عنوان الموضوع : غيرة الأطفال.. اللعب بالنار رعاية الطفل
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
غيرة الأطفال.. اللعب بالنار
جذبني مشهد مصعب كمال تلميذ بالصف الأول الابتدائي وهو يضرب شقيقه (3 سنوات) وتصرفاته تشكو حالةً من ضغط أبويه عليه لرغبتهما في تعليمه احتواء أخيه الصغير والتي أشعلت في قلبه الغيرة؛ فقد ناء مصعب بهذا الحمل الثقيل، وقرر أن يعلن استياءه من هذه المعاملة.
الناس يصفونها بأنها نارٌ متأججةٌ؛ تشتعل بصاحبها، فتحرق قدراته وطاقاته، ولا تكتفي بتشويهه لتنال ممن حوله، منكرةً عليهم النعم والمميزات.. نار حسود حقود؛ تجدِّد نفسها إذا أعطيتها فرصتها في الانتشار، هي فقط "نار الغيرة"؛ فهل نتركها تحرق أولادنا بطفولتهم الوردية؟! وكيف السبيل لإخمادها بلا خسائر أو حروق.
هالة طه (ربة منزل) تقول: إن ابنها أحضر قلمًا ليضعه في عين أخته الصغيرة لكثرة بكائها الذي يضطرني لحملها أمامه؛ فأثار ذلك غضبه، ولم يستطع التعبير عن الغيرة التي سيطرت عليه إلا بهذا الشكل، وأنقذتُها في آخر لحظة.
وتعترف سالي حسن (طالبة بالثانوية العامة) بأن المشكلة الرئيسية التي تؤرِّق حياتها هي الغيرة من أخيها "الولد"؛ لأن أمه تميِّز بينهما في المعاملة وتفضِّله على البنات، وكلهن يعانين من هذه التفرقة في المعاملة، ولكن يبقى الوضع على ما هو عليه، رغم مصارحتهن لأمهن بحقيقة المشكلة، وتتخوف سالي من تحول هذه المشاعر إلى أخرى أسوأ تجاه أخيها الذي لم يرتكب ذنبًا أو يخطئ في حقهن.
وتكشف لنا إسراء عبد الحميد عن غيرتها من أخواتها البنات اللاتي يتمتعن بحظٍّ من الجمال عنها، ويصارحها الناس بذلك مما يؤذي مشاعرها ويجرحها، وبشكل غير إرادي تراها قد أخذت منهن موقفًا بدون ذنب ترتكبه إحداهن.
الغيرة الطبيعية
ترى الدكتورة داليا الشيمي اختصاصية الأمراض النفسية أن الغيرة حالة انفعالية يشعر بها الشخص ويحاول إخفاءها ولكنها تظهر من خلال تصرفاته، وهي مزيجٌ من الإحساس بالفشل والغضب في آن واحد، وهي إحدى المشاعر الطبيعية الموجودة عند الإنسان من سن الطفولة، وتظهر في صورة السلوك العدواني والأنانية والنقد والثورة والانطواء؛ لأنها تمثل الشعور بالنقص عند الطفل وتُظهر الغيرة في صورة سلوك تعويضي مصطَنع؛ بحيث يُخفي الطفل مشاعره الحقيقية، ومن جانب آخر يُظهر شعوره الحقيقي بطريقة لا إرادية؛ من خلال محاولته جذب الأنظار إليه، بالتظاهر بالمرض أو البكاء أو العناد أو السلبية، وقد تبدو في تقمص الطفل سلوكيات طفلية سابقة؛ مثل التبول اللا إرادي والالتصاق بالأم والبقاء في حضنها.
وتنقسم الغيرة إلى عدة أنواع، منها: الغيرة من المولود الجديد، والغيرة بسبب المقارنة بين الإخوة على أساس الذكاء أو التحصيل الدراسي أو التفوق أو الجمال، ويستخدم الأطفال وسائل للتعبير عن هذه الغيرة، منها: الصراخ، أو العبث بأدوات الآخرين، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء الجسدي بالضرب عليهم أو القرص، وبعد العاشرة قد يتطور الأمر إلى استخدام أساليب أخرى كتدبير المكائد للآخرين.
غيرة الإناث
الأسرة يقع على عاتقها مسئولية توجيه الأولاد الغيورين
وتضيف: إن الغيرة سلوك طبيعي فطري عند كل إنسان؛ يمكن تحويلها إلى غيرة إيجابية؛ بحيث تكون حافزًا ومشجِّعًا بوضعها في المسار الطبيعي لها، من خلال توجيه الأسرة لأولادها، وعلى الجانب الآخر قد تتحوَّل للغيرة السلبية (غير سوية) والتي قد تصل للحالة المرضية وما يتخلَّلها من مشاعر الحقد والحسد والكراهية للآخرين وهذا النوع (الغيرة المرَضية) يحتاج لعلاج وتدخل من الطب النفسي وتستمر مشاكل الغيرة مع الطفل حتى بعد سن الشباب والزواج، إن لم يسيطر عليها من البداية، وتعتبر سببًا مباشرًا في فشله.
وأوضحت أن الطفل الغيور يفتقد الثقة بنفسه؛ لأنه ينظر إلى ما عند الآخر، ويتطلع إليه لأنه يعتبره دائمًا الأفضل، وأكدت أن الغيرة موجودة بين الجنسين (ذكورًا وإناثًا)، ولكنها تكون أشد في أصحاب النوع الواحد.
وطبقًا لما توصلت إليه أحدث الدراسات تبيّن أن الإناث أكثر غيرةً من الذكور؛ وذلك بسبب مفهوم ثقافي متوطِّن في معتقداتنا الشرقية بأن الأنثى دائمًا أقل من الذكر، رغم ما حصلت عليه من حقوق.
وترى د. داليا الشيمي أن للغيرة أسبابًا؛ أهمها: الخلل في التنشئة وعدم الوعي بأساليب التربية السليمة كما أن افتقاد الإحساس بالرضا والجهل بالقيم الدينية الصحيحة له دورُه في ترسيخ الغيرة كسلوك في بيوتنا، ويزداد الأمر سوءًا عندما يغيب دور الأسرة كما يحدث في الكثير من الأسر المصرية؛ حيث تفتقد منظومةً تحوي وتقوِّم الطفل في آن واحد.
وتضيف: إن الحل يكون بتوعية الآباء أولاً؛ حتى يتمكنوا من تعديل الطباع الشخصية غير السوية، مع ضرورة تعليم الأطفال منذ الصغر أننا كبشر متساوون في الأرزاق والاختلاف بيننا في كيفية توزيع هذه الأرزاق في كل شيء؛ كالمال والصحة والجمال والعلم والذكاء، والوصول إلى درجة الرضا بالمقسوم غاية نسعى إليها جميعًا، ويجب أن نربي أولادنا على هذه القيمة.
الغيرة القاتلة
وتؤكد د. سناء نصر الأستاذة بكلية التربية جامعة عين شمس أن التنشئة غير السوية هي التي تؤجِّج نار الغيرة بداخل الطفل؛ لأنها تعتمد دائمًا على المقارنة والمنافسة التي تُميت بداخله التلقائية والعزيمة للإنجاز، وتُفقده ثقته بنفسه، وتجعله أكثر عدوانيةً تجاه الآخرين، وترى أن من الخطأ أن نطلق عليها غيرة في مرحلة الطفولة المبكرة، والأصح أن نعتبرها مجرد تعلُّق ببعض الأمور الخاصة بالآخرين، وضروريٌّ أن نفهم أن المنافسة الإيجابية دافعٌ وراء الإنسان يدفعه للتقدم.
أما المنافسة السلبية فتولِّد لديه مشاعر الحقد والحسد على غيره، والإحباط بالنسبة لنفسه؛ لذلك تم وصفها بنار الغيرة؛ لأنها تحرق روح الإبداع بداخله، وتدفعه إلى كراهية الآخرين، والتي قد تصل إلى جرائم القتل في بعض الأحيان.
ووضعت الدكتورة سناء نصر روشتة تربوية لتقويم الغيرة، وركَّزت فيها على أهمية حكمة الأم في تعاملها مع ابنها الغيور (غيرة طبيعية)؛ بحيث تعطيه اهتمامها في بعض الأحيان، وتتجاهل تصرفاته في أحيان أخرى، وتشغل تفكير ابنها باكتشاف هواياته واستثمارها، والتركيز على قضية الثواب والعقاب، وفي حالة فقد سيطرتها عليه وشعورها كأم بتحوُّل غيرة الابن الفطرية إلى غيرة مرضية يجب وقتها استشارة المعالج النفسي؛ ليضع لها منظومةً للعلاج، من خلال أدوار تقوم بها المدرسة والأسرة والأصدقاء.
وتتساءل: أين نحن من الغيرة المحمودة التي رأيناها في تصرف نبي الله زكريا عليه السلام؛ عندما دخل المحراب على مريم ابنة عمران، فوجد عندها رزقًا ليس في أوانه؛ فأجابته بأنه من عند الله؛ فانتبه بفطرته الخيِّرة إلى إمكانية الاستفادة من ردِّها واللجوء إلى الله بالدعاء والابتهال؛ ليهب له ذريةً طيبةً كما رزق مريم بالرزق الكثير، وبذلك استغل الفرصة واستفاد لنفسه ولم ينكرها أو يحسد عليها غيرةً.
الغيرة في القرآن
وها نحن نستقي من قصص التاريخ نماذج قديمة للغيرة؛ تجلت لنا في أبشع صورها في قصة قابيل وهابيل الشهيرة؛ التي تلخَّصت في غيرة أحدهما من الآخر لزواجه بالبنت الجميلة، وسوَّلت له نفسه قتل أخيه، ولم يُفِق إلا بعد فوات الأوان، وأخوه جثة هامدة، لا حول له ولا قوة، ولكن لا ينفع الندم وقتها؛ فلنكن أيقظ منه، ولنأخذ حذْرنا على أولادنا حتى لا يحترقوا بنفس النار التي أحرقت إخوتهم من قبل.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
تسلمي حبيبتي
موضوع ررئع زمهمه ومعلومات قيم جدآآ
جزكي الله خيرآآ وجعله في ميزان حسنتك
ننتظر جديدك المميز
دمتي بخيرر
ام جمانه
::::::::::::::::
::
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________