عنوان الموضوع : ولو بشطر كلمة من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

ولو بشطر كلمة



ولو بشطر كلمة



الدعوة إلى الله من أوجب الواجبات، وأهم المهمات، وأعظم القربات، بها يستقيم أمر الفرد ويصلح حال المجتمع، ولهذا اختار الله - عز وجل - للقيام، بها صفوة خلقه من الأنبياء والمرسلين والعلماء والدعاة والمصلحين... ومعلوم أنه ما قام دين من الأديان ولا انتشر مذهب من المذاهب إلا بالدعوة والسير في ركابها، وبذل الغالي والنفيس في سبيلها.

ومن تتبع سير الأنبياء والمرسلين والسلف الصالح وعلماء هذه الأمة يجد صورًا ناصعة، وعلامات مضيئة، يعلوها تاج المحبة ويحيط بها سياج من الصبر... فهذا نبي الله نوح -عليه السلام- دعا قومه سنوات طويلة. ألف سنة إلا خمسين عامًا.

وقام يوسف - عليه السلام - بأمر الدعوة وهو في السجن فدعا من معه إلى عبادة الله - جل وعلا-: ﴿يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ [يوسف: 39].

ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم له القدح المعلى والسهم الوافر في ذلك،
فقد دعا إلى الله سرًا وجهرًا، وقابل وفود الحجيج، وصعد إلى الصفا، وسار إلى الطائف؛ ثم هاجر إلى المدينة. وها هو صلى الله عليه وسلم في لحظاته
الأخـيرة ومرض الموت يتغشاه يقول في أخر كلماته: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

وطريق الدعوة هذا في أمة الإسلام اليوم قل سالكوه واستوحش أهله إلا من بعض الناصحين، وندر هذا الأمر حتى في وسط البيوت والأسر وبين المعارف والجيران، وهي دعوة قريبة المنال هينة الطريق عظيمة الأجر، قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيئًا».

فلك أيها الداعي مثل أجر من دعوته لا ينقص من أجره شيئًا، فإن أمرته بالصلاة فلك مثل أجر صلاته، وإن أمرته بالنفقة فلك مثل أجر نفقته... ها هو يصلي وأنت جالس، وينفق وأنت ممسك، ويجاهد وأنت بين أهلك ولك مثل أجر ما عمل، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومع عظم هذا الأجر وكثرة ثوابه إلا أنه معطل في حياة كثير من المسلمين ومنسي في واقع كثيرات من المسلمات.

ولكن ماذا عن أمم الكفر؟ وما جهود اليهود والنصارى وأصحاب العقائد الباطلة، وكيف حال شبابهم وشيوخهم؟!

يقول من رآهم رأي العين إن شبابهم وشيوخهم في كل أرض وتحت كل سماء، عمل دائب وصبر متواصل وبذل بلا حدود... وأما نساؤهم فلا تخطيء عينيك مركزًا لهم إلا وبه منصرة متلبسة بزي الممرضات أو الطبيبات أو المحسنات اللاتي تتفطر قلوبهن رقة وإحسانًا وهن حيات وعقارب في أنيابهن العطب!

وكثير من الناس لا يلقي بالاً لحديث الإنشاء هذا، ولكن عندما يقلب الوقائع ويضرب برجله أرض الله الواسعة ويخطو خطوات متتالية يرى ما يفزعه ويقض مضجعه، أما من استثقلت نفسه هذا السفر فلعل في إيراد بعض الأرقام ما يوقظ إيمانه ويحرك إسلامه:

* دولة التشيك (10) ملايين نسمة، منهم (500) مسلم ولا يوجد فيها مسجد واحد لإقامة الصلاة، وبها عشرة آلاف كنيسة، و (200) معبد يهودي كلها تم إنشاؤها بعد سقوط الشيوعية عام 1990 أي خلال خمس سنوات فقط.

* كان عدد النصارى في بنغلاديش عام 1972 مائتي الف نسمة، وارتفع الرقم عام 1991 إلى خمسة ملايين نصرني... فتأمل بعين فاحصة الزيادة العجيبة خلال سنوات قليلة جدًا وفي بلد مسلم.

وفي وسط هاتين المعلومتين المفزعتين لك أن تتساءل أين شباب أمة الإسلام؟! ويكتمل عجبك إذا علمت أن من تغبرت أقدامهم في طريق الدعوة إلى الله عددهم قليل يعرفون بأسمائهم لقلتهم.

وقلب الطرف في الأرقام لترى يعملون ونحن نتحدث! ثم يأخذك العجب فيما نتحدث!

وقفات دعوية:

* قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125].

* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من حمر النعم» [متفق عليه].

* قال الحسن: فمقام الدعوة إلى الله أفضل مقامات العبد.

* قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي: «ورحم الله من أعان على الدين ولو بشطر كلمة، وإنما الهلاك في ترك ما يقدر عليه العبد من الدعوة إلى هذا الدين»([1]).

(1) نشرت في مجلة الأسرة العدد (59) صفر1419هـ.

بقلم الشيخ: عبدالملك القاسم حفظه الله..


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================



__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________