عنوان الموضوع : هل من مشمر ؟ (23-26) في الاسلام
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
هل من مشمر ؟ (23-26)
التشميرة الثالثة والعشرون
لهف وترقب في ذلك الجمع الكبير من المدرسين..
أين تم تعيينك!؟ وفي أي قرية؟! وأين تقع؟! وكم تبعد؟!
اجتمع زملاء الدراسة وحديثو التخرج أمام لوحة الإعلانات.. والسؤال على كل لسان.. أين تم تعيينك؟! في أقصى الشمال!! في قرية نائية.. لا يوجد فيها خدمات.. ولا هاتف.. كيف أذهب؟!
قال الآخر:
تم تعييني في أقصى الشرق.. كيف أترك أهلي.. بل كيف أفارق مدينتي؟!
من يطبخ لي.. ومن يكنس لي؟! بل من يغسل ثيابي؟!
ضحكة سبقت أحدهم وهو يقول: تم تعييني في أعال الجبال، وقيل لي: إنها مناطق نائية، ذات طرق متعرجة، وارتفاعات شاهقة..
أتبع ذلك بتعليق ساخر.. سأشتري دابة لتنقلني من المنزل إلى المدرسة.
بعد كل سؤال.. ترتفع الأصوات وتتداخل الضحكات.. يعقبه إظهار للتسخط والتذمر وعدم الرضا..
لله در أبي عبد الله .. حمل هم الدعوة..
تاه فكره وأطرق في سكوت.. وقال بحرقة: لقد تم تعييني في الرياض!
أتته الأصوات مستبشرة..
مرحى لك.. حظك طيب!!
ولكن من حمل هم الأمة بين جنبيه.. ونفض غبار العجز والكسل والراحة..
توجه من الغد بخطاب يطلب فيه تعيينه في قرية ( ..... ) على بعد أكثر من مائة وعشرين ميلاً..
وقال وهو يحدث زوجته.. ويوضح لها الأمر.. هناك أرض خصبة للدعوة.
وهناك الفطرة السليمة النقية.. ولكن يا زوجتي الجهل ضارب بأطنابه..
وبدأ يعدد لها المزايا..
أوقات الفراغ نستفيد منها في حفظ القرآن ومراجعته.. وقراءة أمهات الكتب..
هناك لن نضيع ساعة أو اثنتين كل يوم عند إشارات المرور..
وافقت الزوجة المؤمنة.. بل وتحمست للأمر.. ولكن العقبة الأولى ظهرت منذ وصولهم إلى تلك القرية.. لم يجد مدرسة لزوجته في القرية لتدرس فيها..
قال صاحب الهمة والعزيمة.. من وهبه الله صبرًا واحتسابًا في سبيل الدعوة..
أذهب بك للقرية المجاورة على بعد ثلاثين ميلاً..
كل منا يكون داعيًا إلى الله في قريته..
لله در أبي عبد الله ولله در أم عبد الله.
لا تراخي ولا كسل ولا عجز ولا ضعف.. بل همة عالية.. ومثابرة ومجاهدة..
تربية إسلامية في المدرسة.. ونشاط في المنزل والمسجد.. حلقات لتحفيظ القرآن.. توزيع للأشرطة والكتب.. مسابقات وجوائز..
بل إن أم عبد الله جعلت درسًا لكبيرات السن تعلمهن ما يلزم من الدين معرفته بالضرورة.. بل رددت على مسامعهن قصار السور عشرات المرات حتى حفظنها..
لم يمنعها الحمل والإرهاق من زيارة الجيران وقراءة الفتاوى النسائية عليهن.
أما أبو عبد الله فجعل للكبار درسًا لحفظ القرآن بعد صلاتي العصر والفجر.. ودرسًا للناشئة بعد العصر.. أما بعد المغرب فدرس عام.. لم ينس رحلات الحج والعمرة.. وإمامة المسجد..
حيوية ونشاط ومسارعة للخير في كل مكان.. بل امتد نشاطه من محاضرات وزيارات.. إلى قرى مجاورة..
مضت ثلاث سنوات..
وأبو عبد الله يسخر منا حينما نستحثه للقدوم إلى المدينة..
قال: كم نضيع من أعمارنا عند إشارات المرور.. وأخفى عن الجميع نتائج دعوته وثمار صبره..
أضاء بنشاطه سماء الغفلة.. وأنار علمه قلوب أهل القرية.
تخرج على يديه الكثير.. وتربى على يديه الكثير..
أما أم عبد الله فقد أخرجت جيلاً يحمل هم الإسلام.. وأمهات يحفظن نصيبًا من القرآن..
ثلاث سنوات زال الجهل وانقشعت الغشاوة..
وكل سنة عند لوحة الإعلانات.
تسمع الصوت الضعيف.. وترى من همه راحته ونومه.. وأكله وشربه..
ترى أصحاب الضعف والخور..
وتسمع أصواتهم كل يوم أين تم تعيينك؟!
يا شباب الإسلام
هل من مشمر؟!
من كتاب صوت ينادي.
التشميرة الرابعة والعشرون
ببشاشة وسماحة نفس.. أبشري ماذا تطلبين؟! ماذا تريدين؟! ماذا تحبين؟! وقبلات على رأسها بين حديثوآخر.. هذا حديثه وفعله مع والدته..
ألا تريدين أن تذهبي لآل فلان تسلمين عليهم؟! لا يدع والدته تطلب منه ذلك.. بل هو يعرض الأمر.. فلربما كانت محرجة من طلبه..
لرغبة في نفس والدته قرر القيام برحلة إلى القرية التي تربت ونشأت فيها والدته.. فرحت والدته وهي ترى مراتع الصبا وتجدد له الدعاء وهي تستعيد الذكريات.
بين حين وآخر يناول والدته مبلغًا من المال.. سنوات وهو يفعل ذلك.. ما نقص ماله.. وما تأثرت تجارته..
يتحين الفرص.. متى تريدين الذهاب إلى مكة؟ الجو يا أمي هذه الأيام معتدل وليس هناك زحام.. الحمد لله الأمور متيسرة والسبل متوفرة.. هيا يا أمي.
ما دخل المنزل أو أراد الخروج منه إلا قبل رأس والدته ودعا لها بطول العمر والبركة في العمل..
تعجب يومًا وهو يستمع إلى والدته تقرأ سورة الفاتحة، وانتبه على صوت في داخله يؤنبه.. أنت مدرس.. تمنح العلم للتلاميذ.. ووالدتك تخطئ في قراءة سورة الفاتحة؟!
ألزم نفسه بساعات يقضيها بجوار والدته حتى حفظت قصار السور وأجادت قراءة الفاتحة..
رحم ذلك الضعف من والدته، وتذكر كيف كانت عنايتها ورعايتها له.. وقال: بماذا أجازيك وكيف أقضي بعض حقك؟!
قال الشاب الذي لم يتجاوز العشرين من العمر.. الحمد لله لم آمر والدتي بطلب منذ أن عقلت حق الأم..
قال له من هو في سنه منذ متى عقلت حق الأم؟!
قال: منذ ثلاث سنوات استمعت إلى محاضرة عن حقوق الأم.. وبعدها عقلت الأمر وسعيت في برها.
جعلت حديث الرسول r «... ففيهما فجاهد» أساسًا لتعاملي مع والدي .. أقدم رغباتهما وألبي طلباتهما.. وأعلم بعد ذلك وقبله أني لم ولن أوف حقوقهما.
قال لزوجته .. هذه أمي.. وأنت يا زوجتي العزيزة مثلما تحبين أمك فأنا أحب أمي ورضاي في رضاها.. أنت المرأة العاقلة.. لا تغضبيها ولا يكن في قلبك عليها شيء.. عندها تأكدي يا زوجتي.. أنه سيصفو لك قلبي.. وتهنأ بك نفسي.
لأنه الأخ الأكبر أصر وبشدة أن تبقى والدته عنده، وقال لها.. سأجعل بيتي مفتوحًا للزائرين والمسلمين.. هنا يا أمي سترين الأبناء والأحفاد فلتهنأ عينك وتقر نفسك.
يجلس مع والدته ساعة أو تزيد كل يوم.. يسمع حديثها، وتبث شكواها، وتذكره بأيامه الأولى.. وهو يستمع في دعة وحبور.. ويزيد فرحه ما يراه من سرور والدته.
ما قام أو جلس إلا دعت له.. وما غاب إلا أتبعته الدعاء بالصحة والعافية والستر.. تتلهف لعودته وتسر برؤيته.. إنه رجل عرف حق الوالدين.. ويحاول أن يجازي من أحسن إليه ولو ببعض الوفاء.
التشميرة الخامسة والعشرون
اختار أربعة كتيبات: أحدها في العقيدة، والآخر فتاوى نسائية والثالث في التحذير من البدع، والرابع في أذكار اليوم والليلة. وبدأ يعرض على أقاربه مشروع طباعة واحدة من هذه الكتب.. مدة يسيرة فإذا بالمبلغ يتيسر جمعه..
إنه مبلغ أربعة آلاف ريال.. طبع به ما يزيد على عشرة آلاف كتيب في العقيدة.
وبدأ بين حين وآخر يعرض الكتاب الثاني والثالث والرابع.. أما الزملاء في المدرسة فقد رحبوا بذلك وزوجته طرحت الأمر على زميلاتها المدرسات ففرحن بذلك.
تم الأمر وأهدي كل من شارك في طبع الكتاب مائة نسخة ليوزعها لمن يراه.
رأى تهافت الناس عليه، وكثرة طلب العامة لهذه الكتب.
قابل أحد الموسرين، وأراه الكتب وتكلفتها اليسيرة فوافق على طبعها.
أصبح هذا العمل طريقة والبحث عن الكتاب المناسب ديدنه.. أحيا الله به أمة جاهلة..
ووصلت كتبه التي قام بطبعها إلى أقصى الأرض..
جهد فردي .. ولكنه يسير..
إنه جهد رجل واحد فقط..
أين أنت يا مشمر؟!
التشميرة السادسة والعشرون
هز رأسه وكأنه يستدرك غفلته وتقصيره.. هناك إخوة لنا بين جدران أربعة ربما لا يزورهم أحد.. ولا ينبههم أحد!! من يعلمهم بأننا نحبهم ونرى ما أصابهم تكفيرًا لهم.. إنهم إخوة في السجون يقبعون خلف القضبان.. ينادون!! أين أنتم؟!
لبى النداء وحمل كتبًا وأشرطة وزارهم ونصحهم ودعاهم إلى التوبة والندم وهز قلوبهم وهو يقول: ربما تكون هذه الزلة منطلقًا للفلاح والصلاح..
أحبوه من خلال زياراته المتكررة.. يفرحون بلقياه وينصتون لحديثه..
أشار هناك .. ودمعة من عينه تسقط.. دار أهلها لا يتكلمون..
قال له صاحبه.. إنها المقبرة.. أليس كذلك؟!
قال: لا.. ليت الأمر كما قلت ولكن..!!
هيا لترى معي.. لترى دارًا أهلها أحياء ولكن لا يتكلمون.. لا يتحركون.. إنها كتل لحم لا تتحرك.
ترى الدمعة في العين.. تنحدر منها.. ولا يستطيع إزالتها..
وحديث المكلوم ينطلق عبر حركة بطيئة تبث الشكوى وتحكي الحال. إنهم نزلاء دار النقاهة.
ذهب إليهم وزارهم.. ورأى .. ولم تتوقف أحزانه أيامًا ولم تفارق عينه تلك العبر والصور.
قرر.. سأتفرغ لأمرين: الدعوة إلى الله، وإدخال الفرح والسرور على قلوبهم.. إنهم محرومون .. مقطوعون.. أسعدهم من يرى قريبه كل شهر أو شهرين.. ولمدة دقائق فقط..
إنهم أحياء .. أموات!!
هل من مشمر؟!
الخطوة الأخيرة
أخي الحبيب:
لا تبرأ ذمتك .. وأنت تقلب الصفحات.. ثم تلقي بالكتاب جانبًا.
حاول في خطوة واحدة.. شمر ولو مرة واحدة.
لا تتأخر عن الركب، لا يكن أبناء النصارى واليهود والبوذيين خير منك همة وأشد حماسًا.. وأكثر صبرًا..
استعن بالله ولا تعجز.. وكن في أول الركب.
وحتى يستمر التشمير
قال r: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟»
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
جزاك الله خيراااااا اخيتى
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________
__________________________________________________ __________