عنوان الموضوع : ما هي الأخلاق ؟ من الشريعة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
ما هي الأخلاق ؟
ما هي الأخلاق ؟
الأخلاق جمع خُلُق، " و الخُلُق في اللغة هو الطبع والسجية ؛ وفي اصطلاح العلماء، كما يعرِّفه الغزالي – عبارة عن هيئة في النفس راسخة، عنها تصدر الأفعال بسهولة ويسر من غير حاجة إلى فكر وروية فإن كانت الهيئة بحيث تصدر عنها الأفعال الجميلة المحمودة عقلاً وشرعاً ، سميت تلك الهيئة خُلُقاً حسنا ً، وإن كان الصادر عنها الأفعال القبيحة سميت الهيئة خلقاً سيئاً "
و يمكن أيضاً تعريف الأخلاق بأنها "مجموعة من المعاني والصفات المستقرة في النفس وفي ضوئها وميزانها يَحسُن الفعل في نظر الإنسان أو يقبُح، ومن ثم يُقدم عليه أو يُحجم عنه"
وهناك جانبان للأخلاق:
الأول :يتضمن القدرة على تمييز الحق من الباطل ، والخير من الشر ،واللائق من غير اللائق
أما الثاني: فينطوي على الالتزام بعمل كل ما هو حق وخير و لائق.
والأخلاق مفهوم عملي تطبيقي،أي أنها ليس مجرد فكرة للتفكير فيها أو الجدال حولها .
وتختلف الأخلاق عن القيم في أن الأولى تهتم بسلوك الإنسان الخَلوق وتصرفاته ، بينما تهتم الثانية بالمعتقدات والاتجاهات المختلفة التي تحدد كيف يتصرف الإنسان فعلاً
أهمية الأخلاق
" للأخلاق أهمية بالغة لما لها من تأثير كبير في سلوك الإنسان وما يصدر عنه، بل نستطيع أن نقول: إن سلوك الإنسان موافق لما هو مستقر في نفسه من معان وصفات، وما أصدق كلمة الإمام الغزالي إذ يقول في إحيائه "فان كل صفة تظهر في القلب يظهر أثرها على الجوارح حتى لا تتحرك إلا على وفقها لا محالة" ؛ فأفعال الإنسان، إذن موصولة دائما بما في نفسه من معان وصفات صلة فروع الشجرة بأصولها المغيبة في التراب!!!
ومعنى ذلك أن صلاح أفعال الإنسان يكون بصلاح أخلاقه، لأن الفرع بأصله، فإذا صلح الأصل صلح الفرع، وإذا فسد الأصل فسد الفرع ، كما قال تعالى :﴿ وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونًَ﴾ [الأعراف: 58]. ولهذا كان النهج السديد في إصلاح الناس وتقويم سلوكهم وتيسير سبل الحياة الطيبة لهم أن يبدأ المصلحون بإصلاح النفوس وتزكيتها وغرس معاني الأخلاق الجيدة فيها ولهذا أكد الإسلام على صلاح النفوس وبين أن تغيير أحوال الناس من سعادة وشقاء ويسر وعسر، ورخاء وضيق، وطمأنينة وقلق، وعزّ وذل كل ذلك ونحوه تبع لتغيير ما بأنفسهم من معان وصفات، قال تعالى: ﴿إن الله لا يغيِّرُ ما بِقوم حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم﴾ < الرعد-11>
وتظهر أهمية الأخلاق أيضاً من ناحية أخرى، ذلك أن الإنسان قبل أن يفعل شيئا أو يتركه يقوم بعملية وزن وتقييم لتركه أو فعله في ضوء معاني الأخلاق المستقرة في نفسه فإذا ظهر الفعل أو الترك مرضيا مقبولا انبعث في النفس رغبة فيه واتجاه إليه ثم إقدام عليه، وإن كان الأمر خلاف ذلك انكمشت النفس عنه وكرهته وأحجمت عنه تركا كان أو فعلا.
إن عملية الوزن هذه قد تكون سريعة جداً وغير محسوس بها إلى درجة أن الإنسان قد يفعل الشيء أو يتركه بدون رَوِيَّة أو تفكير، وفي بعض الأحيان لا تتم عملية الوزن والتقييم إلا بعد تأمل ومضي وقت طويل، وقد لا تتم هذه العملية فيقع الإنسان في التردد بين الفعل والترك. ولكن في جميع الأحوال لا بدّ من عملية الوزن والتقييم لكل فعل أو ترك بلا استثناء.
مكانة الأخلاق في الإسلام :
للأخلاق في الإسلام مكانة عظيمة ، تظهر من وجوه كثيرة، نذكر منها ما يأتي:
أولاً: تعليل رسالته –صلى الله عليه وسلم- بتقويم الأخلاق وإشاعة مكارم الأخلاق، فقد حدد رسول الإسلام الغاية الأولى من بعثته، والمنهاج المبين في دعوته ، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" (حديث صحيح) فكأن الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة ، وبذل صاحبها جهداً كبيراً في مد شعاعها وجمع الناس حولها ، لا تنشد أكثر من تدعيم فضائلهم ،وإنارة آفاق الكمال أمام أعينهم ، حتى يسعوا إليها على بصيرة .
ثانياً: من أكثر ما يُدخِل الناس الجنة ، فقد سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ فقال تقوى الله وحسن الخلق "(حديث حسن) ،
أما إذا استعرضنا أركان الإسلام ركنا ًركناً ، لوجدنا أن "العبادات التي شُرعت في الإسلام واعتبرت أركاناً به ليست طقوساً مبهمة من النوع الذي يربط الإنسان بالغيوب المجهولة ،ويكلفه بأداء أعمال غامضة وحركات لا معنى لها ؛ كلا، فالفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه هي تمارين متكررة لتعويد المرء أن يحيا بأخلاق صحيحة ، وأن يظل مستمسكاً بهذه الأخلاق ، مهما تغيرت أمامه الظروف ...إنها أشبه بالتمارين الرياضية التي يُقبل الإنسان عليها بشغف ،ملتمساً من المداومة عليها عافية البدن وسلامة الحياة ، والقرآن الكريم والسنة المطهرة يكشفان –بوضوح- عن هذه الحقائق ، فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أظهر الحكمة من إقامتها ، فقال : < وأقِمِ الصلاةَ إن الصلاةَ تنهى عن الفحشاء والمُنكر> العنكبوت -45 ؛فالإبعاد عن الرذائل والتطهير من سوء القول وسوء العمل ، هو حقيقة الصلاة ، وقد جاء في حديث يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه سبحانه :< إنما تُقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطِِل بها على خلقي، ولم يبِت مُصرَّاً على معصيتي،وقطع النهار في ذِكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المُصاب >
والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب ، بل هي -أولاً - غرس لمشاعر الحنان والرأفة ، وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات.
وقد نص ا لقرآن الكريم على الغاية من إخراج الزكاة بقوله :< خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ> التوبة 103 ؛فتنظيف النفس من أدران النقص والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل هو الحكمة الأولى.
ومن أجل ذلك وسع النبي صلى الله عليه وسلم في دلالة كلمة الصدقة التي ينبغي أن يبذلها المسلم فقال: < تبسُّمك في وجه أخيك صدقة،وأمرُك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة ، وإماطتك الأذى عن الطريق صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ،وبصرك للرجل الردىء البصر لك صدقة>(حديث صحيح)
هذه التعاليم التي جاءت في البيئة الصحراوية التي عاشت دهوراً على التخاصم والنزق، تشير إلى الأهداف التي رسمها الإسلام ، وقاد العرب في الجاهلية المظلمة إليها .
وكذلك شرع الإسلام الصوم ، فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة و الأشربة، بل اعتبره خطوة إلى حرمان النفس دائماً من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكورة ، وإقراراً لهذا المعنى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : < من لم يدَع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدَع طعامه وشرابه>(البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم :< إذا أصبح أحدكم يوما صائما ، فلا يرفث ولا يجهل . فإن امرؤ شاتمه أو قاتله ، فليقل : إني صائم . إني صائم . > (مسلم)
والقرآن الكريم يذكر ثمرة الصوم بقوله : < كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون> البقرة -183
وقد يحسب الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة –الذي كُلف به المستطيع واعتبر من فرائض الإسلام على بعض أتباعه – يحسب الإنسان هذا السفر رحلة مجردة عن المعاني الخلفية ، ومثلاً لما قد تحتويه الأديان أحياناً من تعبدات غيبية ،وهذا خطأ، إذ يقول الله تعالى- في الحديث عن هذه الشعيرة-: < الحجُ أشهرٌ معلومات ، فمن فرض فيهن الحج فلا رفثَ ولا فسوق ولا جدال في الحج، وما تفعلوا من خيرٍ يعلمه الله ، وتزوَّدوا فإن خيرَ الزادِ التقوى، و اتقونِ يا أولي الألباب>البقرة 183
هذا العرض المجمل لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام ، وعُرفت على أنها أركانه الأصيلة ، نستبين منه متانة الأواصر التي تربط الدين بالخُلق،و على الرغم من أنها عبادات متباينة في جوهرها ومظهرها،ولكنها تلتقي عند الغاية التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله : < إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق>(حديث صحيح)
ثالثاً: المؤمنون يتفاضلون في الإيمان، وأفضلهم فيه أحسنهم أخلاقاً، جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، رواه البخاري: < إن خيارَكُم أحاسنكم أخلاقا>
رابعاً: إن المؤمنين يتفاوتون في الظفر بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقربهم منه يوم القيامة، وأكثر المسلمين ظفرا بحب رسول الله والقرب منه أولئك المؤمنون الذين حَسُنَت أخلاقهم حتى صاروا فيها أحسن من غيرهم ؛جاء في الحديث الشريف عن النبي صلى الله عليه وسلم:< إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا ، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون . قالوا : يا رسول الله قد علمنا الثرثارين والمتشدقين فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون> رواه الترمذي
خامساً: إن حسن الخُلُق أمر لازم وشرط لا بد منه للنجاة من النار والفوز بالجنان، وان التفريط بهذا الشرط لا يغني عنه حتى الصلاة والصيام، جاء في الحديث:< قالوا يا رسول الله فلانة تصوم النهار وتقوم الليل وتؤذي جيرانها قال هي في النار ،قالوا يا رسول الله فلانة تصلي المكتوبات وتصدق بالأثوار من الأقط ولا تؤذي جيرانها قال هي في الجنة >(رواه المنذري في الترغيب والترهيب) ،
و حديث آخر رواه مسلم:< لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة ، في شجرة قطعها من ظهر الطريق . كانت تؤذي الناس>!!!
سادساً: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ربه بأن يحسِّن خُلُقه – وهو ذو الأخلاق الحسنة – وأن يهديه لأحسنها، فقد كان صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه:"اللهم حسَّنتَ خَلقي فحسن خُلقي"
ويقول: "اللهم اهدِني لأحسن الأخلاق فانه لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها فأنه لا يصرف عني سيئها إلا أنت" ومعلوم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلا بما يحبه الله ويقربه منه.
سابعاً: أن الله تعالى مدح رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق، فقد جاء في القرآن الكريم ﴿وإنك لَعلى خلُق عظيم﴾ القلم-4 والله تعالى لا يمدح رسوله إلا بالشيء العظيم مما يدل على عظيم منزلة الأخلاق في الإسلام.
ثامناً: كثرة الآيات القرآنية المتعلقة بموضوع الأخلاق، سواء أمراً بالجيد منها، ومدحا للمتصفين بها، ومع المدح الثواب... أو نهياً عن الرديء منها وذم المتصفين بها، مع الذم والعقاب.
ولا شك أن كثرة الآيات في موضوع الأخلاق، يدل على أهميتها، ومما يزيد في هذه الأهمية أن هذه الآيات منها ما نزل في مكة قبل الهجرة، ومنها ما نزل في المدينة بعد الهجرة، مما يدل على أن الأخلاق أمر مهم جداً لا يستغني عنه المسلم وأن مراعاة الأخلاق تلزم المسلم في جميع الأحوال فهي تشبه أمور العقيدة من جهة عناية القرآن بها في سورة المكية والمدنية على حد سواء.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
جزاك الله خير
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________