عنوان الموضوع : « نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَر - الشريعة الاسلامية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

« نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَر





شرح حديث:

« نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ »


• المتن:

قالَ الإمام البُخاريُّ ــ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ــ فِي "صحيحه": حَدَّثَنَا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ

هُوَ ابْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

« نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ »


• الشَّرح:

قالَ الإمام الحافظ ابْنِ حجرٍ العسقلانيُّ ــ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَىٰ ــ في شرحه على "صحيح البُخاريّ": قوله: « نعمتان »

تثنية نعمة، وهي الحالة الحسنة، وقيلَ: هيَ المنفعة المفعولة علىٰ جهة الإحسان للغير، و« الغبن » بالسُّكون وبالتَّحريك..

وقالَ الجوهريُّ: هوَ فِي البيع بالسُّكون، وفي الرَّأي بالتَّحريك، وعلىٰ هـٰذا فيصحُّ كلٌّ منهما فِي هـٰذا الخبر،

فإنَّ مَنْ لا يستعملهما فيما ينبغي فقد غبنَ لكونه باعهما ببخس؛ ولم يحمد رأيه فِي ذٰلك..

قالَ ابن بطَّال: معنى الحديث: أنَّ المرء لا يكونُ فارغًا حتَّىٰ يكونُ مكفيًّا صحيح البدن،

فمَنْ حصلَ لهُ ذٰلك فليحرص علىٰ أنْ لا يغبن بأنْ يترك شكر الله علىٰ ما أنعم به عليه، ومِنْ شُكره: اِمْتثال أوامره، واجْتناب نواهيه، فمَنْ فرطَ فِي ذٰلك فهوَ المغبون..

وأشارَ بقوله: « كثير مِنَ النَّاس » إلىٰ أنَّ الَّذي يوفِّق لذٰلك قليل..

وقالَ ابْن الجوزيُّ: قد يكون الإنسان صحيحًا ولا يكون متفرغًا لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا ولا يكون صحيحًا، فإذا اِجتمعا فغلب عليه الكسل عَنِ الطَّاعة فهوَ المغبون، وتمامُ ذٰلكَ أنَّ الدُّنيا مزرعة الآخرة، وفيها التِّجارة الَّتي يظهر ربحها فِي الآخرة،

° فمَنْ اِسْتعمل فراغه وصحَّته فِي طاعة الله فهوَ المغبوط..

° ومَنْ اِسْتعملهما فِي معصية الله فهوَ المغبون..

لأنَّ الفراغ يعقبه الشُّغل، والصِّحة يعقبها السُّقم، ولو لم يكن إلَّا الهرم، كما قيلَ:


يَسُرّ الْفَتَى طُول السَّلامَة وَالبَقَا °°° فكيف تَرَىٰ طُول السَّلامة يَفْعَل

يَرُدّ الْفَتَى بَعْد اِعْتدَال وَصِحَّة °°° يَنُوء إِذَا رَامَ الْقِيَام وَيُحْمَل



وقالَ الطّيّبيُّ: ضربَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمُكلَّف مثلاً بالتَّاجر الَّذي لهُ رأس مال، فهو يبتغي الرِّبح معَ سلامة رأس المال، فطريقه فِي ذٰلك أنْ يتحرَّىٰ فيمَنْ يُعامله ويلزم الصِّدق والحذق لئلَّا يغبن، فالصِّحة والفراغ رأس المال، وينبغي لهُ أنْ يُعامل الله بالإيمان، ومجاهدة النَّفس وعدوِّ الدِّين،
ليربح خيري الدُّنيا والآخرة، وقريب منه قول الله تعالىٰ:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ الآيات..

وعليه أنْ يجتنب مُطاوعة النَّفس، ومُعاملة الشَّيطان لئلَّا يضيع رأس ماله مع الرِّبح..

وقوله في الحديث: « مغبون فيهما كثير مِنَ النَّاس »، كقوله تعالىٰ: ﴿ وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾..

فالكثير فِي الحديث فِي مقابلة القليل فِي الآية..

وقالَ القاضي وأبو بكر بن العربي: اِختُلف فِي أوَّل نعمة اللهِ على العبد، فقيلَ: الإيمان..

وقيلَ: الحياة.. وقيلَ: الصِّحة..

والأوَّل أولىٰ، فإنَّهُ نعمةٌ مُطلقةٌ، وأمَّا الحياة والصِّحة فإنَّهما نعمةٌ دنيويَّةٌ، ولا تكون نعمةً حقيقةً إلَّا إذا
صاحبت الإيمان، وحينئذٍ يغبن فيها كثير مِنَ النَّاس، أي: يذهب ربحهم أو ينقص، فمَنْ اِسْترسلَ معَ نفسه
الأمارَّة بالسُّوء؛ الخالدة إلى الرَّاحة، فتركَ المحافظة على الحُدود، والمواظبة على الطَّاعة، فقد غبن،
وكذٰلك إذا كانَ فارغًا فإنَّ المشغول قد يكونُ لهُ معذرة بخلاف الفارغ فإنَّهُ يرتفع عنه المعذرة وتقوم عليه الحجَّة.اهـ.


([ « فتح الباري شرح "صحيح البُخاريِّ" » / (11 / 230، 231) / "كِتَاب الرِّقَاقِ" (81) /
"بَاب ما جاءَ فِي الرِّقاق وأن لاَ عَيْشَ إِلاَّ عَيْشُ الْآخِرَةِ" ])




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


موفقه اختاه .............


__________________________________________________ __________

اسعدنى مرورك


__________________________________________________ __________



__________________________________________________ __________

جزاك الله خيرا

وبارك فيك

ونفع به


__________________________________________________ __________

موضوع ^ راقلي
بنتضار ^ المزيد من فنك
وذوقك الراقي ؟؟؟
نعومه