عنوان الموضوع : لماذا نعمل و نـُحاسب وقد كتب من قبل " ش
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
لماذا نعمل و نـُحاسب وقد كتب من قبل " ش
لماذا نعمل و نـُحاسب وقد كتب من قبل " شقي أم سعيد "..؟!
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعـود - رضي الله تعالى عنه - قال : حدثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق - : " إن أحـدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مـضغـة مثل ذلك، ثم يرسل إليه المَلَك، فينفخ فيه الروح، ويـؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أم سعيد. فوالله الـذي لا إلــه غـيره إن أحــدكم ليعـمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعـمل بعـمل أهــل النار فـيـدخـلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها ذراع، فــيسـبـق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها " .. رواه البخاري ومسلم
إذا كان الله عز وجل ، قد كتب من قبل مصير كل واحد منا أشقي هو أم سعيد ، كما قد كتب أفعالنا قبل وقوعها .. فلماذا نحاسب على أعمالنا المكتوبة ولماذا يعذب العصاة على أمور قد قدرها الله عليهم ، ولماذا نعمل إذا كان مصيرنا قد تحدد مسبقاً ..؟!
فهم القدر ومايتعلق به ، أشكل على الكثير ، وتباينت حوله الآراء ، وانشقت لأجله فرق .. ولكن رأي أهل السنة والجماعة في هذه المسائل باختصار كالتالي :
إن كل مافي الكون مكتوب ومسجل ، و قد أحصى الله كل شيء عدداً ، و أحاط بكل شيء علماً .. فما كتبه الله عز وجل على الإنسان قبل وقوعه من باب علمه الأزلي .. فهو قوة كاشفة ، لا مـُكرِهة .. فقد علم أن " فلان " سيؤمن و سيعمل صالحاً فكتب أنه من السعداء .. وعلم أن " فلان " سيكفر أو يعمل سوءاً فكتب أنه من الأشقياء ..ومثال ذلك - ولله المثل الأعلى - حينما يعرف المعلم طالباً مجتهداً طيلة العام ، فيخبره بأنه سينجح .. و يعرف طالباً آخر كسول ومهمل فيخبره بأنه سيخفق .. فهل يقع اللوم على المعلم أم على الطالب ..؟!
إن كتابة الأشياء قبل وقوعها لا ينافي العمل والاجتهاد .. لأن الله عز وجل يقدر الاسباب والمسببات معاً ، والنتائج و المقدمات معاً .. فالسعادة مرتبطة بالعمل الصالح ، والشقاوة مرتبطة بالعمل السيء .. ولو جاء شخص وقال : إذا كتب الله لي ولد فسيأتيني الولد ، فلا داعي للزواج .. هل سنقبل كلامه ..؟! .. بالطبع لا .. لأنه لم يأخذ بالأسباب .. فكذلك الذي يترك العمل أو يحتج بالقدر على ذنوبه .. لأنه يرى أن مصيره قد تحدد مسبقاً ..!
لقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله أرأيت أدوية نتداوى بها، ورقى نسترقي بها، وتقاة نتقي بها، هل ترد من قدر الله شيئاً ، فقال : "هي من قدر الله " .. فأوضح لهم أن الأسباب والمسببات من قدر الله عز وجل .. و لقد فهم عمر رضي الله عنه هذه القاعدة ، حينما حل الوباء بأرض الشام .. قال ابن عباس رضي الله عنهما : " فنادى عمر في الناس إِني مصبح علَى ظهر فأَصبِحوا عليه .. قال أبو عبيدة بن الجراح أَفرارا من قَدر الله ؟ فقال عمر : لو غيرك قَالها يا أبا عبيدة نعم نفر من قَدرِ الله إِلى قَدر الله .. أرأيت لَو كَان لك إِبِل هبطت واديا له عدوتان إِحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إِن رعيت الخصبة رعيتها بقَدر الله وإِن رعيت الجدبة رعيتها بِقَدر الله .. قَال :فَجاء عبد الرحمن بن عوف وكَان متغيبا في بعض حاجته فقال : إِن عندي في هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إِذَا سمعتم به بِأرض فلا تقدموا عليه وإِذا وقَع بأرض وأنتم بها فَلا تخرجوا فرارا منه قَال : فَحمد الله عمرثم انصرف .. " رواه البخاري ..
و في الصحيحين عن علي رضي الله عنه قال : كنا في جنازة في بقيع الغرقد، فأتانا النبي - صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله كأنما على رؤوسنا الطير، وبيده عود ينكت به الأرض، فقال: " ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة أو النار، فقال رجل: يا رسول الله أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال لا ، بل اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فمن كان من أهل السعادة فيصير إلى عمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاء فيصير إلى عمل أهل الشقاء، ثم تلا قوله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ) " ..
إن القدر أمر غيبي لا علم لنا به ، ولا نعلمه إلا بعد وقوعه ، أما قبل ذلك فقد أمرنا بالأخذ بالأسباب ، وبالقيام بما أمرنا به والابتعاد عما نهينا عنه ، ومـُنحنا التمييز والاختيار بين الخير والشر .. فما قيمة ماأودعه الله فينا من قدرة على الاختيار ، إذا كان العبد مجبراً على المعصية ولا إرادة له ، بناء على ماقدّره عليه كما يرى من يحتج بالقدر ..؟!
" ولكن حكمة الخالق التي قد ندرك بعض مراميها وقد لا ندرك ، دون أن ينفي عدم إدراكنا لها وجودها . هذه الحكمة اقتضت خلقة هذا الكائن البشري باستعداد للخير وللشر وللهدى والضلال . ومنحته القدرة على اختيار هذا الطريق أو ذاك . وقدرت أنه إذا أحسن استخدام مواهبه اللدنية من حواس ومشاعر ومدارك ، ووجهها إلى إدراك دلائل الهدى في الكون والنفس وما يجيء به الرسل من آيات وبينات ، فإنه يؤمن ويهتدي بهذا الإيمان إلى طريق الخلاص .. وعلى العكس حين يعطل مواهبه ويغلق مداركه ويسترها عن دلائل الإيمان يقسو قلبه ، ويستغلق عقله ، وينتهي بذلك إلى التكذيب أو الجحود ، فإلى ما قدره الله للمكذبين الجاحدين من جزاء ، فالإيمان إذن متروك للاختيار ، لا يكره الرسول عليه أحداً ، لأنه لا مجال للإكراه في مشاعر القلب وتوجهات الضمير " .
إن الله عز وجل لا يظلم ولو مثقال ذرة عباده ، بل هم يتقلبون بين عدله و فضله .. و احتجاج البعض بالقدر على ارتكاب المعاصي والآثام ، فيه اتهام لله عز وجل بالظلم - تنزه عن ذلك - .. وفي هذا قال ابن تيمية - رحمه الله - : " وليس لأحد أن يحتج بالقدر على الذنب باتفاق المسلمين ، وسائر أهل الملل ، وسائر العقلاء ، فإن هذا لو كان مقبولاً لأمكن كل أحد أن يفعل ما يخطر له من قتل النفوس وأخذ الأموال ، وسائر أنواع الفساد في الأرض ، ويحتج بالقدر.. ونفس المحتج بالقدر إذا اعتدي عليه ، واحتج المعتدي بالقدر لم يقبل منه ، بل يتناقض ، وتناقض القول يدل على فساده ، فالاحتجاج بالقدر معلوم الفساد في بدائه العقول " ..
فما فعله العبد باختياره ، لا يسوغ له الاحتجاج بالقدر ، وماكان خارجاً عن إرادته واختياره كالمصائب مثلاً فيسوغ له الاحتاج بالقدر .. لهذا حجّ آدم موسى حينما احتج بالقدر على المصيبة وهي " الإخراج من الجنة " ، ولم يحتج به على الذنب وهو " الأكل من الشجرة " .. في الحديث المروي في صحيح مسلم : " احتج آدم وموسى فقال له موسى : أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة ؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ، ثم تلومني على أمر قد قدّر علي قبل أن أخلق ؟ فحج آدمُ موسى" ( أي : غلبه في الحجة ) ..
فـ " آدم لم يحتج بالقضاء والقدر عَلَى الذنب، وهو كَانَ أعلم بربه وذنبه؛ بل آحاد بنيه من المؤمنين لا يحتج بالقدر، فإنه باطل، وموسى عَلَيْهِ السَّلام كَانَ أعلم بأبيه وبذنبه من أن يلوم آدم عَلَى ذنب قد تاب منه وتاب الله عليه واجتباه وهداه، وإنما وقع اللوم عَلَى المصيبة التي أخرجت أولاده من الجنة، فاحتج آدم بالقدر عَلَى المصيبة لا عَلَى الخطيئة، فإن القدر يحتج به عند المصائب لا عند المعايب، وهذا المعنى أحسن ما قيل في الحديث، فما قدر من المصائب يجب الاستسلام له، فإنه من تمام الرضى بالله رباً، وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب وإذا أذنب فعليه أن يستغفر ويتوب فيتوب من المعايب ويصبر عَلَى المصائب "
إذن علينا عدم الاحتجاج بالقدر على أعمالنا ، أو أن نترك العمل .. وأن نأخذ بالأسباب المعينة للوصول إلى الغايات متوكلين على الله حق توكله ..
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
بارك الله فيك
وجزاك كل خير
وجعل ما تقدميه في ميزان حسناتك
ويجمعنا بك والمسلمين في جنات النعيم
__________________________________________________ __________
جزاك اللــــــــــــه خيـــــــــــر
وبارك اللـــــــــــــــــــه فيــــــــــــــك
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
بارك الله فيك
وجزاك كل خير
__________________________________________________ __________