عنوان الموضوع : تفسير سورة الأعراف -اسلاميات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
تفسير سورة الأعراف
تفسير سورة الأعراف
بسم الله الرحمن الرحيم
الآيات 1 ـ 3
( المص * كتاب أنزل إليك فلا يكن فى صدرك حرج منه لتنذر به وذكرى للمؤمنين * اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ، قليلا ما تذكرون )
المص : حروف بداية السورة وقد تكلمنا عنها فى سور سابقة
الحروف فى بداية السور قال فيها العلماء عدة أقوال :
1 ـ أن هذا القرآن بنفس حروف الهجاء بلغة العرب ، حتى ينتبهوا لما ينزل من السماء على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يحدثهم فى امور دنياهم وأخراهم
2 ـ أن هذا القرآن ينزل بنفس حروف الهجاء للغتهم ولم يفهموا معناها بالرغم من براعتهم فى استخدام اللغة
3 ـ ويتحدى البلغاء منهم أن يأتوا بسورة مثلها ، أو آية
فهو أداة إعجاز كما كانت العصاة أداة إعجاز موسى
4 ـ عندما يحدث البلغاء بحروف لم يفهموها فهذا يجذب الأنتباه
فكأنه يقول ( انتبهوا فالأمر جد خطير )
ــــ هذا كتاب أرسل إليك من الله فلا يكن فى صدرك شك منه ولا تتحرج فى الإبلاغ به الكافرين وتذكر المؤمنين
قل لهم اتبعوا ما أنزل الله ولا تشركوا به ولا تتبعوا أولياء غير الله ورسوله
ولكن قليل تنفعهم الذكرى
الآيات 4 ـ 7
( وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قآئلون * فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين * فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين * فلنقصن عليهم بعلم ، وما كنا غائبين )
وكثير من القرى أهلكها الله بسبب غيهم وتكذيبهم فجاءها أمر الله وعقابه ليلا ( بياتا ) أو هم فى ساعة القيلولة من النهار ( قائلون )
وهذان الوقتان هما ساعتى لهو وغفلة
وعندما يأتيهم العذاب يعترفون بخطأهم وذنوبهم
ويوم القيامة يسألهم الله عما أجابوا به الرسل
ويسأل الرسل عن إبلاغ رسالاتهم
ويخبرهم الله بما عملوا والله شهيد على أفعالهم ولا يغفل عنها
الآيات 8 ، 9
( والوزن يومئذ الحق ، فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون )
ويوم القيامة يفرق بين الناس أوزان أعمالهم
فمن ثقلت موازين الخير له فهو من الناجين من العذاب وقد فلح أمره وله الجنة
ومن خفت موازين أعماله عن وزن الشر فقد خسر ومصيره إلى النار وهذا نتيجة تكذيبه وظلمه وعدم طاعته لأوامر الله
الآية 10
( ولقد مكناكم فى الأرض وجعلنا لكم فيها معايش ، قليلا ما تشكرون )
ويقول سبحانه أنه قد جعل للناس المنازل والأعمال والمعايش فى الأرض مما مكنهم من استغلالها وبالرغم من ذلك فقليل من العباد الشاكرين لأنعم الله المحافظين على شرعه وأوامره
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
الآية 11
( ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلآ إبليس لم يكن من الساجدين )
ويقص الله سبحانه علينا قصة الإنسان وخلقه وما بدر من غيرة الشيطان لنأخذ حذرنا منه ومن غوايته فلا نقع فى شركه فيقول :
صور الله آدم من تراب بعد أن جعله صلصال ثم ألقى فيه الروح
وأمر الملائكة بالسجود لآدم تحية له إعترافا بقدرة الله فى خلقه وعظمة خلقه
فسجد الملائكة كلهم جميعا ولكن إبليس كان من الجن فامتنع عن السجود
الآية 12
( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك ، قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين )
عاتبه الله قائلا لماذا لم تسجد وتطيع أمرى
قال مستكبرا وكله غيرة وتفضيل لنفسه : أنا أفضل منه خلقتنى من نار وخلقت آدم من طين فكيف أسجد له
( وما أدراه أن النار أفضل من التراب ؟ ... فهذا من دافع غروره وحقده وغيرته ) ، وبذلك رد أمر الله وعصاه
الآيات 13 ـ 15
( قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين )
قال له الله أخرج من الجنة وطرده
ليس لك أن تنعم فى جنتى وقد عصيتنى
أخرج إنك من ( الصاغرين ) المحتقرين الممبوذين
فقال الشيطان : رب اتركنى بلا موت حتى يوم القيامة يوم يبعث الخلق
قال له الله : لك ما تريد وأنت من المتروكين إلى يوم البعث
فالشيطان الأول ( عزازيل ) متروك إلى يوم القيامة أما ذريته فيموتون وأعمارهم طويلة
الآيات 16 ـ 17
( قال فبما أغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ، ولا تجد أكثرهم شاكرين )
وبدأ تحدى الشيطان فقال :
يارب كما أضللتنى سوف أقعد لهم بالمرصاد على طريق الحق والنجاة وأضلهم عنه
سآتيهم من كل مكان عن اليمين لأبطئهم عن الحسنات ، وعن الشمال لأزين لهم طريق المعصية ، ومن خلفهم لأدمرهم بما فعل الآباء ليفعلوا مثلهم وأحزنهم على ما فاتهم
ومن بين أيديهم فى حاضرهم لأضلهم عن البعث والجنة والنار، ولن تجد منهم موحدين طائعين شاكرين لنعمتك عليهم
الآية 18
( قال اخرج منها مذؤما مدحورا ، لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين )
فقال له الله : اخرج من الجنة فأنت من المعيبين ( مذؤما ) المطرودون من رحمة الله ( مدحورا )
ومن اتبعك من الإنس مثلك
سأملأ بك ومن تبعك من الإنس والجن جهنم
الآيات 19 ـ 21
( ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما ورى عنهما من سوآتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إنى لكما لمن الناصحين )
وقال الله لآدم وزوجته حواء اسكنا الجنة وتمتعا بكل ما فيها من ثمرات إلا شجرة واحدة
ولكن بدأ الشيطان غدره وحسده ووسوس لهما ليحرمهما من النعيم الذى طرد منه
فقال لهما : إن ربكما منعكما من الأكل من هذه الشجرة حتى لا تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين
وأقسم لهما بالله أنه ينصحهما لمصلحتهما
وللأسف خدعهم بالقسم بالله
الآيات 22 ، 23
( فدلاهما بغرور ، فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين )
ولكن الشيطان مازال يغريهما حتى ذاقا من الشجرة
فظهرت لهما سوآتهما التى كان الله أخفاها استحياء لهما
فظلا يخطفان من ورق الشجر فى الجنة ويغطيان سوآتهما كهيئة الثوب ويجريان حياء
فنادى عليهما الله وقال لهما : ألم أقل لكما لا تأكلان من هذه الشجرة ؟
ألم أحذركما من عدوكما الشيطان ؟
ألم أقل لكما إن الشيطان لكما عدو واضح حقده وعداءه لكما ؟
فقالا ربنا اغفر لنا فقد ظلمنا أنفسنا
ولو لم تغفر لنا سنكون من الخاسرين المعذبين وانت خير الراحمين
__________________________________________________ __________
الآيات 24 ـ 25
( قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ، ولكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون )
فغفر الله لهما ومنحهما الفرصة للإختبار
وأراد الله أن يعمروا الأرض
فقال لهم اهبطوا إلى الأرض جميعا آدم وحواء وإبليس والحية التى تسللت للدخول إلى الجنة ليوسوس الشيطان لآدم وحواء
فأنتم جميعا أعداء الإنس والشياطين ولكم زمن تعيشون على الأرض ثم تموتون بأقداركم ثم تخرجون منها ليلقى كل منكم جزاء عمله
الآية 26
( يا بنى آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يوارى سوآتكم وريشا ، ولباس التقوى ذلك خير ، ذلك من آيات الله لعلهم يذكرون )
ويمن الله على بنى آدم بأن أنزل عليهم اللباس الذى يخفى ويستر العورات
والريش وهو زخرف الملابس التى يتزين بها
ويؤكد أن أفضل من ذلك كله هو لباس التقوى والإيمان وخشية الله الذى يتحلى به المؤمن فيعقبه لباس يلبسه المتقون يوم القيامة
الآية 27
( يا بنى آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ، إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ، إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون )
ويعيد الله التحذير ثانية لبنى آدم ليذكرهم بعداء إبليس لآدم من قبل وسعيه لإخراجه هو وحواء من الجنة التى هى دار النعيم إلى الدنيا على الأرض التى هى دار التعب والعناء وكشف العورات التى كانت مستورة فى الجنة
ويقول الله أن إبليس وذريته وأعوانه يرون الناس ولكن الناس لا يرونهم
وهكذا جعل الله الشياطين والكافرين أولياء بعضهم لبعض وبئس الولى الشيطان
الآية 28
( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ، قل إن الله لا يأمر بالفحشاء ، أتقولون على الله ما لا تعلمون )
كانت العرب لا يطوفون بالبيت فى ثيابهم التى لبسوها ويقولون لا نطوف فى ثياب عصينا الله فيها
أما قريش ويسمون الحُمس يطوفون فى ثيابهم
ومن سلفه من العرب ثوبا من الحمس يطوف فيه
ومن معه ثوب جديد يطوف فيه ثم يرميه فلا يأخذه أحد
ومن لا يجد ثوبا جديدا ولا ثوب أحمسى فإنه يطوف عريانا
ولو كانت إمرأة فهى تطوف عارية ليلا
وهذا شئ ابتدعوه هم واتبعوا آباءهم
فأنكر الله عليهم ذلك وأنزل الآية
قل لهم يا محمد إنكم تتقولون ذلك على الله ، إن الله لا يأمر بالفواحش فكيف تتقولون على الله ما لا تعلمون ؟
الآيات 29 ، 30
( قل أمر ربى بالقسط ، وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين ، كما بدأكم تعودون * فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ، إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون )
قل لهم إن الله يأمر بالعدل والإستقامة
يأمركم الله أن تتبعوا ما جاء به المرسلين من الشرائع والإخلاص فى عبادته بما يوافق الشرع
إن الله بدأ خلق بنى آدم من مؤمنين وكافرين
فالكافرين اتخذوا من الشيطان وليا وأطاعوه بدلا من طاعة الله تعالى وظنوا أنهم هم المهتدون
__________________________________________________ __________
الآية 31
( يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، إنه لا يحب المسرفين )
يستحب أن تتجملوا عند الصلاة ( الجمعة والعيدين وتستخدموا السواك والملابس البيضاء ) وأحل لكم أن تأكلوا وتشربوا مما تحبون ولكن بدون إسراف ولا مخيلة
فالله لا يحب المغالين فيما أحل وشرع
الآية 32
( قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ، كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون )
كانت العرب تحرم بعض الطعام وتحل آخر
قل لهم يا محمد كيف يحرم الكفار بعض المآكل والمشارب من تلقاء أنفسهم
هذه الأطعمة أحلها الله لمن آمن بالله وعبده مخلصا له الدين وهى يوم القيامة لهم خاصة بهم من دون الكفار فالجنة محرمة على الكافرين
الآية 33
( قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )
إن الله يحرم الفواحش الظاهرة والخفية
ويحرم الإثم وهى الخطايا المتعلقة بالفاعل نفسه
والبغى وهى الخطايا التى تتعدى إلى غير الفاعل من الناس
فقد حرم الله هذا وذاك
كما حرم أن يشرك به فى العبادة
وأن تفتروا على الله وتدعون ما لم يأمر به
الآيات 34 ـ 36
( ولكل أمة أجل ، فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ، ولا يستقدمون * يابنى آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتى فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار ، هم فيها خالدون )
ولكل جيل وقت مقدر لهم
فعندما ينتهى هذا الوقت لا يتغير حتمهم وينتهون فلا يقدم ولا يؤخر عنه شئ
يا أيها الناس سيبعث لكم رسل يقصون عليكم آيات الله ويبشرونكم ويحذرونكم
فمن اتبع هدى الله وأطاعه فقد فاز
ومن كذب وكفر واستكبر وعصى فليس له إلا عذاب الجحيم خالدا فيه
الآية 37
( فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته ، أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب ، حتى إذا جاءتهم رسلنا يتوفونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون الله قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين )
لا أحد أكثر ظلما من الذين كفروا بالله وكذبوا عليه وكذبوا بآياته
هؤلاء قد كتب لهم نصيبهم من العمل والرزق والعمر فإذا انقضى أجلهم جاءت الملائكة لينتزعوا أرواحهم أفزعوهم وضربوا ظهورهم وقالوا أين الذين كنتم تدعون من دون الله لينقذوكم من العذاب
قال الكفار لقد ذهبوا عنا فلا نريد منهم نفعا ولا شرا
وبذلك يشهد الكفار على أنفسهم بالكفر والفسق واعترفوا بذنبهم
الآيات 38 ـ 39
( قال ادخلوا فى أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس فى النار ، كلما دخلت أمة لعنت أختها ، حتى إذا ادّاركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار ، قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون * وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون )
يقول سبحانه للمشركين كونوا مع الأمم الذين سبقوكم من أشكالكم ومثلكم من الجن الكافر والإنس الكافرون يوم القيامة تكونون معا جميعا
وكلما ألقيت أمة فى النار فهى تلعن الأخرى حتى يجتمعوا فيها جميعا تقول آخرهم دخولا وهم الأتباع لأولاهم وهم المتبعون وأشد جرما يشكونهم لله فيقولون : ربنا هؤلاء هم الذين أضلونا فضاعف لهم العقوبة والعذاب
فيقال لهم قد حدث وجوزى كل حسب عمله
وتقول المتبعون لمن اتبعوهم لستم بأفضل منا فتعذبوا بما فعلتم
وهكذا تلعن كلا منهما الأخرى وهذا حال أهل النار كما أخبر عنهم الرحمن
__________________________________________________ __________
الآيات 40 ـ 41
( إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتحُ لهم أبوابُ السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلجَ الجملُ فى سمِ الخياط ، وكذلك نجزى المجرمين * لهم من جهنمَ مهادٌ ومن فوقهم غواشٍ ، وكذلك نجزى الظالمين )
هؤلاء المجرمين المكذبين بالله وبآياته وبرسوله واستكبروا لا يرفع لهم عمل صالح ولا يقبل لهم دعاء
ولو أن الجمل كان يستطيع أن يمر من ثقب إبرة الخياطة لكانوا استطاعوا أن يدخلوا الجنة
( وهذا معناه أنهم مستحيل لهم أن يدخلوا الجنة )
وهذا عقاب كل مجرم
لهم فرش من النار فى جهنم ( مهاد ) وعليهم ألحفة ( غواش ) وغطاء من نار فإنهم كانوا مجرمين .
الآيات 42 ـ 43
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لا نكلف نفسا إلا وسعها أولئك أصحاب الجنة ، هم فيها خالدون * ونزعنا ما فى صدورهم من غل تجرى من تحتهم الأنهار ، وقالوا الحمد لله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق ، ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون )
أما المؤمنون الذين أحسنوا أعمالهم وأخلصوها لله وهذه كلها أعمال فى وسع المؤمن أن يؤديها فلا تكليف فوق طاقة الإنسان ولهم جزاء الجنة خالدين فى خيرها ونعيمها
وفيها ينزع الله ما فى النفوس من أحقاد فلا حسد ولا كراهية وإنما هم فيها إخوان متحابين ويقال لهم هذا جزاؤكم نتيجة أعمالكم الصالحة
ويحمدون الله ويشكرونه على أن هداهم للإيمان وأنه بما أرسل الله من رسل ليهديهم طريق الرشاد.
الآية 44 ـ45
( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، قالوا نعم ، فأذّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون )
ويخاطب أهل الجنة أهل النار فيقولون لقد وجدنا ما وعدنا به الله فى الجنة
فماذا عنكم هل وجدتم ما حذركم منه الله فى النار فيقولون نعم
وذلك لتوبيخهم وتأنيبهم
وينادى مناد أن على أهل النار اللعنة والخروج من رحمة الله لأنهم كانوا ظالمين
فقد كفروا بالآخرة وصدوا الناس عن طاعة الله ورسوله واتباع الشرع وكان طريقهم عوج عن الطريق المستقيم
الآيات 46 ـ 47
( وبينهما حجاب ، وعلى الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم ، ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ، لم يدخلوها وهم يطمعون * وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين )
بين الجنة والنار سور يحجب كلاهما عن الآخر
الأعراف جمع عرف وهو المنطقة المرتفعه
والأعراف هنا تل بين الجنة والنار يحبس عليه أناس لهم ذنوب استوت حسناتهم بمقدار سيئاتهم
( يعرفون كلا بسيماهم ) : يعرفهم أهل الجنة بما عملوا من حسنات ويعرفهم أهل النار بما عملوا من سيئات
وهم على التل يلقون السلام على أهل الجنة وياللحسرة لم يدخلوا الجنة التى كانوا يطمعون أن يدخلوها
وينظروا إلى النار وأهلها يعرفونهم ويقولون يا الله لا تجعلنا معهم
الآيات 48 ، 49
( ونادى أصحاب الأعراف رجالا يعرفونهم بسيماهم قالوا مآ أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون * أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ، ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون )
ويعرف رجال الأعراف بعض رؤس الكفر فى النار بعلامات على وجوههم فينا دونهم ويقولون هكذا لم ينقذكم جمعكم وقوتكم واستكباركم من عذاب الله
ثم يقول الله سبحانه هؤلاء الذين أقسمتم أيها الكفار أن لا يصيبهم رحمة من الله قد منّ الله عليهم وقال لهم ادخلوا الجنة برحمة منه وفضل ولا تحزنوا ولا تخافوا
ويدخل الله أهل الأعراف الجنة
__________________________________________________ __________
الآيات 50 ـ 51
( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين * الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا ، فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون )
وهكذا يصبح أهل النار فى ذلة يسألون أهل الجنة الماء والمأكل والمشرب فلا يستجيبون لهم
أعطونا من الماء والمأكل فيقال لهم إن الله حرمهم عليكم فقد كفرتم به وبنعمه
فقد اعتززتم بالرزق فى الدنيا وطغيتم وكذبتم وكانت الدنيا لكم زخرفا ونسيتم لقاء ربكم فى يومكم هذا
واليوم تنسون كما فعلتم فى الدنيا والجزاء من جنس العمل تتركون فى النار كما تركتم لقاء الله
الآيات 52 ـ 53
( ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون * هل ينظرون إلا تأويله ، يوم يأتى تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا أو نرد فنعمل غير الذى كنا نعمل ، قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون )
يقول تعالى :
هذا كتاب الله القرآن مفصلواضح جاء به رسول الحق وعلمنا ما فصلنا به ، فماذا ينتظرون ؟ هل ينتظرون ما وعدوا به من العذاب والعقاب والجنة والنار ( تأويله )
فإذا جاء تأويله الذى هو يوم القيامة يقول الذين تناسوه وهم فى الدنيا لقد صدق الآن المرسلون فهل من شفعاء يشفعوا لنا ؟
أو أننا نعود إلى الدنيا ونعمل صالحا ولا نفعل ما فعلنا من قبل
لقد خسروا أنفسهم وحكم عليهم بالنار مخلدين
وذهب عنهم ما كانوا يعبدون من دون الله فلا ناصر ولا شفيع .
الآية 54
( إن ربكم الله الذى خلق السموات والأرض فى ستة أيام ثم استوى على العرش يغشى الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ، ألا له الخلق والأمر ، تبارك الله رب العالمين )
يخبر الله الخلق عن نفسه جل وعلا : هو الله خالق السموات والأرض وما بينهما فى ستة أيام ( الأحد والأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة ) والجمعة اجتمع فيه الخلق كله وخلق آدم
أما يوم السبت لم يتم فيه خلق وسمى سبت لأنه انقطع فيه عملية الخلق ولم يتم فيه شئ وهو اليوم السابع
ثم بعد ذلك استوى الله على عرشه ولا نعرف كيفية الإستواء ولا يمكن تشبيهه
يعلوا ظلام الليل ضياء النهار والعكس ويحدث ذلك بسرعة ومداومة ( حثيثا )
والشمس والقمر والنجوم تسبح فى فلك بأمر الله وتسخيره
والله هو المتصرف المالك لكل هذا
فتبارك الله الذى له الملك وحده .
الآيات 55 ، 56
( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ، إنه لا يحب المعتدين * ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا ، إن رحمت الله قريب من المحسنين )
وبعد أن عرفنا عن نفسه سبحانه وعن قدرته وعظمته يفتح لنا باب الطلب ويدعونا لدعائه فى السر والعلانية وتذللا واستكانة ( تضرعا وخفية ) بشرط عدم الإعتداء فى الدعاء وعدم المراآه بالجهر فى الدعاء فالله لا يحب ذلك
ولا تفسدوا فى الأرض
ويأمر بالعبادة تذللا وطمعا والطاعة خوفا من عقابه وطمعا فى جزاءه
فمن أحسن عمله سيجد رحمة الله به واسعة
الآيات 57 ـ 58
( وهو الذى يرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته ، حتى إذا أقلّت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات ، كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون * والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه ، والذى خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون )
ويستمر تعريف الله لنا بنفسه العظيمة ليبرهن على قدرته لنسلم له وندعوه وحده فيقول :
هو الذى يحمل الرياح من بلد لآخر التى تحمل ماء المطر الذى هو من رحمة الله بعباده ، حتى يكثر ما تحمله من ماء ينزله فى أرض تحتاجه تكون جافة مجدبة لا زرع ولاماء الشرب أو الرى ( ميت ) فينزل ما بالسحاب من ماء وينبت الزرع من كل الثمرات والأنواع وتمتلئ العيون والآبار بالماء وتحيا الأرض بعد موتها
وهذه هى نفسها طريقة إحياء الموتى من الإنس والجن
والأرض الطيبة تخرج منها نبات طيب حسنا بإذن الله
أما الأرض الخبيثة لا يخرج منها إلا الخبائث
وهذا مثل يضربه الله للمؤمن ( كالأرض الطيبة ) والكافر ( كالأرض الخبيثة )