عنوان الموضوع : قصة ما احلاها -قصة جميلة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
قصة ما احلاها
تحكي حكاية قديمة عن بلدة على ضفة نهر، بدأ منسوب المياه فيه يقلّ مؤذناً بحالة من القحط ستعمّ البلدة؛ فما كان مِن حاكمها إلا أن استدعى مستشاره الحكيم ليشير عليه؛ فقال له الحكيم: يجب أن تختبر إخلاص الناس في القضاء على الأزمة التي يواجهونها وتواجهها البلدة.. تعجّب الحاكم وقال: وهل في ذلك شك؟! هل يتركون أنفسهم للقحط ثم الفقر ثم الموت؟! فردّ الحكيم بالصمت؛ لأنه كان مقتنعاً بفكرة ما عن أهل بلدته.
ثم طلب من الحاكم جمْع أهل البلدة ليُنذرهم بما هم مُقدِمون عليه.. جمع الحاكم أهل بلدته، وطلب منهم الاستماع لوصية حكيمه لمواجهة هذه الأزمة.
تحدّث الحكيم في جموع الواقفين، وقال: سنضع لكم إناءً كبيراً في المكان الفلاني، وعلى كل واحد أن يتوجّه إلى هناك ويضع كوباً من اللبن في الإناء، حتى نتمكّن من ادّخاره لوقت الحاجة، لكن الحكيم اشترط عليهم أن يفعل كل واحد منهم ذلك بمفرده ودون أن يراه أحد.
وكان الحكيم بذلك يضع الأساس في علاج الأزمة، وبالفعل حدث ما توقّعه الحكيم؛ فعندما فتحوا الإناء صباحاً وجدوه مملوءاً بالماء!!
لقد قام كل واحد من أهل البلدة بوضع كوب من الماء؛ ظناً منه أنه هو الوحيد الذي فعل ذلك، وأن هذا الكوب لن يُؤثّر فيما وضعه الباقون من لبن، لكن الفكرة التي وقعت لأحدهم كان الجميع يُفكّر فيها.
وهكذا هو الفساد في حياتنا الذي يُسبّب الانهيار الاجتماعي والحضاري، تبدأ أسبابه بأنك تحتقر الصغيرة، تظن أنها لا تُؤثّر في هذا الكمّ من الصلاح، ترى أن كوب اللبن الذي استبدلت به كوب الماء، فغششت المجتمع؛ تظنّ أنه لن يُؤثّر في هذا الوعاء المليء باللبن.
كم مرة قطعت الطريق المعاكس، وظننت أنه لن يتأثّر بمجرد مرور سيارة واحدة خطأً؛ فوجدت آلاف السيارات تتبعك؟
كم مرة تخطّيت الطابور الطويل من الملتزمين بتوقيت مجيئهم، لتقف أمام المنفذ مباشرة تُنهي مصلحتك؛ فوجدت نفسك على رأس العشوائيين الذين تبِعوك؟
كم مرة فكّرت أن تطوّح علبة أو كيساً من القمامة من نافذة سيارتك أو شرفة منزلك، وظننت أنها لن تؤثّر على نظافة الشارع، وما لبث الشارع أن تحوّل -وتحوّلنا معه- إلى صندوق كبير من القمامة؟
لأنك مع الأسف في اللحظة التي فكّرت فيها في الخطأ وخداع نفسك الكبرى (المجتمع)، كنت أنت الكل؛ فأصبح الكل هو أنت.
وحتى الله تعالى لا يعاقب على مثل هذه الأعمال كذنب مفرد، ولا يعتبره الدين الإسلامي خطأً فردياً؛ فيقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "من سنّ في الإسلام سُنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها مِن بعده، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن سنّ في الإسلام سُنّة سيئة كان عليه وزرها ووِزر من عمل بها مِن بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئاً".
المسألة نسبة وتناسب؛ فأنت تحافظ على بيتك لأنك وحدك من يجني ويلات تلفه أو تلف شيء منه، خطؤك البسيط سيُكلّفك الكثير من حياتك ومالك ووقتك.. وترى خطأك بالنسبة للمجتمع قطرة من الحبر في بحر لن تعكره؛ لكن إذا اجتمعت هذه القطرات من الحبر على تلويث البحر لوّثت جميعها ماءه؛ مهما كان اتساعه.
وليس أصدق على ذلك من معكوس المقولة الشهيرة "لا تحقرن من المعروف شيئاً؛ فإن الجبال من الحصى": (لا تحقرن من السوء شيئاً فإن الجبال من الحصى).
فلا تكن أول من يفكّر في وضع حصاة الخطأ؛ لأنك حينما تفكّر في ذلك، سترى الآلاف يُكملون جبل الأخطاء بحصواتهم؛ لأنهم فكروا مثلك تماماً.
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________