عنوان الموضوع : تفسير سورة الأنعام في الاسلام
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

تفسير سورة الأنعام



تفسير سورة الأنعام

بسم الله الرحمن الرحيم

الأيات 1 ـ 3

( الحمد لله الذى خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ، ثم الذين كفروا بربهم يعدلون * هو الذى خلقكم من طين ثم قضى أجلا ، وأجل مسمى عنده ، ثم أنتم تمترون * وهو الله فى السموات وفى الأرض ، يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون )
يحمد ويمدح سبحانه وتعالى نفسه على أنه خلق السموات والأرض وخلق الظلمات والنور نفعا لعباده فى الليل والنهار ، ومع كل ذلك فإن الكافرين جعلوا له الأنداد وساووا بينه وبين شركائهم الذين لم يخلقوا شئ .

ثم يوضح للناس أنه سبحانه خلقهم من الطين وقضى لهم أن يعيشوا فى الحياة الدنيا إلى وقت محدود لتكون الآخرة ، وهى معلومة ومحددة عنده بأجل يعلمه هو سبحانه وتعالى . ومع ذلك الناس يشكون فى أمر القيامة .

وسبحانه هو الخالق والرب فى السموات والأرض وله يرجع كل شئ ولا خالق غيره وهو يعلم ما يسر عباده وما يعلنون .
ويعلم ما يفعلون .

الآيات 4 ـ 6

( وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين * فقد كذبوا بالحق لما جآءهم ، فسوف يأتيهم أنبآؤا ما كانوا به يستهزئون * ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم فى الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجرى من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين )

وهؤلاء المشركين والكفار كلما جآتهم دلالة ومعجزة تدل على وحدانية الله وأن الرسول حق فهم يعرضون عنها ويتجاهلونها

ويهددهم بأنهم إذا كانوا يكذبون بالحق فسوف يأتيهم ما يكذبون به ويجدون أشد العذاب والتنكيل بما استهزؤا به

يقول تعالى أنه من قبل هؤلاء الطغاة كانت هناك قرونا على الضلال أهلكها الله وقد كانوا أشد ظلما وقوة وساروا فى البلاد يطلبون الأرزاق وطافوا فى البلاد أكثر مما طفتم أنتم ولكن لم يعجزوا الله فبعد أن أنعم عليهم الله بألوان الخيرات كفروا فأهلكهم ودمرهم

الآيات 7 ـ 11

( ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين * وقالوا لولا أنزل عليه ملك ، ولو أنزلنا ملكا لقضى الأمر ثم لا ينظرون * ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا عليهم ما يلبسون * ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون * قل سيروا فى الأرض ثم انظروا كيف كان عاقبة المكذبين )

وهؤلاء الكافرين والمشركين معاندين فلو أنزل الله على رسوله كتابا من السماء ولمسته أيديهم فإنهم يصروا على العناد والمكابرة ويقولون هذا من السحر
ويقولون لو كان ينزل معه ملك لينذر الناس معه
ولو أنزل عليهم الله ملكا من السماء وهم يصرون على عنادهم لدمرهم الله ولا يمهلهم

ولو بعث الله ملكا لكان له صورة البشر ليستطيع التفاهم معهم ويكون فى نفوسهم نفس الشك الذى يشكونه عند تكليف البشر لينذرونهم

ولقد استهزأ الكفار بالرسل من قبلك يا محمد وكانت عاقبتهم العذاب والهلاك بسبب سخريتهم .
قل لهم انظروا ما أحل بالقرون الأولى لما كذبوا الرسل وطغوا فما كان لهم غير العقوبة والدمار بسبب تكذيبهم .


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


الآيات 12 ـ 16

( قل لمن ما فى السموات والأرض ، قل لله ، كتب على نفسه الرحمة ، ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ، الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون * وله ما سكن فى الليل والنهار ، وهو السميع العليم * قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السموات والأرض وهو يطعم ولا يُطعم ، قل إنى أمرت أن أكون أول من أسلم ، ولا تكونن من المشركين * قل إنى أخاف إن عصيت ربى عذاب يوم عظيم * من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه ، وذلك الفوز المبين )

الله مالك السموات والأرض وما فيهما
وفرض الله على نفسه الرحمة بعباده
وأقسم أن يجمع الإنس والجن يوم القيامة الذى لا شك فيه
والخاسرون يوم القيامة هم الذين لا يصدقون بيوم القيامة به

وكل دابة فى السموات أو فى الأرض توجد ليلا أو نهارا فهى تحت قهره وتصرفه
وهو سبحانه سميع لأقوال عباده عليم بحركاتهم وسكناتهم .

قل لهم يا محمد : لا أتخذ نصيرا إلا الله لا شريك له
فهو خالق السموات والأرض ، وهو الرزاق لعباده ولا يحتاج لهم
قل لهم أمرنى الله بعبادته وحده وأن أكون أول من أسلم من هذه الأمة ولا تشرك بالله شئ آخر
قل لهم إننى أخاف أن أعصى أوامر الله فيصيبنى عذاب يوم القيامة
فمن بعد عنه عذاب يوم القيامة فقد فاز فوزا عظيما .

الآيات 17 ـ 21

( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو ،وإن يمسسك بخير فهو على كل شئ قدير * وهو القاهر فوق عباده ، وهو الحكيم الخبير * قل أى شئ أكبر شهادة ، قل الله شهيد بينى وبينكم ، وأوحى إلىّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ ، أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى ، قل لا أشهد ، قل إنما هو إله واحد وإننى برئ مما تشركون * الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنآءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون * ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته ، إنه لا يفلح الظالمون )

الله يملك النفع والضرر وهو المتصرف فى عباده قادر على كل شئ
وهو الذى قهر كل شئ وتواضعت له الخلائق والأشياء وتضاءلت وهى تحت تصرفه
حكيم فى أوامره وأفعاله وأقواله ، وخبير بأماكن الأشياء وأحوال العباد

اسألهم عن أعظم الأشياء شهادة
قل لهم الله يشهد بينى وبينكم يعلم ما قلتم وما فعلتم
وقل لهم أن القرآن أوحى إليك لتنذرهم وتنذر كل من بلغه هذا القرآن
أيها المشركون إنكم تدعون أن هناك آلهة غير الله
فقل لهم لا أشهد بما تدعون ، فالله واحد لا شريك له وأتبرأ من قولكم

فاليهود والنصارى يعلمون فى كتبهم وشريعتهم ذلك جيدا كما يعرفون أبناءهم فقد بشروا بقدوم محمد
إنما الذين ينكرون ذلك فقد خسروا أنفسهم وعرضوها لعذاب الله يوم القيامة
فليس هناك ظلما أكثر من أن يكذبون على الله وادعى أن الله أرسله ويكذب بآيات الله
فلا يفلح مكذب أو مفترى على الله .

الآيات 22 ـ 26

( ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون * ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين * انظر كيف كذبوا على أنفسهم ، وضل عنهم ما كانوا يفترون * ومنهم من يستمع إليك ، وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفى آذانهم وقرا ، وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ، حتى إذا جاؤك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين * وهم ينهون عنه وينئون عنه ، وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون )

ويوم القيامة نجمع الناس كلهم للمحاسبة ونسخر من المشركين ونسألهم أين ما عبدتم من دون الله ليرفعوا عنكم العذاب اليوم

وعند فتنتنا إياهم عما أشركوا ينكرون ما فعلوا من شرك ويقولون الله ربنا ولم نشرك به شيئا
انظر يا محمد كيف كذبوا على أنفسهم وخدعوا أنفسهم لما رأوا العذاب ، وتركهم ما عبدوا فى العذاب

ومن المشركين من يسمعك ولكن قلبه مغلق عن الحق كأن فى أذنيه ما يحجب عنه السمع وعلى قلوبهم أقفال
ويجادلون فى كل دليل حق بالباطل عنادا وكبرا ويكفرون به
ثم يقولون هذه قصص القدامى ولم يعتبروا بها
وهم ينهون : وهم ينهون الناس عن اتباع الحق
وينئون عنه : ويبعدون الناس عن اتباع الحق
وبذلك الفعل فإنهم يهلكون أنفسهم بدون أن يشعروا .


__________________________________________________ __________

الآيات 27 ـ 30

( ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا ياليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين * بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ، ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون * وقالوا إن هى إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين * ولو ترى إذ وقفوا على ربهم ، قال أليس هذا بالحق ، قالوا بلى وربنا ، قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون )

وحين يقفون على النار ويرون ما فيها من سلاسل وأنواع العذاب يتمنون لو كانوا آمنوا ولم يكذبوا فى الدنيا

وظهر حينئذ ما كانوا يخفون من الكفر والعناد بالرغم من انكارهم
ولو أنهم عادوا للدار الدنيا سيعودون لكفرهم وكبرهم الذى نهيناهم عنه ويكذبون

قال الكفار إن الحياة الدنيا لا موعد ولا حياة بعدها ولا بعث

ولكنهم عندما يقفون بين يدى الله للمحاسبة يقول لهم أليس هذا ما كذبتم به فهو الآن حقا وليس بباطل
فيقولون : نعم يا ربنا
يقول لهم : فذوقوا اليوم وبال تكذيبكم .

الآيات 31 ـ 32

( قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله ، حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ، ألا ساء ما يزرون * وما الحياة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون ، أفلا تعقلون )

وخاب من كذب بيوم القيامة ولقاء الله وخسر نفسه يوم القيامة حيث تأت الساعة فجأة
ويتحسرون على ما فات من عملهم فى الدنيا وهم يحملون نتائج أفعالهم السيئة على ظهورهم ، وبئس ما حملوا
فالحياة الدنيا متاع ولعب ولهو زائل ، إنما الآخرة هى الأفضل والحياة الدائمة لمن اتقى
اعقلوا واتبعوا الحق .

الآيات 33 ـ 36

( قد نعلم إنه ليحزنك الذى يقولون ، فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى آتاهم نصرنا ، ولا مبدل لكلمات الله ، ولقد جاءك من نبأى المرسلين * وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلما فى السماء فتأتيهم بآية ، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى ، فلا تكونن من الجاهلين * إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون )

يسلى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فيقول له :
نحن نعلم مدى حزنك على أنهم يكذبون ، هم لا يكذبونك أنت لشخصك وإنما هم يجحدون بفضل الله ودلائله ونعمه عليهم

وهذا حال الكفار دائما فقد كذبوا من أرسلنا من رسل من قبلك وأذوهم
وصبر الرسل على الأذى حتى جاء نصرنا لهم وللمؤمنين الذين اتبعوهم
وهذا وعد الله لا يخلف وعده ولا يستطع أحد أن يغير قدره
وقد أخبرناك من خبر المرسلين فى القرآن

فإن استطعت أن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلما فى السماء فتأتيهم بآية : وإذا كان تكذيبهم لما جئت به كبيرا وصعبا عليك فافعل المستحيل لتأت بالدلائل لهم ولن تجدى معهم
لو أراد الله أن يجمعهم على الهدى وطريق الحق لفعل
فلا تكونن من الجاهلين : فلا تكن ممن لا يعلمون ، واصبر ولا تحزن .

إنما يهدى الله الذين يستمعون للحق ويستجيبون ولا يكابرون
فإنهم سيموتون ويرجعون إلى الله ويبعثهم من بعد موتهم ليحاسبهم .

الآيات 37 ـ 39
( وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه ، قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون * وما من دابة فى الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ، ما فرطنا فى الكتاب من شئ ، ثم إلى ربهم يحشرون * والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم فى الظلمات ، من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم )

وقال الكافرون : لو كان نزل على محمد دليل و معجزة من ربه ليصدقوه
قل لهم يا محمد إن الله قادر على أن ينزل معجزة عليكم ولكن هذا معناه أن إذا نزلت الآية ولم تؤمنوا لعجلت العقوبة لهم ولكن قضى الله أن يؤخر ذلك .

وقل لهم ليعلموا أن ملك الله عظيم ، فالطيور والدواب هى أمم مثل أمم البشر والجن ، ويرزق الله الجميع ويعلم ويحيط بالجميع ولم يفرط الله ولا ينسى أحد والجميع يجمع ويرجع إلى الله .

والكافرين فى جهلهم مثل الذى يعيش فى الظلام لا يسمع ولا يرى ولا يعقل
ومن أراد الله أن يضله عن الطريق المستقيم فهو كذلك ومن أراد أن يهديه فهو المهتدى بأمر من الله .


__________________________________________________ __________

الآيات 40 ـ 45

( قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين * بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون * ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون * فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شئ حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون * فقطع دابر القوم الذين ظلموا ، والحمد لله رب العالمين )

إذا جاءت القيامة ، أو أصابكم عذاب من الله فإنكم لا تدعون غير الله لعلمكم أنه وحده القادر على رفع العذاب عنكم ،
إن كنتم صادقين : فهل يصح لكم أن تتخذوا معه آلهة أخرى

إنكم تدعون الله وحده وتنسون أن تدعوا من أشركتم معه فى العبادة

وقد كان أمم من قبلكم أصبناهم بالفقر والجوع والمرض حتى يدعون الله وحده وتخشع قلوبهم لذكر الله ، ولكنهم قست قلوبهم ولا خشعت وزين لهم الشيطان العناد والكبر ، فلما أعرضوا عن الله فتحنا لهم أبواب الخير والرزق والأموال والأولاد حتى ظنوا أنهم لا يقدر عليهم أحد ، أهلكناهم حتى يئسوا من كل خير .

ودمر الله الذين ظلموا
والحمد لله على تدميره إياهم إذ هم مفسدون مخربون فى الأرض .

الآيات 46 ـ 49

( قل أرءيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به ، انظر كيف نصرف الآيات ثم هم يصدفون * قل أرءيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون * وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ، فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون )

قل يا محمد للمكذبين لو سلب الله ما أعطاكم من بصر وسمع وعقول ، فمن يمنحها لكم من بعده ؟
انظر كيف بعد كل هذا التوضيح ومع ذلك هم مصرون على العناد والمكابرة

قل لهم لو جاءكم عذاب الله فجأة أو ظاهرا فإن الهلاك يكون للظالمين وينجوا المؤمنين
وإنما نرسل الرسل لينذروا الكفار من العذاب ويبشروا المؤمنين بالثواب والجزاء
فمن يؤمن بالله فلا خوف عليه ومن يكفر فيعذب بما كان يعمل من ظلم وإفساد .

الآيات 50 ـ 54

( قل لآ أقول لكم عندى خزائن الله ولآ أعلم الغيب ولآ أقول لكم إنى ملك ، إن أتبع إلا ما يوحى إلىّ ، قل هل يستوى الأعمى والبصير ، أفلا تتفكرون * وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولىٌ ولا شفيع لعلهم يتقون * ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ، ما عليك من حسابهم من شئ وما من حسابك عليهم من شئ فتطردهم فتكون من الظالمين * وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا ، أليس الله بأعلم بالشاكرين * وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ، كتب ربكم على نفسه الرحمة ، أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم )

قل لهم يا محمد : أنا لم أقل لكم إنى ملك من السماء أو أملك الرزق ولا أعلم الغيب ، وإنما أنا بشر مثلكم يوحى إلىّ لأنذركم من عذاب الله وأبشر المؤمنين بالجنة
ولا تساوى بين من يبصر الحق فيتبعه ومن لا يبصر فهو على ضلال ومصيره إلى العذاب
تفكروا لتفرقوا بين الحق والباطل

أنذر بالقرآن يا محمد الذين يخافون الله ويخشون عذابه يوم أن يجمعهم الله للحساب ولا يكون من ينصرهم من عذاب الله ، ربما يتقون الله ويخشونه

ولا تبعد عنك الذين يخشون الله ويدعونه ليلا ونهارا رغبة مرضاته وخشية عذابه فليس عليك من محاسبتهم ولا عليهم محاسبتك ، ولو أبعدتهم عنك تكون ظالما .

ولقد اختبرنا الناس بعضهم ببعض ، فيقول البعض كيف هدى الله هؤلاء ولم يهدنا
قل لهم إن الله يعلم من يشكره ويتقيه فيهديه ويعلم الظالمين فيضلهم عن الحق .

يا محمد قل للمؤمنين قد اتخذ الله عهدا على نفسه أنه من يخطئ عن جهل ثم يتوب ويرجع إلى الله ويحسن عمله فإن الله يغفر له
فإن الله شديد المغفرة رحيم بمن تاب وآمن وعمل صالحا .


__________________________________________________ __________

الآيات 55 ـ 59

( وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين * قل إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله ، قل لآ اتبع أهواءكم ، قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين * قل إنى على بينة من ربى وكذبتم به ، ما عندى ما تستعجلون به ، إن الحكم إلا لله ، يقص الحق ، وهو خير الفاصلين * قل لو أن عندى ما تستعجلون به لقضى الأمر بينى وبينكم ، والله أعلم بالظالمين * وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ، ويعلم ما فى البر والبحر ، وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة فى ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا فى كتاب مبين )

وهكذا نوضح للناس الدلائل ليظهر طريق المجرمين المخالفين للرسل
قل لهم يا محمد قد نهانى الله عن عبادة ما تعبدون من غير الله ، ولا أن اتبع أهواءكم ولو فعلت ذلك أكون من الضالين .

قل لهم أنا على طريق واضح من الله وليس عندى ما تستعجلون من العذاب ، وإنما يرجع ذلك كله إلى الله إن شاء عذبكم وإن شاء أجلكم لأجل يعلمه والله يقضى بينى وبينكم فهو أحسن الحاكمين .

قل لهم لو كان ما تستعجلون من عذاب بيدى لوقع بكم ما تستحقونه ولكن الله أعلم بمن ظلم
والله يعلم الغيب ( من علم الساعة وإنزال الغيث وما فى الأرحام وبأى أرض تموت النفس وماذا تكسب غدا كل نفس ) ، ويعلم الله ما فى البر وما فى البحر من أحياء وجمادات ويعلم ما يسقط من ورق النبات ويعلم كل حبة صغيرة أو كبيرة فى الظلام أو النور ويعلم كل شئ جامد أو رطب ويعلم الحركات والسكنات ، وكل ذلك عنده فى كتاب .

الآيات 60 ـ 62

( وهو الذى يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ، ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون * وهو القاهر فوق عباده ، ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون * ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ، ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين )

والله هو الذى يتوفاكم الموت الأصغر فى الليل ، ويعلم ما عملتم بالنهار ويبعثكم فى النهار حتى ينتهى أجل كل فرد من الناس ، ثم يرجعون بالموت الأكبر إلى الله ليخبركم بما عملتم

والله الذى قهر كل شئ وخضع لعظمته وكبريائه كل شئ
يرسل الملائكة ليحفظوا الإنسان من كل سوء ويحصون عليه عمله
حتى إذا جاء أجله تقبض روحه الملائكة الموكلون بذلك وهم لا يفرطون فى روحه ويحفظونها وينزلونها حيث أمر الله
وأرواح المؤمنين فى الجنات وأرواح الفجار فى الجحيم

ثم ترد الخلائق إلى الله ليحاسبهم على أعمالهم ، والله أسرع المحاسبين بعدله .

الآيات 63 ـ 65

( قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين * قل الله ينجيكم منها ومن كل كرب ثم أنتم تشركون * قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض انظر كيف نصرف الآيات لعلهم يفقهون )

قل لهم يا محمد إنكم إذا تعرضتم لبلاء فى البر أو فى البحر فإنكم تلجأون إلى الله سرا وعلانية وتقولون لو انجيتنا من هذا البلاء سنشكرك ونطيعك
قل لهم الله ينجيكم منها وينجيكم من كل شر ولكنكم تعودون للشرك فى عبادته آلهة أخرى .
قل لهم الله قادر على أن يحيط بكم العذاب من كل جانب وأن يجعلكم تقتلون بعضكم بعضا ويذيق بعضكم بأس بعض أو يجعلكم أحزابا مختلفين أو يلبسكم شيعا

انظر كيف نوضح لهم ونبين الآيات لعلهم يتدبرون ويفهمون .

الآيات 66 ـ 69

( وكذب به قومك وهو الحق ، قل لست عليكم بوكيل * لكل نبأ مستقر ، وسوف تعلمون * وإذا رأيت الذين يخوضون فى آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا فى حديث غيره ، وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين * وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون )

لقد كذب قومك يا محمد بالقرآن بالرغم من أنه حق وما يأت به حق
قل لهم أنك ليس بوكيل على وحفيظ وإنما عليك البلاغ

ولكل خبر وقوع ولو بعد حين وسوف تعلمون ذلك فى حينه

وإذا رأيت الذين يستهزئون ويكذبون بالقرآن فاتركهم وأعرض عنهم حتى يغيروا الحديث فى أمر آخر
وإذا أنساك الشيطان فلا تقعد بعد أن تتذكر مع هؤلاء الظالمين .
والذين يتقون الله إذا تجنبوا الظالمين وتركوا مجلسهم فليس عليهم من حساب وهم بريئون منهم ، وهذه تذكرة لمن اتقى .


__________________________________________________ __________

الآية 70

( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت ليس لها من دون الله ولى ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها ، أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا ، لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون )

ودعك يا محمد من الذين هزئوا من دينهم وغرتهم الدنيا بزخارفها فهم صائرون إلى العذاب

وذكر الناس بالقرآن حتى تؤاخذ تبسل كل نفس بما عملت كسبت .
وليس لنفس شفيع ولا نصير من عذاب الله ولو بذلت كل مبذول لتعفى من المحاسبة فلا يمنعها من عذاب الله شئ.
هؤلاء الذين يؤاخذون بما عملوا من شر وظلم ليس لهم شراب فى الجحيم إلا من الزيت الحار والعذاب المؤلم بسبب تكذيبهم وكفرهم .

الآيات 71 ـ 73

( قل أندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذى استهوته الشياطين فى الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلى الهدى ائتنا ، قل إن هدى الله هو الهدى ، وأمرنا لنسلم لرب العالمين * وأن أقيموا الصلاة واتقوه ، وهو الذى إليه تحشرون * وهو الذى خلق السموات والأرض بالحق ، ويوم يقول كن فيكون ، قوله الحق ، وله الملك يوم ينفخ فى الصور عالم الغيب والشهادة ، وهو الحكيم الخبير )

قال المشركون للمسلمين اتبعونا خير لكم فأنزل الله الآية:

قل لهم يا محمد كيف نتبع وندعوا من هم غير الله الذين لا ينفعوننا ولا يضروننا ونعود للكفر بعد أن هدانا الله لنعمة الإيمان وطريق الهداية ، فيكون مثلنا كمثل الذى خرج مع قوم على الطريق فضل وحيرته الشياطين واستهوته فى الأرض وأصحابه على الطريق وجعلوا يدعونه ليأت إليهم وهو يأبى أن يأتيهم
قل لهم إن الهداية بيد الله وربنا أمرنا أن نسلم له ونتبع طريقه المستقيم .

وأقيموا الصلاة فى مواقيتها وهذه رمز لكل طاعة لله كما أمر واتقوا الله فى أقوالكم وأفعالكم لأنكم ستجمعون بين يديه ليحاسبكم .

والله هو الذى خلق السموات والأرض بالعدل يدبر أمرهما وأمور من فيهن وإذا قال لشئ كن فيكون وقوله حق وعدل
له الملك فى السموات والأرض ويوم القيامة حيث ينفخ فى البوق ليجمع الخلق ويحاسبهم
يعلم الغيب ويعلم الجهر
وهو حكيم فى أفعاله وأقواله خبير بكل شئ صغيرا أو كبيرا سرا أو علانية خفى أو مشهود .

الآيات 74 ـ 79

( وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة ، إنى أراك وقومك فى ضلال مبين * وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جنّ عليه الليل رءا كوكبا ، قال هذا ربى ، فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رءا القمر بازغا قال هذا ربى ، فلما أفل قال لئن لم يهدنى ربى لأكونن من القوم الضالين * فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربى هذا أكبر ، فلما أفلت قال يا قوم إنى برئ مما تشركون * إنى وجهت وجهى للذى فطر السموات والأرض حنيفا ، وما أنا من المشركين )

هذا إبراهيم الذى وعظ أباه لينتهى عن عبادة الأصنام فلم ينتهى

قال إبراهيم كيف تتخذ من التماثيل التى صنعتم بأيديكم آلهة ، إنى أرى يا أبت أنك وقومك ضالين الطريق الصحيح

وهكذا نوضح لإبراهيم الدلالة على وحدانية الله فى خلق الكون ليكون من الموقنين بوحدانية الله فنريه آيات الكون .

فعندما دخل عليه الليل بظلمته شاهد نجما ، فقال ربما يكون هذا هو الله ، وعندما غاب وذهب النجم قال لا فلا يكون الله من الغائبين
وبعد فترة ظهر القمر فقال إبراهيم ربما يكون هذا هو الله ، فلما غاب القمر قال لا يصح أن يكون وقد غاب فإذا لم يهدينى الله إليه أكون ضالا مثل القوم الذين كان منهم من يعبد الشمس والكواكب .

ثم ظهرت الشمس وأنارت الأرض فقال هذا نجم كبير ربما يكون هو الله ولكن غابت الشمس وغربت فقال إبراهيم لا هذا ولا ذاك
إنما الله الذى خلقهن جميعا
إشهد أننى توجهت للإيمان بالله خالق كل شئ ولا يراه أحد منحرفا عن الشرك ومتجها إلى طريق الله خالق السموات والأرض وما فيهن لا شريك له .

الآيات 80 ـ 83

( وحاجه قومه ، قال أتحاجونى فى الله وقد هدان ، ولآ أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربى شيئا ، وسع ربى كل شئ علما ، أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا ، فأى الفريقين أحق بالأمن ، إن كنتم تعلمون * الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون * وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه ، نرفع درجات من نشاء ، إن ربك حكيم عليم )
وجادله قومه فى التوحيد لله فقال لهم :
كيف تحاجونى وتجادلوننى وقد علمنى الله أنه لا إله إلا هو وهدانى الطريق

وأنا لا أخشى أصنامكم التى لا تنفع ولا تضر وإنما الله الذى يضر وينفع
وقد أحاط الله بعلم كل شئ ، ألا تنتهون عن عبادة هذه الأصنام

كيف لى أن أخاف هذه الأصنام التى أشركتم بها العبادة لله وأنتم لا تخشون الله الذى خلقكم وأشركتم به هذه التى خلقها وخلقكم ؟ ولم يذكر الله عليها دليل فأيهما أحق بالأمن من عذاب الله يوم القيامة؟

إن الذين أخلصوا العبادة لله وحده ولم يشركوا فى عبادته شيئا ولم يخلطوا عملهم بظلم وشرك هم الآمنون يوم القيامة وهم الذين هدى الله .

وهذه حجة الله التى علم إبراهيم ليحاج بها قومه وهى : وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا ، فأى الفريقين أحق بالأمن ، إن كنتم تعلمون
والله يرفع من أراد درجات
فالله حكيم فى أفعاله وأقواله ويعلم من يستحق الرفعة والهداية .