عنوان الموضوع : لماذا خلقنا الله ؟ - الشريعة الاسلامية
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
لماذا خلقنا الله ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
لماذا خلقنا الله
الجن والإنس عوالم موجودة مخلوقة ولم تُستشر بخلقها ولم تَشهد ذلك، بل خلقَنا الله عز وجل خالق جميع الموجودات وصورنا فأحسن صورنا، قال تعالى } ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا { ( الكهف: 51)، وقال سبحانه } يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك {( الانفطار:6-8) (النداء للتنبيه تنبيهاً يشعر بالاهتمام بالكلام والاستدعاء لسماعه فليس النداء مستعملاً في حقيقته إذ ليس مراداً به طلب إقبال ولا هو موجّه لشخص معين أو جماعة معينة بل مثلُه يجعله المتكلم موجّهاً لكل من يسمعه بقصد أو بغير قصد ). ( التحرير والتنوير لابن عاشور ).
إذاً لابد أن نرجع لمراد الخالق من خلقنا، وغايته من إيجادنا وصُنعنا، وعلينا التبصر في ذلك، والتبحر في حقيقة وجودنا، والتأمل والتدبر وإعمال الفكر لأصل معيشتنا وتواجدنا في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وإذا صحت المقدمة صلحت النتيجة وأثمرت.
فالحكمة من خلقنا والغاية من إيجادنا قد أخبرنا عنها العليم الخبير إذ يقول في كتابه العزيز } وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين { ( الذاريات: 56-58 )، يقول ابن عاشور ( أي ما خلقتهم لعلة إلا علة عبادتهم إياي )، ويقول ابن كثير ( أي: إنما خلقتهم لآمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم)، ويقول ابن عجينة (أي : إلا لنأمرهم بالعبادة والخضوع لربوبيتي ، لا لنستعين بهم على شأن من شؤوني ، كما هي عادة السادات في كسب العبيد ، ليستعينوا بهم على أمر الرزق والمعاش ).
فقد حصر الله تعالى العبرة والعلة من الإيجاد بالعبودية، وعندما حث في آية أخرى على العبودية ربطها بالخلق إذ يقول سبحانه } يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون { ( البقرة: 21)، يقول السعدي ( هذا أمر عام لكل الناس، بأمر عام، وهو العبادة الجامعة، لامتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وتصديق خبره، فأمرهم تعالى بما خلقهم له، قال تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ } .
ثم استدل على وجوب عبادته وحده، بأنه ربكم الذي رباكم بأصناف النعم، فخلقكم بعد العدم، وخلق الذين من قبلكم، وأنعم عليكم بالنعم الظاهرة والباطنة ...)أ.هـ.
فما أرسل الله عز وجل من رسول ولا نبي ولا خَلَقَ الخَلقَ إلا لعبادته وحده لا شريك له، قال تعالى } وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون { ( الأنبياء: 25 ) وقد بين الله سبحانه في غير ما آية حقيقة بعثة الرسل لأقوامهم قال تعالى } لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ ...الآية { ( المائدة: 72)، وقال عز وجل } لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ { ( الأعراف: 59 )، ويقول ربنا سبحانه } وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ { ( الأعراف: 65 ) وغيرها العديد من الآيات.
وينبغي لكل عبد وإنسان أن يجيب على هذه الأسئلة ويقارن الإجابة بلسان حاله ( لماذا خلق الله الخلق وأنزل الكتب وأرسل الأنبياء والمرسلين؟ ) فكثير من الناس لا يعرفون الحكمة من إيجادهم ولو سألتهم لقالوا } مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ { ( الجاثية: 24)، إذ كثير من البشر بل والمسلمين يجيب إجابات بعيدة عن منهج الإسلام فمنهم من يقول ( نأكل لنعيش ! ) وآخر يقول ( نعيش لنأكل !!) وغيره يصرح ( هي آخرها موتة وينتهي الأمر !! ) فعجبا لهذا الكلام المخالف البعيد عن ديننا وعقيدتنا والبعيد عن كتاب ربنا عز وجل، فالحذر من هذه الأجوبة وأشباهها وليكن على بالك مستحضرا حقيقة وجودك في هذه الدنيا.
كثير من الناس يظنون أن وجودهم في هذه الدنيا، للتكاثر وعمارة الأرض وتكوين المجتمعات والدول، وما هذه إلا وسائل لتحقيق العبودية لرب البرية، وتكاد تطغى على الغالبية – لا سيما في أيامنا هذه - الحياة المادية والتفكير بالجوانب الحياتية المعيشية، بمعزل عن الحقيقة الدينية المعنوية لتصرفاتهم وسلوكياتهم، نتيجة لبعدهم عن كتاب ربهم وتدبره وفهمه الفهم الصحيح، في الوقت الذي يجب علينا جميعا تحقيق إرادة الله وحكمته في مخلوقاته.
عن ابي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام (إن الله تعالى يقول : يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى و أسد فقرك و إن لا تفعل ملأت يديك شغلا و لم أسد فقرك). صحيح الجامع .
ويقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ( ما أصبح أحد في الدنيا إلا ضيف وما له عارية فالضيف مرتحل والعارية مؤداة )، فَلِم التقاتل والتزاحم والتناحر والتسابق على دنيا زائلة فانية، أوشكت على الرحيل والإدبار، فاليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.
فالحقيقة الدامغة والمقدمة الراسخة والنتيجة الواضحة والمآل المحتوم، أننا في دار لهو وابتلاء واختبار وامتحان وعمل، وسوف ننتقل إلى دار الخلود والحساب والجزاء، فكن من عباد الله الحقيقيين ممن قال فيهم } ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون { ( يونس: 62) وحذار أن تكون ممن قيل فيهم } قل إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين { ( الزمر: 15).
إذن الغاية والأصل من وجودنا لتحقيق العبودية لرب السماوات والأرض، ويعتبر الإنسان فاسد بمعنى الابتعاد عن الصلاح ولا يؤدي وظيفته بقدر ابتعاده عن تحقيق العبودية، والعكس بالعكس تماما، وحتى نحقق ذلك لابد من التعرف على حقيقة العبادة ومفهومها ووسائل تحقيقها وشروط قبولها، وهذا ما سنقف عليه في حلقة قادمة بمشيئة الله.
والحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الكاتب :
أيمن الشعبان
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
مشكوره صديقتي الغاليه
عالطرح القيم والمميز
__________________________________________________ __________
موضوع اكثر من رائع
والله ان عرفنا الله حق المعرفه لسعدنا في الدنيا والاخره
فعباده الله سعاده والعباده ليست الصوم والصلاه واداء الفروض فقط
ولكنها بنظري الفقيره الى الله وارجو رضاه
البحث عن رب العالمين في قلوبنا والسعي الى رضاه
فمن وجد الله ماذا فقد ومن فقده سبحانه وتعالى ماذا وجد
الدنيا فانيه ولكن الحياه حلوه بلذه معرفه الله سبحانه وتعالى والاحساس بحبه ومن استشعر حب الله اصبح طاقه حب لنفسه و لكل من حوله ينشر بها السلام والتسامح
فان الله سبحانه وتعال لا ينظر الى اشكالنا ولكنه ينظر لقلوبنا
فمن احبه الله سعد في الدنيا والاخره
وتحققت له دعوه اللهم اتنا في الدنيا حسنه وفي الاخره حسنه وقنا عذاب النار
فاللهم ارزقنا حبك وحب من احبك يا رب العالمين
جزاك الله خيرا
__________________________________________________ __________
موضوع رائع
جزاكِ الله الجنة اختي