عنوان الموضوع : هديتي لكم في رمضان 1437-1436 من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

هديتي لكم في رمضان 1437-1436



بســــم اللـــــه الرحمـــــن الرحيـــــــم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على الحبيب المصطفى وعلى الـه وصحبـه أجمعيـــن


هديتي لكم في رمضان 1437-1436
( تفسير بن السعدي )
بأذن الله كل بعد فتره انزلكم تفسير سور من سور القران الكريم
طيب ابي رأيكم انزل كل سوره في موضوع او اجمع كل السور بموضوع واحد
وياليت يكون الموضوع مثبت عشان يسهل للقراء
وأول سوره هي الفاتحه


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


ما شاء الله الله يوفقك يارب


__________________________________________________ __________

بســــم اللـــــه الرحمـــــن الرحيـــــــم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم على الحبيب المصطفى وعلى الـه وصحبـه أجمعيـــن


مقدمة أبناء المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن من نعم الله -عز وجل- ما منَّ به على والدنا الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي من تأليف تفسيره المعروف بـ (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) فقد كتب الله لهذا التفسير القبول فانتفع به الجم الغفير من النّاس فطبع مراتٍ عديدة أولاها: طبعة المكتبة السلفية ومطبعتها لمحب الدين الخطيب -رحمه الله- أعقبتها طبعة المكتبة السعيدية بمراجعة وتصحيح: محمد زهري النجار، ولكن كثيرا من العلماء وطلبة العلم لاحظوا على هاتين الطبعتين -خاصة طبعة النجار- ملاحظات عديدة، جرت عليها الطبعات اللاحقة جميعها، وقد تبين صدق هذه الملاحظات وظهرت أضعافها عند مراجعة التفسير على نسختيه المخطوطتين، فبان ما في المطبوع من الأخطاء والنقص والزيادة .
ولقد علمنا جهد د: عبد الرحمن بن معلا اللويحق -الأستاذ المساعد في كلية الشريعة بالرياض- من تصحيح تفسير والدنا، ومقابلته على النسختين الخطيتين مع إخراجه في مجلد واحد على هامش المصحف، فرأينا أن هذا العمل قد سلم من عوار الأعمال السابقة فتميز عنها بطباعة التفسير على النسخة التي بخط الوالد -رحمه الله- ومراجعته على النسخة الخطية التي اعتمدتها المطبعة السلفية، فصار التفسير بهذا أقرب ما يكون لما أراده مؤلفه -رحمه الله- فلهذه الاعتبارات فإننا نعتمد هذه الطبعة بتحقيق ومقابلة عبد الرحمن بن معلا اللويحق، ونعدها الطبعة التي يجب أن تكون أصلا لغيرها من الطبعات اللاحقة، ونأمل أن تكف المطابع ودور النشر عن إعادة طباعة الطبعات السابقة لما فيها من أخطاء تتبين بقراءة مقدمة هذا العمل المبارك.
مع دعائنا الله -عز وجل- أن يغفر للوالد الشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي، وأن يجزل له الأجر والمثوبة وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
عن أبناء المؤلف -رحمه الله-
مساعد العبد بن السعدي
14/3 /1420 هـ محمد العبد الرحمن الناصر السعدي
أحمد العبد الرحمن الناصر السعدي


مقدمة
صاحب الفضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن الله بحكمته ورحمته أنزل كتابه تبيانا لكل شيء، وجعله هدى وبرهانا لهذه الأمة، ويسره للذكر والتلاوة والهداية بجميع أنواعها وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ .
أنزله بلسان عربي مبين، وتكفل بحفظه وإبلاغه لجميع البشر، وقيض له من العلماء من يفسرونه، ويبلغونه للناس ألفاظه ومعانيه، لتتم بذلك الهداية وتقوم به الحجة. وقد أكثر العلماء من التأليف في تفسير القرآن العظيم كل بما أوتي من علم، فمنهم من يفسر القرآن بالقرآن، ومنهم من يفسره بالأخبار والآثار، ومنهم من يفسره من حيث اللغة العربية بأنواعها، ومنهم من يعتني بآيات الأحكام إلى غير ذلك.
وقد كان لشيخنا العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي - رحمه الله - من ذلك حظ وافر وذلك بتفسيره المسمى: (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) حيث جاء هذا التفسير سهل العبارة، واضح الإشارة، وصاغه على نمط بديع بعبارات قريبة لا خفاء فيها ولا غموض، فهو يعتني بإيضاح المعنى المقصود من الآية بكلام مختصر مفيد، مستوعب لجميع ما تضمنته الآية من معنى أو حكم سواء من منطوقها أو مفهومها، دون إطالة أو استطراد أو ذكر قصص أو إسرائيليات، أو حكاية أقوال تخرج عن المقصود، أو ذكر أنواع الإعراب إلا في النادر الذي يتوقف عليه المعنى، بل يركز على المعنى المقصود من الآية بعبارة واضحة يفهمها كل من يقرؤها مهما كان مستواه العلمي فهو في الحقيقة سهل ممتنع يفهم معناه من مجرد تلاوة لفظه، وقد اهتم بترسيخ العقيدة السلفية، والتوجه إلى الله، واستنباط الأحكام الشرعية، والقواعد الأصولية، والفوائد الفقهية إلى غير ذلك من الفوائد الأخرى التي لا توجد في غير تفسيره مع اهتمامه بتفسير آيات الصفات بمقتضى عقيدة السلف خلافا لما يؤولها بعض المفسرين.
وقد من الله علي فسمعت منه بعض تفسيره شفهيا في حلقات الدروس في مسجد الجامع بعنيزة، كما أنني ممن أشار عليه بطبعه فطبع الجزء الخامس فقط في حياته عام 1375 هـ في المطبعة السلفية بمصر، وبعد ذلك تشاورنا في طبع بقيته، وساهمت في ذلك أيام كنت قاضيا في عنيزة فطبع باقيه بعد وفاته في عامي 76 و 77، وبعد تمام طبعه تداوله الناس بالقراءة والتدريس، ودرسناه لإخواننا وأبنائنا الطلاب وحصل بذلك خير كثير وقرأه أئمة المساجد على جماعاتهم لوضوح عباراته. وقد طبع بعد ذلك طبعات أخرى لا يخلو كل منها من ملاحظة أو مؤاخذة.
ولما صارت طبعاته بهذه المثابة مع حاجة الناس إليه سمت همة ابننا الشيخ الفاضل: عبد الرحمن بن معلا اللويحق الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى طبعه على هامش المصحف الموجه كل جزء (20) صفحة مراعيا في كل صفحة وضع ما يتعلق بتفسيرها. وقد عرض علي النماذج الأولى لهذه الطبعة فأعجبتني، وسررت بها جدا مؤملا أن تكون هذه الطبعة خير معين على فهم كتاب الله تعالى، والاعتناء به تلاوة وحفظا وفهما، لأنه بهذا الصنيع يقرب الاستفادة لتالي القرآن لسهولة < 1-10 > التناول وسرعة الرجوع إلى تفسير الآية من نفس الصفحة بدلا من الرجوع إليها من كتب التفاسير البعيدة. كما أنه سيعتني بتصحيح الأصل وجودة الطبع، فأسأل الله أن يشكر للابن الشيخ عبد الرحمن بن معلا اللويحق هذا الصنيع المبارك وأن يجزيه أفضل الجزاء وأن ينفع بهذه الطبعة كما نفع بسابقاتها وأن يجزي كل من ساهم في إخراج هذا المشروع النافع أفضل الجزاء وأن يتغمد الجميع ومؤلف التفسير برحمته إنه جواد كريم وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
حرر في 27\9\1416 هـ
وكتبه الفقير إلى الله
عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل
رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى سابقا
وعضو بمجلس القضاء الأعلى (متقاعد)

مقدمة
صاحب الفضيلة الشيخ: محمد بن صالح العثيمين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإن تفسير شيخنا عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله تعالى المسمى (تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) من أحسن التفاسير حيث كان له ميزات كثيرة:
منها سهولة العبارة ووضوحها حيث يفهمها الراسخ في العلم ومن دونه.
ومنها تجنب الحشو والتطويل الذي لا فائدة منه إلا إضاعة وقت القارئ وتبلبل فكره.
ومنها تجنب ذكر الخلاف إلا أن يكون الخلاف قويا تدعو الحاجة إلى ذكره وهذه ميزة مهمة بالنسبة للقارئ حتى يثبت فهمه على شيء واحد.
ومنها السير على منهج السلف في آيات الصفات فلا تحريف ولا تأويل يخالف مراد الله بكلامه فهو عمدة في تقرير العقيدة.
ومنها دقة الاستنباط فيما تدل عليه الآيات من الفوائد والأحكام والحكم وهذا يظهر جليا في بعض الآيات كآية الوضوء في سورة المائدة حيث استنبط منها خمسين حَكَمًا وكما في قصة داود وسليمان في سورة ص.
ومنها أنه كتاب تفسير وتربية على الأخلاق الفاضلة كما يتبين في تفسير قوله تعالى في سورة الأعراف خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ .
ومن أجل هذا أشير على كل مريد لاقتناء كتب التفسير أن لا تخلو مكتبته من هذا التفسير القيم.
وأسأل الله تعالى أن ينفع به مؤلفه وقارئه إنه كريم جواد وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.
كتبه محمد الصالح العثيمين
في 15/ رمضان 1416 هـ

مقدمة المحقق
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن إنزال القرآن الكريم على هذه الأمة منة عظمى؛ لأنه سبيل الهداية، وطريق السلامة من الضلال والغواية: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى .
ولكن الاستفادة الحقة من هذا الكتاب الكريم تكون بدوام الصلة به علما وعملا تلاوة وتدبرا، وفهما: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ومن سبل ذلك التدبر، والفهم: النظر فيما كتب أهل العلم في تفسير القرآن العظيم؛ فإن من كمال حفظ الله عز وجل لهذا الذكر الحكيم أن قيض له جهابذة فهموا مراد الله عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم فألفوا في ذلك كتبا بسطوا فيها ألفاظ القرآن، وأبانوا ما يعسر فهمه، وفصلوا ما جاء فيه من القواعد والكليات، ودفعوا التعارضات المتوهمة، وبينوا مراجع الضمائر، وعينوا المعاني المرادة إذا احتمل الكلام أوجها متعددة وكانوا طرائق قددا في عنايتهم بهذا الكتاب العظيم حتى جاء شيخ مشايخنا العلامة: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي رحمه الله فجعل جل عنايته بالمعاني التي هي المراد الأعظم، فكان كتابه فتحا في هذا العلم؛ إذ أوقف القارئ على المراد، وأعانه على تدبر التنزيل، دون أن يقف به على المشغلات الصارفات عن ذلك كالبحوث اللغوية الصرفة، والإسرائيليات ونحوها، وليس ذلك عن قصور إذ لا يبلغ هذا المبلغ من القدرة على تسهيل المعاني، وبيان المراد إلا من ملك من علوم الآلة، وسعة الاطلاع على كتب التفسير ما يؤهله للقيام بهذه المهمة العظيمة.
ولقد من الله علي بالعناية بهذا التفسير، ومحبة صاحبه رحمه الله وقراءة التفسير وإقرائه، والنصح بقراءته، ومن الله علي بالعناية بطبعه في مجلد واحد يهدم الحواجز النفسية الصادة عن قراءته في مجلداته السبعة التي كان عليها في أشهر طبعاته السابقة، وكان الهم منصرفا إلى ذلك، ولم يكن الذهن ملتفتا إلى طبعات الكتاب وما فيها من أخطاء حتى هاتفني بعض أفاضل طلبة العلم من المشايخ الكرام كان منهم: فضيلة الدكتور: عبد الرزاق بن الشيخ عبد المحسن العباد البدر، وفضيلة الدكتور: خالد بن عثمان السبت، حيث جرت مهاتفات معهما ومقابلة للشيخ: عبد الرزاق كانت فاتحة خير للاهتمام بالتفسير وبنسخه المخطوطة، وطبعاته فتبين أن في الطبعات عوارا كثيرا، وأن التفسير لم يخرج حتى الآن على الصورة التي تركها الشيخ -رحمه الله- وبيان ذلك يحتاج إلى تفصيل تأريخي لكتابة الشيخ لهذا التفسير، وما وقع من طباعته، فرأيت أن أعرض الأمر مفصلا في هذه المقدمة حتى يستبين الأمر للقارئ الكريم، ويرى ما يمكن أن يفعله الكتبيون والناشرون في الكتب.
تأليف الشيخ للتفسير:
بدأ الشيخ -رحمه الله- تأليفه لهذا التفسير المبارك في عام 1342 هـ وأنهاه في عام 1344 هـ.
وبهذا يظهر أنه قد بدأه وله من العمر خمسة وثلاثون عاما وأتمه وله من العمر سبعة وثلاثون عاما.
< 1-14 >
والذي يقرأ التفسير يحسب أنه لا يمكن لمن كان في هذا السن أن يكتبه إذ يمثل كتابة عالم ناضج متمكن من العلم وآلاته، واسع الاطلاع و ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
وقد كتب نسخة واحدة ثم أمر من ينسخ له نسخة أخرى، وبالتتبع والسؤال يبدو لي أنه لم ينسخ من التفسير إلا هاتان النسختان: نسخة الشيخ -رحمه الله- والنسخة التي أمر النساخ بنسخها.
وابتغاء توضيح الأمر أبين تفاصيل متعلقة بهاتين النسختين مع وصف لهما:
النسخة الأولى:
هذه النسخة هي التي كانت في حوزة الشيخ وملكه، وهي في جملتها كما سيظهر بخط الشيخ -رحمه الله- وهذا وصف لها:
تتكون هذه النسخة من تسعة أجزاء، جعلها الشيخ رحمه الله في تسعة مجلدات:
المجلد الأول:
وقد كتب على غلافه (المجلد الأول من تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، من منن الله على عبده، وابن عبده، وابن أمته: عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله بن سعدي) وفوقها بخط الشيخ -رحمه الله- وبحرف صغير (هذه التسمية مأخوذة من قوله: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ .
وقوله: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا وفي وسط الصفحة وبخط الشيخ أيضا: "شرعت في هذا التفسير المبارك غرة شهر ( ) سنة 1342 هـ أرجو الله أن يتمه بنعمته ".
وهذا المجلد بخط الشيخ -رحمه الله- وعليه هوامش وتعديلات بخطه أيضا، ويقع في (150) صفحة، في كل صفحة (30) سطرا تقريبا أوله المقدمة، ثم تفسير الفاتحة إلى تفسير قوله تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ .
المجلد الثاني:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (192) صفحة في كل صفحة (30) سطرا تقريبا، أوله تفسير الآية (130) من سورة آل عمران وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .
المجلد الثالث:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (214) صفحة في كل صفحة (25) سطرا تقريبا أوله أول تفسير سورة الأعراف، وآخره آخر تفسير سورة هود.
المجلد الرابع:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (129) صفحة في كل صفحة (26) سطرا تقريبا أوله أول تفسير سورة يوسف، وآخره آخر تفسير سورة الإسراء.
< 1-15 >
المجلد الخامس:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (229) صفحة في كل صفحة (28) سطرا تقريبا، أوله تفسير سورة الكهف وآخره آخر تفسير سورة النمل.
المجلد السادس:
وهذا المجلد بخط الشيخ: محمد بن منصور بن إبراهيم بن زامل -رحمه الله- أتم كتابته في 24 رجب سنة (1345 هـ) وهو خط جميل، ولكنه كثير الأخطاء، ويفصل بين جزئي الكلمة في سطرين، ويكثر هذا منه مما يربك القارئ.
وعلى هذا الجزء هوامش وتعديلات بخط الشيخ عبد الرحمن بن سعدي -رحمه الله- ويقع في (142) صفحة في كل صفحة (29) سطرا تقريبا، أوله تفسير سورة القصص، وآخره آخر تفسير سورة الصافات.
المجلد السابع:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (153) صفحة في كل صفحة (28) سطرا تقريبا، أوله: تفسير سورة (ص) وآخره: آخر تفسير سورة الفتح.
المجلد الثامن:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (146) صفحة في كل صفحة (29) سطرا، أوله أول تفسير سورة الحجرات، وآخره آخر تفسير سورة القيامة.
المجلد التاسع:
وهو بخط الشيخ -رحمه الله- ويقع في (50) صفحة في كل صفحة (30) سطرا تقريبا، أوله تفسير سورة الإنسان، وآخره آخر تفسير سورة الناس.
النسخة الثانية:
المجلد الأول:
وقد كتب عليه: (المجلد الأول من تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لمعلقه الفقير إلى الله عبد الرحمن بن ناصر السعدي غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين) وهكذا كتبت هذه العبارة أو قريبا منها باختلاف يسير على طرة كل مجلد.
وفي وسط الصفحة ما يلي: (تنبيه: اعلم أن طريقتي في هذا التفسير أني أذكر عند كل آية ما يحضرني من معانيها، ولا أكتفي بذكر ما يتعلق بالمواضع السابقة عن ذكر ما تعلق بالمواضع اللاحقة؛ لأن الله وصف هذا الكتاب أنه "مثاني " تثنى فيه الأخبار، والقصص، والأحكام، وجميع المواضيع النافعة، لحكم عظيمة، وأمر بتدبره جميعه؛ لما في ذلك من زيادة العلوم والمعارف، وصلاح الظاهر والباطن، وإصلاح الأمور كلها).
وكثير من هذا المجلد بخط الشيخ -رحمه الله- إلا الصفحات ما بين الصفحة (36) والصفحة (96) فهي بخط مغاير لخط الشيخ -رحمه الله- وبداية المجلد ونهايته كالنسخة الأولى.
المجلد الثاني:
" وهو بخط الشيخ علي الحسن العلي الحسن البريكان، وبداية المجلد ونهايته مثل النسخة الأولى، وللشيخ < 1-16 > عبد الرحمن السعدي رحمه الله عليه تصويبات مما يدل على أنه قرأه ويقع في (177) صفحة في كل صفحة (31) سطرا تقريبا.
المجلد الثالث:
وقد نسخ هذا المجلد ناسخان بدأ الأول بنسخ اثني عشرة صفحة ولكن خطه سقيم، وأخطاءه كثيرة ولذلك كتب الشيخ رحمه الله بخطه على الصفحة الثانية: (الصحائف الأولى من هذا الجزء خطها سقيم، الأمل التأني فيها عند تصحيحها) ثم نسخت الصحائف التالية إلى آخر الجزء بخط مغاير أمثل من الخط الأول، ولم يكتب على هذا الجزء اسما الناسخين.
ويقع هذا الجزء في (152) صفحة كل صفحة (31) سطرا. وبداية المجلد ونهايته كمثيله في النسخة الأولى.
المجلد الرابع:
وهذا الجزء بخط الشيخ سليمان الحمد البسام وللشيخ عبد الرحمن السعدي عليه بعض تصويبات بخط يده رحمه الله ويقع في (103) صفحات في كل صفحة (28) سطرا وبداية المجلد ونهايته كما في النسخة الأولى.
المجلد الخامس:
وهذا المجلد هو الذي بعث به الشيخ رحمه الله للطباعة أول الأمر.
وكتب الشيخ بخط يده المقدمة التي طبعت مع هذا الجزء أول ما طبع، وهي مقدمة أثبتها في هامش هذه الطبعة عند أول تفسير سورة الكهف، وهذا المجلد نقل عن خط الشيخ المؤلف رحمه الله وليس عليه اسم كاتبه، وقد ألحق الشيخ رحمه الله به أصول من أصول التفسير، وتفسير ألفاظ عامة يكثر في القرآن ورودها ويحتاج إلى معرفتها) وهي بخط الشيخ رحمه الله وقد جعلتها ملحقة بهذه الطبعة في آخر التفسير.
وفي آخر الجزء فهرس لمحتوياته، ثم نقل للخطاب الموجه من الشيخ رحمه الله إلى الشيخ محمد نصيف رحمه الله وقد أرخ في 30/2/1374 هـ ونص الخطاب تجده في هذه المقدمة وعدد صفحات هذا المجلد (214) صفحة في كل صفحة من صفحات هذا الجزء (30) سطرا، أوله تفسير سورة الكهف، وآخره آخر تفسير سورة النمل ثم بعدها أصول من أصول التفسير وتفسير الأسماء الحسنى.
المجلد السادس:
وهذا المجلد بخط الشيخ رحمه الله وبدايته من أول سورة القصص ونهايته بنهاية تفسير سورة الصافات. وعدد صفحات هذا الجزء (154) صفحة في كل صفحة ما بين (25- 28) سطرا وبدايته ونهايته كمثيله في النسخة الأخرى.
المجلد السابع:
وهو بخط الشيخ: سليمان بن حمد العبد الله البسام رحمه الله وعدد صفحات هذا الجزء (122) صفحة في كل صفحة (22) سطرا، وبداية الجزء ونهايته كمثيله في النسخة الأخرى.
المجلد الثامن:
وهو بخط الشيخ رحمه الله وعدد صفحات هذا الجزء (201) صفحة.
ويبدأ من أول تفسير سورة الحجرات وينتهي بتفسير سورة الناس.
وبهذا فإن هذه النسخة تحتوي على ثمانية أجزاء بينما النسخة الأخرى على تسعة أجزاء.
< 1-17 >
هذا عن نسخ التفسير المخطوطة وأما طباعته فقد كانت فاتحتها طباعة الجزء الخامس منه، إذ بعث الشيخ رحمه الله إلى الشيخ محمد نصيف رحمه الله برسالة مدونة في خاتمة المجلد الخامس من النسخة (ب) مؤرخة في 30/2/1374 هـ. وقد نقلت من خط الشيخ بخط مغاير هذا نصها: بسم الله الرحمن الرحيم، حضرة محترم المقام الشيخ محمد نصيف حفظه الله آمين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سبق جواب كتابكم الآمل وصوله، ثم إننا نكلفكم حيث أرسلت لكم تفسيرنا الكبير المجلد الخامس منه وقع النظر على الاقتصار على طبعه فجعلنا له مقدمة وختمناه بأصول وكليات من أصول وكليات التفسير، ونريد أن يطبع منه خمسة آلاف نسخة، وأحببت أن يكون الاختيار لجنابكم في اختيار من يتولى طبعه، إما محب الدين الخطيب أو الشيخ حامد أو من ترجح وتحثه على العناية التامة فيه، ولو زاد علينا المصرف، وقد وصيت الشيخ: عبد الله المحمد العوهلي يسلم لكم كل الذي تطلبون لأجل طبعه وأرجو الله أن يثيبكم الثواب الجزيل، ويشكر مساعيك ويجزيك عنا أفضل الجزاء فأنت طال عمرك عوض النفس في كل شيء والله الموفق والسلام.
محبك عبد الرحمن الناصر السعدي
وتنبه الطابع على طبع خاتمة
الأصول وكليات التفسير للحاجة الشديدة إليها
وقد أبان الشيخ -رحمه الله- عن مقصوده من إفراد هذا الجزء بالطباعة في المقدمة التي كتبها لهذا الجزء فقال: وقد تكرر علي السؤال من كثير من الأصحاب في نشر تفسيرنا هذا جميعه وألحوا لما يرونه من الفائدة الكبيرة فاعتذرت بأن ذلك يصعب جدا؛ لأنه مبسوط، وأيضا في هذه الأوقات قلت رغبات الناس في الكتب المطولة، لذلك أحببت إجابتهم لنشر بعض ما طلبوا وهو الاقتصار على جزء واحد من أجزاء هذا التفسير، ووقع الاختيار على الجزء الأوسط من سورة الكهف إلى آخر النمل ( فما لا يحصل جميعه لا يترك جميعه). وقد طبع هذا المجلد عام 1375 هـ، ثم بعث الشيخ -رحمه الله- ببقية أجزاء الكتاب للشيخ محب الدين الخطيب -رحمه الله- فأتم طباعة الكتاب كله، فطبع الكتاب في عام 1376 هـ، وقبل وفاته بشهر تقريبا بعث إلى شيخنا عبد الله بن عقيل رسالة قال فيها: (التفسير مثل ما ذكرت لك، وصلني منه الجزء الأول عدة ملازم من زمان، وبعد ذلك ما جاءنا عنه خبر) وبعدها بعشرة أيام بعث برسالة أخرى قال فيها: (أفيدكم وصلني ملازم أيضا من الجزء الثاني، وبقية الجزء الأول من التفسير، ويذكر الشيخ نصيف أنهم إن شاء الله مجتهدون في إنجازه، يسر الله ذلك وسهله) . وبهذا يتبين أن الشيخ رحمه الله لم ير الكتاب كاملا ويبدو أنه لم يبد ملاحظات على ما طبع منه، إذ توفى بعد رسالته السابقة بشهر تقريبا.
وتتميز هذه الطبعة أولا بالسبق الزمني فإنها أول الطبعات، وهي أصل جميع الطبعات السابقة فليس هناك طبعة إلا وكان أصلها عائدا إلى هذه الطبعة. وهي بذلك أسلم من غيرها، وأقل في الأخطاء والتصحيفات والتحريفات، وهذا لا يعني جودتها، وموافقتها للأصل، إذ ثم ملاحظ لا بد من بيانها:
< 1-18 >
الملحظ الأول:
التصرف في طريقة الشيخ في تفسير الآيات، حيث يعمد الشيخ -رحمه الله- إلى ذكر الآيات أحيانا، وأحيانا يقول إلخ القصة، إذا كانت قصة من القصص وأحيانا يورد كلاما في سياق التفسير لا يقصد به ذكر الآية فيغير المصححون ذلك فيقومون بإيراد الآيات كاملة، ويغيرون كلامه ويشطبون في المخطوطة، ويضعون الآية أو الآيات بدلا منه.
ومن أمثلة ذلك:
إن الشيخ رحمه الله أورد قصة قارون هكذا: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ إلى آخر القصة فشطب المصححون على قوله: (إلى آخر القصة)، وأوردوا الآيات كاملة، وهي في هامش النسخة بخط المصحح.
وكذا عند إيراد قصة لوط في سورة العنكبوت حيث أورد الآيات من قوله تعالى: وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إلى قوله: قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ فأتموا الآيات إلى قوله: وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وهي في هامش النسخة بخط المصحح.
الملحظ الثاني:
التصرف في تقسيم الكتاب، حيث قسم الشيخ التفسير إلى ثمانية أجزاء في إحدى النسخ وتسعة في الأخرى، وكانت النسخة التي اعتمدت عليها المطبعة السلفية في ثمانية أجزاء ينتهي الأول منها بنهاية تفسير قوله تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ في سورة آل عمران (129) فجعلوا نهاية الجزء بنهاية تفسير سورة آل عمران، وكتبوا في نهاية الجزء (تم المجلد الأول من تيسير الرحيم الرحمن في تفسير القرآن عن نسخة مؤلفه العلامة الجليل الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ويليه المجلد الثاني وأوله تفسير سورة النساء، والحمد لله رب العالمين) وليس الأمر كما قالوا بل تقسيم النسخة التي اعتمدوها على خلاف ما ذكروا.


يتبــــــــــــــــــــــــــع


__________________________________________________ __________

تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع المقدمه






الملحظ الثالث:
الزيادات، لقد زاد القائمون على هذه الطبعة في التفسير زيادات وإن كانت يسيرة إلا أنه لم يتم الإشارة إليها لا في المقدمة، ولا في مواضع الزيادات فمن ذلك:
1- زيادة رقم الجزء من أجزاء القرآن الكريم قبل بدايته فقبل بداية الجزء الثالث كتبوا عنوانا في وسط الصفحة (الجزء الثالث) وكذا عند الجزء الرابع وليس في النسخة المخطوطة شيء من ذلك، ولم يشيروا إلى كونها ليست من كلام الشيخ رحمه الله.
2- زيادة جملة: (قوله تعالى) أو: (قال تعالى) في مواضع كثيرة ومن أمثلة ذلك زيادتها في أول سورة النساء مع أن عادة الشيخ -رحمه الله- أن يبدأ الكلام بذكر الآيات المفسرة بعد البسملة .
3- زيادة قوله من ديارهم، وذلك في تفسير قوله تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ الآية، حيث قال الشيخ: (ففرض عليهم أن لا يسفك بعضهم دم بعض، ولا يخرج بعضهم بعضا وإذا وجدوا أسيرا منهم وجب عليهم فداؤه) فزادوا جملة من ديارهم فصار النص < 1-19 > هكذا: (ولا يخرج بعضهم بعضا من ديارهم).
4- ومن أمثلة ذلك قال رحمه الله: (أي (و) أرسلنا (إلى مدين) القبيلة المعروفة المشهورة (شعيبا) فأمرهم). فعدل النص حتى صار بزياداته هكذا: (أي: (و): أرسلنا (إلى مدين) القبيلة المعروفة المشهورة أخاهم شعيبا الذي أمرهم).
وبعدها بقليل قال الشيخ (فكذبوه) فأخذهم عذاب الله فعدلت فصارت فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ أي: عذاب الله) .
وهذا كثير جدا، وبعض التصرف تصرف مقبول في الأصل؛ للحاجة إليه، أو لخطأ في سياق الكلام، إما بعود الضمير المذكر على مؤنث أو نحو ذلك، وإما بنقص أو نحوه، ولكن هذا التصرف وإن كان مقبولا في الأصل إلا إنه لم ينبه عليه، ولم يشر المصحح إلى شيء من التغيير.
الملحظ الرابع:
التصحيح في بعض الجمل تصحيحا خاطئا -بل ظاهر الخطأ- ومن ذلك:
1- قال الشيخ رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بأن كان عنه مسافة قصر فأكثر، أو بعيدا عنه عرفا، ( فهذا الذي يجب عليه الهدي ).
وقد جاء التعديل عجبا من العجب حيث غيرت عنه إلى عند أو كلمة (عرفا) إلى (عرفات) فجاء النص هكذا: (بأن كان عند مسافة قصر فأكثر أو بعيدا عند عرفات فهذا الذي يجب عليه الهدي) .
وقد تتابعت كل الطبعات مقلدة هذا الخطأ.
2- ومن التعديل ما يكون بدون مسوغ ظاهر أو بمسوغ من وجهة نظر المصحح دون إشارة للتعديل ومثال ذلك:
قال الشيخ رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا الآية، ( وأنتم تعرفونه منذ نشأ بينكم لا يكتب ولا يقرأ فأتاكم بكتاب زعم أنه من عند الله ) غيرت كلمة زعم إلى: (أخبركم أنه من عند الله) .
الملحظ الخامس:
بعض الأخطاء الظاهرة مثل:
قال الشيخ رحمه الله في تفسير قوله تعالى: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
(فالشرك لا يغفره الله إلا بالتوبة) هكذا في المخطوطتين وجاء في طبعة السلفية (فالشرك لا يغفره الله بالتوبة) وهذا خطأ شنيع، وعلى ذلك تتابعت الطبعات .
وبعد ظهور هذه الطبعة بسنين طبع التفسير طبعة أخرى عن طريق المؤسسة السعيدية، التي كلفت الأستاذ < 1-20 > محمد زهري النجار بتصحيح الكتاب، والنجار يوصف بأنه من علماء الأزهر، وله بعض الأعمال الأخرى كتصحيحه لكتاب الأم للشافعي، وهذه الطبعة طبعة تميزت بأنها أضحت الطبعة المعتمدة لسائر طبعات التفسير بعدها بل اعتمدت طبعها الرئاسة العامة للإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، وقد كان ذلك لإحسانهم الظن في المؤسسة ومصححها، ولقد تبين لي جملة من الملاحظ تظهر عوار تلك الطبعة أذكر هنا جملة منها:
الملحظ الأول:
اعتماد هذه الطبعة اعتمادا كليا على الطبعة السلفية، دون الإشارة إلى ذلك في مقدمة الطبعة، وهذا الاعتماد جعل الملاحظ المذكورة سابقا على الطبعة السلفية تصدق على هذه الطبعة أيضا، بل قد زادت طبعة النجار الأمر فجمعت إلى ذلك ملاحظ أخرى أشد وأخطر، ولو أن الطبعة السلفية صورت بدل أن يعهد بتصحيحها إلى النجار لكان الأمر أهون.
الملحظ الثاني:
التصرف في مواقع الآيات من التفسير:
لقد جرت عادة الشيخ -رحمه الله- أن يبدأ فيذكر الآيات التي يريد تفسيرها كاملة ثم يشرع في تفسيرها مجزأة عقب ذلك، وفي بعض الأحيان يقوم رحمه الله بذكر الآيات إذا كانت قصصا للأنبياء فيقول إلى آخر القصة، وفي أحيان قليلة يغفل ذكر الآيات كاملة فيشرع في تفسيرها مباشرة، وعلى ذلك يجري سياق التفسير، ولكن النجار عمد إلى جعل الآيات في أعلى الصفحة، وجعل بينها وبين التفسير خطا ثم حذف الآيات في التفسير، ومن هنا يأتي اضطراب السياق في بعض الأحيان فيضطر إلى حذف بعض الكلمات أو الإضافة أو نحو ذلك.
الملحظ الثالث:
التصرف بالزيادة:
إن من أعجب ما عمل النجار أن زاد في التفسير ففي بعض المواضع ترك الشيخ -رحمه الله- تفسير بعض الآيات سهوا، فيقوم النجار بتفسيرها من عنده.
وفي مواضع أخرى تكون النسخة التي اعتمدت عليها الطبعة السلفية ناقصة؛ لأن الناسخ تجاوز الآيات فيقوم النجار من قبله بتفسير هذه الآيات. وهذه المواضع كثيرة جدا تصل في بعض المواقع إلى صفحات، وفي بعضها إلى أسطر، وفي أخرى إلى كلمات، وهذه أمثلة لها:
ا- سقط من النسخة الخطية (ب) تفسير الآية (207) من سورة البقرة وهي قول الله عز وجل: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ وبناء على سقوطها من النسخة سقطت من الطبعة السلفية فجاء النجار ففسر الآية من عنده، وبدأ بمعاني المفردات، ورجع إلى جملة مراجع؛ كالقاموس والصحاح، وتفسير ابن كثير، ولم يشر إلى أن الكلام من كلامه، وليس من كلام الشيخ -رحمه الله- وقد وقع هذا في صفحتين ونصف من طبعته ابتداء من منتصف الصفحة (252) من المجلد الأول إلى نهاية ص (254)، والقارئ للكلام يعلم أنه ليس من كلام الشيخ -رحمه الله- لأن الشيخ لا ينقل من مصادر، وإنما يفسر بما فتح الله عليه كما قرر ذلك في أول الكتاب.
2- ومن الزيادات الطويلة التي زادها النجار زيادته في تفسير الآيات رقم (105- 107) من سورة الأنعام حيث تجاوزها الشيخ فلم يفسرها ففسرها النجار في الصفحات ذوات الأرقام (450، 451، 452) من < 1-21 > الجزء الثاني، ولم يشر إلى التصرف، وظاهر من أسلوبه أنه ليس أسلوب الشيخ حيث أتى ببعض الإعرابات والمعاني اللفظية ثم ذكر المعنى الإجمالي. ومن عجيب أمره أنه في الصفحة (449) تصرف تصرفا يسيرا بأن قدم كلمة على أخرى، وأشار في الهامش إلى ذلك التصرف، ولم يشر إلى تصرفه بزيادة ثلاث صفحات.
3- في تفسير الآيتين (50، 51) من سورة الحج سبق قلم الشيخ -رحمه الله- إلى الآية رقم 56 فجمع بينهما وبين هذه الآية فكتب فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنَا فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ثم فسر الآية على وفق ما كتب، فعمد النجار إلى تغيير التفسير والزيادة زيادة طويلة يصل مجموعها إلى صفحة ونصف الصفحة تقريبا ولم يشر إلى شيء من التعديل.
4- ومن الزيادات العجيبة أن الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- أورد قوله سبحانه: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ من الآية رقم (29) من سورة الدخان، في سياق تفسيره للآية رقم (41) من سورة المؤمنون، مستشهدا بها، ولكن يبدو أن النجار ظنها من السورة نفسها ففسرها تفسيرا من عند نفسه ونسبه إلى الشيخ، ولم يعلق، ولم يبين أنه من كلامه، وهذه الزيادة تقع في صفحة تقريبا .
ومن عجيب حاله أنه يعلق أحيانا في الهامش على زياداته وكأنها تعليق على كلام الشيخ رحمه الله .
الملحظ الرابع:
الحواشي والتعقبات:
لقد قام النجار بتعقب الشيخ رحمه الله في مواضع كثيرة من التفسير ووضع هوامش لتلك التعقبات فتعدى (مهمته، وتجاوز طوره، فراح يعلق على هذا التفسير القيم بآراء بعدت عن الصواب، وجانبت الحق في أجلى معانيه مما شوه به هذا الكتاب، وأساء إلى المؤلف، وغش القراء، وأضل الناشئة كما أنه اعترض على المؤلف، ورد أقواله بآراء من عنده لم يوفق فيها إلى الحق والصواب، مع أنه ليس من حقه ذلك، ولا من مهمته أن يعترض على المؤلف فيما اختاره، وإنما مهمته هي تحقيق النص وتصحيحه) .
(والذي في أول الكتاب من هذه التعقبات اعتراضات بسيطة على عبارة، أو لفظة أو نحوها، أما الذي في وسطه وآخره فهي اعتراضات وخيمة تحريف لكلام الله، وغلو في الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وتنقص للعلماء وكذب عليهم) .
ولقد كان في معظم تعليقاته متهما للشيخ وأسلوبه وهذه بعض تعبيراته التي تظهر ذلك قال: (والعبارة قلقة كما ترى) (العبارة مبهمة تحتاج إلى إيضاح) (العبارة فيها شيء من الاضطراب فالأوضح أن يقال) (وفي العبارة غموض كما ترى) .
< 1-22 >
ولقد أبان الشيخ محمد بن سليمان البسام عوار تلك التعقبات بيانا شافيا في رسالة مستقلة عنوانها: (كشف الستار عن تلفيق وتعليق النجار على تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي).
وذكر أمثلة كثيرة دالة على أخطاء النجار فيما زعمه من أخطاء وقع فيها الشيخ -رحمه الله- وأكتفي بالإحالة على تلك الرسالة الماتعة، ففيها نقد علمي قوي لأخطاء ظاهرة وقع فيها النجار وأشير هنا إلى ثلاث تعقبات فقط أبين من خلالها شيئا يسيرا من سوء صنيع النجار، وأما التعقبات التي تحتاج إلى نقد علمي فأحيل فيها إلى رسالة الشيخ محمد البسام.
1- وقوع النجار في الخطأ ثم تخطئة الشيخ رحمه الله به:
قال الشيخ -رحمه الله- في تفسيره قوله تعالى: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ أي نكاحا صحيحا ويطأها؛ لأن النكاح الشرعي لا يكون إلا صحيحا، ويدخل فيه العقد والوطء، وهذا بالاتفاق) هكذا في النسختين وفي الطبعة السلفية التي اعتمد عليها النجار، ولكنه أسقط (إلا) فصارت العبارة: "لأن النكاح الشرعي لا يكون صحيحا" وهذا فعله، وليس فعل الشيخ -رحمه الله- ثم قال النجار في الهامش قوله: "لأن النكاح الشرعي إلخ" في العبارة اضطراب، والصواب أن يقال: "لأن النكاح الشرعي الصحيح، يدخل فيه العقد والوطء بإجماع العلماء" فأخطأ النجار ثم خطأ الشيخ، وعدل خطأ الشيخ بزعمه.
2- إقحام تعليقات لا محل لها فمن ذلك. قال الشيخ -رحمه الله- "والظلم الذي بين العبد وربه فيما دون الشرك تحت المشيئة والحكمة". قال النجار: (وفي هذا المعنى قال صاحب جوهرة التوحيد:
ومـن يمـت ولـم يتـب مـن ذنبـه فــــأمره مفــــوض لربـــه
3- الاستدراك في غير محله: قال الشيخ -رحمه الله- "فالشكر فيه بقاء النعمة الموجودة وزيادة في النعم المفقودة". قال في الهامش قوله: "فالشكر فيه بقاء النعم.. إلخ " عبر العلماء عن هذا المعنى بقولهم: "الشكر قيد للموجود، وصيد للمفقود" فكأنه خطأ الشيخ في اختيار اللفظ وليس هذا بخطأ بل الأمر واسع في اختيار اللفظ المناسب.
الملحظ الخامس:
سوء توزيع النص
حيث قام بإعادة توزيع النص إلى فقرات وعمد إلى أن تكون تلك الفقرات قصيرة جدا وعليه فقد فرق أجزاء الجملة بين الأسطر، وقطع الكلام عن سياقه إذ نجد فعل الشرط في سطر وجوابه في آخر، والمعلول في سطر وتعليله في آخر، ولذلك تضخم التفسير جدا مع أن صفحاته يمكن أن تكون أقل من ذلك بكثير، والله أعلم بالهدف من وراء ذلك التضخيم.
إن هذه الملاحظ ليست إلا أمثلة دالة على أن عمل النجار لم يكن عملا أمينا على هذا التفسير.
وبمجمل هذا العرض يتضح أن التفسير لم يخرج بصورته التي كتبها الشيخ - رحمه الله- إذ جميع الطبعات كانت نسخا مكرورة عن طبعة النجار، التي اعتمد فيها صاحبها على الطبعة السلفية، والطبعة السلفية اعتمدت على النسخة الثانية التي لم تكن بخط الشيخ وكان فيها بعض النقص وبعض التحريف من النساخ.
ولما كان الأمر بهذه الصورة التي تظهر الحاجة الماسة إلى إخراج هذا التفسير المبارك إخراجا علميا مصححا كما أراده الشيخ رحمه الله فقد عمدت إلى العمل ثلاث سنين في هذا الكتاب راجيا أن يكون العمل < 1-23 > سادا للثلمة ومبرئا للذمة.
العمل الذي قمت به:
لقد من الله علي بأمر لم يتوفر لمن اعتنى بهذا التفسير من قبل وهو الحصول على النسخة (أ) التي كانت بحوزة الشيخ -رحمه الله- وتحت نظره ومحل عنايته إلى أن توفي، وهي في الجملة أسلم من النسخة (ب) التي كانت أصل جميع الطبعات، ولما بدأت في العمل كان الهدف الذي سعيت إليه جاهدا هو: إخراج التفسير كما كتبه الشيخ -رحمه الله- دون تعديل أو تبديل، أو زيادة أو نقص، وعلى ذلك قمت بما يلي:
أولا : نسخ التفسير كما هو ويتضمن ذلك: إثبات الآيات المفسرة كما كتبها الشيخ -رحمه الله- فحين يورد الآيات كاملة، أوردها كاملة كما فعل، وحين يورد جزءا منها ويقول: إلخ القصة، أثبتها على هذا الوجه، وحين تفترق النسختان أطبق قواعد المقابلة التي سأبينها لاحقا بحول الله، وقد راعيت في النسخ ما يلي:
1- توزيع النص توزيعا جيدا، بحيث يكون تقسيم فقرات الكلام وأجزائه متصلا بمعانية، واجتهدت ألا أقطع السياق الواحد بين فقرتين مختلفتين، وأن أبدأ تفسير الآية أو الآيات من أول السطر.
2- ترقيم الآيات المفسرة في بداية تفسيرها، وهذا لم يكن من عمل الشيخ -رحمه الله- ولكن وجدته مهما لأجل سهولة معرفة مواضع الآيات.
3- تصحيح بعض الأخطاء الإملائية الظاهرة التي لا تخفى على الشيخ -رحمه الله- ولكنها سبق قلم.
ولقد حرصت على عدم التدخل في التفسير والتعديل فيه بأي وجه من الوجوه إلا في ثلاث حالات:
الأولى : أن يكون الخطأ في الآيات فهنا أثبت الصواب ولا ألتفت إلى الخطأ، ولكن في بعض الأحيان يحدث أن يكون قلم الشيخ سبق إلى آيات في غير السورة، أو في السورة نفسها، وليست في ذلك الموضع، ثم يفسر الآيات التي كتب، فأثبت الصواب في الآيات، وأبقي التفسير كما هو، وأشير إلى ما عملت في الهامش.
الثانية: أن يكون الخطأ ظاهرا، ولا يمكن أن يقبل به المؤلف -رحمه الله- فهنا أثبت التعديل الذي أراه صوابا، وأشير في الهامش إلى ما في الأصل من خطأ، أو سبق قلم.
الثالثة: أن يكون التعديل طفيفا كأن يكون تعديلا في ضمير فيقول: (خالقهما) والصواب (خالقها) أو العكس أو يقول (التي) والصواب (الذي) ونحو ذلك، فهنا أصوب الكلام، وأشير في أحيان يسيرة إلى ما عملت، خاصة وأن الشيخ -رحمه الله-: (كان سريع الكتابة، ويكتب بخط دقيق، وبدون نظارة، لكنه على قاعدة صحيحة) وكانت جل عنايته بالمعاني، ولذلك قال في رسالة للشيخ عبد الله بن عقيل -حفظه الله- (فحسن الإملاء والجري مع المعاني أولى من اعتبار حسن الخط، فذاك أهميته بالنسبة لحسن الإنشاء قليلة). .
ثانيا- المقابلة:
وابتغاء توضيح الأمر أبين ما قمت به في نقاط:
أولا : اعتمدت النسخة (أ) وجعلتها أصلا لأمور:
الأول : أن معظمها بخط الشيخ -رحمه الله-.
والثاني: أنها النسخة التي كانت بيد الشيخ -رحمه الله- إلى حين وفاته.
< 1-24 >
الثالث: أنها سالمة من التعديل والشطب اللذين وقعا من النساخ أو الطابعين أو المصححين بعكس النسخة (ب) فإن هذه النسخة سلمت للمطبعة السلفية، فكان المصححون للطبعة يعدلون عليها ويشطبون، بل تجد على هوامشها أسماء (عمال الصف) فنجد اسم (محمود) أو فلان منهم وذلك لتوزيع العمل عليهم، بينما النسخة (أ) لم تمسها الأيدي بشطب أو تعديل.
الرابع: سلامة هذه النسخة من الخروم والنقص لأن معظمها بخط الشيخ -رحمه الله- بينما النسخة (ب) كتب معظمها بخطوط النساخ فوقع فيها بعض النقص والخروم.
الخامس: أنها أجود كثيرا من النسخة الأخرى في إملائها بينما تجد في النسخة (ب) أخطاء ظاهرة.
ثانيا: يلاحظ أنني ذكرت في وصف النسختين أن معظم النسخة الأولى كان بخط الشيخ -رحمه الله- وأن النسخة الثانية في جملتها بخطوط النساخ وهذا توضيح تفاوت الكتابة على التفصيل مع بيان ما قمت به حيال ذلك التفاوت:
1- أجزاء كانت في النسختين بخط الشيخ -رحمه الله- وذلك مثل كثير من المجلد الأول، والمجلد الثامن، والتاسع، وفي هذه الأجزاء يلاحظ وجود الإشكالات الآتية:
(أ) أن الشيخ -رحمه الله- في المجلد فسر الآيات من قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ سورة البقرة، الآية: 238 ، إلى نهاية تفسير قوله تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ سورة آل عمران، الآية: 129 تفسيرا جديدا فليس ما في النسختين متوافقا بل هو متغاير من حيث الألفاظ والصياغة والأسلوب وكأن الشيخ -رحمه الله- كتب ذلك مرتين، ولم يكن هناك احتمال لأن يكون الكلام ليس بكلامه، لأن ما في النسختين بخطه -رحمه الله- وروح الكلام وأسلوبه هو ذات أسلوب الشيخ -رحمه الله- وقد قلبت النظر بين خيارات عدة، وكان ما استقر الرأي عليه أن أجعل في صلب التفسير ما كان في النسخة (أ) وهي النسخة التي توفي الشيخ -رحمه الله- وهي في بيته، وأما ما في النسخة (ب) وهو المطبوع في طبعات الكتاب السابقة فقد جعلته في ملحق في آخر التفسير.
(ب) أن الشيخ -رحمه الله- في المجلد الثامن من بداية سورة الحجرات وحتى نهاية التفسير نسخ التفسير بخطه نسخة ثانية، ولكنه كان يعدل في الألفاظ ويزيد في الكلمات وينقص منها، ولذلك تفاوت حجم المقابلة بين بعض أجزاء الكتاب بشكل واضح، حيث تجد فروقا كبيرة بين النسختين في أجزاء ولا تجد إلا اليسير من الفروق في أجزاء أخرى.
(ج) أن بعض الأجزاء كانت في النسخة (أ) بغير خط الشيخ -رحمه الله- وفي النسخة (ب) بخط الشيخ -رحمه الله- كما في المجلد السادس وهنا كثرت الأخطاء في النسخة (أ) وقلت في (ب) فاستفدت من (ب) في المقابلة وجعلت جل اعتمادي عليها إذ هي أصح لولا ما عابها من تعديلات مصححي المطبعة السلفية عليها.
ثالثا: الزيادات: جاءت زيادات في إحدى النسختين عن الأخرى وقد جعلت الزيادات بين قوسين مركنين [ ] وهي على ثلاثة أنواع:
الأول : الزيادات التي في الأصل على (ب) وقد جعلتها بين قوسين مركنين، دون إشارة في الهامش إلى شيء.
الثاني: الزيادات التي في (ب) وقد جعلتها بين قوسين مركنين، وأشرت إلى الزيادة في الهامش بقولي: زيادة في ب، وهذا النوع من الزيادات يكثر في الأجزاء التي كانت بخط الشيخ -رحمه الله- في النسختين كلتيهما.
< 1-25 >
الثالث: الزيادات التي جعلتها لاقتضاء السياق وعدم استقامته بدونها فقد جعلتها بين قوسين مركنين وأشرت إلى الزيادة في الهامش بقولي: (زيادة يقتضيها السياق).
وبعد، فيلاحظ إني لم أثبت تخريج الأحاديث في الكتاب، لأن ما في الكتاب من الأحاديث ليس بالكثير، ومعظم ما نقل -رحمه الله- هو من صحيح البخاري ومسلم، كما لم أفهرس فهرسة تفصيلية، لأن الفهرسة التي يمكن أن يستفاد منها هي الفهرسة الموضوعية للفوائد الإيمانية، والتربوية، والسلوكية، والعلمية، ونحوها التي في الكتاب، وإذا نظرنا إلى الفهرسة بهذا الاعتبار فإن الكتاب يحتاج إلى فهرسة كبيرة وطويلة جدا يمكن الاستغناء عنها بقراءة الكتاب لمريد الاستفادة، وأما الفهارس التفصيلية للآيات والأحاديث والأعلام أو القبائل.. ونحوها، فإن طبيعة التفسير لا تدل على الحاجة لذلك، وإن عمل على هذا التفسير فإنما هذا العمل نوع من التزيد والتكثر لا حاجة له.
وبعد فهذا الجهد الذي بذلت وهو جهد استغرق ثلاثة أعوام قرأت فيها التفسير قراءة مقابلة ثلاث مرات واجتهدت في إخراج التفسير على أتم الوجوه -قدر الإمكان- وما كان لي أن أصل إلى هذا لولا فضل الله عز وجل فله الحمد أولا وآخرا وظاهرا وباطنا.
ثم الشكر من بعد لمن كان عونا لي في إخراج هذا التفسير بأي وجه من أوجه العون وأخص بالذكر صاحبي الفضيلة العالمين الجليلين الشيخ محمد بن صالح العثيمين، والشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن عقيل. وفضيلة والدي الكريم الشيخ معلا اللويحق، والمشايخ الفضلاء الدكتور عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر الذي أعانني على الحصول على النسخة الثانية (ب) لمخطوط التفسير، وأبدى من جميل الملحوظات ما كان عونا لي على ضبط العمل، والدكتور خالد السبت، الذي كانت مهاتفاته بداية حفز لإعادة العمل في التفسير، والشيخ صالح الهبدان، والشيخ عبد الرحمن الراجحي، والشيخ محمد الخضيري، والإخوة الذين عملوا معي في المقابلة فأمضوا وقتا طويلا في سبيل ذلك، وبذلوا جهدا لا أنساه في إعانتي الشيخ إدريس حامد محمد، والشيخ تراوري مامادوا، والأخ فيصل بن طلع المطيري فللجميع مني الشكر والعرفان والدعاء بالتوفيق والتسديد.
وأسأل الله المغفرة عما وقع من تقصير، واستمد منه العون فهو وحده المستعان.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه.
وكتب
عبد الرحمن بن معلا اللويحق المطيري
بعد عشاء ليلة الثامن والعشرين
من شهر ذي القعدة عام 1419 هـ
< 1-26 >
< 1-27 >


يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــع


__________________________________________________ __________

تابــــــــــــــع المقدمه



تنبيه
اعلم أن طريقتي في هذا التفسير أني أذكر عند كل آية ما يحضرني من معانيها، ولا أكتفي بذكر ما تعلق بالمواضع السابقة عن ذكر ما تعلق بالمواضع اللاحقة؛ لأن الله وصف هذا الكتاب أنه (مثاني) تثنى فيه الأخبار والقصص والأحكام، وجميع المواضيع النافعة لحكم عظيمة، وأمر بتدبره جميعه، لما في ذلك من زيادة العلوم والمعارف وصلاح الظاهر والباطن، وإصلاح الأمور كلها

مقدمة المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنزل على عبده الفرقان الفارق بين الحلال والحرام، والسعداء والأشقياء، والحق والباطل.
وجعله برحمته هدى للناس عموما، وللمتقين خصوصا، من ضلال الكفر والمعاصي والجهل، إلى نور الإيمان والتقوى والعلم، وأنزله شفاء للصدور من أمراض الشبهات والشهوات، ويحصل به اليقين والعلم في المطالب العاليات، وشفاء للأبدان من أمراضها وعللها وآلامها وسقمها . وأخبر أنه لا ريب فيه ولا شك بوجه من الوجوه، وذلك لاشتماله على الحق العظيم في أخباره، وأوامره، ونواهيه، وأنزله مباركا، فيه الخير الكثير، والعلم الغزير، والأسرار البديعة، والمطالب الرفيعة، فكل بركة وسعادة تنال في الدنيا والآخرة، فسببها الاهتداء به واتباعه، وأخبر أنه مصدق ومهيمن على الكتب السابقة، فما يشهد له فهو الحق، وما رده فهو المردود، لأنه تضمنها وزاد عليها، وقال تعالى فيه:
يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ فهو هاد لدار السلام، مبين لطريق الوصول إليها، وحاث عليها، كاشف عن الطريق الموصلة إلى دار الآلام ومحذر منها، وقال تعالى مخبرا عنه: كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ فبين آياته أكمل تبيين، وأتقنها أي إتقان، وفصلها بتبيين الحق من الباطل والرشد من الضلال، تفصيلا كاشفا للبس، لكونه صادرا من حكيم خبير، فلا يخبر إلا بالصدق والحق واليقين، ولا يأمر إلا بالعدل والإحسان والبر، ولا ينهى إلا عن المضار الدينية والدنيوية.
وأقسم تعالى بالقرآن ووصفه بأنه، "مجيد"، والمجد: سعة الأوصاف وعظمتها، وذلك لسعة معاني القرآن وعظمتها، ووصفه بأنه "ذو الذكر" أي: يتذكر به العلوم الإلهية والأخلاق الجميلة والأعمال الصالحة، ويتعظ به من يخشى.
وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ فأنزله بهذا اللسان لنعقله ونتفهمه، وأمرنا بتدبره، والتفكر فيه، والاستنباط لعلومه، وما ذاك إلا لأن تدبره مفتاح كل خير، محصل للعلوم والأسرار. فلله الحمد والشكر والثناء، الذي جعل كتابه هدى وشفاء ورحمة ونورا، وتبصرة وتذكرة، وبركة، وهدى وبشرى للمسلمين.
فإذا علم هذا، علم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه والاهتداء بها.
وكان حقيقا بالعبد أن يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في تعلمه وتفهمه بأقرب الطرق الموصلة إلى ذلك.
وقد كثرت تفاسير الأئمة رحمهم الله لكتاب الله، فمن مطول خارج في أكثر بحوثه عن المقصود، ومن مقصر، يقتصر على حل بعض الألفاظ اللغوية.[ بقطع النظر عن المراد] .
< 1-30 >
وكان الذي ينبغي في ذلك، أن يجعل المعنى هو المقصود، واللفظ وسيلة إليه. فينظر في سياق الكلام، وما سيق لأجله، ويقابل بينه وبين نظيره في موضع آخر؛ ويعرف أنه سيق لهداية الخلق كلهم، عالمهم وجاهلهم، حضريهم وبدويهم، فالنظر لسياق الآيات مع العلم بأحوال الرسول وسيرته مع أصحابه وأعدائه وقت نزوله، من أعظم ما يعين على معرفته وفهم المراد منه، خصوصا إذا انضم إلى ذلك معرفة علوم العربية على اختلاف أنواعها.
فمن وفق لذلك، لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره وتفهمه وكثرة التفكر في ألفاظه ومعانيه ولوازمها، وما تتضمنه، وما تدل عليه منطوقا ومفهوما، فإذا بذل وسعه في ذلك، فالرب أكرم من عبده، فلا بد أن يفتح عليه من علومه أمورا لا تدخل تحت كسبه.
ولما من الباري علي وعلى إخواني بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائقة[ بنا] أحببت أن أرسم من تفسير كتاب الله ما تيسر، وما من به الله علينا، ليكون تذكرة للمحصلين، وآلة للمستبصرين، ومعونة للسالكين، ولأقيده خوف الضياع، ولم يكن قصدي في ذلك إلا أن يكون المعنى هو المقصود، ولم أشتغل في حل الألفاظ والعقود، للمعنى الذي ذكرت، ولأن المفسرين قد كفوا من بعدهم، فجزاهم الله عن المسلمين خيرا.
والله أرجو، وعليه أعتمد، أن ييسر ما قصدت، ويذلل ما أردت، فإنه إن لم ييسره الله، فلا سبيل إلى حصوله، وإن لم يعن عليه، فلا طريق إلى نيل العبد مأموله.
وأسأله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن ينفع به النفع العميم، إنه جواد كريم. اللهم صل على محمد وآله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا.

فوائد مهمة تتعلق بتفسير القرآن من
بدائع الفوائد
لابن القيم رحمه الله تعالى
.[ قال: فصل] النكرة في سياق النفي تعم، مستفاد من قوله تعالى: وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ وفي الاستفهام من قوله تعالى: هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا وفي الشرط من قوله: فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ وفي النهي من قوله تعالى: وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ
وفي سياق الإثبات، بعموم العلة والمقتضى كقوله: عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ
وإذا أضيف إليها "كل" نحو وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ومن عمومها بعموم المقتضى وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا
فصل
ويستفاد عموم المفرد المحلى باللام من قوله: إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ وقوله: وَيَقُولُ الْكَافِرُ وعموم المفرد المضاف من قوله: وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ (وكتابه) .
وقوله: هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ والمراد جميع الكتب التي أحصيت فيها أعمالهم، وعموم الجمع المحلى باللام من قوله: وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ وقوله: وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وقوله تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ إلى آخرها. والمضاف من قوله: كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ
وعموم أدوات الشرط من قوله تعالى: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْمًا وَلا هَضْمًا وقوله: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ [ وقال] وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وقوله أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وقوله: وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وقوله: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وقوله: وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ هذا إذا كان الجواب طلبا مثل هاتين الآيتين.
فإن كان خبرا ماضيا، لم يلزم العموم، كقوله: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ
وإن كان مستقبلا فالتزموا رد العموم، كقوله تعالى: وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ
وقوله: وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وقوله: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ
وقد لا يعم، كقوله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ
< 1-32 >
فصل
ويستفاد كون الأمر المطلق للوجوب، من ذمه لمن خالفه، وتسميته إياه عاصيا، وترتيبه عليه العقاب بالعاجل أو الآجل.
ويستفاد كون النهي للتحريم، من ذمه لمن ارتكبه، وتسميته عاصيا، وترتيبه العقاب على فعله.
ويستفاد الوجوب بالأمر تارة، وبالتصريح بالإيجاب والفرض والكتب، ولفظة "على"، ولفظة: حق على العباد وعلى المؤمنين.
ويستفاد التحريم من النهي، والتصريح بالتحريم والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل.
وقوله: "لا ينبغي " فإنها في لغة القرآن والرسول للممتنع عقلا وشرعا.
ولفظة "ما كان لهم كذا وكذا" و "لم يكن لهم"، وترتيب الحد على الفعل، ولفظة "لا يحل" و "لا يصلح"، ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وأن الله تعالى لا يحبه ولا يرضاه لعباده، ولا يزكي فاعله ولا يكلمه ولا ينظر إليه ونحو ذلك.
وتستفاد الإباحة من الإذن والتخيير، والأمر بعد الحظر، ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤاخذة، والإخبار بأنه يعفو عنه، والإقرار على فعله في زمن الوحي، وبالإنكار على من حرم الشيء، والإخبار بأنه خلق لنا كذا وجعله لنا، وامتنانه علينا به، وإخباره عن فعل من قبلنا، غير ذام لهم عليه.
فإن اقترن بإخباره مدح، دل على رجحانه استحبابا أو وجوبا.
فصل
وكل فعل عظمه الله ورسوله، أو مدحه، أو مدح فاعله لأجله، أو فرح به، أو أحبه، أو أحب فاعله، أو رضي به، أو رضي عن فاعله، أو وصفه بالطيب، أو البركة، أو الحسن، أو نصبه سببا لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل أو نصبه سببا لذكره لعبده، أو لشكره له، أو لهدايته إياه، أو لإرضاء فاعله، أو وصف فاعله بالطيب، أو وصف الفعل بأنه معروف، أو نفى الحزن والخوف عن فاعله، أو وعده بالأمن، أو نصبه سببا لولايته، أو أخبر عن دعاء الرسل بحصوله، أو وصفه بكونه قربة، أو أقسم به أو بفاعله، كالقسم بخيل المجاهدين وإغارتها أو ضحك الرب جل جلاله من فاعله، أو عجبه به، فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب.
فصل
وكل فعل طلب الشارع تركه، أو ذم فاعله، أو عيب عليه، أو مقت فاعله، أو لعنه، أو نفى محبته إياه، أو محبة فاعله، أو نفى الرضا به، أو الرضا عن فاعله، أو شبه فاعله بالبهائم أو الشياطين، أو جعله مانعا من الهدى، أو وصفه بسوء أو كراهة، أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه، أو جعل سببا لنفي الفلاح، أو لعذاب عاجل أو آجل، أو لذم أو لوم، أو ضلالة أو معصية، أو وصفه بخبث أو رجس، أو نجس، أو بكونه فسقا أو إثما، أو سببا لإثم أو رجس، أو لعن أو غضب، أو زوال نعمة، أو حلول نقمة، أو حد من الحدود، أو قسوة، أو خزي، أو ارتهان نفس، أو لعداوة الله أو محاربته، أو الاستهزاء به وسخريته، أو جعله سببا لنسيانه لفاعله، أو وصف نفسه بالصبر عليه، أو الصفح أو الحلم عنه، أو دعا إلى التوبة منه، أو وصف فاعله بخبث أو احتقار، أو نسبه إلى الشيطان وتزيينه، أو تولي الشيطان لفاعله، أو وصفه بصفة ذم، مثل كونه ظلما أو بغيا، أو عدوانا أو إثما، أو تبرأ الأنبياء منه أو من فاعله، أو شكوا < 1-33 > إلى الله من فاعله، أو جاهروا فاعله بالعداوة، أو نصب سببا لخيبة فاعله عاجلا أو آجلا أو رتب عليه حرمان الجنة، أو وصف فاعله بأنه عدو لله أو الله عدوه، أو أعلم فاعله بحرب من الله ورسوله، أو حمل فاعله إثم غيره، أو قيل فيه "لا ينبغي هذا" أو "لا يصلح" أو أمر بالتقوى عند السؤال عنه، أو أمر بفعل يضاده، أو هجر فاعله، أو تلاعن فاعلوه في الآخرة، أو تبرأ بعضهم من بعض، أو وصف فاعله بالضلالة، أو أنه "ليس من الله في شيء" أو أنه ليس من الرسول وأصحابه، أو قرن بمحرم ظاهر التحريم في الحكم والخبر عنهما بخبر واحد، أو جعل اجتنابه سببا للفلاح، أو جعل سببا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين، أو قيل لفاعله "هل أنت منته" أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله، أو رتب عليه إبعاد، أو طرد، أو لفظة "قتل من فعله"، أو "قاتل الله من فعله"، أو أخبر أن فاعله "لا يكلمه الله يوم القيامة، ولا ينظر إليه، ولا يزكيه"، أو أن الله لا يصلح عمله، ولا يهدي كيده، أو أن فاعله لا يفلح، ولا يكون يوم القيامة من الشهداء ولا من الشفعاء، أو أن الله يغار من فعله، أو نبه على وجه المفسدة فيه، أو أخبر أنه لا يقبل من فاعله صرفا ولا عدلا أو أخبر أن من فعله قيض له الشيطان فهو له قرين، أو جعل الفعل سببا لإزاغة الله قلب فاعله، أو صرفه عن آياته وفهم آلائه، أو سؤال الله سبحانه عن علة الفعل "لم فعل" نحو: لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ ما لم يقترن به جواب من المسئول فإذا قرن به جواب، كان بحسب جوابه.
فهذا ونحوه، يدل على المنع من الفعل، ودلالته على التحريم أطرد من دلالته على مجرد الكراهة. وأما لفظة يكرهه الله ورسوله، أو مكروه، فأكثر ما يستعمل في المحرم، وقد يستعمل في كراهة التنزيه.
وأما لفظة "وأما أنا فلا أفعل" فالمتحقق منه الكراهة كقوله: "أما أنا فلا آكل متكئا".
وأما لفظة "ما يكون لك" و "ما يكون لنا" فاطرد استعمالها في المحرم، نحو فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا ( مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا ) مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ
فصل
وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال، ورفع الجناح، والإذن، والعفو، و "إن شئت فافعل" و "إن شئت فلا تفعل"، ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع، وما يتعلق بها من الأفعال، نحو: وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ونحو وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
ومن السكوت عن التحريم، ومن الإقرار على الفعل في زمن الوحي.
فائدة
التعجب كما يدل على محبة الله تعالى للفعل نحو "عجب ربك من شاب ليست له صبوة" ونحوه، قد يدل على بغض الفعل كقوله: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ وقوله: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
وقوله: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ
وقد يدل على امتناع الحكم، وعدم حسنه، كقوله: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ
ويدل على حسن المنع منه قدرا، وأنه لا يليق به فعله، كقوله تعالى: كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ
< 1-34 >
فائدة
نفي التساوي في كتاب الله، قد يأتي بين الفعلين، كقوله تعالى: ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ) الآية.
وقد يأتي بين الفاعلين كقوله: لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وقد يأتي بين الجزائين كقوله لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ
وقد جمع الله بين الثلاثة في آية واحدة، وهي قوله تعالى: وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ الآيات.
فائدة
في ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور:
التذكير، والوعظ، والحث، والزجر، والاعتبار، والتقرير، وتقريب المراد للعقل، وتصويره في صورة المحسوس، بحيث يكون نسبته للعقل، كنسبة المحسوس إلى الحس.
وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر، وعلى المدح والذم، وعلى الثواب، وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره، وعلى تحقيق أمر، وإبطال أمر.
فائدة
السياق يرشد إلى بيان المجمل، وتعيين المحتمل، والقطع بعدم احتمال غير المراد، وتخصيص العام، وتقييد المطلق، وتنوع الدلالة، وهو من أعظم القرائن الدالة على مراد المتكلم، فمن أهمله غلط في نظره، وغالط في مناظرته، فانظر إلى قوله: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ كيف تجد سياقه يدل على أنه الذليل الحقير.
فائدة
إخبار الرب عن المحسوس الواقع له عدة فوائد:
منها: أن يكون توطئة وتقدمة لإبطال ما بعده.
ومنها: أن يكون موعظة وتذكرة.
ومنها: أن يكون شاهدا على ما أخبر به من توحيده، وصدق رسوله، وإحياء الموتى.
ومنها: أن يذكر في معرض الامتنان.
ومنها: أن يذكر في معرض اللوم والتوبيخ.
ومنها: أن يذكر في معرض المدح والذم.
ومنها: أن يذكر في معرض الإخبار عن اطلاع الرب عليه. وغير ذلك من الفوائد.
انتهى كلامه رحمه الله.، وهو في غاية النفاسة، والاشتمال على كثير من القواعد والضوابط المتعلقة بتفسير القرآن، فجزاه الله خيرا.
قلت: وقد اشتمل القرآن على عدة علوم قد ثنيت فيه وأعيدت:
فمنها: ضرب الأمثال، وقد ذكر ابن القيم فيما تقدم فوائدها.
ومنها ذكر صفات أهل السعادة والشقاوة، وفي ذلك فوائد عديدة: < 1-35 >
منها: أن الأوصاف التي يوصف بها أهل الخير، تدل على محبة الله ورضاه وأنها محمودة، والصفات التي يوصف بها أهل الشر، تدل على بغض الله لها وأنها مذمومة.
ومنها: ما يكرم الله به أولياءه من الثناء الحسن بين عباده، فهو ثواب معجل، ويهين به أعداءه من الأوصاف القبيحة، فيكون عقابا معجلا.
ومنها: أن فيه حثا للنفوس على الاقتداء بأهل الخير ومنافستهم، وتنشيط العمال على الأعمال ببيان من عملها من أولياء الله.
وفيه الترهيب من أفعال أهل الشر، وتبغيض المعاصي التي أثرت مع عامليها ما أثرت.
ومنها: الاعتبار بصفات أهل الخير والشر، وأن من فعل مثل فعلهم ناله ما نالهم.
وقد حث تعالى على الاعتبار، في غير موضع من كتابه. وحقيقته: العبور من شيء إلى شيء، وقياس الشيء على نظيره.
ومنها: أن العبد إذا رأى أعمال أهل الخير وعجزه عن القيام بها، أوجب له ذلك الإزراء على نفسه واحتقارها، وهذا هو عين صلاحه، كما أن رؤيته نفسه بعين الإعجاب والتكبر هو عين فساده، إلى غير ذلك من الفوائد.
ومنها: ذكر صفات الله وأسمائه وأفعاله، وتقديسه عن النقائص، وفي ذلك فوائد عظيمة:
منها: أن هذا العلم -وهو العلم المتعلق بالله تعالى- أشرف العلوم وأجلها على الإطلاق.
فالاشتغال بفهمه والبحث التام عنه، اشتغال بأعلى المطالب، وحصوله للعبد من أشرف المواهب.
ومنها: أن معرفة الله تعالى تدعو إلى محبته وخشيته، وخوفه ورجائه، وإخلاص العمل له، وهذا عين سعادة العبد، ولا سبيل إلى معرفة الله، إلا بمعرفة أسمائه وصفاته، والتفقه في فهم معانيها.
وقد اشتمل القرآن من ذلك على ما لم يشتمل عليه غيره، من تفاصيل ذلك وتوضيحها، والتعرف بها إلى عباده، وتعريفهم لنفسه كي يعرفوه.
ومنها: أن الله خلق الخلق ليعبدوه ويعرفوه، فهذا هو الغاية المطلوبة منهم، فالاشتغال بذلك اشتغال بما خلق له العبد، وتركه وتضييعه إهمال لما خلق له. وقبيح بعبد، لم تزل نعم الله عليه متواترة، وفضله عليه عظيم من كل وجه، أن يكون جاهلا بربه معرضا عن معرفته.
ومنها: أن أحد أركان الإيمان، بل أفضلها وأصلها الإيمان بالله، وليس الإيمان بمجرد قوله: "آمنت بالله" من غير معرفة بربه.
بل حقيقة الإيمان، أن يعرف الرب الذي يؤمن به، ويبذل جهده في معرفة أسمائه وصفاته، حتى يبلغ درجة اليقين، وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه، فكلما ازداد معرفة بربه ازداد إيمانه وكلما نقص، نقص.
وأقرب طريق يوصله إلى ذلك، تدبر صفاته وأسمائه من القرآن.
والطريق في ذلك، إذا مر به اسم من أسماء الله، أثبت له ذلك المعنى وكماله وعمومه، ونزهه عما يضاد ذلك.
ومنها: أن العلم به تعالى أصل الأشياء كلها، حتى إن العارف به حقيقة المعرفة، يستدل بما عرف من صفاته وأفعاله على ما يفعله، وعلى ما يشرعه من الأحكام، لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته، فأفعاله دائرة < 1-36 > بين العدل والفضل والحكمة.
وكذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام، إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته وفضله وعدله.
فأخباره كلها حق وصدق، وأوامره ونواهيه عدل وحكمة.
وهذا العلم أعظم وأشهر من أن ينبه عليه لوضوحه:
وكـيف يصـح في الأذهان شيء إذا احتـاج النهــار إلى دليــل
ومنها: ذكر الأنبياء والمرسلين، وما أرسلوا به، وما جرى لهم مع أممهم. وفي ذلك عدة فوائد:
منها: أن من تمام الإيمان بهم معرفتهم بصفاتهم وسيرهم وأحوالهم. وكلما كان المؤمن بذلك أعرف، كان أعظم إيمانا بهم، ومحبة لهم، وتعظيما لهم، وتعزيزا وتوقيرا.
ومنها: أن من بعض حقوقهم علينا -خصوصا النبي محمد صلى الله عليه وسلم- معرفتهم ومحبتهم محبة صادقة، ولا سبيل لذلك إلا بمعرفة أحوالهم.
ومنها: أن معرفة الأنبياء موجبة لشكر الله تعالى على ما من به على المؤمنين، إذ بعث فيهم رسولا منهم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، بعد أن كانوا في ضلال مبين.
ومنها: أن الرسل هم المربون للمؤمنين، الذين ما نال المؤمنون مثقال ذرة من الخير، ولا اندفع عنهم مثقال ذرة من الشر، إلا على أيديهم وبسببهم.
فقبيح بالمؤمن أن يجهل حالة مربيه ومزكيه ومعلمه.
وإذا كان من المستنكر جهل الإنسان بحال أبويه ومباعدته لذلك، فكيف بحالة الرسول، الذي هو أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو أبوهم الحقيقي، الذي حقه مقدم على سائر الحقوق بعد حق الله تعالى؟!!
ومنها: أن في معرفة ما جرى لهم وجرى عليهم، تحصل للمؤمن الأسوة والقدوة، وتخف عنه كثير من المقلقات والمزعجات، لأنها مهما بلغت من الثقل والشدة، فلا تصل إلى بعض ما جرى على الأنبياء. قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
ومن أعظم الاقتداء بهم، الاقتداء بتعليماتهم، وكيفية إلقاء العلم على حسب مراتب الخلق، والصبر على التعليم، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وبهذا وأمثاله كان العلماء ورثة الأنبياء.
ومن فوائد معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم، معرفة الآيات القرآنية المنزلة عليه وفهم المعنى. والمراد منها موقوف على معرفة أحوال الرسول، وسيرته مع قومه وأصحابه وغيرهم من الناس، فإن الأزمنة والأمكنة والأشخاص تختلف اختلافا كثيرا.
فلو أراد إنسان أن يصرف همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفة منه لذلك، لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله، وعلى مراد الله من كلامه، شيء كثير.
وهذا إنما يعرفه من عرف ما في أكثر التفاسير من الأغلاط القبيحة التي ينزه عنها كلام الله وغير < 1-37 > ذلك من الفوائد المفيدة والنتائج السديدة.
ومن علوم القرآن: الأمر والنهي الموجه لهذه الأمة وغيرها، وهذا هو المقصود منهم، وفي معرفة ذلك عدة فوائد:
منها: أن الله تعالى حث على معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، وذم من لم يعرف ذلك.

يتبـــــــــــــــــــــــع


__________________________________________________ __________

تابــــــــــــــــع المقدمه


ومن أعظم ما يجب معرفة حدوده؛ الأوامر والنواهي التي كلفنا بها، وألزمنا بالقيام بها وتعلمها وتعليمها.
ولا سبيل إلى امتثالها، [أو اجتنابها،] إلا بمعرفتها، ليتأتى فعلها [ أو تركها] وذلك أن المكلف إذا أمر بأمر، وجب عليه أولا معرفة ما هو الذي أمر به، وما يدخل به وما لا يدخل.
فإذا عرف ذلك استعان بالله، واجتهد في امتثاله بحسب القدرة والإمكان.
وكذلك إذا نهي عن أمر من الأمور، وجب عليه معرفة ذلك المنهي وحقيقته، ثم يبذل جهده مستعينا بربه على تركه، امتثالا لأمر الله، واجتنابا لنهيه، وامتثال الأمر، واجتناب النهي، كل منهما واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. فعرفت أن العلم بها قبل العمل، ومتقدم عليه.
ومنها: أن الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يمكن حصولها وتحصيلها إلا بعد معرفة الخير ليدعو له، ومعرفة المعروف ليأمر به، ومعرفة المنكر لينهى عنه، والقرآن مشتمل على ذلك أعظم اشتمال، ومتضمن له أكمل تضمن.
ومن علوم القرآن أحوال اليوم الآخر، وهو ما يكون بعد الموت مما أخبر به الله في كتابه، أو أخبر به رسوله من أهوال الموت، والقبر والموقف، والجنة والنار، وفي العلم بذلك فوائد كثيرة:
منها: أن الإيمان باليوم الآخر، أحد أركان الإيمان الستة، التي لا يصح الإيمان بدونها، وكلما ازدادت معرفته بتفاصيله، ازداد إيمانه .
ومنها: أن العلم بذلك حقيقة المعرفة، يفتح للإنسان باب الخوف والرجاء، اللذين إن خلا القلب منهما خرب كل الخراب، وإن عمر بهما أوجب له الخوف الانكفاف عن المعاصي، والرجاء تيسير الطاعة وتسهيلها، ولا يتم ذلك إلا بمعرفة تفاصيل الأمور التي يخاف منها وتحذر؛ كأحوال القبر وشدته، وأحوال الموقف الهائلة، وصفات النار المفظعة.
وبمعرفة تفاصيل الجنة وما فيها من النعيم المقيم، والحبرة والسرور، ونعيم القلب والروح والبدن، فيحدث بسبب ذلك الاشتياق الداعي للاجتهاد في السعي للمحبوب المطلوب، بكل ما يقدر عليه.
ومنها: أنه يعرف بذلك فضل الله وعدله، في المجازاة على الأعمال الصالحة، والسيئة، الموجب لكمال حمده والثناء عليه بما هو أهله.
وعلى قدر علم العبد بتفاصيل الثواب والعقاب، يعرف بذلك فضل الله وعدله وحكمته.
ومن علوم القرآن: مجادلة المبطلين، ودفع شبه الظالمين، وإقامة البراهين العقلية الموافقة للأدلة النقلية.
وهذا الفن من علوم القرآن من خواص العلماء الربانيين، والجهابذة الراسخين، والعقلاء المستبصرين، وقد اشتمل القرآن من الأدلة العقلية، والقواطع البرهانية، ما لو جمع ما عند جميع < 1-38 > المتكلمين من حق، لكان بالنسبة إليه كنقرة عصفور بالنسبة لماء البحر؛ ذلك بأن القرآن هو الحق، وقد اشتمل على الحق والصدق والعدل والميزان العادل والقسط والصلاح والفلاح، فإن ذكر التوحيد والشرك، وأمر بالأول ونهى عن الثاني، أقام من البراهين القاطعة على صحة التوحيد وحسنه وتعينه طريقا للنجاة، وقبح الشرك وبطلانه، وكونه هو الطريق للهلاك، ما يجعل ذلك للبصيرة كالشمس في نحر الظهيرة.
وإن أمر بالأوامر الشرعية، وحث على الآداب ومكارم الأخلاق، رأيته ينبه العقول النيرة على ما اشتملت عليه من المصالح الضرورية، التي يحتاجونها في معاشهم ومعادهم، ما يجزم بأنه لا أحسن منها، وأن حكمته تقتضي الأمر بها أشد اقتضاء.
وإن نهى عن المحارم والقبائح والخبائث، أخبر بما في ضمنها من الفساد والضرر، والشر الحاصل بتناولها، وأن نعمة الله عليهم بتحريمها عليهم وتنزيههم عنها، وتكريمهم وتعلية أقدارهم عن التلبس بها فوق كل نعمة، فالمأمورات مشتملات على الصلاح، والمحرمات مشتملات على المفاسد.
وإن شرع في الحجاج للمبطلين، وتزييف شبه المشبهين، وبطلان مذاهب الضالين، فقل ما شئت من إحقاق حق، ودمغ باطل، وإرشاد ضال، وإقامة الحجة على المعاند، وبيان أن الباطل لا يقوم لأقل شيء من الحق، بل هو على اسمه باطل لا حقيقة له، إن هي إلا أسماء يسمون بها الباطل إذا جردت، تبينت هباء منثورا.
ورأيته يسوق البراهين العقلية، بأوضح عبارة وأوجزها وأسلمها من الاعتراض والنقض والخفاء، فيجمع بين الدليل العقلي والنقلي في كلمة واحدة، إيجازا غير مخل بالمطلوب، وتارة يفصل ذلك، ويسرد من البراهين ما يكفي بعضه بالبيان. فلله الحمد والشكر.
فهذه مقدمة نافعة، إن شاء الله، ينبغي استقراؤها في [كل] مواردها، والتنبه لكل ما يرد من هذه المطالب على وجه التفصيل، فمن استعملها في كل ما يرد عليه من الآيات، انتفع بها نفعا عظيما. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.