عنوان الموضوع : لم يعد في العمر بقيّة يا ولدي... -قصة جميلة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
لم يعد في العمر بقيّة يا ولدي...
<انتبهي..هل انت عمياء..؟>
هكذا صاح بها صاحب السيارة التي مرّت بجانبها و لكنّها لم تهتم بكلامه و لم ترفع راسها بل استمرّت في طريقها حاملة مولودها تطوي الارض طيّا ؛مطرقة ؛ شاردة الذهن و كانها في عالم آخر.
وصلت الى الجهة الاخرى من المدينة؛ توقّفت عند احد البيوت ؛ دقّت بابه دقّا خفيفا و تسارعت دقّات قلبها و هي تردّد في اعماقها..(ليتهم لا يسمعون..ليتهم لا يفتحون..).حاولت ان تعود ادراجها و لكّن الباب فتح لتظهر امراة جميلة ؛ استلّت مولودها من يديها و اعطتها بدلا عنه حقيبة ثمّ اختفت دون ان تنطق بكلمة واحدة..
لم تشعر و هي تاخد ابنها انها اخدت معه قلبها وانها حين اغلقت الباب قطعت كل رابط يربطها بالحياة..بقيت هناك جامدة تحاول ان تلملم جروحهاو ان تجد القوة حتى تعود لبيتها..
و حلّ المساء ؛ و عادت تجرّ اذيال الخيبة وراءها ؛ طرقت الباب ففتح لها رجل كريه المنظر ؛ اتّسعت عيناه حين رآها و اسفر عن ابتسامة ماكرة ممزوجة بالطّمع و هو ياخد الحقيبة من يديها..دخل بسرعة وبدا يعدّ المال الموجود فيها..
نظرت اليه لم تكن تعلم هل تبكي على حالها او وليدها او تبكي على زوج فقد كل مفاهيم الانسانية..
حملقت فيه طويلا و هي تتساءل في سرّها..( ايمكن ان تكون سعيدا وابنك يبيت في احضان اناس آخرين ؟ هل تبتسم ابتسامة الرّضى و انت قد بعت فلذة كبدك ؟ آه لك و آه للدنيا و آه لي مما فعلت ).
ارتمت في زاوية مظلمة من ذاك البيت ؛ تكوّمت هناك تبحث عن دموع تبرّد بها نارها ..فلم تجد الا حسرة تقتلها و حزنا يذيبها..اما هو فاخد حفنة من المال و خرج مسرعا ليقضي ليلة حمراءا في حانة مع اصدقاءه..
هو مسعود رجل امات الله قلبه ؛ فظّ المشاعر لا يكنّ لزوجته اي حب او احترام..ظروفه المالية صعبة لهذا اتّفق مع ربّ عمله و كان عقيما ان يبيعه ابنه مقابل مبلغ كبير من المال و قد وافق هذا الاخير ليرضي زوجته التي طال انتظارها لوليد يملا فراغها.
و هي نهى فتاة في مقتبل العمر قست عليها الدنيا فاصبحت وحيدة بعد موت اهلها ؛ هربت من واقعها المرير لتتزوّج به.لم ترى السعادة يوما معه و حين انجبت ايمن ظنّت انه سيملا حياتها و يعوّضها عمّا فقدته يوما و لكن سرعان ما تحطّم حلمها حين اخبرها زوجها بنيّته..
رفضت بقوّة و لكنه لم يابه بها و اذاقها الوانا من العذاب ليجبرها على ذلك..و كان يحرمها من الاكل في كثير من الاحيان حتى لا تجد في صدرها حليبا ترضع به وليدها.
و حين اعيتها الحيلة فكّرت انها اذا وافقت زوجها ستنقد ايمن من براثين الضّياع و من حياة قاسية سيعيشها مع ابيه ؛ لهذا اخدته بيدها آملة ان يعيش غدا افضل..
و نشا ايمن في كنف اسرة جديدة ؛ لم تحرمه اي شيء ؛ و دلّلته كل الدلال لم تمنع عنه اي طلب يطلبه فاصبح مستهترا لا قيم له ولا مبادئء..
كان يخرج كلّ مساء ليقضي وقته مع رفقاء السوء بين شرب الخمر و مغازلة النساء ؛ وفي طريقه يلاحظ شبح امراة يراقبه ؛ يمرّ عليها يرمي لها بعض النقود او يستهزء بها و يسخر منها بقوله ( الن تشبعي ابدا..؟ الم تاخدي مني البارحة ؟ )..يقهقه بصوت عال ثم يمضي و لم يدرك يوما ان هذه الميّتة الحيّة هي امّه .
تعوّدت منذ صغره ان تحضر الى ذلك المكان اين تراقبه من بعيد و تملا عيناها بالنظر اليه ثم تعود الى بيتها لتعيش على ذكراه.. و لكنها ضاق صدرها بتصرّفاته الطائشة و خشيت عليه من نفسه..
و تعوّد هو مصاحبة فتاة سيّئة الخلق كل همّها ان تسلب اموال ضحاياها ؛ فتقنعهم بحبّها و تعيش على الايقاع بهم في شباكها . و ظنّ نفسه الاوّل و الاخير في حياتها..عشقها حتى النخاع ؛ ولم يعد يطيق صبرا على فراقها..اما هي فكانت تمضي اوقاتها بين احضان العشرات من الرجال توهم كل واحد فيهم انه سيّد قلبها..
و جاء يوم مشؤوم ؛ كانت نهى كعادتها ذاهبة الى نفس المكان الذي تعوّدت ان تراقب ابنها فيه و اذا بها تراه يجرّ فتاة بكل قوّته و شرارة الغضب تتطاير من عينيه..لقد اكتشف خيانة حبيبته الوهمية فلم يتمالك نفسه و اعماه الحقد عليها فقرّر قتلها انتقاما لكرامته..ركضت نهى باتجاهه علها تدركه و لكنه في لمح البصر استلّ خنجرا و غرسه في صدر الفتاة ليتركها غريقة في دمها..و صرخت نهى فافاق من غيبوبته و ادرك ما فعل ( يا الهي ماذا فعلت ..؟ و كيف فعلت هذا ..؟)
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
اسرعت امه الحزينة اليه اخدت الخنجر من يديه و طلبت منه الاختفاء..كان ذهنه شاردا لم يفهم ما حدث انسحب من المكان الذي غصّ بالشرطة..و جرّت نهى مكبّلة بالاصفاد يلعنها اللاعنون و يسمعونها من الكلمات ما يسمّ بدنها و لكنها في قرارة نفسها كانت سعيدة لانها ضحّت من اجل فلذة كبدها..
عاد ايمن الى البيت و يداه مليئة بالدماء صادفته امه الاخرى فصرخت (ماهذا ؟ ماذا فعلت ؟ ودماء من هذه ؟ ) لم يجبها ؛ تردّد بداخله سؤال واحد فقط ( من تكون ؟ ولماذا تضحي بنفسها من اجلي ؟ )
مرّت الليلة ؛ لم ينعم فيها براحة او هدوء تتقاذفه الافكار و الهواجس هنا و هناك بين ما فعله بحبيبته و بين امراة غريبة تستميت في حمايته..
و حين اصبح الصبح ؛ لم يبق في المدينة احد لم يسمع بقصة المراة القاتلة وعاد ابوه بالتبني مسرعا و العرق يتصبّب من جبينه لقد ادرك ان الدم على يد ايمن كان دم القتيلة..دخل بسرعة البرق الى الغرفة صارخا به ( لماذا قتلتها ؟ ومن تكون هذه المراة التي اتهمت ظلما ؟ )
لم يكن امام ايمن الا ان يخبر والديه بالحقيقة و بمراقبة هذه المراة له منذ سنوات طويلة..و هنا صعقا و ادركا انها امه الحقيقية فقرّرا الذهاب الى السجن للتاكد من الامر..
و حين وصلا وجدا امراة هزيلة الجسم ؛ شاحبة الوجه لم يبق على محيّاها دليل للحياة..اشففقا عليها مما هي فيه و لكنها بادرتهم بقولها..( ارجوكما عودا لا تخبرا ابدا ابني من اكون..احسنا اليه و اعيدا تربيته من جديد ؛ لا تتركاه للضياع ؛ و لا تدعا ما فعلت يضيع هباءا فانا لم يعد في عمري بقيّة..لم يعد في عمري بقيّة..)
زلزلت الارض تحت قدميهما و هما يران تضحية هذه المراة العظيمة و ادركا ساعتها انهما اخطآ في تربية ايمن و قرّرا البدء معه من جديد..
اما ايمن فلقد تغيّرت نظرته للحياة و اصبح اكثر اتّزانا و عقلانيّة ترك وراءه رفقاء السوء ليصبح مديرا في مصنع والده ويتحمّل المسؤوليّة عن جدارة و لكنه ابدا لم ينسى تلك المراة المجهولة التي اعادت له حياته و ضحت من اجله..
و اختارت نهى طريقها باقتناع اذ ما نفع حياتها و ابنها خلف القضبان و قضت بقية عمرها تعيش على ذكرى الماضي و لا ترى الا وجه صغيرها..
نهى من آلاف البشر الذين نصادفهم يوميا ؛ نمرّ بجانبهم ولا نابه لهم و كل واحد يخفي بين حنايا قلبه قصة مؤثرة تذيب القلب و تذكي الاشجان..لم و لن نفكّر ابدا في سؤالهم عن تضحياتهم و مواقفهم العظيمة .
و انا اكتب هذه القصة لم يتبادر الى ذهني لحظة واحدة هذه النهاية المؤلمة ولكني وجدت يدايا تخطّها بما املى لها قلبي فعذرا اذا احزنتك و لكن الحقيقة احيانا مرّة أليمة....
__________________________________________________ __________
فصة رااااائعة
احلى تقييم الك
__________________________________________________ __________
قصة رائعة
سلمت يداك
__________________________________________________ __________
مشكورة على مرورك..مودتي لك..
__________________________________________________ __________
يا الله يا لرووعه ما قص خيالك بارك الله فيك .. أختي الغاليه زهوور ..
ارفع اليك أسمى عبارات التقدير والاعجاب بهذه الافكار الراائعه انتي فعلأ
مشرووع قاصه وكاتبه لن يندثر ,, يعطيك العافيه ومزيد من العطاء
قصة جميله مؤثره وجدآ حزينه جمعت كل معاني ومقومات القصه
لك منى أحلى تقييم وتثبت القصه ليومين تكريمآ لتأليفها بنفسك
في انتظار جديدك القادم بكل الشوووووق