عنوان الموضوع : ّّ~''ذِكـ ـ ـريـ ـ ـات عـ ـ ـابـ ـ ـرهـ''~
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
ّّ~''ذِكـ ـ ـريـ ـ ـات عـ ـ ـابـ ـ ـرهـ''~
شاحب الوجه..محمر الخدين.. حافي القدمين..
يمشي ويكاد يسقط في خطاه..
يمسك عكازا صغيرة يتكأ عليها.. كانت أمله في الحياة.. فهي تساعده على المشي..
ينظر حوله فتعميه نظرات الناس اليه.. نظرات كلها إحتقار .. استغراب...نظرات تقتله قتلا .
.أو تلك الهمسات الخافته.. التي تهطل عليه كسهام من الاسى والحزن على حالته..
وقف امام متجر صغير للخبز..
مد يده من وراء ذاك الزجاج يتلمس صور الارغفة فيه ويبكي..
لم يأكل شيئا منذ ايام,, معدته تصرخ تريد الطعام, لكنه لا يملكه , ولا يملك المال للحصول عليه حتى !!...
ومع ذلك فإن لديه عقلا ليتخيله ويرسمه في عقله.
تركه يودعه بنظرات آملا ان يذوقه ويتلذذ طعمه..
تابع سيره مطأطأً رأسه يعد عدد خطواته..
يضحك لبرهة ويصمت لبرهة.. ومع كل خطوة يقول: ما هذه الحياة؟؟ جيدة..؟؟ سيئة؟؟
فجأة ارطتم بآنسة مرموقة المقام
أوقعته وكـسرت عكازه الصغيرة التي اهداه اياها والده قبل وفاته..
صرخ : لا.. ماذا فعلت..؟؟؟
فأجابته تلك انسة: اسفه ... دعني اساعدك.. لم اقصد كسرها .. صدقني..؟؟
عندما ساعدته على الوقوف.. ذهل وغرق في بحر عينيها الملونتين..
قالت له: انا حقا ,,جدا اسفه.. لم اشأ كسرها.. رفعت اعينها واخذت تنظر اليه ببراءة
كان شابا نحيل الجسد ,شامخ الطول,, جميل المظهر .. ذو عينين سوداوين كسواد تلك الليلة.. وشعر اسود تماما كـ لون قلم الحبر الذي اكتب فيه.. يلبس عباءة كبيرة تكاد تتمزق من كثرة لبسه لها.. تملئها الرقع والفجوات الصغيرة التي لم تلبث ان غادرتها.
اجابها:.
- لا عليك..
سألته: وهل تستطيع المشي بدونها..
- نعم .. لكن بصعوبة.. فكما ترين انا اعرج..
- اذا دعني اساعدك وأشتري لك عكازا اخرى عوضا عنها..
-: لا لا عليك .. لا اريد منك اي شيء
-لا يجب ان اشتري لك شيئا..
هيا إتكأ علي ... ودعني اقودك للطريق الصحيح
صمت لبرهة .. أمسكت يده بعناد ,, ووضعتها على كتفها .. سارت فيه.. حتى وصلت متجرا للعصي..
دخلت المتجر وصرخت: يا ايها البائع..
رد عليها البائع: نعم يا انستي ..
سألته: هل اجد عندك عكازا لهذا الشاب المسكين..
فرد عليها: طبـعا.. كيف تريدها ايها الشاب..
فقال له: اريدها.. امم.. لا اعرف؟؟
ردت عليه: هات افضل ما عندك..
فأحضر عكازا جميلة نقش عليها رسمات في غاية الروعه..
ابتسمت وقالت: سأشتريها لك.. مهما كان سعرها
خرج من المتجر ومعه عكاز جديد في غاية الجمال..
شكرها كثيرا لكنها كان ترد عليه لا لا تشكرني بل يجب ان تعذرني لاني كسرت عكازك
وكان يرد عليها لا كان عكازا مهترأ ً..
فقالت له : اسمي هو ساره
ومدت يدها لمصافحته
فرد عليها: انا سامر
صافحها مبتسما.. لم يشأ ان يترك تلك اليد التي مزقت بشدة دفئها برد يده
همس خجلا: تشرفت بك ..
وصمت متعجبا ثم اكمل: اشعر ان في عينيك أسئلة كثيرة
تعالي معي كي اريك مسكني وبالطريق سأخبرك عن نفسي يا صديقتي..
ترى كيف علم بأسئلتها؟
كانت تلك أول صديقة التقى بها في حياته..
سار بها فرحا حتى وقف امام كوخ صغير.. مهترء.. يعتليه الظلام.. يسكنه شبح السكون
-اعذري سذاجتي.. ولكن منزلي صغير لا يليق بك..
- لا لا ابدا منزلك رائع .. وصراحة هذه المرة الاولى التي ارى فيها منزلا كهذا هل لي بدخوله..
- نعم نعم تفضلي
قالها واضعا يده بيدها.. ادخلها اياه..
اخذت تتلمس جدرانه البااارده
- كيف لك ان تعيش في منزل بارد كهذا ؟؟
- اعتد عليه.. ما عساي افعل .. ثم ان هناك ذكريات رائعة تجعلني اشعر بالدفئ كلما دخلته
- ذكريات؟
- اجل ذكرياتي مع امي وابي..
- واين هم؟؟
طأطأ رأسه لتحت .. واخذ يتنهد بصوت خافت
رفعت رأسه وقالت:- اني اسفة لم أشأ تذكيرك بهم
- لا لا لا بأس.. لكني تذكرت اخر مره رايت فيها ابي.. كنت أودعه.. فأعطاني تلك العكاز الصغيرة التي كسرت بلحظة.. وودعني متوجها الى الحرب.. تركني مع عمي القاسي وعمتي الحنونه.. ولم يعد.. لكني علمت بوفاته حين تسللت من وراء باب غرفة عمتي وزوجها.. سمعت عمتي تبكي وتقول: لا لا غير معقول اخي مات!!
صدمت وعدت الى غرفتي ابكي واقبل بعكازي..اتذكر والدي وكلمات وصوته الذي رحل عني للأبد
- رحمه الله.. لكن ماذا عن أمك؟
- امي.. ماتت وقت ولادتي لذالك لا اعرف شيئا عنها سوى هذه الصورة.. واحاديث ابي الكثيرة عنها.. قد كان متيما بها.. لم يشأ ان يذكر لي ان ولادتي كانت سبب موتها.. كان يقول لي دوما انها ماتت لإصابتها بمرض خطير بعد ولادتي بايام.. لكني علمت الحقيقة من عمي الصارم
- يا الهي.. رحمهما الله.. حقا انا اسفه لجعلك تعود لتلك الذكريات
- لا عليك..
- سامر اخبرني عن نفسك
-انا ... اتريدين معرفة سبب كوني شخصا اعرجا ذا رجل واحدة..؟؟
- الفضول ملئتي لذالك عليك اخباري..
قالتها متأملتا بعينيه البرئيتين الساحرتين اللتان تخفيان اسرارا مؤلمة لا تصفها الكلمات.. صمتت وغاصت داخلها لعلها تكشف لها شخصية هذا المسكين وتكشف لها خفايا لا يعرفها من حوله .. لكنها عادت على صوته العذب يقول:
- خسرت رجلي في مرض خطير يسمى الغرغرينا..فإضطرو لبترها كي لا ينتشر هذا المرض في كافة انحاء جسمي
- اني اسفه..حقا ان الامر يبدو صعبا ومؤلما..
- اجل في البداية لكن مع الايام ستعتادين عليه... لا اكذب عليك بقولي اني كنت اشعر في كل دقيقة اني ميت وان ذاك المرض يسري في جسمي كالثعبان اللاذع الذي ينثر سمه في داخلي...
حالما سمعت ساره ذالك اغلقت عينها تصرخ: اه .. يالك من مسكين كيف تحملت ذالك.. يا ليتي أمُر بمثل هذه التجارب كي اشعر بغيري ..
اعتلت سامر ملامح الاستغراب والتعجب ورد قائلا:-
-ماذا..؟؟ لكن لماذا تردين تجربة هذه الاشياء المؤلمة التي تجعل البشر يموت بالدقيقة الف مره
- حياتي وما كسبته منها جعلني اقول ذالك واتمناه
- لكن لماذا ..؟؟,, قولي لي حان دورك الان
مشت عن جانبه متجهة بخطواتها الى زاوية مظلمة باردة,,جلست فيها تهمس بصوت خافت ,,وتشير له ان يجلس بجانبها
- تعال لاحكي لك..
اقترب بهدوء ثم انحنى وجلس بترو ٍ
- تفضلي كلي اذان صاغية
- كنت صغيرة حين سمعت ابي وامي يتشاجران.. تصرخ امي وتقول: اسكت .. دعني اذهب لحال سبيلي اتركني.. كنت غلطة عمري ويا ليتني لم اتزوجك فرد عليها ابي: تريدين مني تركك حسنا اذهبي .. يا لك من امرأة!!.. تقولين لي الان اني غلطتك .. اين ذهبت تلك الايام التي كنت فيها تقنعيني بحبك لي .. اين ذهبت قصص حبك اصبحت كلها قصصا,, كلمات,, كاذبه ,, خدعتني بها لتسكني عالمي ولترسمي لي حياة عشتها معك تحولت الان لتصبح ذكريات عابرة بنظرك؟؟
تريدين الرحيل ارحلي .. لكن لا تأخذي قلبي وحياتي .. لا تأخذي ساره ..
ادارت وجهها وضحكت: اهذا كل شي ء.. خذها ,,
ومن حينها لم ارها..لم ارى امي.. اتسائل للان كيف تخلت عني وعن ابي بهذه السهولة اغرتها هذه الحياة وملئت قلبها بالشهوات الزائلة, تبعت هواها وتركت حياتها خلفها..
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
قصة في منتهى الروعة
للأسف استغرب من الام التي يسهل عليها ترك ابنائها لترضي نفسها
رائعة يا كل الحلا
انسجمت مع القصة كثيرا
__________________________________________________ __________
؛
ام عيسى،الله يعطيــج العااافيـــه
لاهنــتِ
لا تستغربي من الام
اللي يعيش ياما يشوف
نورتي ^__^
؛
__________________________________________________ __________
مشكووووره يالغاليه ..
__________________________________________________ __________
شكرا لج عالمرور الطيب حبيبتي
__________________________________________________ __________
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووورة أختي على هذه القصة الرائعة والحزينة في نفس الوقت والله يعطيكِ ألف ألف الف عافية ولا حرمنا الله من هذا القلم المميز إن شاء الله..................
اللهم أرحمها وارحمنا وسكنها فسيح جناتك إنك سميع مجيب.
اللهم أحسن خاتمتنا مثلها ونور قلوبنا بالإيمان وطاعة الرحمن يارب العالمين.................
تحيتي