عنوان الموضوع : لِيَكونَ لها شَمْعَة ..! قصة حقيقية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

لِيَكونَ لها شَمْعَة ..!








لِيَكونَ لهَا شَمْعَة ..!


رجاء محمد الجاهوش





أغمَضت عَينيْها بهدوءٍ مُحاولة الاسترخاء ...
فقد كانَ يَومها ـ بَل يوم العالَم بأسْره ـ مُختلفا ، أرهقتها صور القتلى والجَرحى والدَّمار التي ما فتِئت تُشاهدها مُنذ الصَّباح ، وآلمَها هَوان الدّم المُسلم ، فبَكت ، وصَدى بُكائها : "لَزَوَال الدُّنْيَا أَهونُ على الله من قَتْلِ مُسلمٍ ..!"
غلبَها النَّوم فغَفت ، فكم هي بحاجَةٍ إلى ساعةِ نومٍ ـ فقط ساعَة ـ لتستيقظ بَعدها وتلزم مُصلاها .

في هدأةِ الليل وسكونِه انسلَّت مِن سَريرها ، ومَشت بتؤدَة تتفقد أبناءَها ، وهي تدعو الله أن يَحفظهم بحفظِهِ ، ويَكلأهم برعايتِهِ ، وأن يَهدي زوجَها ويُصلحهُ ، ثمَّ توضَّأت وجَلست بين يَديِّ الله تستغفرَه وتسبِّحه وتناجيه ...
تتفكّر في كلِّ ما مرّ عليها في يومِها ، من هُمُوم عامّة وخاصّة ، تبحَثُ عن مَخرج وسط كلّ هذه المَتاهات ، يُعييها التفكير فتستقبل القِبلة : تركع ، تسجد ، ويطول سجودها ، فلا مَلْجَأَ مِنَ اللّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ .

"قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ "

أرعَبتها هذه الآية كما أرعَبتها صُوَر المَوت المُبعثرة هنا وهناك ، ردَّدتها كثيرًا كمَن يريدُ حفظ شيء في ذاكرتِهِ فلا يَبرَحها ، وترسيخ معنى في نفسِهِ فلا يُفارقها !
تذكّرت تلك الليلة ..!
ليلة أطفأت صَديقتها " صفاء " ـ التي تشاركها الغرفة في السَّكن الجامِعي ـ الأنوارَ وتمدّدت على الأرض ، ثمَّ لفّت نفسَها بلحفاها ، متخيّلة نفسَها داخل قبرَها وقد فارَقها الأهل والأصحاب ، وبَقيَت وحدَها غريبَة بينَ الدودِ والتّراب !
كانت تريد لذلك القلب الثاوي بين الضلوع أن يرقَّ بذكر هَاذِمِ الَّلذَّاتِ ، ولهذه الرُّوح الأسيرَة أن تحلّق في سَماواتِ العُبوديَّة الحقّة ، فالْكَيِّسُ مَنْ دانَ نَفسه وعملِ لما بعَد المَوْتِ .
" كم من الوقتِ مرّ يا "صفاء" على ذلك الموقف ؟!
سنين و سنين ، وها هُوَ يَجْثُمُ أمامي اللَّيْلة كأنَّه الأمس القريب ! "

تحدّثها نفسها بخوض ذات التَّجربَة إلا أنها تخشى أن يَستيقظ أحدٌ مِن أهلِ بيتِها فيفزَع إذا رآها على تلكَ الحالة .
زارَها خاطرٌ فاطمَأنَّت إليهِ ...
"سأفعلُ كما تفعل صَغيرتي وأختبئ في خِزانة مَلابسي ...
سأضُمُ بَعضي إلى بَعضي ليسَعني المَكان ، مُستشعرة حال مَن يَجلسون في الظلام ، لا يَملكون سِوى شمْعَة ، وأولئك الذين يَرقدون تحتَ الرُّكام وهُم أحياء ، حيث لا ماء ولا نسْمَة هواء"

أطفأتْ أنوارَ الغرفة ، وجَلبَت هاتفها النَّقال ليكونَ لها شَمْعَة ، ثمَّ اندسَّت في خزانة مَلابِسها وأحكمت إغلاقها ...
سرى ضوء هاتفها النَّقال في جَمرة المكان ، ثمَّ بدأ يتلاشى رُوَيْدًا رُوَيْدًا ...
ظلام دامِس ، المَكان ضيّق ضيّق ، والهواء النَّقي كادَ أن يَنفد !

رُحماكَ يا ألله !
رُحماكَ يا ألله !
رُحماكَ يا ألله !


سَطعَ النُّور فجأة ..!
يَدٌ قاسِيَة اقتلعَتها مِن مَكانها ثمَّ هَوَت بها إلى الأرض ، ودوَّى صَوتٌ أصَمَّ المَدى : - ماذا تفعلين هُنا ؟!
معَ مَن تتحدّثين في هذه السَّاعَة المُتأخرة مِن اللَّيْلِ يا ... ؟!!




>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


نورتي القسم

ننتظر جديدك المميز

لاخلا ولا عدم





__________________________________________________ __________

ورطه كبيره

وطبعا لا يمكن يصدقها مهما قالت

مشكوره حبيبتى


__________________________________________________ __________



أختي العزيزة مهاوي
جزاكِ الله خيرا لحضورك العذب وتشجيعك الكريم .
دمتِ بخير




__________________________________________________ __________



أختي العزيزة أم جنا وعمر
جزاكِ الله خيرا لحضورك العذب, وقراءتكِ الطيّبة .
دمتِ بخير




__________________________________________________ __________