عنوان الموضوع : جزاء الاحسان..بال..ولو بعد حين
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

جزاء الاحسان..بال..ولو بعد حين






كان مساءا مختلفا...هذه المرة الاولى التي يدخل فيها هذا المكان رغما عنه...
مقيداليدين كما يقيد المجرمون القتلة...كان شعوره مزيجا من التناقض..تارة يشعر بالبهجة والارتياح..وتارة بحزن شديد كلما تذكر ان ستة اعوام بالسجن بانتظاره...
امضى ذلك المساء واقفا لعدة ساعات..امام نافذة الغرفة(السجن)..الصغيرة جدا بالكاد يرى منها مايحدث في ساحة السجن الخارجية ..حركة وتجوال الاخرين بحرية ولو كانت تلك الحرية محدودة الى حد ما..كان يبدو كشخص غائب عن الوعي وقلق..رغم محاولات السجناء للتخفيف من المه لاول وهلة يدخل فيها هذا المكان المنعزل والمنقطع كل الانقطاع عن..عالمه الذي كان مليئا بالاشياء الجميلة...ولكن ليس بعد الان...فقد رفض ان يقترب منه اي شخص فهو قاتل وبأمكانه ان يفعل جريمة قتل اخرى..ان تجرأ احد على الاقتراب منه وهو لايبالي..لم تكن امسية ذلك الزفاف تغادر مخيلته..وهو غير مصدق حتى اللحظة ان اطلاقات البنادق التي ملئت الجو صخبا وفرحا..اخترقت صدر (ابن عم صديقه بالخطأ)..كان مدعوا ذلك المساء الى زفاف اقارب صديقه (احمد)..وعند خروج العريس ذاهبا الى بيت اهل العروس...وسط حشود متجمهرة من الاقارب وزحام اكتضت به الساحات الخارجيةبدأ اطلاق النار يملاْ المكان..عندها بفرح ممزوج بمزاح رمى له(احمد) بندقيه بنبرة جادة..(هيا جربها الان انظر لي وتعلم!!)..كانت تلك المشاهد الاكثر ايلاما في ذاكرته..فقد صوب صديقه احمد على قريبه(ابن عم احمد ) ليرديه قتيلا في الحال..فقد ضغط الزناد بأستعجال قبل ان يرفع فوهة البندقية الى الاعلى..نظر الناس اليهما(الى جهة اطلاق تلك الرصاصة)...فقد كانا قريبين ومن السهل جدا..معرفة ان الرصاصة انطلقت من احدى البندقيتين التين كانتا بحوزتهما..عندها ودون شعور اخذ (محمد صديق احمد) البندقية من يد صاحبه بسرعة مذهلةوهو يرفع صوته وسط جمهور الناس الواقفين...(انا قتلته..انا قتلته...) ثم امسك بكل جهات البندفية لتيقى بصماته الاخيرةعليها..لم يتفوه احمد بكلمة واحدة..فهو لايعلم ايعترف على نفسه...بأنه قتل ابن عمه..ام يترك صديقه في موقفه النادر الذي لم يرى احد يصنع معه مثل ما صنع معه هذا الصديق!!بعد ان وصلت الاسعاف لاخذ ابن عم احمد..كانت الشرطة بالقرب لتضع تلك السلاسل والقيود بيد من (يصرخ بجنون ..انا القاتل)..قبل ان يصعد الى سيارة الشرطة همس في اذن احمد(لاتقلق فقد حسبتها جيدا لن ادعك تدخل السجن وخلفك زوجة وابناء..ولن ادعك تدخل السجن وعار قتلك لابن عمك يلازمك في السجن..انا غير متزوج ولاشيء ينتظرني في الخارج..ابقى صامتا فقط وانسى ماحصل..مر اسبوع على دخوله السجن وهو بعد غير معتاد على ذلك الجو المتعفن بالمجرمين..لكن لازال غير ناس انه هنا في (السجن) بتهمة قاتل...استلقى على سريره حوالي نصف ساعة ووجهه الى الجدار...عندما سمع حارس السجن ينادي:
محمد عبد السلام..زيارة لك....(نهض من سريره مسرعا فقد علم ان صديقه(احمد) سوف يزوره والاشتياق واللهفة تسبق خطواته المتعثرة..من جراء البقاء مطولا في غرفة السجن دون حركة...اقترب من مكان المخصص للزيارات ليرى صديقه بأنتظاره وهو عابس الوجه..القى عليه التحية بجفاء..لم يكن محمد يعلم مالذي يحدث؟؟..ابتعد احمد بنظره الى الجهة الاخرى..وكأن محمد قاتل ابن عمه حقا!!..وفجأة ودون ان يستدير قائلا:
لم اعد احتاجك بعد الان انسى ايامنا الجميلة..وانا سأنسى صديق الطفولة..!بقي محمد متسمرا في مكانه وهو يحدق بأحباط الى شكل صديقه المنسحب...وهو يبتعد شيئا..فشيئا..عنه..لكن حزنه والمه ذلك لم يكن بأثقل من عزلة اربعة جدران...لم يكترث كثيرا بموقف صديقه المفاجئ..فقد كان واثقا من صدق تضحيته التي كلما لاحت له بالذاكرة بددت غيوم عزلته ووحدته في هذا المكان..بين الحين والاخر كان الحارس يدخل له طعاما فاخرا مع علبة سجائر يحبها دائما..ولم يكن يلقى جوابا عن معرفة مرسل تلك الاطعمة..فقد كانت بعنوان مجهول..كما لم يقده الفضول لمزيد من المعرفة عن ذلك المجهول..فقد كانت المأسي التي يسمعها من قصص السجناء تغنيه عن تلك المعرفة..مرت سنوات بشتاءها وصيفها..وقد اقتربت ساعة اطلاق سراح (القاتل اخيرا)..بعد ان تنازل ذوي المقتول عن حقهم في ان ينال القاتل جزاءه..فقد بقي الحق العام وهو حكمه بستة اعوام من السجن..التي لم يبقى منها سوى ايام ويغادر ارض هذا السجن امضاها بتوديع اصدقائه(زملاء المهنة).وهو يتسلم منهم رسائل بعثوا بها الى ذويهم ليقوم بايصاله لهم حال خروجه..حل الصباح وهو جالس على سريره متأهب لقدوم الحارس..وهو ينادي بأسمه فاتحا له باب الحرية..خرج من باب السجن الرئيسية..وقلبه يكاد يخرج من صدره فرحا..احس ان احدا ما يتبعه بخطوات حثيثة..محمد..انظر خلفك....
استدار محمد بترقب لمعرفه هوية المنادي..
_انا اخو المقتول..حان وقت الاخذ بالثأر..كنت انتظر يوم خروجك بفارغ الصبر..فلم ولن تشفي غليلي منك 6اعوام قضيتها خلف جدران السجن..امسك مسدسه دون تريث وصوب بأتجاه محمد...ضغط على الزناد وهو يغمض عينيه..اطلق رصاصته...ولكن كان صدر احمد اقرب اليها من محمد الذي لم يشعر الا واحمد يتهاوى بين يديه ابتسم محمد بسخرية قائلا:
مالذي اتى بك؟؟ فانت لم تعد بحاجة لي...!
قال احمد بصوت خفيض: كنت اعلم انه هنا ينتظرك..لانه كان يتوعد بقتلك طوال سنوات سجنك..
عاد صوت محمد الساخر مرة اخرى:
وانت جئت لتنقذني منه؟!!
احمد(بأنفاس متقطعة): نعم ..ولن اتخلى عنك ابدا..كفاك عتبا وانقلني الى المستشفى قبل ان اموت هنا..ولاتنسى ان زوجة واطفالا بانتظاري..قال كلماته تلك بأبتسامة محبة..
محمد: من اجل زوجتك واطفالك سأفعل ذلك..من اجلهم فقط تذكر ذلك جيدا..
احمد: بل من اجلي ايضا لاني اعلم انك طيب ووفي..كما عهدتك دائما..
محمد: جيد انك لازلت تتذكر طيبتي...(حضرت سيارة الاسعاف ونقل احمد الى المستشفى فلم تكن اصابته بمقتل..بعد كل ساعة تمر كانت صحته تتحسن..وتستقر..ولازال صديقه(محمد) يرافقه بعد ان اخبر اهله بالقدوم له الى المستشفى..عند وصول اهل احمد الى المستشفى هم محمد بالخروج فقد كان محمد بنظرهم القاتل المتسبب بالامهم وحزنهم..رفع احمد صوته قائلا:
_اعلم انك لازلت متضايقا من زيارتي الوحيدة والاخيرة لك في السجن..
محمد: لاتقلق..فقد تعلمت ان ارمي كل شيئ مؤلم خلف ظهري..
احمد: لاتقاطعني ارجوك دعني اكمل واريح ضميري..(لقد كنت اموت الف مرة كلما تذكرت انك رميت بنفسك بالسجن من اجلي..لم اكن قادرا ان ارسم على شفاهي ابتسامة تواسيك في سجنك وانا اعلم انك مسجون بسببي.فلم اكن اجيد التمثيل..كنت اشعر بالذنب كلما اقتربت اقدامي من باب السجن..كنت ابعث لك بالطعام والسجائر التي تحبها مع الحارس...مع بعض النقود كي لايصف لك ملامحي وهيئتي عندما تلح عليه بالسؤال لتعلم من يبعث لك به..ومن هو ذلك المجهول؟؟...وعندما علمت انهم يريدون قتلك وقفت بباب السجن يوم خروجك متنكرا..كي اتمكن من منعه..اتعلم انني الان سعيد بهذه الرصاصة..الان فقط شعرت بالارتياح لانني سددت جزءا من معروفك معي..ارجوك سامحني الان على انانيتي..سامحني قبل ان تخرج قالها والدموع ملئ عينيه..فلم يكن جواب محمد الا ان ان احتضنه بدموع ساخنة..قائلا:
_لقد طويت صفحة تلك الحادثة من ذاكرتي بعد ان عادت المياه الى مجاريها..بأبتسامة ممزوجة بالدموع(سامحتك ياصديقي)..بقلمي


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


أندمجت وبكل حوآسي معك ذبت بين تفاصيل قصتــك إعجابـا وشوقاً للنهايةة
مبدعة وليس الـإبدآع بغريب عليــك عزيزتي
ومثل العادة قصتــك تستحق التثبيت + 5 نجوم + تقييم
وسأكون بأنتظــآر جديــد بشغف



__________________________________________________ __________



__________________________________________________ __________

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة انسياب نبض
أندمجت وبكل حوآسي معك ذبت بين تفاصيل قصتــك إعجابـا وشوقاً للنهايةة
مبدعة وليس الـإبدآع بغريب عليــك عزيزتي
ومثل العادة قصتــك تستحق التثبيت + 5 نجوم + تقييم
وسأكون بأنتظــآر جديــد بشغف


مرورك اسعدني خيتو
لازلت مبتدئة بالكتابة اتمنى حقا ان اصل الى هدفي
احترامي عبير بابل


__________________________________________________ __________

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابتسامة غد

شكرا على مرورك الانيق خيتو
احترامي عبير بابل


__________________________________________________ __________

عبير اعذريني حبيبتي وددت قراءة هذه القصة لاني مدمنة كتاباتك ولكن
صغر الخط حال دون ذللك حتى بنظارتي لم استطع المتابعة
لا تفكري اني عجوزة ..ههههههه بس عمياء مفتحة .