عنوان الموضوع : لمسات بيانية من سورة الشورى 1 القرآن الكريم
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

لمسات بيانية من سورة الشورى




*تناسب خواتيم فصلت مع فواتح الشورى*
السورتان الحادية والأربعون والثانية والأربعون فصلت والشورى. قال في خاتمة فصلت (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)) الكلام على القرآن وقال في بداية الشورى (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)) القرآن. (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52)) - (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3)) يؤكد أنه وحي من عند الله العزيز الحكيم (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)). (أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)) أليس هذا هو العلي العظيم؟ بلى، ختم فصلت بقوله (أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54)) وهنا قال (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (4)) والكلام في الموضعين على القرآن الكريم.
**هدف السورة : أهمية الشورى والوحدة وخطورة الفرقة**
تركّز سورة الشورى على واجب من واجبات السمؤولية عن المنهج ألا وهو أهمية الوحدة والحذّر من خطورة الفرقة. وأوضح أن الإختلاف وارد ومن طبيعة النفس البشرية ونتيجة إختلاف الناس وآرائهم لكنه تعالى يوضح ما هو واجب في حال الإختلاف ألا وهو التحكيم إلى الله تعالى وكتابه (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) آية 10، ففي الإختلاف يأمر الله تعالى بأن يرد الأمر لله أما في الفرقة فقد عاب على الأمم السابقة فرقتهم (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ) آية 13. وحتى نتجنب ان تحصل أية فرقة يجب أن نأخذ ونطبق مبدأ الشورى وهذا واجب يجب الحرص عليه ، والشورى تكون في كل أمر ابتداء من تعامل البشر في بيوتهم إلى قضايا الحكم وغيرها. والشورى هي أصل من أصول الإسلام العظيمة وسياج لحماية المنهج في كل أمور الحياة لأن الخلاف حاصل ومتوقع وطبيعي. وعلى هذا المبدأ ولأهميته في الإسلام سميّت السورة بـ (الشورى) فلمنهج الشورى الأثر العظيم في حياة الفرد والمجتمع مصداقاً لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) آية 38.
***من اللمسات البيانية فى سورة الشورى***
آية (1-2):
السور التي فيها أحرف مقطعة ولم يرد بعدها ذكر كلمة الكتاب ولا القرآن: (د.حسام النعيمى)
هذه الظاهرة موجودة في خمس سور تبدأ بالأحرف المقطعة وليس وراءها مباشرة لا ذكر قرآن ولا ذكر كتاب. لكن لما تتلو السورة كاملة ستجد في داخلها ذكراً للكتاب والقرآن أو الكتاب وحده أو القرآن وحده أو الذكر، هذه مسألة. والمسألة الثانية هي جميعاً في نهايتها كلام على القرآن فكأنها تأخذ الأول والآخر، في البداية (ألم) وفي الآخر كلام على القرآن أو الذكر أو حديث عن هذا الذي أُنزل على الرسول R فيكون جمعاً بين الاثنتين، والنقطة الثالثة لكا يكون عندنا 29 موضعاً، 24 منها بهيئة معينة، الخمسة الباقية تكون محولة على الكثير تُفهم من خلال الكثير. لما عندي مجموعة من الطلبة يقرأون القرآن تقول للأول إبدأ فيقرأ فتلتفت إلى شخص تقول له يا زيد أكمل فيُكمِل ثم تلتفت لآخر وتقول يا عمرو أكمل فيُكمِل فلو استعملت يا فلان أكمِل 24 مرة ألا يسعك بعد ذلك أن تقول يا فلان ويفهم أنه أكمِل؟! لا تقول له يا فلان أكمِل لأنك قلتها 24 مرة فتكتفي أن تقول يا فلان فيعلم من ذلك. لما يكون 24 موضعاً فيها بعد الأحرف المقطعة القرآن أو الكتاب، هذه الخمسة تابعة لها ولا سيما إذا أضفنا إلى ذلك أن القرآن أو الكتاب ذُكِر في داخل السورة وأنه جاء في الآخر.
النماذج:
سورة مريم(كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)) قد يقول قائل أن الآية ليس فيها ذكر الكتاب وإنما ذكر الرحمة لكن لما نمضي في السورة نجد (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)) ذكر الكتاب وفي نهاية السورة (فَإِعنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا (97)) ما الذي يسّره بلسانه؟ واضح أنه القرآن فإذن ختمت السورة بكلام على القرآن.
يتبع


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


سورة العنكبوت(الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ (2)) لم تذكر الكتاب والقرآن مباشرة لكن لما نمضي نجد أنه يقول (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ (47) وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ (48)) وفي نهاية السورة (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (68)) ما الحق الذي جاء به الناس؟ القرآن إذن إشارة إلى القرآن.
سورة الروم(الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)) لا يوجد قرآن ولا كتاب ولما نمضي نجد فيها (كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28)) وفي الختام (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآَنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآَيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ (58)).
سورة الشورى(حم (1) عسق (2))بعدها مباشرة (كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3))) ماذا يوحي؟ يوحي القرآن. مع ذلك يقولون لم يذكر قرآن ولا كتاب وإذا جئنا إلى نهاية السورة (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52)) ذكر الكتاب.
سورة نون (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1)) ذكر القلم مباشرة (وما يسطرون) وفي الداخل (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (15)) وفي الآخر (وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51)) والذكر هو القرآن. ماذا سمعموا؟ الذكر والذكر هو القرآن.
فإذن السور الخمس جاء في داخلها القرآن وختمت بكلام على القرآن أو الكتاب إما صريح وإما بإعادة الضمير أو استعمال الذِكر فإذن ربط الأول والآخر.
القرآن مؤلف من هذه الأحرف ولا سيما في 29 موضعاً وهذا مذهبنا في ذلك إختيارنا لما قاله علماؤنا القدماء لأن القدماء عندهم أكثر من رأي وهذا رأي من آرائهم. الذي تكلمنا فيه هو مسألة ما كان آية وما لم يكن آية وهذا من جهدي، ولِمَ جاءت الكتاب هنا والقرآن هنا والعلاقة بين المقاطع هذا من الجهد الشخصي ولا يبعد أن نجد من من قاله من القدماء كما قال عنترة:
هل غادر الشعراء من متردّم أم هل عرفت الدار بعد توهّم
قد تقول وصلنا إلى هذا الأمر بجهد جهيد ثم تجد في حاشية من الحواشي أن أحد العلماء نبّه إلى هذه المسألة ولكن بقدر ما اطلعت عليه ما وجدته.
آية (11):
*(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ (11) الشورى) ما دلالة الكاف في هذه الآية الكريمة؟(د.فاضل السامرائى)
النحاة يستشهدون بهذه الآية على زيادة الكاف. الكاف زائدة للتوكيد يعني ليس مثله شيء. ويقولون أن الكاف الداخلة على (مثل) زائدة، هذه يذكرها بعض النحاة أن الكاف الداخلة على (مثل) زائدة يقولون كمثل البدر الكاف زائدة للتوكيد لأن الكاف نفس معنى التشبيه. وقسم آخر يقول ليست زائدة وفيها كلام كثير لن نخوض فيه. لكن الذي يبدو أنها ليست زائدة. التشبيه درجات في البلاغة أعلى التشبيه أن تحذف وجه الشبه وأداة التشبيه مثل هو أسد أو هو الأسد، هي البدر،
هي الشمس مسكنُها في السماء فعزِّ الفؤاد عزاءً جميلاً
فلن تستطيع إليها الصعود ولن تستطيع إليك النزولا

يتبع


__________________________________________________ __________

آية (13):
*ما الفرق بين استعمال (ما) و(الذي) في الآية (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ (13) الشورى)؟ (د.فاضل السامرائى)
كلاهما اسم موصول لكن (الذي) إسم موصول يسمونه مختص ويسمونه نصّ أيضاً لأنه يختص بالمفرد المذكر تحديداً، (ما) مشتركة هي و (من) يستعمل للمذكر والمؤنث ويستعمل للمفرد والمثنى والجمع. الفرق اللغوي بينهما أن (الذي) مختص أو نصّ (أي في معنى معين وهو المفرد المذكر) و(ما) مشترِك أو مشترَك وبهذا يقولون أن (الذي) أعرف من (ما) مع أن كلاهما معرفة لكن المختص أعرف. إذن الأسماء الموصولة كالضمائر بعضها أعرف من بعض. إذن (الذي) أعرف من (ما)، نقرأ الآية (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ) الذي أوحينا إليك هو معروف لمحمد r كل ما جاء يعرفه، وهو القرآن الكريم أما ما وصى به نوحاً فهو غير معروف، (وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى) ما وصينا به إبراهيم وموسى غير معروف والتوراة ليست موجودة وكانت محرفة حتى في زمن الرسول ولا يعلم كل ما وصى به من كلمات فالقرآن أعرف مما وصى به إبراهيم وموسى وعيسى ونوحاً، هذا تفسير عام وليس تحديداً نقول لا إله إلا الله كلمة عامة لكن دقائق الأمور والأحكام التي جاء بها إبراهيم موسى وعيسى ونوح لا يعرفها الرسول r فـ (الذي أوحينا) أعرف فجاء بما هو أعرف لما هو أعرف وجاء لمن دونه في المعرفة بما هو دونه بالمعرفة (ما وصى به) وكل كلمة في مكانها بحسب القاعدة.
الفرق بين الوحي والوصايا: الشريعة قد يكون فيها وحي وقد يكون فيها وصايا، مع نوح وعيسى وموسى وإبراهيم قال (ما وصى) ومع الرسول r استعمل (أوحينا إليك) لهذا استخدم الذي وما.
*ما الفرق بين تفرقوا وتتفرقوا فى القرآن الكريم؟(د.فاضل السامرائى)
قال تعالى في سورة الشورى (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ (13)) وقال في سورة آل عمران (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)) في الآية الأولى الوصية خالدة من زمن سيدنا نوح u إلى خاتم الأنبياء rفجاء الفعل (تتفرقوا) أما في الآية الثانية فهي خاصة بالمسلمين لذا جاء الفعل (تفرّقوا). السبب واضح لأن الأمة المحمدية هي جزء من الأمم الاسلامية المذكورة في الآية الأولى وآية آل عمران هي جزء والأمة المخاطبة فيها جزء من الأمم المخاطبة في آية سورة الشورى. وكذلك فالحدث ممتد في الأولى قال (تتفرقوا) والحدث محدد في الثانية فقال (تفرقوا). والملاحظ في الآية فالأولى وصية خالدة لأمة الإسلام على مدى الأزمان من زمن نزح إلى خاتم الأنبياء (ولا تتفرقوا فيه) لأن هذا هو المأتى الذي يدخل إليه أعداء الإسلام فيتفرقون به لذا جاءت الوصية خالدة مستمرة فنهاهم عن التفرّق، ونلاحظ أنه تعالى وصّى الأمم مرة ووصّى الأمة الإسلامية مرتين. والآية الأولى أشد تحذيراً للأمة الإسلامية (شرع لكم من الدين ما وصّى بهنوحاً والذي أوحينا إليك) لم يكتف بـ(شَرَع لكم) بل زاد (والذي أوحينا إليك). شرعه لنا في الوصية العامة لنوح وخصّ بالذي أوحينا إليك ثم خصّ الأمة الإسلامية في الآية الثانية.والحذف له سببان هنا الأول لأن الأمة المحمدية أصغر. ونهانا عن التفرّق مهما كان قليلاً وأراد ربنا تعالى أن نلتزم بهذا الأمر (لا تفرقوا) وقال (واعتصموا بحبل الله جميعا) جاء بالحال المؤكِّدة (جميعاً) وأراد التشديد على الالتزام بهذا الأمر. أكد على الجمع الكامل وعلى سبيل العموم والاستغراق كأنه فرض عين على الجميع فلا يُعفى أحد من المسؤولية أن لا نتفرق وأن نعتصم بحبل الله الفرد قد يهدم أمّة كما أنه قد يبني أمة وأن لا نتفرّق هو فرض عين وليس فرض كفاية، وذكرهم بنعم الله عليهم ونهاهم عن التشبّه بمن تفرّق واختلف (ولا تكونوا كالذين تفرقوا) وتوعدهم على الإختلاف بالعذاب العظيم وأطلق العذاب ولم يحصره في الآخرة إنما قد يطالهم في الدنيا والآخرة. المصدر لا يعمل بعد وصفه وصِف بـ عظيم بمعنى اذكروا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) ليست متعلقة بالعذاب العظيم. التفرّق يكون عذابه عظيماً في الدنيا والآخرة.

يتبع


__________________________________________________ __________

آية (14):
*ما دلالة إسناد الفعل للمجهول أو للمعلوم فى قوله تعالى (أورثوا الكتاب)و(أورثنا الكتاب)؟(د.فاضل السامرائى)
عموماً رب العالمين يسند التفضل والخير لنفسه وما فيه ذم فنسبه للمجهول (وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ (14) الشورى)، أما قوله تعالى (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا (32) فاطر) هذا مدح.كما يستعمل القرآن الكريم أوتوا الكتاب في مقام الذم ويستعمل آتيناهم الكتاب في مقام المدح.
آية (17):
*ما دلالة استخدام قريب في الآية (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) الشورى)ولم يقل قريبة مع أن الساعة مؤنثة؟(د.فاضل السامرائى)
هذا السؤال أثير أكثر من مرة. أولاً من الناحية اللغوية نذكر أنه إذا كان القرب للنَسَب فهذا يذكر ويؤنث بحسب المذكر والمؤنث تقول هذا قريبي وهذه قريبتي أما إذا كان في غير النسب هذا يصح تذكيره وتأنيثه قال تعالى (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ (17) الشورى) الساعة مؤنثة هذه ليست قرابة النَسَب يجوز فيها الوجهين يجوز التأنيث والتذكير قريبة وقريب.
*فى مداخلة مع د.أحمد الكبيسى فى برنامج أخر متشابهات :
في سورة الأحزاب قال الله تعالى (يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا ﴿63﴾ الأحزاب) وفي سورة الشورى(اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ﴿17﴾ الشورى) في الآية الأولى بما معناه أن الكفار لا يهمهم سواء قامت الساعة أو لم تقم لأنهم من الأصل ليسوا مؤمنين وفي الآية الثانية يقول تعالى (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) هنا معلقة الساعة بالفعل أن الإنسان ينتظر أي وقت ممكن أنها تأتي الساعة فيكون مستعداً لها والله أعلم.
الإجابة: أحسنت بارك الله فيك. كلمة (لعل) في القرآن نحن في الدنيا للترجي ممكن يصير ممكن لا يصير أقول لعلني سوف أكل أو سوف أذهب لعلني أجد فلاناً أما بالنسبة لله عز وجل تدل على التأكيد (لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴿1﴾ الطلاق) يعني معناها قد أحدث أمراً فعلاً هكذا.
آية (23):
*في سورة الشورى (وَمَن يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23)) يقترف عادة تأتي مع الذنب لكن هنا جاءت مع الحسنة فما دلالتها وهل لختام الآية (غفور شكور) علاقة مع الإقتراف؟(د.فاضل السامرائى)
الاقتراف يعني الإكتساب ويدخل في الحسنة والسيئة ولا تقتصر على السيئة فقط، الاكتساب يستعمل في للحسنات والسيئات.


__________________________________________________ __________

آية (24):
*ما دلالة تنكير الكذب أو تعريفه؟(د.فاضل السامرائى)
نكّر الكذب ليشمل كل كذب عام لأن المعرفة ما دلّ على شيء معين. الكذب يقصد شيئاً معيناً بأمر معين هنالك أمر في السياق يقصده فذكر الكذب، فلما يقول الكذب فهو كذب عن أمر معين بالذات مذكور في السياق أما عندما يقول كذب فيشمل كل كذب مثل قوله تعالى (كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (93) فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94) آل عمران) الكلام عن الطعام، أمر معين، هو حرّم على نفسه وكذب على الله وقال حرّم كذا قال فاتوا بالتوراة في هذه المسألة مسألة الطعام فقال (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ) لأن الكذب في مسألة معينة محددة. هذا التعريف.
التنكير: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (92) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (93) الأنعام) ليس هنالك مسألة معينة ذكرها فهذه عامة، كذب يشمل كل كذب وليس الكذب في مسألة معينة. (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) الشورى) لم يقل ما هو الشيء. إذن التنكير في اللغة يفيد العموم والشمول.
آية (25):
*ما دلالة ذكر الواو وحذفها في قوله تعالى في سورة الشورى (يعف) و(يعفو)؟ (د.فاضل السامرائى)
ورود الواو وعدم ورودها: الواو في (يعفو) ليست واو الجماعة حتى لو شاهدناها في القرآن ومعها ألف بعدها لا تدل على الجماعة. هي واو الفعل وليست للجماعة (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {25} الشورى) (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ {30} الشورى). أما الأولى (يعف) فهي معطوفة على الشرط لذا جاءت مجزومة بحذف الواو (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ {34} الشورى) .
*في قوله تعالى (يقبل التوبة عن عباده) هل معناها يمكن أن يكون دعائك لأخيك بظهر الغيب تعني (عن) بمعنى إذا دعوت لأخي بظهر الغيب (عن) تأتي عوضاً عن شخص آخر؟(د.فاضل السامرائى)
هي توبة وليست دعاء في الدعاء ممكن لكن التوبة يجب أن يتوب الشخص نفسه. التوبة هي الرجوع إلى الله.
*ما اللمسة البيانية في إستخدام حروف الجر في القرآن (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ (25) الشورى) ولم يقل من عباده؟(د.فاضل السامرائى)
ربنا تعالى مرة استعمل (عن) ومرة استعمل (من)، (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ (25) الشورى) (أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ (104) التوبة) ومرة قال (تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ (92) النساء) إذن مرة استعمل عن ومرة استعمل من. لما يقترن بالعباد يعني التوبة الصادرة عن عباد وهو يتجاوز عنهم ويعفو عنهم لذلك قال بعضهم هو نوع من التجاوز يعني يتجاوز عن عباده ويعفو عنهم، يقبل التوبة عنهم أي يعفو عنهم بهذا المعنى وقسم قال الصادرة عن عباده. أو التوبة عن عباده أي يعفو عنه من باب التضمين تاب عنه أي عفا عنه هذا من باب التضمين تضمين فعل دلالة فعل آخر. (من) مع الجهة التي تتوب أي مع الله هو الذي يتوب، توبة من الله أي هو التائب، عن العباد هم يتوبون وهذه (من الله) هو الذي يتوب الجهة التس تقبل التوبة، يستعمل من مع الجهة التي تقبل التوبة فيقول (تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ (92) النساء) يتوب عنهم أي يعفو عنهم والتوبة من الله. إذن (عن عباده) أي الصادرة عنهم والتائب هو الله فمع الجهة التي تقبل التبو يستعمل (من) مثل (قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) المائدة). يتقبل من وليس يقبل عن ويوجد (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا (16) الأحقاف) قال مع العمل نتقبل عنهم والله تعالى قال (الله يتقبل) بنفسه.
*ما اللمسة البيانية في قوله تعالى(وَهُوَ الَّذِييَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْعِبَادِهِوَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25)الشورى)ولماذا لم يقل (من عباده)؟ (د.حسام النعيمى)

يتبع


__________________________________________________ __________

القبول هو أخذ الشيء برضى، أنت تعطي إنساناً شيئاً ما فإذا قبِله معناه أخذه وهو راضٍ، هذا الشيء الطبيعي.
التوبة هي الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى. كلُ إنسان معرّض للخطأ وخير الخطائين التوابون، يعود بسرعة. فالتوبة هي الكفّ عن المخالفة والعودة إلى طاعة الله سبحانه وتعالى لا أن يكون منغمساً في المخالفة ويقول تبت يا رب.
استعمال (عن) بدل (من): على سَنَن منهجنا في هذا الباب اني عدت إلى جميع الآيات التي فيها كلمة قبِل مع التوبة في القرآن الكريم فوجدت ملاحظة أن كلمة (عن) تستعمل حينما يكون الكلام هو عودة إلى الله سبحانه وتعالى والمتكلِم المباشر هو الله سبحانه وتعالى أو هو معلوم عن طريق الغيبة لما يقول (هو) يعني الله سبحانه وتعالى عبّر عنها بصيغة الغيبة لرفع الشأن والمقام من حيث اللغة. المواطن الأخرى جميعاً ليس فيها هذه الظاهرة.
أذكِّر في الفرق بين (عن الشيء) و(من الشيء)، ما الفرق بين (يقبل التوبة عن عباده) و(يقبل التوبة من عباده)؟ ثم نعود إلى الآيات ونقف عندها حتى تتضح الصورة ويتبين لنا كيف أن هذا الكتاب ليس من عند بشر.
مثال: عندما نقول: "فلان كان يمشي بسيارته وخرج من الطريق السريع" معناه وجد منفذاً وخرج وهذا المنفذ متصل بالطريق السريع. لكن لو قيل لك: "فلان بسيارته خرج عن الطريق السريع" معناه إنحرف كأنما انقلبت سيارته. هذه الصورة الآن نحن نفهمها بعد ألف عام فكيف كان العربي يفهم الفرق بين من وعن؟.(عن) لمجاوزة الشيء، (من) لابتداء الغاية كأنه ابتدأت غايته من الطريق.
مع (من) كأنه تبقى الصِلة هناك شيء ولو صلة متخيلة أما (عن) ففيها انقطاع (يضلون عن سبيل الله) أي لا تبقى لهم صلة.فما فائدة هذه القطيعة؟ القطيعة مقصودة مرادة. التوبة ترتقي إلى الله سبحانه وتعالى ولو قيل في غير القرآن (يقبل التوبة من عباده) كأن الإثم الذي تاب عنه يبقى متصلاً به. وهذه التوبة يتخيل الإنسان صورة مادية للصلة بالله سبحانه وتعالى والصلة المادية بالله عز وجل منهيٌ عنها لا ينبغي أن تتخيل ذلك – ليس كمثله شيء ، كل ما خطر ببالك فالله عز وجل بخلاف ذلك-.
لما تقول (من عباده) كأنه يبقى ذلك الخيط لكن هذا ينبغي أن يُقطع كأن هذا الإثم انقطع عنك تماماً والتوبة ترتفع إلى الله سبحانه وتعالى أنت تبت وهي ارتفعت ولم تعد موصولة بك ففيها صورة انقطاع من الإثم وانفصال، بينما (من عباده) كأنه بقي الربط بالعباد، هذه الصورة المتخيلة. علماؤنا يقولون (عن عباده) يعني (من عباده) ويقولون الحروف يستعمل بعضها مكان بعض. صحيح يستعمل بعضها مكان بعض لكن هناك غاية. لما يقول تعالى على لسان فرعون (لأصلبنكم في جذوع النخل) يقولون لا يوجد صلبٌ (في) وإنما الصلب (على) بمعنى أشدكم وأربطكم على جذوع النخل ويقولون (في) هنا بمعنى (على). كان يمكن أن يقال (على جذوع النخل) – حتى في الشعر العربي يقولون استعمل الشاعر حرفاً مكان حرف للضرورة لكن الحقيقة أن الشاعر متمكن –.
إذن (عن عباده): مقصودة. وكان يمكن أن يقول (من عباده) لكن المعنى يختلف والصورة الذهنية ستختلف عند ذلك.
(ويعفو عن السيئات): العفو فيه معنى الصفح وفيه معنى المحو والعرب تقول عفا عنه أي صفح عنه كأنه مسح لأن أصل العفو هو المحو ويقال: (عفت الريح الآثار أي محت). يمكن أن يقال: ويعفو السيئات أي يمسحها ويمكن أن يقول : ويعفو سيئات أو ويعفو سيئاتهم أو ويعفو عن سيئاتهم فلماذا جاءت بالألف واللام (السيئات) ولم تأت نكرة ولا جاءت مضافة؟ ولا جاءت من غير (عن)؟
يقال : عفا عن أخيه وعفا عن ذنبه. العرب تستعمل الإثنين معاً. عفا عن أخيه بمعنى صفح، وعفا عن ذنبه أيضاً بمعنى محى ذنبه ويبقى فكرة الانفصال هذه، عفا عن السيئة بمعنى فصل السيئة عنه أي أبعدها عنه ومحاها.
(وَهُوَ الَّذِييَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْعِبَادِهِوَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ): الفعل (قبِل) استعمل باستعمالات متعددة في القرآن الكريم بهذه الصور بعده حرف الجرّ : إما تأتي اللام جاءت مرة واحدة (لا يقبل له) بمعنى قبل له وقبل منه، وقبل عنه وقبِله بدون حرف جر. والفعل متعدٍّ يقال قبل الشيء وقبل لك الشيء وقبل منك وقبل عنك. في القرآن استعمل في موضع (قبل له) واللام للملك، ومواضع أخرى متعددة استعمل (منه) وثلاثة مواضع استعمل (عنه) هذه المواضع الثلاثة التي استعمل (عن) كلها يجمعها أن الكلام فيها من الله تعالى عن نفسه إما بصيغة الغائب أو المتكلم أما المواطن الأخرى تكون بالبناء للمجهول أو على لسان أحد من عباده.




يتبع