عنوان الموضوع : كذب العيون -قصة قصيرة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
كذب العيون
وقفت أمام المرآة لحظات شاردة ثابتة وكأنها تسترجع بعضاً من شريط حياتها، ولكنهم استعجلوها ونادوا عليها للذهاب معنا إلى عرس ابن عمها التي كانت تراودها أحلاماً كبيرة أن يكون زوجاً لها..
وعمت مظاهر الفرح في قلوب الجميع إلا هي على رغم مداراتها عن الجميع، ولكنني قرأت الحزن في عينيها، فأنا أخوها وتوأمها الذي خرج إلى الدنيا بعدها بخمس دقائق، وأنا اعلم بقصتهما هي وابن عمها في الماضي بعد أن كانا قاب قوسين من إتمام زواجهما إلا أن أخي الأكبر والمسؤول عنا بعد وفاة والدي رفض هذا الزواج رفضاً قاطعاً.. حيث كان ينوي زواجها من صديق له في العمل وحال بين القلبين وأجهض حلمهما.
وانتظره ابن عمه قرابة عامين عسى أن يغير رأيه أو يعيد تفكيره لكن دون جدوى.. وفي النهاية تقابل مع من أحب وتركها بعد أن يئس منها تماماً..
رأيتها تتظاهر بالسعادة أمام المدعوين وتظهر ابتسامة صفراء مصطنعة عارية من الحقيقة.. وكأنني أرى دموعاً محتجزة في عينيها تحاول طوال الحفل حسبها.. والجميع ينظر إليها ويحسدها لقوتها وصلابتها، فهم يرون أن عقلها يتحكم في قلبها.. فلها احترام خاص في نفوس الجميع.. بينما وجدته سعيداً بجوار عروسه، فقد كان على عكس ما توقعناه.. ها هو يتراقص على أنغام الموسيقى بكل ألوان الرقص مع عروسه، تلك الشقراء الجميلة، بطريقة تثير العجب.. ووجدتها يزداد غيظها وتكتم في نفسها كلما اشتد بها الغيظ، فأشفقت عليها وحاولت أن أبعدها عن هذا العرس المزعج، أبعدها عن أصوات المزامير التي تحدث لها ضجيجاً في أذنيها على حد قولها.
وأمسكت بيدها وشددت بها و أخذتها إلى ناحية بعيدة عن عيون الناس وما خلونا إلا وجدت دموعها قد سالت وعلا شهيقها وزفيرها وبدت كالطفل الصغير حينما يفقد شيئاً عزيزاً على رغم كبريائها وعزة نفسها وعلى رغم مداراتها عن الجميع حزنها وآلامها.. وقالت لي: انظر إليه كيف يتراقص مع عروسه.. لم أكن أتصور أنه بارع بهذه الطريقة في الرقص.. رأيته.. لم أكن أتوقع أن يكون بهذا الجحود.. ربما أكون قد خدعت فيه.. أنا أكرهه، ومازالت تبكي، وتعض الأنامل من الغيظ، وتضرب بيدها على الحائط، فقلت لها يا ابنة أبي.. ماذا تريدين منه؟ دعيه يفرح في ليلة زفافه فأنت تعلمين أنه فعل المستحيل من أجل أن يتزوجك لكن حالت الظروف عن إتمام هذه الزيجة..
وهمست إلي بهمسات تملؤها المرارة وقالت: ليست الظروف يا أستاذ، ولكنه أخوك الأناني الذي لا يحب إلا نفسه ومصالحه.. إنسان وصولي لا يعرف سوى لغة الدينار.. لكن لا تنسي أنه من ربانا وعلمنا وصاحب كل هذا المال والقصور السيارات والترف الذي ننعم به.. فإن كان من وجهة نظرك قد أخطأ في حقك هذه المرة فقد أحسن يا ابنة أبي إليك وإلينا مرات عديدة... تتذكرين بعد موت أبينا الزاهد القانع رحمه الله الذي لم يترك لنا إلا اليسير الذي لا يكفي.. تتذكرين كم تعب أخوك وعانى الأمرين من أجلنا.. ربما كنا صغاراً ولم ندرك الكثير من هذه الوقائع في حينه.. تتذكرين أنه أخر زواجه إلى هذه السن المتأخرة من أجلنا، فقد ترك الكثير من أحلامه من أجل أن لا يعطل شيئاً من أحلامنا.. عمل بوصية والده كما نص عليها الكتاب.. يا له من بار بوالديه في حياتهما و مماتهما.. ربما أنت تدركين ذلك أكثر مني.. هو لا يستحق منا إلا كل الخير.. ربما له رؤية أو وجهة نظر قد ندركها في حينها فأنا على يقين بأنه لا يفعل شيئاً عبثاً، فهو يعرف تماماً كل خطوة قبل أن يخطوها.. ووجدتها تحدق النظر بي وتقول: أنا أعرف يا أخي كل هذا وأعترف بأنه نعم الأخ المكافح الطموح الساعي دائماً إلى ما فيه الخير لنا.. أعرف غيرته على إخوته وحبه لمصلحتهم.. أعرف ذلك ولكن لا أعرف لماذا فعل بي وابن عمه هذا الفعل؟ لماذا رفض زواجنا؟ فلتنسي يا ابنة أبي ولتبدئي صفحة جديدة، فأنت ترين ابن عمك قد نسي وخط بقلمه بالصفحة الجديدة بعد أن ألقى بدفاتره القديمة بكل ما تحمل من أفراح وأحزان.. فالحياة لا تتوقف، وعجلات الزمن تدور بتروسها الثقيلة.. تدهس كل من بات واقفاً أمام الأطلال يبكي على ما فاته.
ليس أمامك الآن إلا طي هذه الصفحة ووضعها في طي النسيان.. وعادت سريعاً إلى قوتها وشخصيتها المعهودة التي يعرفها الجميع، فلديه من الكبرياء ما يحول بينها وبين حقيقة مشاعرها، ربما هذه النقطة تتلاشى أمامي أنا فقط توأمها دون غيري من أهلي أو أقاربي أو إخوتي، ربما أنا الوحيد الذي أعرف أحزانها وأرى دموعها، أما غيري فلا يستطيع أن يرى دموعها لدرجة أن الجميع يظنون أنها صلبة قوية لا تعرف البكاء ولا تعرف الدموع طريقاً لعينيها، بينما أنا فقط أرى هذه الدموع وأعلم أن هذه العيون تذرف الدموع كغيرها من العيون.. ولكن الآخرين لا يدركون شيئاً عما بداخلها، وذلك لقوة شخصيتها و كبريائها الذي يمنعها من أن يطلع الآخرون على نقاط ضعفها.. ولكنني في النهاية كنت معجباً بشخصيتها وقوتها وكنت فخوراً بها.
وفي الوقت نفسه كنت أشفق عليها من هذا الصراع الدائم الذي كان بداخلها، فقد كنت أخاف أن يأتي يوماً يفتك بها ويلقي بها على سرير المرض أو يضعها في حوار مع الطبيب النفسي في مستشفى الأمراض العصبية والنفسية.
تحيتي
أختكم نور الولاية
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
مشكــــــــــــــوره اختي نور الولاية
__________________________________________________ __________
مشكووووووووووووووووووووووووووورة أختي على المروووووووووووووووور والله يعطيكِ العافية ولا حرمنا الله من هذا المرووووووووووووووووووووور العطر إن شاء الله......................
تحيتي
أختكم نور الولاية
__________________________________________________ __________
يسلمووووووووووووووووووووووووووووووووو
تقبلي مروري
مع تحياتي
__________________________________________________ __________
مشكووووووووووووووووووووووووووووووووورة أختي على المروووووووووووووووور والله يعطيكِ العافية ولا حرمنا الله من هذا المروووووووووووووووور الرائع إن شاء الله.....................
تحيتي
أختكم نور الولاية
__________________________________________________ __________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الف شكررر اخيتي