عنوان الموضوع : هل الاستغفار والصدقة وقراءة القرآن بنية دنيوية فقط حرام وشرك ؟
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
هل الاستغفار والصدقة وقراءة القرآن بنية دنيوية فقط حرام وشرك ؟
فتوى للشيخ /الشيخ العلامة عبدالله بن غنيمان حفظه الله
س/ إذا عمل العامل عملاً ابتغى به ثواب الله تعالى في الدنيا،مثل حصول طول العمر بصلة الرحم،وسعة الرزق،ولم يرد ثواب الآخرة،ولكنه أيضاً لم يرد ثواب المخلوقين،فهل يعد هنا من الشرك،وهل له ثواب في الآخرة؟
ج/ من عمل عملاً مما هو عبادة يراد به وجه الله،وليست له رغبة في الآخرة وإنما رغبته ومقصوده ونيته الدنيا،فإن ذلك من الشرك،كما قال تعالى: {من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوفِ إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون}.
وقد عقد شيخ الإسلام ابن عبدالوهاب- رحمه الله-باباً في كتاب التوحيد بقوله: (باب من الشرك:إرادة الإنسان بعمله الدنيا) ،أي أنه يعمل عملاً من الأعمال التي هي مما يراد به وجه الله،أي العبادات،وليست له رغبة في الآخرة،وإنما رغبة في الدنيا فقط،كتحصيل وظيفة أو تحصيل مال،أو تحصيل زوجة،وما أشبه ذلك،ولهذا جاء قول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله،ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها،فهجرته إلى ما هاجر إليه)) أي ليس له إلا ذلك الذي نواه،وكذلك كونه يصل الرحم لأجل طول العمر فحسب،لأن صلة الرحم قربة يجب ألا يلتفت إلى أمور الدنيا أبداً،ولكن يجب أن تكون أعماله مقصودة بها وجه الله ، ويريد بذلك رضاه والفوز بالجنة،وإذا كان هناك شيء من أمور الدنيا فيجب أن يكون تبعاً ، فإذا كان تبعاً فلا يضره،لأن الله تعالى جل وعلا أخبرنا أن الصحابة الذين قاتلوا يوم أحد،كان منهم من يريد الدنيا كما قال: {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة} ولكن الباعث على القتال،والخروج هو إعلاء كلمة الله ونصر دينه،والدفاع عنه،ولا يمنع من هذا كونهم ييدون المغنم تبعا، ليس مقصوداً في الأصل ، ولا هو الباعث على العمل الصالح،وإذا كان الإنسان يصل الرحم لأنه يمتثل أمر الله ويلاحظ مع هذا،أنه يكون فيه زيادة عمر فلا بأس بهذا.
---------------------
الإستغفار بنية تحقيق الأماني ,,
السؤال
هناك من يحثنا على الاستغفار الكثير برجاء تحقق أمر نتمناه، كالزواج أو النجاح، أو الحصول على الوظيفة أو الذرية. فهل هذا الفعل جائز أم أنه بدعة؟
الجواب الحمد لله وحده، وبعد:
فقد أمر الله تعالى عباده بالاستغفار، وحثهم النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عليه، وبيَّن أنه يترتب عليه مصالح كثيرة للعباد في سورة نوح:"فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً".
وفي سورة هود:" يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدراراً ويزدكم قوة إلى قوتكم". وقال تعالى:"ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً".
وقال عليه الصلاة والسلام:"من أكثر من الاستغفار جعل الله عز وجل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزق من حيث لا يحتسب". رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم وقال صحيح الإسناد. وأعقبه الذهبي بأن في سنده جهالة.
والمفهوم من هذه النصوص وأمثالها أن الاستغفار وسيلة من الوسائل التي يمكن للعبد أن يستعملها لتحقيق مطلوبه من إنزال المطر واستجلاب الرزق والذرية والقوة وحصول مغفرة الذنوب، وتفريج الكروب، والخروج من الهموم.
وقد وردت نقول عن السلف وأحاديث مرفوعة تدل على هذا المعنى في بعض أسانيدها نظر، وهي إن صحت كانت شاهدة لهذا المعنى، وإلا فالأصل في هذا الباب أن الشرع بيَّن أن الاستغفار يحقق نتائج فلا حرج على من استغفر لتحقيقها.
نقل ابن كثير في تفسيره سورة نوح (14/140) قال:"روى عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه صعد المنبر يستسقي فلم يزد على الاستغفار ثم قال: لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء التي يُستنزل بها المطر.
ونقل في تفسيره سورة الطلاق (14/33) عن محمد بن إسحاق أن مالك الأشجعي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أُمر بني عوف. فقال له رسول الله: أرسل إليه أني آمره أن يكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، فسقط القيد عنه ولم يفجأ أبويه إلا وهو ينادي بالباب:"ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب". وقد ذكر الحديث المنذري في التهذيب (2/436) وقال محمد بن إسحاق لم يدرك مالكاً.
جاء رجل للحسن يشكو إليه العقم فأمره بالاستغفار، فعاد إليه ثانية فكرر أمره بالاستغفار كان بعد حين حملت زوجته.
يبقى في المسألة أمر: هو هل لمن استغفر بقصد دنيوي أجر عند الله تعالى أم هو ممن استعجل الدنيا كما قال تعالى:"من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما يعملون". قال ابن كثير:" من عمل صالحا التماس الدنيا لا يعمله إلا لالتماس الدنيا يوفيه، والذي التمس في الدنيا من المثابة فهو في الآخرة من الخاسرين.
هذا يدل على أن الإنسان إذا عمل عملاً صالحاً أراد به الدنيا فقط، ولم يقصد به ثواب الآخرة أنه لا ثواب آخرة، وأما إن قصد به ثواب الآخرة فقط أو ثواب الآخرة وحصول المقصود في الدنيا فإنه على ذلك، وقد نقل ابن رجب في جامع العلوم والحكم (1/82) عدة نصوص تدل على ذلك.
والله تعالى أعلم.
المفتي الشيخ الدكتور هاني بن عبدالله الجبير
------------
(مهــم ) وفي كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قال :
باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا
وقوله -تعالى-: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ".
وفي الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أعطي رضي، وإن لم يعط سخط تعس، وانتكس وإذا شيك فلا انتقش، طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، أشعث رأسه مغبرة قدماه، إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة، إن استأذن لم يؤذن له، وإن شفع لم يشفع " .
-------------------------
شــــــــــرح البـــــاب للشيخ صالح ال الشيخ في الدورة العلمية بجامع ابن تيمية
قــــــــــال:
هذا الباب باب عظيم من أبواب هذا الكتاب، ترجمه الإمام -رحمه الله- بقوله: باب: من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا ؛ "من الشرك" يعني: الشرك الأصغر أن يريد الإنسان بعمله بأعماله، التي يعملها من الطاعات الدنيا، ولا يريد بها الآخرة، وإرادة الإنسان الدنيا يعني: ثواب الدنيا أعم من حال الرياء، فالرياء حالة واحدة من أحوال إرادة الإنسان الدنيا، فهو يصلي، أو يزيد، ويزين في صلاته؛ لأجل الرؤية؛ ولأجل المدح، لكن هناك أحوال أخر لإرادة الناس بأعمالهم الدنيا؛ فلهذا عطف الشيخ -رحمه الله- هذا الباب على الذي قبله؛ ليبين أن إرادة الإنسان الدنيا تأتي في أحوال كثيرة أعم من حال الرياء بخاصة، لكن الرياء جاء فيه الحديث وخافه النبي -عليه الصلاة والسلام- على أمته، فهو في وقوعه كثير، والخوف منه جلل، وهذا الباب اشتمل على الحكم بأن إرادة الإنسان بعمله الدنيا من الشرك، وقوله: "إرادة الإنسان" يعني: أن يعمل العمل، وفي إرادته باعثه على العمل ثواب الدنيا، فهذا من الشرك بالله جل جلاله، وسيأتي تفصيل أحوال ذلك.
قال: وقول الله -تعالى-: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هذه الآية، آية سورة هود مخصوصة بقوله -تعالى-: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ " فهي مخصوصة لمن شاء الله -جل وعلا - قال هنا: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا " يعني: " ممن أراد الله -جل وعلا - له ذلك، وممن شاءه الله، فهذا العموم الذي هنا مخصوص بآية الإسراء وآية سورة الشورى، الذين يريدون الحياة الدنيا أصلا وقصدا، وتحركا هم الكفار؛ ولهذا نزلت هذه الآية في الكفار، لكن لفظها يشمل كل من أراد الحياة الدنيا بعمله الصالح؛ ولهذا جمع الإمام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في رسالة له أحوال الناس فيما قال السلف تفسيرا لهذه الآية، وجعل كلام السلف يتناول أربعة أنواع من الناس، كلهم يدخل في هذا الوعيد:
النوع الأول: ممن ركبوا هذا الشرك الأصغر، فأرادوا بعملهم الحياة الدنيا، أنه يعمل العمل الصالح، وهو فيه مخلص لله -جل وعلا - لكن يريد به ثواب الدنيا، ولا يريد به ثواب الآخرة، مثلا يعمل، يتعبد الله -جل وعلا - بالصلاة وهو فيها مخلص لله أداها على طواعية واختيار وامتثال لأمر الله، لكن يريد منها أن يصح بدنه، أو وصل رحمه، وهو يريد منه أن يحصل له في الدنيا الذكر الطيب والصلة، ونحو ذلك، أو عمل أعمالا من التجارة والصدقات، وهو يريد بذلك تجارة؛ لكي يكون عنده مال، فيتصدق، وهو يريد بذلك ثواب الدنيا، فهذا النوع عمل العبادة امتثالا للأمر، ومخلصا فيها لله، ولكنه طامع في ثواب الدنيا، وليس له همة في الآخرة، ولم يعمل هربا من النار وطمعا في الجنة، فهذا داخل في هذا النوع وداخل في قوله: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ " .
والأعمال التي يعملها العبد، ويستحضر فيها ثواب الدنيا على قسمين:
القسم الأول: أن يكون العمل الذي عمله، واستحضر فيه ثواب الدنيا، وأراده، ولم يرد ثواب الآخرة، لم يرد الشرع فيه بذكر ثواب الدنيا مثل الصلاة والصيام، ونحو ذلك من الأعمال والطاعات، فهذا لا يجوز له أن يريد به الدنيا، ولو أراد به الدنيا، فإنه مشرك ذلك الشرك.
والقسم الثاني: أعمال رتب الشارع عليها ثوابا في الدنيا، ورغب فيها بذكر ثواب لها في الدنيا، مثل صلة الرحم، وبر الوالدين، ونحو ذلك، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- " من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه " فهذا النوع إذا استحضر في عمله، حين يعمل هذا العمل، استحضر ذلك الثواب الدنيوي، وأخلص لله في العمل، ولم يستحضر الثواب الأخروي، فاستحضر ذلك الثواب الدنيوي، وأخلص لله في العمل، ولم يستحضر الثواب الأخروي، فإنه داخل في الوعيد، فهو من أنواع ذلك الشرك، لكن إن استحضر الثواب الدنيوي والثواب الأخروي معا، له رغبة فيما عند الله في الآخرة يطمع في الجنة، ويهرب من النار، واستحضر ثواب هذا العمل في الدنيا، فإنه لا بأس بذلك؛ لأن الشرع ما رغب فيه بذكر الثواب في الدنيا إلا للحض عليه:
" من قتل قتيلا فله سلبه " فقتل القتيل في الجهاد؛ لكي يحصل على السلب هذا، ولكن قصده من الجهاد الرغبة فيما عند الله -جل وعلا - مخلصا فيه لوجه الله، لكن أتى هذا من زيادة الترغيب له، ولم يقتصر على هذه الدنيا، بل قلبه معلق -أيضا- بالآخرة، فهذا النوع لا بـــــــأس به، ولا يدخل في النوع الأول مما ذكره السلف في هذه الآية.
النوع الثاني: مما ذكره السلف مما يدخل تحت هذه الآية: " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ " أنه يعمل العمل الصالح لأجل المال، فهو يعمل العمل لأجل ما يحصله من المال، مثل أن يدرس ويتعلم العلم الشرعي لأجل الوظيفة فقط، وليس في همه رفع الجهالة عن نفسه، ومعرفة العبد بأمر ربه، ونهيه والرغبة في الجنة، وما يقرب منها، والهرب من النار، وما يقرب منها، فهذا داخل في ذلك، أو حفظ القرآن؛ ليكون إماما في المسجد، ويكون له الرزق الذي يأتي من بيت المال، فغرضه من هذا العمل، إنما هو المال، فهذا لم يعمل العمل صالحا، وإنما عمل العمل الذي في ظاهره أنه صالح، ولكن في باطنه قد أراد به الدنيا.
والنوع الثالث: أهل الرياء، الذين يعملون الأعمال لأجل الرياء.
والنوع الرابع: الذين يعملون الأعمال الصالحة، ومعهم ناقض من نواقض الإسلام، يعمل أعمالا صالحة: يصلي، ويزكي، ويتصدق، ويقرأ القرآن، ويتلو، ولكن هو مشرك الشرك الأكبر، فهذا وإن قال إنه مؤمن، فليس بصادق في ذلك؛ لأنه لو كان صادقا لوحد الله -جل وعلا -.
فهذه بعض الأنواع التي ذكرت في تفسير هذه الآية، وكلها داخلة تحت قوله: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فهؤلاء جميعا أرادوا الحياة الدنيا وزينتها، ولم يكن لهم هم في رضا الله -جل وعلا - وطلب الآخرة بذلك العمل من أصله، بل بذلك العمل الذي عملوه.
هنا إشكال أورده بعض أهل العلم، وهو أن الله -جل وعلا - قال في الآية التي تليها: " أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " وأن هذه في الكفار الأصليين، أو فيمن قام به مكفر، أما المسلم الذي قامت به إرادة الدنيا، فإنه لا يدخل في هذه الآية.
والجواب: أنه يدخل؛ لأن السلف أدخلوا أصنافا من المسلمين في هذه الآية والوعيد بقوله: " أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إلا النَّارُ " فيمن كانت إرادته الحياة الدنيا، فلم يتقرب إلى الله -جل وعلا - بشيء " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ " فهؤلاء أرادوا الدنيا بكل عمل، وليس معهم من الإيمان والإسلام مصححا لأصل أعمالهم، فهؤلاء مخلدون في النار أما الذي معه أصل الإيمان، وأصل الإسلام الذي يصح به عمله، فهذا قد يحبط العمل، بل يحبط عمله الذي أشرك فيه، وأراد به الدنيا، وما عداه لا يحبط؛ لأن معه أصل الإيمان الذي يصحح العمل، الذي لم يخالطه شرك.
فإذا هذه الآية فيها الوعيد، وهذا الوعيد يشمل -كما ذكرنا- أربعة أصناف، وكما قال أهل العلم: إن العبرة هنا باللفظ لا بخصوص السبب، فهي وإن كانت في الكفار، لكن لفظها يشمل من أراد الحياة الدنيا من غير الكفار.
قال في الصحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميصة .." إلى آخر الحديث وجه الشاهد من ذلك أنه دعا على عبد الدينار، وعلى عبد الدرهم وعلى عبد الخميصة، وعبد الدينار هو الذي يعمل العمل لأجل الدينار، ولولا الدينار لما تحركت همته في العمل، لولا هذه الخميصة لما تحركت همته في العمل، فأراد العمل وعمل العمل لأجل هذا الدينار؛ لأجل هذه الدنيا؛ لأجل الدراهم؛ لأجل الجاه؛ لأجل المكانة؛ لأجل الخميصة، أو الخميلة، ونحو ذلك، وقد سماه النبي -عليه الصلاة والسلام- عابدا للدينار، فدل ذلك على أنه من الشرك؛ لأن العبودية درجات، منها عبودية الشرك الأصغر، ومنها عبودية الشرك الأكبر، فالذي يشرك بغير الله -جل وعلا - الشرك الأكبر، وعابد له، أهل الأوثان، عبدة للأوثان، وأهل الصليب، عبدة للصليب، وكذلك من يعمل الشرك الأصغر، ويتعلق قلبه بشيء من الدنيا، فهو عابد لذلك.
يقال: عبد هذا الشيء؛ لأنه هو الذي حرك همته، ومعلوم أن العبد مطيع لسيده مطيع له أينما وجهه، توجه، فهذا الذي حركته وهمته للدنيا وللدينار وللدرهم عبد لها، همته معلقة بتلك الأشياء، وإذا وجد لها سبيلا تحرك إليها، بدون النظر هل يوافق ذلك أمر الله -جل وعلا - أم لا يوافق أمر الله -جل وعلا - وشرعه. نعم.
--------------------
إذن خلاصة كلام اهل العلم :
ان الاعمال الصالحة بنية :
- الاجر والثواب والفوز برضا الله وجنته صاحبها في اعلى الدرجات وسينال التوفيق في الدنيا والآخرة .
- بنية الاجر والثواب وهو الباعث على العمل الصالح ولكن معها نية اخرى دنيوية ( الثمرات المترتبة في الدنيا) فهذا له أجر ولكن اقل من الاول .
- بنية الحصول على الثمرات الدنيوية وليس له نية لاجر ثواب الاخرة ، هذا من الخاسرين يوم القيامة .
- بنية مدح الناس وثناؤهم عليه انه رجل صالح وكريم .. الخ .. هذا مرائي ، والرياء يحبط العمل .
ولنتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
{ من كانت الآخرة همه . جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله ، وأتته الدنيا وهي راغمة ، ومن كانت الدنيا همه . جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له } صححه الألباني
هناك من يعترض ويقول :
أليس الله يقول في الثلث الأخير من الليل : " هل من داع فاستجيب له هل من سائل فأعطيه ، هل من مستغفر فأغفر له "
نقول له : بالنسبة للدعـــــــــاء اطلــــــــب به ما شئت من الله من كل خير في الدنيــــا والآخـــــرة ..
لكن لا تقم تصلي قيام الليل لأجل الدنيا .. صلِّ لتنال رضا الرحمن والجنة وتنجو من النار ، والدعـــاء أطلب به ما شئت من الله تعالى ..
أسأل الله تعالى ان يرزقنا الاخلاص والقبول في القول والعمل ويرزقنا رضاه وجنته .
وصل اللهم على نبينا محمد واله وصحبه وسلم .
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
جزاكي الله خير
__________________________________________________ __________
جزاكي الله خير
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________