عنوان الموضوع : رواية حلم ضاع من يدي روايات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
رواية حلم ضاع من يدي
الملخص :
ها قد عادت المرأة التي احبها في الماضي ... ثم فقدها .
أوليفيا لينفيلد هي الوريثة الجميلة لمزرعة هافيلا .
وجايسون كوري شاب وسيم من اسرة ايطالية . كان من المفترض ان يتم زفافهما
الكبير الا ان ذلك لم يحدث بسبب الخيانة !
بعد سبع سنوات تعود أوليفيا الى املاك كوينز لاند التي ورثتها فتتفاجأ عندما
تكتشف ان جايسون يعمل مديرا لأملاك هافيلا وابنته الصغيرة تتجول في البيت !
هل تطردهما أولفيا معا ؟ ام ان جايسون سيتمكن من اقناع المرأة التي فقدها انه
كان وما يزال يريدها !
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
-رسالة وذكريات
عادت أوليفيا الى شقتها الانيقة , الواقعه في وسط المدينة بعد ظهر يوم حار من شهر كانون الاول وذلك قبل ان تقفل المدرسة ابوابها لمناسبة فرصة الميلاد .
لاحظت وميض الضوء الاحمر للمجيب الآلي , فضغطت الزر واستندت الى طاولة المطبخ , لتستمع الى الرسائل . بانتظار ذلك , خلعت حذائها وهي تمني نفسها بالسباحة في حوض السباحة الخاص بالمجمع السكني الذي تقطنه , علها تشعر بالاتياح والهدوء .منتديات ليلاس
حملت رسائلها البريدية وراحت تتفحصها بسرعه . انها تنتظر فرصة الصيف الطويلة بفارغ الصبر,
فهذا العام
كان مرها تماما بالنسبه اليها الفتيات المراهقات لسن اشخاصا يسهلالتعامل معهن لاسيما اولئك
اللواتي يتورطن في علاقات عاطفيه
شغلت أوليفيا وظيفتها المرموقة في مدرسة اورمستون للغات وهيمدرسة مخصصه للبنات منذ ثلاث
سنوات ناسبتها هذه الوظيفه كأنها وجدت خصيصا من اجلها
فهي تحصلعلى اجر مرتفع بالاضافةالى تقديمات ماليه خاصه.
وجدت بين الرسائل بطاقه بريدية من صديق اعتاد ان يسافر الى اماكنغريبه من العالم وهو حاليا في
البيرو والصوره على البطاقة تظهر اثار ماشو بيكشو
كما وجدت عددامن الدعوات لحضور نشاطاتوحفلات ميلادية بالاضافة الى فاتورة الهاتف.
الرسالة الصوتيه الاولى كانت من مات ادواردز الذي بدات تقابلهمنذ مدة اراد مات ان يعرف اذاكانت
ترغب بقضاء عطلة اسبوع رومنسية في المنتجع الساحلي الرائع فكرتبالامر قليلا.
مات رجل جذاب ويتمتع بروح دعابه لطيفة احبتها اوليفيا وقد بدأاسمه يلمع كمحام بارع في قضايا عديدة
بذل مات الكثير من الجهد للفوز بأوليفيا وافناعها بالزواج منهالا انه لم ينجح بذالك لسوء الحظ لا نها
متأكدة من انها لن تقع في حبه على الاطلاق
لقد عرفت اوليفيا كل ماترغب بمعرفته عن الحب يوما انه ذلكالاحساس الذي يغمرك بالبهجة او يدمرمرك
انه الجنه او الجحيم وليس هناك حل وسط اما الانجذاب بين الطرفينفيغدو امرا تافها بعد حين عليها
ان تخبر مات يوما ما انه يضيع وقته الثمين اذ انها لا تستطيعالارتباط به ربما يعود ذلك الى انها كانت
على وشك الزواج
ذات مره احيانا عندما تكون متعبه او محبطة وتعودبها الذكريات الى الوراء رغما عن
اردتها تزداد قناعة بأن عليها البقاء وحيدة دوما دون ارتباط فيالماضي
قطعت ثوب زفافها وطرحتها
بالمقص وبعد اسبوع قصت شعرها الطويل ايضا بعد ان قررت الاتسمحلاي رجل بان يمرر اصابعه
بين خصلاته ثانيه .
الرسالة الثانيه كانت من والدة تلميذه مشاغبة في صف الرياضياتجعلت مسالة الهروب من الصف فنا
تمارسه باتقان ولم تقدر اوليفيا على تحمل الامر في تلك الرسالة
شكرتها الوالدة الممتنة على تحقيقاروع النتائج مع ابتنها شارلوت.
اما الرسالة الاخيرة فقد صعقتها تماما! وقعت فتاحة الرسائل منيدها التي ارتخت فجأة وسقطت على
الارض
__________________________________________________ __________
اقتربت اوليفيا من المجيب الالي وقلبها يكاد يهوي بينقدميها ترقبا للانباء السيئه التي توقعت
بصورة غريزية ان تسمعها.
كان الصوت مالوفا جدا لكنه فقد نغمته الحنونه الطيبه التي اعتادتعليها انه صوت غرايس غوردون
مدبرة منزل هاري وقد بدت منزعجة تماما
انطلقت الكلمات بطريقةسريعه متلعثم بحيث وجدت اوليفيا صعوبه بالغة في فهم ماتقوله غرليس بالضبط
_ليف هذه انا....اناغرايسي يا حبي .
اقتحم الصوت اجوا المطبخ الصغير بقوة مسببا الارتجاج فيانحائه
_ليف يجب ان تاتي الى المنزل.
اغمضت اوليفيا عينها بقوة ماذا جرى؟ وادركت فورا انههاري........ فمع انه يتمتع بصحة جيدة الا انه في
السبعين من عمره..
_حصل شيء رهيب.
وعاد الصوت يرن عبر الالة( لو استطيع التحدث معك عندما كنت فيالمدرسة اخبرتني امراة رهبيبة
فظه انك كنت في اجتماع مع المدير ولا يمكنها مقاطعتك اكره انانقل اليك اخبارا سيئة حبي))
سكت الصوت بينما جاهدت غرايس للتغلب على غصات البكاء
_انه عمك هاري
راحت غرايس تنتحب مؤكدة اسوا مخاوف اوليفيا قبل ان تتابعقائله(لقد تعرض لنوبة قلبية حادة.. وتوفي مات عند الساعه الثالثه
من بعد ظهر هذا اليوم بينما كنت احضر له كوبا من الشاي كانت صدمةرهيبه...حصل الامر فجأة..فقد كان يبدو بصحة جيدة جايسون شخص رائع انه برج من القوة))
جايسون؟لبرهة من الزمن احسست اوليفيا بطعنة حاده عن اي جايسونتتحدث؟ وهل هناك سواه؟ ارسل الاسم صدمة عنيفة اخرى في كيانها تراجعت اوليفيا
واستندت الى الطاوله المكسوة بالغرانيت واضعة يدها فوق قلبهاالذي راح يدوي بعنف
ماذا يفعل جايسون في هافيلا؟ ليس من حقه الذهاب الى هناكثانية!!
_تعالي الى المنزل حبيبتي .
ناشدتها غرايس وهي غير قادرى على السيطرة على نشيجها ثم اكملتقائله
(جايسون يفهم انك تريدين اجراء الترتيبات ارجوك حبي..اتصلي بيسريعا
اسفة اذا بدوت غير واضحة لكني اشعر بالكثير منالانزعاج))
وماذا عني؟ توجهت اوليفيا ت الى غرفة الجلوس تاركة رسائلهاالبريدية تقع على ارض المطبخ
دوم مبالاة وارتمت على احدى الكراشي وهي تشعر بالياسالشديد
لقد مات هاري! وجايسون هو برج من القوة..!لاشك ان شيئا غريبايجري لماذا كان جايسون في هافيلا؟
وكيف؟ الو يكن يدير مزرعة للماشية حيث يقطن مع زوجته وطفلته؟ منالواضح انه عاد.لكن لماذا؟
والاهم من ذلك لماذا لم يخبرها هاري بذلك؟
اجابها صوت في داخلها قائلا ان السبب هو معرفته ان الحديث عنجايسون يزعجها
لقد سبب لها جايسون كوري الما عظيما فقبل سنوات عندما كانت فيالعشرين من عمرها ظنت ان حيلتها
فقدت معناها عندما نبذها خطيبها جايسون عشية زفافها ..الان وبعدان اصبحت في السابعه والعشرين من عمرها .
ظنت انها تخلصت من الشعور بالالم والاذلال لكن مجرد سماع اسمهاعادها سنوات الى الوراء
فانساب الحزن والمرارة دموعا مالحة على خديها
(جايسون هو برج القوة))
قالت غرايس ذلك بطريقة جعلت اوليفيا توقن انها تتحدث عن خطيبهاجايسون
فهي تعلم ان غرايس تكن له مشاعر لطيفة .
خطيبها جايسون!شعرت باحتقار شديد لنفسها لانها تفكربه بهذهالطريقة على الرغم من شعورها بضغط نفسي شديد
جايسون لم يكن لها يوما حتى في ذلك الوقت الذي افصح لها عن حبه بشغف كان يخونها مع فتاة اخرى ماجعلها تحمل منه
لقد وثقت اوليفيا بجايسون لذا لم تستطيع ان تسامحه على الاطلاق.
كما لو تستطيع مسامحة ميغان دافي التي كانت صديقة طفولتها والتي كان يفترض بها ان تكون احدى اشبيناتها الاربع .
اصبح اسمها اليوم ميغان كوري بعد ان صارت زوجة جايسون ووالدة طفلته ويتحمل ان يكون لديهما اولاد اخرون ايضا من يدري؟
لم يجرؤ اي شخص على نقل اخبار جايسون اليها لان الجميع ادركوا انها لا تريد ان تعرف عنه شيئا بالنسبة لها.
ينتمي جايسون وميغان الى الماضي الاليم.لم تستطيع ان تصدق ان هاري يسمح لجايسون بالعودة الى حياته
لانها عندما كانت تقاسي الامرين كان هاري يتالم ايضا في الواقع ان العم هاري هو احد اقارب والداها
وقد رباها منذ توفي والداها في حادث قطار وهي في العاشرة من عمرها
ظل هاري اعزب طيلة حياته ولم يعلم احد سبب ذلك حتى هاري نفسه .
ورث هاري منزل العائلة العريق وهو مزرعة هافيلا التي تقع شمال كوينز لاند في المطقة المداريه
كان ال لينفيلد روادا في صناعة السكر عندما كان الشمال المداري يؤمن معظم الانتاج الوطني ولطالما افتخر ال لينفلد بهذا الميراث
عندما كتب والداها وصيتهما سميا هاري كوصي عليها في حال اصابتهما بمكروه كان والداها يوصفان بـ(ثنائي ال لينفيلد الساحر))
لانهما يتمتعان بالمال والجمال معا .
__________________________________________________ __________
كانا فخورين بانتمائهما الى تلك الاسرة العريقه وخططا للعيش الى ان يصبحا عجوزين
لكن القدر لم يمهلهما اذا تدخل في ذلك الزواج الهانئ عندما اصبحا في الثلاثين من عمرهما لم تصدق اوليفيا انها تحدثت مع هاري منذ اقل من اسبوع
فهي احياناتتصل به عدة مرات في الاسبوع لاسيما انه بدأ يتقدم في السن لكن مع اقتراب نشاطات العام الدراسي من نهايتها
اصبحت مشغولة جدا احيانا تشعر انها بحاجة ماسة الى رؤية هافيلا ثانية لكنها تدرك انها لا تستطيع ذلك هناك العديد من الذكريات التي لايمكنها ان توجهها البتة .
فهي لم تعد تستطيع تحمل المزيد من الالم وكان من المقرر ان يقام زفافها في مخزن هافيلا الكبير الذي حوله هاري الى اروع قاعة للمأدبات مع صالة للرقص ذات ارضية طرية من خشب الصنوبر
تم التخطيط لكافة التفاصيل الى درجة الكمال
اذ لم يوفر هاري اية مصاريف بدا الجميع سعداء يسود حولهم جو من الفرح الغامر وبدا لها ان ارتباطها بجايسون هو مثالي ومبارك من الجميع .
منتديات ليلاس
وغالبا مافكرت انها عاجزة عن تحمل تلك السعاده كلها لقد احبت جايسون حتى العبادة ولم تستطيع الابتعاد عنه يوما واحدا..احبته بجنون وهو احبها ايضا .
لكن ذلك لم يكن صحيحا فحب جايسون لها لم يكن صادقا لان هاري الحبيب الذي شاركها معاناتها وصدمتها كما شاركها تعافيها وانتصاراتها
قد رحل عنها تذكرت كم كان رائعامعها وكيف اشرك نفسه في كل شيء في حياتها تلقت اوليفيا تعليما ممتازا وتخرجت من الجامعه مع شهادة في التعليم عندما كانت في العشرين من عمرها .
املت يومها ان تشغل منصبا في احدى المدارس الثانوية في الولاية لعدة سنوات ثم تؤسس عائلة مع جايسون وعندما يكبر اولادهما الذين كانا يتوقان لا نجابهم وتتابع عملها.
لم تكن تلك سوى احلام يقظة! لكن انى لها ان تتوقع شيئا اخر؟الجميع حولها كانوا مقتنعين ان جايسون يجبها حبا عميقا مجنونا وابديا .
كم بدا الامر مروعا حين اكتشفت في اليوم التالي ان جايسون بدأبتأسيس عائلة مع ميغان دافي . بالنسبة لفتاة هادئة عملت ميغان بسرعة هائلة مؤكدة المثل القائل بأن المياه الراكدة عميقة الغور
عمل والد ميغان واخوها وربما مايزالان يعملان في مصنع العم هاري,
وعندما اضطرت المصانع الاخرى الى الاقفال بقي مصنع لينفيلد مفتوحا
وكان العم هاري يتعامل بلطف مع عائلات موظفيه ,
من الغرابة ان ترد ميغان الجميل على هذا النحو شعرا والدا ميغان بالصدمة والحزن عندما اكتشفا ان ابنتهما الوحيدة كانت حاملا من جايسون كوري,
في الواقع جاء الخبر بمثابة صدمة للمقاطعه بأكملها لأن جايسون كوري كان على وشك الزواج من اوليفيا لينفيلد , وكان الجميع يعلمون ان اوليفيا وجايسون مخطوبان منذ طفولتهما وهما متحابان وكأن أحدهما خلق للاخر .
انها ليست المرة الاولى التي تخيب فيها الامال...قاست اوليفيا الامرين عندما جاء جايسون اليها في ذلك اليوم المشؤوم وابلغها بالخبر الصاعق الذي جعلها ترفض رؤيته ثانيه
وسرعان ما انتقلت بعيدا عن هافيلا لمسافة تقارب 1000 ميل حيث انتسبت الى الجامعه لمتابعة الدراسات العليا والحصول على شهادة الماجستير
لم تجد امامها سوى الدروس والعمل الدؤوب وتسليم الفروض في الوقت المحدد لكي تنسى خيبتها دفعت نفسها الى اقصى الحدود في معركتها المستمر لنسيانه ووضعت هذا الهدف نصب عينيها.
لم تعد الى المنزل مطلقا بعد ذلك اليوم بل كان العم هاري يأتي لزيارتها في تلك المناسبات كانت تسعى جهدها لجعله يمضي وقتا ممتعا.
لم يتحدثا عن جايسون طبعا لان ذلك سيعكر مزاجهما معا لقد جعل جايسون حياتها حطاما وكرهته اوليفيا
كرها عميقا.
كرها تردد مع كل نفس تتنشقة لكن النهاية كان عليهاتقبل الامر والتسامي على جراحها مما ساعدها على المواجهة والان موت هاري ادركت ان عليها التحلي بالشجاعة والعودة الى المنزل .
غمرها شعور بالحنين الى الماضي فرأت هاري بعين الخيال واحست بحبه يجتاح كيانها بدأ احد الشرايين ينبض في صدغها عندما اقتحمت مخيلتها صورة جايسون
شعره النحاسي الرائع الذي يلتمع تحت اشعة الشمس فيبدو كقبعة حمراء..عيناه الزرقاوان العميقتان وبشته السمرا ء الدهشة التي تختلف عن بشرة ذوي الشعر الاحمربلونها الذهبي.
ورث جايسون لون بشرتة المميز هذا من جدته الايطالية ريناتا كماورث عنها ضحكته وجرأته وحبه للارض وموقفه من الطعام والفن.
بالاضافه الى قدرته على الحب بشغف
بالنسبة اليها يمثل جايسون كوري المعنى الحقيقي لكلمة (حبيب)) وهنا تكمن المأساة فهذا عقاب دائم لها مع انها لم تقترف ذنبا بل كانت الضحيه .
بينما كانت جالسة بهدوء راح قلبها ينكمش من الحزن وهي تواجه حقيقة انها وريثة هاري علمت اوليفيا ذلك منذ سنوات اذ طالما ردد هاري على مسامعهاعبارة(انت ابنة قلبي)) .
وانهمرت دموعها..لطالما قال لها ذلك ولطالما اغدق عليها المديح الان اصبحت هافيلا ملكها.
اثقلت هذه الفكره كاهليها فشعرت بحجم المسؤولية الملقاه عليها وبأن تغيرا جذري سوف يصيب حياتها.
انها الوحيدة التي تحمل اسم العائلة , وعلى الرغم من وجود أقارب لها من ابناء وبنات عمات
الا انها الوحيدة التي تحمل الاسم هافيلا منزل الاجداد ..البيت الكبير الذي كان في مامضى اكبر وانجح مزرعة لا نتاج السكر في الشمال..
قبل خيانة جايسون لها واضطرار ها الى مغادرة المنزل راحت تهتم بمشاريع هاري التوسعية.لقد شجعها هاري وكان فخورا بحدة ذكائها وقدرتها على التصرف بلباقة وتهذيب مع ضيوفه
وغالبا ماكان الزوار يتوافدون الى هافيلا وبعض هؤلا ذوو اهمية كبيره تعلمت اوليفيا الكثير عن ادارة المزرعه والمصنع كما اطلعت على كافة اعمال هاري واسهمه في البن والشاي والقطن
لم يكن هاري من النوع المغامر في عمله بل هو رجل حذربطبيعته ويهتم بالتفاصيل كان رجلا غنيا ولطالما اشترى لها اروع الهدايا ودللها كثيرا
ففي عيد ميلادها السادس والعشرين اهداها اقراطا رائعه من الياقوت والماس وفي كل مرة تضعهما في اذنيها تشعر بأنها اميرة حقيقيه .
اما جايسون فهو من النوع الذي يملك قدرة على المغامرة في الاعمال ولطالما حاول اقناع هاري بالتوسع في مشاريعه فهو نفسه كان مهتما بأعمال المناجم واكتشاف المعادن وحاول اقناعه
بالمشاركه في منجم للذهب لكن هاري تراجع في اللحظه الاخيرة وبالطبع لاقى المشروع نجاحا ساحقا ومازالت اوليفيا تلاحظ ارتفاع اسهمه في صفحات البورصه.
الا ان حمل ميغان غير حياة الكثيرين .اجبرت اوليفيا على ترك هافيلا واعادة بناء حياته في بريزين. واضطر جايسون الى تغيير مسار حياته فانتق لبعيدا مثلها تقريبا .ولم تفهم توليفيا لماذا
تولى منصب مدير في مزرعة للماشية في اوتباك فهو لم يكن يعرف شيئاعن الماشية تخرج جايسون من كلية ادراة الاعمال والتجارة وكان الاول في دفعته.
ربمااراد مثلها ان يبتعد قدر المستطاع ويحاول القيام بشيء مختلف .
ربما كان ذلك هو الشيء الوحيد المتوفر بوجود زوجة وطفلة يعيلهما.لم تكن عائلة كوري تملك المال الا ان جايسون تمكن من متابعة دراسته بسبب تفوقه في الدراسة
ولطالما ساور اوليفيا الشك بأن يكون هاري قد ساعد جايسون في ذلك الوقت لانه كان يحبه كثيرا.
صحيح ان جايسون اقام علاقة مع ميغان ماجعلها حاملا منه لكن اوليفيا علمت انها كانت ليلة واحد كريهة .فقد امضى الاثنان سهرة صاخبة مع مجموعه من الاصدقاء وظلا ساهرين الى ان انهكهما النعاس .
هذا ما اخبرها به جايسون كما اعترف لها انه لايمكنه تذكر ما حصل بعد ذلك , ورغم ذلك لم تستطيع اوليفيا مسامحته لكنه على الاقل فعل شيئامحترم ,اذ تزوج ميغان مع انه لم يحبها يوما ولطالما اعتبر تصرفاتها غير واضحة وتتسم بالغموض.
والان يبدو ان جايسون وعائلته قد عادوا الى الوطن وكان جايسون هو من وجد هاري ميتا ويبدو ان لاسبيل امامها الى ابقاء جايسون في زوايا الماضي .
انها تدرك الآن ان لا شي ثابت في هذه الحياة , ومع موت هاري بات عليها ان تواجه هاري ثانية .
__________________________________________________ __________
2- طعنـــــة فــي القلـــب :
[IMG]https://www.****************/album/35/w6w200504191431316febd32d.gif[/IMG]
كان الطقس حارقاً في الحقول ، وجايسون يرتدي قميصاً زرقاء من دون أكمام
وبنطلون جينز ، بينما بشرته تلمع بالعرق .
جلس في السيارة الصغيرة يحتسي شراباً غازياً ويراقب الحصادين المندفعين.
وقد لوحتهم الشمس فيما هم يعملون بسرعة لجمع المحاصيل الناضجه ذات الرؤوس
البنفسجية اللون.
أمضى صباحه في الأشراف على زرع مساحات كبيرة بما يسمى الفاكهه المعجزة .
وهي فاكهه من فصيلة سابوتاسيا اشتهرت في الأسواق المحلية وفي الخارج.
انتقلت هافيلا من زراعة الفواكة المدارية العادية مثل المانغا والموز البوبو والببايا
إلى زراعة السابوتيلاس ، والرامبوتان ، وجاك فروت ، والتفاح النجمي والزعرور الأمريكي .
وفاكهة كارامبولا النجمية النضرة وكذلك جوز جندم .
نمت هذه الأصناف من الفاكهه بسرعة في المناطق المدارية . وأزدهرت إلى حد بعيد.
دعاء هاري إلى موافاته لشراب الشاي في منزل الأسرة بعد الظهر ،
ومع أن جايسون ليس من محبي الشاي إلا أنه لم ينزعج من تلك الدعوة فهو يحب صحبة هاري.
ربما أن صحة هاري أصبحت واهنة في الفترة الأخيرة فهو يشعر أن من واجبه الأهتمام به.
أعترف جايسون لنفسه أن صحبة هاري تجعله يشعر وكأن ليف مازالت جزء من حياته.
آه ، كم أحبّها ! مازال قلبه يمتلئ حباً عندما يتذكرها ، مع أنه يحاول غالباً عدم التفكير بها .
لقد أعتاد على حياته المليئة باليـأس وعمله الرتيب الممل .
فهو من سبب ذلك لنفسه . خلال السنتين اللتين عمل فيهما إلى جانب هاري من جديد.
بدأ أن الناس نسوا أو غفروا له جريمة هجرة لأوليفيا لينفيلد ، وريثة هاري التي يحبونها كثيراً.
كانت أوليفيا لينفيلد أميرة بالنسبة للجميع ، وهي صاحبة مكانه مميزة .
إنها جائزة لأي رجل ، لكنها أختارته هو ، إنها أميرة أحبها وفاز بها رجل ولد في المكان الخاطئ.
في السادسة عشرة من عمره ، بدأ والد جايسون العمل في قطع قصب السكر كوالده من قبله .
كان ذلك قبل أن تستبدل اليد العامله بحصادات آلية ، كما عملت أمه في المنزل الكبير .
لم يكن هناك عيب في ذلك ، إذ يُعتبر ذلك العمل وظيفة جيده لأي شخص لم يتسن له التعلم.
وعندما أصبح جايسون في الثانية عشرة من عمره هجر والده المنزل .
وكان رجلاً ذا طبع ومزاج مميزين . أختفى هكذا . . وببساطه تامه.
قبل رحيله ، أعلن والد جايسون أن يميل إلى الرسم ، وأن الوقت ينفد منه ،
وأن هناك الكثير ليتعلمه . كان فيتال كوري بارعاً في رسم الأشخاص والحيوانات والطيور
وكل ما يقع تحت ناظرية . ترك ملاحظة لزوجته يقول فيها إنه سيحذو حذو غوغان .
هل عنى بذلك أنه سافر إلى تاهيتي ؟ لا أحد يعلم ، لكنه - كما فعل الرسام الشهير غوغان- هجر زوجته
وعائلته ولم يسمع عنه أحد شيئاً بعد ذلك.
جمعت والدة جايسون رسوم زوجها وكأنها كنوز بدل أن تحرقها .
لم يستطع جايسون الأدعاء أنها رسوم سيئه رغم أنه كره والده لهجره لهم.
ملأ والده دفاتر الرسم برسوم تتسم بالدقه والإتقان لكل الأشخاص حوله:
عائلته ، رفاقه العمال ، مدراؤه ، آل لينفيلد ، والدته الجميله ، وليف
عندما كانت طفلة صغيرة . كان والده ينبهه دائماً أن ليف ستجرح قلبه في يوم
من الأيام ، وكم كان محقاً ، تمنى لو أنه لم يكن يتذكر ليف لأن ذلك ذكره
بالماضي الأليم.
لم يرّ ميغان إلا عندما وصلت إلى جانب السيارة ، ونقرت على زجاج النافذة كي يفتحها.
- مرحباً ميغان .
أنزل الزجاج وأجبر نفسه على الإبتسام لها ، مع أن رؤيتها تجعله يشعر بالعار والخوف
يزحفان إليه ، لم يحب ميغان دافي يوماً ، فهو يشعر بالنفور منها .
كانت ليف تعاملها بلطف دائماً ، حتى أنها طلبت منها أن تكون إحدى إشبيناتها .
ومع أنه لم يشعر بالإستحسان لذلك ، لكنه علم أن القرار يعود إليها في النهاية .
في الحقيقة ، منذ حفلة عيد ميلاد شون دافي الخامس والعشرين ، كان جايسون يخشى
رؤية أخت شون . سألها دون أكتراث : ( هل من مشكلة ؟)
كان ذاهباً لرؤية ليف ..ليف حب حياته ، ولا شيء سيحول دون قيامه بذلك.
- يجب أن أتحدث إليك يا جايسون .
بدت عينا ميغان كبيرتين ، تحيط بهما ظلال زرقاء وبشرة شاحبه . لم تبدُ له بصحة جيده ،
فداهمه إحساسه بالخوف .
- حسناً ! إصعدي إلى السيارة . أنا ذاهب لرؤية ليف ،يمكنني توصيلك في طريقي .
حاول أن يبدو ودوداً ، لكن كل ما فيها سبب له الذعر ، شعر بنفسه محتجزاً وهي معه في السيارة .
أحس أنه على وشك الأختناق ، كما شعر بجفاف في حلقه .
نظر إليها ولاحظ شحوبها ، فسألها : ( ما المشكلة ميغان؟)
جاء صوتها خفيضاً حين قالت : ( لقد تجاوزت ..)
ساوره خوف مقلق فسألها : ( تجاوزت ماذا؟)
( .. الشهرين ).
قالت ذلك وأجهشت بالبكاء . وعلى الفور ، ظهرت بقع حمراء على خديها وطرف أنفها .
- أنا حامل ، جايسون ، وأشعر بالوهن طيلة الوقت .
ارتفع صوتها لدرجة الهستيريا ، وأضافت : ( إنه أبنك ، جايسون . إنه طفلك ..كنت عذراء ).
شهق جايسون وقد شعر بالصدمه ، وراحت يداه ترتجفان.
- لا تفعلي ذلك بي ! هل أنت متأكده ، ميغان ؟ كانت مرة واحده فقط ،
حتى إنني لا أذكرها ، أوه ، لماذا أتحدث عن ذلك ؟ هل زرت طبيباً ؟
سأل جايسون ذلك وقد أسقط يده تماماً .
مسحت ميغان أنفها بظاهر يدها وقالت : ( كان علي أن أخبرك أولاً جايسون ، فأنت والد الطفل ).
- آه ، ميغان !
ضرب جايسون ركبته بقبضته وهو يتمزق من الشعور بالخزي ،
وأضاف قائلاً : ( كيف سمحنا لذلك أن يحصل ؟)
أجابت ميغان بنبرة واهنة : ( أنا آسفة جايسون ، أنت أجبرتني ، لكني لن أخبر أحداً بذلك ).
على الرغم من انكماشها على نفسها ، بدأ ذلك كتهديد له ، داس على الفرامل موقفاً السيارة
بجانب الرصيف ، وسّمرها بنظرة حارقة قائلاً : ( لا ، ميغان .. ربما تصرفت بغباء ،
لكني متأكد أني لم أجبرك ، لأن ذلك ليس من شيمي .
من حقك أن تشعري بالكدر ، لكن لا شك أنك شجعتني نوعاً ما ).
بلطافه بالغه ، لمست ميغان ذراعه مع أنه أجفل بوضوح : ( أنت قلتها بنفسك ، جايسون .. تصرفت بغباء).
نظرت إليه والدموع تنهمر من عينيها البنيتين ، منحدره على خديها الشاحبين .
وأضافت : ( أنا خائفة جداً . سيقتلني أبي عندما يعرف ، أنا لم أعرف رجلاً سواك جايسون .
فقد كنت عذراء ).
ثم تابعت تقول بحزن : ( يومها أعطيتك حبوباً مهدئة للصداع .
وفي اليوم التالي بدوت مريضاً جداً ولم تشعر بنفسك .
هل تظن أنني أردت حدوث ذلك ؟ كانت غلطه رهيبه ،
إن أوليفيا صديقتي ، وهي غاية في اللطف معي .
أمي تؤمن أن أوليفيا سيدة حقيقية ، وهي تكرر ذلك يإستمرار .
إنها صدمة مخيفة لي أيضاً ، لا يمكنك أن تتصور كم كان صعباً علي أن أتماسك حين سألتني أمي
هذا الصباح إذا ما أردت إخبارها شيئاً ما .
أعتقد أنها تعرف ).
- أنك حامل ؟
- نعم .
قالت ذلك والتعاسة بادية على وجهها ، ثم أضافت : ( أعلم بماذا تفكر ، جايسون . أنت تكرهني ).
وضع جايسون يديه على المقود ودفن وجهه بينهما . أدرك أنه لن يضحك ثانية بعد اليوم ).
- أنا لا أكرهك ، ميغان . لم تكن غلطتك ، بل غلطتي ).
- ماذا سنفعل إذن ؟
تنهد جايسون بحزن بعد أن أسودت الدنيا بأسرها في عينيه .
أحسّ بطعم أشبه بطعم المعدن في فمه . وتذكر حبيبته ليف .
ماذا سيكون مصيره من دونها ؟ لا شك أنه سينهار ويموت .
لكنه تماسك ووعدها قائلاً :
( سأهتم بك ، ميغان . إنه طفلي أيضاً ، ولن أتخلى عن مسؤوليتي . لطالما
شعرت في داخلي أن الحياة تخبئ لي مفاجآت غير ساره )
هّمت ميغان بأن تلمسه ، لكنه أبتعد عنها وأستند إلى باب السيارة راغباً بتحطيم النافذة والخروج منها .
قالت ميغان : ( أوليفيا تحبك).
جاء صوتها مشدوداً وكـأن الكلمات عالقه في حنجرتها .
- ستجد شخصاً آخر.
تمتم جايسون بذلك مدركاً أن الحياة قد توقفت بالنسبة إليه .
وفكر أن ليف قد تجد شخصاً يستحقها.
بعد لحظات ، أنحسر ، غضب جايسون ، وتملكته الشفقة ، راح يفكر أن ميغان صغيرة جداً .
وأنها تبدو يائسة ، ووالدها جاك دافي رجل عنيف وفاشل وقد يتصرف بقسوة بالغة مع أبنته .
إن ميغان بحاجه إلى دعمه ، وكذلك الطفل الذي ينمو في أحشائها .
أنه طفله ، وإذا ما تعمق بالتفكير سيجد أن الطفل هو ما يهمه .
فكر بهجران والده له ، وشعر أن لا خيار أمامه سوى تحمل مسؤولياته .
- طفلنا يستحق مستقبلاً ، ميغان ، أنا لن أهرب .
بعد مرور ساعة من الزمن . استجمع جايسون شجاعته ، وذهب لمواجهة أوليفيا
التي ركضت نازلة درجات هافيلا الكبيرة لملاقاته .
وشعرها الحريري الأسود الطويل يتطاير وراءها وكأنه رايه ترفرف في الهواء.
بدت فائقة الجمال بجسمها الرشيق وضحكتها المشعه التي مزقت قلبه .
لن يستطيع نسيان ليف أو التعود على فراقها حتى يوم مماته.
- تلقينا المزيد من الهدايا.
قالت أوليفيا ذلك بحماسة ورفعت وجهها إليه منتظرة عناقه ،
إلا أنه لم يعانقها . لم يعد له الحق في معانقتها بعد اليوم .
لقد خسر ذلك الحق ... إلى الأبد .
- يجب أن أتحدث إليك ، ليف .
عكست نبرة صوته مشاعره المتألمه ، أضاف قائلاً : ( هلاّ خرجنا لنتمشى ؟)
- طبعاً عزيزي .
وضعت ذراعها حول خصره قائلة : ( ما الأمر؟)
شعرت بحبها له يتأجج في داخلها ، لكنها شعرت أيضاً بخوف شديد .
فقد بدأ وجهه الوسيم قناعاًُ من الآلم . فكّر جايسون أن الطريقة الوحيدة
لإخبارها هي المباشرة فوراً .
- لدي أنباء سيئة ، ليف .
قادها إلى الخارج نحو الشرفة الأمامية .
- هل أصاب أمك مكروه ؟
امتلأت عينا أوليفيا الرماديتان الجميلتان بالقلق ، إذ لم تكن أنطونيلا
كوري تتمتع بصحة جيدة .
هزّ جايسون رأسه ، وأضاف قائلاً : ( إنها بخير ).
لكنها لن تبقى كذلك لوقت طويل . فالخبر السيء قد يدمرها ،
كما أن جدته ستغضب كثيراً.
- إنه أمر آخر . تعالي نمشي في الحديقة .
- أنت تخيفني ، جايسون .
طوت ذراعها وأدخلتها تحت ذراعه ، محدقه في جانب وجهه الحازم
وفكه القوي المتجهم .
- لا أستطيع التعبير عن مدى آسفي .
لم يكن بإمكانه توقع مدى الآلم الذي سيلحق بهما .
هزّت أوليفيا ذراعه قائلة : (أسفك ..؟ لماذا جايسون ؟)
راحت الأفكار تتسارع في رأس أوليفيا . منذ ساعه فقط .
تحدثت مع جايسون وبدا لها قمة السعادة . وها هو الآن يبدو بالغ الحزن .
حتى إن بشرته الذهبية غدت بيضاء من شدة الأنفعال .
توقف جايسون قرب القوس المزيّن بالورود . فأخذ يحدق إليها كأنه
لا يراها . لقد تم تنسيقها بشكل رائع يقارب الكمال من أجل الزفاف .
كما زينت الطريق المؤدية إلى القوس بسلال متدليه مملوءة بورود زهرية اللون ذات عبير عطر .
- لا أعرف كيف أقول لك هذا ، ليف . إنه أسوأ شيء حصل لي طوال حياتي .
لا يمكنني الزواج منك .
حدّقت أوليفيا به بذهول ، ثم هزّت رأسها كي تصفي ذهنها.
- جايسون .. عزيزي . لست أفهم كلامك . ستتزوجني غداً .
فأنا أحبك وأنت تحبني .
- لا أستطيع أن أتزوجك ، ليف .
تجمّع الحزن داخل جايسون . فرفع يده لتلامس خد أوليفيا . ثم أنزلها .
- منذ شهرين ..قمت بتصرف مجنون لا يغتفر.
ضمت أوليفيا يديها معاً في وضعية الصلاة ، ثم حثته على المتابعة ،
وبدأت عيناها اللامعتان تظلمان ترقباً لما سيقوله .
- أخبرني ، ماذا حصل ؟
- أحبك ، ليف ..
همس جايسون بذلك وصوته ينضح بالألم والحزن ، ثم أكمل قائلاً :
( أحبك أكثر من الحياة نفسها ، كنت أعرف دائماً أنني لا أستحقك).
- أنت تستحقني ..تستحقني . عم تتكلم ؟
أمسكت أوليفيا مقدمة قميصه وتعلقت به .
- جاءت إليّ ميغان دافي بعد ظهر اليوم وقالت لي . إنها حامل .
قال جايسون ذلك بقسوة .
أتسعت عينا أوليفيا وقالت : ( ميغان دافي ! ما علاقتها بنا ؟ ميغان دافي ؟)
فجأة ، أستدارت ليصبح ظهرها النحيل في مواجهته ، وأضافت قائلة :
( لاأريد لأن أعرف ..هل يعاقبني الله لأنني كنت سعيدة جداً؟)
- ليف ، أرجوك ! أنت تحطمين قلبي . ليتني ..لم أكن مضطراًُ إلى أخبارك بذلك ، لكني والد الطفل ، ليف.
للحظات ، وقفت أوليفيا جامدة كالتمثال ، ثم واجهته بعنف ، وقد بدت عيناها
كعيني امرأة تلقت ضربة قاضية .
قالت بصوت مشدود متلعثم : ( ماذا تقصد بقولك إنك الوالد ؟
كيف حصل هذا الأمر ؟ أنت تحبني ، وسوف نتزوج ، أتذكر ذلك ؟
أنفق هاري أموالاً طائلة ليجعل الأمور في أبهى صورة من أجلنا . أنت تكذب ).
شعر باللهفة عليها . أمسك يديها بإحكام وهو يعرف أنه لن يلمسها ثانية ،
وقال : ( لست ألومك مهما قلت ، فأنا نفسي أكاد لا أصدق ما حصل ).
صرخت به قائلة : ( جايسون ..جايسون ، توقف ).
سحبت يديها بعيداً عنه ، ثم تراجعت بضع خطوات . أنهمرت الدموع من عينيها .
فرمشتها بشراسة لتزيلها . بدأ الغضب يتصاعد في داخلها .
وشعرت كأن حياتها تتناثر حولها مثل قطع الزجاج .
وشعرت كأن حياتها تتناثر حولها مثل قطع الزجاج .
فأرادت أن تضربه وتؤذية ، ألم يجرحها هو حتى الموت ؟
قالت له وجسمها يرتجف لشدة الأنفعال : ( أحضر ميغان إلى هنا .
أريد أن أنظر في عينيها . لقد حذّرتني رئيسة الخدم لوسي من ميغان دافي ،
لكنني بغبائي وثقتي بالناس أشفقت عليها .
حياتها ليست جيدة ، ووالدها رجب عنيف ... هل فكرت في ذلك ؟
قد يقتلك بسبب مافعلته . كيف حدث ذلك ؟ ومتى ؟ نحن لم نفترق أبداً ..
لماذا لم تقل شيئاً قبل الآن ؟ هل فقدت عقلك ؟ لماذا ؟ لقد أحببتني ..
أعترفت لي بحبك مرات عديدة ، لا يمكنني أن أحصيها . أنت لا تحب ميغان دافي .
كيف أمكنك القيام بذلك ؟).
أخترقت كلماتها قلبه كالخنجر . فأجاب بكآبة : ( إنها لحظة طيش ، لا شك في ذلك ..
لا شك أنني ظننتها أنتِ ..لكن ..لا ..!).
أبعدت تلك الفكرة عن ذهنه فوراً ، وأكمل : ( هذا ليس صحيحاً ،
لا يمكنها أن تكون أنتِ ، كنت طائشاً يا ليف ، وعلي أن أعيش مع هذا
الواقع طوال حياتي . أمّا بالنسبة لسؤالك متى حدث ذلك ، لقد حصل
الأمر منذ شهرين ، بعد حفلة عيد ميلاد شون دافي . لم أكن أرغب بالذهاب ،
لكني شعرت بوجوب ذلك ، على الأقل لوقت قصير ، تعلمين أن شون عضو في فريقي ).
أجبرت أوليفيا نفسها على عدم الإنفجار في عاصفة من البكاء .
على البكاء أن ينتظر إلى وقت لاحق حين تنفرد بنفسها!
- في فريقك ؟ لكم شعرت بالفخر بك وبامتيازك في الرياضة !
أنت رياضي رائع . لكن شون دافي ! أنت تعلم أنه معشر سوء ،
فلماذا تختلط بأمثالة ؟
أخذت أوليفيا تضرب جايسون على صدره بقوة ، فترنح فاقداً توازنه .
صرخت بنبرة صوت معذبة : ( ليوقفني أحدهم عن الصراخ . خنتني مع ميغان دافي . . إشبينتي ؟ هذا لا يحتمل ).
لفّت ذراعيها حول جسدها وأجبرت نفسها على الوقوف .
وهي تبذل جهداً كبيراً لابقاء رأسها شامخاً . قاومت شعوراً بالإغماء ،
إلا أن بشرتها أصبحت بيضاء كالحليب لشدة ثورتها .
- هل أنا في حلم ؟
حدّقت في السماء الزرقاء الصافية وكأنها تنتظر منها الجواب .
ثم قالت : ( أنا وسط كابوس ، أليس كذلك ؟)
هزّ جايسون رأسه ذا الشعر الكستنائي وهو يشعر بالخجل والحزن معاً .
وقال : ( لا أعرف كيف حصل الأمر ، ليف . لا أصدق أنه حدث ).
هبطت كتفاه العريضتان ، ثم أكمل قائلاً : (لن أسامح نفسي لأني سببت لك الألم ).
- الألم ؟ وما معنى الألم ؟ ماذا عن الإذلال اللعين ؟
لم يكن من عادتها أن تشتم ، لكنها أوقفت نفسها بصعوبة عن كيل الشتائم .
وتابعت قائلة : ( دعنا لا ندور حول الموضوع . لقد جعلت مني أكبر حمقاء .
أعطيتك قلبي وروحي وثقتي . على الأقل أنا لم أجبرك على الزواج بالقوة ،
لكن هذا ما سيفعله آل دافي . حظاً سعيداً لك مع ميغان .
كنت على أستعداد للذهاب معك إلى آخر الدنيا لو طلبت مني ذلك.
يا لي من مغفله ! أما بالنسبة للخائنة ميغان ..ظننت أنني أساعدها ، لكنها
استغلتني . كنت محقاً بقولك إنها مليئة بالأسرار .
كنت سعيدة جداً وممتلئة بالبهجة فلم أستطع رؤية ما يجري أمامي مباشرة).
أطلقت أوليفيا نفساً مخنوقاً ، وحل الأسى مكان الغضب في داخلها .
- آه ، جايسون ! لقد أحببتك ، أنت وعينيك الزرقاوين .
ظننت أن عينيك الزرقاوين الجميلتين نافذتان لورحك ، لكني أيقنت الآن
أن ليس خلفهما سوى الخواء.
أستنشق جايسون الهواء بخشونه ، شاعراً بالخجل العميق ،
وقال : ( هذا ما أصبحت عليه الآن ).
لقد خسرتها وأنهارت حياته أمام عينيه . أنطفأ تألق أوليفيا كلياً أيضاً .
فقالت بصوت متكسر : ( أحببتك طوال حياتي ، وهاري أحبك أيضاً .
لقد فعل الكثير من أجلك وكان فخوراً لاستقبالك في عائلتنها . لقد خنتنا، وخنت نفسك).
- أعلم ذلك .
شعر بأنه رجل دون مبادئ ، تماماً مثل والده .
رفعت أوليفيا ذقنها ، معبّره بحركتها هذه عن غضبها وكبريائها ،
وأضافت قائلة : ( هل هذا كل ما يمكنك قوله ؟ أنت تعلم ! اللعنة عليك يا جايسون ).
بدأ صوتها يرتجف في حنجرتها ، والتمعت عيناها كالماس في بريق
غاضب . وماهي إلا لحظة حتى رفعت يدها التي تحمل خاتمه ، وصفعته بكل ما أوتيت
من قوة على وجهه الجميل المشدود . تركت الصفعه بقعه حمراء على بشرته السمراء ،
وسال قليل من الدم حيث ارتطم الخاتم المزخرف بوجهه .
وبكل ما أوتيت من إحتقار قالت له : ( أريدك أن تذهب .
خذ خاتمك الذي لم يعنِ لك شيئاً ).
خلعت الخاتم الماسي من إصبعها وقذفته به بإحتقار بالغ قائلة : ( لا أريد
رؤيتك بعد اليوم ).
كادت تختنق لشدة غضبها وحزنها .
- أذهب من هنا يا جايسون كوري . أذهب ولا تعد ثانية .
استفاق جايسون من أحلام اليقظة على يد سمراء تربت على كتفه من نافذة السيارة . وأجفل قائلاً : ( برونو؟)
نظر إليه برونو الذي كان يقود أحد الجرارات بإهتمام قائلاً :
( هل أنت بخير يا زميلي ؟ لا شك أن الجو خانق داخل السيارة . أنا ذاهب إلى السقيفة
لاحتساء العصير البارد . هل تريد كوباً ؟)
رمش جايسون عينيه بقوة . متمنياً ألا تفضح تعابير وجهه ما يدور في رأسة من أفكار . إن
الذكريات التي عادت إليه هذه المرة بدت أوضح مما كانت عليه منذ وقت طويل .منتديات ليلاس
- لا ،ِ شكراُ برونو .
أجابه جايسون بذلك وقد تفاجأ لأن صوته بدا طبيعياً ، ثم أضاف :
( أذهب أنت ، أما أنا فقد طلب مني السيد لينفيلد أن أنضم إليه .
ويجب أن أذهب الآن ).
قال ذلك وهو ينظر إلى ساعته . ابتعد برونو الضخم عن السيارة
الصغيرة ملوحاً لجايسون بيده ، وقال : ( أراك لاحقاً إيها الرئيس).
فكّر جايسون أنه يجدر به التخلص من ذلك الشعور باليأس الذي
إجتاحه مؤخراً ، كأنه هبط عليه من السماء .
إنها الذكريات! أقنع نفسه أنه مع مرور الزمن بات يستطيع تمالك نفسه بشكل أفضل ،
لكنه لم يكن قوياً وواثقاً من ذاته كما اعتقد معظم الناس.
كل ما يحتاجه هو فتح كوة صغيرة تذكرة بالماضي كي يقع في الفراغ المظلم .
لماذا تزعجه ذكرياته اليوم ؟ لم يعد يحلم بليف ، فقد تعلم السيطرة على مشاعره جيداً
وحتى على تفكيره اللاواعي . هذه الأيام لديه مسؤوليات جمّه ، فهاري بات يعتمد عليه أكثر
فأكثر ، وقد سلمه مؤخراً إدارة هافيلا ، تذكر وهو يقول : ( أنت يدي اليمنى يا جايسون .
أنت الأقرب إليّ بين جميع الناس بعد أوليفيا ) .
أصبح قاسياً كالمسمار وهو يتعلم بسرعه . لم يكرر هاري ارشاداته له مرتين .
وكذلك صاحب مزرعة كارامبا الذي فعل كل ما بوسعه لإقناعه بالبقاء .
إن مرض والدته بالسرطان وموتها السريع عادا به إلى موطنه .
مرت عليه أوقات عصيبه جداً ، إذ أحب والدته بقدر ما اختقر والده الغائب .
لكن الحياة تستمر . لديه ابنته الصغيرة ، تالي ، عليه أن يهتم بها ويؤمن لها حياة لائقة ،
إنها طفلة صغيرة رائعه ذات عينين زرقاوين عميقتين ، وهي لا تشبة ميغان أبداً .
يدل شعرها الحريري الأسود اللامع على إرثها الإيطالي بوضوح ، رغم أنها لم ترث البشرة السمراء.
اقترب جايسون من المنزل ، فرأى هاري جالساً على مفعد في الحديقة بجانب البحيرة
المليئة بزنابق الماء الرائعة بألوانها الزهري والقشدي وأزهار اللوتس الزرقاء المقدسة .
لسبب مل يعرفه ، شعر بعدم الإرتياح لمنظر هاري ، فأوقف السيارة واندفع نحو الطريق المغطاة بالحصى .
لم يرفع هاري رأسه لينظر إليه . فكور حايسون يديه حول فمه وناداه بإسمه .
توقع جايسون أن يلتفت هاري هذه المرة ، ويلوح له بيده إشاره إلى أنه سمعه .
لكنه لم يتحرك ، بل بقي يحدق أمامه ، إلى صفحة المياة الخضراء المتلالئة .
وجد جايسون نفسه يعدو بأقصى سرعة عابراً الأرض المغطاة بالعشب الكثيف الطري .
- هاري!
تلقى جايسون عدة صدمات في حياته ، وها هو يتوقع أسوأ الأمور الآن .
لم يحصل على جواب من الجسد الساكن . انحنى جايسون وحدق في وجه هاري الذي كان
مغطى حتى نصفه بحافة قبعته البيضاء المألوفه .
هاري ! هاري العزيز! هاري الصديق! وضع جايسون يده بمحبة على كتف مرشده النحيلة .
عندما كان بحاجه إلى رجب يقتدي به في حياته ، كان هاري
ذلك المثال الأعلى الذي أرشده ، وقد علم كل شيء عن حزنه الكبير عندما خسر أوليفيا.
وجد جايسون كيساً ورقياً مفتوحاً فيه قطعاً من الخبز ملقى بجانب قدمي هاري وقد تناثرت كسرات الخبز على العشب
الأخضر الزمردي . بدت تعابير وجهه هانئة ، ما جعل جايسون يشعر بالإرتياح وهو يدرك أن هاري فارق الحياة
وهو يطعم بجعاته السوداء المحبوبه .
حدّق جايسون بالبحيرة المكسوة بالزنبق ثم تلا الصلاة بصمت .
بعد أن حمل هاري إلى البيت وبدأت غرايسي البكاء بحرقة ،
أخذ جايسون يفكر بنتائج موت هاري ، يجب إعلام أوليفيا فوراً ،
إذ إنها الأقرب والاحب إلى هاري ، وهي وريثته .
على غرايس أن تقوم بذلك إذا أستطاع إيقافها عن البكاء .
لأن آخر شيء تريده ليف هو أن تسمع صوته ، لا سيما أن جل ما تعرفه عنه هو أنه
يدير مزرعة للماشية في منطقة نائية .
لم يخبرها هاري عن التغييرات التي حصلت في هافيلا.
كما لم يقل لها أنه وظف جايسون كوري لإدارتها .
ومع أن هاري لم يشرح له سبب ذلك إلا أن كلاهما علما أن ردة فعل ليف ستكون عنيفة .
لا شك في ذلك . لذا لم يتم إعلامها بشيء . أما الآن ، وقد أصبحت هافيلا ملكاً لأوليفيا
فعليه أن يرحل ، رغم أن تالي أحبت هذا المكان ، قرر جايسون أنه لن يذهب قبل أن
يضع الورود القرمزية المفضلة لدى هاري على قبره
__________________________________________________ __________
3- أريدك أن ترحل
[IMG]https://www.****************/album/35/w6w20050421140803c9932e64.gif[/IMG]
سافرت أولفيا جوا في رحلة مبكرة أكثر مما توقعت.و قبل ذلك اتصلت بالدكتورة هيلاري لوكورد ، مديرة مدرسة أورميستون غرام للبنات،و أبلتها النبأ السيئ.أبدت الدكتورة لوكورد تعاطفها مع أوليفيا، و أكدت لها أن لا حاجة لحضورها إلى المدرسة في اليوم التالي.
قررت أوليفيا أنها حالما تصل إلى وجهتها ستتصل بغرايس لتؤمن لها شخصا يقلها من المطار، وغرايس تعلم أن عليها ألا تفكر بإدراج اسم جايسون كوري للمساعد ة في ذلك.
أمضت الليلة الفائتة ساهرة في سريرها، حزينة لموت العزيز هاري، ومحاولة معرفة سبب وجود جايسون كوري في هافيلا عندما مات هاري.
أتراه عاد إلى موطنه للبقاء مع أمه المريضة؟يقول البعض إن صحة أنطونيلا كوري بدأت تتراجع بعد أن هجرها زوجها.هل ماتت ريناتا، جدة جايسون؟يصعب على أوليفيا تصديق ذلك، إذ لطالما اعتبرت أن لا حدود لعمر ريناتا، وأنها أكبر من الحياة.لكنها فكرة غريبة، إذ أن الحياة تحمل معها دائما تغيرات هائلة.منتديات ليلاس
هل للأمر علاقة بعائلة ميغان؟لم تشأ اوليفيا أن تفكر بميغان دافي على الإطلاق، ورفضت أن تفكر بها كزوجة لجايسون أو كأم لطفله، لأن ذلك الدور كان مقدرا لها هي ان تلعبه.
كم كانت بريئة و ساذجة!لكنها لم تعد تذرف الدموع بسبب ما حصل.فالحب و الخيانة و الخداع كلها أصبحت خيالات من الماضي لا أكثر.اتضح لأوليفيا خلال السنوات الماضية أن ميغان أحبت جايسون.إلا أنها لم تكن الوحيدة في ذلك، إذ سحر جايسون كوري نساء كثيرات بجاذبيته،و لون بشرته الرائع، وبنيته القوية، وطريقة مشيته، وجسده الرائع.
لكنه كان لها، وكانت متأكدة من ذلك.لم تشك لحظة واحدة بحب جايسون لها ،كما لم تشعر بالغيرة أو الخوف من ان تأخذه منها امرأة أخرى.لم تستطع إحداهن فعل ذلك لن جايسون أحبها، وهي أحبته بدورها.لم تخطر الخيانة في بالهما، إلى أن تدخلت ميغان دافي.
جلست أوليفيا في الطائرة بهدوء، أراحت رأسها على النافذة البيضاوية الشكل، وراحت تحدق بكتل السحاب الأبيض و جناح الطائرة الفضي.
بعد حوالي الساعتين، حطت الطائرة،فجمعت اوليفيا حقائبها ووضعتها في عربة، ثم اتصلت بالمنزل.لدهشتها لم يرد أحد على الهاتف.انتظرت خمس دقائق ثم اتصلت ثانية،لكن النتيجة كانت نفسها إذ لم ترد غرايس على الهاتف.فكرت أنها قد تكون في مكان ما من المنزل،ولم تسمع رنين الهاتف.أسفت لأنها لم تتصل بغرايس من بريسين مسبقا بل أجلت الأمر إلى الآن.هذه غلطة، فغرايس لا تتوقع وصولها قبل ساعات.ربما تكون مشغولة بتحضير غرفتها القديمة أو بترتيب المنزل على أكمل وجه.
سيحضر أشخاص كثيرون المأتم و قد يعودون معهم إلى المنزل...مأتم هاري!
عضت شفتيها بقوة، وأحنت رأسها.لم ترفع رأسها غلا بعد ان استعادت رباطة جأشها مجددا.
رأت خارج المطار صفا من سيارات الجرة، وكانت إحداها تغادر، فيما بقيت هناك خمس سيارات أخرى.فكرت ان أمامها رحلة طويلة إلى هافيا، وعليها البدء بها حالا.
رغم ان سيارة الجرة مكيفة إلا ان اوليفيا أنزلت زجاج النافذة قليلا كي تشعر بالحرارة في دمها.أينما نظرت كانت ترى اللون الزمردي الخضر للنباتات التي تتنافس في عرض رائع للألوان،و قوس السماء العظيم في الأعلى يعكس اللون الأزرق المخضر العميق.
بمحاذاة المياه،بدت المناظر خلابة.لقد أزهرت أشجار الكسكارة الذهبية وكذلك البونسيانة الرائعة التي تعشق الأرض.أعطت اليوغنفيلية، وهي نبتةالمدارين، تأثيرا رائعا بارتفاعها و تألقها وجذبها للفراشات من حولها.
نقل سائق السيارة نظراته بإعجاب من جانب للآخر ، وعلق قائلا:
- يا له من مكان جميل!إنها المرة الأولى التي اقل فيها أحدهم إلى هذا المكان، إنها تجربة حقيقية.هل أنت زائرة يا آنسة؟
- هذا بيتي.
- هل تمزحين؟
فوجئ السائق بجوابها حتى كاد يوقف السيارة، وأكمل قائلا:
- ظننت انه ملك للسيد لينفيلد.
- أنا ابنة أخيه.
توقفت السيارة في الفسحة الواسعة، عند أسفل الدرج الرخامي الذي يؤدي إلى الشرفة.حمل السائق حقائبها ووضعها على الشرفة.وقفت أوليفيا تحت الشمس الساطعة تحدق إلى المنزل.إنه بيت كبير مهيب ذو أعمدة فخمة، وهو مطلي باللون الأبيض التقليدي، أما مصا ريع نوافذه فمطلية باللون الكحلي.تذكرت اوليفيا أنها كانت خضراء في الماضي، لكنها اعترفت ان اللون الأزرق الغامق اللماع يبدو جيدا، إذ إنه تغيير جميل.
دفعت اوليفيا أجرة السائق و نقدته إكرامية سخية.انتظرت لحظة إلى أن ذهبت سيارة الجرة، ثم داهمها الحزن فجأة...لم يأت هاري لملاقاتها.
حدثت نفسها قائلة:* هيا!اصعدي.حركي رجلا بعد أخرى، فهذا منزلك.إنه بيتك الآن.عليك أن تتخطي محنة الأيام المقبلة و جنازة هاري و احتمال مواجهة جايسون كوري*
تلقائيا عادت إليها ذكريات الليالي النيلية على الشاطئ مع جايسون،و نداء البحر، وطيف كانت الرمال البيضاء تجد طريقها دائما إلى البساط الذي يجلسان عليه.تذكرت اوليفيا عناق جايسون لها على الشاطئ، حتى راح جسدها يرتعش.
لم تختبر اوليفيا مثيلا لذلك الإحساس منذ تلك الأيام حيث كانت همسات التحبب تنسكب من شفاههما، ثم يتوقف الكلام عندما يفيض بهما الشوق فتتوقف كل قدرة على الحديث.ما زالت تحمل تلك الذكريات عميقا داخل خلاياها، ولن تتحرر منها مطلقا.
صعدت الدرج كسيرة الفؤاد، وتوجهت إلى الظل على الشرفة الواسعة.سمعت حركة في الحديقة لكنها لم تتمكن من رؤية أي شيء عبر ستار الأشجار الكثيفة.و فكرت بغرايس، لا بد أنها تشعر بالوحدة و هي بحاجة إلى مساعدة بعد موت هاري.
لقد أحبت غرايس هاري كثيرا، وعملت لديه قرابة الثلاثين عاما و اعتبرته أفضل رب عمل في العالم.
توجهت اوليفيا نحو المدخل الساكن المغطى بالرخام الأبيض.كل شيء هناك ذكرها بخسارتها، لاسيما الرائحة الغنية للورود القرمزية التي تسللت إليها من غناء للزهور مصنوع من الكريستال موضوع فوق طاولة المدخل.الورود هي أزهار هاري المفضلة.
ما إن شقت طريقها إلى الداخل حتى سمعت خطوات خفيفة وراءها.استدارت بسرعة، ولدهشتها رأت فتاة صغيرة ذات شعر أجعد غامق ترتدي قميصا بيضاء و بنطلونا قصيرا مطبعا بالزهور.خرجت الفتاة من إحدى القناطر وأسرعت باتجاه الباب الأمامي.
نادتها اوليفيا و كأنها تحاول إيقاف تلميذة شابة هاربة:
- أنت هناك...مرحبا.أين تذهبين أيتها الصغيرة؟
توقفت الفتاة عن الفرار، و استدارت لتقف أمام أوليفيا بشموخ مثل الكبار، ثم راحت تنظر إليها بعينيها الزرقاوين.
- أنا اوليفيا.
- و أنا تالي.إنني ابحث عن غرايسي.
- أحقا؟
كادت اوليفيا تضحك بصوت عال عندما لمست نبرة كبرياء في صوت الطفلة.أكملت تسألها:
- و أين غرايسي؟
- غنها في المطبخ.هل أناديها؟
- لم لا نذهب إليها معا؟
قالت اوليفيا ثم مدت يدها،اقتربت الطفلة منها ن وأمسكت يدها، ثم نظرت إليها قائلة بصوت صبياني:
- أنت سيدة جميلة.
- شكرا لك.و أنت جميلة أيضا.
- أحب قرطيك و ساعتك.
- لديك ذوق جيد.أخبريني، تالي هو اختصار لي اسم؟
- ناتالي.
ثم ضحكت و أضافت،
- لكن لا أحد يناديني هكذا.
- أين أمك؟
سألتها اوليفيا ذلك معتقدة أنها ابنة إحدى الخادمات.نظرت الطفلة بعيدا و أجابت:
- لا اعلم
- لا تقلقي، سنجدها.
أطلقت تالي ضحكة صغيرة غير متوقعة، وقالت:
- يفترض بي أن أتلو الصلاة كل يوم، لكني لا افعل ذلك.
أوشكت اوليفيا ان تسألها ماذا تعني بذلكن و في تلك اللحظة أطلت غرايس من باب المطبخ.ما عن رأت اوليفيا و تالي متشابكتي الأيدي حتى أجفلت بقوة ، وهمست بصوت مرتجف:
- لقد تقابلتما إذن!
- مرحبا غرايسي، ماذا يجري هنا؟
أفلتت أوليفيا يد الطفلة و ركضت نحو مدبرة المنزل، وحضنتها بشوق قبل ان تضيف هامسة:
- هيا لا تبكي الآن.
ربتت أوليفيا على ظهر غرايس آملة ألا تبدأ بالبكاء هي أيضا.
- لا يمكنني تمالك نفسي.
ارتجفت كتفا غرايس الممتلئتين.
- أعلم ذلك.
اقتربت منهما تالي، و أحاطت ساقي أولفيا بذراعيها قائلة:
- أنا خائفة.
ابتعدت المرأتان عن بعضهما و ركزتا اهتمامهما على الطفلة.قالت لها أوليفيا بصوت حنون مشجع:
-لا داعي للخوف،تالي.
هزت تالي رأسها واتسعت عيناها بحزن قائلة:
- أنت الآنسة أوليفيا؟
- أوليفيا فقط.
- جئت لرؤيتنا لأن عمي هاري مات؟
تحركت غرايس بانزعاج و قالت:
- كان يجب علي أن أخبرك ليلة البارحة...أنا خجلة من نفسي...كنت أحاول إخبارك بذلك.
- تخبريني بماذا؟
نظرت أوليفيا إلى عيني مدبرة المنزل الحمراوين،ولاحظت أن وجه غرايس المرح المألوف قد ذبل لكثرة البكاء.
- لم أجرؤ...
حثتها أولفيا على المتابعة:
-آه،هيا! ما المشكلة غرايس؟كلامك ليس مفهوما.
- كان عليك إخبارها.
وبخت الطفلة غرايس، و أضافت:
- أنا تالي كوري.
وضعت تالي يدها على ذراع أوليفيا و سألتها:
- هل ستكرهينني؟
نظرت أوليفيا إلى الفتاة الصغيرة بصمت و قد على الذهول وجهها،شعرت برأسها يدور و كأنها على وشك الإغماء.هذه طفلة جايسون!من تراها
تشبه؟ إنها لا تشبه جايسون و لا ميغان، ولكنها تبدو مألوفة بشكل مبهم.
- كم عمرك يا تالي؟
أجابتها تالي بفخر:
- سأبلغ السابعة من العمر في عيد ميلادي المقبل.انا طويلة بالنسبة إلى عمري، فانا بنفس طول صديقتي داني، لكني لا أقرا كتبا هزلية سخيفة.
التفتت اوليفيا إلى غرايس من جديد و راحت ترمقها بعينين رماديتين جليديتين، ثم سألتها:- أنا آسف.
- ماذا يجري هنا يا غرايس؟
حركت غرايس قدميها بتثاقل قائلة:
- مكانتي في المنزل لم تخولني إخباركن ليفي.
- إخباري بماذا؟ أن تالي الصغيرة لها حرية الدخول و التنقل في البيت؟ أنها تنادي هاري*عمي هاري*ظ أين تعيش؟أين أمها؟ ماذا تفعل هنا الآن؟أخبرتني أنها تبحث عنك.
هزت غرايس رأسها و علقت نبرة ملؤها العطف:
- يا للفتاة الشقية!
لاحظت تالي تعابير وجه اولفيا، فخاطبتها قائلة:
- اسمعي، لا تغضبين ولا تطرحي المزيد من الأسئلة على غرايسي، بل اسألي أبي.
- هل هو هنا الآن؟
شعرت اوليفيا بغضب شديد، ولم تدر إذا كان بإمكانها التعامل مع هذا الوضع.
قالت تالي عارضة مساعدتها:
- سآخذك إليه.يمكن أن تصبحا صديقين.
- أبدا!
قالت اوليفيا ذلك بحدة رافعة ذقنها.
نظرت تالي بعينين مستديرتين راجيتين نحو وجه اوليفيا المصدوم و قالت:
- أنت تعلمين ان أبي لا يكرهك.
راحت غرايس تلوي يديها بعصبية و قالت:
- ماذا ستظنين بي الآن؟أنا خجلة جدا.كان علي أن احذرك.
ثم بدأت البكاء ثانية.
- غرايس، أرجوك.
حاولت أوليفيا تهدئتها.إنها لا تستطيع أن تلومها لن المر لم يكن بيدها.لقد نفذت ما تلقته من تعليمات فقط.
- مسكينة غرايسي العجوز.
حاولت تالي احتضان جسد غرايس السمين، و أضافت قائلة:
- لا باس لا تقلقي.سيأتي أبي قريبا.
- إنه هنا الآن.
جاء الصوت الذكوري النابض بالحياة من مكان ما الخارج على الشرفة.ثم أمرها بحزم:
- تالي، تعالي إلى هنا.ما معنى هروبك؟
رفعت الطفلة صوتها دون ان تتحرك من مكانها:
- إني ازور غرايسي فقط.
- في المرة المقبلة عليك تخبريني.
خلع جايسون حذاء العمل المليء بالغبار، ووضعه على الشرفة ثم عبر الباب الأمامي و رأسه متجه نحو الأسفل قائلا:
- أنت تدللينها،غرايسي.في كل مرة أعمل قريبا من هنا، تأتي تالي...
في تلك اللحظة ، رفع رأسه و رأى أوليفيا...جاءت صدمته عنيفة إلى حد أن صوته تكسر مع آخر كلمة، ثم داهمته موجات متعاقبة من الحرارة جعلته يغلي و كان سلكا كهربائيا مسه.
- ليف.
ضم قبضتيه بشدة إلى ان ابيضت مفاصل أصابعه.
وجدت غرايس التي تشعر بالتوتر، الفرصة سانحة لتختفي.أمسكت يد تالي بسرعة و بشدة، ثم جرتها نحو المطبخ متمتمة بشيء عن البوظة بالشوكولا.
احتاجت أوليفيا إلى قوة إرادة جبارة لكي تبقى واقفة بمكانها، رغم أن دافعا داخليا كان يحثها على الهرب و القيام بأي شيء آخر عدا الوقوف هناك و مواجهة الرجل الذي خانها. تشبثت يدها بدرابزين الدرج لئلا تترنح.لم يعد باستطاعة جايسون ان يؤذيها بعدا الآن، لأنها لن تسمح له بذلك.لكن،لماذا تحرق الدموع عينيها؟فتحت فمها، إلا أنها شعرت بانقباض في حنجرتها و لم تتمكن من التفوه بكلمة واحدة.بعد ان رأته الآن، تفجرت في داخلها تلك المشاعر التي حاولت قمعها لمدة طويلة.
آه..!يا إلهي، لا!راحت أوليفيا تصلي بصمت.لا شك ان خطبا أصابها.هزت رأسها بسرعة غير مدركة ان مشاعرها المحمومة تلتمع في عينيها.مرت ست سنوات أو أكثر، لكن الذكريات القديمة ما زالت تداهمها، لا سيما شعورها بالإذلال،و الغضب،وتحطم الفؤاد، و الاشتياق إليه رغم خيانته.هذه المشاعر كلها عادت إليها الآن حية واضحة كأنها حصلت البارحة.
كسر صوت جايسون الخائف:
- لم نتوقع وصولك قبل المساء.
ابتلعت اوليفيا ريقها بصعوبة بسبب غضبها إذ كان من الصعب عليها ان تتمالك نفسها.أجابته ببرود:
- و أنا لم أتوقع رؤيتك أيضا.ماذا تفعل هنا يا جايسون؟
- إنني اعمل هنا ، ليف.
توجه نحوها بصورة لا إرادية.إنها معجزة!فكر بذلك و هو يراها تقف هناك أمامه، و كأنها خرجت من حلم.للحظة فكر انه سيقدم على عمل مجنون كمحاولة عناقها او ربما اسوأ من ذلك كان يعترف أنه ما زال يريدها...لكنه لم ير في حياته امرأة تبدو جليدية على هذا النحو كما تبدو اوليفيا الآن.
حذرته بقسوة و هي تتراجع بشكل ملحوظ:
- ابق هناك.لا تقترب مني.
- أنا آسف.
توقف جايسون على بعد خطوات قليلة، وهو يشعر باحتقاره لنفسه.أكمل قائلا:
- لم أقصد إخافتك، يا ليف.علينا ان نتحدث.
أجبرت اوليفيا نفسها على الضحك، فجاءت ضحكتها شاذة خالية من المرح.
- ليس لدي ما أقوله لك يا جايسون.أريدك ان تذهب .
شعرت بلذة عارمة عندما رأت قسمات وجه تتقلص.بدا اكبر سنا، أشد قوة، و أكثر وسامة والأسوأ من ذلك بدا انه رجل معتاد على السلطة .
- يسعدني ان اذهب ، أوليفيا، لكن بعد ان تعطيني بضع دقائق من وقتك.أريد ان اشرح لك بضعة أشياء لم يذكرها لك هاري
- مثل ماذا؟
لم تشأ أوليفيا أن تنظر إليه لكنها لم تستطع أن تشيح ببصرها عنه.كان يرتدي ثياب العمل، ما يدعم قوله إنه يعمل في هافيلا.كان يرتدي قميصا زرقاء احتضنت كتفيه العريضتين و عضلات صدره، أما بنطلون الجينز الذي كان يرتديه فيلف وركيه النحيلين و رجليه الطويلتين بإحكام.و مع أن ملابسه بسيطة، لكنها ناسبت جسده إلى حد الكمال.شعرت اوليفيا بتأثيره القوي عليها ما جعلها تشعر بالصدمة.
احتست أن جبينها يحترق من الحرارة، وداهمها شعور عارم باحتقار الذات و بالوضاعة.فبدلا من ان تتجاوب مع جاذبيته الواضحة، عليها ان تتذكر اللم العظيم الذي سببه لها.أين كبرياؤها؟
-ماذا لديك لتقوله؟ إذن، أنت تعمل هنا؟ لا أعلم لما سمح هاري بذلك.لا يمكنني مسامحتك أبدا.
- هلا ذهبنا إلى المكتبة؟
اقترح جايسون ذلك.و تابع:
- الأصوات تنتقل عبر القاعة.
أدركت من العبوس الذي بدا على وجهه أنه يخشى ان تسمع طفلته حديثهما، و بسبب ذلك فقط وافقت على اقتراحه، وتقدمته إلى غرفة المكتبة التي ما زالت جميلة و بهية كما كانت في السابق.استدارت أوليفيا نحوه، إذ لم يكن لديها أي اختيار آخر.وسرعان ما شعرت بألم في صدغها الأيمن.راحت تضغط بأصبعها على موضع الألم، ثم خاطبته قائلة:
- لديك دقيقة واحدة فقط جايسون، بعدها أريدك خارج هافيلا.كيف وافقت زوجتك على العودة إلى هنا؟ ظننت أنك تدير مزرعة *أوتباك*
بذل جايسون جهده للسيطرة على مشاعره المتمردة.لطالما بدت أوليفا فتاة لطيفة،و ها هي قد أصبحت امرأة رائعة الجمال.غدت ملامح و جهها أكثر جمالا.ليته يستطيع أن يخبرها كم أصبحت جميلة ، لكنه بالطبع لا يستطيع.أجابها مفسرا:
- توفيت أمي منذ أكثر من سنتين، اوليفيا.عدت إلى المنزل لكي أكون معها في أيامها الخيرة.
- أنا آسفة.
طأطأت رأسها و شعرت بالحزن لأنها لم تتمكن من رؤيتها قبل مماتها.أكملت قائلة:
- لطالما أحببت أمك.كنا دوما على وفاق، ولم نتجادل مطلقا.و بعد ان ماتت لماذا لم تعد إلى *أوتباك*
- لأن هاري عرض علي عملا.التقينا صدفة ذات يوم، فتحدثت إليه و استمع إلي، لطالما كان مستمعا جيدا و رجلا عادلا.ثم توليت إدارة هافيلا و أعمال هاري الأخرى في السنتين الماضيتين.
تلك المعلومة الأخيرة أصابتها بصدمة بالغة و سببت لها الإزعاج، فقالت ك
- لم يخبرني بشيء من ذلك.
- لم يشأ هاري ان يكذب أو يدعي.
شعرت ان نظرات جايسون تحرقها،كانت ترتدي قميصا حريرية و تنورة مناسبة، و بدا كان بريق الخزامى ينعكس في عينيها.أكمل جايسون كلامه بهدوء:
- كان هاري يعرف تماما ما ستكون عليه ردة فعلك.
لم تتحمل أوليفيا قربه منها على هذا النحو.استدارت على عقبيها و مشت مبتعدة باتجاه الباب المفتوح، وراحت تحدق إلى الحديقة من دون ان ترى شيئا.قالت بنبرة ماؤها صدى الألم:
- ظننت ان هاري أحبني
- كنت كل شيء في العالم بالنسبة إليه.
قال جايسون ذلك محتجا على كلامها بنبرة بدت نابعة من صميم قلبه و روحه.لم يستطع تحمل رؤيتها و هي تشعر أنها تعرضت للخيانة.إلا ان اوليفيا هزت رأسها بعنف و قالت بصوت كئيب:
- لكنه سمح لك بالعودة إلى حياته.
بدا الألم في عيني جايسون عندما قال:
- قد سامحني هاري يا أوليفيا، حين عرف كيف أصبحت حياتي بعد ان خسرتك.
استدارت نحوه بسرعة و عيناها تلمعان كجوهرتين صلبتين، ثم قالت بمرارة:
- آه ! أحقا؟لقد تزوجت من امرأة أخرى، يا جايسون، هل تذكر؟ لديك ابنة منها،و أتوقع وجود أطفال آخرين،صحيح؟
علت الكآبة وجه جايسون و أجاب:
- لدي تالي فقط
- ما كان يجدر بهاري ان يفعل ذلك!
مرة أخرى ذاقت أوليفيا مرارة الخيانة.و فكرت:* في النهاية، ألا يتضامن الرجال بعضهم مع بعض؟لطالما شعر هاري بمحبة عميقة نحو جايسون الذي عاش دون أب.
- حسنا !لقد فعل.
أكد جايسون ذلك بصراحة.ثم تابع قائلا:
- لم يكن عمله نابعا من اللطافة فقط، رغم ان هاري كان اللطافة بعينها.المسألة هي انه احتاج بشدة إلى المساعدة في المرحلة الخيرة من حياته و أدرك أنني قادر على تولي ذلك العمل‘ فكلفني الاهتمام بكل العمال في هافيلا.أشك في إمكانية أن تجدي شخصا أفضل،أو يعمل بجد أكثر مني.
- يمكنك أن تراهن على بحياتك أنني سأحاول.لا بد أنك أدركت بان عليك الرحيل من هنا يوما.
قالت اوليفيا ذلك، ولم تستطع إخفاء رنة الانتصار من صوتها.هز جايسون رأسه قائلا:
- طبع! و أنا جاهز للرحيل،يا اوليفيا.لا أتخيل شيئا أسوأ من البقاء هنا و تعريض نفسي لانتقاداتك.صحيح أنني عملت مع هاري، لكن محاولة العمل معك أمر مختلف.فهاري كان يحتاج لمن يثق به ليدير له أعمالهن و أنا أتقن إدارة العمال بشكل جيد.معا أصبحنا قادرين على تحويل أفكاري المتطورة إلى انتصارات.سوف أشعر بالامتنان له دائما لأنه أعطاني فرصة ثانية.لم يكن المر سهلا عليه، إذ لم يعجبه واقع أنه لم يكن صريحا معك، لكنه لم يشأ أن يجرح مشاعرك.أتساءل كم من الوقت يلزمك لكي تدركي أنك لا تستطيعين تولي الأمور وحدك؟
- لن تكون هنا لتعرف.
هزت أوليفيا شعرها الطويل الذي ما طوال سنوات.ثم سألته:
- أين تعيش؟
هز رأسه قائلا:
- ليس هنا، إذا كان هذا قصدك،تركت لي أمي منزل العائلة و أنا أعيش فيه مع تالي.
رقت تعابير وجه اوليفيا المتكبرة المتباعدة و سألته:
- ماذا عن ريناتا؟
- ما زالت تعيش في منزلها و هي تعتني بتالي.
- و هل ميغان دائمة الانشغال بحيث لا تهتم بابنتها الصغيرة؟
شعرت بغضب شديد بعد أن ذكرت اسم ميغان.
- لقد رحلت ميغان يا أوليفيا.
صدمها قوله إذ كان ذلك آخر شيء توقعت سماعه.
- رحلت؟ إلى أين؟
أدرك جايسون أنه كان يحبس أنفاسه منتظرا هذا السؤال.
- لم ينجح زواجنا، ليف.لم أحب ميغان أبدا و لم استطع إجبار نفسي على حبها رغم أنني حاولت إنجاح زواجنا.في الواقع،لا يستطيع المرء أن يحب تحت الإكراه.في النهاية، شعرت ميغان بالمرارة و الغضب فرحلت.
تكور فم أوليفيا بعدم تصديق، ثم قالت:
- هكذا إذن! ان تهجر المرأة رجلا لا يحبها يعد عملا بسيطا،لكن ماذا عن الطفلة؟ كيف استطاعت فعل ذلك؟ أم أنك رفضت منحها الوصاية على تالي؟ أتصورك تفعل ذلك.
أجاب جايسون بقوة:
- لم تشأ ميغان الاهتمام بتالي، لأنها اعتبرتها عبئا لا تريد أخذه معها.لم تكن والدة جيدة، ولم ترتبط مع تالي بشكل جيد منذ البداية، إذ افتقدت إلى مسحة الأمومة التي يفترض بكن انتن النساء امتلاكها.
حدقت به أوليفيا بعينين متسعتين، و قد بدت مصدومة و غير قادرة على التصديق.سألته:
- و أين هي الآن؟
هز جايسون كتفيه بلا مبالاة، و أجابها:
آخر ما سمعته عنها هو أنها تعيش مع أحدهم في المقاطعة.
تشدقت أوليفيا باقتضاب،سامحة لنفسها بإطلاق مشاعرها:
- حسنا!جايسون.لقد اقترفت خطا
ثم تابعت:
- أنا اشعر بالأسى على تالي، لا شك أنها تشعر بالحزن و الهجران.
توتر فك جايسون، وقال:
-أعتقد أن تالي عانت المرين مع ميغان أثناء غيابي من المنزل.
رمشت اوليفيا بعينيها، و سألته بحدة:
- هل يمكنك ان توضح ما قلته؟
- لا أريد الخوض في هذا الموضوع اوليفيا
جاءت نبرته جافة،ثم تابع قائلا:
- لم تعش ميغان طفولة سهلة،وقد اثر ذلك عليها، ربما لم أستطع أن أحبها، لكني حاولت دائما أن أتصرف بإنصاف معها.في الواقع، شعرت بالسعادة حين رحلت، إذ كنت أشعر قبل ذلك بالقلق من ان تؤذي تالي.
- ومتى رحلت؟
- عندما كانت تالي في حوالي الرابعة من عمرها.
- إنها لا تشبهك.
فوجئت أوليفيا نفسها بهذا التعليق.لكنها تابعت قائلة:
- و هي لا تشبه ميغان أيضا، مع ان فيها ملامح مألوفة.
هز جايسون كتفيه،قائلاك
- ظننت أن عينيها تشبهان عيني.
نظرت أوليفيا بعيدا قبل ان تنفجر بالبكاء، ثم قالت،
- فقط في كونهما زرقاوين.ليتني أستطيع القول كم أنا آسفة على وجود هذه الفوضى في حياتك، جايسون.لكنني لست منافقة.
- في الماضي كنت مثالا للتعاطف
أجابها بذلك آسرا نظرتها.و أضاف:
- لم تكن القسوة من طبيعتك
أجابته و الاحمرار يغزو خديها:
- لم أقل إنني فخورة بنفسي.
و ما لبثت أن أضافت:
-لقد حصلت على التعاطف من هاري على أي حال، فلا تتوقع ذلك مني. بعد المآتم لا أريد رؤيتك ثانية يا جايسون.