عنوان الموضوع : *..*ملف شامل يتضمن فتاوى عن ما يسمى بالحب*..* من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
*..*ملف شامل يتضمن فتاوى عن ما يسمى بالحب*..*
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أنا آنسة 24 سنة ، بصراحة أنا أحببت حبّاً طاهراً خالٍ من اللقاءات والمواعيد , حبّاً طاهراً لإنسان طاهر ملتزم ، واعدني الزواج ، وطلب مني أن أنتظره لأن ظروفه صعبة ، أنا لا أنكر أنه اتصل بي أكثر من مرة ، لكنني طلبت منه أن لا يتصل بي ؛ لأني غير راضية عن ذلك ، مع أني أحبه ، لكنى شعرت أن الحب بدء يسير في الطريق الخطأ , فوافقني الرأي ، واحترم رأيي , هو يراسلني بين حين وآخر برسائل على الإنترنت حتى أعرف أخباره , أنا وهو على علاقة منذ سنة ، ولكن هو ظروفه صعبة جدّاً , على فكرة هذا الشخص أنا أعرفه عائليّاً وأعرف عائلته وعائلتي على علاقة متينة ، أشهد أني أحبه في الله ، وواثقة من أنه يبادلني ذات الشعور ، ولكن المشكلة أن بابي بدء يُطرق حتى وصل عدد العرسان المتقدمين لي 8 ، ولكني أرفض في كل مرة لأني وعدته أن أنتظره ، أنا الآن حائرة هل ما أفعله حلال أو حرام ؟ علما بأني أصلي الفروض والسنن والنوافل والحمد لله , وأقيم الليل فأخاف أن تضيع حسناتي بما أفعل ؟ هل الحب الطاهر العفيف حرام ؟ وهل حبي حلال أم أنه حرام ؟ .
الحمد لله
بداية أسأل الله تعالى لك التوفيق والسعادة ، وأسأله سبحانه أن يكثر من أمثالك من الفتيات اللاتي يحرصن على العفاف والطهارة ، ويلتزمن حدود الله في جميع شؤونهن ، ومن أهم ذلك العلاقات العاطفية التي تساهل فيها كثير من الناس ، فضيعوا حدود الله ، وانتهكوا محارمه ، فابتلاهم الله بالمشاكل التي نقرؤها ونسمعها مما فيه العبرة لكل مسلم ، بل وكل عاقل .
ثم اعلمي أن المراسلات والاتصالات بين الجنسين باب من أبواب الفتنة ، والشريعة مليئة بما يدل على وجوب الحذر من الوقوع في حبائل الشيطان في هذا الباب ، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى شابا ينظر إلى فتاة نظراً مجرَّداً لوى عنقه كي يصرف بصره عنها ، ثم قال : ( رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنْ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا ) رواه الترمذي ( 885 ) وحسنه الألباني في " صحيح الترمذي " .
لذلك فقد أحسنتِ حين قطعتِ الاتصال بهذا الشاب ، ونرجو أن تنقطع المراسلة أيضاً ؛ لأن المراسلة من أعظم أبواب الفساد التي فتحت على الناس في هذه الأزمان
ولا يعني هذا حرمة ميل الرجل أو المرأة نحو شخص معين يختاره كي يكون زوجا له ، يشعر بالمحبة والمودة نحوه ، ويعقد العزم على الارتباط به إذا ما تيسر الأمر ، فإن المحبة أمر قلبي ، تُقذف في قلب المرء بأسباب معلومة أو غير معلومة ، إلا أنها إذا كانت بسبب الاختلاط أو النظر أو المحادثة المحرمة أصبحت هي أيضا محرمة ، وأما إذا كانت بسبب معرفة سابقة أو قرابة أو سماع عن ذلك الشخص ولم يملك الإنسان دفعها : فلا حرج حينئذٍ من هذه المحبة ، بشرط أن تُلتزم فيها حدود الله .
قال ابن القيم رحمه الله :
"إذا حصل العشق بسبب غير محظور : لم يُلَم عليه صاحبه ، كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له : فهذا لا يلام على ذلك ، وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم صرف بصره وقد تمكن العشق من قلبه بغير اختياره ، على أن عليه مدافعته وصرفه " انتهى.
" روضة المحبين " ( ص 147 ) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلق فاضل وذات علم فيرغب أن يتزوجها ، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلق فاضل وعلم ودين فترغبه ، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجه شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل ينبغي أن يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخير هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ، وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل : فهذا محل فتنة " انتهى .
" لقاءات الباب المفتوح " ( 26 / السؤال رقم 13 ) .
والنصيحة لك بضرورة الانقطاع عن مراسلة هذا الشاب ، وإخباره بأن عليه التقدم لخطبتك من ولي أمرك إن كان يريد الزواج فعلا ، ولا يتخذ الظروف المادية أو غيرها عائقاً ومانعاً ، فالأمر يسير إن شاء الله ، ومن يرضى بالقليل يغنه الله من فضله وسعته ، وليكن تقدمه إليك لإقامة العقد الشرعي على الأقل ، وإن تأخر الدخول فلا بأس ، أما أن يبقى الأمر معلقا على نية المواعدة على الزواج ، ثم تستمر المراسلة بينكما على ذلك ، فهذا – بحكم الشرع والواقع والتجربة المتواترة – طريق خاطئ وباب إثم وفساد ، وتأكدي أنك لن تنالي السعادة إلا بطاعة الله سبحانه ، والتقيد بحدود شرعه ، وأن في الطرق المباحة غنية وكفاية عن الوسائل المحرمة ، ولكننا نضيق على أنفسنا فيضيق الشيطان علينا .
وتأخرك في الزواج فيه ضرر بالغ عليكِ ، وقد يتأخر بك السن ولا تتحسن ظروف ذلك الشاب ، فلا تتزوجينه ولا تتزوجي غيره ، فاحذري من التأخر فليس فيه إلا الضرر ، واعلمي أنه قد يكون في أحد من المتقدمين إليك من الدين والاستقامة أكثر من ذلك الشاب ، وقد يصير بينكما من الحب والمودة أضعاف ما بينك وبين ذلك الشاب .
والله أعلم
يتبع باذن الله
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
هل الحب قبل الزواج أفضل
هل الزواج بعد قصة حب أكثر استقراراً في الإسلام أم الزواج الذي يرتبه الأهل ؟.
الحمد لله
يختلف أمر هذا الزواج بحكم ما كان قبله ، فإن كان الحب الذي بين الطرفين لم يتعدَّ شرع الله تعالى ، ولم يقع صاحباه في المعصية : فإنه يُرجى أن يكون الزواج الناتج من هذا الحب أكثر استقراراً ؛ وذلك لأنه جاء نتيجة لرغبة كل واحدٍ منهما بالآخر .
فإذا تعلق قلب رجل بامرأة يحل له نكاحها أو العكس فليس له من حلٍ إلا الزواج لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لم نرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح " رواه ابن ماجه ( 1847 ) وصححه البوصيري والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 624 ) .
قال السندي – كما في هامش " سنن ابن ماجه " - :
قوله " لم نر للمتحابين مثل النكاح " لفظ " متحابين " : يحتمل التثنية والجمع ، والمعنى : أنه إذا كان بين اثنين محبة فتلك المحبة لا يزيدها شيء من أنواع التعلقات بالتقربات ولا يديمها مثل تعلق النكاح ، فلو كان بينهما نكاح مع تلك المحبة : لكانت المحبة كل يوم بالازدياد والقوة . انتهى .
وإن كان هذا الزواج جاء نتيجة علاقة حب غير شرعيَّة كأن يكون فيه لقاءات وخلوات وقبلات وما شابه ذلك من المحرَّمات : فإنه لن يكون مستقرّاً ؛ وذلك لوقوع أصحابه في المخالفات الشرعيَّة والتي بنوْا حياتهما عليها مما يكون له أثره في تقليل البركة والتوفيق من الله تعالى ، لأن المعاصي سبب كبير لذلك ، وإن ظهر لكثير من الناس بتزين الشيطان أن الحب بما فيه من تجاوزات يجعل الزواج أقوى .
ثم إن هذه العلاقات المحرَّمة التي كانت بينهما قبل الزواج ستكون سبباً في ريبة كل واحدٍ منهما في الآخر ، فسيفكر الزوج أنه من الممكن أن تقع الزوجة في مثل هذه العلاقة مع غيره ، فإذا استبعد هذا تفكَّر في أمر نفسه وأنه قد حصل معه ، والأمر نفسه سيكون مع الزوجة ، وستتفكَّر في حال زوجها وأنه يمكن أن يرتبط بعلاقة مع امرأة أخرى ، فإذا استبعدت هذا تفكَّرت في أمر نفسها وأنه حصل معها .
وهكذا سيعيش كل واحدٍ من الزوجين في شك وريبة وسوء ظن ، وسيُبنى عليه سوء عشرة بينهما عاجلاً أو آجلاً .
وقد يقع من الزوج تعيير لزوجته بأنها قد رضيت لنفسها أن تعمل علاقة معه قبل زواجه منها ، فيسبب ذلك طعناً وألماً لها فتسوء العشرة بينهما .
لذا نرى أن الزواج إذا قام على علاقة غير شرعيَّة قبل الزواج فإنه غالباً لا يستقر ولا يُكتب له النجاح .
وأما اختيار الأهل فليس خيراً كلَّه ولا شرّاً كلَّه ، فإذا أحسن الأهل الاختيار وكانت المرأة ذات دينٍ وجمال ووافق ذلك إعجابٌ من الزوج ورغبة بزواجها : فإنه يُرجى أن يكون زواجهما مستقرّاً وناجحاً ؛ ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الخاطب أن ينظر إلى المخطوبة ، فعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما " رواه الترمذي ( 1087 ) وحسَّنه والنسائي ( 3235 ) .
قال الترمذي : ومعنى قوله " أحرى أن يؤدم بينكما " : أحرى أن تدوم المودة بينكما .
فإن أساء الأهل الاختيار ، أو أحسنوا ولم يوافِق عليها الزوج : فإنه سيُكتب لهذا الزواج الفشل وعدم الاستقرار غالباً ، لأن ما بني على عدم رغبة فإنه غالباً لا يستقر .
والله أعلم .
يتبع باذن الله
__________________________________________________ __________
الحب والعشق
هل اذا أحبت فتاةٌ فتًى من بعيد تكون قد ارتكبت إثما ؟
الحمد لله
جاءت الشريعة بالنهي عن أبواب الشر والإثم ، وحرصت على سد كل ذريعة إلى فساد القلوب والعقول ، والعشق والحب والتعلق بين الجنسين من أعظم الأدواء وأخطر الآفات .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (10/129) :
" والعشق مرض نفسانى ، وإذا قوي أثَّر فى البدن ، فصار مرضا فى الجسم : إما من أمراض الدماغ ، ولهذا قيل فيه هو مرض وسواسي ، وإما من أمراض البدن كالضعف والنحول ونحو ذلك " انتهى .
ويقول رحمه الله "مجموع الفتاوى " (10/132) :
" عشق الأجنبية فيه من الفساد ما لا يحصيه إلا رب العباد ، وهو من الأمراض التي تفسد دين صاحبها ، ثم قد تفسد عقله ثم جسمه " انتهى .
ويكفي أن نعلم أن من مضار الحب والعشق للجنس الآخر ، أسر القلب وعبوديته لمحبوبه ، فالحب باب ذل ومسكنة ونصب ، وكفى بذلك مُنَفِّرًا من هذا المرض .
يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (10/185) :
" الرجل اذا تعلق قلبه بامرأة ، ولو كانت مباحة له ، يبقى قلبه أسيرا لها ، تحكم فيه وتتصرف بما تريد ، وهو فى الظاهر سيدها ، لأنه زوجها ، وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها ، لا سيما إذا دَرَت بفقره إليها ، وعشقه لها ، فإنها حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور الذي لا يستطيع الخلاص منه ، بل أعظم ، فإن أسر القلب أعظم من أسر البدن ، واستعباد القلب أعظم من استعباد البدن " انتهى .
والتعلق بالجنس الآخر لا يصيب قلبا ملأه حب الله تعالى ، إنما يصيب قلبا فارغا ضعيفا مستسلما فيتمكن منه ، فإذا قوي واشتد فقد يغلب على حب الله ويخرج بصاحبه إلى الشرك .
ولهذا قيل : إن الهوى حركة قلب فارغ .
فالقلب إذا فرغ من محبة الرحمن عز وجل وذكره ، والتنعم بمناجاته وكلامه سبحانه ، امتلأ بمحبة النساء ، والتعلق بالصور ، وسماع الغناء .
يقول شيخ الإٍسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (10/135) :
" إذا كان القلب محبا لله وحده مخلصا له الدين ، لم يبتل بحب غيره أصلا ، فضلا أن يبتلى بالعشق ، وحيث ابتُلي بالعشق ، فلنقص محبته لله وحده ؛ ولهذا لما كان يوسف محبا لله مخلصا له الدين ، لم يبتل بذلك ، بل قال تعالى : ( كَذَلِكَ لِنَصرِفَ عَنهُ السُّوءَ وَالفَحشَاءَ ، إِنَّهُ مِن عِبَادِنَا المُخلَصِينَ ) ، وأما امرأة العزيز فكانت مشركة هي وقومها ، فلهذا ابتليت بالعشق " انتهى .
فالواجب على المسلم أن ينجو بنفسه من هذه المهلكة ، ولا يقصر في حمايتها والخلاص بها ، فإن قصَّرَ في ذلك ، وسلك سبل التعشق ، بمداومة النظر المحرم ، وسماع المحرم ، والتساهل في مخاطبة الجنس الآخر ونحو ذلك ، فأصابه الحب أو العشق ، فهو آثم معاقب على فعله .
وكم من الناس ممن تساهل في مبادئ ذلك الداء ، وظن أنه قادر على أن يخلص نفسه متى أراد ، أو أن يقف عند حد لا يتعداه ، حتى إذا استحكم به الداء ، لم يفلح معه طبيب ولا دواء ، كما قال القائل :
تولع بالعشق حتى عشق فلما استقل به لم يطق
رأى لجة ظنها موجة فلما تمكن منها غرق
يقول ابن القيم رحمه الله في "روضة المحبين" (147) :
" فمتى كان السبب واقعا باختياره لم يكن معذورا فيما تولد عنه بغير اختياره ، فمتى كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا ، ولا ريب أن متابعة النظر واستدامة الفكر بمنزلة شرب المسكر ، فهو يلام على السبب " انتهى .
فإن حرص على الابتعاد عن أبواب هذا المرض الخطير ، فَغض بَصَرَه عن مشاهدة المحرمات ، وأغلق سمعَه عن سماعها ، وصرف خواطر قلبه التي يقذفها الشيطان فيه ، ثم بعد ذلك أصابه شيء من شرر هذا المرض ، بسبب نظرة عابرة ، أو معاملة كانت في الأصل جائزة ، فتعلق قلبه بامرأة ، فليس عليه إثم في ذلك إن شاء الله ، لقوله تعالى :
( لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفسًا إِلاَّ وُسعَهَا )
يقول ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (11/10) :
" فإذا كان لم يصدر منه تفريط ولا عدوان ، لم يكن فيه ذنب فيما أصابه " انتهى .
ويقول ابن القيم رحمه الله "روضة المحبين" (147) :
" إذا حصل العشق بسبب غير محظور لم يُلَم عليه صاحبه ، كمن كان يعشق امرأته أو جاريته ثم فارقها وبقي عشقها غير مفارق له ، فهذا لا يلام على ذلك ، وكذلك إذا نظر نظرة فجاءة ثم صرف بصره وقد تمكن العشق من قلبه بغير اختياره ، على أن عليه مدافعته وصرفه " انتهى .
ولكن عليه أن يعالج قلبه بالانقطاع عن أثر ذلك المحبوب ، وبملء القلب بحب الله سبحانه والاستغناء به ، ولا يستحي أن يستشير أهل الفطانة والأمانة من الناصحين ، أو يراجع بعض الأطباء والمستشارين النفسانيين ، فقد يجد عندهم شيئا من العلاج ، وهو في ذلك صابر محتسب يعف ويكتم ، والله سبحانه وتعالى يكتب له الأجر إن شاء الله .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "مجموع الفتاوى" (10/133) :
" فأما إذا ابتُلى بالعشق وعف وصبر ، فإنه يثاب على تقواه لله ، فمن المعلوم بأدلة الشرع أنه إذا عف عن المحرمات نظرا وقولا وعملا ، وكتم ذلك فلم يتكلم به ، حتى لا يكون في ذلك كلام محرم ، إما شكوى إلى المخلوق ، وإما إظهار فاحشة ، وإما نوع طلب للمعشوق ، وَصَبر على طاعة الله وعن معصيته ، وعلى ما فى قلبه من ألم العشق ، كما يصبر المصاب عن ألم المصيبة ، فان هذا يكون ممن اتقى الله وصبر ، ( إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصبِر فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجرَ المُحسِنِينَ ) انتهى .
والله أعلم .
يتبع باذن الله
__________________________________________________ __________
يريد أن يتحدّث مع فتاة دون كلام فاحش
ما هو الحب المسموح به في الإسلام ؟ هل لي أن أكلم فتاتي بشكل خاص أو أكتب إليها وبدون تلميحات جنسية ؟ أم أنني أستطيع أن أقول لها إني أحبك ؟ وإذا كان والداي يعترضان فهل لي الحق أن أتزوجها ؟.
الحمد لله
الحب الجائز هو ما يقع في القلب دون قصد وتعمد مخالفة محرّمة مثل النظر والاختلاط ونحوه . أما الكلام والكتابة للفتاة ، فإذا كان يترتب عليه الوقوع في الحرام ، أو يخاف أن يؤدي إليه فلا يجوز .
وبصفة عامة أنصحك أن تترك ذلك ، لأنَّه قد يبدأ سليماً وبريئاً ثم يتطور ويقع الشخص في الحرام . وإذا كان والداك يعترضان على زواجك منها فحاول إقناعهما ، فإن لم تستطع فابحث عن غيرها ، فقد يكون الخير في ذلك وأنت لا تشعر .
يتبع باذن الله
__________________________________________________ __________
وقع في حب فتاة ثم تاب فهل يتخذها صديقة ؟
شاب مسلم سافر للدراسة في الخارج بعيداً عن أهله ، تعرَّف على فتاة مسلمة وزادت العلاقة بينهم حتى أصبحت حبّاً ، حصل بينهم اللمس والتقبيل ولكن لم يزنيا ، شعر بالخوف من الله ، وطلب منها أن تغير علاقتها معه أو أن تتركه لأن ما يفعلانه خطأ ، تفهمت الموضوع وقالت نبقى أصدقاء ولا نتكلم عن الحب أبداً ونكون أصدقاء فقط ، مع أنه يشعر بأنه ضحى لأجل الله فهو يحبها جدّاً ولكنه يقول بأن هذا غير كافٍ لإرضاء الله ، هل يجوز له أن يتحدث معها كصديقة فقط ؟ وكيف يشرح لها فهو لا يريد بأن يكون أنانيّاً فهو يحبها جدّاً ولكن حبه لله أكبر ؟ .
الحمد لله
أولاً :
إن سلوك المسلم لطرق الفتنة هو السبب في وقوعه في حبائل الشيطان ، والشريعة الإسلاميَّة أغلقت بأحكامها العظيمة تلك الطرق وحذَّرت من سلوكها ، وحذّرت كذلك من اتباع خطوات الشيطان .
ومن هذه الطرق : ذهاب المسلم إلى بلاد الكفر ، وإقامته فيها وحده أو مع أسرة ، ودراسته في جامعة مختلطة ، وصحبته لأناسٍ فاسدين لا يدلونه على الخير ولا يحذرونه من الشر ، وإطلاق العنان لجوارحه أن تعمل في المعصية كالأذن في سماع الغناء ، والعين في النظر المحرم وغير ذلك .
ولا يتم للإنسان حفظٌ لنفسه إلا بالابتعاد عن تلك الطرق ، والبحث عن سبل السلام والهداية التي يرضى عنها ربُّه تبارك وتعالى .
ثانياً :
نجد الأخ السائل على خير وهدى وصلاح إن شاء الله ، وذلك بخوفه من ربه عز وجل وتركه لعلاقته مع تلك الفتاة بعد أن وقع في محرمات معها بسبب سلوكه لتلك الطرق آنفة الذِّكر .
ومقام الخوف من الله مقام عظيم ، وترك شهوات النفس لله تعالى أمرٌ لا يقدر عليه إلا من حقق التوحيد وكان الإيمان في قلبه حيّاً وظهر أثره على جوارحه .
لكن عليه أن يثبت على ما فعل ، وأن لا يترك الشيطان ليدله على طريق آخر يسلكه به ليؤدي به إلى نتيجة واحدة وهي الوقوع في المحرَّمات ، فلا صداقة بينه وبين تلك الفتاة الأجنبية عنه ، وطريق هذه الصداقة معروف نهايته ، لذا فإن عليه عدم الاستجابة لطلبها ، والبقاء على موقفه ، مستعيناً بربه عز وجل أن يهديه الصراط المستقيم ، وأن يثبته على الهداية والرشاد .
ثالثاً :
وإذا كان يحبها حقيقة : فإن الطريق السوي الشرعي الذي ينبغي عليه سلوكه هو الزواج بها لا غير ، على أننا نود منه إن فكر في الزواج أن يختار ذات الخلق والدين كما هي وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يتزوج بها فإن صداقته لها ستؤدي به إلى الوقوع في محرَّمات كما ذكر هو عن نفسه أنه فعل ، بل إن تعلق القلب بمثل هذه الصورة ولو لم تحصل فواحش حسية فيه من إفساد القلب وإفساد تعلقه بالله وعبوديته له ما قد يكون أكثر من الفواحش الحسية .
قال الشيخ محمد الصالح العثيمين :
إذا قُدِّر أن يكون بين الرجل وبين امرأة من الناس محبَّة ، فإن أكبر ما يدفع الفتنة والفاحشة أن يتزوجها ؛ لأنه سوف يبقى قلبُه معلَّقاً بها إن لم يتزوجها ، وكذلك هي فربما تحصل الفتنة .
قد يسمع إنسان عن امرأة بأنها ذات خلُق فاضل ، وذات عِلم فيرغب أن يتزوجها ، وكذلك هي تسمع عن هذا الرجل بأنه ذو خلُق فاضل وعِلم ودين فترغبه ، لكن التواصل بين المتحابين على غير وجهٍ شرعي هذا هو البلاء ، وهو قطع الأعناق والظهور ، فلا يحل في هذه الحال أن يتصل الرجل بالمرأة ، والمرأة بالرجل ، ويقول إنه يرغب في زواجها ، بل يخبر وليها أنه يريد زواجها ، أو تخبر هي وليها أنها تريد الزواج منه ، كما فعل عمر رضي الله عنه حينما عرض ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما .
وأما أن تقوم المرأة مباشرة بالاتصال بالرجل فهذا محل فتنة .
والله أعلم .
__________________________________________________ __________
هل الحب الذي ينتهي بزواج حرام ؟.
الحمد لله
أولاً : العلاقة التي تنشأ بين الرجل والمرأة الأجنبية عنه ، ويسميها الناس " الحب " هي مجموعة من المحرمات والمحاذير الشرعية والأخلاقية .
ولا يستريب عاقل في تحريم هذه العلاقة ، ففيها : خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ، ونظره إليها ، واللمس والتقبيل ، والكلام المليء بالحب والإعجاب مما يثير الغرائز ويحرّك الشهوات . وقد تصل هذه العلاقة إلى ما هو أعظم من ذلك . كما هو واقع ومشاهد الآن .
ثانياً :
أثبتت الدراسات فشل أكثر الزيجات المبنية على علاقة حبٍّ مسبق بين الرجل والمرأة ، بينما نجحت أكثر الزيجات التي لم تُبْنَ على تلك العلاقة المحرمة في الغالب ، والتي يسميها الناس "الزواج التقليدي" .
ففي دراسة ميدانية لأستاذ الاجتماع الفرنسي سول جور دون كانت النتيجة :
"الزواج يحقق نجاحاً أكبر إذا لم يكن طرفاه قد وقعا في الحب قبل الزواج".
وفي دراسة أخرى لأستاذ الاجتماع إسماعيل عبد الباري على 1500 أسرة كانت النتيجة أن أكثر من 75 % من حالات الزواج عن حب انتهت بالطلاق ، بينما كانت تلك النسبة أقل من 5% في الزيجات التقليدية – يعني : التي لم تكن عن حبٍّ سابق .
ويمكن ذكر أهم الأسباب التي تؤدي إلى هذه النتيجة :
1- الاندفاع العاطفي يعمي عن رؤية العيوب ومواجهتها ، كما قيل : "وعين الرضا عن كل عيب كليلة" . وقد يكون في أحد الطرفين أو كلاهما من العيوب ما يجعله غير مناسب للطرف آخر ، وإنما تظهر تلك العيوب بعد الزواج .
2- العاشقان يظنان أن الحياة رحلة حب لا نهاية لها ، ولذلك نراهم لا يتحدثان إلا عن الحب والأحلام .. إلخ ، أما المشكلات الحياتية وطرق مواجهتها ، فلا نصيب لها من حديثهم ، ويتحطم هذا الظن بعد الزواج ، حيث يصطدمان بمشكلات الحياة ومسؤولياتها .
3- العاشقان لم يعتادا على الحوار والمناقشة وإنما اعتادا على التضحية والتنازل عن الرغبة ، إرضاءً للطرف الآخر ، بل كثيراً ما يحصل بينهما خلاف لأن كل طرف منهما يريد أن يتنازل هو ليرضي الطرف الآخر ! بينما يكون الأمر على عكس ذلك بعد الزواج ، وكثيراً ما تنتهي مناقشاتهم بمشكلة ، لأن كل واحد منهما اعتاد على موافقة الطرف الآخر على رأيه من غير نقاش .
4- الصورة التي يظهر بها كل واحد من العشيقين للآخر ليست هي صورته الحقيقية ، فالرفق واللين والتفاني لإرضاء الآخر .. هي الصورة التي يحاول كل واحد من الطرفين إظهارها في فترة ما يسمى بـ "الحب" ، ولا يستطيع الاستمرار على هذه الصورة طول حياته ، فتظهر صورته الحقيقية بعد الزواج ، وتظهر معها المشكلات.
5- فترة الحب مبنية غالباً على الأحلام والمبالغات التي لا تتناسب مع الواقع بعد الزواج . فالعاشق يَعِدها بأنه سيأتي لها بقطعة من القمر ، ولن يرضى إلا أن تكون أسعد إنسانة في الدنيا كلها .. إلخ . وفي المقابل .. هي ستعيش معه في غرفة واحدة ، وعلى الأرض وليس لها أية طلبات أو رغبات ما دامت قد فازت به هو ، وأن ذلك يكفيها !! كما قال قائلهم على لسان أحد العاشقين : "عش العصفورة يكفينا" ، و "لقمة صغيرة تكفينا" و "أطعمني جبنة وزيتونة" !!! وهذا كلام عاطفي مبالغ فيه . ولذلك سرعان ما ينساه الطرفان أو يتناسياه بعد الزواج ، فالمرأة تشتكي من بُخل زوجها ، وعدم تلبيته لرغباتها ، والزوج يتأفف من كثرة الطلبات والنفقات .
فلهذه الأسباب - وغيرها - لا نعجب إذا صرّح كل واحد من الطرفين بعد الزواج بأنه خُدِع ، وأنه تعجل , ويندم الرجل على أنه لم يتزوج فلانة التي أشار بها عليه أبوه ، وتندم المرأة على أنها لم تتزوج بفلان الذي وافق أهلها عليها ، غير أنهم ردوه تحقيقاً لرغبتها !
فتكون النتيجة تلك النسبة العالية جداً من نِسب الطلاق لزيجات كان يظن أهلها أنهم سيكونون مثالاً لأسعد الزيجات في الدنيا !!!
ثالثاً :
وهذه الأسباب السابق ذكرها أسباب حسية ظاهرة ، يشهد الواقع بصحتها ، إلا أننا ينبغي ألا نُهمل السبب الرئيس لفشل تلك الزيجات ، وهو أنها أقيمت على معصية الله – فالإسلام لا يمكن أن يقرّ تلك العلاقة الآثمة ، ولو كانت بهدف الزواج - ، فكان العقاب الرباني العادل لأهلها بالمرصاد . قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ) طـه/124 . المعيشة الضيقة المؤلمة نتيجة لمعصية الله والإعراض عن وحيه .
وقال تعالى : ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) الأعراف/96 ، فالبركة من الله جزاء على الإيمان والتقوى ، فإذا عدم الإيمان والتقوى أو قلّ ، قلّت البركة أو انعدمت .
وقال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/97 ، فالحياة الطيبة ثمرة الإيمان والعمل الصالح .
وصدق الله العظيم إذ يقول : ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ _ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) التوبة/109 .
فعلى من كان زواجه على هذا الأساس المحرم أن يسارع بالتوبة والاستغفار ، ويستأنف حياة صالحة قوامها الإيمان والتقوى والعمل الصالح .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .