عنوان الموضوع : اللهمّ اصرف عنـّا قسوة قلوبنا - الشريعة الاسلامية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

اللهمّ اصرف عنـّا قسوة قلوبنا



اللهمّ اصرف عنـّا قسوة قلوبنا (( فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله))

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصـّلاة والسـّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، وبعد إخواني الأفاضل أنقل لكم هنا موضوعا سمعته من عدّة محاضرات وفرّغته لكم هنا وأسأل الله تعالى أن يجعلني أولاً ممـّن أعمل بما أقول حتـّى لا أكون من أهل هذا الوعيد ** فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الزمر:22){كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ} (الصف:3)
وحتـّى لا أطيل عليكم أدخل بالموضوع مباشرة سائلا المولى عزّ وجل أن يعطينا قلوباً واعية وأفئدة خاشعة .
الموضوع هو عن(( كيف نرقـّق قلوبنا بذكر الله تعالى ))
وأمهّد للموضوع من عندي وأضيف عليه بما تيّسر ولذا لن أذكر ممـّن سمعتُ المحاضرات حتـّى لا أكون مخطأً بنقلي فأتصرف بالموضوع بما أراه مناسبا هنا لإخواني الأحبّة في هذه الشـّبكة المباركة وأسأله تعالى مجددا ألاّ يقرأه أحد إلاّ ويخرج منه وقد رقّ قلبه لذكر الله وانقاد وانصاع لأوامره تعالى .
فيا إخواني الأحبّة فوالله لقد قست القلوب وأصبحتْ قلوبُ الكثير من المسلمين ( إلاّ من رحم ربّي ) لا تخشع لذكر الله ولا للاستماع للقرآن أو تلاوته وتدبّره ( أسأل الله العفو والعافية ) وأصبح أحدنا يقرأ نهي الله عن الغيبة مثلا ولسانه لا يكفّ عنها ( أي الغيبة ) فلعلّ هذا الموضوع بفضل الله تعالى أن يساعدنا جميعا( وأنا أوّلكم ) على العودة إلى الله تعالى ، قال تعالى {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} (الذريات:50)
أقول وبالله التـّوفيق ( أذكركم بأنـّه سيدخل كلامي بكلام المحاضرين كثيرا فسامحوني )

أولا : لماذا هذا الموضوع وما الداعي له ؟
الجواب :
1_ : أخي الحبيب إنّ الاهتمام بما تزكو به النـّفس ويرقّ به القلبُ حتـّي ينقاد لشرع الله تعالى ويستجيب لأوامره من أعظم أسباب الخير في الدنيا والآخرة ،
وإذا أردنا طريق السعادة فعلينا أن نهتمّ بقلوبنا وإصلاحها ومداواة أمراضها حتـّى تستجيبَ لربّها ، فالقلب يحتاج إلى واعظ يردّه إلى الحقّ ويردعه عن الشـّر وموضوعنا اليوم من هذا الباب حتـّى تلين قلوبنا وترقّ .
2_ : إنّ الدنيا إخواني الأحبّة في هذا العصر أقبلتْ وتزيّنتْ حتـّى أصبحتْ همّ الكثير من النـّاس .
3 _ : إنّ النـّاس بحاجة لما لما يرقـّق قلوبها ويزيل عنها الغشاوة والقساوة .
4_: إنّ هذا الزمان أصبح زماناً مادّيّا غلب فيه التـّحليل العقلي دون العاطفة .
5_:إغفال هذا الموضوع من قبل الملتزمين وأظنّ ذلك يرجع لأسباب عديدة منها مثلا إعتقاد البعض أنّ هذا الموضوع هو من شأن العامـّة أو شأن المبتدئين من الملتزمين أو الصوفيّة ، والبعض يعتقد أنّ هذا الزمان هو زمان الجهاد والجهاد فقط فأقول أخي الحبيب بالله عليك كيف أستطيع أن أجاهد عدوّي الخارجي ( الكفار وهو من أوجب الواجبات ولا أماري في ذلك ) وأنا راسب في حربي الداخلية ( الهوى وقسوة القلب وبذاءة اللسان )
ثانيا : ما أهميّة هذا الموضوع الآن ؟
الجواب :
تتضحُ أهميّة هذا الموضوع في النـّقاط التـّالية :
1: أنّ من كان قبلنا كانوا يعيشون في محيط إسلاميّ ، والمنكراتُ فيه تستترُ ، أمـّا الآن فالمنكرات علانية وكثيرة ، فمن الممكن للمؤمن أن يتأثـّر فيها من حيثُ لا يشعر فتكون هكذا مواضيع تذكّرنا بالله عزّ وجلّ كالوقود الذي يعطي المسلم طاقة في مواجهة هذه المنكرات .
2: هذه المواضيع تقوّي الإيمان بالله تعالى الذي يعين المسلم على الثـّبات في مواجهة الشهوات ، فإنّ الشهوات سبـّبتْ ضعف الإيمان في القلب عند الكثير من المسلمين.
3: إنّ مخاطبة العقل لوحده قد لا تكفي ما لم تكن ممزوجة بإثارة العاطفة .
4: طلبة العلم وأنصار المجاهدين والدعاة ووو بحاجة لرقـّة القلب أكثر من غيرهم وذلك لما يلي :
أ : العناية بالرقائق تجنـّبه آفة قاتلة ألا وهي العجب والرياء عياذا بالله تعالى .
ب : طالب العلم والداعية يدعو النـّاس للإنابة لله تعالى وطاعته وترك معصيته والخضوع والخشوع لله تعالى فلا بدّ أن يتـّصف هو بهذه الصفات قبل أن يدعو النـّاس لها ( ففاقد الشئ لا يعطيه ) وقد كان سلفنا الصالح يـعتنـُون عند طلبهم العلم عمـّن يأخذون علمهم فينظرون إلى سَمْتِه وأخلاقه ومعاملاته قبل أن يأخذوا منه العلم .
ج : الداعية وطالب العلم ومناصر المجاهدين قد يتعرّض للامتحان والبلاء والسّجن والذي يعينه على الثـّبات بفضل الله القلب الذليل الخاضع الخاشع لله تعالى .
ثالثا : ما هي الأسباب التـّي تعيننا على رقـّة القلب وخضوعه وذلـّته لله تعالى ؟
الجواب :
لخشوع القلب وخضوعه أسباب عديدة لا بدّ منها بعد توفيق الله عزّ وجلّ ، وسأذكر بعضها وأسأل الله تعالى أن ترقّ قلوبنا لذكر الله تعالى ( ملاحظة والله إنّ كلّ واحدة من هذه الأسباب بحاجة إلى ساعات عديدة لشرحها فأكتفي بسرد بعضها وأعلـّق بعض التـّعليقات عليها وأسأل الله تعالى مجدّدا التـّوفيق والسـّداد ) :
أولا : معرفة الله في أسمائه وصفاته ، فمن عرف أنّ الله عليم بصير كيف يعصيه ( والمعصية من أعظم أسباب قسوة القلب )
ولنا في قصّة إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه مع ذاك العاصي الذي طلب منه أن يعظه حتـّى يترك الذنوب فقال له إن أردتَ أن تعصي الله فعليك بخمس خصال ( وذكر منها إذا أردتّ أن تعصي الله فاعصه في مكان لا يراك فيه الله ). لنا في هذه القصة عبر وأي عبر.
ومن علم أنّ الله تعالى شديد العقاب سريع الحساب ذا البطش الشديد كيف يجرأ على معصيته .
ثانيا :محبّة الله تعالى ورسوله والصحابة والتابعين والصالحين والمجاهدين وووووو.
ثالثا : الإخلاص لله تعالى في العبوديّة والإحسان في العمل وهما قرينان لا يفترقان فإنّ الله تعالى لا يقبل من العمل إلاّ ما كان خالصاً صوابا .{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة:5)

رابعا : الدعاء وما أدراكم ما الدعاء ذاك سلاح المؤمن وحصنه الحصين وسيفه القاطع ، ذاك الدعاء الذي إن وفـّق الله تعالى عبده إليه فتأكّد يا عبد الله أنّ الإجابة قريبة بإذن الله تعالى ،
الدعاء ذاك سلاح المؤمن في الشدائد والرخاء ، في الأفراح والأتراح ، في العسر واليسر ، ما لجأ إلى الله لاجئ وخيّبه الله تعالى وما دعاه داع وقطع أمله ،
أخي الحبيب اقرأ قول الله تعالى بخشوع وخضوع {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} (البقرة:186)
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} (غافر:60)
{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} (النمل:62)
أخي الحبيب اقرأ قصص الأنبياء والصالحين اقرأ قصص الأنبياء في القرآن الكريم وفي سورة الأنبياء تجد العجب العجاب فوالله لدعاء يونس عليه السـّلام لوحده ليكفي لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد قال تعالى {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (الانبياء:87)فماذا كانت النـّتيجة عبد الله
{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الانبياء:88) أخي الحبيب تدبّر قول الله تعالى {وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ }
وصدق الشاعر حيث قال :
فقيرا جئتُ بابك يا إلهي ولستُ إلى عبادك بالفقير
غنيّ عنهم بيقين قلبي وأطمع منك بالفضل الكبير
إلهي ما سألتُ سواك هديا فحسبي الهدي من ربٍ بصير
إلهي ما سألت سواك عونا فحسبي العون من ربّ قدير
إذا لم أستعن بك يا إلهي فمن سواك حسبي ومن سواك نصيري
ولنا أيضا عباد الله تعالى في قصص الصالحين عبر وأي عبر أسأله سبحانه أن يجعلنا ممـّن يعتبر .
خامسا :
تذكر الموت وسكرته ، والقبر وضمـّته ، والبعث وشدّته ، والربّ وغضبه ، والجنـّة ونعيمها ، والنـّار وسعيرها ،
تذكّر انتقالك من القصور إلى القبور، ومن الحرير إلى الدود وضيق اللحود ، ومن السرور إلى الشرور ( عياذا بالله تعالى) .
تذكّر أخي الحبيب يوم القيامة وأحوال النـّاس فيه تذكّر قول الله تعالى عن جهنم {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْأِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} (الفجر:23)
{إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقاً وَهِيَ تَفُورُ} (الملك:7)
تدبّر أخي الحبيب هذا الحديث وتخيّل شكل جهنم بهذا الوصف العجيب ( أسأله تعالى أن ينجّينا منها)
** عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالنار يوم القيامة لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها }( رواه مسلم والترمذي )
تذكّر وتذكّر أخي الحبيب ، تذكـّر ماذا أعدّ الله لعباده الصالحين في الجنـّة اقرأ آيات الله العظيمات أقرأ أحاديث رسول الله صلـّى الله عليه وسلـّم اقرأ أخي واتـّعظ واعمل بما أمرك الله سبحانه وتعالى ورسوله صلـّى الله عليه وسلـّم ،
احفظ أخي الحبيب لسانك عن المسلمين عموما والمجاهدين والعلماء خصوصا .
سادسا : أخي الحبيب والله ما زال الموضوع طويل وطويل ولكن سأختصر منه فلقد أتعبتك معي أخي الغالي ، فأقول فلنقرأ القرآن بتدبّر وخشوع فلنسمع ماذا يأمرنا الله فيه فلنعمله وعمـّا ينهانا عنه فننتهي نفلح وربّ الكعبة .
سابعا : قيام الليل وما أدراكم ما قيام الليل ولن أتكلّم عنه كثيرا لأنـّه يحتاج إلى وقفات عديدة وطويلة (ولي موضوع آخر كتبته في الشبكة فليراجع لمن شاء) وأكتفي بذكر قول الله تعالى ** وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الذريات:18)

وقوله صلـّى الله عليه وسلم :** فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له من يسألني فأعطيه من يستغفرني فأغفر له
رواه مالك والبخاري ومسلم والترمذي وغيرهم
وفي رواية لمسلم إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول هل من سائل فيعطى هل من داع فيستجاب له هل من مستغفر يغفر له حتى ينفجر الصبح }

ثامنا : قراءة سيرالأنبياء والمرسلين والصحابة والسّلف الصالح من الأسباب العظيمة التـّي تعيننا على ترقيق قلوبنا ، وأختم بهذه القصّة :
يروى أنّ أحد (الشباب ) الصالحين كان كثير الطاعة لله يحافظ على السنن والنـّوافل والصيام حتـّى في سفره فتعجّب من كان معه في سفره من صلاته وذكره وصيامه وقيامه بين يدي الله رغم مشقـّة السفر ، فسأله من كان معه أخبرنا ما السبب في ذلك فقال دعوني وربّي ، فقالوا بالله عليك إلاّ أخبرتنا ، فقال( وانتبهوا جيدا إخواني إلى ما قال )
قال تكلـّمتُ مع نفسي فقلتُ لها يا نفسي إذا جاءك ملك الموت لقبض روحك فماذا كنتِ تتمنـّينَ ؟ فقالتْ كنتُ أتمنـّى أن أرجع إلى الدنيا فأكثر من العمل الصالح ، ثمّ تكلـّمت مع نفسي فقلتُ لها إذا وضعتِ في القبر وجاءك الملكان للسؤال فماذا كنتِ تتمنـّين ؟ الجواب ذاته ،
ثمّ تكلـّمتُ مع نفسي فقلتُ لها يا نفسي إذا نفخَ في الصور وخرجتِ من القبور ليوم البعث والنـّشور فماذا كنتِ تتمنـّين ؟ الجواب ذاته . ثمّ وثمّ وثمّ وذات الجواب فقلتُ لها يا نفسي ويحك أنت الآن في الدنيا فاعملي صالحا .
نعم عباد الله إذا وفـّق الله عبدا من عباده لطاعته فلا تعجبوا من عمله .
وختاما أسأله تعالى أن يتقبّل منـّي عملي المتواضع هذا ويجعله خالصا لوجهه الكريم ويوفـّقنا جميعا لعمل بما يحبّ ويرضى .
وآخر دعوانا أن الحمد لله والصـّلاة والسـّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله .
عذرا حدث خطأ بالعنوان أرجو من الإدارة تصحيحه (( قلوبنا عوضا من قوبنا ))
الرد باقتباس


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


جزاك الله كل خير


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________