عنوان الموضوع : قلــب ليلــى...بقلمي. -قصة قصيرة
مقدم من طرف منتديات نساء الجزائر
قلــب ليلــى...بقلمي.
وقفت ليلى امام شباك غرفتها ترقب عودة خالد ...كانت الامطار تتساقط بغزارة و تحوّل زجاج النافذة الى مرآة متلالئة...جالت بنظرها في الشارع الخالي علّها تلحظ سيارته و لكن دون جدوى..
لقد عوّدها خالد ان يعود في نفس الوقت...يفتح باب المنزل و ينادي عليها باعلى صوته ؛ يشدّها من يدها برفق و يجلسها على الاريكة و يجلس عند قدميها ...يروي لها احداث يومه بتفاصيله الدقيقة ...ثمّ يقبّل يدها و يذهب الى المطبخ يحضر العشاء..
كان حنونا و عطوفا لا يحبها ان تفعل شيئا بوجوده و حين يفرغ يدعوها كاميرة و يتجاذب معها اطراف الحديث دون ملل..
ملا عليها حياتها و اصبح كل ما لديها ...لم يرفض لها طلبا و لم يعارضها ابدا...كانت ليلى دنياه التي ابحر فيها ؛ روته بحنانها فملات قلبه بحبّها و تربّعت على عرشه دون منازع..
رنّ جرس الهاتف ليقطع عليها ذكرياتها مع خالد ؛ اسرعت اليه ؛ اكيد هو ؛ يريد ان يخبرها عن سبب تاخره ...
و ما ان حملت السماعة حتى اجابها صوت لا تعرفه ( سيّدتي خالد في مستشفى المدينة ...اصطدمت سيارته بــ ...)
رمت ليلى السماعة و اندفعت بكل قوّتها نحو المشفى..
جرت ليلى دون ان تعبأ بسيول المطر ؛ لم تفكّر الا في ابنها خالد ؛ كان ذهولها و صدمتها كبيرة ؛ لم تجد دموعا تخفف عنها حزنها و تضاربت الافكار بداخلها ( ترى كيف حاله ؛ يا الهي ليس لي غيره )
حين وصلت قابلها احد الاطباء هناك اخبرها ان حالة خالد حرجة للغاية ؛ فالحادث كان فظيعا
لدرجة ان اضلاعه تحطّمت و ان كليتاه تضرّرتا و توقفتا عن العمل..
ابتلعت ليلى غصّة في حلقها و حاولت ان تتماسك من اجل ابنها الوحيد ثم خاطبت الطبيب (لكن هل هناك حل او علاج ؛ هل يمكن ان تاخدوا كليتاي و تعطوها له )
فاردف الطبيب ( سيدتي نحن نحاول تحضيره للعملية و المتبرّع موجود ؛ فلا تخافي ...سنفعل كل ما في وسعنا و التوفيق من الله )
ذهلت ليلى من يكون المتبرع ...يا ترى هل هو صديقه الذي طالما حدّثها عنه ....
تسمّرت لساعات تنتظر عملية ابنها ؛ كان قلبها يتمزّق و انفاسها تكاد تنقطع و شريط حياتها يمرّ امامها دون توقّف..و ادركت انها لن تستطيع العيش دون خالد...
انتبهت ليلى لموكب الاطبّاء الذين حضروا لاجراء العملية و هو يمر ّ بجانبها و معهم امراة جميلة ؛ توقفت قربها و همست في اذنها ( ادعي لخالد يا خالة فهو بحاجة الى دعواتك اكثر من اي وقت مضى )
و قبل ان تسالها من تكون ؛ ذهبت و تركتها لحيرتها ؛سالت احدى الممرضات عنها فاخبرتها انها رباب المتبرعة بكليتها لخالد...
صعقت ليلى و تذكرت هذا الاسم الذي غاب عنها منذ سنين طويلة ؛ ارتعشت اوصالها ؛ انها اكيد رباب التي جنّ خالد عليها ليتزوجها و لكنها رفضتها...
كانت رباب فتاة فقيرة جدا ؛ متوسطة التعليم ؛ احبها خالد بجنون ؛ و لكن امه حرمته منها لانها لا تناسب مستواه الاجتماعي ...و رغم محاولاته الكثيرة الا انها اصرت على رفضها ...و حينها استسلم خالد لرغبة امه لانه يحبها حبا كبيرا و لم يكن يملك ان يعصي اوامرها او يتجاهل رغباتها ... و في نفس الوقت عزف عن الزواج بغيرها ...و رغم مرور السنين ظل وحيدا و لم تفلح والدته باقناعه بالزواج بغيرها و عاش مخلصا لرباب....
اختفت رباب من حياة خالد و لم يعد يذكرها ابدا ؛ فنستها ليلى و ها هي اليوم تجدها امامها ؛ هل يعقل انها ما زالت تحبه رغم كل هذه السنين ...و هل يعقل ان خالد لم ينساها كما اوهم والدته..
تشبثت ليلى بالحائط تحاول الوصول الى احد كراسي المشفى و لكن رجلاها خانتها ؛ فهبّت اليها فتاة من الحاضرين و ساعدتها ...
ارتمت عليه بكل همومها و افكارها المتضاربة ...بكل تساؤلاتها التي لم تجد لها جوابا ؛ و اغمضت عينيها تريد ان تجد السلام...
و جلست بجانبها تلك الفتاة الطيبة ؛ تنظر اليها بغرابة و تتامّل وجهها الشاحب ثم بادرتها ( خالتي ؛ هل من يرقد الان بغرفة العمليات هو ابنك )
هزّت راسها دون ان تنطق بكلمة ....( اطمئني يا خالة و لا تخافي باذن الله ستنجح عمليته و يستعيد عافيته )
شعرت ليلى برغبة شديدة في ان تفرغ هذا الحمل الذي يجثم على صدرها و ان تروي قصتها بكل احداثها لتلك الفتاة علّها ترتاح ؛ و لكنها احجمت عن ذلك و اكتفت بالصمت..
مرّ الوقت بطيئا و هي ترقب الساعة التي تكاسلت عقاربها عن الحركة ...تمشي احيانا في رواق المشفى و تعود لتجلس احيانا اخرى..
و من حين لاخر تتبادل مع تلك الفتاة كلمات قليلة لتعود الى صمتها ...
و بعد ساعات طويلة ؛ خرج الطبيب من الغرفة مرهقا و ذهب صوب ليلى مخاطبا اياها ( سيدتي العملية كانت ناجحة ؛ و ستكون الساعات المقبلة حرجة ...باذن الله سيصبح ابنك و زوجته على ما يرام )
اتّسعت عيناها ( عن اي زوجة يتحدث ) لملمت شتات نفسها ثم قالت ( الحمد لله يا رب و لكن تلك المراة ليست زوجته )
نظر اليها نظرة حيرة و انكار ( بلى سيدتي ؛ هي زوجته و كل الاوراق تثبت ذلك )
حينها انهارت ليلى ؛ سقطت على الارض و انتابها بكاء عارم اجتاحها فشلّ تفكيرها و جعلها تغرق في بحور من الاحزان...
لم تتحمل الفكرة ...لقد خدعها خالد طول هذه السنين ؛ و اوهمها انه نسي رباب و انه لم يعد يفكر فيها...لم تستوعب كيف امكنه ان يفعل هذا بها و ان يتزوج دون موافقتها ...دون ان تحظر زفافه ...حرمها من احساس جميل ...حرمها من فرحة كنت تتمناها دوما و نسيت في لحظة انها انكرت عليه حقه في الحياة...
و ظلت ليلى تنتحب باعماقها الى ان مدت الفتاة يداها و ساعدتها على الوقوف ثم امسكت يداها برفق و قالت ( يا خالة ؛ هذه المراة التي انكرتها ؛ ضحّت بنفسها من اجل ابنك ...لم تتاخر لحظة عليه ...اتبكين وجودها في حياته ...اتبكين حبها له ...
يا خالة ؛ انظري للامر من زاوية اخرى و لا تعذبي نفسك و تحمليها اكثر من طاقتها ...يا خالة ؛ ليس وقت لوم و لا عتاب ...ادعي الله ان يشفى و حينها عاتبيه كما تحبين )
>>>>> ردود الأعضـــــــــــــــــــاء على الموضوع <<<<<
==================================
افاقت ليلى من غفلتها ؛ اجل هي تلوم ابنها بينما هو يصارع الموت و ربما لن ينجو منه ؛ ايعقل ان تصبح انانية لهذه الدرجة...ايمكن لفتاة في ريعان شبابها ان تحسّ بهول الموقف ؛ بينما هي تلوم وحيدها دون ان تعطيه فرصة ليدافع عن نفسه...
وشعرت بان قلبها اصبح قاسيا ؛ تناست في لحظة برّ خالد و معاملته الطيبة لها ...تناست انه حرم نفسه من كل شيء لاجلها ؛ فكيف تنكر عليه حقه في ان يعيش حياته كما يحب..
و لم تترك لها الفتاة خيارا بل واصلت تقول ( يا خالة ؛ ربما لم يخبرك بزواجه حتى لا يجرحك و ربما شق عليه الامر فلم يرد احزانك ؛ و انتظر الفرصة المناسبة لذلك ...فلا تقسي عليه ...و لا عليها...التمسي لهما اعذارا حتى ترتاحي من هذا الصراع الذي تعيشينه ....
و لا اظنك ستحرمين ابنك ممن يحب ....لقد رايت لهفتك عليه و انفطار قلبك من اجله ...و لا يمكن لقلبك ان يعرف الحب و الكراهية في نفس الوقت ...لا يمكنه ان يكون رحيما و قاسيا ابدا )
سكنت ليلى و لم يعد يرى عليها الا تصاعد انفاسها بهدوء ...و جلست هناك تنتظر و الفتاة بجانبها تمسك يدها و تشعرها بدفء جميل....
و اقبل الصباح ؛ فارسلت الشمس خيوطها الذهبية لتداعب احاسيس البشر ؛ و لتملا الكون نورا يمحي ظلمة الليل ؛ و افرجت ليلى عن تنهيدة بقلبها كانها تريد ان تخرج معها كل ما اثقل كاهلها و تطرده دون رجعة...
و جاءت ممرضة اليها و اخبرتها ان ابنها قد افاق و انها يمكنها ان تزوره ...
اسرعت اليه ؛ لم تشعر تلك اللحظة الا بحنان و شوق يغمرانها ...ارادت ان تحتضن خالد و تبقيه في قلبها للابد...
و حين دخلت عليه ؛ دمعت عينا خالد و لم يستطع النظر في وجهها لقد ادرك ان امه عرفت ذاك السر الذي اخفاه سنينا طويلة..
و لكنها بدأت تقبل وجهه و يداه بلهفة و حنان و تظمه الى صدرها تارة و تنظر اليه بشوق تارة اخرى ...
فبادرها ( امي انا اسف )..وضعت ليلى برفق يدها غلى فمه و اومات اليه ان لا يكمل ؛ لكنه واصل يقول ( امي ؛ لم اكن اريد يوما ان اجرحك او اسبب لك الما و لكني احببت رباب ؛ احببتها من كل قلبي ...و حين رفضتها حاولت اقناع نفسي بان ابتعد و انساها ؛ و لكني لم استطع..و حين توفي والداها و بقيت في الدنيا وحيدة ...لم يطاوعني قلبي على تركها فتزوجتها و كان اهم شرط لي ان لا يعرف احد بهذا الزواج لاني لم اكن اريد ان اقف بوجهك امي....اعذريني لقد اخطات ؛ اعلم هذا جيدا و اظن ان الله عاقبني بهذا الحادث حتى تعرفي كل شيء )
صمتت ليلى برهة و عادت تقول ( خالد ؛ اذا كان يجب على احد ان يعتذر فهو انا ..لقد حرمتك حقك مدة طويلة بحجة ان رباب ليست من مستوانا ؛ منعتك عنها ؛ و لم افكر الا بنفسي و مظهري امام الناس و اراها انكرت نفسها حين ظلت بالخفاء و لم تكتفي بما ضحّت به بل سارعت لتهبك قطعة منها ....فهمت الان خالد ان حبي كان تملكا بينما حبها كان عطاءا )
اندهش خالد لكلام امه ؛ و تاهت عنه الكلمات و ظل يتصفّح وجهها و مشاعر الحب تكتنفه الى ان فتح البا و دخلت منه تلك الفتاة الطيبة التي رافقت ليلى طيلة وقتها بالمشفى ...اسرعت اليه و ارتمت باحضانه تقبّله و تقول ( ابي ؛ احمد الله على سلامتك ؛ امي بخير و هي تقراك السلام و تقبّل يداك )
اصاب ليلى الذهول و غطّت فمها بيدها تريد ان تكتم دهشتها و تزاحمت الدموع في مقلتيها و تدافعت بقوة على وجنتيها ...نظر اليها خالد و اخبرهتا (امي ؛ هذه ابنتي )
ارتمت الفتاة على صدرها و هي تبكي بحرقة ( جدتي ؛ كم تمنيت ان انطق اسمك منذ سنين ...كم تمنين ان اجلس على ركبتيك ...و ان تحكي لي قصصا شيّقة...جدتي لقد استجاب الله لدعائي و لمّ شملنا )
حضنت ليلى حفيدتها بقوة و غرقت معها في موجة من العناق المتبّل بدموع الفرحة و آهات اللقاء اما خالد فاغمض عينيه و ابتسم ابتسامة الرضى و هو برسم وجه زوجته رباب في مخيلته و يبثّ لها شوقه عبر اثير ذاك الصباح
__________________________________________________ __________
راااائعه جدا حبيبتي
__________________________________________________ __________
ماشاءالله لاقوةالابالله
ماذا يمكنني ان اقول عن انسانه بهذه الثقافة ..
قلمك الذهبي يأسرني دوماً كذلك احساسك ..
فهنيئاً لنا بقلمك واحساسك حبيبتي
لقد حبكتي القصة بسلاسة راائعة
ننتظر مزيدك فلا تبخلي علينا
وسأتوجه بالنجوم فأنت تستحقينه غاليتي
__________________________________________________ __________
صحيح انها أخطأت عندما منعت ولدهــا من شئ اراده
ولـأسباب لـاتستحق ذلك
وربمــآ كان مخطأ عنــدما لم يخبرها لكنها هي من جعلته يتزوج وينجب دون علمهــآ
وبالبرغم من كل ذلك مشاعر الـأمومة طغت عليها وجعلتها تساامحه وكانت النهاية ذات مشاعر دافئة وجميلةة
عزيزتي قلوب خضراء تملكين قلما لـايضاهى حقاً انت فريدة ومميزة
لك لمسة جميلةة تجعل قارئك يغوص غي أعماق إبداعك
أدامك الله لك قلمك الذهبي وأدمك لنــا يـا رمز العطــآء
قصتك تستاهل التثبيت والنجوم والتقييم
وبأنتظــآآر جديــدك يـالغلا..
__________________________________________________ __________
اشكر مرورك غاليتي...