عنوان الموضوع : من قصة من تأليفي روايات
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
من أنا ؟؟ ... قصة من تأليفي
السلام عليكم يا أخواتي أعضاء سيدتي
انا جايبلك قصة من تأليفي انا
اسمها ( من أنا ؟ )
لقد كتبتها من فترة طويلة جدا
ولم يقرأها احد
فاريد رأيكم فيها بكل صراحة وبدون مجاملات وهذا مهم جدا
لأني هحدد عليه حاجات كتير بعد كدا
و عايزة اسمع تعليقاتكم عليها .
انا بكتبها على الوورد مع بعض التعديلات على القصة القديمة وكل جزء هخلصه هنقله لكم
ساترككم معها وأعذروني هى طويلة شوية معلش استحملوني
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
بسم الله الرحمن الرحيم
رواية [ من أنا ؟؟ ]
بقلم : اسماء الألفي
1- أين أنا !!
كان حسن يمشى على الشاطئ سارحا ويفكر في حل لما هو فيه .
وفجاة وجد شئ ملقى على الشاطئ واقترب اكثر فوجدها فتاه ملقاه على وجهها و فاقدة الوعي
حاول ان يرفع راسها قليلا فوجدها غائبة تماما عن الوعي تحسس يدها فوجد انه مازال لديها نبض ضعيف جدا
فحملها إلى المنزل واستدعى مربيته امينة لتساعدها على تغير ملابسها المبللة ووضعها في الفراش.
وبعد مرور أربعة ايام من صراع الفتاة مع الموت افاقت أخيراً من غيبوبتها و فتحت عينيها لتجد نفسها تائهة ونظرت بجوارها فوجدت هذا الشاب الغريب يقف بجوارها.
فسالته بصوت واهن :
- اين انا؟.....ومن انت؟..............وما هذا المكان؟
- ماذا حدث لي ؟........... ...انا لا اذكر شئ
- اهدئي قليلا واخبريني ماذا حدث لك؟
- لا أعرف ....انا لا أذكر شئ ... انا لا اذكر حتى اسمي
- ماذا حدث لي ؟
- لماذا لا اتذكر اي شئ؟.....هل...هل فقدت الذاكرة؟
فنظر إليها حسن وهو محتار ماذا يقول لها وفي النهاية وجد نفسه يقول لها:
- أعتقد انك فعلاً فقدت الذاكرة. وعندما وجد إمارات الفزع إزدادت على وجهها سارع بالقول :
- لكن إطمئني ليس بالضرورة أن يطول الأمر وسنحاول معا أن نتذكر ما حدث لك لكن يجب أن تهدئي الأن وتحاولي الراحة فأنت مازالت متعبة مما حدث لك ولم تستردي قواك بعد.
فنظرت له بامل و سألته :
- انت تعرفني أليس كذلك ؟ وتعرف ما حدث لي ؟ هل أنت شخص أعرفه ؟ ولماذا اشعر بمثل هذا التعب و لا أقوى على الحركة؟
فابتسم لها قائلا :
ـ مهلك قليلا أخشى انني صاصدمك بعدم معرفتي اي شئ عنك فأنا وجدتك ملقاه على الشاطئ وفاقدة الوعي فاحضرتك إلى هنا .
ثم استطرد موضحا :
ـ هل تعلمي انك مكثت في هذاالفراش اربعة ايام ؟ وكنت نائمة أغلب الوقت طبعا ولا تدري بأي شئ مما يجري من حولك ؟
وعندما سمعت هذا الكلام انفجرت في البكاء وهي تشعر بالضياع كإنها غارقة في بحر كبير ليس له نهاية .
حاول حسن ان يهدئ من روعها قليلا فقال لها:
ــ لا تخافي فأنا واثق من أنك ستتحسنين مع الوقت وستستعيدي ذاكرتك قريبا , فأرجوكي حاولي ان تهدئي .
هدأت قليلا وتوقفت عن البكاء ثم نظرت له وسألته :
ــ لكن من أنت ؟ و ما هذا البلد ؟ وكيف أتيت إلى هنا ؟ وأين أهلي ؟
قالت هذا و رفعت عنها الغطاء و حاولت أن تنهض لكنه ابقاها في السرير قائلا:
ــ ماذا تفعلين انت لم تتعافي بعد وما زالت ضعيفة ولن تقوي على الحركة من الأفضل لك ألا تحاولي النهوض الأن .
لكنها لم تستمع إلى كلامه وفجاة اكتشفت انها ترتدي بيجاما رجالي كبيرة عليها فنظرت إلى حسن بتعجب وسألته:
ــ بالطبع انا لم أكن بهذه الملابس عندما وجدتني على الشاطئ؟
ــ كلا لم تكوني بهذه الملابس هذه بيجامتي فأنا لم اجد ملابس تناسبك فلا يوجد في هذا المنزل غيري انا ودادا امينة مربيتي من وانا طفل صغير وهي بدينة وملابسها ستكون واسعة جدا عليك , فوجدت ان هذه البيجاما مناسبة اكثر .
وعلى فكرة دادا امينة هي من ابدلت لك ملابسك لأنها بالطبع كانت مبللة جدا .
فنظرت له بتساؤل في عينيها وقبل ان تتكلم قال لها :
ــ لقد بحثت في ملابسك على ما يدل على شخصيتك لكن للأسف لم أجد شيئا.
وعندما وجد الحزن ملاء عينيها مرة اخرى تابع كلامه قائلاً:
ــ انا اسف اني اخبرك بذلك وكنت أود ان اطمئنك بشئ كل صدقيني كل شئ سيكون بخير لا تقلقي .
فنظرت للجهه الأخرى حتي تداري الدموع في عينيها و قالت:
ــ معني هذا أني تائهة تماما لا أعلم من أنا و من هم أهلي وأين أسكن.
ثم نظرت له فجأة وكأنها تذكرت شيئا ثم قالت:
ــ لكن أكيد هناك من يبحث عني وأكيد سيعرفون مكاني أليس كذلك؟
لكنك لم تقول لي اين أنا و ما هو أسمك ؟
نظر إليها حسن وقال لها مبتسما ليطمئنها:
ــ انا أسمي حسن وهذه قرية صغيرة على أطراف مصر بالقرب من حدود ليبيا وهذا منزلي أعيش فيه مع دادا أمينة و.... وسكت فجاة عن الكلام فقد لاحظ انها تقاوم النعاس بشدة فقال لها:
ــ اري انك تقاوين النوم ، لكن النوم أفضل لك في الوقت الحاضر فانت محتاجة للراحة كي تتحسن صحتك.
لكن قبل ان تنامي تناولي هذه الحبوب وعنما تستيقظين ستشعرين بتحسن إن شاء الله .
ابتلعت الحبوب واعطاها كوب من الماء بعدها فشكرته ونامت على الفور و تركها حسن وخرج من الغرفة بعد ان أطفئ النور وأغلق الباب خلفه في هدوء.
__________________________________________________ __________
-2- ما هذا المكان؟
بعد عدة ساعات استيقظت الفتاة الغريبة من نومها وكانت الغرفة تسبح في ظلام دامس فأيقنت ان الصباح لم يأتي بعد فحاولت العودة إلى النوم لكنها سمعت صوت صرخة مكتومة وطرق على نافذة حجرتها وأصوات غريبة, فخافت من هذه الأصوات وفكرت هل تنهض وتفتح النافذة وترى ماذا يحدث بالخارج او تظل في مكانها ولكنها لم تستطيع البقاء في الفراش , وحاولت القيام ولكنها شعرت بدوار شديد وكادت ان تقع فجلست مرة أخرى على السرير وتذكرت انها لم تقوم من السرير من اربعة ايام فطبيعي ان تشعر بالدوار فحاولت القيام مرة اخرى ولكن بهدوء هذه المرة واستندت على طرف السرير وسارت بإتجاه النافذة في الظلام فاصطدمت بشئ صلب وسمعت صوت شئ يقع على الأرض محدثا صوت عالي يحطم سكون الليل فانتفضت بشدة وذعرت ولم تتحرك من مكانها و ما هي إلا ثواني معدودة حتى إنفتح الباب وأضاء حسن النور وهو يسألها بقلق:
ــ ماذا حدث؟ هل انت بخير ؟
فنظرت إليه لحظة قبل ان تقول بإرتباك :
ــ انا أسفة... و...و ....لكني سمعت صو.....صوتا غريبا وكأن أحدا ما يدق على النافذة واخر يصرخ فحاولت الذهاب إلى النافذة . ثم أشارت الى المنضدة العالية الملقاة على الأرض وقالت:
ــ فإصطدمت بهذا الشئ ووقع أرضا . أسفة لأني أزعجتك فهل سمعت انت هذه الأصوات؟
فإبتسم لها ليطمئنها ثم قال لها وهو يضع المنضدة في مكانها مرة أخرى :
ــ حصل خير فانا لم أكن نائما , ثم أني لم أسمع أية اصوات اعتقد انك كنت تحلمين او مازال ذهنك مشوشا مما عانيتيه الفترة السابقة , يجب ان تعودي للنوم مرة اخرى .
فسارت نحو السرير ولكن نظرة القلق التي رأتها بعيني حسن جعلتها تشك في كلامه وتتأكد إنها فعلا سمعت هذه الأصوات بالخارج مما جعلها تزداد خوفا وتشعر اكثر بالوحدة والقلق , ولكنها وجدت نفسها تقول له:
ــ عندك حق انا مازالت متعبة ومشوشة , وأسفة لاني ازعجتك وسوف أحاول النوم مرة اخرى . تصبح على خير.
ــ لا داعي للأسف فلم يحدث شئ فقط حاولي ان تهدأي كي تستطيعي النوم , تصبحين على خير.قال ذلك ثم استدار وخرج من الغرفة وأغلق الباب خلفه.
لكنها لم تستطيع النوم مرة أخري , فذهبت إلى النافذة وفتحتها فداعب وجهها هواء منعش ورائحته صافية جدا
فخمنت إنها إما في فصل الربيع أو الخريف لأن الجو كان جميل جدا , وبعد ان مضت حوالي نصف الساعة
وإمتلأت رئتيها بالهواء المنعش النقي احست بالنعاس يتسلل إليها فعادت إلى السرير بعد أن اطفأت نور الحجرة
وماهي إلا ثواني وكانت استغرقت في نوم عميق هادئ خالي من الأحلام المزعجة والكوابيس التي كانت تراها الفترة الماضية .
في صباح اليوم التالي استيقظت الفتاة على شعاع الشمس الدافئ الساقط على وجهها فحجبت اشعة الشمس بيديها وتذكرت إنها نامت ونسيت ان تغلق النافذة .
نهضت من الفراش وهي تشعر بالنشاط والحيوية تسري في جسدها وشعرت بالجوع ففكرت ان تخرج من الحجرة ولكنها ذهبت إلى الحمام الخاص بالغرفة وغسلت وجهها وفكرت وهي تجفف وجهها إنها في بيت شخص غريب ويجب الا تتجول هكذا بدون إذن فهي لا تريد ان تكون متطفلة فجلست مرة أخري على السرير و اخذت تنظر في كل انحاء الغرفة وقالت لنفسها الحجرة جميلة جدا وانيقة وبها حمام خاص فهل توجد مثل هذه التصميمات في القرى كيف ذلك , وقبل ان تسترسل في افكارها اكثر من ذلك سمعت طرقا على الباب فاذنت للطارق بالدخول , فأنفتح الباب ودخلت منه سيدة قصيرة وبدينة ومتقدمة في السن تبدو عليها إمارات الطيبة ووجهها يشع حنان و مودة خصوصا بعد ان ابتسمت إبتسامة عريضة للفتاة وكانت تحمل صينية عليها طعام الإفطار وقالت لها وهي تضع الصينية على المنضدة التي وقعت بالأمس:
ــ صباح الخير يا إبنتي اري انك بصحة جيدة اليوم حمدا لله على شفاءك .
ابتسمت لها الفتاة بعد إطمأنت لها جدا وقالت لها:
ــ صباح النور . فعلا انا اشعر بتحسن شديد اليوم الحمد لله على ذلك .
نظرت الفتاة إلى الطعام وكانت تتضور جوعا وحولت نظرها بسرعة فخافت ان تلاحظ السيدة نظراتها هذه
وسمعتها تقول لها كإنها تقرأ افكارها:
ــ اعتقد انك جائعة جدا بعد صيام الأيام الماضية ووجهك شاحب جدا فأرجو ان تتناولي كل هذا الطعام حتى يعود اللون إلى وجهك مرة اخري , إتفقنا؟
ــ اتفقنا انا جائعة جدا في الحقيقة شكرا لك رائحة الطعام تبدو شهية جدا.
ــ بالهنا والشفا يا حبيبتي .
نظرت لها الفتاة وسألتها :
ــ بالتأكيد انت السيدة امينة اليس كذلك؟
ــ نعم يا ابنتي ويا ريت تناديني بدادا امينة .
ــ لقد اخبرني استاذ حسن بإنك من ابدل لي ثياب يوم اتيت إلى هنا وكنت تراعيني فأردت ان اشكرك على ما فعلتيه من أجلي الف شكر.
اقتربت منها دادا امينة واحتضنتها وقالت لها:
ــ لا شكر على واجب يا ابنتي فانا حقا سعيدة اني اراك قد تعافيت واستعدتي صحتك مرة اخرى لقد كنت اقرب للموت من الحياة , حمدا لله على سلامتك.
ــ ياه ...هل كنت مريضة إلى هذا الحد انا لم أشعر بأي شئ لكن الحمد لله اني بخير الأن بفضلك انت و استاذ حسن.
وصمتت ثم قالت فجأة:
ــ على فكرة يا دادا هل سمعت إى اصوات غريبة ليلة امس .
تفاجأت دادا امينة من هذا السؤال و ردت بسرعة وهي مرتبكة :
ــ ك... كلا لم أسمع اي شئ انا .. انا كنت نائمة انا لا أسهر في العادة .هيا تناولي إفطارك قبل ان يبرد و لو أردت أي شئ نادي علي اتفقنا.
وخرجت مسرعة قبل ان تقول الفتاة اي كلمة أخري وأغلقت الباب خلفها واستدارت لتصطدم بحسن فرأى على وجهها القلق باديا , فسألها عما يقلقها, فأخبرته ان الفتاة سألت عما حدث ليلة امس واخبرتها اني كنت نائمة ولم اسمع أي شئ .ربت حسن على كتفها وقال :
ــ خير ما فعلت فأنا لا أريدها ان تعلم أي شئ عما يحدث هنا .شكرا لك يا دادا.
أكلت الفتاة تقريبا كل اكلها بشهية مفتوحة وقد كان الطعام لذيذ جدا وعندما انتهت من الطعام سمعت طرقا على الباب فسمحت للطارق بالدخول .
دخل حسن وهو يبتسم لها ويحمل بيده عدة أكياس ووضعها على السرير وقال لها:
ــ صباح الخير أرى انك بصحة أفضل اليوم , فهل نمت جيدا؟
ــ صباح الخير فعلا اشعر بتحسن الحمد لله خصوصا بعد هذا الإفطار اللذيذ.
ثم نظرت إليه وقالت:
ــ كنت أو أن أشكرك على كل ما فعلته من أجلي ومساعتك لي أنت ودادا أمينة على الشفاء و تخطي هذه الأيام.
ــ أنت من كانت تريد الشفاء يا أنسة لقد كنت تصارعين المرض وتتمسكين بالحياة مما جعلك تتعافين سريعا , لقد كنت مصابة بإلتهاب رئوي حاد مع ضعف عام و إجهاد شديد جدا .
ثم ابتسم لها مرةأخرى وقال لها :
ــ دعك من هذا الكلام الأن حمدا لله على سلامتك , الأهم الأن اسمك.
اتسعت عينا الفتاة وقالت له بدهشة:
ــ هل عرفت إسمي ؟ هل عرفت من أنا وأين أهلي ؟
ــ للأسف لا , لكن يجب ان نختار لك إسم مؤقت نناديك به حتى تعود لك ذاكرتك قريبا إن شاء الله.
بماذا تحبي أن نناديك , هيا إختاري لك إسما ففرصة اختيار الشخص اسما لنفسه لا تتكرر كثيرا .
صمتت تفكر قليلا ثم تجهم وجهها وقالت:
ــ لا أدري حقيقة لقد تعب ذهني من كثرة محاولات تذكر أي شئ .لكن لا فائدة من ذلك لا أستطيع تذكر أي شئ انا اشعر بالضياع احساس فظيع جدا .
ونظرت للأرض وبدأت دموعها تتساقط لكن حسن هدئها كالعادة قائلا:
ــ اهدئي أرجوك لا تبك هذه ليست النهاية , أنا أعلم ان الموضوع صعب تقبله والتعايش معه لكن فقدانك للذاكرة لن يستمر طويلا انها فترة مؤقتة وستتذكري كل شئ قريبا إن شاء الله فلا تقلقي أرجوك وحاولي أن تطمئني و تهدئي ودعينا نفكر في إسما لك . هيا فكري ماذا تختارين؟
ــ لا أدري لا أستطيع التفكير في أي شئ , أيمكن ان تختار انت إسما لي؟
ــ حقا!! حسناًًً ماذا نختار .....ونظر لأعلى يفكر ثم قال لها:
ــ ما رأيك بإسم سما أنه يليق بك بما أن عينيك زرقاء بلون السماء الصافية .
ثم نظر لها وقال بتردد:
ــ هل أستطيع ان أقول لك انك جميلة جدا , ورقيقة , وبريئة كالأطفال .
ابتسمت بخجل وقالت له :
ــ شكرا لك محاولاتك لرفع روحي المعنوية , انا أقر لك هذا جدا , وشكرا على الإسم انه جميل جدا .
وأخذت تردد الإسم كإنها تحاول الإعتياد عليه وفجأة صمتت وفكرت ترى ما هو إسمي الحقيقي هل هو جميا كهذا الإسم ام اجمل منه؟ ترى هل لي أهل يبحثون عني الأن ؟ أم انا وحيدة بدون أهل كما انا وحيدة الأن وفجأة دعت الله بصوت عالي دون أن تشعر وقالت:
ــ يا ربي ساعدني على تذكر كل شئ فأنا لا استطيع ان أعيش هكذا يا إلهي ساعدني على إستعادة ذاكرتي أرجوك..
ثم ذهبت إلى النافذة المفتوحة فقد كانت تريد ان تستمد دفء الحياة من الشمس وتستنشق بعض الهواء كي تهدأ قليلا فهي لا تريد ان تثقل على هذا الغريب بهمومها وحزنها وفجأة وجدت يقف بجوارها وهو يقول لها:
ــ أرجوك يا سما حاولي ان تهدأي قليلا ولا تحاولي إجهاد ذهنك أكثر من اللازم فهذا لن يساعدك على الشفاء السريع, أعلم ان الموضوع صعب تقبله لكن حاولي التعايش معه وتأكدي انه وضع مؤقت وسيتغير قريبا إن شاء الله.
ــ حسنا سأحاول ذلك و أنا حقا أسفة اني أثقل عليك بمعاناتي لكني لا اعرف أحدا غيرك الأن فاعذرني لذلك,
وشكرا لكل ما تفعله من أجلي , و ......
فقاطعها قائلا:
ــ ماذا تقولين يا سما!! إذا كنت أنت اسفة فأنا لست آسفا على ذلك ولو للحظة واحدة فأنا سعيد لأني أحاول مساعدتك وسوف أكون أسعد إذا إستعدت ذاكرتك وتذكرت كل شئ وأن أراك تبتسمين ولو مرة واحدة.
فإبتسمت فعلا لكلامه وفجأة تذكر الملابس الذي أشتراها لها هذا الصباح فقال لها:
ــ لقد أشتريت لك ملابس جديدة وأرجو ان تعجبك وتناسب قياسك ويا ريت لو تبدلي هذه ثيابك وسوف احضر لك بعد نصف ساعة لإصطحابك للجلوس في حديقة المنزل فأنت بحاجة لتغير جو الحجرة زهل يكفيك نصف ساعة؟
اندهشت سما مما قاله حسن وقالت بإستنكار وخجل وهي مضطربة:
ــ لكن...لكني لا استطيع إرتداءهذه الملابس فهذا كثير جدا انت لست ملزم بكل هذا فقط لو تعطيني ملابسي القديمة لأرتديها وأرحل فأنا لا استطيع ان اثقل كاهلك أكثر من ذلك فأنت فعلا تحملت ما يكفي من أجلي وكنت نعم المضيف فشكرا جزيلا لك وربنا يقدرني وأرد لك هذا الجميل ولو انه مهما فعلت لن استطيع ان أوافيك حقك.
ابتسم بمكر وقال لها بلهجة حازمة:
ــ أولا سوف ترتدين شئ من هذه الملابس فملابسك القديمة بليت تماما ولا تصلح للبس , ثانيا انت لن ترحلي من هنا الأن على الأقل لأنك مازالت ضعيفة ولم تستردي صحتك بالكامل بعد , ثالثا وهو الأهم إلى اين ستذهبين؟ انت لا تعرفين من انت ولا اين أهلك ولا مكان إقامتك ولا تملكين اية نقود ,ارجوك لا ترددي هذا الكلام مرة أخرى وانا أخبرتك سابقا أني سعيد جدا بالإعتناء بك وسعيد بمشاركتك همومك ومشاكلك ولم اتذمر أو اشتكي ومستعد لتحمل اكثر من ذلك ايضا وأنا معك انا ودادا أمينة حتى تستردي ذاكرتك بالكامل وتعودي لحياتك الطبيعية ولن اقبل كلام أخر في هذا الموضوع فأنت من وقت وجدتك على الشطئ وانا اعتبر نفسي مسئولا عنك.
ــ لكن..لكنك لا تعرفني فانا غريبة عنكم وحقا لا يجوز لي البقاء أكثر من.....
قاطعها قائلا:
ــ انا أثق بك ولست خائفا , إلا إذا كنت أنت خائفة من وجودك معي في نفس المنزل حتى بوجود دادا امينة.
كلامه جعلها تخجل من تفكيرها وقالت له بسرعة:
ــ كلا بالطبع لست خائفة ولكن.......
فقاطعها مرة أخري وقال لها بمرح ليخفف عنها شعور الخجل والتوتر:
ــ إذا ستبدلين هذه البيجاما الرجالي وترتدي شيئا يليق بك وبدون نقاش وبعد ان يتم شفاؤك بالكامل سنبحث عن موطنك وأهلك إن شاء الله إتفقنا؟ ها هل النصف ساعة كافية لإستبدال ملابسك؟
فإبتسمت له وقالت بإمتنان :
ــ نعم تكفي شكرا لك, شكرا لك على كل شئ.
__________________________________________________ __________
-3- منزل جميل وخيالي.
اخرجت سما الملابس من الأكياس ووجدت ان حسن اشترى لها كل ما تحتاج إليه من ملابس حتى انه أحضر لها بعض الزينة وفرشاة للشعر وفرشاة للأسنان فهو تقريبا لم ينسى شيئا. وتعجبت سما لماذا ينفق هذا المبلغ الكبير لشراء هذا الكم من الأشياء على فتاة لا يعرفها و لا يعرف إلى متي ستظل في منزله انه حقا تصرف شهم جدا منه
ويدل على كرمه الزائد , ثم نظرت إلى الملابس الملقاه على السرير الكبير تبحث بينها على شئ يناسبها.
فوجت ان جميع الملابس انيقة جدا وتدل على ان شاريها يملك ذوق رفيع يجب أن يفخر بها, ووجدت بين الملابس فستان أزرق بلون عينيها الفستان كان بسيط جدا لكن هذا كان سر جماله .
قررت إرتداء هذا الفستان ورفعته من على السرير وحينها وجدت نفسها مواجهه لمرآة الحجرة و صدمت حين رأت نفسها في هذه البيجاما الرجالي كان شكلها مضحك جدا فهي لا تنتمي لهذه البيجاما ابدا ولا تناسبها بتاتا, وقتها فقط ادركت لماذا أشترى لها حسن هذه الملابس ومن داخلها كانت ممتنة جدا له ومقدرة ما فعله من أجلها.
ارتدت الفستان وسرحت شعرها وربطته بشريط الشعر الازرق الذي كان موجود مع الفستان ونظرت إلى المرآة مرة أخرى فوجدت ان شكلها تغير تماما فالفستان كأنه صنع خصيصا من أجلها وكانت تريد وضع بعض من زينة الوجه ولكنها تراجعت بسرعة فهي في منزل رجل غريب عنها ولا يجب ان تظهر أمامه بكامل زينتها حتى لا يظن انها فتاة مستهترة و ....... فجأة سمعت طرقا على الباب فأذنت للطارق بالدخول وكان حسن بالطبع وحين رأها قال لها ولم يستطع إخفاء نظرة الإعجاب التي ظهرت في عينيه :
ــ يجب ألا ترتدي أي بيجاما رجالي مرة أخرى .أنت مختلفة تماما في هذا الفستان.
أخجلها جدا هذا الكلام فنظرت إلى الأرض حتى لا يرى إحمرار وجهها التي أحست به لكنه أكمل كلامه قائلا متجاهلا خجلها :
ــ لم أكن أتخيل أن الفستان سيكون عليك بهذا الجمال ,أنه بلون عينيك تقريبا , لقد زدتيه جمالا يا سما.
كانت سما خجلة جدا من إطراءه عليها ولا تدرى ما يجب ان تقوله ولكنها قالت في النهاية:
ــ لا اعرف ماذ اقول , شكرا لك أنت إنسان طيب جدا و كريم و شهم للغاية وحقا تستطيع أن ترفع من روحي المعنوية ولا أدري كيف أستطيع ان أشكرك على كل ما تفعله من أجلي .شكرا جزيلا.
ضحك حسن بصوت عالي وكانت أول مرة تشاهده يضحك بهذه الطريقة رغم أن ضحكته جميلة جدا إلا أن سما نظرت ليه مندهشة فكيف يضحك على كلامها بهذه الصورة .
وعندما لاحظ حسن إندهاشها قال لها بسرعة :
ــ أنا أسف لأني ضحكت هكذا ولكنك لم تدري كم مرة قلت لي شكرا في جملة واحة فقط انت تكررين كلمة الشكر في كل حوار بيننا عدة مرات , لما كل هذا يا سما أنا لم افعل غير الواجب و أي شخص أخر كان سيفعل معك مثلما فعلت وأنت شخصيا لو كنت مكاني ووجدتيني ملقى على الشاطئ كنت ستفعلي معي مثلما فعلت معك.
لكن قولي لي كيف كنت ستستطيعين حملي إلى المنزل؟
نظرت له سما للحظة لم تعي ماذا يقصد وعندما أدركت أنه يمزح ضحكت هى الأخري بصوت عالي ولأول مرة من بعد كل ما عانته في الفترة السابقة وكانت تشكره جدا في سرها على ذلك فهي لم تكن تريد ان تضيف كلمة شكر أخرى إلى الرصيد السابق ولكنها كانت في حيرة بماذا تردعليه فوجدته يخرجها من حيرتها بقوله:
ــ هل انت جاهزة للذهاب إلى الحديقة الأن ؟ أومأت فقط براسها علامة الموافقة .
فتقدمها بخطوة واحدة فقط ليرشدها إلى الطريق وهبطا السلالم إلى الدور الأرضي متجهين إلى حديقة المنزل وفي أثناء ذلك كانت سما تتفقد المنزل بعينيها فهي لم تستطع أن تغض بصرها عن هذا الجمال فالمنزل تحفة فنية بجميع المقاييس من بناء لديكورات لأثاث فكل شئ قد اختير بعناية فائقة و ذوق عالي جدا وعندما انتبه حسن لنظرة الإعجاب الذي وجدها على وجه سارة قال لها:
ــ هل تودين مشاهدة المنزل؟
ــ بصراحة نعم فبناءه جميل جدا ولكن لا اريد أن أكون متطفلة , فلو هناك ما يمنع ذلك بالطبع أنا متفهمة الأمر.
تردد لحظة واحدة ولكنه قال لها وهو يبتسم:
ــ بالطبع لا مانع لدي لكن بشرط واحد حينما تشعرين بالتعب أو الإرهاق أخبريني فورا فأنت مازلت ضعيفة ولم يتم شفاءك بعد ووجهك لا يزال شاحبا. إتفقنا؟ سأريك فقط الدور الأرضي اليوم وباقي المنزل لاحقا .وأشار بيده تجاه أول غرفة تقابلهما, ولكن سما توقفت فجاة ونظرت لحسن بتعجب وسالته :
ــ بصراحة أريد أن أعرف شئ خطر ببالي الأن ,أنا لم أرى أي طبيب يفحصني أو يتابع حالتي فكيف عرفت حالتي و كيف عرفت أني مازلت ضعيفة ولم أسترد صحتي بعد؟
ابتسم حسن وقال لها بهدوء:
ــ هذا بمنتهى البساطة لأني خريج كلية الطب وحاصل على درجة الدكتوراه من لندن ومتخصص في أمراض الصدر. فلماذا أستعين بطبيب أخر؟
نظرت له سما بدهشة وقالت بدون وعي :
ــ طبيب!!! ....أنت طبيب؟
تفاجأ حسن من رد فعلها وقال لها:
ــ نعم أنا طبيب , ألا يبدو علي ذلك ؟
خجلت سما من ردة فعلها المتسرعة وهي تعجبت من نفسها لماذاردت عليه بهذه الطريقة العجيبة فقالت له بسرعة وهى مرتبكة :
ــ أنا أسفة... حقا... لم... لم أقصد الإساءة بالطبع.... لكني فقط لم يخطر ببالي أنك طبيب يمكن لأنك تبدو صغير السن قليلا على أن تكون طبيب او .....
لاحظ حسن إرتباكها فقال لها بسرعة ليوفر عليها المزيد من الحرج :
ــ أنا في الثالثة والثلاثون من عمري وقد كرست كل سنيني السابقة في الدراسة فقط وحصلت على الدكتوراه من سنتين فقط .
شعرت سما أنه يجب عليها أن تعتذر له حتى لا يشعر أنها وقحة فقالت له:
ــ أنا أسفة جدا أنا لم أقصد أن.....
قاطعها حسن مرة أخرى بإبتسامة عريضة وقال لها:
ــ لا تقولي شئ . هيا ألم تريدي رؤية المنزل ؟ هيا تعالي .
وفتح لها باب الغرفة التي وقفا أمامها وهو يقول :
ــ هذه غرفة الجلوس.
دخلت سما الغرفة وهي مندهشة من جمالها وفخامتها لقد كان أثاثها فاخرا جدا وشكله مريح للغاية وكانت الجدران مكسوة بسجاجيد غاية في الرقة وتناسق الألوان مصنوعة يدويا و بمهارة فائقة .
قالت له سما وهي ما زالت تنظر إلى كل شئ في الغرفة:
ــ كل ما في الغرفة رائع جدا وذوقه عالي للغاية بصراحة أهنئك على ذوقك هذا.
ــ في الحقيقة هذا ليس ذوقي , فبناء المنزل و ديكوراته وأثاثه من إختيار أبي - رحمه الله – فهو كان مهندس وله شركات من أكبر شركات المقاولات في البلد وذلك لما يتميز به من موهبة في التصميم والبناء والديكور ,ولقد قام بالعديد من البنايات التي يعتز بها أصحابها ويعتبرونها تحفة فنية حديثة .... ثم صمت وأنتظرته سما ليكمل كلامه ولكنه قال لها:
ــ هيا أريك باقي الغرف .
وخرجا من الغرفة وأتجها للغرفة المجاورة لها وفتح له حسن الباب وهو يقول لها:
ــ هذه أكثر الغرف التي أحبها جدا, وأقضي بها أوقات طويلة . ثم قال وهو يشير داخل الغرفة:
ــ هذه مكتبتي الصغيرة.
نظرت له سما وقالت بسرعة:
ــ صغيرة!!!!
لقد كانت غرفة المكتبة كبيرة جدا وكانت الجدران مليئة بالأرفف المكدسة بالكتب و في وسط الغرفة منضدة وحولها عدة كراسي, وكان بجوار النافذة الكبيرة كرسي متأرجح للإسترخاء أثناء القراءة.
ثم نظرت لحسن مرة اخرى وقالت:
ــ أعتقد أنها مكتبتك الكبيرة جدا وليست الصغيرة, لكن هل قرأت كل هذه الكتب ؟
قال لها حسن :
ــ حوالي 90% منها والباقي كتب خاصة بالهندسة كانت تخص والدي .
انا أختار كتبي بعناية فائقة جدا وأعتز بها للغاية ولكن المكتبة مفتوحة لك وقتما تشاءين , وستجدي مجموعة نادرة من القصص العالمية والخيالية والروايات الشهيرة لأشهر الكتاب العرب و الأجانب ابحثي بها كيفما شئت وأختاري ما يروق لك.
نظرت له سما ممتنة على عرضه هذا ولكنها قالت له:
ــ أشكرك على هذا العرض الكريم ولكنك تعلم أني لن أمكث هنا طويلا أليس كذلك؟
ــ قلت لك يا سما لا تدعينا نتحدث في هذا الأمر الأن على الأقل. إتفقنا ؟
ثم قال له بسرعة حتى لا يجعل لها مجالا للرد:
ــ هيا نرى الغرفة التالية ستعجبك جدا.
خرجت سما قبله وتوجهت للغرفة المجاورة للمكتبة وتوقفت أمامها منتظرة ان يفتح حسن لها الباب ولكنه قال لها:
ــ كلا لنترك هذه الغرفة الأن و سنراها لاحقا وأمسك ذراعها يبعدها عن الغرفة المغلقة ويتجه للغرفة المواجه لهما وهو يقول لها:
ــ أقصد هذه الغرفة.
تعجبت سما مما فعل حسن هو طبعا من حقه ان يحتفظ ببعض الأشياء الخاصة التي لا يريدها أن تطلع عليها ولكن لماذا توتر وشعرالإرتباك بهذه الطريقة. لقد أحست سما بتوتره رغم أنه حاول إخفاء ذلك بتشتيت ذهنها لأنه أول مرة يمسك ذراعها وهما يتجولان بالمنزل , وكأن حسن قرأ أفكارها فترك ذراعها وهو يقول لها:
ــ هذه غرفة الحفلات الخاصة بالمنزل.
وفتح لها باب الغرفة الكبير فظهرت أمامها غرفة كبيرة جدا وبها الكثير من المناضد والمقاعد الوثيرة وبها آلات موسيقية ومكبرات للصوت وبيانو ضخم في ركن من أركان الغرفة وعندما رأته سما أتجهت نحوه و مررت أصابعها عليه وبدأت تعزف ببساطة لحنا رقيقا , وفجاة توقفت وتذكرت انه لم يأذن لها بإستعمال البيانو فقالت له مسرعة:
ــ أنا اسفة لم أتمالك نفسي عنما رأيت البيانو و.....
قاطعها حسن قائلا :
ــ ماذا تقولين يا سما , يمكنك إستخدامه وقتما تشائين وبدون أى حرج فأنت تعزفين بمهارة , وأعتقد أنك أكيد تعلمت عليه من قبل.
ــ لا أعلم ولكني اندفعت نحوه بدون تفكير. من الممكن أني تعلمت عليه سابقا.لا أدري.
قالت هذا وخرجت من الغرفة قبله وهي تضع يدها على جبينها وتشعر بدوار وفكرت أن حسن كان عنده حق حين قال لها أنها مازالت ضعيفة و يجب ألا تبذل أي مجهود. وعنما لاحظ حسن شحوب وجهها ويدها التي على جبينها أدرك أنها أجهدت أكثر من اللازم وإنها أضعف مما كان يظن فقال لها:
ــ تعالي نخرج إلى الحديقة الأن فالشمس والهواء سيساعدانك على إستعادة نشاطك وسأطلب من دادا امينة أن تحضر لك عصير طازج فأنت بحاجة إليه . ويمكن أن أريك باقي المنزل لاحقا .
وسارت معه سما إلى الحديقة دون أن تنطق بكلمة واحدة.
__________________________________________________ __________
ــ4ــ كرة قدم!!!!!
عندما خرجت سما إلى الحديقة إنبهرت من منظرها فقد كانت مليئة بالزهور الجميلة المختلفة الألوان والأشكال وكانت منسقة بعناية فائقة لدرجة إنها تجعل الناظر إليها لا يريد الإلتفات عنها.
وقفت سما لدقائق تستمتع بشكل الأزهار وتستنشق الهواء النقي بملئ رئتيها في أنفاس طويلة وعميقة ونسيت أن حسن مازال يقف بجوارها فإلتفتت إليه بسرعة قائلة:
ــ هذه الزهور جميلة جدا....إنها...إنها حقا رائعة لابد أن من نسقها بهذه الطريقة هو فنان حقيقي.
ابتسم لها حسن وقال لها وهو يشير إلى المقاعد المقابلة للزهور:
ــ تعالي يا سما إجلسي أولا كي ترتاحي وسوف أقول لك من رسم هذه اللوحة الحية .
وأطاعته سما وذهبت إلى المقاعد المواجهه للزهور وجلست عليها وهى تنظر إلى حسن منتظرة أن يحكي لها قصة الزهور وبعد أن جلس بجوارها قال لها :
ــ إن العبقري الذي نسق هذه الزهور هى دادا أمينة إنها تهوى زراعة الزهور منذ أن كانت فتاة صغيرة وهذا السبب الأساسي في تعارفها بأمي – رحمها الله – وبعد ان أتينا إلى هنا صممت أن تجعل هذه الحديقة جنة وبالفعل بذلت فيها جهد كبير جدا حتى أصبحت بهذه الصورة ويساعدها الأن في العناية بها زوج إبنتها الوحيدة تحت إشرافها طبعا لأنها غير قادرة الأن على فعل ذلك بنفسها بعد أن تقدم بها العمر.
ــ إنها حقا عبقرية وفنانة سلمت يداها.
نهض حسن من جوارها متجها إلى المنزل وهو يقول :
ــ إنتظريني لحظات سأذهب لدادا امينة أطلب منها تحضير بعض العصير الطازج و سأعود في الحال
و أختفى حسن داخل المنزل, وجلست سما تستمتع بدفء الشمس وجمال الزهور ونقاء الهواء المنعش . وفجأة سمعت اصوات أطفال تقترب و كأنهم يتشاجرون وكانت تعلم أن الأصوات أتية من خارج البوابة الخارجية المفتوحة بجوارها ولمحت بعض الاطفال عن بعد وكان شكلهم غريب و وملابسهم غريبة أيضا وفجأة غابوا عن عينيها, و سمعت أحدهم يصرخ بشدة بصوت مكتوم كأن أحدهم يضع يده على فمه ولكنها لم تعد تري الأطفال فنهضت من مكانها وإتجهت إلى خارج البوابة وتلفتت حولها تبحث عن الأطفال وفجأة وجدت شئ يسقط أمامها وكأنه كرة فأغمضت عينيها بسرعة وعندما فتحتهما مرة أخرى لم تجد أثر لمخلوق حولها ولم تعد تسمع شئ سوى الصمت الثقيل, ثم نظرت تحت قدميها لتري ما هذا الشئ الذي سقط عليها, و....و إنعقد لسانها من الرعب ولم تستطيع حتى أن تصرخ وظلت على هذه الحالة بضع لحظات فقد رأت رأس طفل صغير مقطوعة و منزوع منها عينيها ومليئة بالدماء , وفجأة صرخت سما صرخة مدوية و شعرت بالغثيان وبأن الأرض تدور بها و سقطت أرضا مغشيا عليها.
فتحت سما عينيها على رائحة غريبة تملئ أنفها فأدارت وجهها من جهه لأخرى لتبعد عنها هذه الرائحة النفاذة ووجدت نفسها في السريرو حسن ودادا أمينة بجوارها وفجأة تذكرت ما رأته قبل أن تقع مغشيا عليها فشعرت بالغثيان ووضعت يدها على فمها فأدرك حسن هذا على الفور فأنهضها بسرعة من السرير وسار بها إلى الحمام وافرغت سما ما في جوفها حتى خارت قواها ولم تعد تستطيع الوقوف على قدميها فحملها حسن و إتجه بها إلى السرير ووضعها به وسوت دادا أمينة حولها الغطاء و صبت لها كوب من الماء وقربته من فمها فشربت منه رشفة واحدة فقط وبعد لحظة قال لها حسن:
ــ هل تشعرين بتحسن الأن؟
هزت رأسها علامة الإيجاب ثم تجهم وجهها و بدات تبكي بسبب ما حدث أمامها وقالت من بين دموعها:
ــ كيف يحدث مثل هذا الشئ؟ كيف ... كيف يستطيعون فعل هذا بطفل صغير ؟ ماذا فعل هذا الصغير ليذبحوه بهذه الوحشية ويشوهون وجهه؟ أكيد هؤلاء ليسوا ببشر أنهم .....لقد.....
وغطت وجهها بيديها وهي تبكي بشدة في هذه الأثناء طلب حسن من دادا أمينة أن تحضر لها عصير ليمون ليهدئ أعصابها .
ثم نظر لسما ووضع يده على كتفها وهو يقول لها بهدوء
ــ إهدئي يا سما أرجوكِ , فما رأيته منذ قليل ليس حقيقيا.
نظرت له سما بإنفعال فهي لم تكن تتخيل ما حدث فقالت له:
ــ بل صحيح ما رايته صحيح أنا لم أكن أحلم أو أتخيل لقد حدث أمام عيني وأنا بكامل وعي انا لم......
قاطعها حسن موضحا:
ــ سما أسمعيني هذه لم تكن رأس طفل صغير كما بدت لك إنها ......صمت لبرهه ثم تابع كلامه قائلا:
ــ إنها كرة قدم صغيرة من المطاط .
نظرت له سما بإستنكار وهي لا تصدق كلامه وكأنه يسخر منها ثم قالت له:
ــ كرة قدم !!!!!! كرة قدم؟؟؟؟ لقد رايت رأس طفل صغير مقطوعة ومشوهه ومليئة بالدماء أمام قدمي وأنت تقول لي كرة قدم مطاطية؟
ــ يا سما صدقيني لقد كانت كرة من الذي يلعب بها الأطفال الصغار وقد وضعوا عليها شعر وأنف وجعلوها تشبه رأس طفل حقيقية ووضعو عليها مادة حمراء ملونة لتبدو كإنها دماء .
صرخت فيه سما بدون وعي قائلة :
ــ ولماذا يفعلون بي شيئا كهذا؟ ماذا فعلت أنا لهم ؟ ثم صمتت برهه ونظرت إليه متشككة وقالت:
انت تقول لي هذا الكلام فقط حتى لاأخاف لكن صدقني ما رأيته حقيقي و ليس خيال لقد سمعتهم يصرخون ثم.....ثم ......
ــ يمكن أن أحضر لك هذه الرأس للتأكدي أنها مجرد كرة وليس ......
قاطعته سما ملوحة بيدها:
ــ كلا..... كلا.... كلا... لا أريد رؤيتها أرجوك انا أصدقك بالطبع وأسفة لأني صرخت , لكن ما رأيته كان فظيعا ولم أكن أتوقع أن كل هذا مجرد مزاح ولعب أطفال صغار .
ــ الناس هنا لهم طبيعة خاصة ومختلفة عن المألوف يا سما , هذه القرية بها قبيلة كبيرة جدا كانوا في الماضي من قطاع الطرق والخارجون عن القانون وهم تقريبا من يسيطر على هذه القرية ويعلمون أطفالهم من الصغر كل شئ وألا يخافوا شيئا مهما كان فهذا طبعهم , هم يضعون القوانين لنفسهم ويتوقعون من الجميع أن يطيعونهم واهل القرية جميعا إعتادوا على ذلك ويتعايشون في سلام . لذلك هم يكرهون الغرباء ويخافون منهم ويريدون ان يخيفوهم حتى يرحلوا أو ينضموا إليهم , ولأن القرية صغيرة جدا وسكانها محدودين ومعروفين للجميع فعندما يأتي شخص غريب إلى القرية الجميع يعرف ذلك , لكن إطمئني انا سوف أسوي هذا الموضوع ولن يتم إزعاجك مرة أخرى إن شاء الله .
تعجبت سما جدا من كلام حسن ثم سالته:
ــ ولماذا يخشون الغرباء ؟ وهم بهذه القوة والوحشية
ــ هذه القرية بعيدة عن نطاق الشرطة ولا تخضع لأي حكم أو سلطة وذلك لأنها غير موجودة على الخريطة ولا يعلم عنها أحد تقريبا وهى خارج اي تقسيم عمراني , وهم يريدونها هكذا لا يريدون لأحد أن يعلم بأمرها شيئا حتى يظلوا في أمان دون تدخلات القوانين والحكومات وهكذا.
أحست سما أنها تحلم وتسائلت لماذا يعيش حسن في مكان كهذا ولماذا أتى والده إلى هذا المكان وبنى هذا المنزل الجميل وسط قرية لا يعلم بها أحد و أرادت أن تسأل حسن هذه الأسئلة ولكنها تراجعت فهذا شئ لا يخصها بشئ فصمتت.
قرأ حسن أفكارها و خاف أن تسأله عن سبب وجوده في هذا المكان فأسرع بالقول قبل أن تسأل أي سؤال لا يريد الإجابة عليه :
ــ سما يجب أن ترتاحي قليلا فانت مازال وجهك شاحبا وسوف أطلب من دادا أمينة أن تبقى معك لحين تشعرين بتحسن .
وهنا دخلت دادا أمينة تحمل كوبين من عصير البرتقال وهي تقول لهما:
ــ انا صنعت لكما كوبين من البرتقال الطازج بدلا من الليمون فأنتم لم تتناولا طعام الغداء بعد , والليمون يمكن أن يؤذي معدتكما وهي خاوية أعتقد أن البرتقال أخف منه حدة .
نظر لها حسن بإبتسامة عريضة قائلا لها:
ــ دادا انت رائعة تعلمين دوما ما يجب فعله في الوقت المناسب, لذا أرجو منك الجلوس مع سما لحين إنتهاءها من العصير وبعدها يمكن ان تهبطا لغرفة الجلوس لحين موعد الغداء.
نظرت له دادا أمينة وهي تضحك وقالت له:
ــ يا بني الساعة الرابعة والنصف عصرا ,و لا بد أنكم تتضورون جوعا و أنا قدأنتهيت من إعداد الطعام من ساعة مضت, فلما الإنتظار؟
وضع حسن يده على جبينه فقد نسى الوقت تماما ثم قال لدادا امينة:
ــ حسنا يا دادا يمكنك ان تضعي الطعام على السفرة وانا ساصطحب سما وننزل حالا.
أطاعته دادا وخرجت على الفور ونظرت له سما قائلة:
ــ ولكني لا أشعر بالجوع نهائيا . فأنا مازالت اشعر بالغثيان كلما تذكرت ما شاهدت صباحا .
ــ يجب أن تأكلي يا سما ولا نقاش في هذا الموضوع , وبالنسبة للغثيان سأعطيك شيئا يقلل من إحساسك به. إتفقنا؟
ــ حسناً.
نهضت سما من السرير بعد ان أنهت العصير فحاول حسن مساعتها ولكنها قالت له:
ــ شكرا لك صدقني أنا أشعر بتحسن وأستطيع السير بمفردي , لقد أثقلت عليك أكثر من اللازم .
ــ لا تقولي هذا الكلام يا سما أنا لست مستاءً مما أفعله معك. وكنت أتمني أن أساعدك على محو كل مايؤلمك .
ــ بالفعل أنت تفعل ذلك يا دكتور حسن , فأنت كثيرا ما ترفع من روحي المعنوية وتبدل حزني إلى شعور بالأمان والراحة , وأنا مهما قلت لك لن أوافيك حقك وأنت تعلم ذلك.
عقد حسن ما بين حاجبيه وقال لها :
ــ من هو الدكتور حسن هذا, أنا حسن فقط .هل يوجد شخص غيري هنا؟
ضحكت سما على مزاحه معها وقالت له:
ــ ألم اقل لك انك تبدل حزني إلى راحة وشعور بالأمان. شكرا لك يا ....حسن.
ــ ها نحن سنبدا بقصيدة شكرا مرة أخرى. هيا بنا إذن إلى طعام الغداء قبل ان يبرد وتغضب منا دادا أمينة وتحرمنا من الطعام لمدة يومين.
وهبطا السلالم وهما يضحكان حتى وصلا إلى غرفة الطعام .
__________________________________________________ __________
-5- ما كل هذا الغموض؟
سما لم تشاهد غرفة الطعام في الصباح لذا نظرت إليها بتمعن فأول ما لفت نظرها كانت طاولة الطعام الكبيرة . فقد كانت تضم حوالي ثمانية عشر كرسيا وكانت جميلة جدا، وفي جانب من الحجرة وضع بوفيه عليه شمعدان من الفضة رقيق جدا و على جانبيه طبقين فضيين ايضا بنفس شكل الشمعدان , وفي الجهه المواجهه له كان هناك شباك كبير جدا من سقف الحجرة إلى الأرض و كان يطل على حديقة الزهور الجميلة .
بوجه عام الحجرة كانت جميلة جدا و فكرة الشباك الكبير أمام الزهور أعطت الحجرة حياة و روح فاتحة للشهية.
وتسلل إلى انف سما رائحة طعام شهية جدا . وفجأة وجدت من أمسك ذراعها فإلتففت مسرعة لتجد دادا أمينة تقول لها:
ــ هيا يا إبنتي سيبرد الطعام والسمك لا يؤكل إلا ساخناً .
ربتت سما على يد دادا أمينة وقالت لها :
ــ تسلم إيدك يا دادا رائحة الطعام شهية جدا .
هنا لوح لهما حسن بيديه وهو منتظرهم على الطاولة وقال لهما:
ــ أنا هنا هل نسيتما وجودي؟ انا جائع جدا ولن أنتظر أحدا .
فذهبا إليه وهما يبتسمان له فقال لدادا أمينة:
ــ هيا يا دادا أحضري طبقين إضافين لك ولأدم . سنحتفل اليوم بأول وجبة تتناولها سما معنا على طاولة الطعام.
ــ لكن أدم ليس هنا لقد ذهب للمنزل وسيعود بعد قليل.
تبدلت ملامح حسن وقال بسخرية:
ــ هل هو غاضب؟!!!!و لماذا إنصرف دون أن يقول لي؟
على أي حال لا يهم إحضري طبقك يا دادا هيا فانا جائع جدا ورائحة الطعام زادتني جوعا.
ذهبت دادا امينة لتحضر لها طبقا وفي هذه الأثناء أخرج حسن من جيبه علبتين من الدواء وملئ كوب سما بالماء وقال لها:
ــ يجب أن تأخذي هاتين الحبتين قبل الطعام ولكن لا تشربي الكثير من الماء.
نظرت سما إلى الحبتين ثم أخذتهما من يده وإبتلعتهما فورا مع القليل من الماء وكانت ستسأله لأي شئ هذا الدواء و لكنها تراجعت فهي تشعر أن هناك ما يضايقه وهو يحاول ألا يظهر ذلك عليه , وفكرت من يكون أدم هذا هي لم تشاهده ولم يذكره أحد أمامها من قبل .دخلت دادا أمينة تحمل طعامها وهي تقول لهما:
ــ ألم تبدءا الطعام بعد؟ ثم جلست بجوار سما وقالت لها:
ــ ساجلس بجوارك لأطعمك جيدا فأنت شاحبة ونحيلة جدا و يجب أن تأكلي جيدا.
ضحك حسن بصوت عالي وهو يقول لسما:
ــ كان الله في عونك يا سما. دادا أمينة كانت تجلس بجواري وانا صغير لتساعدني على الأكل وكنت مضطر أكل كل الطعام حتى ينقطع نفسي.
ضحكت سما ودادا امينة معا وقالت له دادا امينة:
ــ لقد كنت نحيف جدا وانت صغير و مازلت نحيفا حتى الأن . نظرت سما غصب عنها إلى حسن فوجدت أن جسمه متناسق جدا لا بالسمين ولا بالنحيف وكانت ستقول ذلك ولكن دادا أمينة أكملت كلامها قائلة :
ـ أنت كنت دوما تختبئ مني وقت الطعام وكنت ترهقني بالبحث عنك دائما.
حمدت سما ربنا أن دادا أمينة تكلمت ولم تعطها الفرص للتعليق على جسم حسن فهذا لا يليق وكانت ستبدو كالحمقاء لو فعلت حمدا لله ونظرت إلى يديها المعقودة في حجرها حتى لا يرى أحدا مدى إحراجها مما كانت ستقول ولكنها سمعت حسن ينادي عليها قائلا:
ــ سما ماذا بك هل أنت بخير .
تعجيت سما من سؤال حسن لماذا يسألها هذا السؤال , هل يبدو عليها شئ:
عندما رأى حسن نظرة التعجب على وجه سما قال موضحا:
ــ لقد سألتك دادا أمينة هل تحبين السمك ولكنك لم تردي عليها وكإنك في دنيا بعيدة عنا.
ــ انا... أنا أسفة حقا لم أسمع . ثم أكملت كلامها بسرعة حتى لا يسألها أحد عما بها وقالت:
ــ نعم يا دادا أحبه جدا شكرا لكِ ورائحته شهية جدا أشعرتني حقا بالجوع.
رفعت دادا امينة أغطية اطباق الطعام وهي تقول :
ــ إذا لا أريد ان يتبقى شيئا من هذا الطعام .
وبدات تملئ لهما اطباقهما بالطعام كلما فرغت حتى قالت لها سما مستغيثة:
ــ كلا أرجوك يا دادا لا أستطيع أن أكل المزيد لقد إمتلئت معدتي ولن أستطيع التنفس بعد ذلك.
انقذها حسن قائلا لدادا أمينة:
ــ حسنا يا دادا هذا يكفي فسما مازالت مريضة ولا يجب أن تمتلئ معدتها بالطعام.
نظرت سما لحسن وعينيها تشكرانه لإنقاذها من بين يدي دادا امينة ولكنه قال ليغيظها:
ــ لكن بعد ذلك سأتركها لك لتفعلي بها ما يحلو لك حتى لو صارت مثل البطة.
ضحكت دادا امينة جدا على كلامه ورغم ان الكلمات استفزت سما إلا إنها ضحكت أيضا وكانت تريد أن تذكره أنها لن تظل في منزله فترة طويلة إلا إنها تراجعت فهى لا تعلم إلى متى ستظل فاقدة للذاكرة و بالتالي فهى مضطرة أن تظل تحت مسئوليته فهى ليس لها مكان آخر تذهب إليه.
ومجرد مرور هذه الفكرة على بالها جعلها تتجهم فجأة وهى في حيرة ترى ما هو مصيرها بعد ذلك؟ وماذا لو ظلت فاقدة للذاكرة لمدة سنة او أثنين او عدة سنوات هل ستظل كل هذا الوقت في بيت رجل غريب .
أيقظها صوت حسن من أفكارها وقال لها:
ــ ما بك يا سما أين ذهبت بأفكارك؟
قالت له سما بمرح حتى لا تنقل لهما ما تشعر به من حزن:
ــ كنت أفكر فقط متى ستعود لي ذاكرتي حتى استطيع الهرب من دادا أمينة.
بعد الغداء اقترح حسن أن يجلسوا في غرفة الجلوس وطلب من دادا أن تحضر له الشاي بالنعناع المفضل له دائما بعد الغداء ولكنها قالت له :
ــ اليوم لا للشاي بالنعناع لقد جهزت لكم طبقين من البطيخ والعنب اهم وأفيد من الشاي. أليس كذلك يا دكتور ألا تعلم أن الشاي مضر جدا بعد الطعام مباشرة؟
ضحك حسن على ملاحظتها وخرجوا جميعا من غرفة الطعام اتجهت دادا امينة إلى المطبخ وحسن وسما إلى غرفة الجلوس فقالت سما لحسن:
ــ كنت أود أن اساعد دادا امينة في أعمال المطبخ فأنا أعتقد أن أعمال المنزل كثيرة عليها وأنا أشعر بتحسن الأن والحمد لله لكن كيف أستطيع مساعدتها.
قال لها حسن محذرا:
ــ إياك والحديث عن المطبخ مع دادا امينة إنها تعتبره ملكها الخاص ولا تسمح لأحد بالتعدي عليه مهما كان حتى أنا لا أستطيع دخول المطبخ وهى تعمل به إلا لسبب وجيه ومهما كانت تحبك لكن المطبخ شئ آخر. غير أن إبنتها تاتي يومين في الأسبوع لتساعدها في نظافة البيت وأدم زوج إبنتها يأتي يوميا ليرى إن كانت تريد شئ يفعله لها بجانب رعاية الحديقة و بعض الأعمال الشاقة بالمنزل .إطمئني يا سما أنا لو كنت أشعر ان الحمل ثقيل عليها كنت أحضرت أحدا ليساعدها غصبا عنها ولكن أنا أعلم أن كل شئ على ما يرام.لا تقلقي يا سما .
صمت للحظة ثم قال وهو ينظر بعيدا عنها كإنه يكلم نفسه:
ــ دادا امينة بالنسبة لي كل شئ فهى كانت لي الأم بعد وفاة أمي وكانت أحيانا تقوم معي بدور الأب بعد وفاة والدي وليس لي أحدا سواها هى و......................وصمت مرة أخرى وهنا دخلت دادا امينة تحمل أطباق الفاكهه ووضعتها أمامهما فإلتقط حسن بعض الثمار سريعا ثم نهض واقفا وقال لهما:
ــ إستمتعا بوقتقكما أنا لدي بعض الأعمال علي إنجازها وأنت يا سما لو أردت دخول المكتبة فهي مفتوحة لك وقتما تشائين وإختاري ما يروق لك لقراءته. إتفقنا. وقََََََََََََََََََََََبل رأس دادا أمينة وخرج سريعا من الغرفة وترك سما حائرة. ترى ماذا كان يريد ان يقول لها ؟ ولماذا تشعر أن في حياته شئ غامض ؟ ولماذا يسكن هذا المكان ويتمسك به دون غيره؟!!!!!!!!!!!.
ثم نظرت لدادا امينة وقالت لها :
ــ أرجوك يا دادا لو إحتجت مني أي مساعدة لا تتردي في طلب ذلك فأنا ساكون سعيدة جدا لو اعتبرتني مثل إبنتك وإعتمدت علي في أي شئ.
ــ أشكرك يا إبنتي وأعدك لو إحتجت لأي شئ سأطلبه منك فورا ولكن إطمئني حسن يعتني بي جيدا وحاول كثيرا أن أتخلى عن أعمال المطبخ وقال بأنه سيأتي بمن يهتم به ولكني رفضت لأن المطبخ هو حياتي وانا حقا أعشق اعمال المطبخ ولا أتخيل أن يقف به غيري ولقد أحضر لي حسن كل الأجهزة والمعدات الحديثة الخاصة بالمطبخ وبأعمال المنزل ككل حتى لا أجهد نفسي أكثر من اللازم. أنه حقا نعم الأبن فأنا أحبه جدا وأعتبره إبني الذي لم أستطيع إنجابه.ثم قالت لها:
ــ ها أتريدين أن أفتح لك التليفزيون أم تفضلين القراءة؟
ارادت سما أن تقول لها أريدك أن تحدثيني أكثر عن حسن ولكنها بالطبع لن تستطيع قول هذا لذا قالت لها:
ــ ممكن أن نشاهد التلفزيون .
فتحت دادا التلفزيون لسما وأعطتها الريموت كنترول وقالت لها:
ــ إبحثي عما تريدين مشاهدته وأنا سأذهب للمطبخ أنهي بعض الأعمال و أرجوك يا سما كلي هذا العنب فهو مفيد جدا لك. هل تريدين أي شيئا أخر؟
ــ أردت فقط أن أشكرك على كل ما تفعليه من أجلي . دكتور حسن له كل الحق أن يحبك كل هذا الحب فأنت حقا طيبة و حنونة جدا.
شكرتها دادا أمينة وربتت على كتفها بحنان وخرجت من الغرفة متجهه إلى المطبخ.
كانت سما تود أن تدعوها دادا أمينة للذهاب معها إلى المطبخ لكن ذلك لم يحدث، فهي لا تريد الجلوس بمفردها ولكن ماذا تستطيع أن تفعل غير ذلك، وأخذت تقلب في محطات التلفزيون لعلها تجد ما يشغل بالها ولكنها لم تجد شيئا ذو أهمية تشاهده فأغلقت الجهاز وقررت أن تذهب إلى المكتبة لتبحث عن كتاب تقرأه وبالفعل وجدت باب المكتبة مفتوحا وقبل أن تدخل المكتبة سمعت صوت حسن صادرا من الغرفة الخاصة التي لم يرد حسن أن تراها.
كان صوته حادا ومنفعلا لكنه مكتوما كإنه لا يريد لصوته أن يعلو أكثر من ذلك ، دخلت سما المكتبة بسرعة حتى لا يراها أحدا واقفة هكذا ويظن إنها متطفلة ، ولكنها ظلت تفكر ماذا يحدث بهذه الغرفة ولماذا حسن كان منفعلا بهذه الطريقة لقد سمعته يذكر البوابة الخارجية للمنزل فهل الموضوع له علاقة بما حدث لها صباحا؟ وإلى من كان يتحدث؟ وهي لم ترى أحدا في المنزل غير حسن ودادا أمينة وهو قال لها أنه لا يوجد بالمنزل غيرهما .
وفكرت أنه ربما يكون وجودها أحدث بعض التوتر في المنزل ، ولكن ماذا تستطيع أن تفعل هى لا تستطيع أن ترحل عن المنزل هكذا بمنتهى البساطة، فهى لا تعرف حتى إسمها ولا تملك أي نقود إذا إلى أين ستذهب وهى بهذه الحالة. حاولت سما التفكير في حل لما هى فيه و إتجهت إلى الكرسي الهزاز وجلست عليه و هي تفكر ماذا يجب عليها أن تفعل ولم تشعر بشئ سوى يد دادا أمينة تهزها بلطف لتيقظها، فقد نامت دون أن تدري وقالت لها دادا أمينة:
ــ أنت نائمة؟ لقد توقعت أن أجدك هنا بعد أن بحثت عنك في غرفة الجلوس وفي غرفتك ولم أجدك ، حمدا لله إنك بخير. لقد قلقت عليك يا إبنتي
فركت سما عينيها وهي تقول لدادا أمينة :
ــ أسفة يا دادا على إزعاجك أنا لا أدري كيف غلبني النوم؟
ــ هل تودين الذهاب لغرفتك والنوم قليلا؟
ــ كلا يا دادا سأذهب معك لغرفة الجلوس نشاهد التلفزيون سويا. هل لديك مانع؟ فانا لا أريد أن اظل بمفردي .
فوافقت دادا أمينة وهي تساعدها على الوقوف وبعد أن ذهبتا إلى غرفة الجلوس أعطتها دادا أمينة علبة دواء وقالت لها :
ــ أعطاني حسن هذه قبل أن يخرج لأعطيها لك ويقول لك انه يجب أن تأخذي منها حبة واحدة في الساعة التاسعة.
أخذت منها سما علبة الدواء وشكرتها، ونظرت إلى الساعة المثبتة على الحائط ووجدتها الثامنة و خمسة واربعون دقيقة فجلست على الكنبة الكبيرة ووضعت خلف ظهرها بعض الوسائد المريحة وأخذت تنظر إلى التلفزيون ودادا أمينة تبحث عن شئ يشاهدونه و فجأة دقت الساعة التاسعة ، ففتحت سما علبة الدواء وإبتلعت منها واحدة واسندت ظهرها مرة أخرى على الوسائد المريحة و............ونامت .