عنوان الموضوع : وداعاً بيلسان إلى جنان الخلد صغيرتي قصص
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

وداعاً بيلسان إلى جنان الخلد صغيرتي






بسم الله الرحمن الرحيم


كم كانت تلك الأيام عصيبه عندما مرض الأخ الأصغر لصديقي .. فقد أصبح ذهابي


للمستشفى عملاً روتينياً كنت أرافق صديقي حاملاً معي ألعاباً وحلوى أدخل بها


السرور على قلبه الصغير ... كان يبدوا في أفضل حالاته عندما يرى أخاه وهو يبادله


الضحكات وكم كنت سعيداً لرؤيتهما .. كنت أرى جميع الأطفال في أوج سعادتهم


سوى طفلة صغيره يقبع سريرها في زاوية الغرفه .. وهي الوحيده التي لا زائر لها


كنت أراقبها وأسأل نفسي .. لماذا لا أجد ألعاباً حولها كباقي الأطفال !! لماذ


ا



لا يزورها أحد !! وقررت أن أبحث عن الجواب بنفسي ...



انتظرت حضور ممرضتها


ثم سألتها ما سألته نفسي فأجابت بحزن: هذه الطفله ولدت بمرض مزمن في


صدرها ولا تستطيع العيش دون أكسجين وكان يزورها والداها ولكنهم لم يعودا


يفعلان ذلك وهي منذ ستة أشهر لم تر والداها .. نظرت إلى تلك الطفله بعيني شفقه


وأنا أتأمل عيونها البريئه .. جلست إلى جانبها فبدت تناغي وتحرك قدماها في سعاده


إقتربت منها وقبلت خدها الدافيء .. فانتابني بكاء لم أدرك سببه .. لكنني سرعان


مامسحت دموعي وابتسمت لها .. كانت تتأمّلني وكأنها تسألني عن سبب بكائي


أخذتها بين يدي .. فحركت يداها الصغيرتين وكأنها تطير .. ضممتها إلى صدري


وشعرت بشعور لم أكن لأتخيله في حياتي ..

هدأت بيلسان ووضعت رأسها على كتفي


بدأت أهدهدها وأنا أحاول تذكر بعض الأناشيد التي ترددها أمي لأخي الرضيع ..


وأنشدت لها .. كنت مستمتعاً بذلك وكانت تقاوم النعاس فتغمض عيناها وهي مبتسمه


شعرت بثقلها فأيقنت أنها قد استسلمت للنوم .. وضعتها بسم الله على سريرها ..


واضطررت لتركها لإنتهاء وقت الزياره .. سرت مع صديقي وأنا شارد الذهن .. فقال لي


وهو يضرب كتفي : مابك !! منذ أن جلست مع تلك الطفله وأنتَ غريب الأطوار !!


ياأخي قد تكون بحاجة من يعطف عليها لكن لها والدان ولا شأن لنا بها ..


فقلت له : ومن لها بعد الله إن تركها والداها ... ليس ذنبها أنها مريضه ..


من الآن وصاعداً سأكون لها الأب والأخ وكل شيء وليكن مايكن !! نظر إلي صديقي


باستغراب وهو يقول : حسناً ياصديقي .. وأنا أعدك أن لا أتدخل في شؤونك ..


لم أستطع النوم تلك الليله فقد كان طيفها الصغير يتراءى أمامي ... كنت أحدث نفسي :


بيلسان .. يالك من طفلة بريئة جميله .. أعدك ياصغيرتي أن لا أتخلى عنكِ ..


في صباح اليوم التالي .. ذهبت إلى جامعتي وأنا أسابق الوقت حتى أتمكن من


من زيارة بيلسان كنت أكتب أبيات الشعر فيها على كتبي .. وكم نبهني


الأستاذ .. من شرودي الذي أصبح رفيقاً لي .. وبعد أن إنتهى اليوم الدراسي ..


ذهبت مسرعاً لشراء الحلوى والدمى لغاليتي بيلسان .. إقتربت من سريرها وأنا أناديها ..


بهدوء .. كانت تلتفت وتناغي تبحث عن مصدر الصوت .. قفزت أمامها صارخاً


أنا هنا ياعزيزتي ... ضحكت بيلسان حتى بدت دموعها ... حملتها عالياً


ورميتها في الهواء وهي تضحك ثم التقطها بيدي .. كررت ذلك مراراً كنت أضحك لضحكها


وكان الأطفال حولها ينظرون ويضحكون وكأنهم يتمنون لو كانوا مكانها ..


كانت أسعد لحظاتي هي تلك اللحظات التي أقضيها مع صغيرتي بيلسان ...


كانت تبكي بحرقه كلما ابتعدت عنها وتتعلّق في ثوبي بقبضة كفيها الصغيرتين ..


كم تؤلمني تلك اللحظه لكنني كنت أربت على ظهرها برفق وأهمس في أذنها : ..


يكفي ياحبيبتي بيلسان سأعود لرؤيتك غداً ... لكنها لا تزال تتشبث بي ..


أخرجت نظارتي وأعطيتها وأنا أقول : خذي هذه وسأعود غداً لرؤيتك .. إتفقنا ..


أمسكت بها بكلتا يديها وهي تنظر إلي بعينيها الدامعتين .. وكأنها تعاتبني ..


كانت ممرضتها الأجنبيه تتأملنا باستغراب .. وهي تقول : يبدو أنها متعلقة بك ..


فأجبتها : وأنا متعلق بها أيضاً .. ثم أخرجت ورقة من جيبي وضعتها في ملفها الطبي


وقلت لممرضتها : لقد تركت رقم هاتفي لديكم .. أرجو أن تتصلوا بي إن احتاجت


بيلسان لأي شيء .. ودعت بيلسان وهي تبكي وخرجت ...






عدت إليها في اليوم التالي .. وقد قررت قراراً بأن أحاول الإتصال بوالديها ..


علّهما يتذكران ابنتهما .. وذلك مافعلته فور خروجي من المستشفى ..


كنت متردداً لكنني عزمت وتوكلت على الله واتصلت .. رد علي أحد إخوتها


الصغار فطلبت والده وبعد لحظات رد علي : نعم .. من معي .. فقلت : معك فيصل


من المستشفى الفلاني .. أردت أن أستفسر عن سبب إمتناعك عن زيارة طفلتك


بيلسان فمنذ قرابة التسعة أشهر لم تزوراها فما السبب .. !! رد والدها بعصبيه :


تركتها في المستشفى وليس في الشارع ..!! ثم إنها ابنتنا ونحن نملك الحريه


في التعامل معها ولا شأن لك في ذلك ..



أثارت كلماته أعصابي .. لكنني حاولت


ضبط نفسي وقلت له : بالتأكيد لن يتدخل أحد بشأنك مع ابنتك لكن من الظلم لها


أن تتركها دون سؤال .. إنها ابنتك وأمانة بين يديك وستسأل عنها أمام الله ...


إتق الله في طفلتك ولا تحرمها حقها الذي فرضه الله عليك .. فقاطعني قائلاً :


لست أنت من يعلمني الحقوق وإن عدت إلى ذلك فلا تلم إلا نفسك وأقفل السماعه ..


رميت هاتفي وأنا مستغرب من وجود آباء بهكذا قلوب .. ياإلهي إنها كالحجر ..


دعوت له بالهدايه وقررت أن أستمر في المحاوله ...





كنت أكرر الإتصال بوالدها ..


على فترات ولكنني لم أعد أجد منه أي رد .. كان يقفل الخط بمجرد سماع صوتي ..


تناسيت أمر والدها وانشغلت بزيارتها وتسليتها كل يوم ... بدأت بيلسان تحرك ..


شفتيها بكلمات أكثر ... وكانت تستمتع بترديد اسمي .. فيثل .. وكم كنت أحب سماعه


منها .. وفاجأتني عندما أتيتها يوماً واستقبلتني بفرح وهي تردد : بابا فيثل .. أسقطت


مافي يدي من هدايا لها ورفعتها بين ذراعي وأنا أقول : يامهجة بابا يابنيتي بيلسان ..


كنت سعيداً بها و ببريق سعادتها الذي يزداد في عينيها يوماً بعد يوم .. إلى أن أتى


ذلك الصباح والذي خرجت فيه إلى المستشفى وأنا أشعر بضيق لا أدري ماسببه ..


دخلت إلى غرفة بيلسان وشعرت وكأن كل شيء ساكن .. توجهت إلى سريرها وأنا ..


أردد بيلسان حبيبتي بابا هنا .. قبض قلبي وأنا أراها ساكنه .. أمسكت يدها الصغيره ..


ففتحت عيناها وابتسمت إبتسامة باهته .. إقتربت منها ووضعت يدي على جبهتها


كانت حرارتها مرتفعه .. وتتنفس بسرعه وصعوبه ... قبلت جبهتها وأنا أقول :


بيلسان مابكِ ياعزيزتي هل أنتِ بخير .. !! إبتسمت ورفعت يدها ووضعتها على خدي ..


أحسست بدفئها فأمسكت بها وقبلتها .. أقبلت ممرضتها ورأت معالم القلق على وجهي ..


فشرحت لي أن حالة بيلسان ساءت ليلة البارحة وأنها الآن أفضل .. نظرت إليها بحزن ..


وهمست لها : جعلت فداك ياصغيرتي .. وبدأت أرقيها بالقرآن الكريم وهي تستمع في


هدوء وراحه كانت بادية على وجهها ... حتى استسلمت للنوم ..



وضعت لعبتها المحببه


إلى جانبها وقبلت خديها الدافئين وخرجت ... كانت ليلتي تلك من أصعب الليالي علي ..


لم أستطع الأكل والشرب حتى إحتار والداي في شأني كنت أردد في صدري دعائي


لها بالشفاء ... إرتميت على سريري وأخذت أقلب صورها التي أحتفظ بها في هاتفي


ولم أشعر إلا والدموع تبلل وسادتي .. ذكرت الله حتى اطمئن قلبي واستطعت النوم ..


إستيقظت على صوت مؤذن المسجد القريب من منزلنا ..كان صاحب صوت جهوري جميل ..


رددت خلفه في هدوء وأنا أجلس القرفصاء ... ثم إنطلقت للصلاة ... وعدت إلى المنزل وقد


إنتابني شعور لم أستطع تفسيره كنت خائفاً وقلقاً وكثير التنهد وكأن شيئاً ما جاثم


على صدري .. ركبت سيارتي واتجهت إلى المستشفى .. توجهت مباشرة إلى سرير


بيلسان وأنا أحمل لعبة لها ... إقتربت منها فلم تتحرك كانت تئن بصوت مكتوم ... وأجهزة


الملاحظه على صدرها وأطرافها .. دنوت منها أكثر وامسكت يدها ووضعتها على خدي كما


كانت تفعل هي ..





ففتحت عيناها ونظرت إلي ..كانت المرة الأولى التي تنظر إلي بها


بتلك النظره شعرت وكأنها تحاول إقناعي بقرب رحيلها ... قبلت يدها ومسحت رأسها


وأنا أقول : صغيرتي بيلسان سأكون إلى جانبك .. لن أتركك وحيده .. وأرجوك أن لا تتركيني


.. ستكونين بجانب بابا أليس كذلك .. !! أغمضت عيناها وغفت وأمسكت كفيها ..


بيدي وأخذت أبكي بحرقه .. بيلسان إبتسامتك شروق شمسي فلا تغربي ...


بين عينيك صغيرتي تفتح زهري فلا تذبلي ... سيرحل أباك إن رحلتِ ... وضعت رأسي


بجانبها وأنا لا أزال ممسكاً بكفها الصفيره .. كنت مغمضاً عيناي وأنا أستمع إلى ..


صوت أنفاسها المتسارعه ... ودموعي بلا توقف .. شعرت فجأة بشفتيها تلامس


جبيني وتطبع قبله ... فتحت عيناي ورفعت رأسي .. ومسحت دموعي .. كانت تبتسم


فابتسمت .. ثم قالت بهدوء : بابا فيثل حبيبي .. فأجبتها : وأنت حبيبة بابا فيصل وعيونه


وقلبه وكل شيء .. إبتسمت ثم شهقت .. صرخت بيلسان مابكِ .. بدأت الأجهزة بالرنين


ولم أعد أعي مايحدث ... إجتمع حولها الأطباء .... وكنت أتأملها من بعيد وأنا أصارع دموعي


وبعد دقائق إبتعد الجميع وآمارات الحزن على وجوههم .. كانوا يمرون إلى جانبي واحداً


تلو الآخر وهم يربتون على كتفي قائلين : إصبر واحتسب لله ماأعطى وله ماأخذ ..


إنالله وإنا إليه راجعون صرخت بها وقد حملت بيلسان بين ذراعي .. ضممتها إلى


صدري وبكيت بحرقه .. شعرت ببرودة جسدها مع حرارة صدري الملتهب حزناً


على فراقها .. تأملت وجهها البريء ..كانت هادئة جميله .. كما لو كانت نائمة في


بين يدي ... أخذت أخاطبها بحزن .. صغيرتي رحلتِ ولم ترتوي بحنان أمك كما ارتوى


بقية الأطفال .. رحلت ولم تذوقي شفقة الأب كما ذاقوها .. عشت وحيده ورحلت


وحيده .. كنت يتيمة وأبواك على قيدالحياة ... لن أنساك صغيرتي ماحييت ...


وداعاً بيلسان .. إلى جنان الخلد صغيرتي .. وداعاً بيلسان .. إلى جوار ربك


ومن هو أرحم بكِ من أمك ... سنلتقي بإذن الله هناك .. حيث لا أحزان ولا دموع ..


كفنت صغيرتي بيلسان وقدماي لا تقوى على حملي .. أخبر الأطباء والداها بالخبر


وقد علمت منهم بمكان إقامة أهلها وقد قررت الصلاة عليها وحضور عزائها ... وبعد


الصلاة عليها توجهت إلى منزلها ووقفت مع جموع المعزين ... وعندما


اقتربت من والدها و عزيته سألني من أنت ! قلت له : جئت معزياً وليس مهماً أن تعرف من أكون!!


وخرجت بسرعه .. عندها لحق بي وأمسك بي وهو يقول : صوتك ليس غريباً


أنت فيصل الذي كان يتصل بنا أليس كذلك !! قلت : نعم أنا هو ..فجذبني بقوه إلى زاوية


في منزله بعيداً عن أنظار المعزين وهو يقول : إسمع .. إن علم أحد بما كان مني تجاه.


ابنتي فستعرض نفسك للسوء ... ومد يده إلى جيبي محاولاً أخذ هاتفي ... فدفعته


عني وأنا أقول : ثق أن الله لن يضيع حق بيلسان الصغيره .. ولست ممن يخاف تهديدك ..


ماتت ابنتك وكان يوم وفاتها يوم عيد لك ... أتعبك تصنع الحزن فارحم نفسك من هذا النفاق ..


إن كنت تشعر بالندم على فعلك فبيلسان لم تعد هناك في زاويتها الحزينه .. حتى تطلب


منها السماح وتضمها إلى صدرك ككقطعة منك ... رحلت بيلسان إلى ربها ..


فاطلب العفو من الله .. عله يتوب عليك .. ثم تركته وخرجت ... ركبت سيارتي ..


وكلمات بيلسان الأخيره تلامس سمعي ... بابا فيثل حبيبي ...


آه يابيلسان كيف استطاع هجرك أقرب الناس إليك ..


آه يابيلسان لم تعلمي حال فيصل بعد رحيلك ..


لمن سأشتري اللعب والحلوى ياصغيرتي ..


سألتقي بك بإذن الله ... اللهم اجمعني بصغيرتي بيلسان في جنات الخلود..


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================



مشاء الله اكثر من روعة وفعلا تأثرت بها كثيراا وجزاكم الله كل خير


__________________________________________________ __________

يسلمووووووووووو


__________________________________________________ __________

يسلموااااااااا


__________________________________________________ __________

االله يصبره ع فراقها
آه ياقلبي عليها
ايش قلوب هذيل الناس ماترحم
حسبي الله ونعم الوكيل


__________________________________________________ __________

بالتوفييييييييييييييييييييييييييق