عنوان الموضوع : ليس آخر محطة ... ( من أريجي ) قصة حقيقية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
ليس آخر محطة ... ( من أريجي )
(( حتما سيعود ))
من نافذة غرفتي العلوية كانت عيناي تشخص للمدى البعيد ... تنتظر قدومه !
كذا كانت أذناي تنتظر سماع وقع خطواته المميزة التي تعرفها من بين بلايين الخطوات .
هذا ما كنت أفعله قبل أن أخلد للنوم كل يوم ، ماكنت أمل أبدا ولا أكسل بالرغم من أنه لا يوجد هناك ما يدفعني ويحمسني !
فقد كان آخر اتصال له قبل سنة تقريبا ، بعدها لم أسمع صوته الذي كان يشنف أذناي بأعذب النوتات الموسيقية ... فقط كنت أحتفظ له في سويداء قلبي ببعض الكلمات التي كانت تعطيني جرعة من القوة والثبات كلما تذكرتها ، فقد كان في كل نهاية مكالمة يقول لي :
- قد تقسو الظروف علي ... وقد تطول فترة غيابي ... لكن اعلمي أن قلبي هنا في موطني الذي هو أنتِ .... لذا فمهما طال غيابي .. تيقني من عودتي .
لذا بتّ أكذبُ العالم بأسره إن تكلم باستحالة عودته ، ولم أكن أحمل هما سوى هم عودته إلى ديار قلبي ، لأثبتَ للعالم أن جسر الثقة التي بنيتهُ له في كياني لازال صلبا حديديا لم يصدعه الفراق والبعد ... و أنّا له أن يفعل .
(( إنهيار الجسر ))
كم حاولت والدتي معي أن أنساه و أن أطوي ملف ثلاث سنوات و أرميه في قبر النسيان ، ذاك القبر الذي يلوذ إليه كل قلب قاسى الكذب والهجر والخيانة ... ولكنني كنتُ أتمتم بثقةٍ تترجمها إبتسامتي العريضة :
- سيعود يا أمي ليسير مجددا بقدميه على ذلك الجسر .
وفي إحدى الليالي القمرية وبينما كان الجميع يغط بنومٍ عميق ... كنتُ أنا أعزف لحن الانتظار الشجي هنا بجانب النافذة التي أصبحت جزءا لا يتجزأ مني ... إذ بهاتفي الخلوي يرن تررررن تررررررن تررر .... فتحت الخط .... لأسمع كلمات جعلت جسر الثقة الذي أعتدّ به ليل نهار يخرّ في ثوان جاثيا على ركبتيه !!!
ودعتُ عمي الذي أخبرني بأنه سيزورنا غدا ثم أغلقتُ الخط ، ثم أجهشتُ بالبكاء المرييييير ... حتى جفت ينابيع دموعي فاسترجيت النجوم ناظرة لها ... فعصرت النجوم ذاتها ممدة إيايَ بنبعٍ من الدموع جديد ، بينما حرك القمر أنامله السحرية عازفا على أوتار نوره التلكي معزوفة من الحزن لم أسمع مثلها في حياتي .... نصف ساعة مضت و أنا أنزف دما من الحزن والألم ، ثم بعدها مشيتُ بخطىً ثقيلة نحو المرآة لأرى نفسي....
ولكن !!!
للأسف رأيتُ شبح الحزن متمثلا في كيان امرأة ملامحها بالكاد تشبه ملامح فتاة ربيعية العمر ..... إسمها منال .
أكملها غدا ان شاء الله
دمتم بحفظ المولى
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
سبب كتابتي للقصة :
هناك الكثير من صديقاتي ممن ذقن مثل هذه الصدمة منهن من تغلب عليها مع مرور الوقت ومنهن من لا زلن في غياهب الجب !
لذا كانت مني هذه القصة لهن خاصة ولنفسي وللجميع عامة ، إذ الزواج هو مجرد محطة ليس بالضرورة أن تكون الأخيرة بل هناك محطات عدة و لنا القدرة في أن نجعلها الأجمل .
__________________________________________________ __________
(( إنهيار ذاتي ))
وفي صباح اليوم التالي جاء عمي و أخبر الجميع بالخبر لتنظر لي أمي بعدها غاضبة ثم تقول :
- ماذا بعد ؟؟
فأحنيت رأسي وابتسمت ابتسامة حديثة عهد بولادة ، إذ لم تكن تشبه أي نوع من الأنواع التي في قاموس الابتسامات ، ذاك لأنها ممزوجة بمشاعر غريبة أنا نفسي لا أعرف كنهها !!
ثم رفعتُ رأسي و قلتُ لها :
- ماذا بعد ؟؟!
لم أكن أستطيع قول شيئ لأني أثق بعمي ولا أستطيع تكذيبه ... وبالمقابل لم أستوعب بعد أن أسامة خدعني بكل هذه البساطة ..!
زعم أنه سيذهب ليكمل دراسته ثم .... يتزوج !!!
وليس هذا فحسب ، بل أوهمني أن الظروف قد تقسو و أن علي انتظاره لأنه حتما سيعود و إن طال الفراق ... لأسمع بعدها صوت أمي وكأنها توبخ قطرات الدمع التي انسابت لا شعوريا على وجهي :
- قطع اتصاله بك تماما في نفس الفترة التي تزوج فيها ... حاولت حينها إقناعكِ بنسيانه فأبيتِ إلا أن تعذبي نفسكِ.... ثم سكتت هنيهه ثم صرخت ثانية :
- فماذا بعد ؟؟!!
فاستنهضتُ واقفة بكيانٍ متهالك واستدرتُ خارجة وأنا أهمهم :
- كل الخير إن شاء الله ... كل الخير .
صعدتُ إلى غرفتي و أحكمتُ إغلاق الباب ثم رميتُ بطانيتي على الأرض وحللتُ عقدة الشريط الذي كان يلفُ شعري واتخذتُ منه لحافاً يحجبني عن العالم الخارجي ، فلم أعد أرغبُ بأن يرى أحدٌ ضعفي و دموعي ... ولا حتى أسياد الليل ( النجوم والقمر ) .
يتبع إن شاء الله
__________________________________________________ __________
جميييييل غاليتي
طرحك في قمة الرقي
و كلماتك لها ينبوع خاص
ولمحة انسانية رائعه
تعلم الأنسان فوائد حياتية متنوعة
اكملي وانا في انتظارك ..
__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة غدير الليل
جميييييل غاليتي
طرحك في قمة الرقي
و كلماتك لها ينبوع خاص
ولمحة انسانية رائعه
تعلم الأنسان فوائد حياتية متنوعة
اكملي وانا في انتظارك ..
أنت الأجمل غاليتي
أبهجتني كثيرا كلماتك خصوصا لأنها خرجت من بين شفتي مبدعة مثلك .
غدير الليل ... لو لم تأتي لما كنت أكملتُ القصة ، لعلي بذلك أحرك بعض الأقلام للكتابة والاستفهام عن عدم إكمالي ؟!
ولكنك قد حمستني الآن فجرعة كلماتك هذه كفيلة لأن أكمل هذه القصة وأكتب ثلاث غيرها ههههه .
أشكر لك مرورك وجميل كلماتك
وإيقاع حروفك المترامي بسخاء
دمت بكل خير
__________________________________________________ __________
(( إلى المحطة الجديدة ))
فتحت أجفاني في صباح اليوم التالي بتثاقل ، ثم أزحتُ اللحاف الجديد عن وجهي والذي كان لايزال مبتلا بدمعي ... مشيتُ إلى المرآة ... نظرتُ إلى نفسي ... أمعنتُ النظر فيها ثم سألتها :
- ألهذه الدرجة أنتِ ضعيفة ؟؟
- ألهذه الدرجة يحطمكِ مخلوق لا حول له ولا قوة ؟؟!
فلم تحرك ساكنا ...!
فنظرتُ إلى الخاتم الذي يحتضنُ أصبعي الوسطى لمدةِ ثلاثِ سنوات تقريبا ... ثم نزعته بقوة وهرولتُ نحو النافذة ورميتهُ وقلبي يصرخ :
- وداعا أيها الحزنُ و إلى الأبد ... ( لأسمع صدى صوتي يقول ) :
- وداعا أيها الحب الكاذب و إلى الأبد .
أغلقتُ النافذة و سألتُ ربي أن يمنحني القوة والثبات ، ذهبت إلى الخلاء و أسبغتُ الوضوء ثم فرشتُ سجادتي وصليت ... و دعوت ... و أسقيتها بغيث من الدموع ... بكيتُ أمامه سبحانه كالطفل الرضيع ... أحسستُ بعظيم ضعفي و بعظيم قوته سبحانه ... أحسستُ بأنه يحبني ... نعم يحبني ، وما أجمله من شعور ... لم أذق مثله قط في حياتي .
يحبني لأنه هو من ابتلاني وجعل في طيات هذا البلاء عطايا و أنعم بها من عطايا أبرزها حين جعلني ألتجئ و ألوذ إليه في معمعة المصيبة . ( له الحمد حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه ) .
ولازالت العطايا مستمرة ... فبعد أن أنهيتُ صلاتي ، فتحتُ المذياع فإذا بي أسمع :
- إسأل نفسكَ أي هم تحمل ؟؟ ... هل تحمل همّ تغيير نفسك؟ هل تحمل هم الدعوة ونشر الخير و إسعاد الناس ؟؟! ... أم أنك لا تحملُ هما ؟!!! .... أو ربما تحمل هما تافها !
إعرف قدركَ بالهم الذي تحمله !!
إن كان تافها ، فاعلم أنهُ حملٌ كاذبٌ عقيم ولا مجال للولادة ! ... ولكن لم يتوقف الزمن بعد ... فلا زالت عقارب الساعة تركض وتركض لتصل للهدف ، لذا ...
إبدأ من جديد ... وحدد لنفسك هدفا جديدا يستحق منك العناء وتؤجر عليه في الآخرة ... فها قد انطلقت صافرة القطار فلا تضيع فرصتك في الذهاب إلى محطتك الجديدة .
إنتهى ... كلمات قليلة جعلت بفضل الله الأمل يشتعل في داخلي ليحرق الحزن الغائر تاركا إياه رمادا ينتظر ناقلة الريح الصباحية لتقله إلى موطنه ... إلى أحد المقابر القريبة .
غسلت وجهي ، وارتديت فستاني الأبيض الزهري ثم وضعت على شفتي مرطب برائحة النعناع ، وقرصت خداي لأحصل على وجنتين ورديتين ، ورفت شعري من الأمام بشريط أبيض على جنبه الأيمن وردة زهرية قطفتها من مزهريتي ، ثم ألقيت على نفسي نظرة أخيرة و هرولت مسرعة لأخبر والدي عن هدفي ... عن المحطة الجديدة التي أنوي الذهاب إليها والتي هي بكل فخر ....
( مركز تحفيظ القرآن )
إخترت ذلك لأنه قال سبحانه ( وننزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمين )
عندها علمت أن الجراح الغائرة في قلبي لن يشفيها إلا القرآن
وبعد سنتين تقريبا حفظت المصحف ، وأصبحت بفضل الله عز وجل إحدى المعلمات الموقرات في ذلك المركز ، ومن حينٍ لآخر كان يزورني شبح أسامة ولكني طعنته بخنجر الطلاق الذي حصلت عليه من المحكمة حينها أدركت أن الزواج ليس أخر محطة نقف عندها ، و وصل بي الحال إلى أني كنت أقول لوالدتي مستهزئة :
- أيعقلُ أني كنت أحمل في قلبي يوما من الأيام ... همّ عودة رجل !!!
أي جنونٍ وصلتُ له !!! حمدا لله أني نجوت .
لتقول والدتي مبتسمة ابتسامة رضى :
- حمدا لله .. حمدا لله
تم بحمد الله
بقلمي : أريج الربيع