عنوان الموضوع : تكملت مها كبرت
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

تكملت مها كبرت






وسرعان ما غادرتنا حبيبتي و تركتنا في دنيا الآلام ..
كم كانت أياما عصيبة مؤلمة لم يسبق لي أن مررت بمثلها ..
فدلال تلك الأم المربية الحنون ماتت !!!!
يا الله .. ما أعظم الخطب .. و ما أجلّ المصاب ...
لا حول و لا قوة إلا بالله ..

كيف سأعيش بدون دلال التي أفتقدها لو غابت عني لحظة ؟
كيف سأعيش في بيت غابت عنه من كانت تملأه بالذكر لربها و الود لزوجها وابنتها ؟
أين سأرى تلك اللمسة الحانية و الابتسامة المفرحة و نظرة العتاب بكل حب و ود و صفاء ؟

لا أدري يوم أن دفنتها .. أدفنتها هي أم دفنت قلبي و روحي !! ...
أحداث متقطعة .. أعي بعضها و أنكر بعضا ..
لم أصدق الخبر حتى أفهمنيه الواقع المرّ الذي عشته بعد فقدها ....
عدت من المقبرة كسير البال أبكي الدم قبل الدمع وأردد
إنا لله و إنا إليه راجعون ..
قدر الله و ما شاء فعل ..
اللهم اؤجرني في مصيبتي و اخلف لي خيرا منها ..
إن القلب ليحزن و إن العين لتدمع و إنا على فراقك يا دلال لمحزونون ...

بعد أن فرغنا من العزاء ذهبت لأرى صغيرتي مها في بيت جدتها ..
دخلت إلى فناء البيت فوجدتها تلعب مع بنات خالاتها لعبة " فتاحي يا وردة "
فلما رأتني أسرعت إلي و ضمتني فحملتها و قبلتها و هي تركز النظر في عينيّ و كأن شيئا قد لفت انتباهها ..
فقالت لي : " بابا متى نروح عند ماما ؟ "
حاولت أن أتماسك فلم أستطع فبقيت محتضنا لصغيرتي و عيناي من خلف رأسها تذرفان الدمع تلو الدمع ..
نسيت نفسي و أنا أبكي بين يدي صغيرتي .. أحسست بأني طفل صغير يحتضن أمه ..
لقد وجدت في صدر صغيرتي الدفء ..
فكيف لا أجده و هذه الصغيرة قطعة مني ...
تنبهت على يدها و هي تمسح الدموع عن خدي ...
همست في داخلي : " لقد فضحتني عيناي .. ماذا أفعل يا رب " ..
فقبلتها و دعوت الله من قلبي أن يسلي صغيرتي مها ..
و يجبر مصابنا في أمها ...

مرّت الأيام فدخلتْ حبيبتي مها الرابعة من عمرها ..
كانت مها قد افتقدت أمها كثيرا بعد وفاتها ...
و عاشت حياتها متنقلة بين منازلها الثلاثة ..
فكانت تمضي أيام الأسبوع في بيت ( خاله أديم ) كما هي تقول .. لتصحبها إلى دار التحفيظ و تتعلم منها أخلاق المؤمنة و أدبها و همتها .. فأديم هي تلميذة دلال رحمها الله و دلال هي التي أوصت بذلك ..
و في أيام آخر الأسبوع تأتي لزيارة والدي و والدتي و أهلي ثم تذهب لزيارة جدتها و أخوالها ...
أما أنا فكنت آخذها كل يوم وقت الظهيرة و نذهب سويا فنتناول الايس كريم غالبا ...

ذات يوم .. عرضت عليّ والدتي الزواج من إحدى قريباتنا فرفضت ذلك رفضا قاطعا ..
ألحّت عليّ كثيرا فأجبتها : " لن أجد أبدا مثلا دلال "
تدخلت أختي الكبرى و قالت : "طيب ماذا عن أديم .. نسخة من دلال ؟ "
قلت : " أديم نعم الفتاة .. لكنها صغيرة و الأفضل لها أن تتزوج شابا قريبا من عمرها .. فاني أخشى أن اظلمها .. فهي فتاة في عمر الزهور و الخطّاب من الشباب عليها كثير .."
لم تقنعهم أجوبتي كثيرا فكرروا إصرارهم على الزواج و كررت أنا الرفض ..

بعد أسبوع جاءتني بعثة من العمل لحضور إحدى الدورات في لندن و كانت مدتها قرابة العشرة أيام تقريبا ...
كان زميلي في رحلتي هذه أحد الشباب المتميزين في مجال وظيفته و في مجال دعوته و اسمه طارق ..
كانت مها لا تفارق فكري و خيالي في هذه الرحلة ..
ففي كل مكان أرى مها فيه و هي تبتسم و تقول : " بابا لا تنس الهدية " ..
فأتمتم في نفسي : " أنسى كل شيء إلا هديتك يا صغيرتي " ..

في اليوم الخامس من الدورة طُلب مني أنا و زميلي طارق أن نقدم عرضاً لبعض المشاريع التي قامت بها شركتنا ..
فبذلنا قصارى جهدنا في إخراج العرض بطريقة مغرية و رائعة ..
و كان زميلي طارق يتقن الانجليزية جيدا و الحمد لله .. و يتكلمها كما ينطق بها أهلها ..
كان هذا العرض سيقام في إحدى قاعات الجامعات و سيحضره عدد كبير من منسوبي الشركات و الكادر الأكاديمي ..
تم العرض بطريقة مغرية للغاية و بفكرة جديدة في الطرح فاستمتع الحضور كثيرا .. كما كنا نتعمّد الربط بين أفكار المشروع و أخلاق المسلمين .. فامتلأت القاعة بالحضور و ازداد انتباه الحاضرين لأنهم لم يسمعوا عن كلام مثل هذا من قبل ...
بعد انتهاء العرض بدأ الحضور يلتفون حولنا و يصوروننا و يسألوننا و يطلبون عناويننا البريدية و نحن في حالة من الذهول !!
كل هذا بسبب نبذة بسيطة عن أخلاق المسلمين ..
كان أكثر المتجمهرين من النساء و خاصة ما فوق الأربعين .. اللواتي رمتهن حضارة الغرب الزائفة ..
فلا مكان للمرأة عند الغرب إلا في سن شبابها و جمالها ..
أما ما إن تتجاوز الثلاثين .. حتى ترمى كما ترمى علبة العصير بعد أن يفرغ المشروب الذي تحتويه ...

و في الغد .. بينما طارق يعّد لنا الغداء طُُرق الباب ..
قمت لأنظر من فتحة الباب فرأيت زيّ امرأة فاعتذرنا عن استقبالها ..
كررت طرق الباب و قالت إنها تريدنا في أمر مهم ..
قال لي طارق : " افتح لها فلربما تحتاجنا في أمر هام "
رفضت أنا تماما و أخبرته أني عشت في لندن أشهرا قبل سبع سنوات و أعرف ما فيها ..
رجعت إلى المرأة مرة أخرى و أخبرتها أننا لن نفتح لها الباب ..
فتكلمت امرأة كبيرة في السن كانت بجانبها و رجتّـنا أن نفتح لها الباب فهي تعرفنا !!
بعدما سمعت صوت المرأة الكبيرة اطمأننت قليلا ففتحت لهما الباب ..
أول ما رأتني تلك المرأة الكبيرة نطقت باسمي بلكنتها الأعجمية : " أهمد !! "
ظننتها إحدى الحاضرات بالأمس فعرفت اسمي من هناك .. لكن المفاجأة عندما سألتني عن دلال ..
عقد الموقف لساني فلم أستطع التعبير .. فأخبرتني بأنها هي تلك الدكتورة التي أجرّت علينا منزلها قبل سبع سنوات يوم أن أتيت إلى هنا مع دلال رحمها الله فأمضينا في لندن بضعة أشهر ...
رحبت بها و سألتها عن حالها وعن ابنتها الوحيدة و زوجها ..
فأخبرتني بأن زوجها بخير و أن ابنتها ماتت في حادث سيارة مع عشيقها ..
أطرقت حزينا ..
فبادرتني بالسؤال عن زوجتي دلال و هل هي أتت معنا هذه المرة ؟
نظرت إليها ثم أطرقت ثانية و الحزن يعتصر قلبي ..
فما أن أخبرتها بأنها ماتت رحمها الله حتى بكت بكاء مرّا .. و كأن المتوفاة ابنتها ..
بل لم تبك على ابنتها كما بكت على دلال ..
لفت هذا الأمر انتباه طارق .. فلما هدأت قليلا سألها عن سبب بكائها على دلال مع أنها لم يظهر عليها التأثر عندما أخبرتنا عن وفاة ابنتها ..
فأجابته بأن دلال كانت تهتم بها ... كما كانت طيبة القلب .. كريمة الأخلاق ...
أما ابنتها فلا تكاد تهتم إلا بعشيقها ....
ثم أخذت بيد رفيقتها و قفلتا عائدتين وعليهما أمارات حزن وأسى ...
واستغل طارق الموقف قائلا وهو يبتسم : " دلال رحمها الله كانت تتخلق بأخلاق المسلمين .. فالإسلام هو الذي أمرها بذلك " ...
أشارت برأسها وهي تعده ببحث هذا الأمر ...

وقفت متأثرا بعد ما حصل .. سبع سنين و أثر الأخلاق الطيبة و التعامل الحسن باقٍ أثره في قلب هذه الكافرة ..
يا سبحان الله .. انظر كيف تعمل الكلمة الطيبة في القلوب ...
من الغد .. اتصلت على أحد الأخوة المشاركين في احد المراكز الإسلامية هناك و طلبت منه أن يكون لنا محاضرة في المركز
تم التنسيق سريعا خلال يومين ..
ابتدأ طارق المحاضرة و كان أسلوبه جميلا جدا .. كما أن شكله يضفي عليه هيبة و وقارا و حبا مع أنه ما زال في السادسة و العشرين من عمره ..
بعدها جاء دوري .. كان يبدو عليّ التأثر .. كنت أتكلم عن جمال أخلاق الإسلام و أثرها في قلب المدعوين ...
كنت أشرح لهم صفات الداعية المسلم .. الداعية الذي يدعو إلى الله بأخلاقه قبل أن يدعو بأقواله ...
الداعية الذي يحمل هم هذا الدين .. الداعية الذي ينجح في كسب قلوب الآخرين بابتسامته و عطفه و حنانه و مساعدته للآخرين ...
" أين أنتم من تعامل رسول الله صلى الله عليه و سلم مع جاره اليهودي ؟
انظروا إلى آثار ما تفعلونه و تعملونه من الخير في قلوب الآخرين " ...
ثم قصصت عليهم قصة العجوز مع زوجتي رحمها الله فبكى الحضور و بدت عليهم علامات التأثر ..

بعد انتهاء الدورة رجعنا إلى السعودية محملين بكثير من الهدايا ..
كان الهاجس الوحيد هو أن أرى مها .. فكل حقيبتي هدايا لها و لوالدتي و والدي حفظهم الله ..
ما إن وصلت إلى البيت و سلمت على أهلي حتى اتصلت بمها في بيت جدتها وكلي شوق لرؤيتها
كنت أسمع صراخها فرحة بوصولي عندما أخبرتها جدتها بذلك .. أخذتْ السماعة من جدتها و بدأتْ تبكي و هي تقول : " بابا تعال عندي " ..
قلت لها و أنا أبكي فرحا بسماع صوتها : " الحين أبجي عندك حبيبتي .. و جبت لك هدية حلوووووة "
أختلط ضحكها ببكائها و هي تقول : " بابا .. تعال .. تعال بسرعة .. "
أغلقت سماعة الهاتف و هرعت إلى بيت جدتها ..
ما إن وصلت عند الباب حتى خرجتْ صغيرتي مسرعة فضمتني و هي تضحك و الدمع ما زال في عينيها ..
حملتها داخل السيارة و بدأت أقبلها و أنظر إليها فأقول : " ما شاء الله كبرت يا مها "
فتضحك فرحة مسرورة و هي تلعب بلحيتي ..
سألتها : " وش تتوقعين هديتك يا مها ؟ "
فضمت يديها و بدأت تقلبها ثم وضعتها تحت ذقنها بتغنج الفتاة المتقنة لذلك و ابتسمت ابتسامة عريضة ملأت وجهها إشراقاً و حلاوة ..
ثم قالت : " اممممممم ما ادري !! "
فأريتها إياها فطارت بها فرحا و ركضت بها إلى جدتها لتريها هديتها ...
وقفت أنظر إليها .. ثم تمتمت في نفسي : " يا رب احفظها لي و اجعلها من الداعيات إلى دينك .. يا رب أصلحها و أصلح بها " ...

كبرت صغيرتي مها حتى وصلت السادسة من عمرها ..
عند ذلك أدخلناها المدرسة الابتدائية القريبة من بيت ( خاله أديم ) ..
كانت شعلة في النشاط و الحيوية .. كما كانت ذكية متفتحة العقل و الفكر ما شاء الله عليها ..
في أول شهر جاءنا خطاب شكر من المدرسة على حسن تربيتها و تفوقها ..
ثم توالت خطابات الشكر و الإعجاب بخلقها و حسن تربيتها ..
ثم بعد ذلك توالت الرسائل من معلماتها في كيفية تربية مها هذه التربية الإسلامية ...
لقد كانت صغيرتي لا تفتأ تنصح الجميع بأسلوب جميل و كأنه أسلوب والدتها دلال رحمها الله ..
ذات يوم كانت مها تمشي مع معلمتها هند التي تحبها كثيرا ..
فرأتها إحدى المعلمات فأرادت أن تقبلها .. فلما اقتربت من وجهها أبعدت مها وجهها فجأة و بسرعة و كانت تنظر إلى وجه المعلمة باستياء ونفور .. فزعت المعلمة لهذا الفعل فسألتها : " وش فيك حبيبتي ؟ "
فقالت صغيرتي : " هذا ما يحبه ربي " و أشارت إلى حواجب تلك المعلمة ..
تقول تلك المعلمة : كنت أقرأ حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لعن الله النامصة و المتنمصة "
ما وعيته حقاً حتى أشعرتني مها بفداحة ما أفعل ...

كانت الاتصالات من زميلات مها لا تتوقف عن بيت أديم .. فقد كانوا يحبونها كثيرا ..
و دائما ما كانت صغيرتي تقص لي قصصها مع زميلاتها و هي تنصحهن ..
و كم مرة قرأت رسائل صديقاتها الصغيرات في حقيبتها ..
" أحبك يا مها " .. " ياليتنا أخوات " .. " مها أحسن صديقة عندي " .. " مها و لجين أحلى وردتين " ..
و حتى أن الكثيرات منهن شاركن معها في دار التحفيظ ليحظين بالقرب منها ..
أخذتها ذات يوم إلى السوق لنشتري لها بعض الأغراض التي تحتاجها ..
كنا نسير في أحد الممرات و كانت صغيرتي ممسكة بيدي ..
فجأة تركت يدي و ركضت تجاه مجموعة من النسوة يدخلن أحد المحلات ..
ركضت وراءها و أنا أناديها : " مها .. مها .. "
فدخلت معهن المحل ثم أمسكت بعباءة إحداهن ..
نظرت إليها تلك المرأة مستغربة .. فأنزلت إليها رأسها ..
فهمست إليها صغيرتي و أنا أرى الموقف من خارج المحل ..
فقامت هذه المرأة فقبلت صغيرتي و هي تضحك ..
فلما رجعت مها سألتها : " وش قلتي للحرمة ؟ "
قالت : " قلت لها ربي ما يحب هذي العبات " ...
فقمت و قبلتها بين عينيها و شكرتها.. و قلت في نفسي ما شاء الله عليك تعرفين تفرقين بين عباءة الكتف و عباءة الرأس ..
وترقرقت الدموع في عيني وأنا أذكر أمها التي دأبت على غرس الخلق الإسلامي القويم بين أضلع تلك الصغيرة..!!

انتهينا من شراء أغراضنا .. فلما أردنا الخروج فإذا بذلك الصبي الذي يجلس على قطعة كرتون بجانب الباب .. و أمامه مسجل و بعض الأشرطة .. و قد رفع صوت المسجل بأحد أشرطة الأناشيد و التي فيها دف ..
انطلقت إليه مها و هي تحمل كيستها الصغيرة و قد بان على وجهها الغضب ظنا منها أن هذا الصوت صوت غناء ..
فوقفت أمام هذا الصبي و قالت بصوت عالي : " حرااااااااااام .. حراااااااااااام .. قال صلى الله عليه و سلم ( المسلم أخو المسلم ... ) " ... فلم تحفظ صغيرتي سوى هذا الحديث و لذلك استشهدت به ..
المهم أن الصبي لما رأى حماس مها في الإنكار و وقوفها أمامه بهذه الهيئة قام فأطفأ مسجله على الفور ..
وعادت صغيرتي إلى أدراجها بسلام ....

في الفصل الثاني من سنتها الأولى في المدرسة .. طلبت مني صغيرتي أن تلبس العباءة فقد كبرت على حد قولها ..
كنت أضحك عندما كانت تتصل على هاتفي الجوال فتذكرني بأن لا أنسى أن أشتري لها العباءة ..
بل و تقول " أبغى عبات رأس " ...
ضحكت من أسلوبها و هي تحرصني أن أشتري لها هذه العباءة ..
بعد أول يوم دراسي في هذا الفصل .. ذهبت لأخذها كعادتي في وقت الظهيرة .. فوجدتها حزينة كسيرة البال ..
سألتها عن السبب فرفضت أن تجيبني ..
بل أنها أبتّ أيضاً أن تأكل الايس كريم ذلك اليوم ..
ألححت عليها ..
فأخبرتني أخيرا " ليه ما جبت لي عبات رأس ؟ اليوم رحت المدرسة و الرجال شافوني "
ضحكت كثيرا و قهقهت .. فغضبت أكثر ..
فلما رأيت ذلك منها قلت لها : " الحين نشتري لك عبات رأس "
فعلاً بعد العصر مررنا أحد المحلات فلم نجد عنده بمقاسها ..
فطلبت منه أن يخيط لنا عباءة رأس بمقاس صغيرتي .. فلما سمعت ذلك انفرجت أساريرها ..
بعد ثلاثة أيام لبست صغيرتي مها عباءة الرأس في ذهابها إلى المدرسة ..
ما أجملها و أنت ترى تلك الفتاة الصغيرة بعباءة المرأة المحتشمة .. شامخة بحجابها .. رافعة رأسها و كأنها إحدى المعلمات ..
مضى اليوم الأول بعد أن لبست العباءة و هي لا تكاد تحملها الأرض من الفرحة و السرور ..
كل المعلمات أتين ليرينها بعباءتها .. حتى أنها أبتّ أن تخلعها في الفصل حتى أتت معلمتها هند فأقنعتها بذلك ..
ثم قامت معلمتها هند فأقامت لها حفلا صغيرا في المدرسة حتى تتعلم منها الأخريات ..
فتحفزت همم صديقاتها و بدأن ينكرن على أخواتهم ممن يلبسن عباءة الكتف .. و كل واحدة تقول للأخرى : " إذا كبرت أبلبس عبات رأس "

لما سمعت إحدى معلمات المرحلة الثانوية في إحدى المدارس عن الخبر من طريق زميلتها المعلمة في مدرسة ابنتي مها .. أرسلت إلينا بخطاب تطلب منا أن نُحضر مها إلى المدرسة الثانوية في يوم الثلاثاء القادم لأنهم سينظمون برنامجا عن أهمية الستر و العفاف الظاهري و الداخلي و ستكون صغيرتي ملكة الحفل عندما تدخل عليهم شامخة بعباءتها الصغيرة ..
لبينا طلب المعلمة و طارت صغيرة فرحا بهذا الخبر .. فهي ستلبس عباءتها و تدخل إلى مدرسة البنات الكبيرات ..
كانت مها تنتظر ذلك اليوم بفارغ الصبر ..
و كنت أشجعها فأعد العدة معها و أشتري لها ما تحتاجه في ذلك اليوم ..
فشراب أسود جميل و ساتر .. و قفازان صغيران .. و باقة من الأشرطة المختارة لتوزعها على من تقابلهن من الفتيات ...

في يوم الثلاثاء و بعد صلاة الفجر ..
رجعت لأوقظ صغيرتي لتصلي ثم تستعد للذهاب إلى المدرسة ..
فقد نامت مها عندي ليلة البارحة لأن ( خاله أديم ) متعبة .. كما أن المدرسة الثانوية التي سيقام فيها الحفل قريبة من بيتنا ..
أنا أعلم أن مها لم تكد أن تنام تلك الليلة من شدة فرحتها ..
أيقظتها فقامت بسرعة ثم ذهبت لتتوضأ و تصلي ..
بقيت في غرفتي أنتظرها ..
كنت أتفكر في هذه الفتاة الصغيرة و كم من السرور أدخلته على قلبي بفضل الله ..
فقمت أحمد الله كثيرا على فضائله و نعمه التي لا تعد و لا تحصى ..
كنت أتفكر في نفسي .. هل كنت أنا هكذا عند والديّ رعاهما الله ..
هل هما يحباني كما أحب أنا مها ..
بالتأكيد نعم ...
سقطت دمعاتي و أنا أسمع والدتي تناديني أنا و مها لوجبة الإفطار ..
كنت أتصورها تحبني كما أحب أنا مها ..
بقيت أتذكر مواقفي و أنا صغير مع والدي و والدتي ..
بقيت أتفكر في قلب الأم ..
فتذكرت قلب الأم و حنانها ..
و تذكرت قلب الأم و أثرها على أبنائها ..
و تذكرت قلب الأم و كيف أنها تستطيع أن تصنع جيلا لا يطأطئ الرأس و يتمنى الخير لكل الناس ...

أمسكت بقلمي فكتبت في إحدى مذكراتي : " أمي .. كم أنا أحبك ... "
قطع حبل أفكاري صوت مها : " بابا كذا حلوة ؟ "
التفت إليها فرأيتها شامخة بعباءتها ..
ابتسمت ..
ضحكت ..
فرحت بجمالها و كمال أنوثتها ..
فرحت بجمال روحها و أدبها و رزانتها ..
رجعت إلى ورقتي فكتبت فيها :
" أبي أحبك من أعماق قلبي .. "

قاطعتني مها و هي تنظر إلى ما كتبت :
- بابا وش تكتب ؟
- أكتب رسالة ..
- لمين ؟
- لماما فاطمة ..
- بابا .. أكتب رسالة لماما دلال و قلها إني كبرت ..
نزلت قليلا عن السطر الذي كتبته ..
ثم كتبت تحته :
" زوجتي الغالية دلال .. مها كبرت "

منقول


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


ما ارعها من قصة
الله يعطيك العافية مرة تدمع عيوني ومرة اضحك


__________________________________________________ __________

رائعه رائعه واتمنى انج تكمليهة


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________