عنوان الموضوع : كيف ينبت النفاق في القلب -اسلاميات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
كيف ينبت النفاق في القلب
كيف ينبُتُ النفاق في القلب ؟
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله تعالى
قال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه-: « الغناء يُنْبِت النفاق في القلب؛ كما يُنْبِت الماءُ الزرعَ ».
وهو صحيح عن ابن مسعود من قوله. وقد روى عن ابن مسعود مرفوعا؛ رواه ابن أبي الدنيا في كتاب "ذم الملاهي".
فإن قيل : فما وجه إنباتِه للنفاق في القلب من بين سائر المعاصي ؟!
قيل : هذا من أدل شيء على فقه الصحابة في أحوال القلوب وأعمالها، ومعرفتهم بأدويتها وأدوائها، وأنهم هم أطباءُ القلوب، دون المنْحَرفين عن طريقتهم، الذين داوَوْا أمراض القلوب بأعظم أدوائها، فكانوا كالمداوي من السّقم بالسُّم القاتل ...
فاعلم أن للغناء خواصَّ لها تأثير في صَبغ القلب بالنفاق، ونباتِه فيه كنبات الزرع بالماء.
فمن خواصِّه : أنه يُلهي القلبَ ويَصُدُّه عن فَهم القرآن وتَدَبُّرِه، والعمل بما فيه؛ فإن القرآن والغناء لا يجتمعان في القلب أبداً؛ لما بينهما من التضادّ؛ فإن القرآن ينهى عن اتباع الهوى، ويأمر بالعِفَّة، ومُجانبةِ شهوات النفوس، وأسبابِ الغَيِّ، وينهَى عن اتباع خُطُوات الشيطان، والغناء يأمر بضد ذلك كلِّه، ويُحَسِّنه، ويُهيِّج النفوس إلى شهوات الغيِّ، فيُثير كامِنَها، ويُزْعج قاطنها، ويُحركها إلى كلِّ قبيح، ويسُوقُها إلى وصْل كل مليحة ومَليح، فهو والخمرُ رَضيعا لِبانٍ، وفي تهييجهما على القبائح فرسا رِهان، فإنه صِنْوُ الخمر ورَضيِعُه، ونائبه وحليفه، وخَدينُه وصديقه، عَقَدَ الشيطانُ بينهما عَقْدَ الإخاءِ الذي لا يُفْسخ، وأحكم بينهما شريعة الوفاء التي لا تُنسخ، وهو جاسوس القلب، وسارق المروءة، وسُوس العقل، يتغلغل في مَكامِن القلوب، ويطّلع على سرائر الأفئدة، ويّدِبُّ إلى محل التخيل، فيُثير ما فيه من الهوى والشهوة والسخافة والرّقاعة، والرّعونة والحماقة!
فبينا ترى الرجلَ وعليه سِمَة الوَقارِ وبَهاء العقل، وبَهجة الإيمان، ووقار الإسلام، وحلاوة القرآن، فإذا استمع الغناء ومال إليه؛ نقص عقلُه، وقلّ حياؤه، وذهبت مروءته، وفارقه بَهاؤه، وتخلّى عنه وَقاره، وفرح به شيطانه، وشكا إلى الله - تعالى – إيمانُه، وثَقُل عليه قرآنه، وقال : يا رب! لا تجمع بيني وبين قرآنِ عدوِّك في صدرٍ واحد، فاستحْسنَ ما كان قبل السَّماعِ يَستقبِحه، وأبدَى من سِرِّه ما كان يكتمه، وانتقل من الوقار والسكينة إلى كثرة الكلام والكذب، والزهزهةِ والفرقعة بالأصَابع، فيميل برأسه، ويَهُزُّ منكبيه، ويضرب الأرض برجليه، ويدق على أُمِّ رأسه بيديه، ويَثِبُ وَثَباتِ الذِّباب، ويدور دوران الحمار حول الدّولاب، ويُصَفِّق بيديه تصفيق النسوان، ويخُور من الوَجْد ولا كخُوار الثيران، وتارةً يتأوّه تأوّه الحزين، وتارةً يَزْعَقُ زَعَقات المجانين، ولقد صدق الخبيرُ به من أهله حيث يقولُ :
أتذْكُرُ ليلَةً وقدِ اجتمعـنا ... على طيب السَّماعِ إلى الصَّباحِ
ودارتْ بيننا كأسُ الأغـاني ... فأسْكَرَتِ النُّفوسَ بغـيرِ رَاحِ
فلم تَـرَ فيهِمُ إلاَّ نَشَـاوى ... سُرُوراً والسُّرورُ هُناكَ صَاحيِ
إذا نادَى أخُو اللَّذاتِ فـيهِ ... أجابَ اللَّهو: حَيَّ على السَّماحِ
ولم نَمْلِك سِوىَ الْمُهجَاتِ شيئاً ... أرَقنَـاهَا لأَلْحـاظٍ مِلاحِ
وقال بعض العارفين : السماع يورث النفاق في قومٍ، والعنادَ في قومٍ، والكذب في قومٍ، والفجورَ في قومٍ، والرعونة في قوم.
وأكثرُ ما يُورث : عشقُ الصور، واستحسانُ الفواحش، وإدمانُه يثقِّل القرآن على القلب، ويُكَرِّهه إلى سماعه بالخاصية، وإن لم يكن هذا نفاقاً؛ فما للنفاق حقيقة!
وسِرُّ المسألة : أنه قرآن الشيطان، فلا يجتمع هو وقرآن الرحمن في قلب أبداً.
وأيضا؛ فإن أساس النفاق : أن يخالف الظاهرُ الباطنَ، وصاحبُ الغناء بين أمرين: إما أن يتهتّكَ فيكون فاجراً، أو يُظهرَ النُّسك فيكون منافقاً، فإنه يُظهر الرغبة في الله والدار الآخرة؛ وقلبه يغْلي بالشهوات، ومحبةِ ما يكرهه الله ورسوله - من أصوات المعازف، وآلات اللَّهو، وما يدعو إليه الغناء ويُهَيِّجُه -، فقلبه بذلك معمور، وهو من محبة ما يحبُّه الله ورسوله وكراهةِ ما يكرهه قَفر، وهذا محض النفاق.
وأيضاً؛ فإن الإيمان قول وعمل : قولٌ بالحق، وعمل بالطاعة، وهذا ينْبُتُ على الذكر، وتلاوة القرآن، والنفاقُ: قولُ الباطل، وعملُ البغيِّ، وهذا ينبُتُ على الغناء.
وأيضاً؛ فمن علامات النفاق : قِلّةُ ذِكر الله، والكسلُ عند القيام إلى الصلاة، ونقرُ الصلاة، وقلَّّ أن تجدَ مفتوناً بالغناء إلا وهذا وصفُه.
وأيضاً؛ فإن النفاق مُؤَسَّسٌ على الكذب، والغناء من أكذب الشِّعر؛ فإنه يحسِّن القبيح ويزيِّنُهُ، ويأمرُ به، ويُقبِّح الحسن ويُزَهِّد فيه، وذلك عين النفاق.
وأيضاً؛ فإن النفاق غِشٌّ ومكر وخِداع، والغناء مؤسَّسٌ على ذلك.
وأيضاً؛ فإن المنافق يُفسِد من حيث يظنُّ أنه يُصلح، كما أخبر الله سبحانه بذلك عن المنافقين، وصاحبُ السماع يُفسدُ قلبَه وحالَه من حيث يظن أنه يُصلحه، والمغنِّى يدعُو القلوب إلى فتنة الشهوات، والمنافق يدعوها إلى فتنة الشبهات.
قال الضحاك : الغناء مفسدة للقلب، مسخطة للرَّب.
وكتب عُمر بن عبدالعزيز إلى مؤدِّب ولده : ليكن أوّلَ ما يعتقدون من أدبك بغضُ الملاهي، التي بدؤُها من الشيطان، وعاقبتُها سَخَطُ الرحمن؛ فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم: أن صوت المعازف، واستماع الأغاني، واللَّهجَ بها: ينبت النفاق في القلب كما ينبُتُ العشب على الماء.
فالغناء يفسِدُ القلب، وإذا فسد القلب؛ هاج فيه النفاق.
وبالجملة؛ فإذا تأمَّل البصير حالَ أهل الغناء، وحالَ أهل الذكر والقرآن؛ تبيَّن له حذق الصحابة، ومعرفتهم بأدواء القلوب وأدويتها، وبالله التوفيق.
-۞ أقرأ أيضاً ::
▪
قلبك إن لم تملئه بالحق امتلاء بالباطل
الإمام ابن قيم الجوزية
▪
الـــخــــائــــنـــــة
الإمام ابن قيم الجوزية
▪
عقبات الشيطان السبع
الإمام ابن قيم الجوزية
▪
ويل للإسلام من أهله
العلامة عبد الله بن حميد
▪
السر الذي فيه الشفاء التام والدواء النافع
الإمام ابن قيم الجوزية
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
النفاق مرض خطير وجرم كبير وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر.. والنفاق
أخطر من الكفر وعقوبته أشد لأنه كفر بلباس الإسلام وضرره أعظم ولذلك
جعل الله المنافقين في أسفل النار كما قال سبحانه : ( إن المنافقين
في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً ) النساء/14
المنافقون دائماً في حيرة وتقلب في خداع ومكر ظاهرهم مع المؤمنين ..
وباطنهم مع الكافرين حيناً مع المؤمنين وحيناً مع الكافرين ( مذبذبين بين
ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً )
النساء/143 .
وقانا الله تعالى كل غوائل الشرور ومسالك المنافقين
أسأل الله تعالى أن لا يحرمكِ الأجر إن شاء الله
كل الشكر والتقدير لكِ
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
جزاك الله خيرا وجعله في موازيين حسناتك
موضوع في غاية الأهمية
في حفظ الله ورعايته