألأ له نوره وضاءً في الدنيا بنور البصيرة، وسكنى القلوب، وبقاء الذكر والثناء الجميل، وفي الآخرة سيحيا حياة الخلود، ونعْم الحياة في جنات عدن لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين،)[1]وهكذا كان الجيل الفريد أصحاب محمد من الاستجابة الحية لأوامر الله ورسوله بدون تردد ولا تلكع، فهاهم (لما نزلت آيات الخمر في تحريمه، لم يحتج الأمر إلى أكثر من مناد في نوادي المدينة: ((ألا إن الخمر قد حرمت)) فمن كان في يده كأس حطمها، ومن كان في فمه جرعة مجها،وشقت زقاق الخمر وكسرت قنانيه .. وانتهى الأمر كأن لم يكن سكر ولا خمر)[2].
إذاً لماذا كلما ذكرنا أمرا محرما طالبنا الناس بقولهم: ما هو البديل؟ وكأن القائل يقول إذا لم تحضروا لي بديلا فلن أتراجع عما أنا فيه من المخالفة والعصيان، وذلك ورب الكعبة لهو الخسران المبين قال تعالى: لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [الرعد:18]. ويقول سبحانه: اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ [الشورى:47].
أيها المسلمون: هذا أصل يجب أن يتربى المسلمون عليه يُنشأ عليه الصغير ويهرم عليه الكبير، ولا بأس أن أذكر بعض البدائل عن هذا التلفاز لعل الله جل جلاله أن يطهر بيوت المسلمين من رجسه ونجسه ويجعلها عامرة بكتاب الله وسنة رسوله .
أولا هذه البدائل: شراء الحاسب الآلي ـ الكمبيوتر ـ فالحاسوب من الأجهزة المسلية النافعة، والتي تنمي قدرات الأبناء، وهذا عند الحرص التام على اختيار الألعاب العقلية التي تنمي عقل الصغير وتفيده،مع الحذر الأكيد والمتابعة المستمرة للأولاد لظهور بعض برامج الحاسوب المليئة بالفساد الأخلاقي، والفساد العقدي.
2 ـ ومن البدائل أن تجعل لأبنائك مكتبة خاصة بهم تحتوى على أشرطة خاصة للصغار من تلاوات للقرآن وقصص ومواقف وأذكار، وتحتوي على بعض الكتيبات والقصص والمجلات الإسلامية الخاصة بالأطفال، ولتكن بشكل جذاب جميل ذو ألوان مميزة ليحرص عليها الصغار وتشد انتباههم، ولو تم وضعها في غرفة مستقلة لوحدها، ولا تفتح لهم إلا في أوقات خاصة وساعات معينة لكانت الفائدة أكبر، فإنه كما يقال كل ممنوع مرغوب، ولا بأس من مشاركتهم والجلوس معهم في بعض الأحيان، بل والقراءة في بعض القصص وروايتها لهم بأسلوب مناسب جذاب، فإن لهذا أثراً كبيراً على سلوكيات وعقلية الصغار، وجرب فالتجربة خير برهان. لماذا لا يجلس الأب أو الأم في بعض الأحيان معهم صغارهم لرواية بعض القصص المناسبة لهم.
3 ـ ومن البدائل: تخصيص وقت للعب وليكن ذلك باستشارتهم وأخذ آرائهم، فإن لذلك أثرا كبيرا على نفسيا تهم أيضا. مع الحرص على شراء اللعاب التي تنمي قدرات ومواهب الصغار بدلا من إضاعة المال بأشياء لا معنى لها، وسرعان ما تتلف.
4 ـ ومن البدائل: اصطحابهم في بعض الأحيان في نزهة خارج المدينة لممارسة بعض الألعاب، وهكذا كان أسلافنا رضوان الله عليهم، فقد أخرج الحاكم من حديث فاطمة رضي الله عنها أن رسول الله أتاها يوما فقال: ((أين ابناي، أي الحس والحسين ـ فقالت ذهب بهما علي، فتوجه رسول الله فوجدهما يلعبان في مشربة ـوهو المكان الذي يشرب فيه، وهي أرض لينة دائمة النبات ـ وبين أيديهما فضل من تمر))، الحديث فهاهو علي بن أبي طالب يخرج بالحسن والحسين للنزهة واللعب.
وأنك لتعجب كل العجب مما يفعله بعض آباء هذا الزمن من الانشغال بالجلسات والدوريات عن أولادهم والجلوس معهم.
فإن كنت صادقا في رغبتك في إخراج جهاز التلفاز فلابد أن تحرص على أن تجالس أولادك، وأن تقضي بعض أوقات الفراغ معهم.
5 ـ ومن البدائل الحرص على مشاركة الأطفال في لعبهم ولو في بعض الأحيان وتوجيه الأخطاء من خلال اللعب، وهذا أفضل وسائل التوجيه، ومداعبة الصغار وملاطفتهم ويتوسط في هذا الأمر، فلا إفراط ولا تفريط، فقد كان يضع في فمه قليلا من الماء البارد ويمج في وجه الحسن فيضحك، وكان يمازح الحسن والحسين ويجلس معهما ويركبهما على ظهره، وكان يخرج لسانه للحسين فإذا رآه أخذ يضحك، وكان يخطب مرة الجمعة فإذا بالحسين يتخطى الناس، ويتعثر في ثوبه الطويل، فينزل من منبره فيرفع الحسن معه،هكذا بأبي وأمي كان منهجه مع الصغار، فلماذا يتكبر بعض الآباء أو بعض الأمهات من تخصيص وقت للجلوس مع الصغار واللعب معهم.
وقد كان عمر يمشي على يديه ورجليه كالحصان فيراه البعض فيقول له: أتفعل ذلك وأنت أمير المؤمنين؟ فيقول نعم ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي. أي في الأنس والسهولة.
هكذا نكون معه في البيت، فإذا كان في القوم كان رجلا، وعندما تخلى الآباء والأمهات عن أبنائهم وملاعبتهم احتاجوا إلى شيء يسلهم فوضعوا التلفاز حلا لمشكلتهم ودفعا لضجيجهم، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
6 ـ ومن البدائل حلقات تحفيظ القرآن الكريم التي لها الفوائد العظيمة والمنافع الجسيمة فإن خير ما اشتغل به المشتغلون من أعمال القرب كتاب الله تعلما وتعليما وحفظا وذلك مصدقا لقول المصطفى : ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)) [رواه البخاري]. وقال : ((أهل القرآن هم أهل الله وخاصته)) [رواه أحمد].
ومن نعم الله تعالى على هذه البلاد كثرة حلق القرآن الكريم التي هي مشعل هداية، ومحضن تربية، ومائدة من موائد القرآن التي ينهل منها الآداب الفاضلة، والأخلاق العالية، والصفات الحميدة.
7 ـ ومن البدائل: المراكز الصيفية التي تقام في أوقات الإجازات، ففيها منافع شتى، من حفظ للقرآن وتوجيهات تربوية، وألعاب ترفيهية، ومسابقات علمية وغيرها كثير.
8 ـ ومن البدائل يا مسلمون: إشغال الأبناء بالأعمال المنزلية من قضاء حاجات المنزل وإحضار متطلباته ونحو ذلك، وإحساسهم بالمسؤولية.
9 ـ ومن البدائل: مشاركتهم للأعمال التجارية، فيذهب الوالد بهم إلى متجره ومحله ليتعلموا منه الصنعة ويستفيدوا منه الخبرة، ويقضي وقته تحت رعايته ونظره.
10 ـ ومن البدائل: أن يختار الوالد لأولاده صحبة طيبة صالحة وهم بحمد الله كثير، فيجعله يصاحبهم ويجالسهم ويقضي وقته معهم في شتى العلوم والمعارف مع الترفيه الممتع المضبوط بضوابط شرعية، مع المتابعة المستمرة والسؤال عنه في كل حين.
11 ـ ومن البدائل أيضا: الحث والتذكير للأبناء للمشاركة في الدروس العلمية والمحاضرات التربوية التي تقام في المساجد والمشاركة معهم في الحضور.
12 ـ ومن البدائل أيضا: إعداد المسابقات الثقافية المناسبة لجميع فئات العائلة كما يمكن أن توزع عليهم كتيبا أو شريطا مع بعض الأسئلة بحيث يقرأ الكتيب أو يسمع الشريط ويجيب على الأسئلة، ووضع الجوائز الحافزة على ذلك.
13 ـ ومن البدائل أيضا: محادثة الأبناء عن أحوال المسلمين وأخبار العالم الإسلامي وخلق جو من الاهتمام في مثل هذه المواضيع التي تجعله يغار على حرمات الإسلام والمسلمين مما يدفعه إلى ترك الرذائل وهجرها.
فمع هذه البدائل يمتلئ وقت الأبناء، ولا يبقى لهم وقت للجلوس أمام هذا الجهاز، وأهم قضية وأكبرها وهي محاولة إقناع الإبناء بخطورة مثل هذا الجهاز، وتوعية إدراكهم لما يسببه من مضار دينية واجتماعية وعلمية وصحية وغيرها التي يعجز حصرها في مثل هذه الدقائق.
أيها المسلمون: ومع هذه البدائل لابد من الاستعانة بالله تعالى والالتجاء إليه وسؤاله إصلاح الأبناء والتضرع إلى الله آناء الليل وأطراف النهار أن يصلح الله لك ذريتك وأن يجعلهم هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين والله قريب مجيب وقال ربكم ادعوني استجب لكم .
بارك الله لي ولكم …
[1] أحاديث الجمعة ص79 بتصرف
[2] الظلال (2/975)
منقوووول


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


ـألـسَـلآمٍ عـَلـيـكُـمٍ و رحـمَـة ـألـلـَّـه و بـَركـآتـُـه



باااارك الله فيكي

وجعله في ميزااان حسناااتك

دمتي بحفظ الرحمن ورعاايته


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________