عنوان الموضوع : وقفة قبل ضياع العمر..!!
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

وقفة قبل ضياع العمر..!!



فمن أين نبدأ ؟..

ونحن نريد أن نتكلم عن موضوع شائك بات واضحاً جلياً؛وباتت آثاره ظاهرة على الساحة؛وزادت معاناة الكثير بسبب هذا الداء العضال0
والموضوع قبل كل شيء يحتاج إلى قلب واع ، وأذن صاغية ، وفكر ناضج ، يدرك حجم هذه القضية التي نحن بصدد الحديث عنها ، ويتفكر في أسبابها ، ويستخلص من هذه الأسباب حلولاً مناسبة ، ليصل إلى المرفأ الآمن قبل ضياع العمر.
ولذلك فإنّا نريد أن نتكلم عن تلك الأشجار التي انحت ، وهاجمتها رياح الخريف فتساقطت أوراقها ويبست أغصانها؛وعن تلك الأزهار المتفتحة التي ذبلت وتساقطت ، وذهب شذى عطرها؛وبعضها الآخر الذي شارف على حافات الذبول ، فتحتاج إلى من يسقيها الماء من الينابيع الصافية، التي تعيد إليها النضارة بيد حانية مشفقة .
وحتى لايبدو الكلام غريباً، فإننا نتكلم عن أمر ملموس من واقع الحياة؛ وهو عن شابات مضت حياتهن ،وتقدم بهن العمر ، ولم يزلن بغير زواج، فأصبحن كالأشجار المنحنية، وكالزهور الذابلة.
وهذه القضية التي نريد الأسهاب فيها هي : "قضية العنوسة" أو "تأخير الزواج إلى سن كبيرة"؛ ونحاول الألمام بأكثر الأسباب شيوعاً، وأكثرها تأثيراً، لعلنا نصل إلى حل لكثير من المشاكل المعروضة وأسبابها الرئيسة؛وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"من استطاع منكم أن ينفع أخيه فلينفعه )

فلهذا أردت كتابة هذه الرسالة، نصحاً وإرشاداً، وتنبيهاً للغافلين، وتحذيراً من مغبة الأمر الذي تؤول إليه هذه المشكلة المستعصية، التي أخذ الكثيرون يساهمون في انتشارها، من حيث شعروا أو من حيث لا يشعرون، حتى ممن يظن فيهم أن الحلول عندهم.. ولكن للأسف ..

وكنا نستطب إذا مرضنـــــا
فصار هلاكنا بيــد الطبيــــب

وقبل أن أشرع وأسترسل في ذكر الأسباب المؤدية إلى تلك الفاجعة؛لا يفوتني أن أذكّرِ الأخوات اللاتي يعانين من هذه الآثار بأمر عظيم؛ومطلب مهم؛خصوصاً في مثل هذا الوضع ..

ألا وهو (الصبر)...

ولأن الصبر من أشق الأمور على النفس حين وقوع المصائب ،فقد أجزل الله جل وعلا المثوبة لمن تحلى به، حيث قال:"إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب[وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير،وليس لأحد إلا المؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراّ له،وإن أصابته ضرّاء صبر فكان خيراً له !

وأقول لمن ابتليت بهذا – أيضاً- : إياكِ أن تستطيلي زمان البلاء وتضجري مما حَلَّ بك فالحق :"أن الزمان لا يثبت على حال كما قال الله تعالى-:"وتلك الأيام نداولها بين الناس"؛فتارة فقر، وتارة غنى، وتارة عِزّ، وتارة ذُل؛فالسعيد من لازم أصلاً واحداً على كل حال، وهو تقوى الله عز وجل، فإنه إن استغنى زانته، وإن افتقر فتحت له أبواب الصبر، وإن عوفي تمت النعمة عليه،وإن ابتلي جملته، ولا يضره إن نزل به الزمان أو صعد، أو أعراه أو أشبعه أو أجاعه، لأن جميع الأشياء تزول وتتغير، والتقوى أصل السلامة:حارس لا ينام،يأخذ باليد عند العثرة،ويوافق عند الحدود :

فعليكِ ن ابتليت بهذا أن تصبري على البلاء، وتحتسبي مصيبتك عند الله:"إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) فمهما طال ليل البلاء فلا بد أن ينجلي، ولا بدَّ لرياح الخريف أن ترحل، ولا بد لغيوم الحزن أن تنقشع، وتظهر شمس الأمل .
ولرُبَّ نازلـة يضيق بها الفـتى
ذرعـاً وعند الله منـها المخـرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فُرِجَت وكـنت أظنها لا تُفـرج


وعلى باب الموضوع لا بدّ من كلمة، وهي:
أنه، عندما كثرت هذه المشكلة بشكل ملفت للنظر، كان من الواجب التصدي لهه، وتذكير الناس بالأمر الفطري الذي هو من قوام الحياة الهانئة، وهو الزواج، الذي فيه الأستقرار والطمأنينة، والحياة الآمنة من المخاوف،كما قال – سبحانه وتعالى –"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون !

فجعل الله المرأة مأوى للرجل؛ يأوي إليها بعد العناء والمشقة، وجعل بينهم الألفة والمحبة والرأفة، في ظل حياة شريفة هانئة؛وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة
فالزواج تلبية لنداء الفطرة التي جعلها الله في قلوب عبادة، وسبباً في الأستقرار العائلي، وترابط وثيق بين الزوج والزوجة ليعين أحدهما الآخر على تيسير سبل الراحة .
وهو موضوع حري أن يطرق وأن نذكَّر به لأهميته القصوى؛وأن نذكر بالأسباب التي تحول دون الوصول إلى هذه الغاية النبيلة؛ حتى تحذر وينتبه لها، وتبذل الخطوات التي تمنع من الوقوع في العواقب الوخيمة الناتجة عن تلك الأسباب . يتبع


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================



1) المثالية الحالمة..


والمثالية الحالمة التي نقصدها هي :
عدم الاقتصار على مهمّات الشيء وضرورياته، وعدم تنـزيله على واقع الحياة؛فتجد أن بعض النساء رسمت لها خطاً معيناً لا تريد أن تتجاوزه على أي حال، ووضعت شروطاً خاصة في ذهنها، وكيفية معينة للزوج الذي تحلم به؛لا ترضى أن تتنازل عن شيء منها؛فهي تريد أن تتحقق بالرجل الذي يتقدم لطلب الزواج منها كل صفات الكمال الحسنة بمقياسها.
وهذا يختلف من امرأة إلى أخرى فبعضهن تحلم بالمنصب المرموق؛والشهرة والمكانة العالية بين رجال المجتمع؛ وبعضهن تشترط الثقافة العالية ؛وبعضهن تشترط الوسامة.. أو غير ذلك؛ إلى آخر تلك الشروط التي لا نهاية لها؛مع أن بعضهن لا يحملن تلك الصفات التي يشترطنها أصلاً.
ومما يزيد الأمر سوءاً إذا كانت هذه المرأة من صاحبات المؤهلات السابقة؛ فإن هذا الأمر يؤدي بها إلى أنها لا تقبل من هو أدنى مستوى منها، بل ولعل بعضهن يخالجها الظن أنها مت دامت حققت مكانة عالية فإن لها حينئذ أن تختار الرجل المؤهل للفوز به وفي أي وقت شاءت؛فتستمر برفض الرجل تلو الآخر وتظن أن العدد سيزداد؛ فتستمر في موقفها أملاً أن يأتي الذي تريد ، أو ما تسميه بعضهن بـ (فارس الأحلام ) ، ولا تدري هذه المسكينة لعل فارس الأحلام يتعثر فرسه؛فتستيقظ من سباتها العميق وتصحو من حلمها الطويل ، فتصطدم بأرض الواقع ، فتجد أن قطار العمر قد فات،وبقيت هي محطة خاوية تسترجع الذكريات ، وتنتابها المخاوف من الغد المجهول.
تقول (س. ل) تحكي عن نفسها: قالوا إنني عبقرية، فمنذ طفولتي اكتشف أساتذتي نبوغي، وبكل الاهتمام أحاطوني، ومثلهم فعل أهلي، أطربتني كلمات المديح والثناء فأدمنتها، وبمرور الوقت صارت تلك الكلمات نفسها سياطاً تلهبني، وتحثني على بذل المزيد من الجهد لكي أجد مكاناً على التي لا يصل إليها إلا القليل من الناس، وعندما تربعت على القمة أخيراً وجاء موعد تحقيق الحلم بالزواج لم أستطع أن أقبل إلا شخصاً يجلس على القمة مثلي، ذكي وناجح مثلي، عبقري مثلي، لأنني لا يمكن أن أعترف بزوج أقل من قدراتي وأقل من نجاحي، فالمأساة ستكون في تلك الحالة أنني سأتحول إلى رجل يتحمل كل المسؤولية فأنسى أنوثتي، أو – وهو الأسوأ –أن أتخلى عن نجاحي وقمتي لأصبح زوجة لرجل ليست له قدراتي، وعندها يكون فشلنا معاً هو الأمر الأكيد.
سِنِّي تجاوز الثلاثين بشهور،بدأ يتسرب القلق إلى نفسي، لم يعد أحد يطرق بابي للزواج، راجعت نفسي وراجعت أسماء من تقدموا لي، وعرفت أن الكثير منهم قد وجد من هن أفضل مني.
ندمت .. وتخلّيت عن فكرة كامل الأوصاف،ولكني ما زلت أنتظر طرقات على بابي..)اهـ.
هذه ضحية من آلاف الضحايا اللاتي خدعن أنفسهن بهذه المثالية الحالمة، فقد كانت بالأمس يتزاحم الخطاب على بابها، وهي اليوم مطرقة سمعها تنتظر أن يطرق خطيب بابها الذي مَلَّ الصمت، ولو كان لا يحمل ( صفات فارس الأحلام)،لعله ينتشلها من المخاوف والهموم التي عشعشت في سويداء قلبها.
فهي وعلى الرغم من أنها دخلت في السن الحرجة فقد انتبهت أخيراً على مضي عمرها وتفلّته من بين يديها؛فأرادت أن تستدرك البقية .
ولكن المصيبة بمن خيّمت الغفلة على عقلها وعينيها فلم تعد تميز ولا ترى .. ولم تعتبر بمن مضى؛ وهذه أمثلة على هذا النوع ..
تقول (س . م ):"رغم أنني على أبواب الأربعين ولكن ما زلت أطلب أن يكون زوجي إنساناً محترماً، ومستواه المادي فوق المتوسط، ويحمل شهادة عالية.
ولكن حقيقة أنني بعد هذا العمر أشعر حينما يزورنا أخواتي مع أزواجهن وأبنائهن عند خروجهم؛ أشعر بحزن شديد، وبرغبة أن أكون مثلهن أزور أهلي وأخرج مع زوجي وأبنائي..." اهـ.
وتقول ( ل . م ):
"الآن وأنا أخطو نحو الثلاثين وفرصة زواجي ضئيلة إلا أنني لم أتنازل عن شرطي في أن يكون الزوج الذي يتقدم لي "غنياً"، فهذا أهم شيء لأنني معتادة على مستوى معيشي معّين، وأفضل أن أعيش بأفضل مما أنا فيه؛ ولكن الحقيقة التي لا أستطيع أن أخفيها أنني عصبية وحساسة جداً من ناحية هذا الموضوع، وأتمنى أن أتزوج اليوم قبل غد، وكلما شاهدت أخواتي وأزواجهن أزداد حسرة ..."اهـ .
وتقول إحداهن :"ولأنني محظوظة فلم يقف عطاء الله لي عند هذا الحد، بل أنبتني وسط عائلة ثرية عريقة، وزادني بالعقل الراجح، العقل الذي مكنني من إنهاء دراستي بكلية الطب بتفوق؛وما دمت هكذا فمن حقي اختيار العريس المناسب، سعيد الحظ الذي سيفوز بكل هذا .. طابور طويل من راغبي الزواج يزداد طولاً يوماً وراء يوم يرضي غروري، ويخيفني عندما تردد أمي قولها المأثور من كثر خطّابها بارت )؛ولكني لم أتنازل، ولن أبالي بتساقط الأيام حولي، ولا بعمري الذي تجاوز حدود المسموح، فربما وجدت في آخر الطابور فارس أحلامي الذي تداعب صورته خيالي ويستحقني "اهـ .
ونحن نقول لها ولمن تشبه حالتها :
لربما وجدت الذي تريد ؛أو يكون حالها كحال سابقاتها ممن تهافتت أعمارهن، وتحطمت آمالهن فوق صخور الواقع بسبب المثالية الحالمة والبحث عن فارس الأحلام..! يتبع


__________________________________________________ __________

المحيط العائلي ..


كثير من الأحيان يكون المحيط العائلي عقبة كئوداً، بل ويؤثر تأثيراً سلبياً بليغاً في"تأخير الزواج"،وقد تختلف الآثار الناتجة عن هذا المحيط من مجتمع إلى مجتمع،بل ومن منزل إلى منزل.
ففي بعض المجتمعات تجد أن رب الأسرة من النوع الذي لا يبالي ولا ينظر إلى الموضوع بعين الاهتمام.. ولهذا لا تجده يتخذ الأسباب التي تحول دون جلوس ابنته إلى سن متأخرة، خصوصاً إذا كانت تلك الفتاة ليس لديها من الأسباب المادية ما يعوقها عن الزواج.
ولعل هذه ( اللامبالاة) لها دوافع أخرى ومآرب وحشية ..
وذلك أن بعض الآباء إذا كانت ابنته ( تعمل )فإنه يحاول إعاقتها بأي وسيلة،وذلك ليستغل راتبها الذي تتقاضاه!..
وهذا الفعل الشنيع لا يرتكبه من كان في قلبه رحمة ورفق على ما استرعاه الله عليه، أو أنه يرفض كل من يتقدم لها إذا كان من خارج القبيلة أو العائلة ولو كان صالحاً، طمعاً في أن يأتيها رجل من قبيلته أو عائلته ولو كان من أفسق الناس، فإذا لم يأت المطلوب؛ أو أنه أتى ولكن الفتاة لا تريده لأسباب دينية أو أخلاقية أو نفسية أو غير ذلك؛ فإنه يحكم عليها بالجلوس والانتظار، ولا يتنازل ذلك الوالد عن شرطه، ولا يبالي بأن تجلس ابنته عنده ولو بلغت من العمر عتياً.
بل وأحياناً تجد في البيت الواحد أكثر من ضحية على هذا الحال.. وكل هذا لا يهمّ؛ المهم أن لا يطرأ على العائلة أيّ أمر يقدح بالنظام الذي سارت عليه ردحاً من الزمان!!..
وهنا- أيضاً- قضية شائكة ومعضلة وهي أن بعض الناس إذا بلغت ابنته أو أخته سن الزواج فإنه يضع لها قيمة لا يمكن أن يتنازل عن قرش واحد منها، وكأنها سلعة تباع وتشترى؛وهذا المبلغ الضخم، الذي يضعه (ثمناً لها) يتسبب في كثير من الأحيان في انصراف أنظار الخطاب عن تلك الفتاة المسكينة.
ثم إن هذا التصرف إنما هو من تضييع الأمانة، والخيانة لما استرعاه الله عليه من أولئك النساء الضعيفات.. فلا يضع سعادة ابنته ومصلحتها نصب عينيه، بل يفكر فيما تدرّه عليه من أرباح ، وكأنه يريد استرداد ما أنفقه على تربيتها طوال مدة جلوسها عنده. فهل هذا من الشفقة والإحسان في شيء..؟!.
أين هذا وأمثاله عن قول النبي صلى الله عليه وسلم:"من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن، كن له ستراً من النار"؛وقوله صلى الله عليه وسلم:"من كان له أختان أو ابنتان فأحسن إليهما ما صحبتاه؛ كنت أنا وهو في الجنة كهاتين-وقرن بين أصبعيه-"
فأين الإحسان إلى هؤلاء النساء؟ وأين حسن الصحبة؟ أم أن المادية طغت حتى على مشاعر الأبوّة والأخوّة، فجعلتها تتحول إلى وحشية عارمة، لا تفكر إلاّ (بالكم)، دون التفكير في مصلحة تلك الفتيات الأسارى في البيوت، واللاتي ينتظرن بصيصاً من نور يكتشف الظلمة الحالكة التي خيّمت على أعينهن طويلاً..
ولو كان سهماً واحداً لاتّقيته
ولكنه سهم وثـان وثـالث
فبالرغم من الأسباب المذكورة والتي تصدر من المحيط العائلي للمرأة إلا أن هناك ما هو أعظم جرماً من ذلك.
وهو: أن في بعض المجتمعات القبلية عادة تسمى ( التحجير) .. وهذه العادة السيئة الرديئة تعني: أنه لا يحق للفتاة أن تتزوج إلا من ابن عمها، فإن رفضت وكانت لا تريده لأي سبب كان؛ إما لأنه لا يناسبها، أو لخلل في أخلاقه، أو لأنه يكبرها بكثير في العمر، أو لأن التكافؤ بينهما معدوم في أمور معينة،أو خلاف ذلك من الأسباب؛ فإنه عند ذلك يقوم بمنعها من الزواج من سواه، ولو أدّى ذلك إلى أفدح النتائج .. فإما أن تتزوجه،أو عساها أن تجلس إلى آخر العمر بغير زواج .
وهذه العادة الرديئة المنتنة، التي تنُّم عن تحجّر عقول فاعليها، لطالما وقع ضحيتها كثير من النساء اللاتي لا حول لهن ولا قوة.. وكم من فتاة ذات خلق ودين وعفة ظلت حبيسة الجدران بغير زواج، لأنها رفضت الزواج من ابن عمها الفاسق المستهتر، فعاندها وحجر عليها، فأصبحت بين اختيارين ( أحلاهما مر): إما أن تبقى بدون زواج.. أو أنها ترضى بابن عمها الذي لا تريده.
يتبع


__________________________________________________ __________

2 المحيط العائلي ..
بل والأعجب من ذلك أن يكون الرجل طاعناً في السن، ويحجر على ابنة عمه التي في سن بناته !!.. وما ذلك إلا عناداً وتمشِّياً مع العادات القبلية، التي أصبحت عنده بمكانة رفيعة من التقديس لا يمكن مخالفتها.. فتقع تلك المسكينة في حيرة، إن رفضته حجّر عليها، وإن وافقت عليه عاشت حياة بؤس وشقاء، تحوّلت حياتها إلى جحيم لا يطاق.
وكم من فتاة وافقت على ابن عمها بعد أن حجّر عليها طويلاً فلم تجد مخلصاً إلا أن توافق على الزواج منه فعاشت حياة كئيبة...فهي تبغضه لأنها تراه قد تسبب في دمار حياتها وضياع عمرها، وأنه لم يحجر عليها ولم يتزوجها إلا عناداً واستكباراً أن تخرج من إطار العائلة؛وهو يرى أنها تبغضه ولم توافق عليه إلاّ مرغمة؛فتتحول الحياة إلى شقاء دائم وعناء مستمر.
ولا شك أن هذه العادة من العادات الجاهلية ، وهي من أعظم الظلم. والظلم مرتعه وخيم، وعاقبته سيئة، والله جل وعلا يجازي صاحبه في الدنيا قبل الآخرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله ليملي الظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته"
وقد حذّر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الفعل كثيراً، فقال وهو يوصي معاذ بن جبل – رضي الله عنه- :"واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"
فكيف بذلك الظالم إذا رفعت تلك المظلومة يديها إلى السماء تستغيث بربها، وتستنصره على من ظلمها؟؟
وكيف به إذا اشتكت إلى خالقها ما عانته من ظلم هذا المتسلط، الذي وقف حجر عثرة في طريقها؟؟..
ألا يظن بأن الله عز وجل ناصرها ؟؟..

بلى والله.. فقد أقسم ربنا سبحانه تعالى على نصرة المظلوم، كما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"اتقوا دعوة المظلوم، فإنها تحمل على الغمام فيقول الله: وعزتي وجلالي لانصرنك ولو بعد حين"

فليحذر المسلم من الظلم، وليحذر من دعوة مظلومٍ تصعد إلى السماء وهو غافل عنها غير منتبه إلى أن تحلَّ عاقبتها به.
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنـام عيناك والمظلـوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
وليتذكر وقوفه بين يدي الله سبحانه تعالى يوم القيامة، يبلغ الخوف بالعباد منتهاه: "وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين. ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع. يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور"
وحينئذ يقتصُّ الله سبحانه للمظلوم من الظالم.
فويلٌ لمن حملوا أوزار الناس على ظهورهم..
ألا ساء ما يزرون.
يتبع


__________________________________________________ __________


عمل المرأة

الحقيقة أن هذه النقطة غاية في الحساسية ، وتريد من يقف أمامها بتجّرد؛فيعرف أبعاد هذه القضية، والتي كثير من النساء في غفلة عن آثارها السلبية، ولا يصحين من هذه الغفلة إلا على الصدمة المفزعة، وتشتت الأحلام.
وحتى لا يحمل الكلام على غير معناه، ويفهم منه ما لا يراد؛من الواجب أن ننبِّه على أننا نتكلم عن وظيفة المرأة من جانب تأثيرها السلبي في تأخير الزواج فقط، وبيان بعض الأسباب المتعلقة بهذه القضية، والتي تؤدي إلى جلوسها إلى سن متأخرة في أغلب الأحيان.
ألا وإن الناظر في أحوال النساء العاملات بتمعّن ليرى العجب العجاب، ولغلبت عليه الهموم والأحزان لما يرى من المآسي المذهلة التي تحرق قلب كل غيور، وتثقله بالهموم.
وإن من أعظم المآسي أن تجد امرأة بدأ يتقدم بها العمر، ودخلت في السن الحرجة ولم تزل غير متزوجة؛وقد استولى عليها الخوف والقلق من أن يعبر قطار الزواج من حيلتها دون توقف ودون رجعة.. وهنا ستنظر إلى من حولها من النساء.. فتجد أن فلانة خُطبت.. وفلانة قد تزوجت.. وفلانة قد أنجبت.. وهي لم تزل على حالها، تصارع الهموم التي تثقل كاهلها، وتحطم قلبها المثخن بالجراح، وصدرها المليء بالأحزان، وكأن لسان حالها يقول:
رب يوم بكيت فيه فلمـا
صرت في غيره بكيت عليه
وحتى نعرف مدى تأثير العمل على المرأة، كان من الأهمية بمكان أن ننظر للمراحل التي تمرّ بها المرأة ، والتي تتسبب في جلوسها إلى سن متأخرة بغير زواج..
فأحياناً يكون المؤثّر الفعلي لجلوسها:
المرحلة التي تسبق العمل وهي الدراسة؛ وأحياناً يكون المؤثر هو نوع المجال الذي تعمل به؛وأحياناً يكون المؤثر الفعلي هو اهتمامها بالجانب العملي دون النظر إلى الجانب الاجتماعي الذي تعيش فيه.
وحتى يكون الموضوع أكثر تفصيلاً وتوضيحاً سنأخذ كل نقطة من هذه النقاط على حِدَة، لعلنا نستطيع أن نوصل الفكرة التي نسعى لبيانها بسهولة ويسر.
فأما أولى هذه المراحل..
هي المرحلة التي تسبق الوظيفة، ألا وهي الدراسة؛ونقصد بالذات الدراسة الجامعية وما يوازيها؛لأن في هذه المرحلة تكون الفتاة قد بلغت سن النضوج ودخلت في سن الزواج، فإذا تأخّرت قليلاً دارت حولها المخاوف.
وهذه المرحلة لها دور كبير في هذه القضية، إذ هي الخطوة الأولى والأكثر تمهيداً لعمل المرأة.
وتختلف النساء من امرأة إلى أخرى بالنسبة للنظر لمكانة الدراسة وأهميتها.
فأحياناً تكون الدراسة من أكبر المعوقات عن الزواج؛
وذلك أن هذه المرأة وهي في خِضَمّ الأحداث ، وزحمة التفكير، لا تفكر إلا بالشهادة العالية التي تصل بها إلى أعلى المراتب، وتؤهلها لأن تكون عنصراً هاماً في المجتمع على حدِّ تفكيرها؛لذلك فإنها لا توافق على أيِّ رجل يتقدم لطلب الزواج منها؛وذلك لأنها ترى أن الزواج يشغلها عن مواصلة المسيرة ويقف عائقاً دون الغاية التي تريد الوصول إليها.
ولا تدري لعلّ الدراسة تطول بها فلا تنتهى منها إلا وقد تقدم بها العمر، وأصبحت فرصة الزواج بالنسبة لها ضئيلة إلى حدٍّ كبير.
فهي درست واجتهدت حتى تصل إلى المنزلة التي تريد، وتحصل على الشهادة العالية.. ولكنها أهملت الأهم من هذا وهو الاستقرار العائلي الذي تحلم به كل فتاة.. وإن أبدت غير هذا.
فها هي غلّبت جانب السعادة الزائفة على السعادة الحقيقية، ولم تستيقظ من غفلتها إلا وقد فات من عمرها الكثير.. فماذا كانت النتيجة؟..
همٌّ.. حسرة.. وتَنَدُّم على الماضي..
يتبع


__________________________________________________ __________

2 عمل المرأة
كتبت إحداهن تقول أنا التي جنيت على نفسي)..
"تصدر مني تنهيدة يصحبها سيل جارف من الدموع التي تنطلق من عينيّ اللتين أصبحتا مأوى للأحزان، وملاذاً للهموم.
كنت أقول: هذا لا يعجبني، وهذا لا يناسبني، وهذا ليس معه المؤهلات التي توازي مؤهلاتي، وذاك ليس غنياً، مواصفاته لا تتفق مع مواصفاتي.. وأنا أعلم أنه عبث، وتخبُّط، وشروط تعجيزية لا مبرر لها..
لقد جنيت على نفسي.. ها أنذا أعيش وحيدة لا أنيس ولا قريب، الكل مشغول بنفسه وحياته ، لقد نسيني الجميع، لم يسأل عني أحد بعد أن كنت محور اهتمام الجميع.
وبدأت المخاوف تنتابني منذ ذلك اليوم الذي رفضت به آخر طارق لبابي، لقد أغلقته في وجوههم جميعاً، واليوم ها هم يردّون عليّ بالمثل.
لقد أصبحت كلمة (عانس) تردد على مسمعي وبصفة يوميّة.
طالباتي في المدرسة يقلن: مسكينة، إنها تصب جام غضبها علينا لأنها ( عانس) لم تتزوج، (لو فيها خير ما جلست إلى الآن).
أصبحت كلمة( عانس) بمثابة الخنجر الذي يصيب صميم فؤادي، بل إن وقع هذه الكلمة على نفسي أشد مليون مرة من طعنة خنجر".
ها هي لم تجن بعد مضي عمرها إلا الندم والتحسّر على عمرها الذي ضاع من بين يديها، وهذا هو حال شبيهاتها.
إن بعض النساء وهي في نشوة السعادة المزعومة، وفي شدة انهماكها بالدراسة والسعي وراء تحقيق الأمنية المنشودة، تتجاهل كل شيء يعترض طريقها، ولا تفكر بما يؤول إليه أمرها؛ولكن سرعان ما ينقشع ذلك الظلام الذي خيّم على عينها، وتستبين الحقائق.
ثم إذا استيقظت من نومها العميق، وتجلّت لها الحقائق، وجدت أن تلك الغاية المزعومة التي سعت إلى تحقيقها من خلال الدراسة لا تساوي شيئاً بالنسبة لأن يكون عندها بيت وزوج وأولاد؛وهناك تجد أن الموقف الذي كانت تسعى إلى أن يحقق لها السعادة كان سبباً في شقاوتها..
ومنظر كان بالسراء يضحـكني
يا قرب ما كان بالضراء يبكيني

يتبع