عنوان الموضوع : عظه للخير والطريق السليم
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
عظه للخير والطريق السليم
يميل الناس لإلقاء اللوم على الآخرين فمن يخطأ ابنها تسارع باتهام أصحابه الأشقياء ومن يتزوج زوجها فبالتأكيد المرأة الأخرى استدرجته وأوقعته في شراكها ، ربما يريحنا التفكير بتلك الطريقة ، وتبدو الصورة من جانبنا مشرقة تماما ، غير أن الصورة لا تتضح إلا باكتمال عناصرها الأخرى اللون والضوء واللمسات والظلال التي تأتي دائما من الجانب الآخر.
كثيرا ما استمعت لحكاية الزوجة الأولى، تضحياتها عطاءها واعتداء الثانية على بستان سعادتها ، اليوم استمعت للجانب الآخر حيث تقبع في الظلال امرأة ما بصورة غائمة كأنها شبح جميل تخفيه غلالة ولكنها هي نفسها التي قررت البوح والخروج إلي النور بحكايتها التي توضح الصورة.
قالت (ريم) : بعد أن أنهيت دراستي مللت البقاء في البيت فألحقني زوج أختي بعمل في مكتب هندسي كبير ، لم يلفت نظري من زملاء وزميلات المكتب إلا المهندس (أسامة) كان خلوقا صموتا تزيده اللحية وسامة ومهابة ، حاولت استفزازه بالاعتراض على كل ما يقول إلا أنه كان يصدني بأدب ، حتى التفت لي يوما ورد عليَّ وبدأت أسأله في أمور الدين التي كنت على معرفة سطحية بها فكانت تبهرني إجاباته وتفتح أمامي عالما جديدا من النقاء والشفافية لم أعرفه من قبل.
بدأت أتغير في سلوكي وملبسي ورؤيتي للحياة ، بدأت أقرأ و أتفاعل و أتعجب من تفاهة اهتماماتي السابقة ، نظرت جيدا في يديه وتفحصت أصابعه فلم أجد دبلة ولا خاتما فاستبشرت خيرا الطريق أمامي مفتوح وهو غير مرتبط ، كنت أذهب للعمل وأتجه إليه بلهفة لنواصل كلام الأمس وكان يتحفظ في الردود ناظرا إلى عيون الزملاء ، ثم قال لي يوما (أخشي على سمعتك من ألسنتهم ، لا داعي للكلام في المكتب ، أعطني رقمك وسأكلمك)
كانت المكالمات طويلة نتجول فيها في كل مناحي الحياة وعرفت من خلالها الكثير عن ظروف أهله ونشأته واهتماماته وكل شيء، سرى صوته في عروقي وصار هو مثلي الأعلى ومحل ثقتي ، قلت له يوما في المكتب (بالأمس تقدم لي عريس) ، اصفر وجهه وتلعثم وهو يقول (وما رأيك ؟) قلت وأنا أنظر في عينيه (لا أريد سواك) ابتهج وأشرقت الشمس في جبينه وهو يهمس (عندي ما أقوله لك على انفراد)
تقابلنا بعد العمل في مطعم قريب ، قال (أحب أولا أن تعرفي أنني لست غنيا) قلت (هذا لا يهمني لدي شقتي باسمي في بيت أبي و أنت عندي بالدنيا) قال في صوت متوسل حنون وكأنه يقدم اعتذاره مسبقا (وأيضا أنا متزوج ولدي بنت).
مادت الأرض تحت قدمي وتسارعت أنفاسي وتبخر السرور الذي كان يسكنني وحلت الكآبة والفراغ مكانه وهممت بالانصراف ، إلا أنه أمسك يدي وأجلسني وأخذ يحدثني عن ظروف زواجه التقليدي بغير حب ولا تفاهم وإمكانية زواجنا لأن التعدد من السنة وخاصة أنه لم يعرف معنى الحب إلا عندما قابلني ، واستطاع بعد نقاشات تليفونية أن يقنعني تماما.
فاتحت أبي في الموضوع فرفض ومنعني من الذهاب للعمل وصادر التليفون وزاد اللغط والجدال داخل أسرتنا الطيبة ، حتى تدخل زوج أختي وطلب من أبي أن يترك له الموضوع يعالجه بحكمة وذهبت للعمل بعد أن وعدت بألا أخطو خطوة إلا بمشورة أهلي ورأيهم.
دخلت المكتب وعيناي تبحثان عمن حاربت أهلي من أجله وكدت أضرب عن الطعام وارتكبت بسببه الكثير من الحماقات فإذا به يتجاهلني ويتعامل معي بشكل رسمي جاف ، قلت في نفسي هذا من أجل سمعتي فلأصبر لنهاية اليوم ، ولكن فجأة دخلت علينا شابة منتقبة تحمل طفلتها على ذراعها وكان الارتباك والاضطراب باديا عليها وقالت بصوت فيه تحدي (أين من تسمي ريم ؟ )
خفق قلبي ورفعت رأسي إليها وقبل أن أستوعب دهشتي وجدته يحوطها بذراعيه ويخرج بها من المكتب وهي تتملص منه وتصده بانفعال بلغ حد الهياج ، تصاعدت ضربات قلبي حتى خلت أن الكل يسمعها وتهاويت على الكرسي ،إذن فهي زوجته.
في اليوم التالي لم أذهب للعمل بل إلي بيته حيث قامت زوجته بفتح الباب لي قلت لها (أنا من تسمي ريم) حاولت تمالك أعصابها وأدخلتني كانت في شدة الانفعال ولكنها تحاول أن تبدو قوية مسيطرة على الموقف وكان هو غير موجود ، تركتها تتكلم وتسترسل وتتهمني اتهامات عديدة منها أنني غررت بزوجها ولكنه رفضني لحبه الشديد لزوجته التي أحبها منذ الصغر وفعل المستحيل لينالها ، ثم قالت ضاحكة ساخرة أنها من شدة اضطرابها بالأمس خرجت من دون حقيبتها وعندما تنبهت في الشارع أنه ليس معها نقود أو مفاتيح خلعت الحلق من أذن ابنتها وباعته لتستقل التاكسي الذي حملها لمقر العمل ، كانت تتكلم وتضحك وتبكي وترفع صوتها وتهمس لنفسها ولم أنطق حرفا واحدا.
كنت فقط أتأمل و أستمع وأتفهم ، تأملتها فشعرت أنني أقف أمام مرآة إنها تشبهني لحد كبير ، البشرة البيضاء والعيون العسلية والطول المتوسط بل ربما فاقتني جاذبية وأنوثة وهي تقترب في عمرها من عمري ليست تلك أبدا الصورة التي رسمها لزوجته وأوحى لي بها ،رأيت في كلامها كذبه ،حاولت رؤية وجهه مرة أخري بعد تلك الإضاءة وجدت أن قليلا من الظلال كافية لتجعله وجها كاذبا ،عرفت أيضا أنه لا يهتم بي كما ادعى بدليل أنه شوه سمعتي أمامها ولم يبالي ، عرفت لونه المناسب أنه مثل كثير من الرجال الأمر بالنسبة له مجرد فتاة في طريقه ولا يريد أن يفلتها ، كنت كمن يفيق من حلم وتنزاح دائرة الوهم وغشاوة الخيال عن عينيه ليستعيد وعيه وإدراكه للواقع ويتحول بقايا الحلم و أضغاثه إلي بقعة صغيرة مهملة لا أهمية لها ، نظرت للسيدة المنفعلة وطفلتها الباكية وشقتها الصغيرة ورجلها الغائب وشعرت أن كل ذلك لا يخصني ولا يعنيني وأنهيت المقابلة بوعد قاطع للخروج من حياتهم تلك.
تركت العمل نهائيا ولا أعرف إن كان هو قد حاول أن يهاتفني أم لا فقد غيرت رقمي، صارحت أبي بكل شئ ، فقال (انتهت التجربة وخرجت منها بدرسين من أعمق دروس الحياة ، الأول ألا تحكمي على الناس بالظاهر والثاني أن تفصلي بين الشخص والموضوع ، لقد استطاع هذا الرجل أن يفتح أمامك سكة الخير والهداية فلا تتراجعي عنها لأنه خذلك) وهذا ما فعلته ولم تمر شهور حتى تزوجت زواجا موفقا ولم أنس أبدا حكمة التجربة.
منقوله
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
يسلموو حبيبتي جميل جدا
__________________________________________________ __________
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف
كجبل احد حسنات
وجعله المولى شاهداً لك لا عليك
لاعدمنا روعتك
ولك احترامي وتقديري
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________