عنوان الموضوع : الدعوة إلى التوحيد من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
الدعوة إلى التوحيد
بسم الله الرحمن الرحيم
عن ابن عباس – رضي الله عنه – أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له - صلى الله عليه وسلم -:إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفي رواية: (إلى أن يوحدوا الله)، فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب). متفق عليه.
هذا حديث عظيم، مليء بالحكم والأحكام، والفوائد الجليلة العظام، أوجزها فيما يلي من الوقفات:
الوقفة الأولى: قوله - صلى الله عليه وسلم- لما بعث معاذا إلى اليمن، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله-: كان بعث معاذ إلى اليمن سنة عشر قبل حج النبي - صلى الله عليه وسلم-، _كما أخرجه البخاري_، وقد روى الواقدي أنه كان في السنة التاسعة عند منصرف النبي - صلى الله عليه وسلم- من تبوك، وقيل غير ذلك، لكنهم اتفقوا أنه لم يزل على اليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر - رضي الله عنه-، ثم توجه إلى الشام فمات بها(2).
الوقفة الثانية: قوله - صلى الله عليه وسلم-: إنك تأتي قوماً من أهل الكتاب...).
هذه أولى وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم- لمعاذ - رضي الله عنه- وفيها ثلاث فوائد:
الأولى: أن المسؤول إذا أراد أن يندب أحداً لعمل مهم فعليه أن يوصيه بما يعينه على أداء مهمته، وبخاصة إذا كانت شبيهة بمهمة معاذ _رضي الله عنه_ ، كمن سيقوم بالدعوة إلى الإسلام، أو يعلم الناس، أو يكون قاضياً عليهم، أو ينظر في مشاكلهم، ونحو ذلك.
الثانية: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- نبّه معاذا إلى أن القوم الذين سيقدم عليهم أهل كتاب؛ وهم اليهود والنصارى، وإنما أخبره بذلك؛ لكونهم يحتاجون إلى شيء من العلم وقوة الحجة، ليستعد لذلك بما أعطاه الله تعالى من العلم، فلا يظن أنهم جهلة، وبالتالي يعرض الدعوة عليهم عرضاً غير مناسب فلا يحصل المقصود.
الثالثة: من هذه الجملة القصيرة يستفيد الدعاة إلى الله فائدة عظيمة، ولنقف عندها قليلاً بشيء من البسط، ذلك أن الدعوة إلى الله تحتاج في عرضها للناس أسلوباً يليق بمكانها، وشرفها، وعظم شأنها، فالرسول - صلى الله عليه وسلم- ينبه معاذا إلى أن لكل مقام مقالا، فمخاطبة الجاهل تختلف عن مخاطبة المتعلم، ومخاطبة أنصاف المتعلمين تختلف عن مخاطبة المتعلمين، وهذا من الحكمة التي أمر الدعاة بانتهاجها، في قوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(3).
ومن الملاحظ أن كثيراً ممن ينتهجون أسلوب الوعظ، والإرشاد، والتوجيه، لا يراعون مثل هذا مما لا يجعل لكلامهم فائدة كبيرة، ولو لاحظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لوجدناه الحكيم كل الحكمة في عرض الدعوة، ابتداء بعرضها على قريش في أول الدعوة، وحتى توفاه الله _عز وجل_، فتارة يعرضها بأسلوب الخطبة للناس عموماً، وتارة يعرضها على شخص معين، وتارة بتصحيح خطأ، ...وهكذا.
إن عدم انتهاج أسلوب الحكمة، ووضع الكلمة في غير موضعها، قد يؤديان إلى أضرار كثيرة، ومن أهمها نفور الناس من الإسلام وأهله. إن الكلمة أمانة ومسؤولية، والمتكلم أمين، فعليه أن يؤدي أمانته على الوجه المطلوب؛ لأجل أن تؤدي مفعولها، وتثمر ثمارها الطيبة _ إن شاء الله_.
الثالثة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وفي روايةإلى أن يوحدوا الله)، وفي هذه الجملة ما يلي من المسائل:
الأولى: قوله - صلى الله عليه وسلم-: فليكن أول ما تدعوهم ...).
هذا أسلوب جديد من أساليب الدعوة، ذلك هو التدرج من الأهم فالمهم، فمعاذ – رضي الله عنه – سيقدم على أناس كافرين بالله - سبحانه وتعالى-، فلأجل أن يدخلوا في دين الله لا بد من التدرج معهم شيئاً فشيئاً، فالتكاليف إذا أعطيت دفعة واحدة لا يمكن أن تجد قبولاً من المتلقي؛ لأن التكليف بطبعه ثقيل على النفس، وهذا ما فعله الرسول - صلى الله عليه وسلم- في دعوته المباركة مع قومه، حيث مكث في مكة المكرمة ثلاث عشرة سنة يدعوهم فيها إلى التوحيد، ونبذ الشرك، وما هم عليه من عبادة الأصنام والأوثان، ولم يكن يأمرهم بغير ذلك، وهكذا أيضاً دعوة الأنبياء والمرسلين، يبدأون بالأهم فالمهم.
وعلى هذا ينبغي لكل داعية أن ينظر إلى الأهم فيركز عليه في دعوته وعرضه، مع أنه ينبغي أيضاً أن لا يغفل عن الأسلوب السابق، وهو أن لكل مقام مقالا، حيث إن مخاطبة الكافر تختلف عن مخاطبة المسلم العاصي، ومخاطبة الابن المقصر في تطبيق أحكام الإسلام تختلف عن مخاطبة البنت.... وهكذا.
الثانية: قوله - صلى الله عليه وسلم-: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، جاءت هنا روايات، فمنها: فأول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات.
ومنها: إلى أن يوحدوا الله، فإذا عرفوا ذلك.
وقد يسأل سائل ويقول: هل بين هذه الروايات اختلاف بغير المعنى؟
يجيب عن هذا الحافظ ابن حجر – رحمه الله – بقوله: إن المراد بعبادة الله: توحيده، وتوحيد الشهادة له بذلك، ولنبيه بالرسالة، فظهر من هذا أن لا تعارض بين هذه الروايات، فمعناها واحد، وهو الدعوة إلى توحيد الله - سبحانه وتعالى- وإفراده بالعبادة وحده لا شريك له، ونبذ ما سوى ذلك.
يتبع ان شاء الله
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
الثالثة: من هذه الجملة يتبين أن أهم ما يدعو إليه الداعي هو توحيد الله _عز وجل_، والتركيز على ذلك تركيزاً كبيراً، يدل على ذلك فعل الرسول - صلى الله عليه وسلم- واستمراره أكثر أيام الدعوة في ترسيخ العقيدة في النفوس، وتوحيد الله _عز وجل_ ونبذ الشرك وأهله.
فعلى الدعاة إلى الله - عز وجل- في كل قطر أن يهتموا بهذا الجانب اهتماماً كبيراً، فيضعوه في أوّل الأولويات، مهما خالفهم الناس وعارضوهم، فلهم في الأنبياء والمرسلين قدوة، وفي نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- قدوة حسنة، ومتى ما استجاب الناس لعقيدة التوحيد سهلت الاستجابة لسائر الأحكام، ألم تر أخي الداعية أن أكثر القرآن الكريم دعوة للتوحيد، سواء كان مباشرة كقوله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)(4)، أو كان بغير مباشرة عن طريق عرض دعوة الأنبياء - عليهم السلام-، وبيان قصصهم مع أقوامهم، ونحو ذلك، أو في عرض مخلوقات الله – سبحانه-؛ ليستدل بها العاقل على خالق هذا الكون، فهو المعبود وحده لا سواه، لماذا هذا كله؟ لا شك أنه لأهمية العقيدة، وترسيخها في نفوس الناس.
ومن هنا نعلم خطأ كثير من الدعاة الذين أهملوا جانب العقيدة، وركزوا على جوانب السلوك والأخلاق، أو دخلوا بعمق في النواحي الاجتماعية، والسياسية، ونحوها، أكثر من جانب العقيدة.
ولا شك أن لأحكام الإسلام بعامة أهمية عظمى، وليس في الإسلام لبٌّ وقشور، كما يحلو للبعض أن يتلفظ بذلك، ولكن البدء بالأهم فالمهم، (ولا إله إلا الله) أهم شيء يجب الدعوة إليه.
الرابعة: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – عند هذا اللفظ: وقد علم بالاضطرار من دين الرسول - صلى الله عليه وسلم-، واتفقت عليه الأمة أن أصل الإسلام، وأول ما يؤمر به الخلق: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فبذلك يصير الكافر مسلماً، والعدوّ وليا، والمباح دمه وماله معصوم الدم والمال، ثم إن كان ذلك من قلبه فقد دخل في الإيمان، وإن قال بلسانه دون قلبه فهو في ظاهر الإسلام دون باطن الإيمان)(5).
الخامسة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: فليكن أوّل ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله...).
قال أهل العلم: فيه دليل على أنه لا يحكم بإسلام الكافر إلا بالنطق بالشهادتين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: فأما الشهادتان إذا لم يتكلم بهما مع القدرة فهو كافر باتفاق المسلمين، وهو كافر باطنا وظاهراً عند سلف الأمة، وأئمتها، وجماهير علمائها.
السادسة: قال بعض أهل العلم: هذا الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم- معاذا هو الدعوة قبل القتال التي كان يوصي بها النبي - صلى الله عليه وسلم- أمراءه، وعليه فتستحب الدعوة قبل القتال لمن بلغته الدعوة، أما من لم تبلغه الدعوة فتجب دعوته قبل القتال.
الوقفة الرابعة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (فإن هم أطاعوك لذلك) أي: شهدوا وانقادوا لذلك، فإذا أخبرتهم بضرورة التوحيد بالنطق بالشهادتين، وانقادوا لذلك، وشهدوا بهاتين الشهادتين، فانتقل إلى الأمر الآخر.
وفي رواية أخرى عند ابن خزيمة - رحمه الله-: (فإن هم أجابوا لذلك)، وفي رواية: (فإذا عرفوا ذلك)، وكل هذه الألفاظ لا يختلف معناها، فهي بمعنى واحد، وتدل على أهمية التدرج في الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى-، والبدء بالأهم فالمهم، إذ بعد الإقرار بالشهادتين، وبعد توحيد الله ينتقل إلى ما بعدها من أركان الإسلام وأصوله.
الوقفة الخامسة: قوله: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة)، فيه دليل على أهمية الصلاة، وأنها في الوجوب والفرضية تلي الشهادتين، كما أن فيه دليلاً على فرضية الصلاة على كل مسلم ومسلمة بالغين عاقلين، وأن الفرض خمس صلوات في كل يوم وليلة. ومن هذا نفهم أن ما سوى تلك الخمسة من السنن، والرواتب، والوتر، وسائر التطوعات، ليست فرضاً حتماً، ولكنها مستحبة، تتأكد في حق كل مسلم ومسلمة، كما ورد فضلها في نصوص كثيرة.
الوقفة السادسة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (فإن هم أطاعوك لذلك) أي: آمنوا وصدقوا بأن الله افترضها عليهم وفعلوها، فلو بادروا بالامتثال دون القول فلا بأس حينئذ، بخلاف الشهادتين، فإنه يشترط التلفظ بهما، كما سبق بيانه.
الوقفة السابعة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم...) في هذا النص عدة مسائل هي:
الأولى: أن الغني المقصود في الحديث هو من ملك نصابا من الأموال النامية التي تجب فيها الزكاة، ويطلق عموماً على كل من ملك ما لا يفي بحاجاته، ولو لم يبلغ نصابا.
أما الفقير فهو من ليس له مال ولا كسب حلال لائق به، يقع موقعها من كفايته من مطعم، وملبس، ومسكن، وسائر ما لابد لنفسه، ولمن تلزمه نفقته.
الثانية: استدل بعض العلماء بهذه الجملة على أن الزكاة تدفع للإمام أو نائبه، ولكن رجح كثير من الفقهاء أنه يستحب للإنسان أن يلي تفرقتها بنفسه، قال الإمام أحمد: (أعجب إلي أن يخرجها بنفسه، وإن دفعها إلى السلطان فجائز).
يتبع ان شاء الله
__________________________________________________ __________
وكذلك استدل كثير من أهل العلم بقوله - صلى الله عليه وسلم-: (فترد على فقرائهم) أنه يجوز إعطاء الزكاة كلها، أو بعضها، إلى صنف واحد من الأصناف الثمانية المذكورة في قوله تعالى: (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل...)(1)
فإذا أعطى الإنسان زكاته لفقير واحد، أو لمجموعة فقراء، أو وزعها على فقراء ومساكين، ومجاهدين في سبيل الله، ونحو ذلك، فكل ذلك جائز - إن شاء الله تعالى-، فما على المزكي إلا أن يتحرى بدفع زكاة ماله إلى من يستحقها؛ لأجل أن تأخذ موقعها، ولا يعطيها أي شخص لم يتأكد أنه من أهل الزكاة.
الثالثة: استدل بعض أهل العلم بقوله - صلى الله عليه وسلم-: (تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)، أنه لا يجوز صرف الزكاة إلا في البلد نفسه، فلا ينقل المسلم زكاته إلى بلد آخر، لكن كثيراً من المحققين، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – يرى خلاف هذا، حيث قال: (يجوز نقل الزكاة وما في حكمها لمصلحة شرعية). اهـ، وذلك كأن يكون في البلد الآخر أقرباء محتاجين، أو تظهر مجاعة ظاهرة في بلد من بلدان المسلمين، أو يقوم الجهاد الإسلامي في مكان معين فتصرف بعض الزكاة فيه....وهكذا.
ومع القول بجواز نقل الزكاة إلا أن العلماء – رحمهم الله تعالى – متفقون على أن الأصل في الزكاة أن تفرق في بلد المال الذي وجبت فيه، كما أنهم متفقون أيضاً على أن أهل البلد إذا استغنوا عن الزكاة كلها، أو بعضها؛ لانعدام الأصناف المستحقة، أو لقلة عددها وكثرة مال الزكاة جاز نقلها إلى غيرهم.
فما على المسلم إلا أن يتحرى، ويجتهد، ويحرص على دفع زكاة ماله إلى مستحقيها، فإن وجدوا في البلد نفسه فهم أولى ولا شك، وإلا فينقلها إلى مكان آخر يوجد فيه مستحقون.
الرابعة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم...).
ففي ذكر الزكاة بعد الشهادتين والصلاة دليل على أنها – أي الزكاة – أوجب الأركان بعد الصلاة، وكثيراً ما ترد الصلاة والزكاة في القرآن الكريم مقترنتين؛ وذلك لعظم شأن الزكاة، يقول سبحانه وتعالى: (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة)(2).
وقد ورد الحث في القرآن والسنة عليها، والترغيب فيها، والوعيد الشديد لمن تركها، من ذلك قوله سبحانه وتعالى: (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها)(3)، وقوله - جل وعلا-: (وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم)(4)، وغير ذلك كثير.
وفي دفع الزكاة فضل عظيم عند الله - عز وجل-، كما أنها تطهر المزكي من أنجاس الذنوب، وتنقّيه من أوساخها، وتزكي أخلاقه بالتحلي بالجود والسخاء، وتبعده عن الشح والبخل، وتطهر ماله من الآفات، وتنميه، وغير ذلك من الحكم العظيمة، والفوائد الجليلة، التي لا يدركها إلا من قام بحق الله في هذا المال.
الوقفة الثامنة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (فإياك وكرائم أموالهم...) والمقصود بالكرائم: المال النفيس، والمقصود به هنا: جامعة الكمال الممكن في حقها، من: غزارة لبن، وجمال صورة، أو كثرة لحم وصوف، فكأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: إياك أن تأخذ خيار المال النفيس، بل خذ الوسط، كما أنه لا ينبغي أن يخرج ربّ المال شر المال وهزيله، وضعيفه، بل يخرج الوسط، وإن طابت نفسه بإخراج خياره فهذا أطيب وأكثر أجراً.
الوقفة التاسعة: قوله - صلى الله عليه وسلم-: (واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)، وهنا مسألتان:
الأولى: أن ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم- هذه الجملة – والتي فيها تحذير شديد من دعوة المظلوم – بعد قوله - صلى الله عليه وسلم-: (فإياك وكرائم أموالهم) إشارة منه - صلى الله عليه وسلم- إلى أن أخذ خيار المال ظلم لصاحب المال، وإجحاف في حقه.
الثانية: في هذا تحذير صريح من النبي - صلى الله عليه وسلم- عن الظلم، فمعنى كلامه - صلوات الله وسلامه عليه-: احذر دعوة المظلوم، واجعل بينك وبينها وقاية بفعل العدل، وترك الظلم؛ لئلا يدعو عليك المظلوم فتستجاب دعوته، فليس بينها وبين الله حجاب، بل يقبلها - سبحانه وتعالى-، وفي هذا تحذير من الظلم بجميع أنواعه، سواء في أخذ الزكاة، أو في جميع الولايات والمسؤوليات، فليحذر كل مسؤولٍ من الظلم، فدعوة المظلوم مستجابة، حتى ولو كان فاجراً، أو فاسقاً، كما روى الإمام أحمد عن أبي هريرة مرفوعاً: (دعوة المظلوم مستجابة، وإن كان فاجراً ففجوره على نفسه)(5)، قال الحافظ ابن حجر: إسناده حسن.
منقول من شبكة السنة النبوية وعلومها
في أمان الله
__________________________________________________ __________
اختيار موفق وردة
بارك الله فيك واحسن اليك
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
بارك الله فيكي وجعله
في ميزان حسناتك يارب