عنوان الموضوع : ~!!قصص و عـــبــر!!~ [مجموعة قصص مؤثرة] ما رح تندمووا - الشريعة الاسلامية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
~!!قصص و عـــبــر!!~ [مجموعة قصص مؤثرة] ما رح تندمووا
صباحكــم مودة و راحة بال
صبــاحكم .. عــامــر بـ ذكــر الله
.
صَبَاحُكْمْ/مَسَاؤُكْم
يُعَانِقُ الـْ سَ ـمَآءُ ..
لـ يٌلعَقُ غَيْمَ سَمَائُكُمْ المَاطِرَةٌ
بـِ أِلْقٍ الحُرُوُفِ وَنُورِ القُلْوبِ ..
مجموعة من القصص الواقعية التي نغفل عنها كثيرا
قصص تحمل بين طياتها الكثير من المعاني والآداب والعبر
الجميلة (مجموعة قصص مؤثرة) هدي مني إليكم
فأتمنى ان تنال رضاكم
وقبل كل شيء ان تأخذوا منها العظة والعبرة
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
اسم القصة : غرفة الأحزان
كاتب القصة : مكتب الدعوة والإرشاد
كان لي صديق أحبه لفضله وأدبه، فكان يروقني منظره، ويؤنسني محضره. قضيت في صحبته عهداً طويلاً ما أنكر من أمره ولا ينكر من أمري شيئاً، حتى سافرت من القاهرة سفراً طويلاً فتراسلنا حيناً ثم انقطعت عني كتبه، فرابني من أمره ما رابني، ثم رجعت فجعلت أكبر همي أن أراه فطلبته في جميع المواطن التي كنت ألقاه فيها فلم أجده، فذهبت إلى منزله، فحدثني جيرانه أنه هجره من عهد بعيد، وأنهم لا يعرفون أين مصيره، فوقفت بين اليأس والرجاء برهة من الزمان، يغالب أولهما ثانيهما حتى غلبه، فأيقنت أني قد فقدت الرجل، وأني لن أجد بعد اليوم إليه سبيلاً.
هناك ذرفت من الوجد دموعاً لا يذرفها إلا من قل نصيبه من الأصدقاء، وأقفر ربعه من الأوفياء وأصبح غرضا من أغراض الأيام، لا تخطئه سهامها، ولا تغبه آلامها.
بينا أنا عائد إلى منزلي في ليلة من الليالي، إذ دفعني الجهل بالطريق في هذا الظلام المدلهم إلى زقاق موحش مهجور يخيل للناظر إليه في مثل تلك الساعة التي مررت فيها أنه مسكن الجانّ، أو مأوى الغيلان، فشعرت كأني أخوض بحراً أسوداً، يزخر بين جبلين شامخين، وكأن أمواجه تقبل بي وتدبر وترتفع وتنخفض، فما توسطت لجته حتى سمعت في منزل من تلك المنازل المهجورة أنة تتردد في جوف الليل، ثم تلتها أختها ثم أخواتها، فأثر في نفسي مسمعها تأثيراً شديداً وقلت: يا للعجب، كم يكتم هذا الليل في صدره من أسرار البائسين، وخفايا المحزونين، وكنت قد عاهدت الله قبل اليوم ألا أرى محزوناً حتى أقف أمامه وقفة المساعد إن استطعت، أو الباكي إن عجزت، فتلمست الطريق إلى ذلك المنزل حتى بلغته، فطرقت الباب طرقاً خفيفاً فلم يفتح، فطرقته أخرى طرقاً شديداً ففتحت لي فتاة صغيرة لم تكد تسلخ العاشرة من عمرها، فتأملتها على ضوء المصباح الضئيل الذي كان في يدها، فإذ هي في ثيابها الممزقة، كالبدر وراء الغيوم المتقطعة، وقلت لها: هل عندكم مريض؟ فزفرت زفرة كاد ينقطع لها نياط قلبها، وقالت أدرك أبي أيها الرجل فهو يعالج سكرات الموت، ثم مشت أمامي فتبعتها حتى وصلت إلى غرفة ذات باب قصير، فدخلتها فخيل إلي أني قد انتقلت من عالم الأحياء إلى عالم الأموات، وأن الغرفة قبر، والمريض ميّت فدنوت منه حتى صرت بجانبه، فإذ قفص من العظم يتردد فيه النفس تردد الهواء في البرج الخشبي، فوضعت يدي على جبينه ففتح عينيه وأطال النظر في وجهي، ثم فتح شفتيه قليلاً قليلاً. وقال في صوت خافت " أحمد الله فقد وجدت صديقي " فشعرت كأن قلبي يتمشى في صدري جزعاً وهلعاً، وعلمت أني قد عثرت بضالتي التي كنت أنشدها وكنت أتمنى ألا أعثر بها وهي في طريق الفناء، وعلى باب القضاء، وألا يجدد لي مرآها حزناً كان في قلبي كميناً، وبين أضلعي دفيناً، فسألته ما باله؟ وما هذه الحال التي صار إليها؟ وكأن أنسه بي أمدّ في مصباح حياته الضئيل بقليل من النور فأشار إلي أنه يحب النهوض فمددت يدي إليه، فاعتمد عليها حتى استوى جالساً وأنشأ يقص عليّ القصة الآتية:
منذ عشر سنين كنت أسكن أنا ووالدتي بيتاً يسكن بجانبه جار لنا من أرباب الثراء والنعمة، وكان قصره يضم بين جناحيه فتاة ما ضمت القصور أجنحتها على مثلها حسناً وبهاءً، ورونقاً وجمالاً، فألم بنفسي من الوجد ما لم أستطع معه صبراً، فما زلت بها أعالجها فتمتنع، وأستترها فتتعذر، وأتأتى إلى قلبها بكل الوسائل فلا أصل إليه، حتى عثرت بمنفذ الوعد بالزواج فانحدرت منه إليها، فسكن جماحها، وأسلس قيادها، فسلبتها قلبها وشرفها في يوم واحد، وما هي إلا أيام قلائل حتى عرفت جنيناً يضطرب في أحشائها، فأسقط في يدي، وطفقت أرتئي بين أن أفي لها بوعدها أو أقطع حبل ودّها، فآثرت آخرهما على أولاهما، وهجرت ذلك المنزل الذي كنت تزورني فيه، ولم أعد أعلم بعد ذلك من أمرها شيئاً.
مرّت على تلك الحادثة أعوام طوال، وفي ذات يوم جاءني منها مع البريد هذا الكتاب، ومدّ يده تحت وسادته وأخرج كتاباً باليا مصفرّا، فقرأت ما يأتي:
لو كان بي أن أكتب إليك لأجدد عهداً دارساً، أو وداً قديماً، ما كتبت سطراً ولا خططت حرفاً، لأني لا أعتقد أن عهداً مثل عهدك الغادر، ووداً مثل ودّك الكاذب يستحق أن أحفل به فأذكره، أو آسف عليه فاطلب تجديده.
إنك عرفت حين تركتني أن بين جنبيّ نارا تضطرم، وجنيناً يضطرب، أسفاً على ماضي، وخوفاً من مستقبل، فلم تبال بذلك مني حتى لا تحمّل نفسك مؤونة النظر إلى شقاء أنت صاحبه، ولا تكلف يدك مسح دموع أنت مرسلها، فهل أستطيع أن أتصور أنك رجل شريف؟ لا.. بل لا أستطع أن أتصوّر أنك إنسان لأنك ما تركت خلة من الخلال المتفرقة في نفوس العجماوات أو أوابد الوحش إلا جمعتها في نفسك وظهرت بها جميعا في مظهر واحد.
كذبت علي في دعواك أنك تحبني، وما كنت تحب إلا نفسك، وكل ما في الأمر أنك رأيتني السبيل إلى إرضائها فمررت بي في طريقك إليها، ولولا ذلك ما طرقت لي باباً، ولا رأيت لي وجهاً.
خنتني إذ عاهدتني على الزواج فأخلفت وعدك ذهاباً بنفسك أن تتزوج امرأةً مجرمة ساقطة، وما هذه الجريمة ولا تلك السقطة إلا صنعة يدك وجريرة نفسك، ولولاك ما كنت مجرمة ولا ساقطة، فقد دافعتك جهدي حتى عييت بأمرك، فسقطت بين يديك سقوط الطفل الصغير، بين يدي الجبار الكبير، سرقت عفتي، فأصبحت ذليلة النفس حزينة القلب استثقل الحياة واستبطىء الأجل، وأي لذة في العيش لامرأة لا تستطيع أن تكون زوجة لرجل، ولا أماً لولد، بل لا تستطيع أن تعيش في مجتمع من هذه المجتمعات البشرية إلا وهي خافضة رأسها، مسبلة جفنها، واضعة خدها على كفها. ترتعد أوصالها وتذوب أحشاؤها خوفاً من عبث العابثين وتهكم المتهكمين.
سلبتني راحتي لأني أصبحت مضطرة بعد تلك الحادثة إلى الفرار من ذلك القصر الذي كنت متمتعة فيه بعشرة أبي وأمي، وتاركة ورائي تلك النعمة الواسعة وذلك العيش الرغد إلى منزل حقير في حيّ مهجور لا يعرفه أحد، ولا يطرق بابه، لأقضي فيه الصبابة الباقية لي من أيام حياتي.
قتلت أمي وأبي، فقد علمت أنهما ماتا، وما أحسب أن موتهما إلا حزنا لفقدي ويأسا من لقائي. قتلتني لأن ذلك العيش المرّ الذي شربته من كأسك، والهمّ الطويل الذي عالجته بسببك، فقد بلغا مبلغهما من جسمي ونفسي، فأصبحت في فراش الموت كالذبالة المحترقة تتلاشى نفساً في نفس، وأحسب أن الله قد صنع لي، واستجاب دعائي، وأراد أن ينقلني من دار الموت والشقاء إلى دار الحياة والهناء.
فأنت كاذب خادع، ولصّ قاتل، ولا أحسب أن الله تاركك دون أن يأخذ بحقي منك.
ما كتبت إليك هذا الكتاب لأجدد بك عهداً، أو أخطب إليك وداً، فأنت أهون عليّ من ذلك، إنني قد أصبحت على باب القبر في موقف وداع الحياة بأجمعها خيرها وشرها سعادتها وشقائها، فلا أمل لي في ودّ، ولا متسع لعهد، وإنما كتبت إليك لأن لك عندي وديعة وهي فتاتك، فإن كان الذي ذهب بالرحمة من قلبك أبقى لك منها رحمة الأبوّة فأقبل إليها وخذها إليك حتى لا يدركها من الشقاء ما أدرك أمها من قبلها.
فما أتممت قراءة الكتاب حتى رأيت مدامعه تتحدر على خديه، فسألته: وماذا تم بعد ذلك، قال: إني ما إن قرأت الكتاب حتى أحسست برعدة تتمشى في جميع أعضائي، وخيّل إليّ أن صدري يحاول أن ينشق عن قلبي حزناً وجزعاً، فأسرعت إلى منزلها وهو هذا المنزل الذي تراني فيه الآن، فرأيتها في هذه الغرفة على هذا السرير جثة هامدة لا حراك بها ورأيت فتاتها إلى جانبها تبكي بكاء مراً فصعقت لهول ما رأيت، وتمثلت لي جرائمي في غشيتي كأنما هي وحوش ضارية، وأسود ملتفة، هذا ينشب أظافره، وذاك يحدد أنيابه، فما أفقت حتى عاهدت الله ألا أبرح هذه الغرفة التي سميتها " غرفة الأحزان " حتى أعيش فيها عيشها، وأموت موتها. وها أنا ذا أموت اليوم...
وما وصل من حديثه إلى هذا الحدّ، حتى انعقد لسانه واكفهرّ وجهه وسقط على فراشه فأسلم الروح وهو يقول: ابنتي يا صديقي، فلبثت بجانبه ساعة قضيت فيها ما يجب على الصديق لصديقه، ثم كتبت إلى أصدقائه ومعارفه فحضروا تشييع جنازته، وما رُئي مثل يومه يوم كان أكثر باكية وباكياً.
ولما حثونا التراب فوق ضريحه *** جزعنا ولكن أي ساعة مجزع
يعلم الله أني أكتب قصته، ولا أملك نفسي من البكاء والنشيج، ولا أنسى ما حييت نداءه لي وهو يودع نسمات الحياة، وقوله " ابنتي يا صديقي ".
فيا أقوياء القلوب من الرجال، رفقاً بضعفاء النفوس من النساء. إنكم لا تعلمون حين تخدعونهن عن شرفهن، وعفتهن، أي قلب تفجعون، وأي دم تسفكون إن هذه القصة تبكي العين وتحزن القلب.
هذه القصة تبين للأخت المسلمة حيل كثير من الشباب الذين لا همّ لهم إلا مطاردة النساء في الأسواق والمدارس والطرقات، ثم بكلام معسول تنقاد له وتصبح طريحة أسيرة بين يديه، حتى يعبث بها ويسرق عفتها وطهرها ثم يتبرأ منها بعد ذلك وينكر صحبتها فتبقى المسكينة بين نارين لا تدري ما تقول وما تفعل، بل تلازم البكاء والنحيب لعله يفرج عن نفسها من هذا العناء المتواصل والتفكير الدائم.
وأما الرجل الفاجر فقد ذهب بلا عودة ليصطاد فتاة أخرى بعد ما أذاق الأولى صنوف الآلام والحسرات والبكاء والزفرات، وسرق منها أغلى ما لديها عفتها وطهرها.
فيا أختي المسلمة: أفيقي من غفلتك وانتبهي لنفسك من ذئاب البشر وحصنيها بالحشمة والحياء والحجاب والستر كي تسعدي في الدنيا والآخرة. ونداء إلى الشباب المستهترين العابثين بأخلاق الفتيات أن يتقوا الله جل وعلا ويراقبوه، فإنه سبحانه المطلع على القلوب الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور: ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير وليعلموا أن لهم أمهات وأخوات وبنات وزوجات وقريبات فهل يرضون أن يفعل بهن كما فعلوا هم ببنات المسلمين.
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
قـصـة ( الأظـرف الـثـلاثـة ) ..!
هـي قـصة واقـعـيـة رائـعه حـدثـت لـبـنـت خـليـجـيـة تـدرس بـالـخـارج
وبـالـتـحـديـد فـي مـديـنـة ( بـوسـطـن ) .!
أخيرا , أقلعت الطائرة الى" بوسطن"
تخترق الغيوم نحو هذه المدينة التي لم أزرها من قبل .. ولا ادري إن كان أحسستم من قبل
بارتباط شعوري بمدينة لم تروها قط .!
لكن حلم بوسطن كان يدغدغني منذ مراهقتي الأولى , حتى أني أحفظ شوارعها وطرقها , وبإمكاني أن
أتحدث مع ساكنيها عن المدينة ومشاكلها كأني محافظها !
لا أدري كيف ترعرعت في خلايا عقلي الباطن مثل هذه الأمنية حتى تشبعت بها روحي وقاتلت من أجل السفر اليها
ببسالة عنترة في انقاذ عبلة .. فدخلت في صراعات مع والدي من أجل اقناعهم بالسفر ..
وحصلت على أعلى الدرجات الدراسية ليتم قبولي فيها ,, وتنازلت عن كل الإغراءات المادية في سبيل الوصول الى بوسطن .. وها أنا قادمة" يا بوسطن"
في الوقت نفسة الذي كنت أفكر فية بأن آخذ الميكرفون من كابتن الطائرة , لأٌعلن لكل المسافرين : رغم كل العقد
الإجتماعية التي تحارب الأنثى بالخليج ..
وربطي بكرسي الجامعة القريبة من منزلنا .. ( مريم ذاهبه إلى بوسطن) .!
إنقطعت سخافتي وتخيلاتي وأنا أتحسس تلك المظاريف الثلاثة المخبأة تحت ملابسي , فقد أعطتني إياها جدتي في
اللحظات الأخيره قبل دخولي قاعة المسافرين في المطار ..
ولم أتمكن من إدخالها في الشنطة فهربتها في ملابسي .. أخرجت المظاريف الثلاثة وأنا أبتسم في قرارة نفسي ،
فقد شعرت لحظتها وأنا أخفي هذه الظروف تحت ملابسي بأني مهربة ممنوعات!
والغريب لا أدري ما فيها , كل ما أعرفة أن جدتي أسلبت ملح عينها وأعطتني هذه الظروف , وقالت لي : افتحيها وقت
الضيق والحاجة .!
- ولكن متى وقت الحاجة اليها ؟
- حينما لا تجدين أحداً يحمل همك أو يمسح كآبتك؟
- وأي كآبة ياجدتي في بوسطن ؟! إنها حلمي.!
مسحت تلك الدمعة الغالبة وهي تحاول عبثا الإبتسام .!! أنا مثلكم مستغربة تماما.. فجدتي إنسانة واضحة .. بل
صافية جداً .. وهي من ذلك النوع الملائكي السمح لا أدخل عليها إلا مصلية ساجدة أو ذاكرة لله تالية للقران لا تتحدث
بغير الخير كل الأمور في نظرها ماديات تافهة ..!
تحب المسيئين إليها بطريقة تجنني ودائما تجد الأعذار للمخطئين والمقصرين .. لم أرى في حياتي وجهاً يبعث الراحة
والطمأنينة في قلوب الناس كوجهها .. أخالها واحدة من السلف الصالح حينما أراها .!
كنت أسأل نفسي ماذا يكون في هذه المظاريف ؟
فلوس !! أو وصفة طعام ( فهي تجيد التعامل مع القدور ) !
أو دواء !! أرقام تلفونات !! بالرغم من شغفي الشديد إلا أني سألزم وصيتها وسأفتحها في أقصى حالات الكآبة .!
ــــــــــ ــــــــ ــــــــــ ــــــــ
ساختصر لكم بوسطن بعد وصولي لها بثلاثة اشهر بكلمة واحدة : خيبة أملللللللللللللل !!
ففي خلال اسابيع قليلة - بعد عودة أخي الذي اوصلني واطمآن على اموري - ماتت تدريجيا "متعة الشىء الجديد"
وبدأت أعيش واقعية اكثر . لا أهل . لا عائلة .. لا أصدقاء .. حياة صعبة .. لا خادمة لا سائق غلاء مادي فاحش ..
ومما يعقد الموضوع أن الناس هنا مستعجلون مشغولون , لا يلتفتون إلى مريم التى جاءت من أعماق صحراء شبه
الجزيرة العربية التي تفيض بالبترول .. كل أصدقائي بالجامعة تنتهي علاقتي بهم بانتهاء الدراسة , صديقاتي بالسكن
مجنونات! لكل منهما عالمها الخاص , الأولى مدمنة كمبيوتر لا تغادر الشاشة , والثانية تصاحب المخدة ولا تغادر
فراشها إلا للضرورة القصوى , والوحدة القاتله !
كنت أعتقد أني سأنال حرية أكبر وأكثر هنا , ولكن الحقيقة أن حياتي لم تتغير كثيرا ,لا ملابسي ولا مواعيد خروجي ,
فكل ماتغير هو الوجوة الشقراء والعيون الملونة بدلاً من السواد العربي الجميل الذي يزحف تلك الكآبة في شرايني
بشكل تدريجي .. وبدأت أنياب الوحدة تنتوشني وضننت أنها أنياب الوحدة !!
وبدأت أعوض تلك الغربه النفسية بكثرة الخروج والتسوق وزيارت الصديقات!! ولكن مهلاً أنا من عائلة متوسطة وأعتمد
على معاش البعثة الدراسية .. وبسبب المعارك الضارية التي خضتها مع والدى
فقد وعدتهم أني لن أطلب منهم مالاً قط .!
وبسبب الخروج المكثف وأكياس التسوق المكدسة وجدت نفسي في أسابيع قليلة مفلسة مكسوره !!
ولو أني في بيتنا لكان الأمر هينا , فالأكل والشراب والإقامة مجانية أما هنا فعلي أن أدفع أجره وثمن كل لقمة همبرغر
أبلعها ! ولكني لم أنتبة لذلك ..!
ووقعت في ورطة ؟ فخلال أسبوعين سيحل موعد الإيجار (الذي أتقاسمة مع ثلاث من صديقاتي )فما العمل؟؟؟
ظللت ساهرة طوال الليل أفكر في حل لما أنا فية .. هل أتحدث مع أمي .. لالا مستحيل , ماذا ستقول ؟ لم تستطيعي
أن تصمدي في الشهور الأولى !
هل أطلب من صديقاتي أن يدفعن الأجرة عني في هذا الشهر ؟ لا .. كرامتي لا تسمح لي بذلك!
آآة .. تذكرت أظرف جدتي .. لا بد أنها تحوي فلوساً وأنا في حالة صعبة ! سافتح أحداها ,فتحت الإنارة وتوجهت إلى
المكان الذي أخبئ فية هذه الأظرف , قلبتها بين أناملي مسحت إحداها كما تمسح الحامل على بطنها تتحسس
الطفل في رحمها ,, لاحظت أن الأظرف مرقمة , فأخذت الظرف الأول وفتحته يا لخيبة الأمل لم أرى فية فلوسا .. فقد
كان بداخله ورقة مطوية فضضتها على عجل لأجد ورقة كبيره مكتوب عليها سطر يتيم , بخط عجوز مرتعش ..
’’’’’’’ كيف أخشى الفقر .. وأنا عبد الغني ’’’’’’
أخذت أتفكر في جمال هذه العبارة المكتوبة بخط جدتي الذي تعلمتة بالكٌتاب .. وأنا أنظر من نافذتي إلى ناطحات
السحاب والمباني النائمه على أرصفة بوسطن فبدت لي هذه الحروف أكثر شموخا من ذلك الأسمنت الخانق ..
وسرى بداخلي هاتف يقول : ’’يا مريم هل ترين كل هذه الأبنية الشاهقة ، البنوك المملوءة بالأوراق الخضراء شاشات الأسهم المتصاعدة رجال الأعمال الكادحين ..
وهذا العالم المترامي , الذي هو نقطة في هذا الكون الشاسع وكل ما في هذا الكون هو رزق من الكريم الوهاب ..
فهل تشكين في كرم الله .. قفي بين يديه واطلبيه فأنتي أمتهُ وهو يحب عباده وكريم معهم ..!
وبلا شعور .. توضأت وصليت وفي الحقيقة منذ وصلت إلى هنا ولا أحد يشجعني على الصلاة فتذبذبت صلاتي
وتقطعت إلى إن إغبرت سجادتي ..
فتذللت إلى الله ذلة المحتاج .. وكلي أمل بكرم الكريم ودعوت الله وقد كان دعاء صادقا خالصا من قلبي ..
ثم أخذت المصحف وبدأت أقرأ فيه من أوله وقرأت حتى وصلت
إلى قوله تعالى : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
فيضاعفة له أضعافا كثيره والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون ) سورة البقرة .!
وقررت أن أتوكل على الله وأن أبحث عن عمل في الصباح الباكر .. و توجهت إلى المركز الإسلامى , وتبرعت بمبلغ
صغير ، وأنا أجدد نيتي في كل لحظة بأني أدفع هذا المبلغ لوجه الله , ساعية لثوابه لا لسبب آخر ..!
بدأت أذكر نفسي بتكالي على الغني وأكرر قول جدتي ’ ’كيف أخشى الفقر وأنا عبد الغني ’’ ومضى وجه النهار ولم أجد وظيفة ، عدت إلى بيتي في المساء منهارة ما في جيبي غير دولارات لا تكفي ليومين !!
فتحت بريدى الإكتروني لأجد إحدى صديقاتي قد أرسلت لي رسالة تعتذر عن عدم اهدائى هدية تخرجي لظروف
سفرها وبسبب بعد المسافة بيننا فلن تتمكن من إرسال هديتها لي لذا فهي تريد رقم حسابي
لكي تحول لي مبلغاً ماليا !! سبحانك ياغني ..!
ترزق الطائر الأعمى في عشه ..والنسر الصغير فوق جبلة .. والسمكة في قاع المحيط ..
فقمت وصليت من فوري ,,,, ""وبوجة عريض "" أرسلت لها رقم حسابي وحولت لي مبلغا كاف ليومين بعد يومين أنقذني من تلك الورطة ..!
حمداً لك يا رب .. وشكراً لك يا جدتي .!
قللت خروجي ومصاريفي بشكل واضح وتعلمت معنى التوكل عليه والتعلق به في كل صغيرة وكبيرة .. ولكن تلك
الغربة والوحدة ضلت تلاحقني ..
ساءت حالتي النفسية .. بدأت لا أتحدث كثيراً لا أحب الخروج .. سلوتي في محاضراتي ودراستي فقط ومع الأيام
بدأت تزيد الخلافات مع صديقاتي في الجامعة والسكن حيث بدأ التابين في الشخصيات والأخلاق بشكل ملحوظ حتى
صديقاتي في الخليج انقطعت علاقتي بهن حتى أني أحسست أني أقبع خلف القبضان بالرغم من حريتي وجدتني
مسجونة وحيدة في بلاد الغربة !
وعدت الى درجي أخرج الظرف الثاني .. ولم أقوى على فتحة لمدة ثلاث أيام فوضعتة على الطاولة أقلبة كمنتحر
يمسك بمسدس بين يدية يراجع قرار انتحارة أياما وفي اليوم الثالث خنقتني الكآبة وطرحتني الوحدة أرضا فوجدتني
أفض الورقة بيد مرتعشة وأنا متأكدة أنها ستكون سببا في شفائي .. ما هذا ؟ لم أجد ورقة فية هذه المره .. بل وجدت قطعة صغيرة على شكل الرقم ( 5 ) !
فحصت الرقم من جوانبه فلم أجد فيه شئ يُذكر ..
سألت نفسي ما الذي يمكن أن يعنية رقم 5 ؟؟
وكيف تعالج ( 5 ) حالة الكآبة التي أعانيها ؟؟
بعد فترة من التفكير قفزت إلى عقلي تلك العبارة الشهيرة التي تكررها جدتي باستمرار وهي تفرد أصابعها الخمس بوجهنا :
"" كيف الوحشة .. ونحن نلتقي بة خمس مرات في اليوم ""
يالغبائي .. كيف لم أدرك بأن الرقم 5 هو خمس صلوات في اليوم ! وبدأت باتباع وصفتها .. أصلي الصلوات الخمس في
اليوم على وقتها مهما كانت الظروف وفي أقل من ثلاثة أيام إنتفضت نفسي طاردة تلك الوحدة والكآبة , وأحسست
بأني خارجة لتوي من السجن .. فجزاك الله عني خير الجزاء يا جدة
مريم ..إسم جميل , أليس كذلك ؟
ويبدأ بالميم وينتهي بالميم ولن تجد كلمة تحوي ممين إلا كلمة "ماما" لأن حرف الميم فيه صوت رخيم حنون يبع
بالطمأنينة لذلك تجد كلمة أم في كل لغات الدنيا تحوي حرف الطمأنينة ..
وهذا الحرف رائع الرسم . فأنا دائما أراة كشفاة المى لفتاة صغيرة الفم .. أو أراة كعين نجلاء واسعة العمق وجميلة
المعاني .. وقد أسمتني جدتي بهذا الإسم , وحينما سألتها عن السر قالت:
يا ابنتي هو إسم اختاره الله للعذراء , وأنا اخترتة لك لأني أتوسم فيك نقاوة وبياضا !
لكن يا جدتي أنا فتاة شقية ؟
وهل الشقاوة إلا إنعكاس لبراءتنا وصفاءنا التى تدفعنا لأن نعبر عن أنفسنا دون خوف !!
ولعل تلك المرأة هي التي علمتني كيف أكون شقية مُحبه لشقاوتي دون أن أوذي أحداً من خلقة ولا أخفيكم أني بعد
التزامي بالصلوات الخمس في مواعيدها زال عني الكثير من حمل تلك الغربة القاسية وتشافيت من سياطها وعدت
إلى شقاوتي البريئة التى اكسبتني مجتمعا من الصديقات الجديدات لكن لكل شئ إذا ما تم نقصان !
ففي أول يوم من رمضان اتصلت صديقتي من الخليج .. باكية تعزيني ..
فأجبتها من وراء الهاتف :
عظم الله أجري ! لماذا ؟ من المتوفي ؟
تلعثمت صديقتي .. إذ كانت تظن أني أعرف , لكنها فوجئت بجهلي وبدأت أصرخ على الهاتف وانتحب .. أطالبها بأن
تكشف الحقيقة , فأتتني بذلك الخبر الذي كذبتة آمآلي .. موت جدتي !!
كيف تموت ؟ كيف سيكون موقف العائلة بعد ذهاب أم الخير والنور ؟؟ مالذي سيعوض بركة تلاوتها وصلاتها كل يوم ؟؟
ومادت بي كل الارض .!
وعلمت خلال ساعات أنهم أرسلو أخي الأكبر على أول طائرة ليخبرني بالخبر ويحملني لمراسم العزاء ..
إلا أني عرفت الخبر قبل قدومة ..
اعتزلت غرفتي فالعزلة في حقيقتها تمكنك من الإتصال بذاتك.. من قراءت تاريخك الشخصي .. أما الإختلاط بالناس
يعكر ذلك الصفاء .. أردت ساعتها أن أحزن دون أن يعكر أحد صفوة حزني أردت أن أبكيها وأتذكرها دون أن يفسد الآخرون
على متعة الدموع .. وظللت هكذا منغمسة مستمعتة بحزني وبكائى لساعات طويلة ..
ثم وجدت جسدي يقوم من مكانة ويخطو كالماشي في النوم نحو الدرج ويستل رسالتها الأخيرة لأشمها وأضمها في صدري .. ثم تقرفصت على فراشي .. وجففت دموعي بلعت غصة حزن كانت في ريقي وجلست أتامل رسالتها الأخيرة ..
قبلت الرسالة كأني أقبل يدين جدتي .. أحيانا تكون الأشياء الصغيرة امتداداً لجوارح الناس وكانت تلك الرسالة امتدادالبشرتها النقية الصافية وبعد ساعات قلبت فيها الرسالة عاجزة عن فتحها .. جمعت ما تبقى في نفسي من عزم وشجاعة ..
وفتحت الرسالة الثالثة وقرأت ما فيها :
( كنتِ أجمل ما في حياتي يا مريومتي الصغيرة ولطالما سالتني عن السر في إسمك أحببت أن أتركة لك سراً
لتجتهدي بالبحث عنه وتقدرية أكثر .. السر في إسمك يا مريم هو :
( كهيعص .. والنداء الخفي )
انتهت رسالتها بينما تركزت عيناي على السطر الأخير , كهيعص , هي الحروف الأولى من "سورة مريم" تلك السورة التي أحمل أسمها هرعت أفتح المصحف الشريف لأقرأ السورة الكريمة :
كهيعص (1) ذكر رحمة ربك عبده زكريا (2) إذ نادى ربه نداءً خفيا (3)
ياااااااااه كم يبدو لفظ " نداء خفيا " رقراقاً وصافيا ومؤثراً في النفس !! من منا ينادي ربة !! ومن منا يناجيه في الخفاء
ومن منا يستغل سجادته في الليل ليحادث مالك الملك يرجوه ويدعوه ويأنس به !!
أكملت قراءت سورة مريم .. ورفعت يدي أناديه وأناجيه أن يغفر لها ويرحمها .. وقضيت ليلي أناجيه وأحادثه طول الليل .!
وفي الصباح وصل اخي .. ليفاجأ برؤيتي متماسكة هادئة وادعة بل مبتسمة !
ومن يومها أصبحت مثلها .. دائمة الإبتسام كثيرة النداء الخفي مفتخرة بإسمي مريم ولم يرني أحد قاطبة أو
متضايقة .... فأنا لا أخشى الفقر : لأني أمة الغني ..
وأنا لا تزورني الوحشة والكآبه: لأني آنس به سبحانه وتعالى خمس مرات في اليوم ..!!
وأنا سعيدة لأني أستغل لحظات يومي بذكره وليلي بمناجاته ....!!
كيف لا تكون هذه حالى ! وأنا أعيش ( لذة الطاعة ) .!
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
أنتظروني أخواتي الغاليات لطرح القصص الجميلة
أستودعكم الله