عنوان الموضوع : كن هكذا ولا تندم ! -خواطر
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر

كن هكذا ولا تندم !



عندما تكون طيِّباً , حنوناً , سمحاً , متواضعاً , وعندما تتجاوز بعواطفك كل الحدود , فتحب كل الناس , وتمدَّ يد العون لكل محتاج إليها سواء طلب منك أو لم يطلب , وتعمل على نصرة كل مظلوم حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بك , وتنسى واجبك نحو نفسك وأهلك وتتكلف في سبيل الآخرين ما تطيق وما لا تطيق , وتتجاوز في ما

تفعل مقولة المصطفى صلى الله عليه وسلم إمعاناً في فعل الخير فتحب

للآخرين أكثر مما تحب لنفسك

أحياناً فتبلغ بذلك قمة ( الإيثـار ) ثم تجد نفسك من جراء ذلك كله تقف

في قفص الاتهام لأنك وعدت - تطوعاً منك - في بذل قصارى جهدك

لتحقيق أمر ما , فلم تستطع فيتهمك صاحبه بأنك لا تريد خدمته بدلاً من أن

يشكرك على بذل الجهد , وقد يستغل آخر مواهبك في الإخلاص وحبك

لفعل الخير فيوجهك - دون أن تدري - لتخدمه فيما لا يستحق فينقم عليك

آخرون , وقد يعجب من تتطوع بخدمته وتحقق له ما يريد فيسيء بك

الظن ويعتقد أنك ترمي إلى هدف أكبر من وراء ما قدمت له .

وعندما يكون أكبر عيوبك أن تحسن الظن بكل الناس وتحسن الظن بنفسك

فتعد بما تستطيع , وبما لا تستطيع إيماناً منك بأن الله سيوفقك في فعل

الخير لمستحقه , واعتقاداً منك بأن بذل الجهد في حد ذاته عمل عظيم ثم

تتلقى بعد ذلك أكوام اللوم , والعتاب والاتهامات , وسوء الظن ممن خاب

ظنهم فيك لعدم قدرتك على بلوغ ما أرادوا منك .

وقد يأتيك صديق ناصح فيقول لك : إن هذه طيبة مفرطة وأن الطيبة

المفرطة في هذا الزمن تعتبر ( غفلة ) ويعبرها البعض ( غباء ) وأن

( الخْبث ) و ( اللؤم ) و ( الأنانية ) هي العملات الرائجة هذه الأيام

في سوق التعامل بين الناس , وقد يقول لك ناصح آخر بصدق : إن طينتك

الطيبة بحاجة إلى أن تعجن بأوقية من ( الخبث ) لتستطيع التعامل مع

العصر وإلا فأنت ( مغفل ) لأنك تحسن الظن بداية وتحسن النية في كل

عمل , وتصدق كل ما يقال وتتوقع من الناس ما تفعله لهم وعندما يحدث

عكس ذلك تصدم لكنك لا تتعلم , ولا تعرف كيف تعاملهم بالمثل , فتحسن

إلى من يسيء إليك , وتعفو عمن تقدر عليه ومن لا تقدر عليه , وترضى

بسرعة إذا غضبت , ولا تتسرب قطرة من حقد أو كراهية إلى قلبك لأنك

تغسله بذكر الله كل ليلة قبل أن تنام من أوضار الدنيا , ذلك إيماناً منك

بأن من يطمع في عفو الله ومغفرته فليتسامح مع عباده .

ومع ذلك كله , عليك ألا تتغير , وثق تماماً أن من يفعل ذلك يتولى الله

أمره في كل شيء , ويتكفل بأجره وفقاً لقوله تعالى : (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ

فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ) [ الشورى : 40 ] ولا يكون الأجر على الله إلا في

الأمور التي يتجرد الإنسان فيها من الطمع في طلب المثوبة وعدم انتظار

الشكر أو الثناء من الناس , وهي أشياء زائلة ومؤقتة ولا تستمر طويلاً ,

لأن رأي الناس فيك قد يتغير في لحظة شك أو سوء ظن أو وشاية أو

هوى .

وثق تماماً أنك إذا طلبت مرضاته وحده في كل ما تفعل وتقول فسيدافع

عنك الله عز وجل : (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ) [ الحج : 38 ]

وسيرضى عنك - بهداه وتوفيقه - كل من تريده أن يرضى عنك من

البشر , أما إذا طلبت رضا الناس وحدهم فإنك ستلهث كثيراً وتتعب كثيراً ,

ولن تظفر بالرضا الذي تريد , وقد قالت العرب قديماً ( رضا الناس غاية

لا تدرك ) .

لهذا فإن رب العباد اختصر لك الطريق حين وجهك بالتقرب إليه لتجد

نفسك قريباً من عباده , افعل الخير لمن يستحق , فإن كان فيمن لا

يستحق , فإن الله لن يعدم أجرك , ولا تندم على معروف قدمته لمن لم

يشكرك ولم يحفظ لك حسن صنيعك .

واستمر وسامح من كل قلبك , ولكي تثبت لنفسك طهارة قلبك من رجس

الانتقام , أحسن لمن أساء إليك في أقرب فرصة ممكنة , ولا تقل : إني

تسامحت وكفى , فهذا دليل أن في قلبك غلاّ عليه , وثق أنك حين تفعل ذلك

فستعلِّمه كيف يتسامح ويحسن , وسيكون لك الأجر العظيم في فضل

المحبة والتسامح بين الناس , والدفع بهذه الأمة نحو مجتمع أنقى وقلوب

أطهر .

اجعل دعاءك كل ليلة قبل أن تنام ( اللهم إني عفوت عمَّن ظلمني

وأحسنت لمن أساء إليَّ وتصدّقت بعرضي على الناس فاسترني فوق

الأرض واسترني تحت الأرض واسترني يوم العرض وأدخلني في واسع

رحمتك يا أرحم الراحمين ) .

وأنت تعرف أن الإنسان المسلم ليس له مطلب أعظم من الستر في

المواضع الثلاثة التي ذكرها الدعاء , في الحياة , وفي الممات ويوم

الحشر , وما أرخص الثمن أمام هذا العرض العظيم , التسامح مع الناس

والإحسان إليهم , واعمل بذلك الدعاء بصدق في معاملاتك اليومية , وثق

تماماً أن الطيب لا يستطيع إلا أن يكون طيباً , فهل تستطيع الوردة أن تغير

رائحتها الزكية إذا ما شمها من لا يستحقها ؟ كذلك النحلة لا تستطع أن

تستبدل عسلها بـ ( السم ) وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم

المثل بهذا المعنى حين قال : ( مثل المؤمن مثل النحلة لا تأكل إلا طيباً

ولا تضع إلا طيباً ) .

فالعسل لا يمكن أن يكون مراً على لسان آكله مهما خبثت دخيلة آكله ,

وليس أمام الطيب من خيار إلا أن يكون طيباً , ولن تغير معدنه أوقية من

الخبث !





المصدر : التعامل مع النفس والناس كما علمنا رسول الله صلى الله عليه


>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================


مــــــوضوع راااائـــع ومميــــز و الإستفـادة منه كبيـرة
فجـــــزاك الله خيـراااا و جعله في ميـزان حسناتـــك
بـارك الله فيك و في أنــــــــامل تسعى في الوعـض و التذكــــــــير
لك خــــــــالص حبي و تقديـــــــــري


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________


__________________________________________________ __________