عنوان الموضوع : كيف تعامل النبي مع خصومه (2) -اسلاميات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
كيف تعامل النبي مع خصومه (2)
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تعامل النبي مع خصومه
الحمد لله رب العالمين، لا إله إلا هو رب الأولين والآخرين، وقيوم السموات والأرضين، ومالك يوم الدين، عز كل ذليل، وقوة كل ضعيف، وغوث كل ملهوف، وناصر كل مظلوم.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، بيده ملكوت كل شيء، وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين، واجعلنا من الذين عزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، أولئك هم المفلحون.
أما بعد..
فإن نبينا صلى الله عليه وسلم كان بشرًا صاغته يد العناية الإلهية صياغة خاصة، لم يكن بشرًا عاديًا، لكنه بشر اصطنعه الله لنفسه، وصنعه على عينه، رباه فأكمل تربيته، وأدبه فأحسن تأديبه، وأودع فيه من حميد الخصال والخلال، ما يجعله مميزًا عن سائر الخلق، وامتن عليه بحبه حتى جعله الشافع المشفع، الذي ينصرف الناس من الحشر على قدميه، لا ينصرف الناس من أرض المحشر إلا بشفاعته العظمى صلى الله عليه وسلم، فهو أول شافع وأول مشفع، وهو سيد ولد آدم ولا فخر..
هذا النبي العظيم على سعة صدره، وكثرة عطائه، وحب الناس له، يدعو الناس إلى أن يأخذوا حقوقهم منه، فيقف على المنبر ويقول: "أيها الناس، إنه قد دنى مني حقوق من بين أظهركم، فمن كنت جلدت له ظهرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضًا فهذا عرضي فليستقد منه، ومن كنت أخذت له مالاً، فهذا مالي فليستقد منه ولا يقولن رجل: إني أخشى الشحناء من قبل رسول الله، ألا وإن الشحناء ليست من طبيعتي، ولا من شأني، ألا وإن أحبكم إلي من أخذ حقًّا إن كان، أو حللني فلقيت الله وأنا طيب النفس، ألا وإني لا أرى ذلك بمغن عني حتى أقوم فيكم مرارًا" (13)، ويتجرأ أحد الصحابة ويقول: بلى يا رسول الله! ضربتني يومًا فأوجعتني، قال: "تقدم فاستقد"، قال: يا رسول الله ضربتني وأنا عارٍ، فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن بطنه الشريفة، وقال: "تقدم فاستقد"، فتقدم الصحابي وجعل يمرّغ وجهه في بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم!!.
وكان في غزوة من الغزوات، ومر أحد الصحابة، فوقعت رجل الصحابي على رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوجعته، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على رجل هذا الصحابي الجليل وقال: "بِسْمِ اللَّهِ أَوْجَعْتَنِى". يقول هذا الصحابي: فَبِتُّ لِنَفْسِى لاَئِمًا أَقُولُ أَوْجَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَبِتُّ بِلَيْلَةٍ كَمَا يَعْلَمُ اللَّهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا رَجُلٌ يَقُولُ: أَيْنَ فُلاَنٌ؟ قَالَ قُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ الَّذِي كَانَ مِنِّي بِالأَمْسِ- قَالَ- فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا مُتَخَوِّفٌ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّكَ وَطِئْتَ بِنَعْلِكَ عَلَى رِجْلِي بِالأَمْسِ فَأَوْجَعْتَنِي، فَنَفَحْتُكَ نَفْحَةً بِالسَّوْطِ، فَهَذِهِ ثَمَانُونَ نَعْجَةً فَخُذْهَا بِهَا"(14).
صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله! مثل هذا القلب أيها الأحباب، يُساء إليه؟!! يُعاب؟!!، هذه الرحمة المهداة؟!!، هذا النور؟!!، وإذا أُسيء إليه، أيحل للمسلمين الذين أحبوه وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه، أن يسكتوا على هذه الإساءة؟!!
إن سيدنا خبيب بن عديّ رضي الله عنه لما أخذه المشركون ليصلبوه، سأله أحدهم: يا خبيب، أتحب أن محمدًا مكانك؟ قال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدميه! (15).
أحد المشركين جاء يفاوض النبي صلى الله عليه وسلم مع صحابته في صلح الحديبية، رجع إلى قريش يصف لهم حال النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أَيْ قَوْمِ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَفَدْتُ عَلَى الْمُلُوكِ وَوَفَدْتُ عَلَى قَيْصَرَ وَكِسْرَى وَالنَّجَاشِيِّ، وَاللَّهِ إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا قَطُّ يُعَظِّمُهُ أَصْحَابُهُ مَا يُعَظِّمُ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، وَاللَّهِ إِنْ تَنَخَّمَ نُخَامَةً إِلاَّ وَقَعَتْ فِي كَفِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ فَدَلَكَ بِهَا وَجْهَهُ وَجِلْدَهُ، وَإِذَا أَمَرَهُمْ ابْتَدَرُوا أَمْرَهُ، وَإِذَا تَوَضَّأَ كَادُوا يَقْتَتِلُونَ عَلَى وَضُوئِهِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ خَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَهُ، وَمَا يُحِدُّونَ إِلَيْهِ النَّظَرَ تَعْظِيمًا لَهُ (16)..
هذا نبينا العظيم، الكريم، صلى الله عليه وسلم، رأينا كيف يتعامل مع الذين آذوه، مع الذين عادوه، مع الذين أساؤوا إليه، وإذا كان هذا تعامله مع المسيئين إليه، فكيف يكون تعامله مع المؤمنين به؟!!
إن من عقوق البشرية لربها، وإن من إنكارها لفضل الله تبارك وتعالى، أن تسيء إلى هذا النبي الكريم، أو أن تسب هذا الرسول العظيم، هذا الإنسان الذي لم يعرف قلبه الحقد يومًا من الأيام، هذا الإنسان الذي طلب الهداية لأعدائه، ولم يسأل ربه يومًا أن يُنزل العذاب على أحد، وحين كان يُساء إليه لا يُفحش، ويخبرنا أن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام وأن الله يبغض الفحش والتفاحش، ولا يحب البذاءة، مع كل الأذى، ومع ما قيل فيه، لم يتفوه بكلمة بذيئة، ولا بكلمة فاحشة، هجاه الذين هجوه، وسبه الذين سبُّوه، فما رد السب بسب، ولا الشتم بشتم، أبدًا، حتى الذين واجهوه بالسوء في وجهه- اليهود عليهم لعنة الله- فقد ورد أَنَّ عَائِشَةَ- رضى الله عنها- قَالَتْ: دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ- والسام يعني الموت واللعنة-، تقول السيدة عائشة: فَفَهِمْتُهَا، فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَهْلاً يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ في الأَمْرِ كُلِّهِ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَقَدْ قُلْتُ وَعَلَيْكُمْ" (17)، صلى الله عليك يا رسول الله! ألم يكن بإمكانه أن "يقبض عليهم" وأن يُذيقهم مرّ العذاب؟!! ولكنه صاحب قلب كبير، حتى الردّ لا يسيء فيه..
هجاه بعض المشركين، فدعا بعض الشعراء من أصحابه ليردُّوا عليهم، ولم يُعجبه الرد إلى أن جاء حسّان بن ثابت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَعْجَلْ فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا وَإِنَّ لِي فِيهِمْ نَسَبًا حَتَّى يُلَخِّصَ لَكَ نَسَبِي"، فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ لَخَّصَ لِي نَسَبَكَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنْ الْعَجِينِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِحَسَّانَ: "إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ" وَقَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَاشْتَفَى"(18) قَالَ حَسَّانُ:
هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجزاء
هجوت محمدا برًّا تقيًّا رسول الله شيمته الوفاء
أتهجوه ولست له بكفء؟! فشركما لخيركما الفداء
فإن أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء
وظلَّ حسان بن ثابت يرد عليه، ويشتمه ولا يصيب رسول الله- صلى الله عليه وسلم-.
هكذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهذه هي الصورة التي يجب أن يفهمها الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجب أن يعرفوا من هو هذا النبي العظيم الذي جعله الله رحمة للعالمين، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (107)﴾ (الأنبياء)، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: من الآية 227)..
---------
الحواشي:
(13) جزء من حديث رواه الطبراني في المعجم الأوسط، والبيهقي في دلائل النبوة، وابن كثير في السيرة النبوية.
(14) أخرجه الدارمي في سننه، كتاب: المقدمة، باب: سخاء النبي- صلى الله عليه وسلم- 1/47 (70).
(15) دلائل النبوة للبيهقي، 3/326.
(16) جزء من حديث المسور بن مخرمه، أخرجه البخاري في كتاب: الشروط، باب: الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط 5/330 (2731).
(17) أخرجه البخاري في كتاب: الدعوات، باب: قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْتَجَابُ لَنَا فِي الْيَهُودِ وَلا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا 11/199 (6401) وغيره.
(18) أخرجه مسلم في كتاب: فضائل الصحابة، باب: فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه 4/157 (2490).
------------
بقلم: أ. د. عبد الرحمن البر
* أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر
منقول للامانة
و
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
اللهم صلي وسلم وبارك على سيدنا وقرة اعيننا صلاة ترضيك ربي وترضي حبيبك المصطفى وترضى بها عنا يا رب العالمين واغفر لنا جهلنا واصرافنا في امرنا واعف عنا وابعد عنا الغضب والبغضاء
ربي تعلم مافي قلبي فأعني وانزع عني الغضب وارزقني الصبر على الادى
أنا احقر من ان أغضب لكرامتي أخاف ان تكون تكبر اللهم اغفر لأمتك النادمه والظالمه الجاهله اللهم اغفرلي ولوالديا واخوتي وجميع احبابي والمسلمين والمسلمات وجنبنا الشيطان
__________________________________________________ __________
اللهم صلي على حبيبي وقرة عيني محمد عليه اتم الصلاة والتسليييم يارب ربي تعلم مافي قلبي فأعني وانزع عني الغضب وارزقني الصبر على الادى يااارب مشكوووورة حبيبتي.........
__________________________________________________ __________
صلي اللهم على سيدي و حبيبي محمد خير خلق الله شكرا حبيبتي اشجان الحب
__________________________________________________ __________
امين يارب الله يفرحك و يفرح جميع المسلمين شكرا لمرورك عزيزتي ملكة ماما
__________________________________________________ __________