عنوان الموضوع : طغاة في التاريخ
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
طغاة في التاريخ
في مصيدة التاريخ يتساقط الطغاة..
كما يتساقط الذباب بلا حول و لا قوة..
بعد أن يكون التاريخ قد أصدر حكمه ضدهم و نفذه فيهم ..
هم كثيرون سأتناولهم واحدا تلو الآخر
الملكة اليزابيث
جبروت العنوسة ..
وديكتاتورية الشهوة ...
بإمكانك أن ترسم في خيالك ، أو على الورقة و بالقلم و المسطرة هذا المثلث :
السلطة / الشهوة / المرأة ...
و ربما يسأل سائل : هل هذاالمثلث متساوي الأضلاع ؟ !!
و الجواب : لك حرية الاختيار ....
المهم أن العناصر الثلاثة تحتل أضلاع المثلث ..!
هذا المثلث " الجحيمي " هو بصمة العصر الإليزابيثي ، أو عصر الملكة إليزابيث الأولى من
7 / سبتمبر 1533 إلى 22 مارس 1603
و الملكة إليزابيث الأولى هي ابنة الملك هنري الثامن الذي أوصى بعدم أحقيتها لوراثة العرش لأنها ( ابنة غير شرعية ) مع أن لها أما هيالملكة ( آن بولين ) الملكة الطروب اللعوب التي اتهمت بخيانة زوجها ( الفاجر زير النساء ) الملك هنري الثامن مع أربعة من أفراد الحاشية الملكية ، أي أن ال الاثنين : الملك و الملكة ، كانا يلعبان بذيلهما ، لعبة الخيانة و العبث و الفجور و اللذة والمتعة الجسدية الشهوانية التي لا تخمد و لا تنطفئ ...!!
و كلما تحركت الشهوة ازدادت نار الجنس سُعارا و سعيرا ...
و ربما يسأل سائل آخر : هل تلعب الجينات الوراثية دورا جوهريا في هذه اللعبة الجنونية التي تشبه معادلة ( ملتهبة ) من طرفين : شهوة السلطة ، سلطة الشهوة ...
و الجواب ربما ..
و ربما يسأل سائل ثالث هل اختارت الملكة اليزابيت طريق العنوسة لتطلق العنان لشهواتها ، أم أن سلطة الحكم تمكنت منها و تحكمت في قراراتها حتى أوردتها موارد التهلكة حيث لا أحد ... و حيث لا سلوى إلا الوحدة و ( المرآة ) التي تسببت لها في عقدة بعد تجاوزها سن الستين ، فكرهت النطر في المرآة ، و عافت كلمات وعبارات المنافقين و المنافقات التي كانت تطاردها : يا ربة الجمال ، يا تاج الفتنة ..
و الجواب عن هذا السؤال ربما !!!
لماذا ؟
لأن السلطة تحقق في نظر مدمنها أو مدمنتها كل شيء ....!
و تشبع كل شهوة ؟
نعم .. و الملكة اليزابيث تملك ( السلطتين ) سلطة الحكم و سلطة الشهوة ...
ألم تكن تطغى إحداهما على الأخرى ؟
ربما طغت سلطة الشهوة على الحكم .. و لماذا اختارت طري العنوسة .. ؟
و تصدق عبارتها المشهورة : هناك ( سيدة ) واحدة فقط في انجلترا ، لكن ليس هناك ( سيد )
بمعنى : ليس هناك رجل يتحكم في ( لعبة السلطة ) ، لأن الملكة اليزابيث هي التي كانت تحكم ، وهي التي تتحكم و تتلذذ بأن الرجال تحت سيطرتها و على بعد أصبع واحد من قرار الإطاحة بهم في قاع الجحيم ....
صحيح ..!
ولهذا السبب كانت ترفض فكرة الزواج لسببين ، وهما :
السبب الأول : لكي تضع الرجل تحت أمرها .. أي تحت قدميها ...!
و السبب الثاني : لكي ترتشف وتنهل من ( الشهوة ) بإباحية مطلقة ، و حرية كاملة ..
سأضرب أمثلة ..
مثلا علاقتها مع السير وليم بيكر ينغ : عندما وقعت عليه عينها ، قربته إليها ، و قالت له فيما يشبه الأمر واجب النفاذ :
يا وليم لا تفارقني ، أنت عشيقي و نديمي و رفيق فراشي ..
و عندما اكتشف السير وليم بيكر ينغ على الطبيعة أنها تمارس نفس اللعبة مع كثير من أفراد الحاشية الملكية لتقضي من كل واحد منهم وطرا ، كان الحل الوحيد أمامه النجاة بجلده ...
و بما أن الملكة اليزابيث ، كانت تغير عشاقها كما تغير ملابسها ، فقد شهرت سلاحها الأنثوي الموجه بجبروت السلطة إلى صديقها الذي أصبح عشيقها اللورد روبرت دادلي ..
نادته ذات مرة و قالت له :
يا دادلي .. لا تفارقني !!
نفس الأسطوانة التي تكررها مع كل عشيق جديد ..
و وقع اللورد ( المسكين ) في هوس الملكة و لاكت ( الألسنة المكبوتة ) سيرته ..
خاصة أنه كان متزوجا ..
لكن الملكة اليزابيث ، لم يكن يعترض مسار شهوتها الجانحة المستعرة عائق ..
فقد تم إجراء اللازم ، و قتلت زوجة دادلي
ودفن سر مقتلها مع جثتها في قبر واحد ...
و مارست الملكة دكتاتوريتها عليه : الجسد المشتعل بالدنس الملتهب
وحملت منه سفاحا ، ودنا دادلي من مخدعها و خر جاثيا متوسلا
تزوجيني...
ليس بع ..
متى ؟
قريبا يا دادلي
كان صوتها الناعم المبطن بمغناطيسية الفحيح يدغدغ في حواسه و يخدر أحاسيسه فيصاب " بحالة " هي أقرب إلى حالة الفريسة ، حيث( يطبق)
عليها فحيح الأفعى الملساء ...
وكرر دادلي الؤال المتوسل مرات ومرات، و أخيرا قالت له اليزابيث
عندي لك فكرة يا دادلي
تفضلي أيتها الملكة .. يا حبيبة القلب
تتزوج ابنة عمي الملكة ماري ستيوارت؟
كانت ماري ستيوارت ملكة اسكتلندا و هي( الكابوس ) الذي يؤرق منام الملكة اليزابيث
و كانت تستخدم معها أسلوبا ظاهره المودة و باطنه الكراهية ...
و كانت كل منهما تبغض الأخرى و كلتاهما كانت تطمع في أن تصبح ملكة انجلترا واسكوتلندا معا ...
و كل واحدة منهما كانت تتهم الأخرى بأنها منحلة فاجرة ، تطلق العنان لشهوتها حتى تحرق الشهوة الملعونة كل شيء ...
العرش و الجسد ، و توقظ الفتنة النائمة حتى يسيل الدم إلى الركب...
و من بين المكائد التي دبرتها الملكة اليزابيث لابنة عمها الملكة ماري ستيوارت هذه المكيدة بعد أن فقدت الملكة ( ماري ) العرش تحت ضغط النبلاء أصحاب النفوذ ..
و هذه ( المكيدة المغلفة ) يمكن تلخيصها على النحو التالي :
أرسلت الملكة اليزابيث خاتمها الملكي إلى الملكة ماري ستيوارت رمزا للمودةالخالصة و الحب المحض ، و في نفس الوقت أعطت نبلاء اسكتلندا رشوة ، لكي يزيدوا لها جرعة الاتهامات ، التي تؤدي بها إلى السجن ..
و كان لها ما أرادت ، لكن الملكة ماري ستيوارت تمكنت من الفرار من السجن و توجهت إلىالشاطئ الإنجليزي في 16 مايو 1568 لتلوذ بحمى ابنة عمها الملكة اليزابيث ...!
لكن الملكة اليزابيث استقبلتها على طريقتها ، حيث أودعتها السجن لمدو تسعة عشر عاما ...
و كانت تصدر الأوامر لتنقلها من سجن لآخر مع ( توصيات) مشددة للأطباء للعناية بصحتها حتى لا تموت في السجن ، قبل أن ( تشبع ) الملكة اليزابيث نهمها في رؤية غريمتها و هي تعاني أشد صنوف العذاب و التعذيب المعنوي و الجسدي ....
إلى أن تصاعد خط ( الذروة الدرامية ) في العلاقة بين الغريمتين ..
كيف ؟ !!!!!
ذات يوم طلبت الملكةاليزابيث بعض رجال الحاشية وقالت لهم : أريد التخلص فورا من هذه المأفونة التي اسمها ماري ستيوارت...!
سمعا و طاعة ..
اذهبوا إليها في سجنها و قولوا لها : نحن رجالك و نحن مستعدون لتنفيذ أوامرك الملكية للإطاحة بعدوتك اللدود ( اليزابيث ) ...
وأقنعوها بأنكم ستتخلصون من اليزابيث الملعونة وبعدها يتم تنصيبها ملكة على انجلترا ...
و توجه ( رجال اليزابيث ) و قابلوا ماري ستيوارت و أقنعوها بالخطة المزعومة ..
و وقعت ماري ستيوارت في الكمين المنصوب و كتب رجال ماري ستيوارت الوهميون رسائلهم التي تحوي تفاصيل الخطة و وضعوها في تجاويف سدادات زجاجات البيرة ، ثم طلبوا منها أن تكتب بخط يدها رسالة موافقة على إعدام الملكة اليزابيث في حالة نجاح الخطة ..
و لم تمانع ماري ستيوارت فكتبت الرسالة الخطية و أخذها رجالها الوهميون إلى الملكو اليزابيث التي أصدرت حكما بإعدامها ...
ماذا فعلالمسكين دادلي بعد إعدام الملكة ماري ستيوارت ؟
لقد قرر أن ينتقم لنفسه من الملكة اليزابيث ..
كيف ؟ !!!!!!!!!
تزوج خفية من أرملة ( أوف أسكس ) ..
وهل سكتت الملكة اليزابيث على هذا الزواج ؟ !!
لا ، لقد جن جنونها و روادتها نفسها أن تحبسه ، ثم عدّلت عن قرارها على مضض ..
و شاءت الأقدار أن تلعب لعبة أشبه بلعبة الكراسي الموسيقية ..
كيف ؟ !!
ذات يوم أحضر لها دادلي ( ابن زوجته ) و يدعى ( ايرل أوف أسكس ) ..
و بحكم العادة قربته إليها و أدخلت في روعه أنه عشيقها الجديد ..
لكن الشاب عديم التجربة ، كانت عينه على طريق الأحلام و الطموح الذي يمر بجسر الملكة اليزابيث و وقع الصدام ..
و تطاير الشرر من عيني الملكة اليزابيث..
أنت مخادع و لا تستحف عطفي الملكي ؟
هذا كلام غير صحيح يا مولاتي ..
و أنت شخص أناني و كل همك أن تركب فوق أكتافي لتصل إلى غايتك أيها الحقير ..
و لم يجد الفتى الشاب جوابا ..
وازداد لسان الملكة اليزابيث عتوا و شراسة و هي تقول له :
لقد انتهى كل شيء بيننا و عليك أن تنتظر لعنتي ..
و بالفعل نفذت وعيدها و أصدرت عليه حكما بالإعدام ..
كان عمر الملكة اليزابيث عندما أصدرت هذاا لحكم ، سبعة و ستين عاما !!
و نظرت في المرآة ، فوجدت التجاعيد و الأحافير و الأخاديد و قد ارتسمت و تفرعت على ملامح وجهها فأدارت ظهرها عنها ..
و ذهبت إلى مخدعها و كانت همسات الحاشية المنافقة تتناهى إلى سمعها
يا ربة الجمال .. يا فينوس ...!
تمتمت كذابون .. مخادعون ..!
حاولت أن تنام ، فطرد ( شبح ) ايرل أدوف أسكس الشاب النوم عن عينيها و لم يبق معها على سريرها غير القلق و الأرق و الشبح الذي لا يرى ولا يُرى ...
حكايتها مع القزم الدميم هذه حكاية مشهورة وتستحق الذكر ..
لقد ادعت الملكة اليزابيث أنها مفتونة بأحد النبلاء الفرنسيين و كان اسمه ( فرانسوا دو فالوا ) و تبادلت معه رسائل الشوق و الغرام ...
و في إحدى رسائلها كتبت إليه تقول : احضر فورا يا فرانسوا ..
و حضر فرانسوا .. الذي كان قزما دميم الشكل و عاش مع الملكة اليزابيث تحت سقف واحد
و مرت الأيام و طالبها بالزواج فأبت ، ثم طالبها مرة أخرى فقالت له بإسلوبها ( الأفعواني )
هذا وعد مني ستصير زوجي و تصير ملكا ..
كانت ضحكات السخرية تجسدها أفكارها و مشاعرها الداخلية و كان القزم ( فرانسوا ) يذوي و يذبل يوما بعد يوم ..
و بعد اثنتي عشرة سنة من علاقته بالملكة اليزابيث مات فرانسوا ، و لم تنجز له اليزابيث وعدا ...
انتصار المثلث في معرض الحديث عن الخلفية الأخلاقية للملكة اليزابيث جاء في كتاب ( تاريخ الشعب الإنجليزي ) :
" لم تكن الملكة اليزابيث تعرف شيئا عن ضبط النفس و كان جمال الشخص يكفي لاجتذاب حبها ، و كانت تداعب الشبان الذين يتصفون بالوسامة عندما يبحثون لتقبيل يدها و كانت تغازل عشيقها لورد ليستر أمام حاشيتها " .....
و في عام 1599 كتب سائح ألمانيزار انجلترا ( أي قبل وفاة الملكة بأربعة أعوام ) " بإمكانك أن تعد ما لا يقل عن 300 رأس عند جسر لندن ... ممن حوكموا و أعدموا بتهمة الخيانة العظمى " ....
ودارت الأيام دورة أخرى ، واجهت الملكة اليزابيث مصيرها المحتوم : الموت على فراش الأرق ، بعدأن فقدت النطق و طاردتها لعنة الشيخوخة في المرايا ...
و ماتت الملكة اليزابيث في 22 مارس 1603 في فراشها ..
و تركت آثار المرض الزهري الذي ورثته عن أبيها بصمتها المميزة على قدمها قرحة خبيثة شوهت قدمها ...
و تركت الأقدار الأخرى بصمتها الساخرة حين ارتقى العرش من بعدها ابن ماري ستيوارت ملكة اسكتلندا ، ابنة عمها التي أصدرت حكما بإعدامها ...
وارتطمت أضلاع المثلث بصخرة اللعنة و أصبحت الأضلاع الثلاثة قبض الريح ...
نيرون
ملعون في كل العصور ..
طاغية خارج المنافسة ..
سؤال ؟
تفضل.
ما موقع الإمبراطور الروماني نيرون (375- 68 ) ميلادية ، بين الطغاة ؟
على القمة.
و ترتيبه بينهم ؟
الأول .
إذن .. ما رأيك أن نبدأ مع نيرون من " نقطة الصفر "
موافق .
متى ولد نيرون ؟
عام 37 ميلادية
و أبوه ؟
كان أحد ضباط المجلس الإمبراطوري الروماني ..
و أمه ؟
إغربينا .
ومن هي إغربينا ؟
أخت كاليغولا الصغرى ..
لكن المشهور عن نيرون أنه ابن كلوديوس بالتبني ؟
و من هو كلوديوس ؟
هو عم إغربينا ، و يقول المؤرخون أن زوجها الأول كان يكبرها بخمسة وعشرين عاما و إنها انصرفت عنه لتشبع شهواتها في حبك الدسائس مستخدمة سلاحها الأنثوي ..
الفتنة و العقلية المتآمرة ، و بهذا السلاح تآمرت على شقيقتها كاليغولا ، ثم تزوجت للمرة الثانية من أحد أثرياء روما ، و الذي كان خطيبا مفوها .. ثم !
ثم ماذا ؟
ترصد لها بمفاجأة درامية ..
ما هي ؟
حدث أن أحكمت ( الحبكة القدرية ) قبضتها عليها ..
كيف ؟
توفى زوجها الثاني و قتلت ميسالينا زوجة عمها الأمبراطور كلوديوس في نفس الوقت تقريبا فانتهزت إغربينا الفرصة و ألقت بشباكها و حبائلها على عمها الذي كانت ( عينها عليه ) فتزوجته و !!
و ماذا ، ومتى كان ذلك ؟
أولا كان ذلك عام 53 ميلادية ، و كان ( نيرون ) ابنها في الثالثة عشرة ، و ثانيا إنها استشارت عقليتها المتآمرية فأمرتها بقتل زوجها و عمها الإمبراطور كلوديوس ..
الأفعى الشيطانة .. لماذا ارتكبت هذه الجريمة ؟
حتى يصبح ابنها نيرون وليا للعهد
وما علاقة ذلك بجريمة قتل كلوديوس ؟
حتى لا يتمكن الإمبراطور كلوديوس من أخذ موافقة مجلس الشيوخ الروماني لتنصيب ابنه الشرعي ( بريتانيكوس ) و ليا للعهد .. و على الضفة الأخرى ..
أية ضفة أخرى ؟
ضفة العقلية التآمرية لإغربينا .
ماذا فعلت على تلك الضفة الأخرى؟
زوجت ابنها نيرون لأوكتافيا ابنة كلوديوس من زوجته المقتولة ميسالينا ..
يا لهذا الجحيم التآمري ؟
و بذلك أصبح ( نيرون ) رهينة و ( لعبة ) في يد أمه ..
تشكله كيف تشاء و تضيف إلى قاع شخصيته كل الملامح التآمرية الخفية..
بالضبط ، و كانت تستغل مظهره البريء الذي كان يتحول إلى قناع يضعه على وجه الشيطان المتوحش الكامن داخله بشعره المتموج الكثيف و عينيه الزرقاوين و كثاة شعر حاجبيه المقوسين و أنفه الروماني و شفتيه الغليظتين المتدليتين و قامته المتوسطة الممتلئة و سمرة لونه الذي كان يعتم بسبب ثقل طينته الشيطانية اللزجة ...
مهلا يا صاحبي عندي سؤال ..
تفضل ..
إغريبينا الأفعى الشريرة الزانية بزواجها من عمها الإمبراطور كلوديوس هل كان لديهما صوت داخلي ، يحدثها بأن ابنها نيرون سيصبح يوما ما ... إمبراطورا ؟ !!
طبعا طبعا ..
ما جذور هذا الصوت الداخلي ظ
يوما ما دعت عرافا مصريا إلى قصرها و سألته : هل سيتولى ابني نيرون العرش؟
فأومأت بالإيجاب و صمت برهة --- فلما سألته عن سبب صمته أجاب : أيتها الإمبراطورة سيتقلد ابنك العرش ولكنه سيقتلك ِ !!!
و ماذا كان رد إغربينا على الجواب العراف المصري ؟ !!
بمنتهى برود الأعصاب أجابته ليقتلني ابني نيرون فهذه المسألة لا تزعجني ، لأن الأمر الجوهري في رأيي هو أن يتولى الحكم ..
وقتل نيرون أمه ؟
في حفلة من الحفلات الماجنة ( وو كان نيرون مدمنا على السهر على إيقاع هذه الحفلات ) على ضرب أمه إغربينا بالسيف فسقطت جثة هامدة تحت قدميه ، و هو يجرع كؤوس الخمرة كأسا وراء الأخرى ، و يقول المؤرخون إن أمه قالت له و هو يقترب منها و السيف بيده يقطر شرا قبل أن يقطر دما اقتلني .. اقتلني أيها الوحش !!!
بالمناسبة .. متى تولى نيرون الحكم ؟ !1
علم 54 م وكان عمره سبعة عشرة عاما ..
المعروف أنه انتحر ، أو فتل نفسه في شهر يونيو عام 68 م - أي أنه تولى الحكم لمدة أربعة عشرة عاما
صحيح ..
سفاح من يومه ..
صحيح أيضا
لم ينفع معه علم و لا حكمة معلمه الفيلسوف سينيكا ؟
حاول معه و فشل ..
كيف ؟
لأنه ارتطم بنرجسية و غرور و عنجهية نيرون الذي كان معجونا بماء إبليس ..
ألم يكن بإمكان حكمة وعلم سينيكا ترويض الوحش غي جسم عقل و نفس نيرون ؟
لا
لماذا ؟
كعادة الشياطين ، كان نيرون يغطي خلاعته و مجونه بقناع الخديعة ..
كيف ؟
كان نيرون حريصا على استظهار الحكم و الخطب البليغة و القصائد زائغة الصيت أمام أستاذه و معلمه الفيلسوف سينيكا
ملعون ومراوغ..
كما كان يرددها كالببغاء المدرب تدريبا ذكيا أمام قادة روما و أشرافها و أمام مجلس الشيوخ كان ( يحبك ) دوره السياسي بسحر الخطب التي كان يعدها له سينيكا ، فكانت تلتهب أكفهم من فرط التصفيق ، و يتصايحون كالديكة إعجابا بنيرون و هو يطالبهم ببذل ما في وسعهم لرفع البؤس عن المدن و القرى الرومانية التي قلب الزلزال عاليها سافلها ، و سافلها عاليها ، أو التهمتها ألسنة النيران في الحرائق التي تأكل الأخضر و اليابس أو وهو يوقع عقيرته محرضا أعضاء مجلس الشيوخ على إعفاء المتضررين من أهل المدن و القرى من الضرائب ...
كأنه المتحدث الرسمي باسم البؤساء و الضعفاء ؟
شيء من هذا القبيل ؟
قل لي قبل أن أنسى : لماذا لم ينسحب الفيلسوف سينيكا من حياة نيرون ، حتى لا تمسه شبهة التخاذل أو التهاون في أداء رسالته ؟
لعدة أسباب ..
أولا : موت بوروس ،أستاذ نيرون رقم واحد الذي كان ينجح أحيانا في إيقافه عند حده ..
ثانيا : إن الفيلسوف سينيكا كان يخشى قضية النفي لأن نيرون كان يلجأ إلى أسلوب النفي عندما يضيق ذرعا بتوجيهات و تعاليم سينيكا..
ثالثا : عدم اكتراث أهل روما بشذوذ نيرون الجرائمي ..
رابعا : بطاقة السوء المضحك و المبكي معا ، أن نيرون كان يستجيب غاية الاستجابة امستشارين من مستشاري الفجور و العربدة ..
من هما ؟ ..
الأول : حلاقه العبد الأسود الذي كان يملأ أذنيه بفحش الكلام و هو يدلك لحيته التي لا ينبت فيها الشعر ..
الثاني : معلم الرقص ، الذي كان يحشو دماغه و وجدانه بحكايات الجنس و الدعارة و الشهوة المستعرة ...
بعض المؤرخين يذهب إلى أن نيرون كان مزدوج الشخصية ..
هذه هي طبيعة الطغاة ، خاصة أكثرهم دموية و أوفرهم طغيانا ..
ذات يوم أطلق صرخة بعد أن وقع على قرار منه بتوقيع الحكم الإعدام في واحد من رعاياه ، أتمنى لو أنني لا أعرف القراءة و الكتابة ..
الكذاب ، المدلس ، الفاجر ..
ازدواجية شخصية الطاغية تعني أن الحاكم الحقيقي هو ( الشيطان نفسه مثلث القرن )
ماذا تقصد بالقرن المثلث للطاغية ؟
مداهنة البطالة التي تتسول رضاه و شهوته التي لا ترتوي من دم الضحايا ، و قدرته الخارقة في ارتداء الأقنعة ..
لعبة الأقنعة لا حدود لها سواء مع نيرون أو أمه ..
هذا هو جوهرالقضية مع الاثنين ..
حسب اطلاعي على ملف نيرون وأمه الأسود فإن نيرون عندما شرع يفكر في قتل بروثينيكوس اتهمه بالجنون ..
نفس الحيلة التي يلجأ إليها الطغاة للتخلص ممن يعترض طريقهم ..
أما زواجه من أوكتافيا فكان قمة المأساوية
طبعا طبعا ، فقد خطبتها أمه له ( لأسباب سياسته ) عندما كان أوكتافيا في السابعة ..
طفلة صغيرة بريئة
وكان نيرون في الثانية عشرة ، و تزوجها و هي في الحادية عشرة أي عندما بلغ سن السادسة عشرة ..
ثم اتهمها بالعقم و عدم القدرة على الإنجاب ، مع أنه لم يقربها ثم طلقها ، ليتزوج العاهرة بوبيا و ينصبها إمبراطورة ، فلما وقفت أمه في طريقه ، فكر في التخلص منها ، فأمر بدس السم في طعامها لقتلها ، فلما فشلت المحاولة أمر بإغراقها عن طريق إلقائها وسط الدوامات المائية ، لكنها تمكنت من أن تسبح لتصل سالمة إلى الشاطئ إلى أن قتلها بالسيف كما قد أشرت ..
يقول المؤرخون أن الأشباح بدأت تطارده بعد مقتل أمه ؟
فعلا ، أصبح نيرون زائغ العينين ، شارد الذهن ، يهذي بالشعر أو يرتمي على قيثارته ليعزف عليها أو يركض في أنحاء القصر لا يلوي على شيء ..
أصبحت حياته خاصة بعد ثورة الشعب الروماني بعد زواجه من العاهرة بوبيا جنونا ومجونا ...
والمجون والجنون يحولان الطاغية إلى ( مسخ ) لا شخصية ولا كينونة له ..
و هكذا أصبح نيرون محاصرا بحيل الجنون والمجون و حبل الجماهير الثائرة التي تريد إسقاط الطاغية و الإمبراطورة بوبيا التي فرضها نيرون عليها بقرار شهواني جواني فوقي ..
و في ذروة الجنون و المجون قدم نيرون في حفلاته الصاخبة أكثر من خمسين ألف وليمة للوحوش الضارية التي كانت مشهدا ثابتا في تلك الحفلات ...
و مشهد إحراق روما و نيرون يهذي بالغناء و الإنشاد على قيثارته ما هو أصله و فصله ؟
بعد أن ثارت جماهير روما على نيرون و العاهرة بومبيا ،بدأ الطوفان الغاضب زحفت الجماهير الثائرة إلى القصر الإمبراطوري و جرفت في طريقها تماثيل نيرون وبومبيا التي توعدتها بالقصاص والموت ...
و على هدير الطوفان البشري ، سقط قناع الجبروت من على وجه نيرون فانكمش الوحش داخله و بأصابع مرتعشة أصدر أمرا إلى الجيش بالتصدي للثوار وكان الحصاد مذبحة سقط فيها ما يزيد على عشرة آلاف قتيل ..
و هبت الجماهير بسلاح الغضب فأحرقت بعض الميادين و الساحات و الأحياء في روما ...
و عند المفصل بين الجنون و العته كان نيرون يصدر أمره ( المرتجف ) الأخير بالإتيان على بقيةالأحياء إحراقا ...
و حجته .. القضاء على ثوار الغضب الجماهيري حتى حاصرت النيران أكثر من مائة ألف شخص ، تفحمت جثثهم في الجحيم اللهبي و نيرون يغني على قيثارته ...
و كان طبيعيا أن ينقلب الجيش ضده و يتيقن من جنونه ..
فاتهم الكل بالخيانة قوات الجيش و حكام الأقاليم و أعضاء مجالس الشيوخ و هددهم بإلقائهم طعاما للضواري و الوحوش الجائعة..
ولم ينفعه أسلوب الهرب من تدبير أمره بعد أن حاصره الجنون من كل جانب ..
وهنا لمعت الفكرة في ذهنه برسم اللوحة الأخيرة في حياته ...
فكرة الانتحار ..
معنى ذلك أن نيرون مات منتحرا ؟
بالضبط و على وجه التحديد مات مقتولا ..
الأمر يحتاج إلى تفسير !!!
في أول الأمر أخرج نيرون خنجره من جرابه و قربه من عنقه ليطعن نفسه ، لكنه لم يكن يملك من الشجاعة ما يكفي لتنفيذ ذلك ..
فطالب من مستشاره الوحيد الذي كان يرافقه أن ينفذ عملية الطعن ففعل ..
أخذ نيرون يهتز اهتزازات عصبية تشنجية و هو يضرب الهواء بقيضة ذراعه اليسرى ، و سال الدم من فمه و هو يعاني سكرات الحشرجة الأخيرة ...
و سجلت ذاكرة التاريخ كلمتها ( لمدة 14 عاما ) ظل الكابوس الشيطاني أعمى البصيرة الشهير باسم نيرون يحكم بقبضة الجنون و المجون والعربدة ، لكنه ظل طاغية ملعونا لكلالعصور على قمة هرمية لا ينافسه فيها أحد من الطغاة الذين يتحدون البشرية بلعبة الجحيم أو لعبة الوجوه و الأقنعة
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________