عنوان الموضوع : قصص الأنبياء كامله حسب التسلسل الزمنى( متجدد من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

قصص الأنبياء كامله حسب التسلسل الزمنى( متجدد






فى هذا الموضوع سوف نتناول سلسلة قصص الانبياء

(سلـــــسـلــــــة قــــــــصًــــص الانبيـــــــــــاء )



في هذا الموضوع رتبت أسماء الأنبياء (عليهم السلام) وفقا للتسلسل الزمني في إرسالهم لأقوامهم *-




,,



1_ (آدم عليه السلام)


,,


2_ (ادريس عليه السلام)


,,


3_ (نوح عليه السلام)


,,


4_ (هود عليه السلام)


,,


5_ (صالح عليه السلام)


,,


6_ (ابراهيم عليه السلام)


,,


7_ (لوط عليه السلام)


,,


8_ (اسماعيل عليه السلام)


,,


9_ (اسحاق عليه السلام)


,,


10_ (يعقوب عليه السلام)


,,


11_ (يوسف عليه السلام)


,,


12_ (أيوب عليه السلام)


,,


13_ (ذو الكفل عليه السلام)


,,


14_ (يونس عليه السلام)
,,


15_ (شعيب عليه السلام)


,,


16_ (موسى عليه السلام)


,,


17_ (هارون عليه السلام)


,,


18_ (داود عليه السلام)


,,


19_ (سليمان عليه السلام)


,,


20_ (إلياس عليه السلام)
,,


21_ (اليسع عليه السلام)


,,


22_ (زكريا عليه السلام)


,,


23_ (يحيى عليه السلام)


,,


24_ (عيسى عليه السلام)


,,


25_ (محمد عليه الصلاة والسلام)
,,
يتابع


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


القصة الأولى

ادم علية السلام

آدم في القرآن


قال الله تعالى :{ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى ءادَمَ وَنُوحًا وَءالَ إِبْرَاهِيمَ وَءالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (سورة ءال عمران/33).
سيدنا ءادم عليه السلام هو أبو البشر وأول إنسان خلقه الله.
وقد قيل سمي ءادم بهذا الاسم لأنه من أديم الأرض أي من وجه الأرض.


خلق آدم

وكان خلقه عليه السلام في الجنة ءاخر ساعة من يوم الجمعة من الأيام الست التي خلق اللهُ فيها السموات والأرض كما جاء في حديث مسلم، وروى مسلم وغيره أيضًا
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال :"خيرُ يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم".
شاء اللهُ سبحانه وتعالى بمشيئته الأزلية التي لا تتبدل ولا تتغير وجود آدم عليه السلام فأبرزه بقدرته من العدم إلى الوجود.
فقد أمر الله تعالى ملَكًا من ملائكته الكرام أن يأخذ من جميع أنواع تراب الأرض التي نعيش عليها ليخلق منه آدم عليه السلام،
فأخذ هذا الملَك من جميع أنواع تراب الأرضِ من أبيضها وأسودها وما بين ذلك،
ومن سهلها وحَزْنها أي قاسيها وما بين ذلك،
ومن طيبها ورديئها ومما هو بين ذلك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ اللهَ قبض قبضةً من الأرضِ من أبيضِها وأسودها وما بين ذلك، ومن طيبها ورديئها وما بين ذلك فجاء ذرية آدم على قدر ذلك" رواه ابن حبان وغيره
، وعند أحمد: "فجاء بنو آدم على قدر الأرض، فجاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك،
والسهل والحزن وبين ذلك، والخبيث والطيب وبين ذلك.

أي جاءت أحوال وألوان ذرية آدم عليه السلام مختلفة بسبب هذا التراب المختلف الذي خُلق منه آدم عليه الصلاة والسلام.

خلق حواء

خلق الله تعالى سيدتنا حواء من ضلع ءادم الأيسر الأقصر كما جاء في الحديث الذي رواه الشيخان:
"ولأمّ مكانه لحمًا" قيل لذلكَ سميت حواء بهذا الاسم لأنها خلقت من شىء حيّ، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضِلَع، وإنَّ أعوجَ شىء في الضّلع أعلاه، فإن ذَهبتَ تقيمه كسرته
، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء" الحديث.
ولم يخلق الله تبارك وتعالى حواء طفلة صغيرة ثم طورها إلى الكبر، بل خلقها على هيئتها التي عاشت عليها كبيرة طويلة مناسبة لطول ءادم عليه السلام،
قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَآءً} (سورة النساء/1).
وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} (سورة الأعراف/189)
وقد زوَّج الله تعالى ءادم حواء وجعلها له حلالاً في الجنةِ ثم كانا كذلك في الأرض.


خروج ادم من الجنه


السبب في ذلك أن ءادم خالف النهي الذي نهاه الله لأنه أعلمه بالمنع من أكل شجرة
واحدة من أشجار الجنة وأباح له ما سواها فوسوس الشيطان له ولحواء أن
يأكلا منها فقال لهما ما أخبر الله تعالى في القرءان: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} (سورة الأعراف/20)
فأكلا منها فأخرجهما الله تعالى من الجنة،
وكان ذلك قبل أن تنزل عليه النبوة والرسالة لأنه إنما نبّىء بعد أن خرج من الجنة فتابا من تلك المعصية،
ولا تعد تلك المعصية معصيةً كبيرة
قال الله تعالى: {ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى} (سورة طه/122).

ثم بعد خروجهما من الجنة تناسلا فعلّم ءادم أولاده أمور الإسلام فكل ذريته كانوا على الإسلام،
ثم نبىء بعد ءادم ابنه شيث، ثم بعد وفاة شيث نبىء إدريس ثم كفر بعض البشر بعبادة الأصنام فبعث الله الأنبياء
بالتبشير لمن أطاعهم بالجنة والإنذار بالنار لمن خالفهم بعبادة غير الله وتكذيبهم.

مما ابتلي به ءادم وحواء بعد أكل الشجرة أنه نزع عنهما لباسهما وانكشف لهما سوءاتهما فطفقا يلصقان عليهما من ورق الجنة
وكان لباسهما الذي كان عليهما من نور، وقد دل القرءان العظيم على أنه كان عليهما لباس
في قوله تعالى: {يَا بَنِي ءادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} (سورة الأعراف/27)
، ثم بعد أن نزلا إلى الأرض علمه الله تعالى أسباب المعيشة فأنزل له القمح وعلمه كيف يبذر
وكيف يحصد وكيف يعمل للأكل، وعلمه النقدين الذهب والفضة فعمل الدراهم والدنانير.

فآدم عليه السلام له فضل كبير على البشر لما له عليهم من حق الأبوة وتعليم أصول المعيشة
فلا يجوز تنقيصه، فمن نقصه أو أنكر رسالته فهو كافر.

قال الله تعالى: {وَقُلْنَا يَا ءادَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35)
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36)} (سورة البقرة).

وقال الله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى (120)
فَأَكَلا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى ءادَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121)
ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122)} (سورة طه).

فائدة: قال الله تعالى: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (سورة البقرة/37)
، وروي عن مجاهد قال: "الكلمات: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي إنك خير الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم"
، وروى البيهقيّ بإسناده عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "
لما اقترف سيدنا ءادم الخطيئة قال: "يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي، فقال الله:
فكيف عرفت محمدًا ولم أخلقه بعد؟ فقال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيَّ من روحِك (أي الروح المشرف عندك)
رفعتُ رأسي فرأيتُ على قوائم العرش مكتوبًا لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله،

فعلمتُ أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحبُّ الخلق إليك" قال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه وهو ضعيف، ورواه الحاكم وصححه

ابناء ء ادم

قابيل وهابيل

قال الله تبارك وتعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ ءَادَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَآءُ الظَّالِمِينَ (29)
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)
فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتي أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)} (سورة المائدة).

تتلخص قصة هابيل وقابيل أن حواء عليها السلام ولدت أربعين بطنًا وكانت تلد في كل بطن ذكرًا وأنثى
، وكان سيدنا ءادم عليه السلام يُزوج ذكر كل بطن بأنثى من بطن ءاخر،

ويقال إن هابيل أراد أن يتزوج بأخت قابيل التي كانت أجمل من أخت هابيل
لكن قابيل أراد أن يستأثر بها
، فأمره ءادم عليه السلام أن يزوجه إياها فأبى، فأمرهما أن يقربا قربانًا وهو ما يتقرب به إلى الله تعالى وذهب ءادم إلى مكة ليحجّ،
وقرّب كل واحد منهما قربانه بعد ذهاب أبيهم ءادم عليه السلام، فقرَّب هابيل جذعة سمينة وكان صاحب غنم، وأما قابيل فقرب حزمة من زرع رديء وكان صاحب زرع،
فنزلت نار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل، فغضب قابيل غضبًا شديدًا وقال لأخيه هابيل لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال له: إنما يتقبل الله من المتقين.

وذات ليلة أبطأ هابيل في المرعى فبعث سيدنا ءادم عليه السلام (وكان قد رجع من الحج)
أخاه قابيل لينظر ما أبطأ به، فلما ذهب إذ هو به، فقال له: تقبل منك ولم يتقبل مني،
فقال له هابيل: إنما يتقبل الله من المتقين، فغضب عندئذ قابيل،
ثم أتاه وهو نائم فرفع صخرة فشدخ بها رأسه، وقيل خنقه خنقًا شديدًا.

وأما قول هابيل لقابيل: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28)
إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ (29)} (سورة المائدة)
فمعناه أريد ترك مقاتلتك وإن كنت أشد منك واقوى فتتحملُ إثم قتلي مع ما لك من الآثام المتقدمة قبل ذلك.

وقيل: لما قتل قابيل هابيل ندم على ذلك فضمه إليه حتى تغيرت رائحته، وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر حتى يرمي به فتأكله،
وكره أن يأتي به ءادم فيحزنه، ولم يزل يحمله حتى جاء غرابان فاقتتلا أمام قابيل فقتل أحدهما الآخر،
فعمد إلى الأرض يحفر له بمنقاره فيها، ثم ألقاه ودفنه وجعل يحثي عليه التراب حتى واراه، فقال عندها قابيل: {يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي} (سورة المائدة/31)
ثم أخذ يفعل به ما فعل ذاك الغراب فواراه ودفنه تحت التراب.

وليعلم أن ابن ءادم قابيل الذي قتل أخاه هابيل كان مسلمًا مؤمنًا ولم يكن كافرًا،
وإنما ارتكب معصية كبيرة بقتله أخاه هابيل ظلمًا وعدوانًا.

فائدة: روى الجماعة سوى أبي داود وأحمدُ في مسنده عن ابن مسعود قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن ءادم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل" أي ظلمًا.
فعلم من ذلك ان قابيل ما تاب من قتله لهابيل.
وبجبل قاسيون شمالي دمشق مغارة يقال لها مغارة الدم، ذُكر بأنها المكان الذي قتل قابيل أخاه هابيل عندها، والله أعلم بصحة ذلك


__________________________________________________ __________

القصه الثانيه

إدريس (عليه السلام)

نبي كريم من أنبياء الله -عز وجل- ذكره الله في القرآن الكريم مرتين

دون أن يحكي لنا قصته أو قصة القوم الذين أُرسل إليهم،


قال تعالى:
{وإسماعيل وإدريس وذا الكفل كل من الصابرين} [الأنبياء: 85]

وقال تعالى:
{واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقًا نبيًّا . ورفعناه مكانًا عليًّا} [مريم: 56-57].

وقد مرَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإدريس ليلة الإسراء والمعراج،
وهو في السماء الرابعة، فسلَّم عليه فقال: (.. فأتيتُ على إدريس فسلمتُ، فقال: مرحبًا بك من أخ ونبي) [البخاري].

ويروى أن
نبي الله إدريس -عليه السلام- كان خياطًا، فكان لا يغرز إبرة
إلا قال: سبحان الله! فكان يمسي حين يمسي وليس في الأرض أحد أفضل منه عملاً،
وذكر بعض العلماء أن زمن إدريس كان قبل نوح -عليه السلام-
والبعض الآخر ذكر أنه جاء بعده، واختلف في موته فقيل إنه لم يمت بل
رفع حيًّا، كما رفع عيسى -عليه السلام- وقيل: إنه مات كما مات غيره من
الرسل، والله أعلم.

__________________


__________________________________________________ __________

القصه الثالثه
نوح (عليه السلام)


كان ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر رجالا صالحين أحبهم الناس،
فلما ماتوا حزنوا عليهم حزنًا شديداً،
واستغل الشيطان هذه الفرصة فوسوس للناس أن يصنعوا لهم تماثيل تخليداً لذكراهم،
ففعلوا، ومرت السنوات، ومات الذين صنعوا تلك التماثيل،
وجاء أحفادهم، فأغواهم الشيطان وجعلهم يظنون أن تلك التماثيل
هي آلهتهم فعبدوها من دون الله، وانتشر الكفر بينهم، فبعث الله إليهم رجلا منهم،
هو نوح -عليه السلام فاختاره الله

واصطفاه من بين خلقه،
ليكون نبيًّا ورسولا، وأوحى إليه أن يدعو قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له.

وظل نوح -عليه السلام- يدعو قومه إلى عبادة الله وحده وترك
عبادة الأصنام،
فقال لهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} [الأعراف:59]
فاستجاب لدعوته عدد من الفقراء والضعفاء، أما الأغنياء والأقوياء فقد رفضوا دعوته،
كما أن زوجته وأحد أبنائه كفرا بالله ولم يؤمنا به، وظل الكفار يعاندونه،
وقالوا له: {ما نراك إلا بشرًا مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين} [هود:27].

ولم ييأس نوح -عليه السلام- من عدم استجابتهم له، بل ظل يدعوهم بالليل والنهار،
وينصحهم في السر والعلن،
ويشرح لهم برفق وهدوء حقيقة دعوته التي جاء بها،
إلا أنهم أصرُّوا على كفرهم،
واستمروا في استكبارهم وطغيانهم، وظلوا يجادلونه مدة طويلة،
وأخذوا يؤذونه ويسخرون منه، ويحاربون دعوته.

وذات يوم ذهب بعض الأغنياء إلى نوح -عليه السلام- وطلبوا منه أن يطرد الفقراء الذين آمنوا به؛
حتى يرضى عنه الأغنياء ويجلسوا معه ويؤمنوا بدعوته فقال لهم نوح:

{ما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أراكم قومًا تجهلون ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون}
[هود:29-30]

فغضب قومه واتهموه بالضلال، وقالوا: {إنا لنراك في ضلال
مبين } [الأعراف:60].

فقال لهم: {يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين .
أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون} [الأعراف:61-62]

واستمر نوح -عليه السلام- يدعو قومه يومًا بعد يوم، وعامًا بعد عام،

دون أن يزيد عدد المؤمنين، وكان إذا ذهب إلى بعضهم يدعوهم إلى عبادة الله،
ويحدثهم عن الإيمان به، وضعوا أصابعهم في آذانهم حتى لا يسمعوا كلامه
، وإذا ذهب إلى آخرين يحدثهم عن نعم الله عليهم وعن حسابهم يوم القيامة،
وضعوا ثيابهم على وجوههم حتى لا يروه، واستمر هذا الأمر طويلا حتى قال الكفار له:

{يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين} [هود:32].

فقال لهم نوح:
{إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين . ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون} [هود: 33-34]
وحزن نوح -عليه السلام- لعدم استجابة قومه وطلبهم للعذاب، لكنه لم ييأس،
وظل لديه أمل في أن يؤمنوا بالله -تعالى- ومرت الأيام والسنون دون نتيجة أو ثمرة لدعوته،
واتَّجه نوح -عليه السلام- إلى ربه يدعوه، ويشكو له ظلم قومه لأنفسهم،
فأوحى الله إليه: {إنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون} [هود:36].
وظل نوح -عليه السلام- يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين (950 سنة) دون أن يجد منهم استجابة
، فقال: {رب إن قومي كذَّبونِ . فافتح بيني وبينهم فتحًا ونجني ومن معي من المؤمنين} [الشعراء:117-118]
ودعا عليهم بالهلاك، فقال: {رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارًا . إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارًا} [نوح: 26-27]
فأمره الله

أن يصنع سفينة، وعلَّمه كيف يتقن صنعها، وبدأ نوح -عليه السلام- والمؤمنون معه في صنع السفينة،
وكلما مر الكفار عليهم سخروا منهم واستهزءوا بهم؛ إذ كيف يصنعون سفينة وهم يعيشون في صحراء جرداء لا بحر فيها ولا نهر،
وزاد استهزاؤهم حينما عرفوا أن هذه السفينة هي التي سوف ينجو بها نوح ومن معه من المؤمنين حينما ينزل عذاب الله.

وأتمَّ نوح -عليه السلام- صنع السفينة،
وعرف أن الطوفان سوف يبدأ، فطلب من كل المؤمنين أن يركبوا السفينة،
وحمل فيها من كل حيوان وطير وسائر المخلوقات زوجين اثنين، واستقر نوح -عليه السلام- على ظهر السفينة هو ومن معه،
وبدأ الطوفان، فأمطرت السماء مطرًا غزيرًا، وتفجرت عيون الماء من الأرض وخرج الماء منها بقوة،
فقال نوح: {بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم} [هود:41] .
وبدأت السفينة تطفو على سطح الماء، ورأى نوح -عليه السلام- ابنه، وكان كافرًا لم يؤمن بالله
، فناداه: {يا بني اركب معنا ولا تكن من الكافرين} [هود:42]
فامتنع الابن ورفض أن يلبي نداء أبيه،
وقال: {سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} [هود:43]
فقد ظن أن الماء لن يصل إلى رءوس الجبال وقممها العالية،
فحذره نوح -عليه السلام- وقال له: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} [هود: 43].
ورأى المشركون الماء يملأ بيوتهم، ويتدفق بسرعة رهيبة،
فأدركوا أنهم هالكون فتسابقوا في الصعود إلى قمم الجبال، ولكن هيهات .. هيهات،
فقد غطى الماء قمم الجبال، وأهلك الله كلَّ الكافرين والمشركين،
ونجَّى نوحًا -عليه السلام- والمؤمنين؛ فشكروا الله على نجاتهم،
وصدر أمر الله -تعالى- بأن يتوقف
المطر، وأن تبتلع الأرض الماء:
{وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودى وقيل بعدًا للقوم الظالمين} [هود: 44]
وابتلعت الأرض الماء، وتوقفت السماء عن المطر، ورست السفينة على جبلٍ يسَمَّى الجودى.

ثم أمر الله نوحًا -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين بالهبوط من السفينة،
قال تعالى: {يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم} [هود:48] وناشد نوح -عليه السلام- ربه في ولده، وسأله عن غرقه استفسارًا واستخبارًا عن الأمر، وقد وعده أن ينجيه وأهله،
فقال سبحانه: {إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح} [هود:46]
وكان ابن نوح من الكافرين فلم يستحق رحمة الله، فامتثل نوح لأمر الله، وهبط من السفينة ومعه المؤمنون،
وأطلق سراح الحيوانات والطيور، لتبدأ دورة جديدة من الحياة على الأرض، وظل نوح يدعو المؤمنين،
ويعلمهم أحكام الدين، ويكثر من طاعة الله من الذكر والصلاة الصيام إلى أن توفي ولقى ربه.
__________________


__________________________________________________ __________

القصه الرابعه
هود عليه السلام


وقد أرسله الله إلى عاد.
قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 123-127].

نسب هود:أرسل الله هوداً عليه السلام في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح عليه السلام،
وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى أحد أجدادها،
وهو: عاد بن عوص بن إرم بن سام.
وهو عليه السلام من هذه القبيلة ويتصل نسبه بعاد.

ويرجح النسابون أن نسبه كما يلي:
فهو: هود (عليه السلام) بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد - جدّ هذه القبيلة - ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح (عليه السلام).
والله أعلم.


مساكن عاد:كانت مساكن عاد في أرض "الأحقاف"، من جنوب شبه الجزيرة العربية.
والأحقاف تقع في شمال حضرموت، ويقع في شمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان.
وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأحقاف: 21].

حياة هود مع قومه في فقرات:لقد فصل القرآن الكريم قصة سيدنا هود عليه السلام مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته إلى عاد.
-2 ذكر أن عاداً كانوا خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح.
-3 ذكر أن هؤلاء القوم كانوا:

(أ) أقوياء أشداء، ممن زادهم الله بسطة في الخلق.
(ب) مترفين في الحياة الدنيا، قد أمدهم الله بأنعام وبنين،
وجنات وعيون، وألهمهم أن يتخذوا مصانع لجمع المياه فيها،
وقصوراً فخمة شامخة، إلى غير ذلك من مظاهر النعمة والترف.

(جـ) يبنون على الروابي والمرتفعات مباني شامخة، ليس لهم فيها مصلحة تقصد إلاَّ أن تكون آيةً يتباهون بها،
تُظهر قوتهم وبأسهم في الأرض.
(د) أهل بطش، فإذا بطشوا بطشوا جبارين.
(هـ) أصحاب آلهةٍ من الأوثان، يعبدونها من دون الله.

(و) ينكرون الدار الآخرة ويقولون: {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون:37]

-4 ذكر أن هوداً عليه السلام دعاهم إلى الله بمثل دعوة الرسل،
وأمرهم بالتقوى، وأنذرهم عقاب الله وعذابه،
فكذبوه واستهزؤوا بدعوته، وأصروا على العناد،
واتبعوا أمر كل جبار عنيد منهم، ولم يؤمن معه إلاَّ قليل منهم،
فاستنصر بالله، فقال الله له: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40]، فأرسل الله عليهم الريح العقيم،
ريحاً صرصراً عاتية، سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسومٍ نحسات، تدمر كلّ شيء بأمر ربها
، فما تذر من شيء أتت عليه إلاَّ جعلته كالرميم.
فأهلكتهم، وأنجى الله برحمته هوداً والذين آمنوا معه، وتم بذلك أمر الله وقضاؤه.
__________________


__________________________________________________ __________



القصه الخامسه

سيدنا صالح


في منطقة الحِجْر التي تقع بين الحجاز والشام، والتي تسمى الآن (بمدائن صالح)
كانت تعيش قبيلة مشهورة تسمى ثمود، يرجع أصلها إلى سام بن نوح،
وكانت لهم حضارة عمرانية واضحة المعالم،
فقد نحتوا الجبال واتخذوها بيوتًا، يسكنون فيها في الشتاء؛
لتحميهم من الأمطار والعواصف التي تأتي إليهم من حين لآخر واتخذوا من السهول قصورًا يقيمون فيها في الصيف.


وأنعم الله -عز وجل- عليهم بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى
، فأعطاهم الأرض الخصبة، والماء العذب الغزير،
والحدائق والنخيل، والزروع والثمار، ولكنهم قابلوا النعمة بالجحود والنكران،
فكفروا بالله -سبحانه- ولم يشكروه على نعمه وعبدوا الأصنام،
وجعلوها شريكة لله، وقدَّموا إليها القرابين، وذبحوا لها الذبائح وتضرعوا لها
، وأخذوا يدعونها، فأراد الله هدايتهم، فأرسل إليهم نبيًّا منهم،
هو صالح -عليه السلام-
وكان رجلاً كريمًا تقيًّا محبوبًا لديهم.

وبدأ صالح يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وترك ما هم فيه من عبادة الأصنام،

فقال لهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} [الأعراف:73]

فرفض قومه ذلك، وقالوا له: يا صالح قد كنت بيننا رجلا فاضلاً كريمًا محبوبًا نستشيرك في جميع أمورنا لعلمك وعقلك وصدقك،
فماذا حدث لك؟!
وقال رجل من القوم: يا صالح ما الذي دعاك لأن تأمرنا أن نترك ديننا الذي وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا، ونتبع دينًا جديدًا ؟!
وقال آخر: يا صالح قد خاب رجاؤنا فيك، وصِرْتَ في رأينا رجلا مختلَّ التفكير.

كل هذه الاتهامات وجهت لنبي الله صالح -عليه السلام- فلم يقابل إساءتهم له بإساءة مثلها، ولم ييأس من استهزائهم به وعدم استجابتهم له،
بل ظل يتمسك بدين الله رغم كلامهم، ويدعوهم إلى عبادة الله الواحد الأحد، ويذكِّرهم بما حدث للأمم التي قبلهم،
وما حلَّ بهم من العذاب بسبب كفرهم وعنادهم،

فقال لهم:
{واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورًا وتنحتون الجبال بيوتًا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين}
[الأعراف: 74]

ثم أخذ صالح يذكِّرهم بنعم الله عليهم،

فقال لهم:
{أتتركون في ما هاهنا آمنين . في جنات وعيون . وزروع ونخيل طلعها هضيم} [الشعراء:146-148].


ثم أراد أن يبين لهم الطريق الصحيح لعبادة الله، وأنهم لو استغفروا الله وتابوا إليه فإن الله سيقبل توبتهم،

فقال :
{يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قريب مجيب}
[هود: 61]


فآمنت به طائفة من الفقراء والمساكين، وكفرت طائفة الأغنياء، واستكبروا وكذبوه،

وقالوا:
{أبشرًا منا واحدًا نتبعه إنا إذًا لفي ضلال وسعر . أؤلقى الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر}
[القمر: 24-25].


وحاولت الفئة الكافرة ذات يوم أن تصرف الذين آمنوا بصالح عن دينهم وتجعلهم يشكون في رسالته،

فقالوا لهم:
{أتعلمون أن صالحًا مرسل من ربه}
[الأعراف:75]

أي: هل تأكدتم أنه رسول من عند الله؟ فأعلنت الفئة المؤمنة تمسكها بما أُنْزِلَ على صالح وبما جاء به من ربه،

وقالوا:
{إنا بما أرسل به مؤمنون}
[الأعراف: 75]


فأصرَّت الفئة الكافرة على ضلالها
وقالوا معلنين كفرهم وضلالهم:

{إنا بالذي آمنتم به كافرون}
[الأعراف: 76]



ولما رأى
صالح -عليه السلام- إصرارهم على الضلال والكفر


قال لهم:
{يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير}
[هود: 63].

وكان صالح -عليه السلام-

يخاطب قومه بأخلاق الداعي الكريمة، وآدابه الرفيعة ويدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة تارة، ويجادلهم تارة أخرى في موضع
الجدال،
مؤكدًا على أن عبادة الله هي الحق، والطريق المستقيم.
ولكن
قومه تمادوا في كفرهم، وأخذوا يدبرون له المكائد والحيل حتى لا يؤمن به أكثر الناس،
وذات يوم كان صالح -عليه السلام- يدعوهم إلى عبادة الله،
ويبين لهم نعم الله الكثيرة، وأنه يجب شكره وحمده عليها،


فقالوا له: يا صالح ما أنت إلا بشر مثلنا، وإذا كنت تدعي أنك رسول الله، فلابد أن تأتينا بمعجزة وآية.

فسألهم صالح -عليه السلام-

عن المعجزة التي يريدونها، فأشاروا على صخرة بجوارهم، وقالوا له: أخْرِجْ لنا من هذه الصخرة ناقة طويلة عُشَراء، وأخذوا يصفون الناقة المطلوبة ويعددون صفاتها، حتى يعجز صالح عن
تحقيق طلبهم


، فقال لهم صالح: أرأيتم إن أجبتكم إلى ما سألتم أتؤمنون بي وتصدقونني وتعبدون الله الذي خلقكم؟
فقالوا له: نعم، وعاهدوه

على ذلك، فقام صالح -عليه السلام- وصلى لله -سبحانه- ثم دعا ربه أن يجيبهم إلى ما طلبوا.

وبعد لحظات حدثت المعجزة، فخرجت الناقة العظيمة من الصخرة التي أشاروا إليها
، فكانت برهانًا ساطعًا، ودليلاً قويًّا على نبوة صالح،
ولما رأى قوم صالح هذه الناقة بمنظرها الهائل آمن بعض قومه،
واستمر أكثرهم على كفرهم وضلالهم، ثم أوحى الله إلى صالح أن يأمر قومه بأن لا يتعرضوا للناقة بسوء،


فقال لهم صالح:
{هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم} [الأعراف: 73].


واستمر الحال على هذا وقتًا طويلاً، والناقة تشرب ماء البئر يومًا، ويشربون هم يومًا،
وفي اليوم الذي تشرب ولا يشربون كانوا يحلبونها فتعطيهم لبنًا يكفيهم جميعًا،
لكن الشيطان أغواهم، فزين لهم طريق الشر، وتجاهلوا تحذير صالح لهم فاتفقوا على قتل الناقة،
وكان عدد الذين أجمعوا على قتل الناقة تسعة أفراد،


قال تعالى:
{وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون}
[النمل: 48]


ثم اتفقوا مع باقي القوم على تنفيذ مؤامرتهم، وقد تولى القيام بهذا الأمر أشقاهم وأكثرهم فسادًا، وقيل اسمه قدار بن سالف..

وفي الصباح، تجمع قوم صالح في مكان فسيح ينتظرون مرور الناقة لتنفيذ مؤامرتهم،
وبعد لحظات مرت الناقة العظيمة فتقدم أحدهم منها، وضربها بسهم حاد أصابها في ساقها،
فوقعت على الأرض، فضربها قدار بن سالف بالسيف
حتى ماتت، وعلم صالح بما فعل قومه الذين أصروا على السخرية منه
والاستهزاء به،
وأوحى الله إليه أن العذاب سوف ينزل بقومه بعد ثلاثة أيام،


فقال صالح -عليه السلام- لهم:
{تمتعوا في داركم ثلاثة أيام}
[هود:65]


ولكن القوم كذبوه واستمروا في سخريتهم منه والاستهزاء به، ولما دخل الليل اجتمعت الفئة الكافرة من قوم صالح،
وأخذوا يتشاورون في قتل صالح، حتى يتخلصوا منه مثلما تخلصوا من الناقة،
ولكن الله -عز وجل- عَجَّلَ العذاب لهؤلاء المفسدين التسعة، فأرسل عليهم حجارة أصابتهم وأهلكتهم..

ومرت الأيام الثلاثة،
وخرج الكافرون في صباح اليوم الثالث ينتظرون ما سيحل عليهم من العذاب والنكال، وفي لحظات جاءتهم صيحة شديدة من
السماء،
وهزة عنيفة من أسفلهم، فزهقت أرواحهم، وأصبحوا في دارهم هالكين مصروعين..


قال تعالى:
{فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون . وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون}
[النمل: 52-53]


وهكذا أهلك
الله -عز وجل- قوم صالح بسبب كفرهم وعنادهم وقتلهم لناقة الله، والاستهزاء بنبيهم صالح -عليه السلام- وعدم إيمانهم به، وبعد أن أهلك الله الكافرين من ثمود، وقف صالح -عليه السلام- ومن معه من المؤمنين ينظرون إليهم،

فقال صالح -عليه السلام- :
{يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين}
[الأعراف: 79].

ولقد مرَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- على ديار ثمود (المعروفة الآن بمدائن صالح)

وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع من الهجرة، فأمر أصحابه أن يمروا عليها خاشعين خائفين، كراهة أن يصيبهم ما أصاب أهلها، وأمرهم بعدم دخول القرية الظالمة وعدم الشرب من مائها. [متفق عليه].


__________________