انوثتي او حريتي???
اول مشكلة تواجه الانثى في عالمنا العربي هي انوثتها نفسها.......
تلك الصفة التشريحية, التي تنتزع ممنها عشرات الحقوق الادمية وتمنحها للذكر في افراط ليس له ما يبرره.
صحيح انه هناك اختلافات جوهرية بين الذكر و الانثى, في الحقوق والواجبات الا انهما يتساويان حتما في الحقوق والمشاعر الادمية.
فالذكر يتالم.... وكذلك الانثى..... وهو يشعر ويفكر ويفرح ويحزن وينسجم ويضيق........ والانثى كذلك لها نفس المشاعر....
ثم انه يحب....... وهنا يتوقف فكرنا لسبب مجهول.
اننا نعترف تماما بحق الولد في ان يحب وفي ان تكون له فتاة احلام, يتحدث عنها ويهيم بها ويضع صورتها في اطار ذهبي انيق, الى جوار فراشه.... بل وربما تشعر امه بالفخر والسعادة وهي تروي هذا الامر, او تهمس به في اذان صديقاتها وقريباتها, وتعتبر ان هذا دليل على رجولته ونضجه. ونمو مشاعره واحاسيسه......
لكن اياك ان تشير ابنتها مجرد اشارة الى الحب,.... الويل كل الويل لها, لو تتحدث عنه, او وصفت ملامح فتى احلامها, حتى ولو لم يكن لهذه الملامح وجود في عالم الواقع ..........انها تتلقى عنذئذ سيلا من النصائح والتحذيرات والتوبيخ والتانيب, وكانما ارتكبت ذنبا لا يغتفر لمجرد انها تمتلك نفس المشاعر, التي يمتلكها شقيقها........
ولان الام و الاب يخشيان ان تتفتح عينا ابنتهما للمشاعر, او تتفتح زهرة قلبها للحب, فهما يحيطانها بسياج من الاسوار الشائكة, ويسعيان في استماتة لانتزاع كل معالم الانوثة من اعماقها.
لا تقفي طويلا امام المراة..... لا طلاء شفاه.... لا طلاء اظافر.... لا تهتمي بانوثتك, والا اعتبرنا هذا دليلا على وجود اهتمامات اخرى في حياتك من خلف الستار.
ولان مشاعر الانثى رقيقة وحساسة بالفطرة.... ولان المجتمع يقهر ويحارب هذه المشاعر في اعماقها فهي تستمع الى كل النصائح في صمت....... او تبدي اعتراضات واهية او.............
او تقاوم...........
والمقاومة هنا تتخذ عدة صور....فاما ان تثور على هذه النصائح وترفضها بصورة علنية واضحة فتكون بداية حرب بلا هوادة بينها وبين والديها اللذين يتصوران ان هذا الرفض دليل على ارتباطها بشخص ما, او على رغبتها في هذا على اقل تقدير, فيضاعفان من صرامتهما وشدتهما ويسعيان لقهر مشاعر الانوثة في اعماق ابنتهما اكتر واكتر وكان هذه الوسيلة الوحيدة للحفاظ عليها, وانقاذها من السقوط في هوة الفساد والانحلال والضياع......
او تلجا الى اسلوب الخداع وتجاوز المشكلات....... وهذه وسيلة اخرى من وسائل المقاومة..... انها تتظاهر بالخضوع لكل النصائح والاوامر وتتوقف عن استخدام كل الاشياء التي تزعجهما من مكياج ملابس.... حتى تغادر المنزل على الاقل ويتحول الامر الى نوع من الحرب الباردة الخفية والى مباراة في الذكاء والمناورة والخداع..... وربما يرتاحان الوالدان لهذا المسلك ويتوقفان عن ملاحقة ابنتهما ومحاصرتها بالشكوك..... وترتاح الابنة لتوقف القتال على كل الجبهات.
ولكنها في اعماقها تظل غاضبة من انوثتها........ ثائرة عليها...... وتتهمها بانها المسؤولة عن كل ما تعانيه.......... وكم تتمنا عنذئذ لو انها لم تخلق انثى وانها كانت ولدا مثل شقيقها........
والمشكلة الحقيقية التي اتحدث عنها, هي ان تتحول تلك الرغبة الى وسيلة جديدة من وسائل المقاومة.... ان تتقمص البنت شخصية الولد....
ان تتخلى عن مظاهر الانوثة التي كانت السبب في كل ماتواجه من مشكلات.... واول ماتنزعه من هذه المظاهر, هو التياب نفسها....انها ترفض ارتداء كل التياب الرقيقة, ذات الطابع الانثوي وتستبدل بها ثوبا من طراز (رجالي) سروال قميص وحذاء ضخم يفتقر الى اللمسات اللطيفة او الشاعرية....
ومن التياب تنتقل البنت الى اسلوب الحديث او التصرفات والمعاملات الاجتماعية وتتحول البنت الى صورة ممسوخة من الولد....
صورة تفتقر الى الرقة والنعومة والحنان, صورة فظة خشنة جافة والعجيب ان هذا يريح الابوين الى حد كبير ويجعلهما يمنحان البنت قدرا اضافيا من الحرية وكانما اطمانا الى انها لم تعد تملك من مشاعر الانوثة مايستحق الخوف, بل ويتحدثان عن هذا في مرح عجيب .....
تشير انت مثلا الى ان البنت قد ذهبت وحدها الى مكان مقفر نوعا ما فيبتسم الابوان ويقول احدهما في شئ من الزهو :"لا تخش عليها انها (رجل)"
ولست ادري حتى الان ما يسعدهما في هذا لقد تخلت ابنتهما عن واقعها وكتمت الانوثة في اعماقها وخسرت اجمل مشاعرها........ ولكن هذا لا يهم المهم انهما اصبحا يشعران بالارتياح وضاع منهما القلق او جزءا كبيرا منه على الاقل وهذا بالضبط ماتريده البنت وماسعت اليه.....
وجدت ان انوثتها تعوق حريتها فعقدت معهما صفقة بدت لها عادلة.....
خذوا انوثتي..... واعطوني حريتي.....
تخلت عن الانوثة تمنا لمزيد من الحريةالمؤسف انها حتى بعد ان تحصل على الهامش الاضافي من الحرية لن تشعر بالارتياح..... هذا لانها تكتم نداء طبيعيا في اعماقها.....
نداء الانوثة....
انها تتقمص دور الولد حتى يتركها اهلها وحالها ويتوقفون عن مطاردتها طوال الوقت ولكن هذا لايعني ان مشاعرها كانثى قد اصبحت مشاعر ولد.... انها بنت.....
بنت تشعر وتحب.....بنت لها فتى احلام بنت تتمنى ان ياتي يوم يوما من يعاملها كبنت من يربت بيد حانية على مشاعرها الدفينة..... من يرفع قناع الذكورة الزائف عن وجهها ويرى انوثتها الحقيقية.....
وهي من اجل هذا تتعذب....تحترق من اجل الدور الذي اجبرها المجتمع على لعبه والذي يتعارض تماما مع ماخلقه الله (سبحانه وتعالى) في اعماقها....ومع ماتفيض به مشاعرها الطبيعية........ ويبلغ هذا العذاب ذروته عندما تميل الى شخص سوي يضيق بما تحيط به نفسها من مظاهر الرجولة, كما ستضيق هي به حتما لو احاط نفسه بمظاهر الانوثة....!!!!!
لحظتها تتمنى لو القت بكل شئ خلفها وعادت انثى رقيقة بسيطة حتى تعلن لمن تحب انها ليست رجلا.... وانها انثى.... وتحب.....
باختصار انها تتعذب في كل الاحوال ومهما اتخذت من سبل ووسائل فقط لانها انثى.....
فالانسان -اي انسان- لا يمكن ان يصبح سويا طبيعيا, الا لو عاش كما خلق الله (سبحانه وتعالى) دون ان يقاوم طبيعته او يتقمص دورا يخالف دوره....
ولكن ماذا تفعل الانثى المسكينة?!
انها ستحمل في اعماقها دائما مشكلة....
او تتحول هي نفسها الى مشكلة....
مشكلة كبيرة صنعها الرجل.....
اتمنى اسمع رائيكم في هذا الموضوع يالغاليين ودمتم بود
اختكم سناء