بقلمي
يرتبط الوجود في الفكر الإسلامي بالدعوة إلى احترام الفكر وإعمال العقل ,وقد أُوتي الإنسان إرادة يعرف بها حقيقةوجوده ومغزى حياته ألا وهي العقل بهِ يحسن إلى وجوده أويسيء , يعدل مع نفسه أو يظلم .
ومن هنا كان الفكر الإسلامي دعوة مباشرة إلى الفكر الوجودي إذ أن دعوة التفكير هذه لا بد أن تصحب الانسان -بادئ ذي بدء- إلى ذاته ونفسه يعلمها ويزكيها ثم تنتقل بعد ذلك إلى الكون حيث يتدرج التفكير من الوجود الفردي إلى الوجود العام .
والوجود الفردي في الفكر الإسلامي بلاءٌ وتجربة ، فهو مظهر لحياة سابقة ومخبر لحياة لاحقة ولما كان تصرف الإنسان مرتداً الى وجوده ومنعكساً عليه ومؤثراً فيه فإن الذي يقصر جهده دون الكفاح الجدي ويحد طاقته عن جهاد النفس اللاهية انما يحتمل وزر ذلك وحده فقد ظلم نفسه وأساء إلى وجوده .
والسبيل أمام الإنسان لتغيير واقعة وتحسين حاله بتزكية نفسه لخلق أفضل ونهج أكرم , يقول رب العزة(وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا )فعلى الإنسان أن لا يسعى إلى خير الآخرة بإهمال الدنيا أو إهمال الآخرة بالغرق في ملذات الحياة وقد جاء في الأثر :اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا .
فالوجود حلقة مستمرة عبر الزمن فهو جزء من كل , والموت ما هو إلا منفذ إلى حياة أُخرى تتأثر بالدنيا فإما إلى جنة عرضها السموات والأرض أو إلى ناروقودها الناس والحجارة .
أما الوجودية في الفكر الغربي الحديث فقد وقعت في شراك الإلحاد وخاصة على يد الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر -والذي تنسب إليه الوجودية الحديثة فهو يصور الإنسان عدماً يفرز اللاوجود وهو أشبه ما يكون بفجوة في الوجود العام فليس ثمة ماهية للإنسان خلقها إله من قبل فالأمر رهن ٌ بمشيئة الفرد وارادته يبتدع ما يشاء من قيم ويخلق ما يشاء من مبادئ لأن وجوده هو سابقٌ على أي مثال ومن ثم يرفض الإعتقاد بوجود الله .وهكذا تظهر أفكار العدمية وبطلان الحياة وبالتالي فإن أي جهد في الحياة باطل ما لم يوجه إلى اللهو واللذة فإذا بالإنسان فاقدٌ للقيم فارغ المُثُل لا يعبأ بغير اللذة والتمتع بالشهوات .
ومما لا شك فيه أن العالم الغربي يتجه نحو الوجودية ولكن مما يؤسف له حقاً أن تنتقل هذه الأفكار والسلوكات إلى ثقافتنا ممن تكالبوا على تقليد الغرب تقليداً أعمى رغم تعارضها مع ديننا وقيمنا وتقاليدنا العربية الإسلامية حتى بتنا نردد في حياتنا اليومية عن قصد أو غير قصد كلمات وعبارات وجودية ,مثل :"فلان مات قبل أن يتمتع بحياته ..، كذلك ما يردده كثير من الشعراء من عبارات تدعو لإستغلال الحياة بالتمتع باللذات والشهوات :
واغنم من الحاضر لذاته ..
...فليس من طبع الليالي الأمان .
سبحان الله وكأن الدنيا لم تخلق إلا لهذا ........!!!