تَرَدّدَتْ كَثيْراً فِي أنْ تَسْكُبْ الدّمُوْع أمَام وَالِدَتهَا ،!
أنْسَحَبت فِي صَمْتٍ .، وَهَي تَهْذِي مِنْ هَوْل الصّدْمَة .، لَمْ تَكُنْ قَدْ خَرَجَت مِنْ زَخَمِ الفَرَحِ المُحِيْطِ حَوْلَها .، كَانَت تَحْمَل نَفسَها وَالأرْضَ وَالضّيْق .، كُلّ الطّرُق تَتّحِد فِي نُقْطَة واحِدَة لآ تَبْتَعِد كَثِيراً عَنْ أخْمَص القَدَم ،!
(.. غَيْدَاء ..)
هِي فَاتِنة العِشْق الطّفُوْلِي ،!
هِي المُتشّبثّه فِي عَقل ِ عَاشِقِهَا حتّى آخِر لَحظاتِ عُمْرِهـْ .،
1415هـ .، كَانَت العُيَيْنَة تَرقُصُ فرحاً بـِ قُدُوْمِهَا .، وَهِي الفَتَاة الّتِي كَانت تَكتُمُ دُموْعَها فِي الطّائِرة .، وَهِي لآ تَدْرِي أنّ دَوْرَة الحياة مُسْتَمِرّة وَالفَقْدُ بَسِيْطٌ فِي تِلك المَرْحَلة .، صَديْقاتُ الدّرَاسَة ليْسُوا الاّ كَذَلِك ،!
هَبَطت الطّائِرَة .،
وَنَزَلت العَرُوسَة الّتي لـِ أوّل مَرّة يَرَاهَا العَريْس دُوْنِ تنْسيقٌ مُسْبَق لِهذا العِرْس ،!
كَانَ فِي استقْبَالهُم العَمْ سُلطان وَابنه نَاصِر .،
كـَ أيِّ أستِقْبَال .، مَرّت النّظَرَات سَريْعَة جدّاً .، نَاصِر المُمْتَلِئ حيَويّة بـِ وُصوْلِ عَمّهِ وَاهلهِ لـِ الرّياض كَانَ لآ يَسْتَطِيْعْ أَنْ يُطِيْلُ النّظَرَ فِيْهَا وَهِيَ تَذْكُر بِأنّهَا كَانَت جَرِيْئَة أكْثَرُ مِنْه فِي ذَلِك المَوْقِف .، حَيْثُ كَانَت تُطِيلُ النّظر وَتَشيْحُ بِهِ لـِ أعْلَى ،!
كَانَت اللِقاءات الاُسُبوْعيّة كَفِيْلة ٌ بـِ أسْقاطِ الخَجَلْ .، وَتقَوَيَة العَلآقةِ بَيْنِهم رُغْمَ عَدم اقْتِنَاعِه بـِ أحَادِيثِهَا عَنْ زمِيلآتِها فِي خَمِيْسِ مَشيْط وَلهْجتها الّتي أكْتَسبَتَها مِنْ سَكَنَهَا وَترْبِيتها هُناك .، كان يَضْحَك بـِ براءةٍ عَلى بَعْضِ الكَلِمَات وَكَانت تتبّسَم بـِ غيَض ٍ .، وَتَذْهَب لـِ الدّاخِلْ .، فِيْمَا يَعُودُ هُوَ لِمجْلِسِ الرّجَالِ وَيجلِس لـِ يطْلق العِنَان لِتفَكيرهـِ الطّفُوْلِي (.. تُرى هَلْ قَدْ ضَايَقها مِزْحِي ؟ ..) ثُمّ يُجِيْب (.. خَلّها بكَيفَها .، تَنادِيني بَعد شَوَيْ مَالها الاّ أنا ..) .، وَبِالفَعْل تَقِف بـِ جانِب البَاب لـِ تَطلّ وَمِنْ ثَمّ تَخْرُج .، وَيفهَم تِلَكَ الإيمَاءَة وَيخرُج .، لِيتبَاهىَ وَيقُوْل: (.. هَاهـْ لآ تكوني زَعلتِي مِنْ ضِحْكِي قَبل شويْ عَلى كَلآمكِ ..) لِتُجِيْب: (.. لآ ., كِنتْ عَطشانه وَدخلْت أشْرَب ..) ،!!
لَمْ تَكُنْ السّنِيْن الّتِي تَمُر سِوَى نُموْ فِي عَلآقَة عِشْقٍ رُبّمَا لَمْ يَجِد مُتَنفّس الاّ فِي التّنفُّس الذّاتي لـِ اقلِيْمَة/القَبِلية وَالظُروْفِ المُحِيطة .، عَامٌ وَنِصفِ العَامْ فَقط وَأصْبَحت لآ تُظهِر لَهُ شَوْقِها لـِ الجُلوْسِ وَالحدِيْثِ مَعهْ .، وَهُوَ كَذلك فَقَدْ أَصْبَحَ رَجُلٌ .، وَأصْبَحت أُنثى ،!
كَانَ ابتِعَادَهآ عَنهُ بدَاية التّيْه لـِ مُراهِق فِي الرّابِعَه أوْ الخَامِسَةَ عَشرْ .، وَبِدايةِ التّفكِيْر لـِ مُراهِقَة فِي سِنّ الثّالِثَة عَشَر تَقْرِيَباً ،!
مَضَت وَانْقَضَتْ ايّام ٍ وَسنَوات ٍ وَلَمْ يَفَتئْ فِي يوْمٍ مَنْ رَسَم حُلْمَهـ وَتزيْين الأطار .، أنهَى ناصِر تَعْلِيْمَه الأجْبَارِي .، وَأنطَلَقَ كـَ عُصْفُورٍ للِخارِج .، لمْ تَنمْ غَيْداءُ تِلك الليْلَه .، أعيَاها التّفكِيْر فِي المُسْتَقْبلِ وَبِه .، أيْقَنت أنّها بَهْ/مِنْه/لَه .، أَصْبَحت تَسْترقَ السّمَعْ لـِ الأحاديْث الّتِي تدُورُ حَوْله .، المَوَاقِف وَالأحْدَاث .، وَتُسَجّل مَا يشَدُّهَا فِي مُذَكّرَاتِهَا .، وَتخبّئَه تَحْتَ الوِسَادَهـْ وَترْحَل بـِ تَفْكِيرهَا .، وَتسْتَحْضِر الصّوْرَة فِي خَيَالِهَا وَهِيَ تَسْأل .، أَخْبِرْنِي عَنْ ذَلِكَ اليَوْمِ الّذِي أحْرَجَكَ الدّكتُوْر فِي القَاعَه بـِ سُؤالٍ سَريْع: كَمْ لوْنٌ فِي قَميْصِك .؟
نَاصِر كَانَ يَعْرفُ كَيْفَ يَصِل لـِ أخْبَارِهَا .، لِذا حَاوَل جَاهِداً بأنْ يَتِمّ دِرَاستَهُ لـِ يَصِلَ إليْهَا ،!
أرْضُ المَطَارِ لآ تَحْتَمِلُ وَقْعُ الأقدَام الفَرِحَه بـِ العَوْدَة وَالتّخرّجْ .، أحْتَضنَ وَالِدَهـُ .، وَعَاد إلى المنزل لـِ يُقَبّل رَأسَ وَالدِته ،!
العُمْرْ مَحْسُوْب / لَحَظَاتْ .، كَانَت حِكْمَة نَاصِر الّتي لآ تُفَارِق نُصْبَ عَيْنِه .، بَدأ البَحَث عَنْ عَمَل .، وَجَد مَا يُنَمّيْ مَهَاراتِه وَيَزيْد خِبْرَته .، كَانَ الأكْثَر مَعَرِفَة ً وَإنضِباط ،!
بَعَد مِضِيّ سَنهٍ مِنْ العَمَل ., بدأ نَاقُوْس الزّوَاجُ يُدَقَ فِي المَنْزِل بـِ فِعْلِ الوَالِدة .،
وَذاتِ النّاقُوْس يُدَقْ مُنذُ فَتْرة بـِ فِعْل نَاصِر ذَاتَه .، وَجَد الفُرْصَة سَانِحَة لـِ الإسْتقرَار .، وَأفضَى مَا وَدَد بِه .،
أبتَسَم الوَالديْنِ .، وَوَعدُوهـُ خيْراً ،!
كَانَتْ فِي غُرْفتِها حِيْنَمَا دَخَلتْ عَليْهَا وَالِدتهَا لـِ تَسْتَشيْرَهَا .، إبْتَسَمتْ خَجَلاً .، وَأطْبَقت الصّمْت لـِ تُثْبِت انّهَا مُوافِقه ،!
زفّوا إليْهِ الخَبر لَيْلَة الثُلآثاء .، وَحُدِّدَ مَوْعِد المِلْكَة يَوْمَ الإرْبِعَاء بَعْد القَادِم ،!
تمّت مَراسِم المِلْكَة وَبَارَك لهُ الشّيخ وَالحُضور ، ثم سُحِبَ بـِ طَرِيْقةٍ ذَكيّةٍ لـِ بابِ الصّالَة النّسائِيّة .، لـِ يَدخُل .، لِيَنظر إلَى حُلمٌ حَلَم بِهِ أكْثَر مِنْ 7 سَنواتٍ أوْ رُبّمَا أكْثَر بـِ قَليْل .،
غَيْدَاء هِيَ ذاتِ الرّوح/الطّفْلَة .، هِيَ لَمْ تَتَغيّر فَاتِنَة العِشْق الطّفُوْلِي ،!
الْبَسَها الدّبلَه وَالْبَسته .، وَخرَجَ الحُضوْر بَعْد الزّغَارِيْد وَالمُبَارَكة .، لـِ يَصمُتَ قَليْلاً وَيبَدأ الحَديْث .، بـِ لسان ٍ مُتَلعْثِم ،!
ألَف مَبْرُوْك وَأللهْ يَكْتُب لَنا الخَيْر وَالسّعَادَة وَيُبَارِك لنآ .،
صَمْتٌ ،،
يَعُوْدُ وَيمْسَك دُفّة الحَديْث ., يَأخُذ نَفس وَيسْأل : اليْن الحِين وَانتي تقُوليْن بَعض الكَلِمَات الجُنوبيّة .؟
تَبْتسِم بـِ خَجل وَلآ تُجِيْب .،
دَخَل وَالِد غيْدَاء وَاخذَ ناصِر لـِ الخَارِج حَيثُ الضّيُوْف مِنْ الجِيْرَان وَالأقارِب .، لـِ يَتَمّوا العَشَاء ،!
كَانَتَ تِلَكَ الليْلَة بَانُوْرَاميّه رُغْمَ قِلّة التّفَاصِيْل بِهَا .، لَمْ تَذْكُر شَكلُ الوَجْه جَيّدَاً فَقَدْ كَانَت تَنظُر لـِ بَاقَة الوَرْد المُسْنَدَة علَى الطّاوِلَة ،!
اُسْبُوْع وَأتّصَلَ نَاصِر ،!
كَانَت الأحَادِيْث فِيْ الهَاتِف أقَلَ مِنْ حَاجِز اللِقَاء وَكَسْرَهـْ ،!
مَضَت الأشْهُر المُحَدّدَهـ الثـّمان قَبْلَ الزّواج سَريعاً .، حَتّى إنّهَا كَانَت تقُول: لَوْ خَلّيْتَنا نَأجّل الزّوَاج إلى آخر الصّيْفِ لـِ كَان أفْضَل .، لِيُجِبْ بـِ شَوْق .، لآ أسْتَطِيع وَالـَ 8 أشْهُر لَمْ تَكُن مَنّي ., بَلْ فُرِضَت لِيَتمّ تَجْهِيز أُموْركِ وَالاّ لـِ كُنْتُ قَدْ اخْتَرَته بَعْد يُوْم المِلْكَة بـِ أسْبُوع ،!
كَانَت تَعْلَم إنّهُ يَشْتَاقُ لَها/أليها .، وَيَعشقَها وَهِي تُبَادِلهُ الشّعُوْر ،!
يَوْمُ الأربِعَاء قَبْل الزّوَاج بـِ يَوْمَيْن ،!
أتّصَل بِهَا لِيَرَى مَا أسْتَجدّ مِنْ أُموْر لَدَى العَرُوْس .، إطْمَئنّ أنّ كُلِّ شِيءٍ عَلى مَا يُرَام .،
أَخبرَها أنّهُ مَدعُوٌّ عَلى عَشَاءٍ مِنْ زُمَلآءِ العَمَل كـَ حفلٍ لـِ تَوْدِيع العُزوْبيّه (.. قاَلهَا ضَاحِكاً ..) أجابته: حَاول أنَ يَكُوْن (.. وداعٌ بِلآ رَجْعَه ..) ., أَنهى المُكَالَمة بـِ ضِحْكَة ،!
عِندَ السّاعَةِ الثّانيَة صَباحَاً يَتّصِل بِهَا لـِ يُخْبِرهَا بـِ إنّها وَحَشَته .، وَإنّهُ خَرَج لِتوّه مِنْ الإسْتِرَاحة مُتَوَجّهاً لـِ المَنْزِل .، مَعْ وَعدٌ بَعدمِ تِكرَار السّهَر لـِ مثَل هَذا الوَقْت ,!
السَاعَه الرّابِعَه فَجْراً تَسْتَيقِظ لـِ تُصَلِّي الفَجْر .، تَتّصِل بِه لـِ تُوقِظَه .، لآ يَرُد .، تُرْسِل لَهُ رِسَالة (.. كلّها يوْمين وَبعديْن أصحّيك بالمَاء ..)
تَنزِل لِتَجد وَالِدهَا يُسَابِقَها عَلَى الدّرَج نُزوْلاً وَهُوَ يُتَمْتِم ،! لَمْ تُطِيْل التّفكِيْر خَوْفاً مِنْ أنْ يَكُون التّفكِير سَليْم / عَقيْم .، كَليْهِما سِيَان ،!
السّاعَة ُ الخَامِسَة وَالنّصْف تَدْخُل وَالِدتها لـِ تَجِدْهَا قدْ أغْلَقَت المُصْحَف وَتُحاوِل إغمَاض عَيْنها لـِ تنآم ،!
اقَتربت مِنهَا وَهِيَ تَجْهشُ بـِ البُكَاء .، وَقَفت غَيْدَاء .، إحْتضَنتَها وَالِدَتها .، وَلمْ تَقُل شَيْئاً .، أَخَذت نَفَساً عَميْقاً .، أبَعَدَت وَالِدتَها عَنها قَليلاً وَنَظرت فِي عَيْنيهَا .، لآ تُخْبرِيْنِي مَا حَدث أخْبريِني فَقَطْ كَيْفَ حَدَث ،؟
حَادِثْ سَيْارة لَمْ يَكُن لَهُ ذَنبٌ بِه .، قَدَرهـْ أنْ يَكُوْن ضَحيّة سُرْعَه شَخْص (.. سَكْرَان ..) ،!
بـِ كُلِّ صَمْت .، إنْسَلّت مِنْ حُضْن وَالدَتها .، لـِ تَكْتُب :
الحَيَاة رجلٌ لَمْ يَصِل لـِ حُلْمِه ،!
الأُنثى رُوْحٌ ., وَروحٌ فَقطْ ،!
بُكَاءُ القَلب لآ دُموْعْ لَهُ وَلآ يَتَوَقّف ,!
الحَيَاة تَعيْشَنا وَليْسَ العَكْس ،!
حِدَادٌ حَتّى يَشَاءَ أللهْ ،!