عنوان الموضوع : حكاية مفلس .. تأليف زوجي العزيز روايات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
حكاية مفلس .. تأليف زوجي العزيز
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
بصراحة أول مرة أدخل قسم القصص والروايات ..
وحبيت شارككم بقصة من تأليف زوجي ... الله يجزيه الخير يارب ...
هذه القصة كلما قرأتها بكيت على تقصيري وعظم ذنوبي واحسست بحاجتي الى العودة الى الله .. لذلك احببت ان انشرها في المنتدى للاستفادة والاجر ..
قصة راااااااائعة ومؤثرة جداً وطريقة طرح جديدة ..
أتمنى أن تنال اعجابكم
حكاية مفلس
بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين ..
أما بعد :
فهيا إخوتي لننتقل سويةً إلى أرض غير أرضنا لنعيش مع بعضنا قصة في زمان ٍ غير زماننا
وبطل القصة الذي سوف نمضي معه ,رجل مسلم عاش من العمر سنيناً عديدة , عبد الله سبحانه وتعالى فيها , وأدى الصلاة المكتوبة والنافلة, وصام رمضان , وأدى الزكاة وتصدق, وحج البيت واعتمر.
تبدأ القصة عندما أفاق من نومة طويلة فقام متعب البدن ينفض الغبار عن رأسه وجسمه ويفتح عينيه بصعوبة وكأنما لم يصح من نومته بعد ,نظر حوله فلم يدر أين هو !؟؟
فقال متعجباً: أين أنا !!؟؟ وما هذه الأرض التي لم أرى لها مثيلاً !!!؟؟
وما هذا الازدحام الشديد ؟؟! لا يكاد يوجد للمرء مكان يضع فيه قدماه ..
تساءل مجدداً : ما بال هؤلاء قد اجتمعوا اليوم مع بعضهم , الرجال والنساء , والكبار والصغار , البيض والسود , بل حتى البهائم , وفوجئ عندما رأى مخلوقات عجيبة كأنها ألسنة نار حولت إلى أجساد , فقال : إنهم الجان ولا شك .
ولكن ما بال البشر كلهم حفاة عراة , ومع ذلك لا يلتفت أحدهم إلى غيره .. أي أمر جلل هذا الذي أذهب عقولهم ..
يا إلهي إنه يوم الحشر ... إنه يوم القيامة ..
نعم .. لا بد أنه هو ..
وتملكه من الخوف ما تملك كل من رآه في هذ الموقف .
نظر إلى الوحوش والبهائم فإذا هي منكسة رؤوسها يملؤها الخوف, مع أنها غير مكلفة , فممّ تخاف ؟!!
بل الأعجب أنه رأى الجبال التي لطالما كانت ثابتةً في الارض في الحياة الدنيا , بل كانت هي من يثبت الأرض ويحميها من الزلازل , وهل هناك أقوى وأرسى من الجبال !!
لقد رآها كأنها أكوامٌ من صوفٍ قد نفشت لشدة ضعفها وقلة تماسكها , خوفاً ورهباً من هذا اليوم العظيم , مع أنه لا عقل لديها ولا روح ..
أما من مناظر الناس فقد رأى عجباً لم ير مثله قط .
فهناك رضيعٌ يصرخ ويبكي قد بح صوته وخفي, يستجدي أمه أن تلقمه ثديها , وهي ذاهلة عنه كأنها لا تسمعه .. لها شأن يشغلها عنه .
نظر غير بعيد فرأى امرأة تلد وحدها , ليس هناك من حولها من يساعدها فعجب لذلك وزاد عجبه
أنه رأى الولد قد سقط , فلم تحمله أمه بل ولم تكترث به أبداً , وإنما قطعت الحبل السري الذي يصله بها وأدارت ظهرها ومضت في مسيرها الشاق.
مضى في سيره والعرق ينصب منه انصباباً , كيف لا والشمس لم تكن تبعد عن رؤوس الخلق إلا ميلاً واحداً , فجميع الناس مثله يتصببون عرقاً ولكنهم يتفاوتون في ذلك ..
منهم من بلغ عرقه الأرض حتى علاها الى كعبيه , ومنهم الى ركبتيه , ومنهم الى كتفيه ,
ومنهم الى فمه يلجمه لجماً .
إلا أنه رأى من بين الناس رجلاً ما أثرت حرارة الشمس الملتهبة في جسمه فقال في نفسه : لمَ هذا الرجل من بين كل من رأيت لا يعرق !!.
مضى إليه وبثه تساؤله ..
فأجابه ذلك الرجل : إن الله كافأني من جنس عملي ..
فلطالما عرقت في الدنيا في سبيل الله , جاهدت في الله , وتحملت مشقات كثيرة في الدعوة وكنت أعين الناس في أعمالهم
نعم ..
لقد عرقت في الدنيا حباً لله , فعافاني الله من العرق اليوم حباً في عملي
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
ولكن صاحبنا ما غبط هذا الرجل بقدر ما غبط أناساً مصطفّين في سبع صفوف , وهم ماكثون في ظل ظليل , فتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
إنه ظل الرحمن ولا بد..
ليتني كنت معهم .....
ليتني قدمت عملاً جعلني في أحد صفوفهم ..
لم يكن من الصعب جداً ان ألزم صلاة الجماعة لا أفارقها فأنجو من هذا الحر العظيم , أو أن
أغتنم شبابي في عبادة الله والدعوة إليه , ليتني أخفيت صدقة واحدة فقط عن جميع الناس
لكانت انقذتني من شدة حر هذا اليوم .
ورأى على أحد هذه الصفوف لائحة كتب عليها : من فاضت عينه من خشية الله خالياُ ..
فتحسر على كل عمره .. إنها لحظة واحدة . أخلص فيها لله وأسلم قلبه إليه .. وتذلل وخضع
وأقر بذنوبه ففاضت عينه من الخوف .. فأجاره الله من حر هذا اليوم وما أطوله من يوم .
وأكمل صاحبنا مسيره فرأى مشهداً خلع قلبه , فقال : الحمد لله على ما أنا فيه , فإني وإن طال بي الوقوف والانتظار وإن اشتد الحر فإنني في خير عظيم .
رأى أناساً تكوى جباههم وجنوبهم وظهورهم بالذهب والفضة المحماة ورأى غيرهم على الارض تطأهم الابل والبقر والغنم وتعضهم , فقال من هؤلاء ؟؟
فسمع سؤاله رجل فقال له :
لقد قرأت خبرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :إنهم مانعو الزكاة ..
فقال صاحبنا له : وكم سيبقون في هذا العذاب الأليم المهين ؟؟
فقال له الرجل: خمسون ألف سنة .. حتى يبدأ الحساب ...
طاش صواب صاحبنا , وطار فؤاده وقال في نفسه : وهل تستحق الدنيا كلها بما فيها من نعيم هذا العذاب !!
ثم قال وهل سننتظر في مقامنا هذا خمسين ألف سنة , يا له من يوم عصيب , وانتظار طويل ..
والله لو كان هذا الموقف ساعة فقط لكفى من عذاب ٍ ينسي نعيم الدنيا كلها.
وما هو بساعة .. ولا يوم .. ولا سنة ... بل آلاف السنين .. خمســـــــــــون ألف سنة...
وكان من بين المناظر الي أفرعته أناساً يحملون على ظهورهم أثقالاً فمنهم من يحمل دابة
ومنهم من يحمل مالاً ومنهم من يحمل طعاماً
فقال : والله ... إن التخفف في هذا اليوم لا بد منه ..
ما لهؤلاء يتعبون أنفسهم .. إنهم لا يستطيعون أن يمشوا عزلاً فلمَ يجهدون أنفسهم , ثم مضى ليعرف السبب ..
فقال : ما بكم ؟؟!! ولمَ تفعلون بأنفسكم هذا .. تخففوا فإن الحر شديد , والطريق طويل , والموقف رهيب .
فقالوا له : وهل تظن أننا نقدر أن نضع عن كاهلنا ما حملنا !!
لقد حملنا الله إياها وألزمنا بها ..
فقال لهم : وما ذنبكم .. ويحكم من أنتم ؟؟
فقالوا: نحن المرتشون .
فقال :سحقاً .. سحقاً .
يا لخسارتكم ..في الدنيا دناءة نفسٍ ولا تحصلون منها إلا ما كتب لكم وفي الآخرة خزي وعار وعذاب ..
وأكمل مسيره ...
نظر أسفل منه فرأى أناساً أحجامهم كالذر (وهو النمل الصغير) يطأهم الناس بأقدامهم غير مكترثين بهم أي اكتراث .
فقال: يا الهي ! والله ما رأيت اليوم من هو أكثر ذلاً منكم..
أّيّ صغارٍ قد حل بكم !
طأطأ رأسه , وأمعن فيهم النظر , ثم قال : من أنتم ؟؟
كأني قد رأيتكم في الدنيا ...
نعم لقد رأيتكم كثيراً على القنوات الفضائية ..
إنكم من كنتم تتسمون ملوك الدنيا ..
الله أكبر..
أين ملككم !!؟؟ أين عزكم وجاهكم وجبروتكم !!؟؟؟
لطالما قتلتم المسلمين ..
لطالما تجبرتم في الأرض وفعلتم في المساكين الأفاعيل..
يا لصغاركم وحقارتكم !!
ثم دارسهم برجله ومضى ..
وأيقن أنه ما صغر وحقر الله هؤلاء الا لتكبرهم في الدنيا ..
فكل من تكبر في الدنيا , صغر وحقر في الآخرة على قدر تكبره ..
ولن نطيل الحديث كثيراً في قصة صاحبنا في موقف الحشر هذا, وإنما سنطوي الزمان طيات
عديدة .. لنرحل إلى زمان آخر .
والمكان هو ..هو .. ولكن بعد خمسين ألف سنة .
أدرك صاحبنا ما أدرك جميع الناس من التعب والحر والعذاب , حتى أنه كان يسمع أناساً قد
أيقنوا أنهم من أصحاب الجحيم يقولون : ليحاسبنا ربنا ويقضي بنا إلى جهنم فما عدنا نطيق انتظاراً.
فقال : و يكأنهم يظنون أن ما هم فيه من عذاب أشد من عذاب جهنم !!
وهل فوق الجحيم من عذاب ..
ثم رأى الناس بعد ما أنهكهم التعب قد أجمعوا أمرهم أن يطلبوا الشفاعة إلى الله حتى يحاسبهم ,فمضى بينهم وسار سيرهم , فقالوا : إلى من نذهب ؟؟ تشاوروا ثم اتقفوا أن يذهبوا الى آدم فهو أبو البشر , خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه , وأسجد له الملائكة ..
فذهبوا إليه وطلبوا منه الشفاعة . فقال لهم آدم عليه الصلاة والسلام :
إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله,
وإني نهاني عن الشجرة فعصيته .. نفسي .. نفسي ... اذهبوا الى غيري ..
اذهبوا الى نوح ...
فأسقط بين يدي صاحبنا من فزع آدم عليه السلام , وهو من هو , ومن قوله عن غضب الله عز وجل, فزاد خوفه وفزعه .
اتجه مع الناس إلى نوح فأرسلهم إلى ابراهيم ثم موسى ثم عيسى , عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه ..
وكل نبي يقول قريباً من قول النبي الذي قبله ..
__________________________________________________ __________
وأخيراً .. أرسلهم عيسى عليه السلام الى سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم .. فطلب منه الناس ما طلبوا من الأنبياء قبله .
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنا لها.. أنا لها..
وينطلق حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم , فيأتي تحت العرش ويقع ساجداً لربه ويحمد الله ويثني عليه بما هو أهله , ثم يقول الحق سبحانه :
يا محمد .. ارفع رأسك .. وسل تعط ... واشفع تشفع ..
فيقول نبينا صلى الله عليه وسلم ... يا رب أمتي .. أمتي
فيقول الرب تبارك وتعالى :
يا محمد أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب .
وشعر صاحبنا بالفخر والعزة فقال:
أنا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
أيها الناس .. أنا من شفع نبيه فيكم جميعاً..
يا لحبي لك يا رسول الله ..
قال الأنبياء للناس : اذهبوا الى غيري ..
وصرخت أنت : أنا لها .. أنا لها ..
قال الأنبياء : نفسي ... نفسي ...
وقلت ياحبيبي : أمتي .. أمتي ..
ففي هذا اليوم الذي غضب فيه الملك جل وعلا كل هذا الغضب الذي لم يغضب قبله مثله , ولن يغضب بعده مثله , يقول لك :
يا محمد .. ارفع رأسك ... سل تعط ... واشفع تشفع ...
سوف يبدأ الحساب أخيراً بعد كل هذا الصبر...
وبدا على الوجوه راحة.. فقد آن الأوان ليرتاحوا من هذا العذاب ولكن طرق الاسماع جلبة عظيمة , وكأن جيوشاً لا حصر لها تتقدم.
وعلت أصوات نيران عظيمة ٍ .. تضطرم ويحطم بعضها بعضا .
نظر صاحبنا واذ به يرى ناراً عظيمة جداً , يجرها عدد لا حصر له من الملائكة .. نعم .. انها نار جهنم .. ولكنها سوداء كسواد الليل .. وليست كنار الدنيا .. ولها سبعون الف زمام ويمسك بكل زمامٍ سبعون الفاً من الملائكة الغلاظ الشداد .
نظر اليها فرأها تأكل بعضها وتنادي أصحابها ..
ثم تزفر زفرة عظيمة فترتجف القلوب وتطير..
ثم تمتد لها يد ُ تمسك من بين المحشر أقواماً .. فتأخذهم اليها ..
انهم الكفار .. ولا حساب عليهم بل هي النار والخلود فيها..
فحمد ربه على نعمة الاسلام التي أنعم الله بها عليه .. عندما رأى عظمة هذه النار ..
وقال في نفسه :
نعم هذه هي النار التي لطالما خوفنا ربنا منها , وأمرنا أن نتقيها ..
ومع ذلك لطالما أسرفنا في الذنوب .. لطالما قصرنا في الطاعات ولطالما أسأنا لبعضنا ..
ولكن ليس المخبر كالمعاين .. وليس من يسمع كمن يرى وليس من يرى النار كمن يحترق فيها ..
ثم يرفع رأسه فيرى أنواراً تتلألأ في السماء وتهبط ... انهم الملائكة .. ملائكة السماء
يا لنورهم ما أجمله ..
كيف لا .. وهم لا يعصون الله ما أمرهم ..
وتصطف هذه الملائكة .. ثم تتنزل أنوار اخرى انهم ملائكة السماء الثانية فيصطفون أيضاً وهكذا تتنزل ملائكة السماء صفاً صفا ..
ثم يتنزل الحق سبحانه وتعالى على عرش عظيم تحمله ثمانية من الملائكة .. وتأتي كرامة عظيمة أخرى للنبي صلى الله عليه وسلم عندما يعلن ان أمته هي أول الامم حساباً .
وبينما الناس في هذا الخوف ينتظرون الحساب إذ تخرج منهم طائفة عظيمة يؤمر بها أن تنطلق الى الجنة ..
فقال : هكذا بدون حساب ولا أي عذاب !!!
أهم الانبياء أم الشهداء !!!
فقال له شيخ كان الى جانبه : بل هم زمرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. ليتني كنت من أمته فأفوز بما فازوا ..
فندم صاحبنا أشد الندم وقال في نفسه : ولكنني من أمة المصطفى , ومع ذلك لست من زمرته ..
فزمرته الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا سابقة عذاب .
هم المتوكلون على الله حق توكله , وما كان ينبغي لي أن اعتمد على أحد في الدنيا غير الله ..
كان جديراً بي أن ارتبط به وحده فلا أطيع غيره وأعصي امره .
فقد ايقنت تماما ان النافع والضار هو الله
ولكن واحسرتاه .. فقد فات الاوان.
__________________________________________________ __________
ثم بدأ الحساب ...
وبدأت الملائكة تنادي : فلان بن فلان ..
فقال صاحبنا وكم من رجل تشابه اسمه واسم أبيه مع غيره ولكنه يتفاجأ أنه لا يقوم من بين المليارات ولا يتقدم الا رجل واحد ..
فيوقف هذا الرجل بين يدي ربه جل وعلا وليس معهما أحد ..
وينتظر صاحبنا دوره آماداً بعيدة ..وهو في كل انتظاره يصغي بأذنه يخشى أن يفوته اسمه
وفجأة تقرع الملائكة اسمه أن تقدم .. تقدم.. وقف بين يدي ربك فهذا يوم الحساب .. لن يبقى صغير ولا كبير عملته الا ستجزى به ..
وقف بين يدي ربه خالياً ليس معه أحد .. لا سند ولا نصير ولا مجير له من الله ..
وقف أمام ربه عز وجل عارياً كما ولد ..ليس معه مال ولا ولد يتقرب به الى الله ولا ينفعه مع الله الا ما كان قد قدم من عمل ..
وهو في وقفته هذه طار كتاب واتجه اليه فتناوله بيمينه فقال له سبحانه وتعالى :اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ..
فتح الكتاب وبدأ يقرأ فيه فعجب من ضخامة هذا الكتاب , انه لم يترك شيئاً صغيراً ولا كبيراً الا جاء عليه ولكنه لا يرى الا السيئات والرب تبارك وتعالى يقول له : عبدي .. ألست قد فعلت كل
ما كتب في كتابك ؟؟
فيقول الرجل : بلى يا رب
فيقول سبحانه وتعالى : عبدي لم فعلت كذا ,, لم فعلت كذا ,, لم فعلت كذا ؟؟ّ!!
ألم أخلقك خلقة سوية ,, وكرمتك على كل الخلائق ,, ألم اجعلك في بيئة مسلمة ,, ووهبتك لساناً عربياً تستعين به على ذكري,, وعشت من العمر ما يكفي لتحصل كل خير .
وبدأ الحق سبحانه وتعالى يعدد على العبد ذنوبه , ويذكر له فضله عليه ..
والعبد يقر بكل ما يقول الرب.. ويستحي و يستحي .. حتى تساقط لحم وجهه حياء من الله ..
فيقول الله سبحانه وتعالى : عبدي اني قد سترت هذه الذنوب عليك في الدنيا وأنا اغفرها لك اليوم ..
ولن أستطيع أن اصف فرحته أبداً .. بل ولن تستطيع أن تتخيلها ..
ويكمل صاحبنا قراءة كتابه فيرى أعماله الصالحة كلها قد سجلت ويرى ما أعطاه الله بها من خير عظيم , وضاعف له عليها من الاجر والمثوبة..
مضى وهو يقول في نفسه : يا رب كم عصيتك في الدنيا ..
كم قصرت عن عبادتك ..
كم غفلت عنك .. عن ذكرك .. عن دعوة الناس إليك ..يا ليتني فد عشت عمري مع القرآن ..
كيف كنت أشرد عن كلامك .. لا اتفكر فيه .. ولا اتدبره .. ولا أداوم على تلاوته ..
يا ليتني كنت أخلو بك الليالي الطويلة أدعوك وأناجيك وأتضرع بين يديك ..
والله ركعتان في جوف الليل في الدنيا .. خير من كل ما كنت أسعى اليه ..
يا ليتني ... يا ليتني ..
يا لعظم ندمي على ما فرطت من عمري في الدنيا ..
يا لعظم ندمي على كل لحظة اضعتها في الدنيا ..
ولكن فات الاوان , ما عاد ينفعني ندم ..
فاليوم كله جزاء وليس فيه عمل ..
ثم تأمل رحمة ربه سبحانه وتعالى وحلمه عليه فقال ..
ما أحلمك .. ما أحلمك .. ما أحلمك
كم من ذنب سترته علي في الدنيا .. وغفرته لي الآن ..
والله إني لا استحق من كرمك شيئاً ..
والله ما كان عملي ليبلغني الا النار ..
فالحمد لك .. الحمد لك .. الحمد لك..
وقفل عائداً الى مكانه وهو يبكي ويحمد الله على ما أكرم عليه ..
حتى إذا رأى أصحابه قال لهم : انظروا... انظروا ... هذا كتابي .. هذه أعمالي... لقد ضاعف الله لي الحسنات .. وغفر لي السيئات ..
ويجتاز بهذا الرصيد العظيم الميزان ويصل الى الصراط ..
فيقول ما هو إلا عبور هذا الصراط حتى أدخل الجنة ..بعد مسيرة شاقة مضنية طويلة جداً ..
و الصراط طريق أحدّ من السيف وأدق من الشعرة موضوع على متن جهنم لا بد لكل مسلم من المرور عليه .
ورأى تفاوت الناس في عبورهم على الصراط وسرعتهم, فمنهم من يمر كلمح البرق ومنهم من يمر بسرعة الطير أو الخيل ومنهم من يجري عليه ومنهم من يمشي ومنهم من يحبو حبواً وما دون ذلك من درجات .
كان الظلام حالكاً جدا فوق الصراط , فليس عليه أي نور وإنما كل امرئ يحمل نوره معه , فمن الناس من يخبو نوره تارة وينير أخرى ومنهم من ينير له أمام قدميه وحسب , ومنهم من ينير له فوق ذلك .
حتى رأى أقواماً قد أتم الله لهم نورهم فلم ير نهاية له , فقال من هؤلاء؟؟
فقيل له : هم المشاؤون في الظلم , هم من كانوا يداومون على صلاة الفجر جماعة , قد أتم الله اليوم لهم نورهم ..
وفي هذا المكان المخيف , حيث لا يمر الناس بأقدامهم ولا بقوة أجسادهم وانما هي أعمالهم
وعندما كانت أمة النبي صلى الله عليه وسلم تجتاز الصراط , رأى صاحبنا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم واقفاً جانب الصراط يدعو لأمته ويقول : يا رب سلم ... يا رب سلم ...
فقال : أي رحمة جعلها الله فيك يا حبيبي يا محمد .
واي عناء كابدته في الدنيا , واي مهام عظيمة قد توليتها اليوم ,, والله كنت في الدنيا رحمة عظيمة للعالمين وانت اليوم كذلك ..
ويقدر الله له أن يكون من الناجين ..
__________________________________________________ __________
ويصيح بعد أن يقطع الصراط :
فزت ورب الكعبة ..
لم يبق لي الا ان ادخل الجنة ..
ولكنه فوجئ بعد ذلك أن رأى أمامه قنطرة عظيمة تدعى قنطرة المظالم
فتنهد طويلاً وقال: أولم ننته بعد ؟؟!!
حشرُ خمسون ألف سنة, وحساب لا يترك صغيرة ولا كبيرة , وميزان وصراط ممدود فوق جهنم ... ولم ينته الامر .
وهو يفكر في ذلك .. سمع اسمه ..
نعم .. لقد نادت الملائكة باسمه , ثم قالت : من كان له حق عنده فليأت ويأخذه ..
فقال : ولكن كيف أعطيهم , فأنا لست في الدنيا ولا مال لدي أعطيه اليهم ..
فقيل له : ذاك حساب الدنيا أما اليوم فالحساب بالحسنات والسيئات
فقال لهم :ماذا !! حسناتي ... أعمالي ...
وبدأت الجموع تتوافد إليه ..
منهم من يقول : لقد كذب علي أريد من حسناته ..
وغيره يقول أريد حقي .. أريد حقي لقد شتمني ووبخني أمام الناس ..
بل ان ابناءه قدموا جميعا ً وقالوا :أعطونا من حسنات أبينا فإنه لم ينشئنا التنشئة الصالحة, ولم يعلمنا القرآن بل كان في غفلة عنا ..
وهو يرى حسنته تتناثر وتضيع من بين يديه ..سلب عقله .. وطاش حجره وراح يصيح :
أريد أعمالي .. أريد صدقاتي ..
أتصدق ويؤجر غيري .. أًصلي ويثاب غيري .. أصوم ويأخذ غيري حسناتي ..
وظل على هذه الحال حتى لم يبق لديه حسنة واحدة ..
لكن الجموع أصحاب الحقوق لم ينتهوا بعد ..
أقبل حشد من الناس يقولون : لقد اغتابنا هذا الرجل في ظهورنا ولم يكن يحسب لغيبتنا حقاً ..بل كان أحياناً يبهتنا فيذكرنا بما ليس فينا , نريد حقنا منه , نريد من حسناته
فقال لهم: سامحوني .. أرجوكم أتوسل إليكم ..
فقالوا : لا هي حقوقنا .. ولعلنا ندخل الجنة بحسنة من حسناتك ..
الامر عظيم والفرصة لا تفوت ولا مجال للمسامحة هنا ...
فقال : ولكن لم يبق في كتابي حسنة واحدة .. ضاعت جميعها ..
لطالما تعبت في الدنيا في تحصيلها ..
ضاعت الآن في لحظات على هذه القنطرة ..
فتقول الملائكة : ألقوا عليه من سيئاتكم ..
فيلقون عليه من سيئاتهم
فينظر في كتابه فزعاً :
لا ... لا .. أنا لم أزني كيف أحاسب على ذنب لم أفعله .. كيف أكتب زانياً ..
أنا لم أشرب الخمر ولم أعرف طعمه .. يشرب غيري واحترق أنا بذنبه ..
وأخر يسرق وأسمى أنا سارقاً ..
وما أفاده ندمه فليس الموقف هناك موقف ندم وما نفعه صراخه فهناك لا ينفع الا عمل قدم في الدنيا ..
فبعد أن طرح عليه من سيئاتهم طرح هو في النار ليتعذب بذنوب غيره .. حتى اذا تطهر منها دخل الجنة ...
هذا الحديث رواه مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدرون ما المفلس؟" قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع فقال:" إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا و ضرب هذا فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار".
انتهت بحمد الله لا تنسونا من دعوة صالحة
__________________________________________________ __________
وينكن يا بنات 29 مشاهدة ولا رد ؟؟؟!!!