عنوان الموضوع : قطة اخي الضائعة..قصة قصيرة..بقلمي.. -قصة قصيرة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

قطة اخي الضائعة..قصة قصيرة..بقلمي..






هذا اول موضوع لي في المنتدى
اتمنى ينال اعجابكم

القصة بعنوان
قطة اخي الضائعة
و هي قصة حقيقية





قطة أخي الضائعة.......
اتفقتا على اللقاء حوالي الساعة الخامسة بصالون التجميل فحرصت غزلان على أن لا تفوت الموعد معها كل ما ارتدته كان جلابة قديمة عندها,وضعت خمارا يشبه اللون البيج بالجلابة ,مشت حوالي 10دقائق ووصلت للصالون الذي تتردد عليه عادة فصاحباته قريبات لها و عملهن لا يعاب عليه أبدا ,فتحت الباب الزجاجي المملوء بصور فنانات ممكيجات و مصففات يقتربن بزينتهن من الغرابة و الابتذال و يبتعدن كل البعد عن الجمال,كان الحر داخل الصالون كأنه الجحيم و بدأت تلمح الوجوه المتواجدة ,كانت تعرف جميعهن تقريبا,بدأت تقبل الواحدة تلو الأخرى,هذه صديقة,هذه معرفة قديمة,و هذه قريبة,و تلك كانت زميلة دراسة و تلك هي صاحبة الصيدلية البشوشة,ووصلت إليها كان وجهها نقيا رغم ما يحكى عنها من مغامرات رجالية,بعيونها الزمردية التي غطت على كل حيلة قد قامت بها يوما و عن أي كذبة قد لفقتها أيضا,قبلتها بحرارة كما لم تفعل يوما فقد كانت تعرفها منذ سنوات لكن كل هذه الحميمية و الرابطة المتينة لم تظهر إلا منذ يومين ..
.
.
.
.
.
.
.
.
. قبلت من بقين وراءها في الكرسي الطويل الغير المريح الذي يتأرجح جيئة و ذهابا,كانت الحرارة تلفح الوجوه ,و النساء صابرات جالسات مستقرات في كراسيهن و العرق يسيل من ظهورهن و مؤخراتهن فلا ينهضن من أماكنهن إلا و ثيابهن ملتصقة بأجسادهن.
.
.
.
.
.
.
.
. كانت الوجوه بقدر تشابهها مختلفة,كان الغريب أن أكثر من ثلاثة فتيات كانت عيونهن ملونة,على غير المتعارف عليه في منطقة كمنطقتهما,المعروفة بجمال بدوي خالص, عيون واسعة سوداء و شعر داكن.
كانت غزلان على معرفة شبه عميقة مع كل واحدة إلى حد ما,كانت تحوم فوق رأس كل واحدة حكاية حبها,قصة سر,لكنه سر يعرفه الجميع,ففي بلدة صغيرة إذا ضاق صدرك بسرك فلتتحمل أن تتسع له كل البلدة.
جلست غزلان بجانب أمال تتنفس الصعداء من الطريق الذي قطعته مسرعة بل مهرولة تفاديا لشباب همهم التفوه بعبارات يعتقدون أنهم يعاكسون بها,لكن ما هي إلا كلمات رعاع ينكمش القلب اشمئزازا لسماعها,كانت لمعة الحزن واضحة بعيون آمال ,بصوت خافت قالت غزلان.(كيف حالك؟)
فردت _كيف سأكون؟؟
_نقولو الحمد لله على كل شي.
و تفادت غزلان أن تسمعها موعظة أو محاضرة هي في غنى عنها.

.

.
.
.
.
.
.
.
. المفترض أن أمال عروس ستزف في اليوم التالي,لكنه للأسف لم يكن اليوم المنتظر,و لا الرجل المنشود ! و إذا آمال سؤلت بأي ذنب زوجت؟...فهي لم تدرك عمق العلاقة و تعلقها الشديد بصديقها المقرب حتى كان الأوان قد فات,فقد استفحلت مراسم الخطبة كأنها مرض عضال,و استحال استئصال اتفاق والدها !و لم يكن الحبيب السري سوى اخ غزلان. فبعد أن فرغت الحلول عندها منذ يومين,لأنه لم يعد يرد على اتصالاتها و مساجاتها كانت أخته آخر مخرج لها و آخر منقذ يسير بها عن جهلها لما يحدث له. في أول اتصال لأمال ب غزلان استغربت, بل إنها استهزأت بها لأنها لازلت متشبثة بقصة ماضية و هي تقنيا زوجة رجل,لكن ما إن سمعت التفاصيل حتى استيقظ تعاطفها و فطرة نصرة الأنثى لديها و وجدت نفسها متعاضدة مع القضية و مؤيدة لأي شيء قد ينقذها .



.
.
.
.
.
.
.
. أمسكت بيد آمال ,فبدأت تحكي عنه,كانت عيونها تلمع بحبه,كانت تتفاخر بمعرفتها لأفراد الأسرة و تتفاخر بأسماء من يشتغل معهم كأنها تريد أن تثبت لها أن العلاقة ليست سطحية بل أنه قاسمها خصوصياته,كان جمالها فتانا و ابتسامتها آسرة كانت أنثوية بحركاتها و طريقة جلوسها و عذوبة صوتها,لم تكن مثالية لكن بعض العيوب جعلتها تبدو رائعة.
بدت متلهفة لكل كلمة تقولها غزلان عنه و لكل حركة تقلده بها,كأنها كانت تستنشق الشبه لتداوي به شوقها.

.
.
.
.
.
.بلحظة صمت بينهما عادت غزلان قليلا لجو الصالون,فلاحظت أن أول من قبلت عند دخولها كانت يوما صديقة حميمة,لكن نظرتها لها كانت متغيرة , لكنها لم تكن أول مرة ترمقها بنظرة كهذه ,فارغة و غريبة,لكنها تعرف لم !و تعرف منذ متى كذلك,فالقصة هي أنهما يوما ما أيام الثانوية حين كانت كل واحدة تفضي للثانية أسرارها,قصص الحب و الفتيان,فقالت غزلان.أن هناك شابا يسكن في حيهم ينتظرها كل يوم أمام مدخل الثانوية,و لا يأتي إلا و بيديه قطع الشوكولا و الحلوى و العلكة,كانت صديقتها ترتدي الحجاب آنذاك, و من عائلة جد محافظة و متدينة بل متزمتة,لا تؤمن بنجاح المرأة ,و عندما تقدم لأخيها شاب لخطبتها, ما كان منه إلا القول(الله يسخر) ألا و هو الموافقة التامة التي لا رجعة فيها,ما أثار دهشة غزلان أن صديقتها لم تجد في الأمر أي نوع من السيطرة عليها أو قمع لرأيها,كأنها حمل وديع يستسلم للسكين ! لكن بيت القصيد أن الشابين صاحب الحلوى و الذي خطب صديقتها لم يكن سوى واحدا !!! محمد الذي يحضر الحلوى لغزلان هو الذي خطب صديقتها ,ما يثير الضحك أنها كم مرة أكلت من تلك الحلوى !!!
يا لسخرية القدر و تزوجت منه,و كانت غزلان أكثر من ساعدها في التحضير للعرس بربط الشراشف و جمع الملابس و كيها,و كل العادات الجزائرية التي لا يمكن للعروس أن تفلت منها ,لكن بعد الزفاف عدلت غزلان عن زيارتها تفاديا لإحداث مشاكل,,

.
.
.
.
.
.
.
.
.
ابتسمت لها في المرآة المقابلة ثم أبعدت نظرها عنها, لتعود إلى الغريمة الولهانة بعيونها ,فقط لأنها تشبه عيون أخيها.

.
.
.
.
.
.
.
.
. قالت آمال بكل جدية (نقعد دايما نهدر معاه حتى مورا العرس) و هي تصر على ذلك بشدة ,كانت مئات العبارات تدور بخلد غزلان ,لكنها لم ترد أن تقطع سيل كلام آمال كما لم ترد أن تخسر ثقتها بها و لا أن تبعد السكينة التي طبعت كلامها,فحتما هي تعلم خطورة أن تبقى على علاقة به و هي متزوجة,اكتفت بسماع قصصها و مغامراتها معه,و رغم أن الجرأة كانت تطبع ما تسرده,بل بعض التجاوزات الخطيرة,إلا أن قصتهما كانت جميلة و بنفس القدر مأساوية و محزنة.
ظلت آمال تطلق تنهيدات عميقة و مؤلمة كلما لفظت اسمه و الأسى يعتصر قلبها كلما تذكرت أياما ولت.و ظلت غزلان تقول عبارات قد تخفف عنها قليلا
_الله يجيب الخير,نوي الخير تلاقي الخير,بلاك هاد الزواج فيه خيرية...
_واش نقولك آ ختي ,راها مخلطة علي,بصح درك طفرت.
_لا تقولي فات الأوان كأنك مقدمة على الانتحار,قولي الله يسخر لي
كانت أصوات مجففات الشعر تصم الآذان و تجعل النسوة يتكلمن بصوت مرتفع,و رائحة الشعر المصفف يحترق تحت الحرارة تكاد تخنقهن مختلطة مع الشمع المزيل للشعر,و رائحة الكريمات, غزلان في كل تلك الجلبة تقول في نفسهاَ(كم هو غريب أمرنا نحن النساء عندما يتعلق الأمر بالجمال..) فجأة نادتها صاحبة المحل,لتسألها ماذا تريد أن تفعل من اجلها أو بالأحرى بها,فبصفتها قريبتها أرادت أن تقدم دورها عن الأخريات قليلا
_أي مناسبة ستحضرون.........لكي أعرف كيف سأزينك؟
,لكنها أجابت بابتسامة شكر _ل اشكرا لا شيء أتيت لرؤية صديقتي .
و أشارت لها فوجدتها مبتسمة لها و بعيونها امتنان عميق لنعتها بصديقتها ,فقالت آمال لصاحبة المحل ممازحة
_ألديك مانع؟ فضحكن مع بعضهن و ردت صاحبة المحل _ما كانش مشكل.

.
.
.
.
.
.لم تعرف غزلان أي شعور يجب أن تحس به تجاه آمال,أن تفرح لعرسها أم تحزن لحزنها,أم تشفق عليها,أم تؤنبها ؟؟ ؟ كان أمرها محيرا بقدر سحر جمالها, فكل ما كانت تعرفه عنها غزلان سابقا قد تبخر و حلت محله مشاعر جديدة ,فقد عرف عنها أنها فتاة لا يستهان بها لا يفوتها شيء ,حتى أن غزلان تذكر أنها أتت يوما للحي الجامعي لتفصل بين أختها و قريبة لهما كانتا على خلاف,فانتهى الأمر بأنها خدشت قريبتهما خدشا مرعبا بوجهها ترك أثرا طويلا بشعا لأسابيع,وليس هذا فقط بل أنها تملصت من مجلس التأديب و لم تحصل على أي نوع من العقاب,و رغم أن الضحية أثارت شوشرة حول الأمر و ضخمته إلا أنها لم تنل سوى العقاب و التهديد بالفصل كذلك !! كانت هذه الحادثة إحدى الانطباعات التي قد كانت ل غزلان عنها .لكن نظرتها المكسورة اليوم كانت غير تلك الشخصية تماما,فهي اليوم أشبه بقطة ضائعة.

.
.
.
.
.
.
.
تكلمتا قرابة الساعتين,لم تحس فيهما غزلان بالوقت لولا العرق الذي كساها و كاد يقودها للجنون,لم تنظر للساعة طول الوقت الذي مكثت فيه بالصالون إلا و أمها ترن على جوالها,فعرفت أنها قد نسيت نفسها و نهضت من الكرسي لتغادر لكنها أرادت أن تمر أولا لتلقي التحية على أهل البيت, فدخلت من الباب الخلفي الذي يربط الصالون بالمنزل كانت أم صاحبات الصالون خالتي مباركة من النساء اللواتي بقين من الزمان المبارك,ببساطة حديثها,و خجلها من المواقف العادية , و مراعاتها لكلام الناس تظهر كم تغيرنا و كم تخلينا عن أصالتنا من زمن البركة إلى زمن السرعة,سلمت عليهم و عند خروجها كانت صديقتها الجديدة أو المؤقتة كما سيحكم عليهما القدر قد انتهت من شذب حواجبها ,فلم تعبأ غزلان بنفسها إلا و هي تأخذها بالأحضان مودعة مواسية و قالت بصوت مبحوح
_تبانلي ما نزيدش نشوفك قاع.
_علاش ! حرام عليك كي نجي لدارنا نشوفك,تبغي تجي عندي لداري مرحبا بيك على راسي و عيني.
و أحكمت يديها حولها كأن تستشف منها ما يربطها بحبيبها, كانت غزلان تقدر ما تحمله من ألم ,تدرك ما تريده منها أيضا, و عندما أنزلت كل واحدة يديها عن الأخرى و التقت نظراتهما كانت عيون آمال مغرو رقة بالدموع.

.
.
.
.
.
.
.
.عرفت غزلان أنها لا تبكي فراقها و لا فراق عائلتها كما لم تكن دموع فرح عروس,كانت تلك دموع حرقة حب جاء متأخرا,حب مخنوق تحت رحمة التقاليد,في زمن نراعي فيه آراء الناس على حساب مشاعرنا ندوس قلوبنا و نزيف بسمة على شفاهنا,نرائي الفرح و الهم ينخر العظام,ندوس على الجرح لنغلق الأفواه,نتجرع السم لتدخل ألسنة تنفث النار.
غادرت أمال مع أختها و غادرت غزلان في الطريق المعاكس لهما لوحدها,و هي تلوك كلامها و تسترجع نظراتها و كأنها تقمصتها و كأنها لبست حزنها للحظة أحست أنها هي !و أنها ستكون أمال يوما ما.كانت تمشي و تلتفت و ترى أن المتيمة الضائعة تسير في طريق لا عودة منه, و سارت هي محملة بقصة تحمل من الأسى ما لا يقص و لا ينتسى.
بوصولها إلى المنزل أحست كأنها تجر أذيالا معها , و أحست بثقل و ضيق ,و أخذت أمها تطرح أسئلة حول هذه الصديقة الطارئة الجديدة ,لم تعرف غزلان كيف تتهرب منها _هل درست معك هذه الصديقة التي ستتزوج؟
_نعم
_لكن لم تحكي لي يوما عنها.
_لم تأت المناسبة.
وأختها بعيون واسعة متيقظة قالت..
_بنت من هذه؟ هل نعرفها؟
أممم هذا السؤال لا يمكن تجنبه,ففي بلدة صغيرة الكل يعرفون بعضهم ,خاصة أختها لأنها تعمل بالدائرة, لذا من الخطر الإجابة .أو حتى تزييف حقيقة هذه الفتاة , تلعثمت غزلان قليلا لكنها ردت
_كانت تحب أخي لهذا أعجبها و تحب أن تسأل عني .
علت نظرة استغراب وجه أمها و أختها و ابتسامة استفزت مشاعرها لكنها تجنبت أن تخوض معهما نقاشا عقيما لن يصل بها لشيء
ظلت تفكر بها طوال الأمسية,و قبل خلودها إلى فراشها اتصلت أمال,تحدثتا كثيرا عن أنفسهن و عنه و كل ما يحدث حولهم و كانت آمال تردد في كل مرة (تهدري كيفه) فتقول لها طبيعي أن أتحدث مثله ,كما أني أقرب فرد له في العائلة .
نامت على صوتها كأنها حبيب عابر اتخذته سرا.

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.جاء الصباح كان اليوم الموعود لكنه مشؤوم بالنسبة لأمال و حبيبها,المفروض أن أمال ذهبت لصالون الحلاقة و غير ذلك من التحضيرات التي من الأكيد أنها أزعجتها,و في المساء وصلت السيارات لتزفها لزوجها, سيارات ستئدها إلى سابع أرض.
رن هاتف غزلان ,كان صوت العروس الموءودة متقطعا و حزينا و عميقا و حولها ضوضاء و مزامير و ظلت تقول (تهلاي,تهلاي فيها ,بلا ما نوصيك) كانت توصيها بالاهتمام به,و لأن أهلها أحاطوا بها كان من المستحيل أن تذكر صفة المذكر أمامهم ,و هي عروس, الزغاريد حولها إنهم فرحون بها لكنهم لا يعرفون ما بها ! أحرقتها كلماتها, كان وقعها عميقا و محزنا ثم قالت آمال (أختك ستأتي معنا) ردت دون أن تفهم (من أختي؟) ثم تداركت نفسها فقد كانت تعني أخاها الذي شارك في موكب سيارات العروس.

.
.
.
.
.
.
.
.أحست بالألم يعتصر قلبها لمرارة ما يمران به,كم هو فظيع الموقف,لم يأب إلا أن يوصلها إليه لم يأب إلا أن يرافقها في أخر خطوة تكون فيها ملكه,أراد أن يشيع قصة حبه لمثواها الأخير
أراد أن يشهد لحظة تطأ قدماها منزله ,أن يرضى لأول مرة أن تضاجع غيره بعلمه
فقالت غزلان بصوت حزين
_ ذهبت قطة أخي الضائعة.......................
تمت (صيف 2017)
شهقة الروح




اتمنى ان تكون ردودكم كثيرة و هادفة و صريحة
شكرا لكم


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


28 مشاهدة و لا رد



حرام عليكم


__________________________________________________ __________



__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________