عنوان الموضوع : احمـــد و بثينـــة -قصة قصيرة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
احمـــد و بثينـــة
سهرة الجمعة الصيفية
احمد و بثينة
( بثينة ؛ هل عاد اخوك يا ابنتي..؟)
( نعم ابي .. منذ زمن و هو الان نائم ..عد لنومك ابي و لا تقلق..)
عاد والدها الى غرفته و ظلت هي ترقب من النافذة علها ترى احمد..لقد اضطرت ان تكذب على اباها و ان توهمه ان اخاها عاد..لم تكن تريده ان يصدم بواقع احمد المرير .
وقفت بثينة طويلا هناك الى ان سمعت ضحكات تتعالى لتهز صمت الشارع المظلم..
انه احمد هو و اصدقاءه يترنحون سكرا و يتمايلون ..يكسرون هدوء المكان المهيب..
تمالكت بثينة اعصابها و هرولت لتدخل اخاها دون ضجيج ..
سحبته من يده و ادخلته بهدوء و تسابقت دموعها الى مقلتيها..لكنه دفعها بكل قوته ليسقطها ارضا و تسلل الى غرفته و ارتمى باحضان سريره ...و ما هي الا لحظات حتى غاب عن عالمه ذاك..
تسمرت بثينة تنظر اليه و الحسرة تمزق قلبها..ايعقل ان يكون هذا احمد..؟
احمد الفتى اللطيف الذي كان يحظنها فور عودته و يفاجئها دوما بهداياه..
احمد الذي كان لا ينام ليله الا و والديه راضيان عنه كل الرضى و لا يهدا له بال الا و هما يدعوان له و يقبلان جبينه ..
و سحبتها الذكريات الى الماضي و مر امامها شريط مؤلم مفجع...
الاخ البار الذي ملا البيت حبا و سعادة ...الحنون الذي اغرقها عطفا و رحمة تحول الى عاق فارقت الرحمة قلبه فاصبح صخرا لا يتاثر..
منذ ان ماتت والدته بين ذراعيه مات قلب احمد..
كانت ليلة مثلجة و هما عائدان من حفلة زواج خالته ..لم تذهب بثينة لان اباها كان مريضا ...بقيت معه تسعفه ..و اخد احمد امه للحفلة و لكن تشاء حكمة المولى ان تصطدم السيارة بشجرة ضخمة فتفارق الام الحياة لحظتها و يعيش احمد مكبلا بذنب موتها..
ظل يتالم في صمت و يحمل نفسه المسؤولية .. و يوما بعد يوم جره انتقامه من نفسه الى مسلك عفن ليدمن الحكول و رفقاء السوء..
ابدا لم تياس بثينة كانت تحمل سجادتها كل يوم و تقبع في زاوية مظلمة من البيت تصلي و تبتهل عسى المولى يعيد الى اخاها صوابه..
تقضي ساعات طوال لا تفارق الدعوات تغرها ...و تغتنم سكون الليل لتسال الله عز و جل ان ينقد اخاها من نفسه ...
ومضت الايام و احمد على حاله و بثينة لا تنام ليلها داعية باكية مبتهلة...
تمضي نهارها ترقب عودة اخيها و تبيت ليلها على سجادتها رافعة يدها الى السماء..
و كان يوما سمعت اباها فيه يصرخ و يزمجر فهرعت اليه تستفسر منه ما حدث و لكنها صدمت به يهدد و يتوعد اخاها و هو غائب ...و كانت الكارثة...
سرق احمد مال ابيه ..سرق ما اذخره الاب منذ سنوات ...
بحث والده جيدا عن المال و لم يجده و ادرك ان احمد اخده ليصرفه على اصقائه التافهين..
حاولت بثينة تهدئة ابيها بكل قوتها ( ابي ارجوك لا تتسرع ..انتظر حتى يحضر ..ربما هناك سوء تفاهم..لا يمكن لاحمد ان يفعل هذا بنا..
ارجوك ابي ..اخرج قليلا من البيت ..اذهب لعم صالح و ارتح عنده قليلا و اكيد ان الامر ليس كما تظن )
بعد محاولات كثيرة ؛ اقنعت اباها ان يغادر المنزل ..كل املها ان تجد فرصة لتتصرف..لا يمكنها ان تبقى مكتوفة الايدي و هي تشهد انهيار اسرتها و ضياع اخيها..
و ما ان غاب الاب عن ناظريها حتى اسرعت الى صندوق عتيق كانت تحتفظ به في خزانتها ..فتحته و سرت في جسدها رعشة عارمة..( يا الهي هذا اخر ما فكرت به...انها اساور امي التي لا و لم افكر في بيعها .. و لكنها الظروف..لن تساوي شيئا لو حدث مكروه لابي.. لن تساوي شيئا لو تشتت اسرتي )
هكذا كانت الكلمات تتزاحم بذهنها و هي مسرعة في الشارع متوجهة الى صائغ المنطقة..
حين وصلت بات واضحا على محياها الاجهاد و الحزن ..سلمت الاساور للصائغ و دموعها تنهمر و انفاسها متقطعة فبادرها قائلا ( يا ابنتي ارى عليك هم فراقها فلا تستعجلي في بيعها ..و تريثي اذا لم تكن الغاية من بيعها مهمة )
ردت عليه ( سيدي ارجوك لا تبخل علي في ثمنها ؛ اريد ان اشتري بها اخي)
ذهل الصائغ و ضاعت الكلمات منه..تشتري اخاها ؟؟ و كيف ذلك
لكنها لم تترك له الخيار فما ان سلمها المال حتى انطلقت عائدة الى البيت راجية ان يكون اباها لايزال غائبا عنه..
حين دخلت كان احمد هناك ...رمقته بنظرات كلها حزن و غضب و اخرجت المال من حقيبتها لتعيده الى خزانة ابيها.
تجمد احمد في مكانها و لم يعي ما راى ( بثينة ..من ين لك بكل هذه الاموال ؟؟)
لم ترفع نظرها اليه و لكنها اجابته بنبرة كلها اسى ( لا اريد ان يعود ابي و يكتشف خيبة ابنه الاكبر..لا اريد ان يصدم حين يعرف ان ابنه سارق)
امسكها احمد من ذراعيها و هزها بعنف ( اجيبيني من اين لك بالمال؟؟)
فردت عليه ساخرة ( بعت نفسي حتى اشتريك اخي)
هزت كلمتها احمد من الاعماق و صرخ في وجهها ( يا الهي ماذا فعلت ..الا انت بثينة ..الا انت )
حاولت الاخت المغلوبة على امرها ان تخفي ضعفها و قلة حيلتها من اجل احمد ..حاولت ان تتماسك علها تصل معه الى نتيجة
و نظرت اليه بعيون ثاقبة و قالت ( احمد انت بعت نفسك للشيطان..هانت عليك اختك فلم تحميها و هان عليك ابوك فسرقته و لم تفكر في شيبته و لا في صدمته ..انا بعت نفسي من اجل هدف اسمى احمد..
بعت نفسي من اجلك انت و من اجل ابي..لا اريد ان يعرف بانك سارق ..لا اريده ان يتعذب و هو يراك تذبحه غدرا ...ما دهاك احمد .. لما كل هذا اخي..
الم نعد في قلبك مثل ما انت في قلوبنا ؟ اهانت عليك وصية امي بي و بابيك.؟
من لي غيرك احمد ... من لي غيرك..
لم تترك لي منفذا و لم اكن لابقى و انا ارى اسرتنا تضيع..)
سقط احمد على الارض منتحبا ؛ باكيا باعلى صوته..لم تعد به قوة ليواجه بثينة..
لم يعد يحتمل فكرة ان العفيفة الطاهرة اضاعت شرفها بسببه..
الم يكفيه موت امه ؟؟ فعاد من جديد ليقتل اباه حزنا و يضيع اخته للابد..
في هذه اللحظات دخل الاب ليجد احمدا مرميا على الارض ...هاله ما راى و خانته نفسه فلم يقوى على الوقوف ..اسندته بثينة و هي تقول ( لا تخف ابي..رويت لاحمد ما حصل و هو يبكي لانك شككت به .لم يفعلها ابي و لن يفعلها ابدا..المال في خزانتك..كنت مخطئا لم يكن تحت ثيابك بل كان تحت ثياب امي و انا وجدته)
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
تاسف الاب لسوء ظنه و حضن احمد بقوة و انفجرا كليهما باكيان..
ظلت بثينة تنظر اليهما بسعادة عارمة ..منذ زمن لم تراهما هكذا.. اشتاقت الى مثل هذه الوقفات..اشتاقت الى حضن اخيها الكبير .. الذي كان يحتويها مهما حدث...
ثم انسحبت الى غرفتها و طرحت سجادتها ارضا و غرقت في مناجاة ربها ... تحمده تارة و تشكره تارة اخرى و تغلبها الدموع فتصمت احيانا و يراودها الحنين فتعود ادعاء بارئها..
افتقدها احمد فذهب اليها و فتح الباب بهدوء ليجدها و النور قد احاط بها..كان منظرها رائعا و كلامها اروع..
وقف يسمع لتلك الكلمات التي شقت قلبه و جعلته يشعر بالتقصير في حق ربه ..
و التفتت اليه بثينة و هي تقول( اخي..كنت و ستظل سندي..ما تخليت عني يوما حتى اخدلك انا اليوم..انت من يشد ازري و امشي و انا مزهوة بوجوده في دنياي..)
فاجهش احمد بالبكاء( بعد ماذا بثينة ..بعد ان ضيعتك و تركتك للهوان..)
ابتسمت بثينة بسمة رضى ( لم تضيعني اخي ..ضيعت مني اساور امي ..و لن اتساهل معك او اسامحك الا اذا عملت جاهدا على ردها لي )
اتسعت عينا احمد و فهم الامر برمته ...و عرف ان اخته الصغيرة اكبر منه بكثير فهو اضاع نفسه من اجل هواه و هي قد اضاعت اخر ما يربطها بامها من اجله و من اجل ابيه..
اسرع اليها و احاطها بذراعيه بكل حب و حنان و هو يردد( وعدا مني حبيبتي الصغيرة لن يكون لك سند غيري ما حييت..وعدا مني لن يعرف الحزن طريقه الى قلبك البريء بعد اليوم )
و استطاعت بثينة بفضل الله تعالى و بفضل حبها الصادق و تصميمها على استرجاع اخيها ان تسحب احمد من بؤرة الضياع و ترجعه الى كنف ابيه و اسرته التي تحبه..
و تمكن احمد من ايجاد السكينة و الطمانينة التي افتقدها حينا من الزمن بفضل الاخوة الصادقة التي لا يقف في طريقها شيء ..
فكوني لاخيك اختا محبة يكن لك سندا في الدنيا..
__________________________________________________ __________
الله عليك زهور
ما اسمى الهدف منها
رائعة في السرد والطرح وانسياب الكلمات والعبارت دون
مشقة تذكر
عشت بين احداثها وللحظة تخيلت انني بثينة
جسدت علاقة رائعة بين الاخ واخته وربطتي الوازع الديني
بالسبب الرئيسي للنجاة
دام قلمك يا رائعة
__________________________________________________ __________
إستطــاعت بطلتنــا أن تعيــد شمل أُسرتها بطريقةة ذكية
حبيبتي قلوب كتبتِ وأنتقيتِ لنــا أجمل القصص ومزجتيها بعبــاراتكِ الخلآبةة
أعشق قلمــكِ وأعشق نزفهـ الراقي دمتِ لنــا ودام عطــائكِ اللآمحدود
لعيونــكِ 5 نجوم + تثبيت + تقييم
وبأنتظــآر جديــدكِ بشغف
__________________________________________________ __________
ما شاء الله قلوب على هذا الاسلوب والسرد الراقي.
وكاني اتخيلك وانت تكتبين ,تحملين قلمك ولا ترفعينه عن الورقة
حتى تنهي القصة .انت كعادتك مبدعة ومتميزة الى ابعد الحدود .
__________________________________________________ __________
السَلامُ عليْكم وَ رحمةُ اللهِ وباركته
أعذرني لم أستطع أن أقرأها من البداية الى النهاية
لكن لي عودة.. لاكمل الرد الثآنِي
تقيمي لكِ اكيد
و النجوم سنتركها للزيارة الـ2
دمتي بسعآدة لآ تغآدركِ أبدًا