عنوان الموضوع : في كَـوْمَـةِ شَـوْك!
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

في كَـوْمَـةِ شَـوْك!









رجاء محمد الجاهوش



أطْـرَقَت تَسْتمع ـ كعادتها ـ إلى ابنتها اليافِعَةِ "نـور" وهي ترتِّـل آياتِ الـذِّكر الحكيم بتجويد مُتقن قُبالة مُعلِّمتها السَّـيِّدَة "هَناء"، وقد شَخَصَ بَصَرُها إلى نَـبْتة الصَّـبَّار التي زَرَعَـتْها ذات صَباح جاف حار، كيفَ تطاوَلَ شَـوْكها؟!
في هذه السَّـاعة التي تقضيها في روضِ القرآن الكريم، تَشعر وكأن روحها قد غُسِلَت مِن أدرانها، وفِكرها الـمُتعَب قد اسْتراح، وقلبها الذي تخشى عليه الـمَوات قد دبَّـت فيه الحياة مِن جَديد فقويَ وانتعش!
لكنَّـها اللَّيلة في وَضْع مُختلف!
فالرُّوح مِنها في غُربة، والفِكر في شُرود، والقلب أعْياه القَهْر، والجسد أضْنته الخطوب!
لم يَستطعْ صَوت ابنتها العَذب أن يُزيحَ عنها ما تُلاقيه، لكنَّه اسْتطاع أن يَسْتَدرَّ دَمْعها.. فبَكت!
بَكت دون نَشيج، مُوارِيَـةً دُموعها، فلم يَشعر بحرارتِها أحَد، ساتِـرَةً وَجَعَها، فلم يَعرف مَكْمَنه سِواها!
قامَت بهدوءٍ تَـنْوي إعداد الضِّيافة للسَّـيِّدَةِ "هناء"، فقد شارَفَ الدَّرس على الانتهاء.
بَلَّـلَـت وَجهها بقطراتِ الماء الباردة، ثـمَّ أخذت نفسًا عميقًا، تَسَرَّبَ إلى الأعماق، مُـنْـتَشِلا الغُـصَص، ثـمَّ أخْرَجَتْهُ زفيرًا، أطْـلَقَـتْهُ في الهـواء، تَسْتَجْدي شيئًا مِن هُـدوء قبلَ أن تعودَ محمَّلة بالأطايب إلى مَجلسها.
وَلَجَت حينما كانت السَّـيِّدَةُ "هناء" تخاطِب ابنتها قائلة: أحسنتِ يا "نـور"، حِفْظك ممتاز، وقِراءَتك في تحسُّنٍ، ما شاء الله.
- جزاك الله خيرًا يا مُعلِّمتي.
- سنُراجع ما تـمَّ حِفظه بعد غَدٍ ـ إن شاء الله ـ فاسْتَـعِدِي.
بادَرتْها الأمُّ قائلة: لا تقلقي يا سيِّدتي، "نـور" فتاة رائعَة، وهي دومًا على قَـدْرِ المسئولـيَّة.
- وفَّـقها الله، وجعلها قـرَّة عين لكم.
- اللهم آمين.

عادَت الأم إلى كرسيّها بجانب نبتة الصَّـبَّار، بينما تولَّت "نـور" مهمَّة صبِّ الشَّاي، وتقديم الفطائر المشكَّلة إلى أمِّـها ومُعلِّمتها، ثـمَّ جَلست بجانب معلِّمتها في حَيـاءٍ ووقـارٍ.
تهادَى صَوت الأمِّ مُنكسِرًا حَزينًا، فانْـجابَت سُحُب الصَّمْت التي ظلَّـلَت المكان للحظات: ماذا بَقِيَ للصَّـادقِ الحـرِّ الأبيِّ؟!
دُهِشَت السَّـيِّدَة "هَناء" من سَيْل الحروف الذي سُكِبَ في أذُنَـيْها دون سابِـق حِـوار، فقالت مُتَسائلة: ما الأَمْـر؟
- يُصَفَّقُ للكاذِبِ، وتُهْدَى الأوسمة للمُحابي، وتُـفَـتَّـح الأبواب للوصوليّ، وكلّ الأمْكنة مُشَـرَّعة أمام المُـراوغ، فماذا بَقِيَ للصَّـادق الـحُـرِّ الأبـيّ؟!
وقبل أن تَـنْبِسَ السَّـيِّدَةُ "هناء" ببِنْتِ شَفَه، جاءَ صَوت "نـور" الـجَـهْـوَرِيّ مُجيبًـا:
"قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ" [يونس:58]









>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


رائعة يارجاء
استمري هنا
قلمك رائع


__________________________________________________ __________




أختي العزيزة لولو كاتي
أكرمك الله، وجزاكِ خيـرًا لحضورك العذب الداعم.
دمتِ بخيـر








__________________________________________________ __________

رووووووووووووووعه


__________________________________________________ __________




أختي العزيزة نجمة المنتدىجزاك الله خيـرًا لحضورك العذب الكريم.
دمتِ بخيـر





__________________________________________________ __________