عنوان الموضوع : ابطال على مسرح الحياة قصة حقيقية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

ابطال على مسرح الحياة






تعالت الصيحات يتخلّلها بكاء اطفال و هي مارّة في ذلك الحي..وصلت الى المكان ووقفت لترى ما يحدث و اذ بصاحب بيت يطرد منه عائلة لانها لم تستطع دفع الكراء..
عجّ الحي بالناس بين متفرّج و متاسّف ؛ يقفون ليروا ما يجري ثم يمرّون دون اي حراك..بالنسبة لهم الامر لا يعنيهم ؛ فماذا يستطيعون فعله في مثل هذه المواقف..
كان صاحب البيت رجل فظّ ؛ رمى بحاجيات الاسرة الى الشارع و لم يرحم بكاء اطفالها . حاول الاب التوسّل اليه كي يعطيه مهلة لكن دون جدوى..
نظرت اليهم ليلى و رقّ قلبها ؛ ماذا سيفعلون ؟هل سيبيتون في العراء ؟ وماذنب هؤلاء الاطفال الابرياء ؟
ثم تفقّدت وجوه الناس لعلها تجد من يهبّ لنجدتهم ..فرات منظرا غريبا..رات وجوها جاهمة متاثّرة بما يحدث و افواهها صامتة اللهم الا بعض عبارات الاسف..
هل يمكن ان تصل السلبيّة بهؤلاء الى هذا الحد ؟
لم تستطع تمالك نفسها فخاطبت المالك بقولها ( الا يمكنك اعطاءهم فرصة اخرى ؛ الا تراف بهم من اجل هؤلاء الصبية ؟ )
و استدار الرجل نحوها بوجه عبوس و عيون كلها شرر و قال ( فرصة اخرى ؟ هذه ثالت مرة و انا صابر عليهم و لكنهم لم يدفعوا ما عليهم من مال و لن يدفعوه..من اين لهم به و الاب عاطل عن العمل..ثم مالك انت ؛ لما تتدخلين ؟ )
ردت عليه بكل حزم ( ارجوك سيدي ؛ الجو بارد و الوقت متاخر..اين سيذهبون ؟ اراف بحالهم و لا تكن قاسي القلب )
زاد غضب الرجل فشدّها بيديه و هزّها بكل قوته كانها ورقة في مهبّ الريح ( ادفعي انت يا ذات القلب الرقيق..)
لحظتها ماجت بها الدنيا و من اين لها ان تدفع له ؛ فهي بالكاد تتدبّر امورها..من اين لها بالمال و هي تعيش على ما تصنعه بيديها من خبز و كعك تعطيه لولدها كي يبيعه في السوق..
اسودّت الدنيا في عينيها ؛ اتقف عاجزة في مثل هذا الموقف ؟ و ما بال الناس يقفون لحظات ثم يمضون في حال سبيلهم..ما بالهم لا يتكاثفون ؟ يد واحدة لن تفعل شيئا ؛ لو انهم فقط يفهمون ان باتحادهم سيحلون مشاكل جمّة..لماذا لا يدفع كل واحد منهم ما يستطيع دفعه من المال لانقاد هذه الاسرة من الضياع ؟
لفّها الحزن من كل جانب ؛ ايقنت انها عبثا تحاول فلن تجد آذانا صاغية و لا قلوبا رحيمة في هذا الزمن القاسي..و فجاة تذكّرت..مدّت يدها تتحسّس الحلق باذنها..انه هدية امّها لها و قد اوصتها ان لا تفرّط فيه مهما حدث..هذا الحلق يمكنه ان يكون طوق نجاة لهذه الاسرة الفقيرة فثمنه باهض و اكيد انه سيرضي المالك..
تضاربت الافكار براسها ؛ لن تقف كالبلهاء وسط هذه الجموع و تشاهد هذه الماساة دون حراك..نزعت الحلق و اتجهت به الى الرجل (اظن هذا سيفي بالغرض لبعض الوقت ؛ خده و احتفظ بثمنه ؛ واعط فرصة لهؤلاء حتى يتدبّروا امرهم )
شعر المالك بالحرج و لكنه مدّ يده بسرعة و اخد الحلق ثم التفت الى الاب و قال (شهر واحد..ساصبر عليك شهر واحد ) و انسحب من المكان..
بين نظرات الناس من معجب بكرم ليلى و ساخر منها لتنازلها عن حقها لاناس لا تعرفهم ظلت هي شاردة الذهن ( يا الهي كيف هان علي حلق امي ؛ انا لم ابعه حتى لاطعام اولادي ..و لكني لم اتحمّل منظر الصبية و هم يبكون ؛ لم اتحمّل ان ارى حاجيات هذه الاسرة مبعثرة في الشارع..لم اطق صبرا و انا ارى المهم و فاقتهم .. )
انتبهت ليلى و يد صبي من الصبية تشدّها من ثوبها ؛ نظرت اليه كان جميلا ؛ بريئا ؛ عيناه فيهما حزن دفين ؛ قال لها (ابي يريد التحدّث معك ) حاول الاب تقبيل يدها و لكنها امتنعت اما الام فعانقتها و بدات بالنحيب..
واست ليلى الاسرة و تنفست الصعداء لقد شعرت بالفرحة تغمرها ؛ لم يكن ما فعلته بالكثير و لكنها ساهمت في دفع البلاء و لو الى حين..مشت ليلى وسط الجمع الغفير من الناس مشية المنتصر..لم تكن تبالي بتعليقاتهم و لا بحديثهم كانت تشعر بنشوة غريبة تلفّ جسدها و سرور عارم يسكن قلبها لانها استطاعت ان تخرق حاجز السلبيّة الذي يقيّد الكثيرين..
سارت ليلى بخطى الواثقة من نفسها لتعود الى بيتها و هنا شدّتها يد من الخلف استدارت لتجد المالك ؛ اخرج من جيبه الحلق و ارجعه لها ثم بادرها ( لقد نجحت في الاختبار..قمنا بحبك القصة حتى نعلم الى اي مدى يتفاعل الناس مع المواقف..و كنت اول الفائزين .. )
ذهلت ليلى ؛ هل هذا كان تمثيل ؟ صراخ الصبية ؛ بكاء المراة و انهيار الرجل كله تمثيل ؟
شلّت للحظات فلم تستطع قول شيء ؛ لقد كان الموقف يدمي القلوب لم يساورها شك فيما حدث و بعد كل هذا يقولون تمثيل..
هزوا كيانها و فجروا الطّاقة الكامنة في اعماقها ثم يقولون تصوير..
هنا صرخت ليلى ( لن آخد هذا الحلق ؛ لقد كنت سعيدة و انا افعل هذا ؛ احسست اني انتصرت على نفسي ؛ لم اندم ابدا بعد ان كسرت وحش الانانية في داخلي..لما تحرمونني من هذا الاحساس الجميل ؟ الم تجدوا طريقة لتصوير حصتكم الا اللعب بمشاعري ؟ خدوا الحلق و اعطوه لمن يستحقه اما انا فساظل اوهم نفسي ان ما حدث حقيقة و ليس خيال ؛ ساظل فرحة بموقفي..)
حين اخدت اوراقي هذا الصباح لاكتب قصتي كنت اظنها قصة طويلة و لم افهم لماذا غيّرت اتجاهها ووضعت لها هذه النهاية ربما لاحدّثكم عن السلبية التي اصبحت مرض العصر..
حين يواجهنا موقف من المواقف الكثيرة في حياتنا ندير له ظهرنا ؛ نتحجّج بظروفنا و نحاول اقناع انفسنا انه لا حول لنا ولا قوة..مع اننا لو بادرنا بالتصرّف لكان احسن الف مرة من سلبيتنا..
لا يمكن ان نظع الخطوط العريضة في شخصيتنا و نحن نقف عاجزين باسم من اعيته الحيلة..ان نتجاهل امورا كثيرة تلقانا في دنيانا و نلتمس لانفسنا آلاف الاعذار..فكل خطوة نخطوها محاسبون عليها..
لنكن حازمين و لتكن لنا يد من حديد في ما يحدث حولنا من احداث حتى نصنع لانفسنا وجودا و نصبح ابطالا حقيقييّن في مسرح الحياة..
فالدنيا مواقف و قصص فلنختر اي نوع من الابطال نحبّ ان نكون...


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


يا الله يا قلوب دائماً متألقة و قصصك مميزة ونهاياتها غريبة و عبرتها رائعة حتى العنوان رااااائع ..حقيقة لم أكن سعيدة بهذه النهاية مثل ليلى و لكن ما أعجبني كونها لم تأخذ الحلق... جميلة تلك الإيجابية التي تحلت بها حتى بعد معرفتها للأمر .. أتمنى أن يصبح كل من في مجتمعنا مثل ليلى ..سلمت يداك و حفظك الله و رعاك ..لك الحب و التقييم و منحك ربي كل ما تتمنين .. تحيــ!تي**


__________________________________________________ __________


اتعلمين يا ياسمين و الله دمعت عيني من كلامك ..اخترق قلبي كالسهم..حفظك الله من كل سوء..وجودك اكبر تقييم لي فانا من دونكم لا اساوي شيئا..


__________________________________________________ __________

كلامك رائع و موضوعك أروع سلمت أناملك


__________________________________________________ __________

يآآآآآ الله،كنت مندمجة مع القصة و في الاخير طلعت كاميرا خفية هههههه
فعلا اصبحت السلبية شيئا مسيطرا على مجتمعاتنا،حتى عندما نساعد بعضنا تكون مساعدات مؤقتة تختفي بعد مدة هدفها تخدير ضمائرنا فقط حتى لا تؤنبنا و تحسسنا بالذنب،نحتاج إلى الابداع احيانا حتى في المساعدات،فمثلا على فرض ان هذه القصة حقيقية و ما اكثر شبيهاتها في مجتمعاتنا،ما اسعد الرجل و عائلته بتقديم فرصة عمل له حتى يحفظ كرامته و وجهه من الهوان و إشفاق الناس عليه،كما يقول المثل،لا تعطني سمكة بل علمني كيف اصطاد
بارك الله فيك على هذه المحاولات الجاهدة لإحياء ما مات من قيم،تقييمي


__________________________________________________ __________

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قلوب خضراء

اتعلمين يا ياسمين و الله دمعت عيني من كلامك ..اخترق قلبي كالسهم..حفظك الله من كل سوء..وجودك اكبر تقييم لي فانا من دونكم لا اساوي شيئا..

باختصاار يا قلوب أنت تستحقين كل خير ...تحيـ!تي و حبي لك يا غالية