عنوان الموضوع : مآق جف فيها الدمع من وحي قلمي -قصة جميلة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
مآق جف فيها الدمع من وحي قلمي
تندرج حبات العرق على جباهنا حتى نرى صرح الشمس بدأ بالانهدام واحمرت وجنتاها من الفراق وبسط الظلام سيتاره المزين بالنجوم .
حملت امي ما كان معها من العتاد وقفلت عائدة الى المنزل كانت خطواتها سريعة وكنت متعلقة باذيال امي احاول مجارات مشيتها وصلنا المنزل وتسلل الظلام على رؤوس اصابعه الى الداخل اوقدت امي النار ثم اشعلت المصباح وجلسنا على الاثاث الرث متلمسين الدفء
اذكر ان امي كانت اجمل نساء القرية وانه كان ولا يزال يضرب المثل بجمال وطول ظفائر شعرها لكن لماذا هذه الحرقة على جبين امي ؟ ولماذا هذا الحزن الذي ما انفك يطاردها والانتظار الذي يخرج من بين رموشها الذابلة .
كالعادة اسال امي عن ابي هل وصلت اخبار عنه ؟ الجواب كالعادة لا .... اتناول طعامي بصمت انا واخوتي الصغار (صمود وكفاح ) تبدا اختي بالشكوى من مشاكسة اخي الصغير واثناء هذا اخرج من المنزل واجلس في الخارج محدقا بالصمت الغريب في قسمات السماء .
انا لم ارا وجه ابي لقد تفتحت عيناي على هذه الدنيا وهو غائب عنا كنت كلما سال امي تسكتني بقولها سيعود يا بني وها قد بلغت العاشرة من العمر ولم يعد وبدات اتسائل عن اسماء اخوتي صمود وكفاح وانا جهاد لقد كان معناها لطفل بالعاشرة قاس جدا ، ابقى اتامل نجوم السماء واحدق بعتمة البيداء ، حملتني السنين اعباء الحياة قبل ان اكبر وانستني ملامح طفولتي حرمتني اللعب لا اذكر يوما انه كان عندي اي لعبة كباقي الاطفال ولا اذكر يوما اني سبحت بالنهر لاهيا كالاطفال في قريتي كل الذي اذكره اني من الصباح حتى المساء اعمل بالحقل مع امي حتى يداي ليست كباقي الاطفال فهي خشنة ومشققة .
فبين كلل وملل اعمل وبين مسؤولية وعفوية اتحمل احب مساعدة امي لم اذكر انه زارنا احد في منزلنا ولا ان امي خرجت لزيارة احد فمنع التجول اصبح عادة اليهود اليومية .
حاول اليهود شراء ارضنا ولكننا لم نبع امي علمتني ان الارض والدين والعرض اغلى ما يملك الانسان وعليه الموت من اجلها واذكر كم مرة نمنا دون عشاء حتى لا نبيعها .
امي ليست قاسية لمن الزمن هو من قسى عليها وعلى اطفالها ابقى الح على امي ان تخبرني قصة والدي لكن دون جدوى تقول انه خرج للعمل ولكن لا استطيع ان اقتنع انه ذهب ليعمل ولكني اوحي لها اني اقتنعت واعلم ان الحقيقة شيء اخر .
جهاد .... جهاد ..... جهاد تنادي امي علي لادخل انام
ها هو النهار يفرد سيتاره وهاهي الشمس تبزغ من بين الغيوم اعلم ان امي ستاتي لتوقضني فابقى بسريري محدقا بالعتمة التي اخذت بالانحسار وارى خيوط الشمس التي تدخل على اثاثنا الرث تزيل امي عني الغطاء وتطبع قبلة حانية على خدي لاقوم من فراشي ، اتناول الافطار ونذهب للحقل
اعمل مع امي بجد وكاني رجل فانا حين امسك الفاس احس اني اكبر واشعر ان ابي ظالم خرج دون كلمة وداع والقى اعباء الحياة علينا انا وامي ولكني اعود لصحوتي واطرد تلك الافكار واقول انه هناك سببا قويا وراء اختفاء ابي من حياتنا
ياتي جارنا اليهودي من بعيد ويقول كالعادة اعملوا بجد ساحصل عليها ولو بالقوة تتحاشى امي الرد عليه مع انها تقدر اما انا فينهض الدم بعروقي وانظر اليه بازدراء وامسك حجرا لكن امي تمسك يدي بهدوء الى ان ينصرف
شعرت اني اكرهه وانه ظالم وسرعان ما خطر ببالي انه وراء رحيل ابي عنا اتسائل عن عدم رد امي عليه مع انها قادرة ولكن بصمت تجذبني امي لصدرها الحاني وتبكي لم اطق ان ارى امي تبكي اريد ان ابكي معها ولكن اجفاني متحجرة وجافة لم تعرف كيف تبكي اكابد لوعتي وحزني
انا لم ابك يوما ليس لان السعادة تغلف حياتي كلا لن الحزن هو المسيطر عليها والقسوة تغلفها واطار الفقر يزيد الصورة بؤسا
اريد ان امسح دموع امي لكن اخشى ان تؤلمها يداي الخشنتان فاعود عن ذلك
وبدلا من ان احمل بحقيبتي قلما ودفتر احمل رفشا ومعولا والسبب هو الفقر في ارض الاحتلال
نكمل العمل في الارض كالعادة ونعود امي قلقة لا اعلم لم ارها هكذا نصل المنزل هناك اصوات تتعالا خلفنا التفت واذ بجارنا يخبرنا ان النار تشتعل في الارض والسنة اللهب تاكل كل ما تقع عليه
ترمي امي حقيبتها وتركض وانا خلفها ارى الناس متحلقين حول ارضنا والكل يساعد والنار كبيرة وجارنا اليهودي واقف هناك وعندما خمدت النار كانت قد افسدت محصول السنة وبقي القليل من المحصول انهارت امي باكية كنت اريد ان ابكي لكني لم اقدر .
عادت امي للبيت ولاول مرة تتجمع عندنا نساء القرية واسمع امي تتحدث عن الفقر والحالة البائسة التي وصلنا لها وانها بحاجة للمال وانها غدا ستحصل عليه
وفي الصباح استيقظت وكان حملا ثقيلا على صدري وكنت اعلم وافهم ما يدور حولي , بحثت عن امي لكني لم اجدها فجلست عند الباب انتظرها وبعد سويعات عادت .
كانت من هيئة لباسها انها كانت خارج القرية تدخل وتمسح على راسي وتجلس وتطمئنني انها حصلت على المال وتقول ان ما تبقى من المحصول ستبيعه وسنزرع الارض من جديد
ونذهب انا وهي للحقل المحروق ونجلس على الرماد ترفع امي الغطاء عن راسها واصعق مما ارى
امي اين ظفائر شعرك ؟ اين هي لماذا هو قصير هكذا لقد باعت امي شعرها كي تطعمنا اصرخ واثور وينفجر بركان الاسئلة بداخلي واسالها عن ابي وعن حالنا والومه انه قاس خرج دون كلمة وداع اكرهه نعم اكرهه
تلطم امي خدي برفق كي تسكتني ثم تحتضنني وتقول ان ابوك في سجن الاحتلال منذ تسع سنين لانه دافع عن ارضه ووطنه وانها منذ ذلك الوقت اقسمت ان تحمي الارض حتى عودته المجهولة ولاول مرة احس ماءا ينزل من عيني يحرق جفوني اني ابكي نعم ابكي واخيرا بحرقة
وتعاهدنا انا وهي ورماد الارض المحروقة على الوفاء وسارت بنا الحياة وكبرت وعاد ابي ووجدني شابا يافعا وتابعنا المسير بالحياة ونمت ظفائر شعر امي من جديد
ملحوظة : هذه القصة كتبتها وانا في الثانوية وقبل كتابتي لها كانت معلمة اللغة العربية دائما تسالني عن سبب اختياري للاسماء والعبارات القاسية في حصص التعبير التي تحاكي واقعا لا يشبه شخصيتي الانثوية المدللة بنظرها ولكن بعد ان قراة قصتي هذه علمت سبب ذلك واصبحت كلما راتني تبتسم لي ابتسامة رضا وكانها تقول لي واصلي ما بداته
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
__________________________________________________ __________
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حب اامتــلاك
بارك الله فيك على الموضوع القيم والمميز
وفي انتظار جديدك الأروع والمميز
لك مني أجمل التحيات
اشكرك غاليتي حب امتلاك على الراي الجميل اقبلي ودي واحترامي
__________________________________________________ __________
غاليتي ليليان..
و انا اقرا قصتك شعرت اني اعيش مع ابطالها في عالمهم..
شعرت بالحزن مثلهم و بالالم الذي عانوه...
و كاني هناك احيا بين احضان كلماتك..
رائعة انت ليليان...و رائع ما ينبض به قلمك...
احييك و اتابع بشغف ما تكتبين حبيبتي..
و دمت و طبت بسلام.
__________________________________________________ __________
احسنتى فقد تعايشت مع كل كلمة واقشعر بدنى من الحزن
__________________________________________________ __________
اشكرك غاليتي هذا شرف كبير لي والله ما كتبت سوى قليل من واقع مؤلم يعيشونه من سنين بصمت مطبق في الاراضي الابية في فلسطين العربية